1 | طريق طهران – دمشق ليست سالكة
|
فاروق يوسف
|
العرب |
الخطة الإيرانية تقضي أن يكمل الحشد الشعبي اليوم ما بدأ به حزب الله بالأمس. وهي خطة ولدت ميتة كما يُقال. ذلك لأن أي قوة محلية مهما أوتيت من قدرات لا يمكنها أن تضع يدها على الطريق التي تصل الحدود العراقية بالعاصمة السورية.
بعد قمم الرياض التي وضعت إيران في مكانها الحقيقي دولة راعية للإرهاب بات واضحا بالنسبة للإيرانيين أن الأوضاع الإقليمية والدولية لا تشجع على ظهورهم العلني قوة إقليمية منافسة لقوتي الردع الأميركية والروسية.
وهو ما دفعهم إلى إعادة النظر في خططهم للحفاظ على مصالحهم السياسية التي لا تخفي طابعها الطائفي، بل تظهره أكثر مما يتحمل الواقع.
ذلك لأن ما حققته إيران من اختراقات في المنطقة خلال العقود الثلاثة الماضية انتهى إلى قيام ميليشيات خارجة على القـانون بسلاحها مـثل حزب الله اللبناني من غير أن يؤدي إلى بناء كيانات سياسية يمكن التعويل عليها مستقلا.
لا تزال تلك الميليشيات تعتاشُ على ما توفره لها طهران من أسباب حياة وقوة، وهو ما يعني أنها ستواجه مصيرها مفلسة وخاوية إذا ما انقطعت عنها سبل التمويل الإيراني المبـاشر.
وكمـا يبدو فإن نظام الملالي في طهران لم يخطط في المراحل السابقة إلا لإنشاء قوى تابعة له، تكون بمثابة أدواته لنشر الفوضى في العالم العربي، يلجأ إلى تحريكها حين يضيق بأزماته الداخلية أو حين يتعرض لضغوط خارجية.
وكما عبر مسؤولون في النظام الإيراني فإن تلك الجماعات الملحقة بالحرس الثوري هي الأذرع التي تقاتل إيران بها الآخرين.
الأمر الذي يقود إلى حقيقة أن الإمبراطورية الفارسية التي تدين بالولاء للولي الفقيه هي أشبه بالأخطبوط. إيران هي الجسد أما الجماعات الموالية فما هي إلا أذرع ميتة لا تدبُّ الحياة فيها إلا حين يحتاج ذلك الجسد للدفاع عن نفسه.
وهكذا يكون النظام الإيراني قد نجح في مرحلة سابقة في إقامة منظومته الدفاعية على حساب إمكانية أن تقوم حياة طبيعية في جزء مهم من العالم العربي، وهو الجزء الذي صار موضع اشتباك دولي، حاولت إيران أن تجد لها موقعا فيه من غير أن تحقق نتائج مؤكدة.
اليوم تشعر إيران جديا بأن أذرعها مهددة بالقطع. وهو ما يجعلها تستعد للبدء في تنفيذ خطة تتيح لها الاستمرار قوة إقليمية، لكن من خلال وصل ما يمكن أن ينقطع من خطوط بين جماعاتها المسلحة في المنطقة، بعضها بالبعض الآخر وهو ما يمكن أن نفهمه من تصريح أحد مسؤولي الحرس الثوري من أنهم يستعدون لاستعمال ميليشيات الحشد الشعبي العراقية في مهمات قتالية خارج العراق.
ما هو ملحّ ومصيري في هذه المرحلة أن يتم تأمين طريق بغداد – دمشق، أما طريق دمشق – بيروت فقد تم تأمينها عبر سنوات الحرب الماضية من خلال إطلاق يد حزب الله للإمساك بالأرض بعد معارك اتسم بعضها بسياسة الأرض المحروقة.
تقضي الخطة الإيرانية أن يكمل الحشد الشعبي اليوم ما بدأ به حزب الله بالأمس. وهي خطة ولدت ميتة كما يُقال. ذلك لأن أي قوة محلية مهما أوتيت من قدرات لا يمكنها أن تضع يدها على الطريق التي تصل الحدود العراقية بالعاصمة السورية.
فكيف إذا كانت تلك القوة ميليشيا كان قد جرى تلفيقها لأسباب طائفية انهارت فيه مقومات الوعي الوطني.
هذا من جهة ومـن جهة أخـرى فإن المنطقة التي تخترقها تلك الطريق تشهد سباقا محموما بين قوى كبرى، صارت تستشعر الخطر الذي يمثله استمرار الميليشيات التابعة لإيران في تلقي الدعم المادي من إيران، فمن خلال تلك الميليشيات لا يمكن الحديث عن مسألة تحجيم إيران واحتـوائها وإنهـاء دورهـا الضار في المنطقة.
