انشغلت وزارة الصحة العامة في لبنان، الخميس، بالبحث عن سبب أعراض غير معتادة رافقت حالات تسمم لمجموعة من العائلات في الجاهلية، إحدى بلدات محافظة جبل لبنان في قضاء الشوف وسط البلاد، بعد انتشار خبر ظهورها على أكثر من 35 شخص.
مع تكهنات بارتباطها بتناول نوع من اللحوم أو بمياه شرب ملوثة إذ وكانت أبرز الأعراض المرصودة تورم في الوجه، وإسهال حاد، وارتفاع في درجة الحرارة، .
وتضاربت المعلومات حول أسباب هذه الأعراض التي بدت على أفراد العائلات المصابة، بانتظار نتائج الفحوص المخبرية التي باشرتها وزارة الصحة لتحديد الأسباب، وسط قلق أبناء المنطقة استدعى استنفار أكثر من جهة رسمية وغير رسمية في قضاء الشوف.
وقالت وزارة الصحة في بيان، الخميس: “وردت إلى الوزارة بتاريخ 5 ديسمبر بلاغات عن حالات مرضية تسجل منذ 30 نوفمبر في بلدة الجاهلية بقضاء الشوف”.
وأضاف البيان: “فور حصول الوزارة على بلاغات بظهور مثل هذه العوارض على العائلات، باشر قسم الترصد الوبائي عملية التقصي، وتم الكشف عن محلات الجزارين الموجودة في البلدة، مع جمع عينات وإرسالها إلى مختبرات خاصة في مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة”.
وكشف مصدر في وزارة الصحة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الوزارة باشرت بالعمل على تقييم مياه النهر في البلدة”، من دون ذكر تفاصيل لحين ظهور النتائج.
لبنان..نسبة تلوث الهواء ترتفع 300% بسبب زيادة أعداد المولدات
تضارب بشأن المصدر
أوضح أحد سكان البلدة أن الأهالي تلقوا منذ ما يقارب 10 أيام عبر مصادر حزبية في البلدة، مساعدات غذائية معلبة من خارج لبنان مصدرها إيران.
أضاف الشاهد الذي رفض الكشف عن اسمه، أن كل من تلقى وتناول من اللحوم المعلبة التي وصلت داخل هذه الحصص، بدت عليه الأعراض.
قال شاهد آخر إنه يجب الكشف عن الملاحم ونوعية اللحوم التي تباع فيها، خصوصا بعد انتشار أنباء في لبنان أن لحوما هندية مجهولة المصدر تباع خلسة من دون رقيب أو حسيب.
قالت سيدة من أبناء بلدة الجاهلية لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن سبب العوارض ربما يكون تلوث مياه النهر الذي تغير لونه بعد هطول المطر.
أضافت: “أحد الأطباء في المنطقة عزا السبب إلى وجود مخلفات لحوم في النهر، وربما السبب يكمن هنا.
ما رأي الطب؟
توقع طبيب الأمراض الجرثومية في بيروت جاك مخباط، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تكون العائلات مصابة بما يعرف بجرثومة “تريشينوز”، وهي طفيل يصيب اللحوم وينتقل إلى جسم من يتناولها غير مطهية جيدا.
وقال مخباط: “أبرز أعراض هذه الجرثومة تورم العينين وارتفاع درجات الحرارة والإسهال“، لافتا إلى أن الإصابة بهذه الجرثومة غير مميتة، إنما تصاحبها آلام شديدة.
وقال مصدر في بلدية الجاهلية ، إن سبب الأعراض المرضية يرجح أن يكون التلوث الذي أصاب النهر الذي تشرب منه البلدة.
ودعا المصدر إلى “الإسراع في تنظيف محطات تكرير المياه في المنطقة، خصوصا أنها كانت متوقفة عن العمل في فترة ما بسبب عدم تأمين مادة المازوت فيها”.
منظمة الصحة تحذر من “دواء ملوث” في لبنان
حذرت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، من وجود “دفعة ملوثة” في لبنان، من دواء يستخدم في علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية في بيان، أن الدفعة الملوثة تعود لدواء “ميتوتريكسات” بعيار 50 ملغ (METHOTREX 50mg) في إقليم المنظمة لشرق المتوسط.
وأوضحت أنه “تم العثور على الدفعة الملوثة في لبنان واليمن، بعد ظهور آثار ضارة على أطفال مرضى يتلقون الدواء”.
وأشارت إلى أن السلطات الصحية في البلدين، أجرت اختبارات ميكروبيولوجية على القوارير المختومة المتبقية، التي كشفت نتائجها وجود بكتيريا الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa)، مما يدل على تلوث المنتجات
التفاصيل
يندرج دواء “ميتوتريكسات” ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية النموذجية للأدوية الأساسية.
