في أول حديث مع وسيلة إعلام عربية تحدث مؤسس علم أعصاب الخلايا الجذعية، سو تشون تشانغ مع موقع “سكاي نيوز عربية” حول أحدث إنجازات فريقه البحثي المتمثل في إنتاج أول أنسجة دماغية بشرية مطبوعة ثلاثية الأبعاد يمكنها أن تنمو وتقوم بنفس وظائف أنسجة المخ النموذجية، مؤكدا أن “هذا الإنجاز سيساعد في علاج الكثير من الأمراض مثل الزهايمر وكذلك سرطان المخ”.
وكان فريق تشانغ في في جامعة ويسكونسن ماديسون الأميركية أعلن عن هذه الإنجاز الجمعة، وسلطت عليه الضوء مجلة Cell Stem Cell العلمية الشهيرة، التي أكدت في تقرير أن الأنسجة الجديدة ستساعد العلماء في تطوير أدوية لأمراض عديدة متعلقة بالاضطرابات العصبية مثل مرض باركنسون.
وتحقق الإنجاز وفق الفريق العلمي بعد ابتكار طريقة تقنية جديدة في عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد، لأن طرق الطباعة المتبعة من قبل قللت من نجاح المحاولات السابقة لطباعة أنسجة المخ.
وخلال الدراسة الجديدة بدلاً من استخدام أسلوب الطباعة الثلاثية الأبعاد التقليدي، المتمثل في تكديس الطبقات عموديًا، فقد لجأ الباحثون إلى الطريقة الأفقية، حيث وضعوا خلايا الدماغ، في مادة هلامية “حبر حيوي” أكثر ليونة من تلك التي استخدمتها المحاولات السابقة، مما أسفر عن نجاح التجربة هذه المرة.
رئيس الفريق العلمي الذي توصل لهذا الإنجاز هو سو تشون تشانغ، أستاذ علم الأعصاب في مركز وايزمان بجامعة ويسكونسن ماديسون، وهو أميركي من أصل صيني وحصل على الدكتوراة في الطب من جامعة ساسكاتشوان في كندا ويعمل بالتوازي حاليا في كلية طب ديوك نوس بسنغافورة، وهو من أشهر وأهم علماء الأعصاب في العالم ومن مواليد عام 1963 بالصين، وهو مؤسس علم أعصاب الخلايا الجذعية وعمل سابقا مع جيمس طومسون الذي اشتق الخلايا الجذعية في الأساس.
20 سنة لتحقيق الإنجاز
تشانغ أجاب عن عدة أسئلة لموقع “سكاي نيوز عربية” حول الإنجاز الجديد الذي حققه فريقه العلمي مؤكدا أن: “أن الأمر استغرق عقدين كاملين، حيث اعتمدنا على خبرائنا خلال العقدين الماضيين في إنتاج العديد من أنواع الخلايا العصبية المتخصصة من الخلايا الجذعية البشرية وتطوير حبر حيوي خاص للطباعة”.
وحول مواصفات الأنسجة الجديدة قال تشانغ “قمنا بتصميم طريقة خاصة لطباعة الأنسجة بحيث لا تكون أنسجة المخ البشري التي انتجناها قابلة للحياة فحسب، بل وظيفية أيضًا وتعمل بنفس كفاءة أنسجة المخ الطبيعية”.
واسترسل تشانغ قائلا: “استغرق الأمر عدة سنوات لجعل كل مكون يعمل بطريقة سلسة، وأحد الأهداف الرئيسية هو استخدام أنسجة المخ البشرية المطبوعة ثلاثية الأبعاد لاختبار الأدوية لتطوير علاجات للاضطرابات العصبية والنفسية”.
قابلة للزراعة في المخ
وحول إمكانية زراعة تلك الأنسجة المطبوعة في المخ البشري لتعويض الأنسجة التالفة بفعل المرض قال تشانغ: “نعم، ولهذا الغرض، قد نقوم بتعديل تصميم الطباعة قليلاً ليناسب الحاجة”.
وفي إجابته عن عدد أفراد الفريق الذي عمل لتحقيق هذا الإنجاز قال: “هناك العديد من الأشخاص من مختلف التخصصات شاركوا في الدراسة، وعلى رأسهم المؤلفين الأولين”.
وحول ما إذا كانت هذه الأنسجة تصلح لعلاج أمراض الدماغ فقط أم يمكن أن تكون مفيدة في علاج أمراض باقي أعضاء الجسم قال تشانغ: “الاستخدام الرئيسي لأنسجة الدماغ ثلاثية الأبعاد التي توصلنا لإنتاجها هو فك تشفير كيفية عمل شبكات الدماغ البشري من خلال فحص الدوائر العصبية الحية”.
وأوضح أن “الفائدة الرئيسية الثانية هي الكشف عن آليات عمل الأمراض ذات الصلة بالإنسان مثل مرض الزهايمر، ومرض باركنسون، وما إلى ذلك. ومن خلال هذا الفهم يمكننا بعد ذلك استخدام الأنسجة المطبوعة ثلاثية الأبعاد والمشتقة من الخلايا الجذعية للمرضى واختبار الأدوية لتطوير علاجات جديدة. . يمكن أيضًا استخدام أنسجة المخ المطبوعة لعلاج الاضطرابات العصبية”.
علاج السرطان
وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الأنسجة الجديدة مناسبة لعلاج السرطان قال تشانغ: “نعم. على سبيل المثال، يجب إزالة أورام المخ ومن ثم يمكن استبدال أنسجة المخ التي تم استئصالها بالأنسجة المطبوعة ثلاثية الأبعاد. ومرة أخرى، تتمثل الفائدة الرئيسية للأنسجة الجديدة في فهم كيفية عمل دماغنا والأمراض التي تصيبها وتطوير علاجات جديدة”.
وعن الوقت الذي ستستغرقه هذه الأنسجة لتصبح متاحة للاستخدام الطبي في المستشفيات ختم تشانغ بالقول: “الفائدة الرئيسية تحققت وهي كما قلنا فهم كيفية عمل دماغنا وهذا هو الأهم، ومن ثم فإن هذا الفهم يقود في أسرع وقت لتطوير علاجات جديدة للأمراض التي تصيب الدماغ البشري”.
الصين تدخل ميدان “الشرائح الدماغية” محل إثارة جدل