احتراق برج إيفل، داول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورتين زعم ناشروهما أنهما تظهران احتراق برج إيفل خلال الاحتجاجات الأخيرة في فرنسا بسبب مقتل شاب برصاص شرطي.
ماذا يحدث في فرنسا الآن
إلا أن الصورة الأولى تعود لمجسم خشبي للبرج أُحرق الشهر الماضي خلال احتفالات ناد فرنسي لكرة القدم، أما الثانية فتعود لأدخنة مفرقعات نارية في برج إيفل سنة 2005 خلال الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي.
ويتضمن المنشور صورتين تبدو في الأولى ألسنة نيران تلتهم برج إيفل أما الثانية فتظهر دخانا يتصاعد من البرج.
وجاء في التعليق المرافق “الوضع الآن في فرنسا”.
وحظي المنشور بمشاركات عدة من صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اندلعت في فرنسا عقب مقتل شاب برصاص شرطي.
الشاب نائل
وبدأت أعمال الشغب مساء 27 يونيو الماضي، إثر مقتل الفتى نائل المرزوقي (17 عاما) بالرصاص على يد شرطي بعد أن رفض التوقف خلال عملية تدقيق مروري في نانتير.
وأثارت هذه القضية غضبا واحتجاجات واسعة في فرنسا. ويبدو أن حدة العنف بدأت تتراجع بعد أعمال شغب متواصلة لخمس ليال. وأوقفت القوى الأمنية 157 شخصا ليل الأحد الاثنين في مقابل أكثر من 400 في الليلة السابقة على ما أعلنت وزارة الداخلية.
حقيقة الصورتين
إلا أن الصورتين لا علاقة لهما بما حصل في فرنسا، وأرشد البحث عن الصورة الأولى إلى أنها تظهر مجسما خشبيا لبرج إيفل أُحرق خلال احتفالات لنادي جيرو لوبوي الفرنسي لكرة القدم، ضمن تقليد سنوي تحرق خلاله مجسمات خشبية.
ويمكن العثور على الصورة نفسها منشورة في حساب مصوّرٍ غطى الاحتفالات بتاريخ 25 يونيو 2023. كما يمكن العثور على صور مشابهة في صفحة النادي ضمن منشور عن الاحتفالات.
أما الصورة الثانية فتعود لبرج إيفل لكن في سنة 2005. ويعود مصدر الدخان حول البرج لمفرقعات نارية أطلقت خلال الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي في 14 يوليو 2005 في باريس.
وبمتابعة القنوات المحلية الفرنسية والصحف والمواقع المعروفة، لم يرد أي ذكر عن حادث جرى لبرج إيفيل في خضم أحداث التظاهرات الشعبية الأخيرة.
وبني برج إيفل الذي أضحى اليوم من أهم المعالم السياحية في فرنسا قبل ما يزيد مئة وثلاثين عاما، ويجذب البرج إليه سنويا سبعة ملايين سائح.
وكان قد شيد في البداية بشكل مؤقت من أجل معرض عالمي 1898؛ لكن مصممه جوستاف إيفل أراد أن يبقي على تحفته الفنية عبر تسليط الضوء على أهميته العلمية وتم إنشاء أول إذاعة على قمته
ماكرون يتحدث عن فرض حالة الطوارئ في فرنسا
أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه سيتم فرض حالة الطوارئ قريبًا للإسراع في معالجة الأضرار الناجمة عن أعمال الشغب السابقة.
ونقلت قناة “بي إف إم تي” الفرنسية عن أحد المشاركين في اجتماع ماكرون مع رؤساء بلديات المدن المتضررة من الاضطرابات: “سيتم قريبا تفعيل قانون حالة الطوارئ من أجل قطع جميع المواعيد النهائية، ووضع إجراء للتعافي السريع”.
الجدير بالذكر أن ماكرون التقى، اليوم الثلاثاء، برؤساء بلديات 241 مدينة فرنسية تعرضت لأعمال شغب خلال الأسبوع الماضي.
فرنسا.. جدّة نائل توجه رسالة إلى المتظاهرين
وجهت جدّة الشاب نائل، الذي أشعل مقتله برصاص شرطي قرب باريس مطلع الأسبوع أعمال شغب في عموم فرنسا، دعوة عبر التلفزيون، الأحد، ناشدت فيها المحتجّين التوقّف عن أعمال التخريب والنهب والحرق.
وغداة ليلة خامسة على التوالي من الاحتجاجات العنيفة على مقتل الشاب الجزائري الأصل نائل (17 عاما) برصاص شرطي أطلق النار عليه من مسافة قريبة خلال عملية تفتيش مروري لدى محاولته الفرار في سيارة كان يقودها بدون رخصة، قالت الجدّة ناديا مخاطبة المحتجّين: “توقّفوا، لا تكسّروا”.
وأضافت في مقابلة أجرتها معها قناة “بي إف إم تي في” التلفزيونية الإخبارية: “لأولئك الذين يكسّرون أقول لهم: توقّفوا. فليتوقّفوا عن تكسير الواجهات وليتوقفوا عن تكسير المدارس والحافلات”.
وتابعت: “توقّفوا. من يستقلّ هذه الحافلات هنّ أمّهات، من يسير في الخارج هنّ أمّهات”.
وعلى مدى الليالي الخمس الفائتة، شهدت فرنسا أعمال شغب ونهب وسرقة وتكسير وإحراق اندلعت إثر مقتل الشاب وتواصلت في كثير من الأحياء الشعبية في البلاد.
وأضافت جدّة القتيل: “نريد أن يبقى هؤلاء الشبّان هادئين. نائل مات. كان لابنتي ولد واحد. ابنتي ضاعت وانتهت حياتها. وأنا، لقد حرموني ابنتي وحفيدي”.
وجدّدت ناديا التأكيد أنّها لا تحمّل سلك الشرطة بأسره مسؤولية مقتل حفيدها بل تحصر هذه المسؤولية بالشرطيين “اللذين ضرباه على رأسه” بعقبي مسدسيهما وبالشرطي الذي أرداه “برصاصة في قلبه. كان بإمكانه أن يطلق النار على ساقه أو على ذراعه”.
كما أعربت الجدّة عن صدمتها لحملة التبرّعات التي نظّمت على الإنترنت لحساب الشرطي الذي قتل حفيدها.
والشرطي البالغ 38 عاماً أودع الخميس الحبس الاحتياطي بعدما وُجّهت إليه تهمة القتل العمد.
وقالت: “الحزن يملأ قلبي. لقد سلبني حفيدي. هذا الرجل يجب أن يدفع الثمن كأيّ شخص آخر. أولئك الذين يكسّرون والذين يضربون عناصر الشرطة سيعاقبون أيضاً. أنا أثق بالعدالة. أنا أؤمن بالعدالة”.
توقيف 150 شخصا بعد ليلة عنف جديدة
قال الإليزيه اليوم الخميس إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا مجلس الوزراء للإنعقاد بعد أزمة مقتل شاب برصاص الشرطة، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان توقيف 150 شخصا، ليل الأربعاء الخميس، في أعمال عنف جديدة إثر مقتل فتى برصاص شرطي، منددا بأعمال عنف “لا تحتمل ضد رموز الجمهورية”.
وكتب الوزير دارمانان على تويتر أنه تم “إحراق أو مهاجمة.. بلديات ومدارس ومراكز شرطة”، مضيفا “عار على الذين لم يدعوا إلى الهدوء”، بحسب ذكرت صحيفة العراق الالكترونية في وقتاَ سابق .
وخلال الليل، اشتبكت الشرطة الفرنسية مع متظاهرين بعد ساعات فقط من وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مقتل سائق توصيل يبلغ من العمر 17 عامًا على يد الشرطة بأنه “لا يغتفر” ودعا إلى الهدوء بينما تأخذ العدالة مجراها.
كانت هذه هي الليلة الثانية من أعمال العنف في ضاحية نانتير بباريس، في الوقت الذي عززت فيه الحكومة وجود الشرطة في باريس ومدن كبيرة أخرى أمس الأربعاء بعد أن أدى القتل إلى اندلاع أعمال عنف متفرقة.
أظهر مقطع مصور من الضواحي حرائق مشتعلة في بعض التقاطعات في الضاحية، فيما أطلق متظاهرون ألعابا نارية على الشرطة.
وأثارت وفاة نائل البالغ من العمر 17 عامًا أثناء فحص مروري يوم الثلاثاء في ضاحية نانتير بباريس قلقًا على مستوى البلاد ورسائل سخط وتعازي واسعة النطاق.
ودعت والدة نائل إلى مسيرة صامتة الخميس تكريما له في الميدان الذي قُتل فيه، فيما جدد نشطاء فرنسيون دعواتهم لمعالجة ما يرونه انتهاكات منهجية للشرطة. أدان مسؤولون حكوميون القتل وسعوا إلى النأي بأنفسهم عن تصرفات ضابط الشرطة.
أذ و قال ماكرون للصحفيين في مرسيليا “لا شيء يبرر موت شاب”، واصفا ما حدث بأنه “لا يمكن تفسيره ولا يغتفر”.
ويجري التحقيق مع شرطي بتهمة القتل العمد لإطلاقه النار على الشاب، الذي يقول المدعون إنه رفض الامتثال لأمر بإيقاف سيارته.
ودعت وزارة الداخلية إلى الهدوء وقالت إنها نشرت ألفي رجل شرطة في منطقة باريس.
وتقول جماعات حقوقية إن هناك عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون في فرنسا وهو اتهام نفاه ماكرون سابقا.
وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي وتحققت منه رويترز شرطيين بجانب سيارة مرسيدس إيه.إم.جي، ويطلق أحدهما النار بينما كان السائق يبتعد. وقال المدعي المحلي إن الشاب توفي بعد ذلك متأثرا بجراحه.
وقال ياسين بوزرو، محامي أسرة الشاب “لديكم مقطع فيديو واضح جدا وفيه شرطي قتل شابا عمره 17 عاما. يمكننا أن نرى أن إطلاق النار ليس ضمن القواعد”.
ووقف مشرعون فرنسيون دقيقة صمت في الجمعية الوطنية، حيث قالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن إن إطلاق الرصاص “يبدو واضحا أنه لا يتفق مع القواعد”.