تخطى إلى المحتوى

من المسؤول ؟ … جفاف هور الجبايش في الناصرية الذي كان يصدر 150 طن من الاسماك

الجبايش

الجفاف وشح المياه، كبدا علوه الاسماك “الكرسره” في قضاء الجبايش خسائر كبيرة وثروات ضائعة، بعد ان كانت تصدر كل يوم 150 طن من الاسماك الى اغلب المحافظات العراقية.

هور الجبايش 

قضاء الجبايش هو أحد اقضية محافظة ذي قار يقع شرق مدينة الناصرية شمال غرب محافظة البصرة وتقع مركز الجبايش على هور الحمار قرب نهر الفرات ويبلغ عدد سكان القضاء بحوالي 150 الف نسمة بحسب تقديرات عام 2015م.

والجبايش جمع كلمة جبيشة التي هي جزيرة صناعية تسبح على صفحة ماء الهور تم التحضير لها بعناية وكونت من طبقات الطمي والقصب والبردي التي تتم تكديسها فوق بعضها حتى تصبح مثلها كمثل جزيرة عائمة يمكن أن تبنى عليها ديار القصب أو الصرايف. وقد وردت هذه الطريقة في العيش من خلال مدونات السومريين قبل سبعة الالاف عام ومن الطريف أن للسومريين أسطورة بنشأة الأرض كانوا يظنون بان اليابسة نشأة مثلما يصنعون هم تلك الجبيشة. وعادة ما تتكون التجمعات السكانية هنا من مجموع من تلك الجزر حيث تتكون القرى التي تسمى سلف ومجموعها سلاف. وما تجمع قرية الجبايش هنا إلا سلف كبير تقطنه عشائر عدة أهمها الخزاعل وبنو أسد وغيرها من العشائر.

هور الجبايش
هور الجبايش

ومن أكثر الخصوصيات في تلك البيئة الرومانسية ان بيوتها تبنى بالقصب والبردي وتدعى صريفة وهي منحدرة من كلمة (صرياثا) الأرامية التي تعني الكوخ التي أنحدر منها اسم مدينة البصرة. وقد ورد ذكر بيت القصب هذا في ملحمة كلكامش تعريبه هو (بيت من قصب البردي. . بيت من قصب البردي. . جدار. . جدار. ياملك شورباك. . يا أبن (أوبارو- توتو) أهدم بيتك وشيد زورقاً). وكما نلاحظ في تلك العبارة فان حزم القصب يمكن أن تكون زورق خفيف للتنقل بين تلك الجبايش تطور مع الزمن إلى ما نجده اليوم يما يسمى البلم والمشحوف وغيرها من طبقات وسائط التنقل المائي الذي هو وسيلة المواصلات الوحيدة في تلك الأجمة الخضراء.

يمكن أن يكون للكلمة مصدر أرامينبما ميز ثقافة المنطقة وتسمياتها، لكن يذهب البعض إلى ان كلمة جبيشة هي محرفة من كلمة (كبيسة) العربية بسبب فعل كبس طبقات الطين والقصب والبردي الذي يكتنف صنعها. ويطلق على الجبيشة كذلك أسم (الدبون) وأما اسمها الآرامي فهو (طهيثا) ومعناها القرية التائهة لوجودها وسط تلك الأهوار. وقد ورد في تاريخ الطبري عند وصفه لإحداث ثورة الزنج التي بدأت هنا عام 680 م ورد اسم (طهيثا) أي منطقة الجبايش.

وكانت تلك الأطراف معمورة في أيام بني العباس، زاهية بحضارتها، مشهورة بحاصلاتها. حتى كتب عنها عالمنا الجليل علي الوردي بان أهل الهور هؤلاء هم أكثر سكان العراق تأصلا وأمتدادا لسكان العراق خلال الحقب التاريخية السابقة للفتح الإسلامي. وقد عانت تلك المناطق من الإهمال التام خلال الحقب التاريخية المتأخرة ولاسيما خلال الحقب التركية لأسباب طائفية معروفة. وكانت ملاذا لكل من عارض السلطات المتعاقبة التي حكمت العراق ويمكن ان يكون هذا مبرر الاهتمام بهذا المركز الوسطي الذي اهتمت به الدولة العراقية بعد تأسيسها عام 1921 وجعلتها مركز ناحية وابتنت فيها دار للحكومة، وكذلك مدارس، ومنازل للموظفين التي عينتهم هناك، وأهتم بجلب اسباب العيش المتحضر لهؤلاء الموظفين. ويعتمد سكان الجبايش في الجزء الأكبر من موارد حياتهم على الصيد المائي وجمع القصب وحياكة الحصر التي تسمى (البواري) وتصديرهـا إلى سائر الأنحاء حتى الخليج وإيران.

