وعلى الجانب المقابل، قوبلت تلك التظاهرة باحتجاج من جانب المسلمين، فيما صاح أحدهم: “حرق الكتب ليس ديمقراطية!”، وحينما حاول شخص مجهول الهوية “عرقلة التظاهرة”، وهم باختراق الحاجز ألقت الشرطة القبض عليه.

وأثارت أعمال تدنيس وحرق القرآن الكريم في الصيف الماضي غضب العالم الإسلامي، حيث أدانت تلك التظاهرة منظمة التعاون الإسلامي وعدد من أعضائها بشدة.

من جانبه قال رئيس قسم مكافحة الإرهاب في إدارة عمليات الشرطة الوطنية السويدية ماغنوس سيوبيرغ، الأسبوع الماضي، إن السويد، بعد حرق القرآن، إلى جانب الدنمارك وهولندا، أصبحت هدفا للجماعات الجهادية، وباتت تمثل خطرا على المملكة.

لماذا حرقوا القرآن في السويد؟
منظمة التعاون الإسلامي: وصرحت المنظمة في بيان لها إن «حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد عمل استفزازي يستهدف المسلمين ويهين قيمهم المقدسة… ويشكل مثالاً آخر على المستوى المقلق الذي وصلت إليه الإسلاموفوبيا والتعصب وكراهية الأجانب».
وفي أعقاب موجة الغضب التي أثارها حرق المصحف، دعا رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون إلى التهدئة. ولفت في مؤتمر صحفي إلى عدم وجود سبب يدفع “لإهانة أشخاص آخرين”، في إشارة إلى ما قام به موميكا، مضيفاً “أعتقد أن كون بعض الأمور قانونية، لا يعني بالضرورة أنها مناسبة” 
من هو الذي قام بحرق القراَن الكريم في السويد ؟ 
العراق يطالب السويد بتسليم الشخص الذي قام بتوجيه إهانة للقرآن
العراق يطالب السويد بتسليم الشخص الذي قام بتوجيه إهانة للقرآن
أثار حرق نسخة من المصحف في السويد في  أول أيام عيد الأضحى ردود فعل إسلامية وعربية عدة، تطور بعضها إلى اقتحام لمقر السفارة السويدية في بغداد من قبل متظاهرين تابعين لتيار رجل الدين العراقي،  مقتدى الصدر، احتجاجاً على سماح الحكومة السويدية  بعملية الحرق، فمن هو سلوان موميكا الذي أحرق نسخة من المصحف في العاصمة السويدية ستوكهولم وأثار كل هذا الجدل؟

يبلغ سلوان من العمر37 عاماً، ويقول عن نفسه إنه “عراقي ليبرالي علماني ملحد، ومعارض للحكومة والنظام العراقي، وقد أسس وترأس حزب الاتحاد السرياني بين أعوام 2014 -2018”.

ولد سلوان في قضاء الحمدانية التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراقي،  ذي الغالبية المسيحية السريانية، وانتقل بعد إنهاء دراسته الابتدائية مع عائلته إلى مدينة بغداد، قبل أن ينتقلوا جميعاً إلى مدينة أربيل في كردستان العراق.

أذ و انضم سلوان، بعد اجتياح تنظيم داعش الإرهابي ، محافظة نينوى ومدناً عراقية أخرى عام 2014، إلى فصيل مسلح “مسيحي التشكيل” يعرف باسم بابليون، قبل أن ينشق عنه، ويشكل “كتائب روح الله عيسى بن مريم”، المنضوية تحت أحد  فصائل الحشد الشعبي.

ما هي الدوافع؟

حاولنا البحث أكثر عن الدوافع التي جعلت سلوان يحرق نسخة من المصحف، وتواصلنا مع عدد من الأشخاص الذين كانوا على معرفه بسلوان في مسقط رأسه بقضاء الحمدانية، رفض معظهم الحديث عن سلوان “خوفاً من وقوع عمليات انتقامية ضدهم في المستقبل بسبب علاقتهم السابقة به”.

