اجراءات قانونية بحق “زينب بنت الديوانية” بسبب المحتوى الهابط

 

اتخذت لجنة محتوى الهابط في وزارة الداخلية، اليوم الاحد 7 تموز/ يوليو 2024، اجراءات القانونية بحق المدعوة “زينب بنت الديوانية” الامر الذي اصبح محل جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي 

وذكر مصدر أمني لصحيفة العراق  ان اللجنة وبناءً على قرار محكمة الكرخ المختصة بقضايا النشر والإعلام اتخذت الاجراءات القانونية بحق المدعوة (زينب بنت الديوانية)”.

هذا ويأتي هذا بعد 3 أيام من القبض على صاحبة مركز تجميل واوشام ضمن منطقة المنصور في بغداد المدعوة (حنونة حكومة) بتهمة المحتوى الهابط. كما قبلها بأسبوعين، اعتقلت السلطات الامنية، المغني السوري محسن الفراتي، بتهمة “المحتوى الهابط” في العاصمة العراقية بغداد، وفق أحكام المادة 403 من قانون العقوبات العراقي، وبناءً على الإجراءات المتخذة من قبل لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية.

منذ بداية العام الماضي 2023، تشن وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى حملة لملاحقة من اتهمتهم بنشر “محتوى هابط” في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى إثر ذلك صدرت مذكرات قبض وأحكام بالحبس بحق عدة أشخاص.

تعتمد وزارة الداخلية على نص المادة 403 من قانون العقوبات في العراق الصادر في العام 1969 والتي تنص على ما يلي: “يُعاقَب بالحبس مدّة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتاباً أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوماً أو صوراً أو أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الأداب العامة. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أعلن عن شيء من ذلك أو عرضه على أنظار الجمهور أو باعه او أجره أو عرضه للبيع أو الإيجار ولو في غير علانية. كل من وزعه أو سلمه للتوزيع بأية وسيلة كانت، ويعتبر ظرفًا مشددًا إذا ارتكبت الجريمة بقصد إفساد الأخلاق”.

جدلا كبيرا

أم اللول
أم اللول

أثار إعلان وزارة الداخلية العراقية تنظيم مسابقة شهرية لصناع “المحتوى الإيجابي”، الجدل مجددا في العراق بشأن محتوى مواقع التواصل الاجتماعي ومن يحدد ما إذا كان إيجابيا أم هابطا.

كانت وزارة الداخلية أعلنت الأسبوع الماضي، تنظيم مسابقات شهرية لصناع المحتوى الإيجابي، وقالت في بيان إن “وزارة الداخلية متمثلة بدائرة العلاقات والإعلام وفي إطار حرصها على تشجيع أصحاب المحتوى الإعلامي والفني الإيجابي من الفنانين والإعلاميين والمعنيين وعامة مواطنينا الكرام، تود أن تعلن عن مسابقة شهرية لصناع هذا المحتوى.”

وأوضحت أن الأمر “يتلخص في تجسيد فكرة عامة لصاحب المحتوى على شكل (فيلم) لا يتجاوز الدقيقتين أو أي محتوى آخر يرونه مناسبا لدعم عمل وزارة الداخلية وسعيها لتعزيز الاستقرار الأمني والسلم المجتمعي”، وأوضحت أن “مسابقة هذا الشهر هي لمكافحة جرائم المخدرات.”

وأشارت إلى أن الفائز الأول سيحصل على جائزة قدرها ثلاثة ملايين دينار، بينما سيحصل الفائز الثاني على مليوني دينار، ويحصل الفائز الثالث على مليون دينار.

تحظى منصتا “يوتيوب” و”تيك توك” برواج في العراق في أوساط صانعي المحتوى.

وينشر هؤلاء مقاطع خفيفة ومضحكة، وأحيانا إيحائية، لكنهم يطاردون بتهمة نشر محتوى “هابط”، الأمر الذي يعتبره ناشطون تكميما للأفواه وتهديدا للحريات الشخصية.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية منتصف يناير/كانون الثاني تشكيل لجنة مختصة لمحاربة “المحتوى الهابط” الذي “يخالف الأخلاق والتقاليد” في مجتمع لا يزال محافظا إلى حد كبير.

واعتبرت الوزارة في شريط فيديو ترويجي للحملة أن “هذا المحتوى لا يقل خطورة عن الجريمة المنظمة لأنه سبب من أسباب تخريب الأسرة العراقية والمجتمع.”

أحكام بالسجن

وصدرت أولى الأحكام في هذا الإطار بالسجن لمدة ستة أشهر بحق أم فهد، وهي صانعة محتوى يتابعها أكثر من 145 ألف شخص على تيك توك، بسبب مقاطع فيديو تظهر فيها بملابس ضيقة، وهي ترقص على أنغام موسيقى عراقية.

بعد ذلك بأيام، حُكم على عسل حسام، صانعة محتوى عراقية أخرى، بالسجن لمدة عامين بسبب تعليقات اعتبرت ذات دلالات جنسية وفيديوهات ترتدي فيها الزي العسكري بشكل يبرز جسدها.

في الإجمال، اعتقل أكثر من عشرة أشخاص بسبب “المحتوى الهابط”، وفقا لمسؤول في وزارة الداخلية فضل عدم الكشف عن هويته.

وأكد المسؤول أن منصة أقامتها الوزارة لغرض تسلم الشكاوى المتعلقة بمسألة المحتوى، تلقت حتى الآن 96 ألف بلاغ في هذا الشأن.

“مصطلحات فضفاضة”

في مدينة العمارة جنوبي العراق، استمع قاضي تحقيق أخيرا إلى أربعة أشخاص معروفين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة الإساءة “للآداب وللذوق العام وخدش الحياء”، وفقًا لبيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى.

ومن بين هؤلاء المتهمين المفرج عنهم عبود سكيبة، وله 161 ألف متابع على “تيك توك”، وهو معروف بمقاطع الفيديو الفكاهية التي يردد فيها كلمات تبدو ككلمات إنكليزية بلهجة أمريكية، لكنها غير مفهومة.

أما الآخر، فهو حسن الشمري الذي يتابعه أكثر من ثلاثة ملايين شخص.

يرتدي حسن في فيديوهاته جلابة ويضع حجابا أسود على شعره، متنكرا في زي امرأة، ويسمي نفسه “مديحة” التي تمثل شخصية امرأة عراقية قوية تتحدر من بيئة شعبية.

في الفيديو الأخير الذي نشره بعد إطلاق سراحه، أعلن أنه حذف بعض المنشورات التي تحتوى على “إساءة”، لكنه أكد أنه سيستمر في الإنتاج.

بالمجمل، اتخذ القضاء العراقي إجراءات بحق 14 شخصا في قضية المحتوى “الهابط”، صدرت بحق ستة منهم أحكام بالسجن، بحسب القاضي المختص بقضايا النشر والإعلام عامر حسن في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية.

وقال القاضي في المقابلة “بدأنا بالحالات التي يوجد إجماع على رفضها، موضحا أن “الحالات التي ليست بهذا الوضوح أي التي قد تختلط بين حرية التعبير وبين المحتوى المخالف للآداب، ستلجأ المحكمة إلى انتخاب خبراء مختصين” للبت فيها.

ويشرح مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية أنه “لا يوجد قانون للمحتوى الهابط، ليس من حق الدولة أن تتدخل في هكذا أمر.”

ويضيف “الدولة تعتمد على قانون العقوبات، والقانون يحتوي على مصطلحات فضفاضة ومطاطة مثل الآداب العامة وخدش الحياء، كلها قابلة للتأويل والتفسير، وبسببها يعتقل شخص لم يرتكب أي فعل سيء، وربما يفلت من خلالها شخص خالف القانون.”

وبعد عقود من الصراع والعنف الطائفي بعد الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003، عرف العراق استقرارا نسبيا على الرغم من النزاعات السياسية والعنف الذي يهزّ البلاد من وقت إلى آخر.

لكن القيود، لا سيما الاجتماعية، كبيرة على الحقوق، خصوصا تلك العائدة للنساء، وعلى الحريات والمعارضة السياسية، وهي تصطدم بثقافة أبوية قبلية محافظة جدا.

وشجبت بعثة الأمم المتحدة في العراق في يونيو/ حزيران الماضي”بيئة الخوف والترهيب” التي تحد من حرية التعبير.

ويقول سعدون، أن ليس هناك ما يبرر إقصاء صانعي المحتوى على الإنترنت، “ومحاولة تهديدهم ومن خلالهم نبعث رسائل للآخرين بضرورة أن يخففوا انتقادهم، بحجة المحتوى الهابط، أو بحجة الإساءة إلى الدولة.”

ويعتبر أن تلك الحملة “محاولة لجس النبض قبل الذهاب إلى مرحلة أخطر، وهي مرحلة محاسبة كل من ينتقد مؤسسات الدولة والسياسيين.”

في المقابل، يقول المحلل السياسي دكتور حيدر البرزنجي، إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ترمي إلى الضبط لا التقييد.

وأضاف البرزنجي في حديثه لنقطة حوار، أن هناك من يدعو للتحلل الأخلاقي وتشجيع الشباب على خلاف القيم المجتمعية المحافظة، وبالتالي وجب ضبط ووقف هذه الممارسات لأنها تسيء للمجتمع.

ولا يزال الجدل محتدما في العراق بخصوص المحتوى على مواقع التواصل ما بين مؤيد ومعارض للخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة.

عباس عبود من المؤيدين لإجراءات الحكومة العراقية غرد قائلا: “أدعو الخارجية العراقية لمعالجة المحتوى الساقط والحد من الفتن التي يثيرها مرضى نفسيون يتطاولون على العراق ورموزه وقادته بحجة انهم إعلاميون، لكنهم يسيئون للعلاقات العراقية مع دولهم بلا مبرر”.

في المقابل، قال أحمد عياش السامرائي في تغريدة، وهو من المنتقدين لإجراءات الحكومة لأنها لا تطال الجميع: “عشرون عاما مضت ونرى فيها كل يوم محتوى هابطا يقدمه لنا ساسة الصدفة وزعماء العمل السياسي ورجال حُسبوا على الدين.”

وأضاف “نعرات طائفية، تمييز عنصري، تحريض على العنف، وغيرها، جميعها أضرت بالمجتمع وأحدثت انقسامات داخله، وشوهت صورته.”

وتابع “أنا شخصيا مع الإجراءات التي اتخذها القضاء العراقي… مع صانعي المحتوى، لكن للإنصاف، لم يكن محتواهم أكثر هبوطا مع من ذكرتهم أعلاه.”

حكم قضائي على الراقصة والتيكتوكرز الشهيرة “أم اللول”