فاجئت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ،الاثنين، العالم حين كشفت أنها سجلت أكثر من 4200 سرقة أو حوادث أخرى المواد النووية وغيرها من المواد المشعّة على مدار ثلاثين عاماً، داعية إلى “اليقظة” لمواجهة تهريب تلك المواد.

وقالت الوكالة إن 31 دولة أبلغت العام الماضي عن 168 حادثاً، بينها ستة حوادث “من المحتمل أن تكون مرتبطة بالإتجار أو الاستخدام الضار”. ومنذ عام 1993، سجلت الوكالة 4243 حادثة، 350

قد يكون منها مرتبطة أو من المحتمل أن تكون مرتبطة بالاتجار أو الاستخدام الضار. وقالت مديرة الأمن النووي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ايلينا بوغلوفا، إن “تكرار الحوادث يؤكد الحاجة إلى اليقظة والتحسين المستمر للرقابة التنظيمية لمراقبة المواد المشعّة وتأمينها والتخلص منها بشكل صحيح”. ولاحظت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انخفاضا في الحوادث المتعلقة بالمواد النووية،

مثل اليورانيوم والبلوتونيوم والثوريوم. لكن بوغلوفا حذرت من أن المواد النووية تبقى عرضة للخطر خصوصا أثناء النقل، مشددة على “أهمية تعزيز إجراءات أمن النقل”. وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومقرها فيينا، هذه البيانات أثناء افتتاح مؤتمرها الدولي الرابع حول الأمن النووي، والذي يستمر حتى الجمعة في العاصمة النمساوية. وعقد المؤتمر السابق أيضًا في فيينا في عام 2020. وتصل إلى الوكالة حالياً تقارير من 145 دولة حول الحوادث التي تشمل فقدان أو سرقة مواد نووية أو غيرها من المواد المشعة، أو حوادث مرتبطة بإهمالها أو التخلص منها بشكل غير صحيح. ويستخدم العديد من المواد المشعة في المستشفيات والجامعات وفي معامل ومصانع في جميع أنحاء العالم. ويبقى مصدر القلق الأكبر أن تحصل على هذه المواد جماعات متطرفة، لاستخدامها في صناعة “قنبلة قذرة”. و رغم أن الأضرار والخسائر البشرية التي تسببها مثل هذه “القنبلة القذرة” محدودة نسبياً مقارنة مع الضرر الناجم عن القنابل الذرية الانشطارية أو الاندماجية، إلا أنها لا تزال قادرة على أحداث هلع جماعي.

تهريب أسرار نووية من أوكرانيا ووقوعها بيد المافيا أو المتطرفين

 تهريب أسرار نووية من أوكرانيا ووقوعها بيد المافيا أو المتطرفين
تهريب أسرار نووية من أوكرانيا ووقوعها بيد المافيا أو المتطرفين

مع التحاق مرتزقة من دول العالم للانضمام للحرب في أوكرانيا، فريق يقاتل الى جانب الاوكرانيين بدعوة من الغرب وآخر الى جانب الروس بدعوة من موسكو، تتصاعد المخاوف من زيادة استقطاب أكثر المجموعات الاجرامية والمتطرفة في العالم للتواجد في بلد نووي، في ظل رواج بروباغندا عالمية منقسمة تشجع على النفير الى الأراضي الأوكرانية فيما يشبه دعوة للمشاركة في حرب مقدسة تحت شعارات ومبررات مختلفة.

وحسب رصد إدارة المخاطر في مركز (csrgulf) يلوح في الأفق قلق إزاء تداعيات التحاق مجموعات متطرفة وتنظيمات إجرامية الى أوكرانيا واحتمالات تتسلل مافيا الاتجار النووي واستيلائها على تقنيات نووية واشعاعية من منشآت نووية أوكرانية بقصد التهريب وبيعها في السوق السوداء كخطوة متوقعة لا يتم استبعاد اقدام بعض التنظيمات الاجرامية عليها من أجل الاستثمار في الحرب والفوضى المندلعة وتحقيق فوائد مادية قصوى في منطقة تصنف بين أكثر المناطق الأوروبية التي تشهد استخدامات الطاقة النووية فيها انتشارا واسعاً. حيث ينشط تجار الحروب بشكل كبير في مثل هذه الظروف من أجل تحقيق مكاسب كبيرة.

ورغم تطمينات الروس وإعلان تواصلهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية[1] حول تأمين المنشآت النووية من أي ضرر او اختراق، تبقى هناك هواجس مقلقة من إمكانية تعرض بعض المواد والمعطيات النووية للسرقة في ظل حرب الكر والفر ومحدودية المعلومات حول هوية المسيطر على الأرض.

وباعتبار أن المواد النووية تعتبر الأكثر قيمة في السوق الدولية تبرز مخاوف من وجود مخاطر محتملة حول وجود سعي من تنظيمات إجراميه للحصول على مثل هذه المواد الخطيرة عبر سرقتها من اجل بيعها مشتغلين الارباك الأمني وظروف الحرب وعدم تامين الحدود والاستفادة من تدفق اللاجئين الامر الذي يسهل تهريب مثل هذه التقنيات والاسرار الخطيرة.

واعتبرت أوكرانيا منذ سنوات أكثر وجهة في العالم تتسابق اليها عصابات الاتجار النووي بقصد تجارة المواد النووية الخطرة[2]، يذكر ان أوكرانيا بين أكثر الدول الأوروبية احتضانا لأكبر محطات نووية ذات استخدامات للطاقة الكهربائية.

ومع وجود تقارير تحذر من تنازع روسي أوكراني حول السيطرة على بعض المنشآت النووية، تزايد المخاوف من إمكانية اختراق بعض التنظيمات الاجرامية لهذا المنشآت وسرقة بيانات او مواد نووية وعرض بيعها في السوق السوداء ما يثير المخاوف من وصول المتطرفين او دول لهذه التقنيات التي قد تساعد على تطوير أسلحة دمار شامل.

ومثلت سيطرة روسيا على كل من المحطتين النوويتين تشيرنوبيل وزابوريجيا الأكبر في أوروبا[3] انذارا خطيرا استدعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيادة التنسيق مع روسيا وأوكرانيا لتأمين هذه المنشآت ومنع تضررها أو اختراقها لمنع حدوث كارثة انسانية، حيث يمثل خطر التسرب الاشعاعي أو سرقة بيانات ومعدات نووية أكبر هاجس للوكالة.

وفقًا لبيانات مجموعة علوم وتكنولوجيا الدفاع(DSTO)الأسترالية تم اعتراض تهريب اليورانيوم المنخفض التخصيب في أكثر من مناسبة خلال العقد الماضي في منطقة البحر الأسود وتم اعادته لمنشئه الأصلي في أوكرانيا. خلال السنوات الماضية تم مصادرة اليورانيوم منخفض التخصيب في تركيا وأوكرانيا ورومانيا وجورجيا، مع الإشارة الى ان روسيا وكازاخستان وأوكرانيا بلدان المنشأ المحتملة. تشير أنماط التهريب إلى أن المواد النووية قد تم نقلها الى تركيا كوجهة مؤقتة لليورانيوم المهرّب من الجهوريات السابقة للاتحاد السوفياتي. تؤكد هذه الحوادث أن المجرمين استخدموا دول منطقة البحر الأسود كممرات تهريب[4].

خلال العقدين الماضيين تم تسجيل ما يقرب من نصف حوادث التهريب والاتجار النووي في روسيا. وسجلت أوكرانيا ثاني أكبر عدد حوادث تهريب المواد النووية في أوروبا، بينما احتلت تركيا المرتبة الثالثة، تليها جورجيا ورومانيا. سجلت السلطات الأوكرانية على سبيل المثال نحو 112 سرقة لمصادر إشعاعية و95 حالة تهريب أخرى في الفترة ما بين 1989-2012[5].

وهناك مخاوف من اقبال شرق اوسطيين على مناطق النزاع في أوكرانيا للقتال الى الجانب الروسي، وقد يمثل بعض هؤلاء عناصر إجرامية قد تبحث عن الاتجار النووي كونه اهم نشاط مربح خلال الحرب الدائرة، وهو ما يدعو السلطات عبر الحدود لزيادة تشديد المراقبة على الدخول والخروج خلال الفترة المقبلة مغبة محاولة تهريب اسرار نووية من أوكرانيا.

الإيرانيون أوالمتطرفون هل يهتمون بالأسرار النووية الأوكرانية؟

تظهر عدة تقارير أن عملاء المخابرات الإيرانية شاركوا بنشاط على امتداد العقود الماضية في عمليات شراء سرية للمواد والتكنولوجيا النووية. في عام 1993، ألقت الشرطة التركية القبض على العديد من المهربين مع ثلاثة من عملاء المخابرات الإيرانية بحوزتهم 2.5 كجم من اليورانيوم. وفي حالة أخرى ظهرت في عام 2000، ألقت شرطة كازاخستان القبض على ثلاثة مشتبه بهم وبحوزتهم 4 كيلوغرامات من كريات وقود اليورانيوم منخفض التخصيب كانت متجهة إلى إيران. تشير التقديرات الرسمية إلى أن إيران تبعد 5 إلى 10 سنوات عن امتلاك سلاح نووي وفقًا لتوقعات قدرتها على التخصيب بالطرد المركزي. ومع ذلك، يمكن لإيران تقصير هذا الإطار الزمني من خلال الحصول على اليورانيوم عالي التخصيب أو البلوتونيوم عبر قنوات السوق السوداء[6]. وفي حال تسريب تقنيات نووية غير آمنة في أوكرانيا لمثل هذه السوق فقد تنشط المخابرات الإيرانية من اجل الاهتمام بالحصول عليها مقابل أي ثمن.

على صعيد آخر، خلصت الدراسات الحكومية الغربية مرارًا وتكرارًا إلى أن الجماعات الإرهابية في العالم وفي الشرق الأوسط قد تبحث عن القدرة التقنية النووية والتي قد تشكل بها تهديدا مباشرا للأمن القومي الدولي. وبشكل أكثر تحديدا، فإن حقيقة محاولة تنظيم القاعدة الإرهابي أو تنظيم داعش لامتلاك مواد نووية تشير إلى مخاوف من انتشار نووي غير خاضع للرقابة من خلال السرقة والتهريب.

التفجيرات النووية الخمسة

لا شك أن أجواء الحرب الروسية على أوكرانيا قد أحضرت معها من جديد أخطار الحرب النووية، بخاصة بعد تلويح سياسيين روس، على رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، باستخدام السلاح النووي إذا تعرضت روسيا أو مصالحها للخطر.

أجرى الاتحاد السوفياتي السابق أول تجربة تفجيرية نووية له في 29 أغسطس/آب عام 1949، أي بعد 4 سنوات من تفجير القنبلة الذرية الأميركية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين نما المخزون السوفياتي من السلاح النووي بسرعة، وبلغ ذروته في عام 1986 بنحو 40 ألف سلاح نووي، وفي أثناء تلك الفترة طوّر الاتحاد السوفياتي أكبر القنابل في التاريخ.

قيصر الاتحاد السوفياتي

لا شك أن أهم تلك القنابل وأكثرها شهرة قنبلة القيصر (Tsar Bomba) أو قنبلة إيفان الكبير كما يسميها الروس، وهي قنبلة هيدروجينية ذات 3 مراحل، في الأولى منها تم تفجير قنبلة نووية عادية لتوليد الحرارة الهائلة التي يتطلبها تحفيز الاندماج النووي لنظائر الهيدروجين في المرحلتين التاليتين. وأدت هذه القنبلة إلى قوة هائلة قدّرت بأكثر من 50 ميغا طن.

في السلاح النووي، يُقدّر حجم الطاقة الخارجة بالكمية المقابلة من مادة “ثلاثي نترو التولوين” (TNT) (تي إن تي) التي ستولد الكمية نفسها من الطاقة عندما تنفجر. ومن ثم، فإن السلاح النووي الذي يعطي كيلوطنا واحدا هو السلاح الذي ينتج كمية الطاقة نفسها في انفجار كيلوطن (ألف طن) من مادة “تي إن تي”.

وبالمثل، فإن السلاح الذي تبلغ قوته ميغا طن سيكون له طاقة تعادل تفجير مليون طن من مادة تي إن تي، وذلك يعني أن قنبلة القيصر أعطت طاقة تساوي أكثر من تفجير 50 مليون طن من هذه المادة.

ولفهم الأثر الهائل لتلك القنبلة يكفيك أن تعرف أن القنبلة اليدوية الشهيرة في الحروب، التي تظهر في كثير من الأفلام، تحتوي فقط على ما مقداره 50-60 غراما من ثلاثي نترو التولوين.

نتائج هذه التجربة النووية، التي أجريت في صباح يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 1961 بمنطقة نوفايا زمليا، وهو أرخبيل يقع في المحيط المتجمد الشمالي في شمال روسيا، كانت مذهلة ومخيفة جدا في الوقت نفسه، حيث بلغ ارتفاع السحابة الناتجة عن الانفجار 64 كيلومترا في السماء، وبلغ عرضها 40 كيلومترا، وشوهد الانفجار على مسافة ألف كيلومتر.

4 كوارث أخرى

أما في الفترة الواقعة بين الخامس من أغسطس/آب إلى 27 سبتمبر/أيلول من عام 1962، فقد أجرى الاتحاد السوفياتي سلسلة من 3 تجارب للأسلحة النووية، في المنطقة نفسها التي انطلقت فيها “القيصر”، وسميت التجارب رقم 173 و174 و147، وأنتج كل من هذه الانفجارات الثلاثة قوة مقدارها 20 ميغا طن.

وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 1962 أجرى الاتحاد السوفياتي ما سمي “الاختبار رقم 219” (Test #219) في المنطقة نفسها، وكان ناتج هذه القنبلة أقل قليلا من نصف القيصر، أي نحو 24.2 ميغا طن.

وتعدّ هذه القنابل الخمس؛ القيصر ثم الاختبار رقم 219 ثم الاختبارات الثلاثة 173 و174 و147، أقوى انفجارات نووية في تاريخ البشرية، ويكفيك أن تعرف أن الطاقة الناتجة من انفجاري هيروشيما وناغازاكي قدّرت بنحو 15إلى 20 ألف طن فقط.

أميركا في المركز الثاني

أما التجربة الأميركية “كاسل برافو” (Castle Bravo)، فقد أجريت في حلقية بيكيني، وهي عبارة عن شعب حلقي في جزر المارشال في المحيط الهادي، تم تفجير القنبلة في 28 فبراير/شباط 1954، وكانت أكبر انفجار نووي أميركي على الإطلاق.

وأنتجت هذه القنبلة انفجارا انشطاريا بقوة 15 ميغا طن، وهي أكبر قنبلة نووية تم تفجيرها في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، تلتها بعد ذلك “كاسل يانكي” (Castle Yankee)، التي تم تفجيرها في الخامس من مايو/أيار 1954 في الموضع نفسه، وأصدرت طاقة تعادل 13.5 ميغا طن.

يعمل كل من الاندماج النووي والانشطار النووي بمبدأ واحد، هو تحويل قدر يسير جدا من المادة إلى قدر هائل جدا من الطاقة، حسب نظرية أينشتاين النسبية الشهيرة، وينتج ما يقرب من 85% من طاقة السلاح النووي انفجارا صدميا وطاقة حرارية، أما الـ15% فتنطلق كإشعاع نووي قاتل، يمتد أثره على مدار سنوات بعد التفجير.

القنبلة النووية خطر محدق في وجه البشرية، ولا يمكن لأي دولة في العالم كله تحمل الخسائر الناتجة عن تفجير نووي واحد، فما بالك بحرب كاملة!

منها قضية السائل المنوي | إليك قصص أغرب 10 سرقات في التاريخ البشري

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد