قدرت وزارة التخطيط عدد سكان مدينة بغداد بتسعة ملايين نسمة خلال العام الحالي 2023، وهو الرقم الذي يمثل وفقاً للعديد من المراقبين “تضخماً” سكانياً هائلاً أدى إلى حدوث قصور في الخدمات الأساسية، لاسيما الصحية والتعليمية، رافقها غياب تام للتخطيط الستراتيجي الذي يمكن أن يضمن مواجهة هذا التوسع البشري، الذي تسبب أيضاً بحسب مختصين بالشأن الاقتصادي بتضخم سعري في الوحدات السكينة والسلع والمواد، وادى إلى حصول تلوث بيئي واختناق مروري.

وعلى الرغم من الآثار التي يمكن أن يخلِّفها التضخم البشري في المدن، بيد أن ذلك الأمر يمثل وفقاً لمختصين بالشأن الاقتصادي، نقطة جذب كبيرة لمختلف الشركات المحلية والدولية الهادفة للاستثمار في بغداد نتيجة توفر ضمانات نجاح المشاريع، لاسيما السكنية، التي يؤكد مراقبون ضرورة أن تبنى خارج الإطار الحدودي للعاصمة بهدف امتصاص الزخم.

وكان مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان مهدي العلاق، قد أفاد بأنَّ نسبة النموّ السكاني في العراق انخفضت إلى 2.5 بالمئة، بعد أن كانت أكثر من 3 بالمئة قبل نحو خمس سنوات، لافتاً إلى أن “العراق لا يشهد انفجاراً سكانياً”.

الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أكد، بلوغ عدد سكان مدينة بغداد تسعة ملايين نسمة للعام الحالي 2023 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء، مبيناً أن ذلك التوسع البشري تقابله “مخططات تتولى وزارة الإعمار وأمانة بغداد وضعها”، بحسب الصحيفة الرسمية.

ونتيجة لذلك التوسع البشري وما رافقه من نتائج اقتصادية وبيئية، يرى الخبير الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، أن “العاصمة لم تشهد تخطيطاً عمرانياً منذ قرابة 50 عاماً، وكذلك غابت عنها التحديثات التي تتلاءم مع الواقع السكاني، لاسيما مشاريع تطوير خطوط النقل والتقاطعات”.

كما أشار التميمي، إلى أن “التضخم السكاني قد لا يكون مشكلة، فبعض المدن تستقطب أعداداً هائلة وكبيرة، لكن حينما تصل إلى حد قدرة المدينة على الاستيعاب، حينها سيتأثر السكان بشكل عام بالعديد من العوامل، لاسيما البيئية والصحية والاجتماعية، فضلاً عن حصول تضخم سعري وانخفاض كبير بقدرة المدينة على تحقيق الرفاهية الاجتماعية، وكذلك الضغط على البنى التحتية التي ستتأثر سلباً بهذا الانفجار السكاني”.

ولفت التميمي، إلى أن العديد من المدن التي تشهد تضخماً سكانياً هائلاً، تتوسع عمرانياً بما يوازي حجم الزيادة البشرية الحاصلة، وهذ أحد الحلول لمواجهة التضخم السكاني، غير أن مشكلة بغداد على وجه الخصوص، تعد من المدن التي لم تشهد توسعاً عمرانياً منذ سنوات طويلة بسبب العديد من الظروف التي مرت على البلاد.

وبموازاة ذلك، يرى المتحدث، أن لمدينة بغداد إيجابية نتيجة زيادة عدد سكانها، حيث تعد منطقة جاذبة للعديد من الشركات والمستثمرين وأن نجاح المشاريع الكبيرة والصغيرة يكون مضموناً جرَّاء الزخم السكاني، لذا فإنها تمثل مدينة مهمة من وجهة النظر الاستثمارية المحلية والدولية بسبب القابلية الاستهلاكية، رغم اصطدامها بعامل الخدمات وغياب المشاريع الستراتيجية الكبرى للتوسع خارج إطار المدينة للتقليل من الزخم ولتخفيف العبء على الخدمات المقدمة، وفقا للصحيفة.

وخلال العامين الماضيين، توقعت تقارير حكومية ارتفاع إجمالي عدد سكان العراق إلى 50 مليوناً بحلول عام 2030، في ظل تقديرات بزيادة سنوية تتراوح بين 850 ألفاً ومليون نسمة، بنسبة نمو سنوية تبلغ 2.6 في المائة، مع احتمال أن يرتفع العدد إلى 80 مليوناً بحلول العام 2050. ويواجه العراق منذ عام 2003 عدة أزمات خانقة، أبرزها السكن والبطالة، في ظل تحذيرات من استمرار اعتماد الحكومات المتعاقبة على النفط كمورد رئيسي للبلاد، وبنسبة تتجاوز 96 في المائة من الواردات الوطنية السنوية.

كيف تأثرت دول الخليج العربية بارتفاع معدلاته عالميا؟

لم تكن دول الخليج بمنأى عن التأثيرات التي أصابت الاقتصاد العالمي على خلفية جملة من الأحداث والتطورات التي عصفت بالساحة الدولية. وعلى الرغم من أن النفط، الذي شهدت أسعاره ارتفاعات قياسية خلال الشهور الماضية، يشكل الرافد الأساسي لاقتصادات ذول الخليج، إلا أن ذلك لم يعفها من التأثر بالتضخم الذي أصاب حتى كبريات الاقتصادات في العالم.

جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا

كورونا
كورونا

فما إن خرجت هذه الدول من أزمة جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد حتى دخلت في تداعيات أزمة عالمية جديدة فرضها الغزو الروسي للعاصمة الاوكرانية كييف ، وما رافقه من ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط وبالتالي ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات حول العالم.

صحيح أن ارتفاع أسعار النفط أدى إلى زيادة إيرادات الدول النفطية بشكل عام، والدول الخليجية بشكل خاص، غير أن ذلك لا علاقة له بنسبة التضخم داخل كل بلد، فكون البلد نفطيا لا يمنعه من أن يتعرّض لمعدل تضخّم مرتفع، بحسب الصحفي الاقتصادي أحمد الخطيب.

ما هو وضع الأمن الغذائي في المنطقة العربية؟

الخطيب قال لبي بي سي إن: ” التضخم أمر طبيعي لأن الدول الخليجية تستورد السلع والمواد الأولية والغذائية من الخارج، وهي سلع ارتفعت أسعارها بشكل متسارع بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والنقل، عقب ارتفاع أسعار النفط العالمية، وبالتالي فإن أكثر القطاعات تضررا هي قطاعات النقل والشحن والوقود وتذاكر السفر، إضافة إلى قطاعات أخرى تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بقطاع النقل، وهذا يختلف من بلد إلى آخر بحسب نسبة استخدام سكان كل دولة لهذه السلع او الخدمات”.

الكويت الأكثر تأثرا خليجيا

سجلت الكويت أكبر ارتفاع في نسب التضخم، بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ فاق 4.5 في المئة.

ويعود ذلك إلى اعتماد الكويت على الاستيراد بشكل كبير، إذ تستورد أكثر من 90 في المئة من حاجتها من المواد الغذائية من الخارج، وهي مواد ارتفعت أسعارها بسبب ارتفاع تكاليف النقل والشحن.

الكويت الأكثر تأثرا خليجيا
الكويت الأكثر تأثرا خليجيا

تعتمد الكويت على الاستيراد في تأمين معظم احتياجاتها من المواد الغذائية

وبحسب بيانات الإدارة الكويتية المركزية للإحصاء، سجّلت الكويت ارتفاعا في الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم) نسبة 4.52 في المئة في مايو/أيار الماضي على أساس سنوي.

وتعتبر الأرقام القياسية لأسعار المستهلك أداة لقياس مستويات الأسعار إما بشكل شهري أو سنوي، وهو ما يساهم في قياس نسبة النمو أو الانكماش الاقتصادي لأي بلد، ما يسمح للدولة المعنية بوضع خطط اقتصادية ومالية ونقدية.

صندوق النقد الدولي يحذر دول الخليج الغنية من جفاف مواردها المالية
ووفقا لأرقام الوكالة، جاءت قطاعات: المواد الغذائية والمشروبات والسجائر والألبسة والمفروشات والخدمات السكنية والاتصالات، في مقدمة القطاعات التي سجلت أرقاما قياسية.

وبحسب أرقام البنك الدولي تتصدّر الكويت قائمة البلدان الخليجية التي سجلت ارتفاعا في معدلات التضخم تليها سلطنة عمان ومن بعدها الإمارات، فالبحرين وقطر، وتأتي السعودية في المرتبة الأخيرة مع نسبة تضخم بنحو 2.5 في المئة.

وعن هذا الموضوع قال الخبير الاقتصادي السعودي جهاد العبيد، في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي إن التضخم أصاب جميع القطاعات في المملكة العربية السعودية لأن تكاليف النقل فرضت نفسها على أسعار السلع والخدمات، معتبرا أن الأهم حاليا هو تحديد نسبة ارتفاع هذه السلع والسيطرة عليها.

قررت السعودية تخصيص 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالميا
قررت السعودية تخصيص 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالميا

وكانت السعودية قد قرّرت تخصيص 20 مليار ريال سعودي (5.3 مليار دولار) لدعم الأسر المستحقة في مواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية.

ما المخاطر التي تحملها الأزمة الروسية الأوكرانية للدول العربية؟

وبحسب وكالة الأنباء السعودية فإنه سيتم تخصيص نصف هذا المبلغ، حوالي 10.4 مليار ريال (2.77 مليار دولار) كمساعدات نقدية مباشرة لمستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن الذي أطلقته السعودية عام 2017، وبرنامج دعم صغار مربي الماشية، بينما ستخصص بقية المبلغ لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توفرها.

 

الغزو الروسي لاوكرانيا
الغزو الروسي لاوكرانيا

وتأتي الخطوة السعودية في وقت تحتل فيه القدرة الشرائية السعودية المرتبة الرابعة ضمن دول مجموعة العشرين.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي إلى هذه البيانات بوصفها “مؤشرا على الملاءة المالية للاقتصاد السعودي”. ويضيف: “أتوقّع أن تزيد إسهامات الحكومة السعودية في حال ازداد الوضع سوءا”.

نقل المخدرات الطائرة في العراق عن طريق الطائرات المسيرة

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد