ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | ما بعد استفتاء إقليم كردستان
|
مينا العريبي
|
الشرق الاوسط السعودية |
كل فترة يمر العراق بأزمة نتصورها الأصعب والأكثر تعقيداً، من فاجعة سيطرة تنظيم داعش على نحو ثلث أراضي العراق، إلى قرار البرلمان إقالة عدد من الوزراء من الحكومة العراقية، إلى أزمة الفساد التي تنقل لنا كل عدة أسابيع فساداً يندر مثيله في العالم. واليوم نشهد أزمة جديدة مع استفتاء إقليم كردستان حول الاستقلال. لنترك العاطفة جانباً – على الرغم من أنها كثيراً ما تحرك السياسة والقرارات قصيرة النظر في عالمنا العربي – ونركز على ما يعنيه الاستفتاء وما يأتي بعده.
الاستفتاء نفسه ليس المشكلة، فهو ليس ملزماً قانونياً، لا للعراق ولا حتى لإقليم كردستان. كما أنه ليس الغاية، بل وسيلة لتحقيق أهداف سياسية قد توصل للاستقلال، ولكنه دليل جديد على التراجع في العملية السياسية العراقية التي كانت من المفترض أن تكون مبنية على التوافق السياسي. وهنا، القيادات الكردية ليست بمفردها. القرارات أحادية الجانب والمبنية على التصعيد باتت تتصدر النهج العام في السياسة العراقية مع اقتراب انتهاء المعارك ضد «داعش» واتخاذ كل فصيل مسلح خطوات لبسط سيطرته بالقوة على أراضٍ عراقية من جهة، واقتراب موعد الانتخابات التشريعية السنة المقبلة من جهة أخرى. كل طرف سياسي يريد أن يفرض أمراً واقعاً يساعده على كسب رأسمال سياسي للمرحلة المقبلة.
ولكن استفتاء إقليم كردستان له تبعات أوسع وأخطر على العراق والمنطقة، فهو أولاً يدل على تفكيك العقد السياسي بين القوى الرئيسية التي حكمت العراق منذ 2003، وهي الحزبان الكرديان والأحزاب الدينية الشيعية، من دون أن تتبلور تحالفات جديدة يمكن الارتكاز عليها لسير العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة. كما أنه يحرك عواطف الشارع العراقي – بكل أطيافه – ويعزز التفرقة، بين من يريد الاستقلال من الأكراد ويرى نفسه مجبراً على البقاء في العراق، ومن يريد إبقاء إقليم كردستان ضمن العراق ويعتقد أن رفض الإقليم لذلك أشبه بالفخ. انعدام الأصوات التي تقرب بين الطرفين خلال هذه الفترة الحاسمة سيجعل من الصعب رأب الصدع. وأما بالنسبة للمنطقة، فهو قد يجر إلى تحركات تركية وإيرانية اقتصادية أو سياسية – أو الأسوأ من ذلك عسكرية – يؤدي إلى تصعيد من الصعب تقدير تبعاته. فعندما تكون منطقة مثقلة بالسلاح وفيها مجموعات داخلية وخارجية لإشهار سلاحها وتريد انتهاز أي فرصة لزيادة الاضطرابات، عندها قد تكون العواقب وخيمة.
كل من لديه أبسط فهم للواقع الكردي يعلم أن إقليم كردستان محاصر من قبل دول جوار لا تريد استقلاله. وليس من المستغرب أن تتخذ تركيا وإيران وسوريا الموقف المتشدد تجاه خطوة الاستفتاء، لمنع الخطوة المقبلة، وهي إعلان موعد للاستقلال. وأما الحكومة العراقية، فمن غير المتوقع أو المنطقي ألا ترد على هذه الخطوة. إلا أن إعلان القيادة الكردية إجراء الاستفتاء كان منذ يوليو (تموز) الماضي، وربما لو بذلت جهود حثيثة من جميع الأطراف حينها لتأجيل الاستفتاء أو الخروج بصيغة مرضية، لكان الواقع مختلفاً اليوم، ولكن كالعادة في العراق، التحركات تأتي في اللحظة الأخيرة.
كثيرون يتساءلون علامَ تبني القيادة الكردية قرارها لإجراء استفتاء تعارضه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، كما أن جميع الدول النافذة في المنطقة تعارض علناً أو سراً هذا التحرك. هل المسألة فقط لحسابات سياسية داخلية، أم أن القرار كان لأن الوقت لن يكون أبداً مواتياً للاستقلال لاحقاً، فالإعلان عن هذه الرغبة استغلال لظرف معين يمر به العراق وسط فوضى الحرب ضد «داعش» وضعف سوريا والمتقلبات الشرق أوسطية، لكن الساسة الأكراد لا نسمع منهم شيئاً سوى أن الخطوة جاءت بعد فشل التفاهم مع بغداد.
إلا أنه خلال الأشهر الماضية، شهد العراق تلاحماً بين أطيافه في وقوفه ضد «داعش»، يجمعه عدو واحد… وكانت هناك مشاعر جدية من الامتنان لإقليم كردستان لاستقباله النازحين من الموصل والرمادي وغيرها من مناطق منكوبة من جراء جرائم «داعش». كما أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بذل جهوداً لحلحلة كثير من الملفات السياسية العالقة. وللمرة الأولى كانت قوات الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية تقاتلان جنباً إلى جنب ضد «داعش». ولكن هذه التطورات لم تسهم في تهدئة الأوضاع مع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية وابتعاد وجهات النظر حول كيفية العمل معاً لمستقبل العراق.
من المستغرب أن تُفاجأ الولايات المتحدة، التي أعطت السلطات الكردية في العراق كل الصلاحيات والدعم السياسي، الآن من قرار أربيل باتخاذ خطوة جدية نحو الاستقلال. فواشنطن مهدت لهذه المرحلة، كما تمهد اليوم للتطورات في الشمال السوري الذي أجرى انتخابات محلية خلال الأيام الماضية.