أخبرنا أحدهم أن أحد “رجال الدين غير اسم عشيرته موميكا، واكتفى بلقب أسرته، خوفا من إقحامه في قضية سلوان”.

هاجم أبو جورج وهو اسم مستعار، متحدثا لبي بي سي، سلوان، وقال إنه “عندما كان يقدم نفسه كمدافع عن المسيحيين أيام فترة نزوحنا إلى إقليم كردستان، تسبب في كثير من المشاكل للأسر النازحة وقتها من قبيل الكلام نيابة عنهم ومهاجمة المسؤولين”.

 ولم يتسن لسلوان الرد على تلك الادعاءات. 

يعيش والد سلوان موميكا صباح متى في ألمانيا، وقد أعلن قبل حادثة حرق المصحف بنحو ثلاثة أشهر براءته منه بسبب مشاكل أسرية.

حال الغضب من فعل سلوان، واضح للعيان في منطقته، حيث يقول بعض السكان المحليين المسيحيين، في منطقته، إنهم يخشون من أن أفعال سلوان “ستتسبب  للمسيحيين في العراق بالقلق خوفاً من استخدام ذلك من قبل بعض المتطرفين المسلمين كحجة للاعتداء علينا”.

وأضاف أحد الجيران، الذي لم يرغب بالكشف عن هويته: “كثير من جيراني المسيحيين، وبعد حادثة حرق المصحف، تفادوا الذهاب إلى المناطق ذات الأغلبية المسلمة، خاصة وأن بعضهم تلقى كثيرا من الاستفسارات حول سلوان وسبب قيامه بهذا الفعل”.

حالة من الترقب تستطيع رؤيتها في وجه كثيرين ممن يسكنون في الحمدانية، رغم الاستنكارات وبيانات الرفض التي أطلقها رجال  دين مسيحيون  سواء داخل العراق أو خارجه، ولكن تبقى الذاكرة المسيحية في العراق محملة بكثير من الآلام والخوف والتهجير والاعتداء خلال العنف الطائفي في العراق 2006-2008.

وتعد الطوائف المسيحية في العراق، من كلدان وأشوريين وسريان وغيرهم، من أقدم الكنائس المسيحية في الشرق والعالم على الإطلاق.

حرق المصحف في السويد: كيف علّق بعض سكّان ستوكهولم على حرق القرآن؟

حرق المصحف: رئيس الوزراء العراقي يطلب من السفيرة السويدية مغادرة بغداد

ورغم جذورها الضاربة في تاريخ العراق منذ القرن الأول، إلا أنها عانت من الاضطهاد لفترات طويلة، ما أدّى إلى هجرة مسيحيين كثر من قراهم. وبلغت تلك الهجرة ذروتها بعد غزو العراق عام 2003، واشتدت بعد صعود تنظيم ما يعرف الدولة الإسلامية.

وكان التنظيم المتشدد يترك حرف “النون”، كإشارة إلى “”نصراني” على ممتلكات المسيحيين في نينوى، بغية تمييزها، واسقاط ما يرونه حكما شرعيا عليهم.

ولا يعرف العدد الحقيقي المتبقي من المسيحيين في العراق، إلا أن بعض التقديرات المحلية تشير إلى تراجع وجودهم في العراق بنسبة أكبر من 80 بالمائة.

المجموعات المسلحة التي ارتبط بها سلوان موميكا

ارتبط سلوان بفصيل بابليون المسلح الذي يقوده ريان الكلداني “والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية” منذ عام 2019، ثم انشق موميكا عنه إثر “خلافات نشبت بينه وبين بعض قيادات الفصيل”، بعد تحرير دير مار بهنام عام 2016 من قبضة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، حسب مصادر محلية مطلعة، تحدث إلى بي بي سي.

ويحمل الدير رمزية عالية لدى مسيحي العراق، حيث يرتبط بالأمير الآشوري مار بنهام، وبني في القرن الرابع الميلادي.

