اختارت اللجنة الأولمبية الدولي، يوم الثلاثاء، رسمياً السعودية لاستضافة النسخ المقبلة من الألعاب الأولمبية الإلكترونية بين 2025 و2037، مانحة إياها احتكاراً موقتاً غير مسبوق في تاريخ الحركة الأولمبية الامر الذي اثار جدلا كبيرا وواسعا في منصات السوشيال ميديا
برفع الأيدي ودون امتناع أو معارضة، صادقت الجمعية العمومية الـ 142 للجنة الدولية في باريس على الشراكة المعلنة في 12 يوليو بين المنظمة التي تتخذ من لوزان السويسرية مقراً لها واللجنة الأولمبية السعودية التي ضمنت استضافة البطولة الجديدة على مدى 12 عاماً.
وقال دافيد لابارتيان رئيس لجنة الرياضة الإلكترونية في الأولمبية الدولية، الموكلة منذ 2023 بالتفكير بحدث منفصل “سيكون هناك ألعاباً جسدية وألعاباً إلكترونية”.
وعن الفترة الممنوحة للسعودية، أوضح الفرنسي ان لجنته أوصت “كلّ عامين” أي كل عام فردي غير أولمبي، لكن هذه النقطة “لم يتم فحصها(…) سنرى كيف يمكن ترجمة ذلك من قبل أصدقائنا السعوديين”.
من جهته، أكّد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أن هيكلية البطولة “منفصلة تماماً” عن الألعاب التقليدية، وسيتم تمويلها على حدة. وستعكس حقوق النقل التلفزيوني فكرة جيّدة عن الطاقة الاقتصادية لهذا القطاع.
وأشار باخ إلى أن منح هذه الحقوق للسعودية سيكون “مطابقاً بشكل تام للشرعة والقيم الأولمبية”.
وكانت الأولمبية الدولية أعلنت في 12 يوليو الجاري أن السعودية ستستضيف النسخة الأولى في 2025.
وقال باخ حينها “نحن محظوظون جدًا بسبب قدرتنا على العمل مع اللجنة الأولمبية الوطنية السعودية في ألعاب الرياضات الإلكترونية الأولمبية، لأنها تتمتع بخبرة كبيرة، إن لم تكن فريدة من نوعها في مجال الرياضات الإلكترونية”.
في العام الماضي، استضافت السعودية مباريات استعراضية في كرة التنس جمعت بين الإسبانيين رافايل نادال وكارلوس ألكاراس في فئة الرجال، وأخرى بين التونسية أنس جابر والبيلاروسية أرينا سابالينا. وعيّنت السعودية نادال سفيرًا للاتحاد السعودي لكرة المضرب.
وتم اختيار الرياض لتنظيم بطولة “دبليو تي ايه” الختامية للسيدات من نهاية العام 2024 إلى عام 2026 ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية في عام 2029.
الحلم الأولمبي للرياضات الإلكترونية
شكّل إدراج الرياضات الإلكترونية كمسابقة رسمية لأول مرة في دورة الألعاب الآسيوية هذا الشهر، التحرك الأول لخطوات لاحقة يأمل عشاق هذه الالعاب أن تُكرس الاعتراف بها واعتمادها في الدورات الأولمبية.
أدرجت الرياضات الالكترونية للمرة الأولى في الألعاب الآسيوية عام 2018 كمسابقة استعراضية، إلا أن هذا الواقع سيتبدل في النسخة الحالية من الألعاب الآسيوية في هانغجو الصينية حيث سيتوج الفائزون أعناقهم بالميداليات، إضافة إلى المجد الإقليمي في سبع ألعاب مختلفة (EA SPORTS FC, PUBG Mobile, Arena of Valor, Dota 2, League of Legends, Dream Three Kingdoms 2 and Street Fighter V).
يرى مايانك براجاباتي، أمل الهند في الظفر بميدالية في لعبة “ستريت فايتر” Street Fighter، أن دورة الألعاب الآسيوية التي تنطلق في 23 سبتمبر الحالي وتستمر حتى 8 المقبل ستحدّد مدى تطوره والرياضات الإلكترونية.
يتذكر براجاباتي البالغ 33 عاماً، كيف كان والده يضربه لأنه كان يتسلّل خارج المنزل لمزاولة ألعاب الفيديو.
قال “لعبت للمرة الأولى في أواخر التسعينيات على آلة في أحد الأسواق بالروبيتين اللتين كنت أملكهما”.
وتابع “لقد كانت هذه أول تجربة لي مع لعبة (ستريت فايتر) وقد وقعت في حبها. أصبحت مدمناً عليها، وكثيراً ما كنت أكذب على والدَيّ، وأقول لهما: (سأذهب للدراسة)، لكنني كنت أمضي ساعات في اللعب”.
يتذكر براجاباتي، وهو مصمّم ثلاثي الأبعاد، كيف تعقبه والده ذات مرة ليلاً واكتشف أنه يمارس ألعاب الفيديو، محاطًا بستة أطفال تغمرهم السعادة.
وقال ضاحكاً، وهو الآن أب لطفل يبلغ من العمر عامين “لقد تعرضت للتوبيخ الشديد… أعتقد أنني تعرضت للضرب”.
تبدو قصة براجاباتي مألوفة عند الكثيرين.
من ناحيته، قال كيم غوان-وو، البالغ 41 عاماً والذي سيمثل كوريا الجنوبية في لعبة Street Fighter V لوكالة فرانس برس في سيول “والداي يكرهانني عندما ألعب ألعاب الفيديو”، مشدداً على أنهما ما زالا “متردّدين” بشأن مشاركته في دورة الألعاب الآسيوية.
وتابع “أعتقد أنهما سيكونان سعيدين للغاية إذا فزت بالفعل بميدالية”.
ومن المتوقع أن تكون كوريا الجنوبية، إلى جانب الصين المضيفة، القوتين المهيمنتين في مسابقات الرياضات الإلكترونية خلال النسخة الحالية للألعاب الآسيوية.
الحلم الأولمبي؟
ومن المتوقع أن تشهد فعاليات الرياضات الإلكترونية في الألعاب حشوداً كبيرة في مركز هانغجو للرياضات الإلكترونية المتطور التصميم، وهو بعيد كل البُعد عن أماكن اللعب في الأروقة القذرة والتي كان يتسلل اللاعبون إليها ضد رغبات آبائهم.
قال البروفيسور كانغ من كلية شينغو، والذي كان من الجيل الأول للاعبين المحترفين تحت الاسم المستعار “H.O.T Forever” في مقابلة مع فرانس برس “إن إدراجها في دورة الألعاب الآسيوية يُعدّ علامة فارقة للرياضات الإلكترونية في سعيها للاعتراف بها كرياضة (حقيقية)”.
وتابع “عندما كنت لاعباً في أواخر التسعينات، كان ردّ الفعل الأوليّ هو: لماذا تُعرض ألعاب الفيديو على التلفزيون؟”.
وأضاف “لكن مع العمل الجاد الذي قام به اللاعبون والجهاز الفني، أعتقد أننا وصلنا بنسبة 90 في المئة تقريباً إلى أن نصبح رياضة حقيقية”.
في المقابل، وصف نائب رئيس الاتحاد الآسيوي للرياضات الإلكترونية لوكيش سوجي، الألعاب الآسيوية بأنها علامة فارقة نحو هدف أكبر.
وقال سوجي الذي يشغل أيضاً منصب مدير اتحاد الرياضات الإلكترونية في الهند “سيتحقق الحلم في النهاية بمجرد إدراجها في الألعاب الأولمبية، باعتبارها رياضة يمكن أن يحصل الفائزون فيها على ميداليات”.
ورغم كل هذه الخطوات الجبارة، إلا أن الحلم الأولمبي لا يبدو أنه سيتحقق في المستقبل القريب، وبالتأكيد ليس قبل أولمبياد باريس العام المقبل.
من ناحيتها، تحرص اللجنة الأولمبية الدولية على جذب الجماهير الأصغر سناً، لذا أدرجت مسابقة رقصة البريك دانس لأول مرة في ألعاب باريس.
ولكن رغم أن اللجنة الأولمبية الدولية اعترفت رسمياً بالألعاب الإلكترونية كرياضة في عام 2017، إلا أنه لا توجد حاليا خطة لإدراجها في البرنامج الأولمبي. فأحد العوائق هو نوع الألعاب التي سيتم تضمينها لأن الترويج للعنف يتعارض مع القيّم الأولمبية، لذلك سيؤدي ذلك على الفور إلى استبعاد بعض ألعاب الرياضات الإلكترونية الأكثر شعبية.
ورغم أن الحلم الأولمبي ما زال بعيد المنال في الوقت الحالي، إلا أن ممارسي هذه الألعاب يؤكدون أن إدراج الرياضات الإلكترونية في دورة الألعاب الآسيوية قد أدى بالفعل إلى تغيير جذري في المواقف.
ويأمل هؤلاء أن يؤدي نجاح الرياضات الالكترونية خلال الشهر المقبل في هانغجو إلى استقطاب مزيد من المشجعين واللاعبين والتقدير.