أما مرحلة ما بعد الاستفتاء، فالعراق بأشد الحاجة لأصوات حكيمة لحسم كيفية التعايش معاً أو رسم طريق ودية للانفصال يتفق عليها الطرفان. ويجب أن تكون هذه الأصوات عراقية، فلا يمكن لطهران أو أنقرة أن تقومان بدور حميد هنا، ولكلتيهما مصالحها في العراق. الخطوة الأولى المطلوبة التهدئة والابتعاد عن إصدار قرارات متطرفة قد تشكل أعباء تصعب معالجتها لاحقاً. على الحكومة العراقية أن تتعامل مع جميع من يقيم في إقليم كردستان على أنه من أبناء العراق وأن تخاطبه مباشرة للمرحلة المقبلة، بدلاً من زيادة عزلته. كما أن على القيادة الكردية أن تظهر رغبتها في بناء جسور مع بغداد بعد التصعيد غير المسبوق خلال الأيام والأسابيع الماضية. هنا يمكن للأمم المتحدة أن تلعب دوراً جوهرياً لحماية حدود العراق وكل من داخل تلك الحدود. فالكلام عن حصار اقتصادي ضد من يسكن في إقليم كردستان يشكل تحركاً غير عادل على شعب لا يستحق مزيداً من المعاناة. إن الخطوات المقبلة يجب أن تبقي الإنسان – إن كان عربياً أو كردياً أو تركمانياً أو لديه أي انتماء آخر – في قلب القرار. فلا حاجة لمزيد من الدماء والقتال – ورفع السلاح لن يجلب إلا الدمار. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | استفتِ «شعبك» ولو أفتوك!
|
حسين شبكشي
|
الشرق الاوسط السعودية |
دخل الاستفتاء في كردستان إلى مناطق حرجة وحساسة. فهذا الإقليم الذي عرف استقراراً ولغة وعلماً وحدوداً وبرلماناً وبيشمركة ودخلاً اقتصادياً مستقلاً، ومع ذلك أصرّ على إجراء الاستفتاء على الاستقلال، ووتر أجواء جيرانه في تركيا وسوريا وإيران، وفتح على نفسه أبواب جهنم السياسية بلا حدود. ولعل ما يحصل اليوم في إقليم كردستان هو فشل تام وشامل لمشروع وفكرة المواطنة الكاملة والهوية الشاملة للمواطنة في العالم العربي، وبروز الهوية الأصغر والأضيق. فشل الدولة في احتواء التنوع الثري في المكون الاجتماعي فيها والسماح باستقواء البعض على الآخر، وخلقت بالتالي هذه الحالة «الانفصالية» لأنها أوجدت الذرائع بالإحساس بالمظلومية، وبالتالي دعم طلب الانفصال والاستقلال. علاقة العرب بالأكراد علاقة فيها كثير من الشد والجذب، فهم عادة ما يتغنون بأمجاد وبطولات القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي ويعتبرونه بطلاً «قومياً» خارقاً وأسطورياً وعابراً للحدود، ولا يذكرون دوماً أنه في حقيقة الأمر هويته، وأنه «كردي» بل يزيدون من نقش مكانته في ذاكرة «الأمة» وتقام له المهرجانات وتلقى القصائد وتعرض الأفلام وتدشن الميادين والشوارع والتماثيل تنصب هي الأخرى باسمه وتمجد في إنجازاته. الهوية الفردية الطاغية هي الثغرة التي سمحت بظهور حاجة الأقليات لاستقلالهم، وهي النقاط التي وعت لها وأدركتها دول العالم الجديد مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل وحتى الدول الإسكندنافية كلها أوجدت دساتير شاملة حقوقاً تضمن المساواة الكاملة في حقوق المواطنة، وضمنت بالتالي الانتماء ومعها تحقق تلقائياً الولاء. استفتاء كردستان يظهر الخلل العظيم في دول جوارها الثلاث؛ سوريا وتركيا وإيران، من احتواء الأكراد ومنحهم حقوق المواطنة الكاملة بعد عهود طويلة جداً من الوعود المضللة والأساليب القمعية والمعاملات الظالمة. وبالتالي كان الاستفتاء نتيجة طبيعية. السؤال هو أن الإقليم قابل للتمدد وسيكون على حساب تركيا وسوريا وإيران، فهل «سيسمح» له بذلك؟ وكيف ومتى وبأي ثمن؟ هذه هي الأسئلة الصعبة التي تأتي مع هذا الاستفتاء، فالفرحة بإنجازه بالنسبة لبارزاني القائد الكردي الذي ناضل لأجل هذه اللحظة لا بد أن يعيش لحظات قلق كبيرة جداً لما هو مقبل. فالمستقبل الأمني والاقتصادي فيهما كثير من علامات الاستفهام، وبالتالي دواعي الخوف والقلق والشك. الأيام المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت والحراك المضاد. الاستقلال هو بداية لولادة عسيرة جداً ومليئة بالآلام. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | صديق الامس الكردي عدو اليوم: حذار من غضب الحليم في العراق
|
جعفر جخيور
|
راي اليوم بريطانيا |
اتذكر جيدا ً مؤتمر المعارضة العراقية في لندن، حيث كنت وقتها استمع لأذاعاتي البي بي سي ومونتوكارلو، وهما ينقلان اهم احداث المؤتمر ومخرجاته، وضرورة التشديد على نتائج مؤتمر المعارضة في مصيف صلاح الدين في كوردستان العراق، والتي كانت تسمى وقتها مناطق الحكم الذاتي، وما لاقى المؤتمر -صلاح الدين- من صدى واسع في جميع اطياف المعارضة، وكيف ان الفرقاء اجتمعوا تحت مظلة الكرد، وخصوصاً القطب المعارضة الشيعي، وتقاربه مع القطب الكردي، والحديث عن علاقات ذات جذور عميقة وتمد لعقود من الزمن، حتى باتت المغازلة الشيعية الكردية واضحة في المؤتمر؛ لما عاناه الطرفين من تطهير عرقي وطائفي، وجرائم ارتكبت بحقهم، وحلبچة والمقابر الجماعية خير دليل وشاهد على حجم الالم والمعاناة. استمر هذا التقارب بعد سقوط الصنم، حتى اصبح الكرد جزء لا يتجزء من العملية السياسية، شاركوا بصورة فاعلة في صياغة الدستور والتصويت عليه، بالاضافة الى الدور الكبير في الجانب التشريعي من خلال تمثليهم في مجلس النواب العراقي، والجانب التنفيذي بترأس العديد من الوزارات والمناصب التنفيذية، فضلا ً عن القيادات العسكرية والمفاصل المهمة في الملف الامني، وعلاواة على ذلك قيام برلمان كردستان وتشكيل حقيبة وزارية خاصة بالاقليم والبيشمرگة، وما الى اخره من المسميات بمختلف الاشكال والصور، وقد وصل الدلال الشيعي الكردي، في احد اجتماعات تشكيل مجلس الحكم والحكومة الانتقالية، ان عرض احد قيادات المكون الشيعي على مسعود برزاني وجلال طالباني الاستقلال، وقيام دولة الكرد والحلم المنشود، الا ان الكرد اكدوا وفي العديد من المناسبات انهم جزء لا يتجزأ من العراق، وحريصين كل الحرص على سلامة العراق وسيادته و وحدته. ظل الشريك طول الفترة السابقة وفي ضل العراق الجديد متذبذب القرارات، تارة يساند المركز كـلاعب رئيسي، وتارة ينقلب على جميع الاحكام الدستورية، حتى بات شريك غير موثوقاً به، وقد كشر عن انيابه في العديد من المناسبات، وصار واضحاً تقديم مصلحته الخاصة والشخصية على المصلحة العامة والوطنية، من يمعن النظر في تاريخ الكرد السياسي، يجد تقلبات كثيرة في الاطوار، ونقض العهود والمواثيق، والقفز على جميع مبادئ الشراكة، الا ان صدق العمل وحسن النوايا عند اغلب عامة المكون الشيعي، جلعت مبدأ اغفر لأخيك سبع وسبعين مرة حاضرا ً، رغم لوم اللائم، واعتراض المعترض. الشريك الازلي بات لا يطاق وتجرد من كل سمات الحياء، وشيّم التآخي، ومروءةالشرفاء، واخوة الماء والارض، كنا ولا نزال ننظر لسفوح جبال كردستان بشموخ وعطاء، نستذكر منها الكثير برفقة الجهاد والفداء، حتى امسى الهور حزيناً لجفاء نسيم الشمال، وصمت اجراس ماعز الجبال، ولطالما تراقص القصب والبردي على وقع مياة شلالات الگلي علي بيك، واستلقى بين احضان شقلاوة وعين كاوة. صمت الاخ الاكبر حلم وحكمة، وليس بضعف، صبرنا طويلا ً وقد نصبر لكن قليلاً، فمراهقة الاخ الاصغر فاقت كل حدود الصبر، وصار لابد ان تُقرص كلتا اذنية حتى يصحو، تمادى كثيراً حتى اضر بنفسه وعياله، ومسؤولية الكبير هي النصح والارشاد، والصفع احياناً، حتى يترك هذا الصفع اثر، وصدى يدوّي بين وديان تلال حمرين، حتى قمة جبل هلكرد، يا رفقاء دربنا احذروا حليم القوم اذا غضب. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | كردستان والفلسطينيون المقارنة غير واردة |
يوعز هندل |
يدعوت احرنوت الاسرائيلية |
اسرائيل ملزمة بان تؤيد – استراتيجيا وأخلاقيا – إقامة كردستان مستقلة. فتاريخ دولة اسرائيل والاكراد في العراق مليء بالتعاون العسكري، الاقتصادي والسياسي. من بيع السلاح عبر التدريبات العسكرية وحتى الزراعة – فقد كانت اسرائيل مصدرا لدعم هام لهذه الامة المظلومة. صحيح أن معظم الامور تمت من تحت الرادار – في فترات معينة لاعتبارات مفهومة – ولكن هذا لم يمنع الاكراد من الاعراب في عدة مناسبات عن تقدير علني لاسرائيل. تركيا والعراق – المعارضان الاساسان للاستقلال الكردي – يعملان علنا بطرق دبلوماسية ضد اسرائيل. فلا تصويتا في الامم المتحدة لا يصوتان فيه ضدنا. لا فرصة يفوتها اردوغان كي يناكف اسرائيل. لنا علاقات دبلوماسية مع تركيا ولكن شيئا لا يجدي نفعا. فهي ضدنا رغم سخف الاعتذار العلني ودفع التعويضات على العدوان في اسطول مرمرة. اما مع العراق فليس لنا علاقات، ولكن الولايات المتحدة – السيدة منذ اسقاط نظام صدام حسين – هي كابح مؤقت. باقي المعارضين لاقامة دولة كردية، كسوريا وايران، هم دول أعداء منذ الان. عدوهم هو صديقنا، مع أو بلا صلة. دولة كردية مستقلة ستكون حليفة هامة لاسرائيل. ما كان مخفيا سيصبح مع الزمن علنيا. هذه حقنة تشجيع لدول اخرى في المنطقة، وفضائل علاقات الود مع اسرائيل ستصبح موضع جذب لدول اخرى. يكفي هذا كي ندفع بكل القوة، بما في ذلك ايباك ومنظمات سرية اخرى، من اجل الاكراد. ومن هنا نصل الى البعد الاخلاقي. فرغبة امة عتيقة تقيم ما يكفي من السنين على ارضها، منفصلة قويا وثقافيا، في أن تحصل على استقلال سياسي يجب أن تشكل تذكيرا لمن يؤمن بالصهيونية. هذه ازدواجية: أمسكنا بك، ادعى اليسار امس، حيال اعرابي عن هذا التأييد. ولماذا ليس للفلسطينيين؟ الجواب الافضل هو انهم لا يريدون. لقد اخترعت الصهيونية الشعب الفلسطيني. بخلاف الاكراد، لم تقم الهوية الوطنية الفلسطينية الا على رفض الصهيونية. اما الاخرى فهي على اساس الرغبة في عدم رؤية اليهود في حدود 1967 او 1948. فالرغبة في القومية والوحدة تطورت – وهي موجودة اليوم – ولكن ليس بما يكفي من اجل التنازل عن حلم القاء اليهود. وعدم الرغبة في الحل الوسط، والتي ثبتت في كل فرصة، هي الاساس. كما أن هذا هو الفرق المركزي بين اليسار واليمين، وليس فقط بالنسبة للاكراد بل وأيضا في كل ما يتعلق بالقومية. ففي العالم الغربي، ومن ضمنه إسرائيل هناك استخفاف عميق بـ “اليمين المفكر”. هذه هي الخطيئة الاولى والاكثر غباء لمعظم “مصممي الرأي العام في العالم” – فرضيات يجعلون فيها مفاهيم سياسية مؤكدة غبار الطريق. في اسرائيل تسمح هذه الفرضيات بان تشمل كل ما يطل من اليمين في سلة واحدة لالغائه ورفضه. هكذا يتم الخلط بين الشعبوية (الموجودة، لاسفي، بحقن كبيرة في اليمين)، وبين الايديولوجية الجذرية. كل من يعارض الفكرة الاشكالية للدولتين في خطوط 1967 يصبح مسيحانيا معنيا بدولة ثنائية القومية. من الصعب ايجاد كُتّاب من اليسار يتعمقون بالافكار التي تقف خلف بينيت، يعلون وحتى نتنياهو في اللحظات النادرة التي يوضح فيها اقواله. البداية كانت في مكان ما في صراع ايديولوجي على النفوذ والافكار: من جهة وقف مؤيدو نهج “جون لنون” المتفائل المتعلق بازالة الحدود، الاديان والقوميات، إذ اننا كلنا بشر؛ ومن جهة اخرى وقف مؤيدو القومية والفصل بين الجماعات ذات الهوية المختلفة. ومع الزمن اهتزت هذه الاقانيم بسبب الشعبوية. لليمين مسؤولية عن ذلك مثلما لليسار، غير أن لهذا الميل من اليسار يوجد ثمن سياسي. الخسارة في كل مكان في العالم. هكذا يتم الخلط بين مفاهيم أمنية – استراتيجية متماسكة عن الحاجة للارض الاقليمية والسيطرة الأمنية وبين المسيحانية الدينية. وهكذا ايضا يتم الخلط بين تصريحات ثقيلة الوزن عن القومية السليمة وبين زلات اللسان وترهات الفيس بوك مع الميل القومي. هكذا يتم الخلط بين الاكراد والفلسطينيين لاعتبارات الازدواجية الاخلاقية، وبالمقابل لا يرون بأن معارضي القومية يطالبون بالذات بقومية فلسطينية. الفرق بين القومية الكردية والقومية الفلسطينية يكمن في القدرة على البقاء كدولة مستقلة وفي ثمن مثل هذا الاستقلال. لدى الفلسطينيين المعنى هو مس بأمن اسرائيل، وعليه فالمصلحة هي استقلال مقلص، بين حكم ذاتي ودولة ناقص من طروحات نتنياهو. اما لدى الاكراد فالاستقلال معناه المساهمة في الاستقرار الاقليمي. وهذا هو كل الفرق بين المصلحة والنظرية على ساق واحدة. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 | مجلس الأمن يدفن جرائم غزو العراق
|
هيفاء زنكنة
|
القدس العربي |
أصدر مجلس الأمن، في 21 سبتمبر/أيلول، قرارا ينص على « تشكيل فريق تحقيق لجمع وحفظ الأدلة عن الجرائم الخطيرة التي ارتكبها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) «. وهي خطوة كان بالإمكان ان تكون مهمة جدا، على مستوى أبعد مما تنص عليه، لتوثيق الجرائم، ومحاسبة مرتكبيها وتعويض المتضررين. أي كان بالإمكان ان تُصبح جزءا من تحقيق العدالة الانتقالية، من خلال العمل على كشف حقيقة أحداث ستبقى حية، لفرط بشاعتها وما سببته من أضرار، في ذاكرة العراقيين على مدى سنين مقبلة. فجاء اقتصار تحقيق مجلس الأمن بجرائم (داعش) انتقائيا يتوخى اضاءة زاوية واحدة من الجرائم المرتكبة بحق العراق بينما يُغلف بقية الجوانب بعباءة من الظلام. هل هو قرار متعمد لطمر مسؤولية الدول، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في غزو العراق وتفكيك دولته، وجيشه، ونصب حكومات طائفية فاسدة، لم تبق أي بند من بنود حقوق الانسان الا وانتهكته منذ عام 2003 وحتى اليوم، بذريعة محاربة الإرهاب؟ ألم يَطلع مجلس الأمن على سجل الجرائم التي ارتكبتها قوات الغزو الأنكلو أمريكي التي لو أُتيح وزنها لبلغت الأطنان؟ من التعذيب المروع في أبو غريب إلى استخدام اليورانيوم المنضب على المدن التي لاتزال مهدمة ونسائها يلدن أطفالا مشوهين، إلى جرائم المرتزقة الذين، باعترافهم، كانوا يتسلون بقتل المدنيين، إلى مجزرة حديثة وساحة النسور ببغداد، إلى قصف المدن باسم « التحالف الدولي» وتبرير وشرعنة قتل ودفن الضحايا من المدنيين تحت الأنقاض باسم «التحرير»؟ ألم يسمع قادة العالم « الحر» صوت منظمات حقوق الانسان العراقية المطالبة، المرة تلو المرة، منذ سنوات، بالتحقيق في جرائم لم يعد بالإمكان السكوت عنها؟ جرائم ترتكبها القوات الأمنية العراقية التي يشرف على تدريبها كل من أمريكا وبريطانيا بين دول أخرى ترفع راية الدفاع عن حقوق الانسان، عاليا؟ ماذا عن الأفلام والفيديوهات الموثقة لشهادات المعتقلين الذين يعانون من التعذيب بأنواعه والذي يمتد التعذيب إلى عوائلهم ليصبح عقوبة جماعية مدانة من كافة القوانين الدولية؟ قوبلت الجرائم المرتكبة، بأنواعها، وبضمنها سياسة التغيير الديموغرافي ومنع النازحين من العودة إلى مناطقهم وبيوتهم، وحملات التصفية الجسدية للصحافيين والعلماء والأكاديميين بالصمت المطبق. المفارقة، التي نشهدها الآن، ان الدولة التي قدمت مشروع القرار إلى مجلس الأمن هي بريطانيا بعد أن تعاونت مع النظام العراقي على إنشاء هيئة تحقيق في جرائم (داعش) بالعراق. ومنبع المفارقة انها ذات الدولة التي ساهمت بشن حرب عدوانية، غير قانونية ضد العراق، برئاسة توني بلير المتهم بأنه مجرم حرب، وارتكبت قواتها جرائم أوقفت التحقيق فيها، بعد ان تبين انها تجاوزت الادعاء بوجود « تفاحة فاسدة» واحدة. في تقريرها الأخير المعنون « مجلس الأمن: إهدار فرصة للعدالة الشاملة»، الصادر منذ أيام، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن مجلس الأمن الدولي ضيّع فرصة أساسية للتصدي لجرائم الحرب والانتهاكات الحقوقية المرتكبة من قبل مختلف أطراف النزاع في العراق. وأكدت بلقيس جراح، مستشارة أولى للعدالة الدولية في المنظمة أن التحقيق في الفظائع التي ارتكبتها (داعش) في العراق ضرورية «لكن تجاهل انتهاكات القوات العراقية والدولية لا تشوبه عيوب فحسب، إنما ينقصه أيضا بعد النظر. فالعدالة لازمة لجميع الضحايا الذين شهدوا تعذيب وقتل أحبائهم أو أُحرقت بيوتهم وقُصفت، بغض النظر عن الطرف المسؤول». وإذا سايرنا مجلس الأمن بتناسي جرائم ما قبل داعش، فان الاستهانة بحقوق الانسان من قبل القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي تبقى جسيمة في وضع يماثل الغابة في لا قانونيته. خاصة حين يلقى القبض على أحد الأشخاص المشتبه بانتمائه إلى داعش فيتعرض إلى التعذيب والاعدام الفوري بدون ان يقدم إلى القضاء. ولأن انتهاكات حقوق الانسان والاعدامات تمر بدون مساءلة، يسود الأحساس بين قوات الأمن والميليشيات بأنها تتمتع بالحصانة من العقاب مهما ارتكبت، وأنها خارج القانون. طالب الاتحاد الأوروبي و»مفوضية حقوق الإنسان»، بالأمم المتحدة، العراق بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، ما يسمح بملاحقات قضائية على الجرائم الجسيمة التي ارتكبتها أطراف النزاع جميعا، إلا ان رئيس الوزراء حيدر العبادي أخبر « هيومن رايتس ووتش»، في مارس/آذار 2016، إن العراق لا يعتزم الانضمام. وتعتقد المنظمة «أن السبب هو خشية أن تتمكن المحكمة من فحص الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الأمن الحكومية والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي وقوات الأمن الكردية». وعلى الرغم من وعوده المتكررة، « لم يُظهر العبادي بعد محاسبة السلطات العراقية لجندي واحد على أعمال قتل وتعذيب العراقيين أو غير ذلك من الانتهاكات في هذا النزاع». وكان « مركز جنيف الدولي للعدالة» قد وثّق في جميع رسائله ونداءاته انتهاكات عديدة بحجّة محاربة تنظيم داعش، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والإعدام بإجراءات موجزة والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء. ويشترك المركز مع المنظمة في دعوة الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيقات مستقلّة بشأن الجرائم التي ارتكبت والضغط على الحكومة العراقية لمساءلة الجناة وتقديمهم للعدالة. والتذكير المستمر بأن انتهاكات قوات الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان و»قوات الحشد الشعبي» تعود إلى زمن بعيد، وإنها لاتزال مستمرة، في العديد من المناطق، آخرها محافظة تكريت التي هاجمتها قوات الحشد وأجبرت السكان على النزوح ونهبت البيوت، منذ أيام، وان المعركة ضد داعش أعطت هذه القوات المجال لتنفيذ انتهاكات تحت غطاء مكافحة الإرهاب. وفي رسالة وجّهها، بتاريخ 13 تموز/ يوليو 2017، إلى السيد المفوّض السامي لحقوق الانسان، اكدّ مركز جنيف الدولي للعدالة أنّ التحالف الدولي بقيادة الولاياتِ المتحدة الأمريكيّة، والقواتِ العراقيّة قد ارتكبَا انتهاكاتٍ جسيمة وممنهجة، يضاف إلى ذلك الجّرائم البشِعة التي ارتكبتها ميليشيات الحشد الشّعبي. ولغرض وضع تدابير للمساءلة القانونية، طالبَ المركز إنشاء لجنة دوليّة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في العراق وانشاء محكمة جنائيّة دولية، لمحاكمة مرتكبيها وتحقيق العدالة للشعبِ العراقيّ. ان قرار مجلس الأمن، الانتقائي سياسيا، الأحادي الجانب، لن يحقق العدالة التي يجب ان يتمتع بها جميع المواطنين، بلا استثناء، إذا ما أريد للعراق ان يتعافى من دورة العنف والإرهاب، سواء كان مرتكبوها افرادا او جماعات او دولا. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | الأكراد يعيدون رسم خريطة المنطقة
|
خيرالله خيرالله |
الراي العام السعودية |
جرى الاستفتاء الكردي. هذا حدث تاريخي على صعيد الشرق الاوسط كلّه، لكنّه لا يعني ان الدولة الكردية المستقلّة ستبصر النور غدا. لا تزال الطريق امام قيام الدولة الكردية المستقلة شائكة، لكنّ الاكراد يجدون ان من الأفضل لهم التفاوض مع الحكومة المركزية في بغداد من موقع قوّة، أي بعد اجراء الاستفتاء، هذا اذا كان في بغداد من يريد بالفعل التفاوض.
كان صعبا تصوّر مسعود بارزاني يصمد في مواجهة الضغوط التي تعرّض لها من اجل تأجيل الاستفتاء على الاستقلال الكردي. لكنّ بارزاني صمد، رغم تقديم تنازلات تتناول ملف كركوك الشائك. حرص على القول ان الاستفتاء «خطوة أولى لشعب يريد الاستقلال» كما ان الاستفتاء لا يعني رسم حدود الدولة الكردية. اين ستكون كركوك في حال استقلّت كردستان؟
تكمن صعوبة القرار الذي اتخذه رئيس إقليم كردستان والقاضي بالتمسك بموعد الاستفتاء في حجم الضغوط ونوعية الأطراف التي مارستها. ليس سهلا الاستخفاف بالمعارضة التركية لخطوة بارزاني، خصوصا بعد اعتبار انقرة، على اعلى المستويات، ان مثل هذه الخطوة تهدّد «الامن الوطني» لتركيا. ليس سهلا أيضا رفض الرضوخ للضغوط الايرانية التي تحمل في طياتها تهديدا بترك «الحشد الشعبي»، أي الميليشيات المذهبية العراقية التي في امرة طهران، يدخل في مواجهة مع قوات «البيشمركة».
فوق ذلك كلّه، جاء الموقف السلبي للادارة الاميركية من الاستفتاء. يعكس الموقف الاميركي المفاجئ غياباً لاي استراتيجية لواشنطن في الشرق الاوسط والخليج وحالاً من الضياع لم يبددها الخطاب الأخير للرئيس دونالد ترامب في الامم المتحدة. لا شكّ ان الولايات المتحدة لعبت ايضا دورا في دفع مجلس الامن التابع للأمم المتحدة يتخذ موقفا معارضا للاستفتاء.
كان الموقف الطبيعي لرئيس إقليم كردستان في ظلّ هذه الضغوطات والتهديدات التراجع في انتظار أيام افضل يمكن فيها تمرير الاستفتاء في ظلّ نوع من التواطؤ الدولي والإقليمي. لكنّ بارزاني لم يعد يمتلك مثل هذا الخيار لسببين على الاقلّ. الاوّل ان تأجيل الموعد سيعني انتحارا سياسيا بالنسبة اليه، بل بالنسبة الى كلّ ما يمثله مع افراد عائلته وعشيرته على الصعيد الكردي. امّا السبب الثاني، فهو عائد اساسا الى انّه ليس معروفا هل ستتوفر في يوم من الايّام ظروف افضل تسمح باجراء الاستفتاء الذي اعدّ بارزاني المسرح الكردي له اعدادا جيّدا… او هكذا يُفترض.
هناك نقاط عدّة تجعل من موقف بارزاني، الذي خطب في أربيل، قبل ثلاثة أيام من الاستفتاء ليعلن ان لا تراجع عنه، ثم اكد ذلك عشية يوم الاستفتاء، موقفا منطقيا وقويّا ومتماسكا في الوقت ذاته. انّه موقف منطقي وقويّ ومتماسك، على الرغم من ثغرات عدة في طرح مسعود بارزاني، في مقدّمها القنبلة الموقوتة التي اسمها كركوك.
في مقدّم نقاط القوّة لدى بارزاني ان أي طرف من الأطراف المعترضة على الاستفتاء لم يعط مبررا منطقيا واحدا لتأجيله. حسنا، تأجل الاستفتاء، هل على الاكراد انتظار معطيات جديدة تسمح لهم مجددا بطلب الاستقلال؟ ما هي هذه المعطيات الجديدة، التي ليست متوافّرة اليوم والتي ستتوفّر غدا والتي ستسمح للقوى الإقليمية والدولية بالموافقة على اجراء الاستفتاء الكردي والقبول بنتيجته؟ بكلام أوضح، من يستطيع تحديد موعد مناسب للاستفتاء؟
تعود المشكلة لدى المعترضين على الاستفتاء بكل بساطة الى انّ الوضع العراقي لا يسمح لهم بتقديم بديل من الاستفتاء، باستثناء الدعوة الى التأجيل. هل كان يمكن للتأجيل ان يكون هدفا بحدّ ذاته؟
اكثر من ذلك، هناك من لا يزال متمسّكا بوحدة العراق لتبرير الدعوة الى تأجيل الاستفتاء، علما ان هذه الوحدة صارت مجرّد نكتة اكثر من ايّ شيء آخر. انهار العراق عمليا في اليوم الذي قررت فيه الولايات المتحدة تسليمه على صحن من فضّة الى ايران. لعلّ نقطة القوّة الأساسية، التي تعمل لمصلحة الاستفتاء، ان تجربة الشراكة في السلطة كانت تجربة فاشلة.
بعد العام 2003 وسقوط نظام صدّام حسين، قامت في العراق دولة هشّة سيطرت عليها بشكل تدريجي الميليشيات المذهبية التابعة لاحزاب عراقية تابعة عمليا لإيران. ما لبثت هذه الميليشيات ان تحوّلت الى ما يسمّى «الحشد الشعبي» الذي يشكل بديلا من المؤسسة العسكرية العريقة. ما لا يمكن تجاهله ان الجيش العراقي تأسّس في العام 1921. ما استطاعت ايران عمله هو تغيير طبيعة هذا الجيش كي لا تقوم له قيامة في يوم من الايّام من جهة وكي يكون في كلّ وقت تحت سيطرة «الحشد الشعبي»، تماما كما حال الجيش الايراني مع «الحرس الثوري» من جهة اخرى.
لم يجد الاكراد مكانا لهم في الدولة الدينية التي اقامتها ايران في العراق، مثلما لم يجدوا مكانا في الماضي عندما حكم البعث العراق بروح تغلب عليها الشوفينية اكثر من ايّ شيء آخر. فضلا عن ذلك، ليس ما يشير الى انّ في الإمكان خروج العراق من النفق المظلم الذي دخل فيه وذلك على الرغم من وجود بعض المقاومة للسيطرة الايرانية. تعبّر عن هذه المقاومة بحياء وخفر أحيانا، وبجرأة في أحيان أخرى، شخصيات مثل رئيس الوزراء حيدر العبادي او السيّد مقتدى الصدر او السيّد عمّار الحكيم.
في نهاية المطاف، لم يكن امام الاكراد من خيار غير الانتقال الى مرحلة جديدة في الطريق الى تحقيق حلم الاستقلال. ليس أكيدا انّ في استطاعتهم إقامة دولة ناجحة، لكنّ خيارهم الوحيد كان السعي والمحاولة في ضوء الترددات المستمرّة للزلزال العراقي الذي تسببت به إدارة جورج بوش الابن. هناك فرصة لم يكن مسموحا للاكراد تفويتها. لا يتعلّق الامر بان ليس في استطاعتهم العيش في ظل الدولة الدينية التي اقامتها ايران في العراق فحسب، بل هناك أيضا غياب لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب جلال طالباني. شكل حزب طالباني، المُقعد حاليا، عامل توازن داخليا مع الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمّه بارزاني.
لا يفرض الاكراد واقعا جديدا في العراق فحسب، بل انهّم يعيدون رسم خريطة المنطقة كلّها أيضا. ما فعلوه هو البداية الحقيقية لاعادة رسم خريطة المنطقة بالمبضع. لن يكون قيام دولتهم المستقلة امرا سهلا، لكن الأكيد ان الحجج التي ساقها رئيس الوزراء العراقي لتبرير رفضه الانفصال لا قيمة قانونية لها، إضافة الى انّها غير واقعية، خصوصا عندما يتحدّث عن «الفساد» في كردستان. الفساد في كردستان نقطة في بحر الفساد العراقي منذ العام 2003.
تكمن المشكلة أساسا في انّ العبادي، وقبله نوري المالكي، لم يتمكنا من تقديم أي نموذج لدولة «فيديرالية» كان يمكن ان يغري الاكراد، وغير الاكراد، رغم انّه لا يمكن في ايّ شكل الاستخفاف بالمشاكل الداخلية والتعقيدات التي يعاني منها الاقليم الذي يحكمه هؤلاء في شمال العراق…
اذا كان هناك فشل لتجربة إقليم كردستان، فهذا الفشل، يبقى محدودا، ولا يقارن مع الفشل الكبير الذي اسمه عراق ما بعد 2003. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
7 | استفتاء كردستان… من زاوية أخرى | عريب الرنتاوي
|
الدستور الاردنية |
دول جوار كردستان في أقصى حالات التأهب والاستنفار، تحسباً لتداعيات اليوم التالي للاستفتاء، والاستفتاء بخلاف أمثاله من الاستفتاءات جرت في دول عديدة، تبدو نتائجه محسومة سلفاً، والأرجح أن أغلبية ساحقة (تذكر بالاستفتاءات الرئاسية العربية ولكن من دون حاجة للتزوير هذه المرة) ستصوت بنعم لاستقلال كرد العراق في دولة خاصة بهم، مستقلة وذات سيادة. أسباب التأهب والاستنفار عديدة، سنتوقف أمام اثنين منها: الأول، ونجده محقاً، ويتعلق بخشية بعض جوار كردستان، إيران وتركيا أساساً، من احتمالات تحول الدولة الكردية إلى خندق متقدم لمشاريع أمريكية وغربية وإسرائيلية تستهدفها، وهي دول مشتبكة بعلاقة عدائية مع واشنطن وتل أبيب (إيران)، وفي الحد الأدنى بعلاقة مفتوحة على شتى الاحتمالات والتقلبات كما في الحالة التركية. كرد العراق لم يفعلوا الشيء الكثير لتبديد مخاوف الجوار من سيناريو كهذا، بل على العكس من ذلك، رأينا أعلام إسرائيل ترفرف في مواكب ومهرجانات الاحتفاء بالاستفتاء والاستعداد له … وربما لهذا السبب بالذات، رأينا إيران أكثر من غيرها، وقبل غيرها، تتخذ إجراءات عقابية ضد الإقليم، وتلوح بالمزيد منها، قبيل الاستفتاء وبعده. السبب الثاني، ونعفي الإقليم من تبعاته وأوزاره، والمتصل بخشية الدول المجاورة من مفاعيل “مبدأ الدومينو” على وحدتها الوطنية وأمنها واستقرارها، كأن يتحرك أكراد سوريا وتركيا وإيران للمطالبة بكيانات مستقلة عن دولهم، وربما استعادة حلم “كردستان الكبرى” الموزعة بين الدول الأربع المتجاورة. ونقول إننا نعفي الإقليم من تبعات هذا السيناريو وتداعياته، لأنه في حال حصل أمر مشابه في أي من هذه الدول، فإن التبعة والمسؤولية تقع بالأساس على كاهل هذه الدول ذاتها …. فتنامي الميول الاستقلالية لأكراد هذه الدول، نبع وينبع من فشل هذه الدول في نسج علاقة صحية، متزنة ومتوازنة مع جميع مواطنيها ومكوناتها … فالكردي – التركي، لا يفكر بالانفصال لو أنه شعر بأن حقوقه الجمعية فضلاً عن حقوقه الفردية محترمة بالكامل … والكردي – الإيراني، لن يقلد إخوانه العراقيين، لو أنه يتمتع بكامل حقوق “المواطنة” و”الوطنية”، كفرد وجماعة في بلده، وما ينطبق على تركيا وإيران والعراق، ينطبق بالقدر ذاته، على اكراد سوريا. صراخ دول الجوار الُمنافح عن وحدة العراق وسيادته واستقلاله، صراخ زائف وكاذب ومفتعل … فالدول التي ينطلق منها هذا الصراخ والضجيج، هي أول من انتهك سيادة العراق واستقلاله، وهي أول من عاث به تقسيماً وتفتيتاً على أسس مذهبية وقومية وعرقية وطائفية … وهي بالدرجة الثانية، بعد الولايات المتحدة ونظام ما بعد 2003، مسؤولة إلى أقصى حد، عن انزلاق العراق نحو ضفاف الدولة الفاشلة، فلا نظامها السياسي قادر على جمع جميع أبنائها تحت مظلة العدالة والمساواة والمشاركة والمواطنة الفاعلة، ولا نظامها الاقتصادي والمالي قادر على تأمين المستلزمات الأساسية للعيش اللائق والكريم، من الكهرباء وحتى المياه مروراً بمختلف المرافق والبنى التحتية التي ظلت على حالها منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى يومنا هذا. لسنا نبرئ كرد العراق من المسؤولية في استعجال الصدام ودفع العلاقات مع المركز إلى حافة الهاوية … كان يمكن إجراء الاستفتاء في المناطق المتفق على أنها جزء من الإقليم، وأرجائه في المناطق المتنازع عليها لحين حسم الخلاف مع المركز … وكان يمكن التجاوب مع نداءات المجتمع الدولي، كل أطراف المجتمع الدولي بلا استثناء، لإرجاء الاستفتاء وتوفير فسحة من الوقت للحوار والتوافق، أقله إلى مرحلة ما بعد الانتهاء من داعش … لكن دوافع الرئيس مسعود البرزاني الشخصية والحزبية، وعناده غير المفهوم، قاد الأمر إلى نتيجة لا تحمد عقباها. المرجح أن الاستفتاء، سيما أن جرت ترجمة نتيجته إلى إعلان استقلال الإقليم في دولة منفصلة عن العراق، ستكون له تداعياته المتواترة، بداية بالعراق نفسه، حيث تشعر مكونات وأطراف عديدة، بحاجتها ورغبتها بـ “الفدرلة”، وانتهاء بدول جوار العراق، حيث ستتشجع كثير من الكيانات والمكونات، للسير على هذا الطريق، ولن يتوقف الأمر عند حدود دول جوار كردستان الأربع، بل قد يتعداها إلى الفسيفساء المذهبية والجهوية والمناطقية والقومية في دول أبعد قليلاً عن السليمانية وأربيل، ومن يعش ير. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
8 | الدولة الكردية السادسة !!
|
خيري منصور
|
الدستور الاردنية |
ليس ما يطفو على السطح ازاء الاستفتاء في كردستان هو جبل الجليد كله، فهناك دول كبرى كالولايات المتحدة تعارض الاستفتاء لكنها سبق ان عبرت عن شرعيته القانونية والدولية على الاقل من خلال تصريحات عضو فاعل في الكونغرس هو جون ما كين، فهل تعارض واشنطن الاستفتاء علانية وتباركه سرا لأسباب تخصها؟ ام ان اللحظة الراهنة ادت الى اعادة الحسابات، خصوصا بعد ان اتخذت الدول التي يتوزع فيها الاكراد مواقف مُتقاربة، وهي ايران والعراق وتركيا وسوريا ايضا ! هذا الاستفتاء قد يؤدي الى ما سماه البرزاني الامر الواقع الذي سوف يتأقلم معه الجميع تماما مثلما فعلوا في التجربة الفيدرالية، ومن المعروف ان الاكراد على امتداد القرن الماضي حاولوا اقامة الدولة خمس مرات انتهت جميعها الى الفشل والاجهاض، فهل ستكون دولة برزاني الدولة الكردية السادسة ام ان الفشل سيتكرر ضمن سياق الدراما الكردية ؟ فالحصار من كل الجهات سيكون قدر هذه الدويلة بدءا من انقطاع الشريان الرئيس مع بغداد اضافة الى اغلاق الحدود الايرانية وما تتوعد به انقرة من عقوبات ! وهناك مصطلح ظهر مع الحديث عن الدولة الفلسطينية ما بعد اوسلو وخلال المفاوضات المتعاقبة التي انتهت الى ما يسمى محلّك سر، هو ان هناك دولا قابلة للحياة مقابل دول اخرى تولد في تابوت، اما تعريف الدولة القابلة للحياة فهو لا ينطبق كثيرا على كردستان العراق؛ لأن حصار الجوار اضافة الى المركز في بغداد سيحولها الى ما يشبه الثؤلوة وهي نتوء جلدي يعالح بخيط حرير يعزله عن الدورة الدموية للجسد ثم يذبل ويموت ! لكن ما سر هذا الحماس والاندفاع في تل ابيب لاستفتاء كردستان ؟ هل هو من اجل سواد عيون الاكراد ام من اجل تقسيم العراق وافراغه من تلك القوة التي عملت لها تل ابيب الف حساب ؟ الدولة الكردية السادسة قد تطلق نشيدا وتمد سجادا احمر ومن كل الالوان ، وتستقبل وفودا للمباركة يتقدمها وفد اسرائيلي لكن واقع الحال وما تجزم به القرائن هو انها مجرد حلم سادس وليس دولة سادسة |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
9 | لماذا تؤيد إسرائيل استقلال كردستان العراق | مأمون كيوان
|
الوطن السعودية |
يشير سجل المحاولات الإسرائيلية لاستغلال قضايا الأقليات والصراعات الداخلية في الدول العربية إلى محدودية مكاسبها من جهة، ومن جهة أخرى، وضع القوى التي استقوت بإسرائيل في منزلة «براقش التي جنت على نفسها» يثير التأييد الإسرائيلي اللافت لاستفتاء أكراد العراق على الانفصال عن العراق رزمة أسئلة لا تتعلق فقط بمكاسب إسرائيل بل بالفوائد التي سيحصدها أكراد العراق من هذا التأييد الإسرائيلي، وهو التأييد الذي لا يستمد صدقيته من كونه شكلاً من أشكال الدعم الأخلاقي، بل هو دعم له مبرراته السياسية والاقتصادية بالدرجة الأولى. ولقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مقدمة الذين أظهروا هذا التأييد السياسي، فقد أعلن مؤخراً، أن إسرائيل تؤيد جهود الشعب الكردي المشروعة لقيام دولته. وكان نتانياهو قد عبر في عام 2014 عن دعمه لتطلعات الأكراد إلى الاستقلال، وقال إنهم يستحقون «الاستقلال السياسي». وزعمت عضو الكنيست كاسنيا سفاتلوفا أن كثيرا من الأكراد يرون في إسرائيل نموذجا وقدوة لدولتهم العتيدة، وآجلا أم عاجلا، الدولة الكردية ستقوم، ومن المناسب جدا أن تكون هذه الدولة حليفة لإسرائيل، إذ إن ظهورها في الساحة الشرق أوسطية سيغير من الأساس منظومة القوى، وسيخلق فرصا جديدة.. ولكنها طرحت السؤال التالي: «كيف يمكن لإسرائيل أن تساعد الأكراد إذا نشبت حرب، وحوصر الأكراد من القوات الشيعية في العراق وحلفائهم في إيران؟» وأشارت إلى أنه «على الأكراد أن يستعدوا للاحتمال الأسوأ، وهو تحول يوم الاستفتاء الشعبي من يوم عيد إلى يوم حداد، إذا قررت الحكومة العراقية دفع قوات الجيش والمنظمات الشيعية المسلحة كالحشد الشعبي إلى كركوك. كما يمكن لإيران أن تقصف السدود، ويمكن لتركيا أن توقف توريد المنتجات الغذائية التي تستوردها كردستان». ومن وجهة النظر الإسرائيلية فإن انهيار نظام سايكس – بيكو القديم وتفكك الجمهوريات العربية في المنطقة يفرضان على إسرائيل تحديد تفاعلها مع الأحداث الإقليمية انطلاقاً من نظرة تتطلع نحو المستقبل. والشعب الكردي – الذي يبلغ تعداده ما بين 30 و35 مليون شخص- قوة معتدلة لم تتبنّ يوماً نظرة أو خطاباً معادياً لإسرائيل، بل ترى فيها مصدر إلهام لما يمكن أن يكون عليه مستقبل كردستان، والتحالف مع الأكراد هو تحالف طبيعي بين أقليات غير عربية في المنطقة، ولكنه حليف لإسرائيل من وجهة النظر الإسرائيلية الاستراتيجية بعيدة المدى. إقامة الدولة الكردية، على مناطق كبيرة من العراق المتفكك، ستساعد على إعادة الاستقرار للشرق الأوسط. وعدا عن المصالح السياسية يعتقد الإسرائيليون أنه ليست هناك عداوة بين الأكراد واليهود. بل هناك حوار جماهيري مُتقد في كردستان حول السؤال الذي يخص ترسيخ العلاقات مع إسرائيل. ويشير كثير من الأكراد إلى أنه على مدى التاريخ، كانت العلاقات بين الأكراد واليهود جيدة. وهناك من الجانب الآخر، في إسرائيل جالية كبيرة من الأكراد. وعن طريق المهاجرين الأكراد اليهود، احتك المجتمع الإسرائيلي بالثقافة الكردية وهو يتقبلها بتفهم. ولا يعارض الإسرائيليون عامة ترسيخ علاقاتهم مع دول مجاورة، وخاصة عند غياب الكراهية تجاه إسرائيل في هذه الدول. لذلك، سيستقبل الإسرائيليون ترسيخ العلاقات الدبلوماسية مع الأكراد برحابة صدر. الجدير ذكره، أنه على مرّ السنين، ساعدت إسرائيل الأكراد سرا. ودرّبت البيشمركة، وزوّدتهم بالسلاح وساعدتهم على تطوير التعليم بلغتهم. ومن جانب آخر: فقد حصلت على مساعدات استخباراتية وعلى هجرة اليهود الذين عاشوا في العراق. وفي سبعينيات القرن العشرين، وفي أعقاب حرب 1973 والأحداث الأخرى التي جرت في الشرق الأوسط، حدث برود في العلاقة بين إسرائيل والأكراد في العراق، ثم بعد ذلك عادت العلاقات لتزداد دفئا. وهناك مصلحة أخرى لإسرائيل، تتمثل في نفط كردستان العراق، وذُكر أن ناقلة نفط كردية رست في إسرائيل، وأفرغت حمولتها في ميناء أشدود الإسرائيلي. وقالت بعض الجهات الإسرائيلية إن إسرائيل معنية بتحسين العلاقات مع كردستان، بهدف زيادة عدد الدول في الشرق الأوسط التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكذلك من أجل توسيع مصادر الطاقة الإسرائيلية. كما توجد في إسرائيل مجموعة رجال أعمال من أصل كردستاني يمكنهم أن يشكلوا جسراً مهماً للعلاقات الاقتصادية والثقافية. بالمقابل، يعتقد بعض أكراد العراق أن التأييد الإسرائيلي العلني لاستقلال كردستان العراق من شأنه أن يطرح الأكراد كشركاء مع دولة تعتبر دولة معادية لإيران. ويتآمرون على الدول العربية. ولو كانت إسرائيل تريد مساعدة أكراد العراق حقا لكانت استطاعت طرح هذا الموضوع في البيت الأبيض، ودفعت الإدارة الأميركية للتصفيق على تأييدها للدولة الكردية المستقلة. إجمالاً، يشير سجل المحاولات الإسرائيلية لاستغلال قضايا الأقليات والصراعات الداخلية في عدد من الدول العربية إلى محدودية مكاسبها من جهة، ومن جهة أخرى، وضع القوى التي استقوت وتحالفت مع إسرائيل في منزلة «براقش التي جنت على نفسها».
|