هو عامل علاج كيميائي كابت لجهاز المناعة، يوصف لعلاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية.
عدوى الزائفة الزنجارية التي تصيب مجرى الدم، هي عدوى خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
يمكن لأي منتج ملوث يحقن مباشرة في الجسم، أن يشكل مخاطر شديدة على المرضى.
الدفعة الملوثة
شركة التصنيع لمنظمة الصحة العالمية، أكدت أن المعلومات المتعلقة برقم الدفعة وتاريخ التصنيع وتاريخ انتهاء الصلاحية المشار إليها في التنبيه، مطابقة لما يرد في سجلاتها الداخلية.
الشركة أكدت كذلك أنها “لم تحصل حتى الآن على عينات من المنتجات المشتبه فيها، لتجري عليها اختباراتها التأكيدية”.
كان من المفترض أن يتم بيع هذه الدفعة حصريا في الأسواق الهندية، والكمية الموجودة في لبنان واليمن تم استيرادها من خارج سلسلة التوريد المنظمة، لذا فإن شركة التصنيع “لا يمكنها أن تضمن سلامة المنتج”.
توصيات منظمة الصحة
- ضرورة الكشف عن المنتجات الملوثة وسحبها من التداول، لمنع إلحاق الأذى بالمرضى.
- زيادة الترصد وتوخي الحذر على مستوى سلاسل التوريد في البلدان والأقاليم التي يُحتمل تأثرها بهذا المنتج.
- زيادة المراقبة على مستوى الأسواق “غير النظامية”.
- ضرورة قيام السلطات المختصة بإخطارها (منظمة الصحة) فورا، في حال اكتشف هذا المنتج في أسواق بلدانها.
- أهمية قيام شركات التصنيع بإجراء اختبارات للكشف عن أي تلوث ميكروبي، قبل إصدار دفعات المنتجات النهائية للاستخدام.
- ضرورة الحصول على الأدوية من خلال موردين معتمدين ومرخصين، والتحقق بعناية من أصالة المنتجات وحالتها المادية.
مخاطر تهدد حياة اللبنانيين
على ضوء دخول لبنان أشرس أزمة اقتصادية، بدا مفهوم السلامة العامة عموما منعدما إلى حد كبير في البلاد، سواء لجهة السلامة المرورية أو لجهة سقوط الأبنية، أو غيرها من الحوادث التي تتصدر وسائل الإعلام المحلية.
ويواجه المواطن اللبناني إهمالا كبيرا في تطبيق القوانين التي تحمي حياته، بدءا من قانون السير والسيارات وفوضى الدراجات النارية المخالفة للقوانين، وانعدام إنارة بعض الطرق، إلى عدم تطبيق قانون البناء والأشغال العامة، وعدم تدعيم الجدران والإنشاءات وتأمين السلامة في الأبنية والمنشآت، مرورا بمخاطر تطاير ألواح الطاقة الشمسية نتيجة العشوائية في تركيبها، وصولا إلى سلامة الغذاء وانتشار الكوليرا.
والسلامة العامة ليست محصورة بقانون السير أو البناء أو السلامة في العمل فحسب، بل تعني السلامة في كل مكان وزمان.
إهمال في الصيانة
وفي هذا الصدد، قال مهندس التخطيط المدني، يوسف عزام، رئيس جمعية شبكة سلامة المباني، وهي جمعية غير حكومية تعمل في لبنان منذ عام 2007 وتضم مجموعة من المهندسين، إن “القدرة الإلهية وحدها تحمي المواطن في لبنان”.
وعدّد عزام الأسباب، في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، قائلا :
معظم المباني السكنية قديمة، أجريت عليها تعديلات بعد الحرب الأهلية التي تعرضت خلالها لأضرار جسيمة، ويمكن تصنيفها على أنها غير مطابقة للمواصفات الهندسية وللسلامة العامة.
عقود إيجارات المساكن القديمة.
وتشكل الإيجارات القديمة موضوعا تشريعيا شائكا، إذ هناك أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية خاضعة لقانون الإيجارات القديم منذ بداية الحرب مطلع عام 1975، وقد مددت الدولة القانون فبقيت قيمة الإيجارات زهيدة.
وبالتالي لا يتمكن صاحب العقار من صيانته ولا المستأجر يقوم بالصيانة الدورية للبناء، مما يجعل هذه الأبنية مهددة بالسقوط.
المسؤولية
وكشف عزام عن العديد من الثغرات في قطاع البناء، أثرت سلبا على السلامة العامة، أبرزها “عدم إجراء معاينة وكشف دوري للمباني السكنية، إلا القليل منها”.
وأضاف: “المسؤولية مشتركة، يتحمل بعضها البلديات والوزارات المعنية وأكثر من جهة في لبنان”، مشيرا إلى أن “كل المدن اللبنانية تفتقر إلى مسح شامل من قبل بلدياتها”.
ماذا تقول الأرقام؟
وأوضح عزام: “آخر إحصاءات قامت بها الجمعية بمجهود فردي، نظرا لغياب الإحصاءات الرسمية التي تعود لعام 2014، تبين من خلال مسح وتنزيل الخرائط الخاصة عبر برنامج الصور الجوية GIS وتحليل البيانات، أن 16 ألف مبنى قديم في لبنان بحاجة لصيانة فورية”.
وشدد في الوقت نفسه على “وجود افتقار عام لثقافة الصيانة وإعادة التأهيل”، وداعيا البلديات لـ”تحمل مسؤولياتها”.
ألواح الطاقة الشمسية.. القلق الداهم
مشكلة أخرى تتمثل في ألواح أجهزة توليد الطاقة الكهربائية من الشمس، والتي انتشرت بشكل فوضوي على أسطح المنازل العام الماضي إثر الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي عن المدن والقرى، وعجز مؤسسة كهرباء لبنان الرسمية عن تأمين التيار للكهربائي للمواطنين.
ووصف عزام الوضع بـ”الأسوأ”، متوقعا “وقوع حوادث مع سرعة الرياح في الشتاء، التي قد تخلع العديد من الألواح المنصوبة على أسطح المباني، لتسقط على المارة، لأن تركيبها تم بطرق غير مدروسة في كثير من المناطق”.
المحاسبة
من جانبه، شدد المحامي بول مرقص، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، على ضرورة تطبيق “المحاسبة” لكل المسؤولين المقصرين.
وقال: “المحاسبة في لبنان شبه غائبة على جميع الأصعدة، بما فيها ما يسمى (القضاء والقدر)، الذي وإن تحقق يجب ألا يحجب المسؤولية والتعويض عن الضرر، وفقا للأحكام العامة للمسؤولية التي نص عليها القانون اللبناني”.
وتابع: “بقدر ما يتطلب الأمر إدراكا من السلطات وتوزيعا للمسؤوليات، فإنه بالقدر عينه يجب أن يكون محل متابعة من المواطن المتضرر حتى الوصول إلى تحديد المسؤول والتعويض”.
وأشار مرقص إلى أن “هناك سوابق حصلت لمواطنين ادّعوا على السلطات المحلية، أي البلديات وعلى الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الأشغال العامة أو مجلس الإنماء والإعمار، وجرى تعويضهم نتيجة المراجعة القضائية”.
غياب السلامة المرورية
بدوره، وصف مدير مرصد السلامة المرورية في مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية، كامل إبراهيم، السلامة المرورية في لبنان بـ”المأساوية”.
وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ازداد الواقع تدهورا نتيجة غياب المقومات المرتبطة بالسلامة العامة والمرورية، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة”، مرجعا الأسباب إلى “غياب الإنارة بالطرق، وعدم تطبيق القانون، وغياب التوعية، والمعاينة الميكانيكية للسيارات”.
ودعا إبراهيم “الإدارات المعنية للقيام بالمجهود اللازم بالإمكانات الموجودة، ووضع خطة واضحة والانتظام بالعمل وتأمين الاستقرار السياسي، لتعود الإدارات الرسمية للقيام بواجباتها “.
في الوقت نفسه، نوه إبراهيم إلى “بعض الجهود الفردية لمبادرات إيجابية”، إلا أنه وصفها بـ”الحلول المؤقتة”، مختتما حديثه بالقول: “الوضع بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة تحافظ على حياة المواطنين المهددة بالخطر “.
الأمن الغذائي
في سياق متصل، حذر مسؤولون وخبراء صحيون في لبنان، من انتشار مرض السرطان بوتيرة أعلى في محافظة البقاع شرقي البلاد.
وفي ظل غياب الإحصاءات الرسمية، يقول السكان إن “السرطان يتغلغل في بلدات البقاعين الأوسط والغربي بشكل ملحوظ”، وسط تقارير تشير إلى أن “تلوث نهر الليطاني يعد أحد أهم أسباب انتشار المرض”.
انتشار الكوليرا
كما يعيش لبنان ظروفا محفوفة بالمخاطر جراء انتشار الكوليرا في المناطق القريبة من مخيمات اللاجئين السوريين.
وقال خبراء لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الحل يبقى بتأمين المياه النظيفة، والمستلزمات الصحية، واللقاحات، وتنظيف الحفر الصحية، لأن المخيمات هي المكان الأساسي الذي ينتشر فيه الوباء”.
سحب دواء هندي مكون من مادة إيثيلين غلايكول يثير الجدل في العراق