هو دير للسريان الكاثوليك ويقع في محافظة نينوى بشمالي العراق، ويبعد الدير نحو 14 كم جنوبي بلدة بغديدا ذات الأغلبية المسيحية.

تم تشويه قبر مار بنهام بشدة في عام 2015، من قبل تنظيم ما يعرف بـ الدولة الإسلامية، وتم تدنيس اللوحات الجدارية الخارجية في جميع مباني الدير.

وفي عام 2016 تم تحرير المنطقة من سيطرة التنظيم خلال عمليات تحرير نينوى 2016، ليتم إعادة ترميمه أوائل ديسمبر/كانون الأول من عام 2018.

شكل موميكا بعدها “كتائب روح الله عيسى بن مريم”، المنضوية تحت “كتائب الإمام” بزعامة شبل الزيدي، المتهم من قبل وزارة الخزانة الأمريكية بقيامه “نشاطات تجارية في العراق لصالح إيران” في 2018.

ولم تسجل نشاطات تذكر لكتائب روح الله عيسى بن مريم بعد تحرير منطقة سهل نينوى ذات الأغلبية المسيحية.

ويظهر سلوان في فيديو قصير، ويبدو أنه جزء من مادة دعائية بثتها فصائل شيعية مسلحة في العراب.

يجري سلوان مقابلة تلفزيونية مع إعلام “كتائب الإمام علي”، لشرح سبب انضمامه لهذا الفصيل، أثناء معارك تحرير محافظة نينوى.

تم تداول الفيديو على نطاق واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي بعد حادثة حرق القرآن الأولى.

وتشكلت فصائل الحشد الشعبي في أوائل يونيو/حزيران 2014، عندما أصدر المرجع الديني الشيعي آية الله علي السيستاني فتوى تدعو كل من يستطيع حمل السلاح الى التطوع في القوات الأمنية لقتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وتجيز التعبئة الشعبية لدرء خطر هذا التنظيم، وهو ما وصف فقهياً بـ “الجهاد الكفائي”.

أصدر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، البرلمان العراقي قانوناً جديداً يقنن وضع قوات الحشد الشعبي.

حرق المصحف في السويد: كيف علّق بعض سكّان ستوكهولم على حرق القرآن؟

أضرم أحد المتظاهرين النار في نسخة من المصحف في احتجاج صغيرخارج مسجد ستوكهولم الكبير الأربعاء، تزامنا مع بدء عيد الأضحى، في العاصمة السويدية.

وسمحت الشرطة بإقامة الاحتجاج بعد أن قضت المحاكم بخطأ الشرطة في منع التجمعات التي يطلب تنظيمها في الفترة الأخيرة وكان يخطط فيها لإحراق المصحف.

أدان الأزهر في مصر، إلى جانب عدة دول عربية وإسلامية وغربيّة سماح السلطات في السويد بإحراق نسخة من القرآن أول أيام عيد الأضحى.

ووصف بيان للأزهر الشريف سماح السلطات السويدية لمن وصفهم بـ “المتطرفين” بحرق المصحف وتمزيقه في عيد المسلمين بأنه “دعوة صريحة للعداء والعنف وإشعال الفتن”، كما دعا الشعوب العربية والإسلامية إلى مقاطعة المنتجات السويدية بعد تكرار ما وصفه بـ “الانتهاكات غير المقبولة تجاه المصحف الشريف”.

لماذا تسمح السويد بحرق المصحف وتمنعه أحيانا؟

بات هذا السؤال مطروحا على نطاق واسع في العالم الإسلامي وخارجه، مع تكرار أفعال حرق نسخ من المصحف، رغم أنه يمس ملياري مسلم ويتسبب في إحداث توترات في علاقات السويد الخارجية.

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير لها إن أحدث واقعة لتدنيس المصحف، الخميس، التي ارتكبها عدد محدود من الأشخاص المناهضين للإسلام في ستوكهولم تثير أسئلة داخل السويد وخارجها، وأبرزها سؤال: لماذا تسمح السلطات بمثل هكذا أفعال رغم أنها تمنعها أحيانا؟

اعتداء متكرر على المصحف

داس لاجئ عراقي على نسخة من المصحف وركله خارج مقر السفارة العراقية في ستوكهولم.
كانت الشرطة السويدية قد سمحت بتنظيم هذا الحدث، ونشرت عددا من أفرادها في المكان، حيث أبعدوا ناشطين معارضين لهذا الفعل.
كان هذا اللاجئ العراقي قد أحرق نسخة من المصحف في أواخر يونيو الماضي، وحينها سمحت الشرطة أيضا لهذا الشخص بحرق المصحف تحت حمايتها.
في وقت سابق من العام الجاري، أقدم عناصر من اليمين المتطرف على إحراق نسخ من المصحف، وهو ما أشعل حينها احتجاجات واضطرابات في السويد.

هل تدنيس المصحف الشريف مسموح في السويد؟

لا يوجد قانون في السويد يمنع تحديدا حرق أو تدنيس القرآن أو أي كتاب مقدس.
ومثل كثير من الدول الأوروبية لا يوجد في السويد قوانين خاصة بالتجديف.
لكن الحال لم يكن كذلك في السابق، فحتى أواخر القرن التاسع عشر، كان التجديف يعتبر جريمة خطيرة في السويد، ويعاقب مرتكبها بالإعدام.
بمرور الزمن، جرى تخفيف قوانين التجديف في السويد مع تحول البلاد نحو العلمانية أكثر فأكثر، وتم إلغاء آخر قانون في هذا السياق عام 1970.

 هل بوسع السلطات في السويد وقف هكذا أفعال؟

طالبت العديد من الدول الإسلامية الحكومة السويدية بوقف حرق المصحف على أراضيها.
لكن في السويد، يضطلع جهاز الشرطة لا الحكومة بقرار منع أو السماح بتنظيم التظاهرات العامة.
وتقول السويد في ردها على احتجاجات الدول الإسلامية إن حرية التعبير مكفولة بالدستور، وعلى الشرطة تقديم أسباب معينة لرفض تنظيم تظاهرات أو تجمعات عامة، مثل وجود خطر على سلامة الجمهور.
بالفعل، منعت الشرطة السويدية في فبراير من العام الماضي طلبين لتنظيم تجمعات لحرق نسخ من المصحف، وذلك بعد أن وصلت الشرطة إلى خلاصة مفادها بأن أحداثا مثل هذه ستزيد من خطورة وقوع أعمال إرهابية ضد السويد.
لكن محكمة في البلاد نقضت تلك القرارات وقالت إن على الشرطة تقديم أدلة عن تهديدات ملموسة لمنع التجمعات العامة.
هل يمكن اعتبار حرق المصحف خطاب كراهية؟

يمنع قانون خطاب الكراهية في السويد التحريض ضد المجموعات البشرية بناءً على العرق أو الإثنية أو الدين أو التوجه الجنسي أو النوع الاجتماعي.
يقول المسلمون إن حرق نسخ من المصحف يشكل تحريضا ضدهم، ولذلك يجب اعتباره جريمة كراهية.
أما مؤيدو حرق المصحف فيرون أن جرائم الكراهية تنطبق فقط على مهاجمة ممارسي العقيدة، أما التطاول على الدين نفسه فهو جزء مكفول بحرية التعبير، حتى لو اعتبر الكثيرون الأمر اعتداءً.
وسعيا للحصول على توجيهات من القضاء، وجهت الشرطة السويدية اتهامات أولية بارتكاب جرائم كراهية ضد الشخص الذي أحرق المصحف خارج مسجد في ستوكهولم في يونيو الماضي ودنّسه مرة أخرى، الخميس.
وبات الأمر لدى المدعين العامين ليقرروا ما إذا كانوا سيوجهون لهذا الرجل اتهاما رسميا.

توضيحاً من السلطات السويدية حول حرق “التوارة” أمام سفارة “إسرائيل”

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد