أقدم طريق للحج بين العراق والسعودية “درب زبيدة”

 

درجت «درب زبيدة» وهو طريق الحج القديم على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، وهو طريق مشترك بين العراق والسعودية، وسجلت كل دولة أربعة مواقع أثرية من كل جانب على خط سير الدرب التاريخي الذي يمتد من مدينة الكوفة إلى مدينة مكة المكرمة.

و في أوائل شهر فبراير (شباط) 2022. أعلنت وزارة الثقافة العراقية أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة المعروفة باليونيسكو، 

يتحدث المهندس الاستشاري المعروف هشام المدفعي في كتاب «طريق الحج البري القديم بين العراق والسعودية» الصادر في بغداد، عن دور والده حسن فهمي المدفعي، أحد بناة الدولة العراقية الحديثة، الذي تولى مناصب رفيعة في الشرطة وإدارة الدولة العراقية. الذي قام به في اكتشاف طريق الحج البري بين العراق والجزيرة العربية، وهو الطريق المشهور بدرب زبيدة بين الكوفة في العراق والديار المقدسة في الحجاز في السعودية. فقد جرت هذه المهمة في ثلاثينات القرن الماضي في ظروف طبيعية صعبة وقاسية في تلك الفترة.

يقدم هذا الكتاب، تعريفاً لطريق الحج البري القديم بين العراق والسعودية الذي سعت إلى فتحه السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد في العصر العباسي الأول، وما جرى عليه حتى أصبح نسياً منسياً، وبدأت مظاهر الاندراس تظهر على محطاته وآباره وبركه، لكن الحكومتين العراقية والسعودية، نظراً لأهميته التراثية، أخذتا في ثلاثينات القرن العشرين بالسعي إلى إحيائه وتجديد محطاته، وكانت بعثة حسن فهمي المدفعي إحدى مظاهر هذا السعي، إلى أن أخذ الأمر أهميته الكبيرة في السنوات الأخيرة، وشرعت الجهود الحثيثة والأعمال الهندسية تتوالى لإظهاره كأحد رموز التعاون العربي والإسلامي، وأحد المعالم التاريخية الجديرة بالتذكير والتقدير.

أدار حسن فهمي المدفعي فريقاً من هواة البحث والمتبرعين من مختلف الاختصاصات للقيام بهذه المهمة الصعبة في ثلاثينات القرن المنصرم. وقد أسفرت المهمة عن نجاحها في إعادة كشف طريق الحج البري ومعرفة مواقعه ومحطاته وآباره وبقايا آثاره، والعلامات الدالة عليه. ولا شك أن المهمة كانت صعبة للغاية في تلك الفترة في مناطق واسعة وطويلة وأراضٍ قاحلة في عمق الصحراء. والمعروف أن هذا الطريق قد تركته قوافل الحجاج واتخذت مسارات أخرى، رغم أنه كان أقصر الطرق بين الكوفة والديار المقدسة. وكان ذلك لأسباب عديدة انتهت بإهماله واندثار الكثير من مواقعه، أهمها إهمال الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط الدولة العباسية بيد المغول عام 1258م في رعايته وتجديده، مما جعل من مهمة اكتشافه تكتنفها مصاعب لا تخفى.

كان طريق الحج البري بين الكوفة في العراق والديار المقدسة في الحجاز معروفاً منذ أوائل نشوء الدولة العربية الإسلامية، ثم عرف بدرب زبيدة، نسبة إلى السيدة زبيدة بنت أبي جعفر المنصور وزوجة الخليفة هارون الرشيد، وهي التي جهدت في رعاية الطريق وتوفير كل المستلزمات المطلوبة له حتى أصبح أشهر الطرق، وقد ذاعت شهرته كثيراً وتوزعت أخباره في مختلف المصادر والمراجع. ولا شك أن دقة مساره واتجاهاته ومحطاته، إضافة إلى العناية الفائقة بأمره في سنوات الخلافة العربية الإسلامية، كانت من أسباب ذيوع أخباره في التاريخ الإسلامي، وكان أوج ازدهاره في العهد العباسي الأول.

غير أن عوامل مختلفة جعلت الطريق يتجه إلى الاندثار وضياع الكثير من معالمه، ومن هذه الأسباب ضعف الدول التي حكمت العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد، مما أدى إلى اختلال وضعه الأمني وتعرض العديد من مواقعه للتخريب والتدمير، واستمر الأمر إلى سنوات قريبة خلت. فدرب زبيدة يحكي ازدهار الحضارة العربية الإسلامية وانكساراتها، فكلما استقرت الدول سالت المياه في محطات درب زبيدة وانتقل إليه الحجاج والتجار بلا مصاعب.

ويعد طريق الحج بين الكوفة ومكة المكرمة هو أهم طرق الحج البري السبعة التي تربط الحجاز بأنحاء العالم الإسلامي، وهي: طريق الحج الكوفي وطريق الحج البصري وطريق الحج الشامي وطريق الحج المصري وطريق الحج اليمني وطريق الحج اليمني الداخلي وطريق الحج العماني، وتتصل هذه الطرق مع بعضها بعضاً بطرق فرعية. ولا شك أن هذه الطرق لقيت على مر الزمن عناية كبيرة من قبل الخلفاء والملوك والأمراء والوزراء والأعيان والتجار، فأقيمت عليها منشآت مختلفة، من محطات ومنازل وبرك وآبار وعيون وسدود ومساجد وأسواق، إضافة إلى وسائل إرشادية من منارات وأميال.

في السنوات العشر الأخيرة تجدد الحديث عن هذا الطريق الذي يبلغ طوله نحو 1400 كم، ويعد من أشهر الطرق الأثرية في العالم، ولم تزل بقاياه وآثاره الشاخصة تحكي للإنسانية جهداً هندسياً وإنسانياً فائقاً، تم إنجازه من قبل نحو ألف ومائتي وخمسين عاماً في صحراء قاحلة قاسية. ولما كانت بقاياه وآثاره ماثلة إلى يومنا، فقد كان أهلاً لأن يرفع إلى قائمة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو، رغم أن العمل تعطل عليه قبل قرون عديدة، وشحت أخباره التاريخية إلا بإشارات سريعة.

ويذكر الكتاب أن نجاح هشام المدفعي وفريقه كان مدعاة سرور الجانب السعودي الذي أثنى على جهود الفريق العراقي، كما استقبل العاهل السعودي الملك عبد العزيز الفريق العراقي برئاسة حسن فهمي المدفعي، وشكرهم على جهودهم الكبيرة.

طريق الحج القديم بين الجزيرة العربية والعراق وممر للقبائل العربية

طريق الحج القديم بين الجزيرة العربية والعراق وممر للقبائل العربية
طريق الحج القديم بين الجزيرة العربية والعراق وممر للقبائل العربية

كان طريق الحج القديم “درب زبيدة ” الذي يربط بين الجزيرة العربية والعراق، ممرًا للقبائل العربية ، حيث توافدت عبره عدة أقوام.
وأوضحت المتخصصة في الآثار القديمة والأستاذ في كلية الآثار بجامعة الكوفة بالعراق الدكتورة منى عبدالكريم القيسي، أن أول إشارة لهذا الطريق كانت في القرن الثالث قبل الميلاد، وتوافد عن طريقه الأقوام الأكدية التي جاءت من الجزيرة العربية، ووصلت إلى جنوب العراق وبالتحديد إلى مشارف مدينة (الوركاء).

وكان الطريق ممرًا للقبائل في الجزيرة العربية إلى جنوب العراق، ونشط عبر التاريخ، وهو مُعَلَّم بنقاط ومراكز تجارية يربط ما بين شمال الجزيرة العربية، وما بين الجنوب العراقي.

فيما كان النشاط الثاني لهذا الطريق في العصر ( الأخميني) ، وكان يسمونه (المثقف)، ثم سمي بطريق (الحيرة )، ويمتد بمحاذاة نهر الفرات، ثم يرتبط بطريق الحرير الذي يأتي من الخليج العربي ويتجه إلى الناصرية ثم دومة الجندول ويصعد إلى سلوقيا ( طيسفون) ثم إلى مدينة (الحضر) ومنها إلى وادي الثرثار ثم سنجار ثم إلى بلاد الأناضول ، أما في العصر الإسلامي فيبدأ “درب زبيدة”من الكوفة إلى مكة.

اكتشافات عظيمة

وأشارت الدكتورة القيسي، خلال حضورها فعاليات ثقافية أقيمت على هذا الطريق، إلى أهمية التنقيب للوصول إلى خطوط الطرق في عصور ما قبل التاريخ، وربما سَيُكتَشف شيء جديد في تاريخ المنطقة.

وأكدت أن التنقيبات ما بين السماوة والديوانية كانت لها اكتشافات عظيمة منها اكتشاف عرب ما قبل الإسلام، والخطوط التي توضح دخول الأقوام القديمة من هذه المنطقة والوفود إلى بلاد (سومر) و(أكد)، وأضافت أن الاستمرار في التنقيبات سيؤدي إلى حقائق أثرية تاريخية عظيمة جدًا.

وأكد المرشد السياحي ، وأستاذ التاريخ ، وأحد المهتمين بالآثار خلف الغفيلي، أن العرب الأكاديين هم أول من سلك طريق التجارة القديم ( المعروف الآن بدرب زبيدة )، حيث هاجروا من شبه الجزيرة العربية شمالاً باتجاه بلاد الرافدين وذلك بالألف الرابعة قبل الميلاد واستقروا في بلاد الرافدين إلى جانب السومريين الذين كانوا ببلاد الرافدين قبل الأكاديين ولغتهم عُرفت بالأكادية العربية، وسيطر الأكاديون على مجمل بلاد الرافدين مع من سبقوهم من السومريين والآشوريين والبابليين.

ننسى ولا نسون!بعد ياجوج وماجوج واسلحة السومريين رواية جديدة لغزو العراق وعلاقتها باليهود ترجمة خولة الموسوي