أبرزها حركة حماس التي دشنت الشهر الماضي حضورها في بغداد، عبر افتتاح مكتب لها في العاصمة العراقية برئاسة العضو في الحركة محمد الحافي. “نزوح جماعي إلى العراق”، هكذا يمكن وصف تحركات فصائل فلسطينية تدور في الفلك الإيراني
وعلى خطى حماس سارت حركة الجهاد، ذات العلاقة الأوثق بحماس، وكل من الجبهة الشعبية، والفصيل المنشق عنها القيادة العامة، وهما على عكس حماس والجهاد، تيارات يسارية غير إسلامية.
وخلال الأيام الماضية نشطت هذه المكاتب باستضافة ولقاء فصائل عراقية هي الأخرى توالي طهران.
وبعد أن كان الحديث عن انتقال إقامة هذه الفصائل على رأسها حماس إلى العراق مجرد تحليلات وتكهنات سياسية، بات أمرا شبه واقع.
فهل يحط التشتت الحمساوي في بغداد، بعدما بات ضيفا ثقيلا على الدوحة، وحتى أنقرة، إثر واقع الحركة المأزوم في غزة؟
التوجه إلى العراق لم يكن خيارا مستبعدا، وقد عززته تداعيات الحرب في غزة، التي شكلت ملامح جديدة لخارطة تحالفات المنطقة.
إذ شعرت الدوحة أن حماس باتت تشكل عبئا عليها في الأشهر الأخيرة، انطلاقا من ضعف نفوذ القادة المقيمين في قطر على القرار الحمساوي، وانعكاس ذلك على ضعف الدور القطري في الوساطة، ناهيك عن واقع الحركة المأزوم في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر.
لذا فإن خيار إخراج حماس من الدوحة، بات أمرا راجحا.
والأمر ذاته في أنقرة، التي فشلت محاولات نقل مقر حماس إليها، واكتفى الدور التركي بإقناع قطر بضرورة تحمل وطأة استضافة حماس ولو قليلا، إذ أن الأخيرة تسقط أكثر في الحضن الإيران.
لكن لماذا تنقل طهران حماس إلى العراق؟
في بغداد، تعتقد إيران أن بإمكانها الحفاظ على وحدة حماس، التي بات “حماسين اثنتين” على الأقل وربما أكثر، وفق تحليلات، إذ بات تماسك الحركة مهددا بالانشطار بين أكثر من محور وعاصمة.
وفي العراق، توسع إيران نفوذها في القضية الفلسطينية حد الاحتكار، خاصة عبر حماس التي من الممكن توظيفها في مخططات تستهدف دولا عربية في المنطقة، خاصة الأردن الذي شهد أكثر من حدث أمني خلال الأشهر الماضية.
ولطالما ثار الحديث عن تعاظم الدور الإيراني في حماس، منذ سيطرة زعيم الحركة يحيى السنوار على قرارها.
ولماذا بغداد وليس طهران؟
على الأرجح، لكي تبقي الفصائل الفلسطينية تحت أعينها، مع خاصية التنصل من العواقب، وهي المهارة التي تتقنها إيران.
أما العراق الرسمي والشعبي، فعليه وحده تحمل الأعباء الأمنية والاقتصادية، سواء عبر الدخول في متاهة تبرير المواقف لشركائه الإقليميين والغربيين، خاصة الولايات المتحدة التي تضع بعض هذه الفصائل على قوائم الإرهاب.
وكذلك قد تتعرض بغداد لعقوبات مالية حيال مسألة التحويلات، وتهم تمويل الإرهاب، وقد يبلغ الأمر تلقي ضربات عسكرية انتقامية من إسرائيل، وربما من غيرها.