بناء على تلك المعطيات فإن الطريق إلى دمشق لن تكون سالكة أمام أي قوة تدفع بها إيران في مغامرة خاسرة. فالحرب هنـاك ليست نـزهة، كما أن الحشد الشعبي الذي يعرف العسكريون الإيرانيون مدى هزاله أكثر من غيرهم، إنما يتألف من عاطلين عن العمل أجبرتهم ظروفهـم المعيشيـة على الالتحـاق بالميليشيات الطائفية فهم ليسوا سوى جنود شطرنج.
قد يقاوم حزب الله نهايته بعض الوقت إذا ما أغلقت أمامه أبواب التمويل الإيراني. في تلك الأثناء سيكون كل شيء في طهران قد عاد إلى الصفر.
فنهاية حزب الله تعني انطفاء الحلم الإيراني في إخضاع المنطقة لمزاج الولي الفقيه. |
|||
2 | استقبال بول بريمر
|
وليد الزبيدي
|
الوطن العمانية |
في ذات اليوم الذي وصل فيه الحاكم الأميركي بول بريمر إلى العراق ليمسك بالسلطة خلفا للجنرال جي جارنر، وكان ذلك يوم الاثنين (12/5/2003)، تمكنت المقاومة العراقية في ذلك اليوم من قتل اثنين من قوات المارينز في بغداد، وكان أول تقرير يتم تقديمه إلى بريمر قد تضمن مقتل هؤلاء، وفي ذلك اليوم كتب صحفيون أميركيون مانصه (بعد أكثر من شهر على سقوط العاصمة العراقية، ما زال الأمن غائبا عن المدينة، ولا تمر ساعة من دون إطلاق رصاص أو سماع أصوات إنفجارات). هذا ما كتبه الصحفي الأميركي باتريك تايلور- في صحيفة نيويورك تايمز- الثلاثاء (13/5/2003) ونجد فيه اعترافا صريحا عن أوضاع قلقة ومرتبكة في بغداد العاصمة، التي يتواجد فيها الصحفيون الأميركيون وسواهم، وذلك في الجملة التي وردت ضمن رسالته الصحفية ويقول فيها (لم ينقطع سماع إطلاق الرصاص ودوي الانفجارات). وصل مع بريمر ريتشارد مايرز رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية في رحلة كانت الكويت اولى محطاتها ثم البصرة، وتحدث أمام الصحفيين (لا أتوقع أي مشاكل في العراق مع هذا التغيير، وأننا سننخرط مع الاشخاص المعنيين في العراق في عملية مناقشة الفترة الانتقالية التي تسبق تشكيل الحكومة العراقية، وذلك خلال مدى زمني لم يتحدد بعد، وأننا لسنا هنا كقوة استعمارية، نحن هنا كي نعني بأمر الشعب العراقي، بأسرع وقت ممكن. أما جنود المارينز الذين قتلتهم المقاومة العراقية في نفس يوم وصول بريمر وريتشارد مايرز فهما كل من (جاكوب هنري كوكيزن، 21 عاما من قوات المارينز، وجو فرانسيس غونزاليس والبالغ 19عاما) وغونزاليس من كاليفورنيا وعُين في كتيبة التموين 101 قوة دعم الفرقة، وهو في الأساس كان مهاجرا مكسيكيا، ومن المتفوقين في دراسته، وبعد سماع مقتله في العراق على أيدي المقاومة العراقية قالت مديرة مدرسة كرانيلو (أكره أن أفقد طلاب المدرسة بهذه الطريقة). تواصل نشاط المقاومين في اقصى جنوب العراق ففي شهر مايو2003، قُتل أربعة جنود بريطانيين من قواتهم المتمركزة في مناطق جنوب العراق، بالإضافة إلى (أندرو كيلي) الذي تحدثنا عنه، فقد سقط قتيلا أحد جنود المدفعية وهو (دنكان جيفري بريتشارد، وأردته المقاومة العراقية في مدينة البصرة في (8/5/2003)، ويعمل ضمن سلاح الجو الملكي البريطاني وعمره 22عاما كان ضمن السرب16، وأصدرت وزارة الدفاع بيانا أعلنت فيه مقتل دنكان، ولم تتوقع عائلته تسلم هذا الخبر السئ، بعد أن استمعت مثل جميع البريطانيين إلى تصريحات رئيس الوزراء توني بلير، التي قال فيها إن العراق أصبح بلدا امنا، وإستمع هؤلاء إلى خطاب بوش في الاول من مايو وتصريحات دونالد رامسفيلد التي أطلقها نهاية ابريل من بغداد، وقُتل كذلك (ليونارد هارفي 55 عاما، وهو عضو في خدمة الاطفاء التابعة لوزارة الدفاع البريطانية بعد إصابته بهجوم شنته المقاومة العراقية في مدينة البصرة، وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية وفاته في (22/5/2003)، وقبله بثلاثة ايام تم الإعلان عن مقتل (العريف ديفيد شيبرد 34 عاما الذي ينتمي إلى سلاح الجو البريطاني).
|
|||
3 | خط عمان – بغداد و«طهران» أيضا؟!
|
حسين الرواشدة
|
الدستور الاردنية |
يبدو ان خط عمان – بغداد سالك بصعوبة، صحيح ان لدى بعض المسؤولين العراقيين الرغبة في تعبيد هذا الطريق وفتحه للتجارة والسياسة معا، وصحيح ان الأردن يتفاعل بجدية مع “الازمة” العراقية، ويحاول ان يجد اختراقاً لها ولو كان على طاولة “حوار” للتوافق بين مختلف الاطياف هناك، لكن الصحيح ان ثمة ثلاث “حواجز” مؤثرة تقف في وجه كل محاولة انفتاح او انفراج في هذه العلاقات بين الدولتين الشقيقتين.
الحاجز الأول تمثله بعض القوى الداخلية العراقية التي أعلنت أكثر من مرّة انها لا ترغب في تطبيع العلاقات مع الأردن، هذه الشخصيات اصحبت معروفة وتحمل اجندة مفهومة في سياق ما يحدث في العراق من “صراعات” طائفية ومذهبية، وربما تعتقد ان المواقف الأردنية “المتوازنة” لا تصب في مصلحتها، وبالتالي فإنها تتعامل بمنطق من ليس معنا بالمطلق فهو ضدنا.
الحاجز الثاني هو التنظيمات الطائفية المسلحة التي تمثل “نزعة” مذهبية، وهي تجسد الرؤية السياسية للقوى التي أشرنا اليها سلفاً، وهذه وصلت الى الحدود العراقية المتاخمة لكل من الأردن وسوريا في إطار محاولتها “ترسيم” الممر من طهران الى البحر المتوسط، ويشكل امتدادها على الحدود خطراً بالنسبة للأردن اولاً وللعلاقات الأردنية العراقية ثانياً، وإذا اضفنا لذلك هجمات تنظيم داعش التي استهدفت معبر “طربيل” على الحدود بين الأردن والعراق فإن تنظيمات “الإرهاب” بمختلف تصنيفاته يشكل حاجزاً بين البلدين.
يبقى الحاجز الثالث والاهم وهو “طهران”، هنا نحتاج الى قفة طويلة تتعلق بأكثر من جانب، الأول هو النفوذ الإيراني في العراق، هذا النفوذ ربما تختصره تصريحات وزير الدفاع الإيراني التي أشار فيها الى ان العراق أصبح جزءاً من الإمبراطورية الفارسية، ورغم ان لدى بعض المسؤولين العراقيين “الرغبة” في تجاوز هذا النفوذ او “تحييده” على الأقل الا ان عوامل وحسابات كثيرة تحول دون ذلك، اما الجانب الثاني فيتعلق بما جرى على صعيد العلاقات الأردنية الإيرانية التي تعرضت في الشهور الماضية “لإصابات” عديدة افرزت حالة من “الاستقصاء” والشدّ، وبالتالي فإن “انسداد” خط عمان بغداد له علاقة مباشرة “بطهران” وحساباتها في المنطقة، وخاصة في ملفين متداخلين مرتبطان بالأردن : الأول الأوضاع في سوريا وتحديدا في البادية السورية الجنوبية، والثاني الحرب على الإرهاب وموقف الأردن من تصنيف التنظيمات الإرهابية.
السؤال: كيف يمكن ان يتعامل الأردن مع “الخط” العراقي؟ هل سيجد نفسه مضطراً للمرور “بمحطة” طهران حتى يصل الى بغداد؟ ام انه ثمة بدائل أخرى يمكن ان “تكسر” الحواجز التي ساهمت في اغلاق الطريق بين البلدين؟
لا استطيع ان اقدم أي إجابة حاسمة لكن لدي ملاحظتين: الأولى هي ان حسابات المصالح الأردنية لا تتطابق مع حسابات “النوايا” والاهداف الإيرانية، وبالتالي فان مسالة المرور من طهران تحتاج من عمان الى “تفكير” خارج الصندوق، واعتقد ان المناخات الان لا تسمح بذلك نظراً لاعتبارات عديدة تحكم الرؤية الأردنية للمنطقة والدور الإيراني فيما يجري من احداث، أما الملاحظة الثانية فتتعلق بما يجري من تحالفات واصطفافات دولية افرزتها زيارة ترامب للمنطقة، وهي تتعلق تحديدا بالتسوية الإقليمية القادمة التي تفرض على الدول ( ومن بينها الأردن) اضطرارات او خيارات معينة، والموقف الأردني محكوم هنا بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن “المسألة” الإيرانية بالنسبة للأردن ستبقى معلقة او “قيد البحث” لمدة طويلة نسبياً.
تبقى ملاحظة ثالثة وهي ان “الانفتاح” على العراق، سواء من قبل الدول العربية المحسوبة على خط “الاعتدال” ومن ضمنها السعودية والأردن سيساهم بلا شك في تقوية التيار “العربي “هناك، وسيسمح بمرور عجلات السياسة وبدرجة أفضل عجلات الاقتصاد من عمان الى بغداد، كما ان دور العشائر العراقية التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الأردن سيدفع باتجاه إيجابي، خاصة إذا ما تم تحرير الموصل من داعش وتمكن العراقيون من الوصول الى “توافق” ينهي حالة الانقسام في هذا البلد الشقيق. |
|||
4 | الأردن يفك الحصار عن العراق
|
منار الرشواني |
الغد الاردنية |
بكل معطياتها، يبدو ممكناً تماماً القول إنها لم تكن مجرد مباراة كرة قدم تلك التي جمعت، يوم الجمعة الماضي، منتخب “النشامى” ونظيره العراقي في مدينة البصرة تحديداً. ولعل الأهم هنا هو ذاك الحضور الجماهيري الذي غصت به مدرجات ستاد جذع النخلة. حتماً جاء أكثر من ستين ألف متفرج عراقي إلى الملعب لمشاهدة منتخبهم الوطني يخوض مباراة دولية على الأرض العراقية، بعد طول حرمان لشعب عاشق للعبة، قدم على مدى عقود بعضاً من أروع المواهب العربية والإقليمية وبمستوى عالمي. في الوقت ذاته، وإزاء الاحتفاء الشعبي خصوصاً –ولو بحضور المباراة ضمن أعلى درجات التنظيم والانضباط- لا يغدو مبالغة القول إن آلاف المشجعين على الأقل، إن لم يكن جميعهم، قد جاؤوا أيضاً احتفالاً بلقاء أشقائهم الأردنيين وهم يكسرون حصاراً عربياً ظالماً على بلاد الرافدين، فرضه أساساً من ادعوا أن الانتصار للقومية العربية يكون بهكذا حصار، على كل المستويات، وترك العراق العربي نهباً لكل من هو غير عربي. وحتى إن بدا في الأمر مبالغة، فإنه سيظل صحيحاً تماماً أن العراقيين جميعاً، وليس البصريين فقط، لن ينسوا أبداً أن من أعاد إليهم أحد أسباب فرحتهم، ولو لمدة تسعين دقيقة، وسط كل هذه القسوة والبؤس، لم يكن إلا المنتخب الأردني. وأهم من ذلك أنه حضر إلى العراق ليس امتثالاً لقرار اتحاد دولي أو سواه، بل جاءت المبادرة برغبة أردنية خالصة، وبجهد كبير من سمو الأمير علي بن الحسين، لرفع الحظر عن فرحة العراقيين على الأرض العراقية. هي مباراة قدم طبعاً. لكنها تظل تأكيداً على أن العراقيين يتوقون إلى العودة إلى التواصل مع محيطهم ككل على أساس وطني عراقي، وليس طائفي أبداً. وهو ما يعيد بدوره التأكيد على أن ما يحتاجه العراقيون، أسوة بالشعوب العربية ككل وأبعد منها، هو قيادة بالأمل والسعي إلى الإنجاز، بما يضمن الوحدة الوطنية فعلاً، وليس كما كانت الحال في العهد الماضي: وحدة طائفية قائمة على خوف الجميع من الجميع، انتهت كما نرى إلى تهتك الوحدة الوطنية وتدمير العراق ككل، بحيث لا يستفيد إلا أمراء الحروب. هي مباراة كرة قدم. لكن في زمن الكوارث الكبرى، فإن ما قد يكون العراق في أمس الحاجة إليه أساساً هو مثل هذه المبادرات غير السياسية بالضرورة. إذ إن المبادرات الرياضية والثقافية هي التي تطغى عليها السمة الإنسانية الجامعة، بغض النظر عن أي انتماءات قومية أو دينية أو طائفية، وهي المبادرات التي تمس أغلبية الشعب العراقي. بهذا المعنى، يكون الأردن، ممثلاً بمنتخبه الوطني لكرة القدم، لم يشارك فقط في إعلان انهاء الحظر على الملاعب العراقية، بل دشن إنهاء الحصار العربي الإقليمي على العراق ككل. وبدهي أن استكمال هذا الإنجاز يقتضي مزيداً من المبادرات العربية التي تشيع الأمل الجامع عراقياً وعربياً وإقليمياً. |