وتناقلت مواقع التواصل صور ومشاهد، من معاناة وماساة كبيرة يعيشها قضاء الجبايش في محافظة ذي قار؛ نتيجة شح المياه.
من المسؤول ؟ ... جفاف هور الجبايش في الناصرية الذي كان يصدر 150 طن من الاسماك

من المسؤول ؟ ... جفاف هور الجبايش في الناصرية الذي كان يصدر 150 طن من الاسماك

من المسؤول ؟ ... جفاف هور الجبايش في الناصرية الذي كان يصدر 150 طن من الاسماك

من المسؤول ؟ ... جفاف هور الجبايش في الناصرية الذي كان يصدر 150 طن من الاسماك

وعلى إثر ذلك أعلنت دائرة البيطرة في وزارة الزراعة، في تقرير خاص حصلت صحيفة العراق الاربعاء على نسخة منه عن تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب نفوق الأسماك.

وكان مرصد العراق الأخضر، وهو منظمة مدنية معنية بحماية البيئة، قد أعلن نفوق ملايين الأسماك في محافظة ميسان، معتبرا ذلك “بداية لتداعيات الصيف الذي سيجفف المياه”.

وما يزيد من خطورة تداعيات ما يحدث، وفق الخبراء هو أن الثروة السمكية مصدر مهم من مصادر التنوع الاقتصادي في العراق، في بلد ريعي يسوده الاعتماد المفرط على البترول كمصدر دخل أساسي.

بسبب تعود الى الانخفاض الكارثي في الواردات المائية من دول المنبع الذي وصل لما يقارب 9.5 مليار متر مكعب للعام الحالي، ولكلا النهرين دجلة والفرات، بعد أن كانت الواردات المائية تتراوح ما بين 50 – 77 مليار متر مكعب سنويا في بداية القرن.

مع استنزاف الخزين الاستراتيجي للعراق المحصور في خزانات السدود والوصول إلى الخزين الميت، بسبب سوء التخطيط وعدم التنسيق بين الجهات المتشاركة في ملف المياه، بالإضافة لعدم مراعاة الحفاظ على ما تبقى من مياه عذبة والاستمرار بطرح المخلفات الصناعية والمنزلية والصحية، لمجاري الأنهار، وتزامن هذه الكوارث البيئية بشرية الصنع مع تسارع مراحل عملية التغير المناخي، وارتفاع معدلات درجات الحرارة ومرور العراق بأربع سنوات عجاف تصنف على أنها من أقسى السنوات جفافا من حيث شحة الساقط المطري.

هلكت إثر كل ما تقدم، المجاري المائية العراقية وهلكت معها مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء، وتحولت إلى صحاري مقفرة، وخسر العراق عددا ليس بالقليل من مسطحاته المائية، أبرزها الأهوار بجنوب البلاد.

نفوق الأسماك هو النتيجة الأولى لتعاظم الجفاف والشح المائي، حيث تتناقص الاطلاقات المائية ترتفع نسب الأملاح الذائبة الكلية TDS وترتفع تراكيز العناصر الثقيلة كالكاديميوم والرصاص والنيكل والنحاس، الناتجة من طرح المياه الرمادية والمخلفات الصناعية، بالإضافة لانخفاض نسبة الأوكسجين المذاب DO، ما يعني تحول البيئة المائية لبيئة سامة لا تحتوي على العوامل الرئيسية لعيش الأسماك من غذاء وأوكسجين، مع ارتفاع درجة حرارة المياه ما يؤدي لنفوق هذا العدد الهائل من الأسماك والذي يقدر بالملايين في يوم واحد.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد