تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
1آلاء الطالباني زعيمة ‘الحشد الكردستاني’ لتحرير أربيلأسعد البصريالعرب
  

الجنرال قاسم سليماني لا ينام الليل، كيف أن أربيل مدينة سنية عراقية مزدهرة وناهضة حضاريا، كيف ليس فيها داعش ولا تفجيرات ولا انتحاريين؟

 

قال ضابط كبير بالجيش العراقي إن قوات الجيش أتمت يوم الثلاثاء 17-10-2017 السيطرة على جميع حقول النفط التي تديرها شركة نفط الشمال الحكومية في كركوك. وهذا يعني أن طرد الأكراد من كركوك التي تمثل قلب مشروعهم القومي قد تم دون قتال بعد 22 يوما فقط من يوم الاستفتاء الكردي المثير للجدل 25-9-2017.

 

تعداد البيشمركة 375 ألف عسكري وعدد منتسبي الأجهزة الأمنية الكردية يقدر بـ80 ألفا ومدربون أفضل تدريب من قبل الأميركان والألمان والفرنسيين، مع هذا في أول تحرك عسكري عليهم يهربون من كركوك.

 

مسؤول مقرب من الرئيس الإيراني حسن روحاني قال “لم تعد المساعدة العسكرية التي تقدمها إيران سرا. يمكنك العثور على صور للجنرال قاسم سليماني في العراق في كل مكان. الآن وبجانب القضايا السياسية فإن نفط كركوك عنصر مهم لإيران وهي بلد عضو في منظمة أوبك. سيطرة أعداء إيران على حقول النفط ستكون كارثية بالنسبة إلينا. لماذا ينبغي أن نسمح لهم بدخول سوق النفط؟”.

 

بيان مجلس الأمن الدولي بتاريخ 18-10-2017 كان محايدا وعبر عن “قلقه حيال التوترات في كركوك وقال إنه يتعين على جميع الأطراف الامتناع عن التهديد باستخدام القوة والاشتراك في حوار بناء كوسيلة لتخفيض حدة التصعيد”. وأكد المجلس مجدّدا دعمه لوحدة العراق، وشدّد على أهمية الاستمرار في التركيز على هزيمة تنظيم داعش.

 

وكتب نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في صفحته على موقع تويتر بتاريخ 18-10-2017 قائلا، إن “الحكومة العراقية المقتدرة تستطيع أن تستعيد أربيل أسهل من استعادتها لكركوك ولا يستغرق هذا الأمر إلا بضع دقائق فقط”، ونوري المالكي من جهته صرح بأن هناك طريقين “إما أن تصبح منطقة كردستان إدارتين أو إقليمين وإما أن تتحول لمحافظات ترتبط مباشرة بالمركز”، مشروع نوري المالكي كان دائما مشروع دولة مركزية شيعية.

آلاء الطالباني تبحث أمر كركوك مع قيس الخزعلي أشهر المبشرين بـ”البدر الشيعي”

 

شوراس شيركو جدي، وهو مسؤول في حركة كوران، أكبر حركات المعارضة الكردية، قال “كنا نسيطر على مطاراتنا. كنا نسيطر على حدودنا. كنا ندير إقليمنا بشكل ذاتي. الآن ليس لدينا شيء. ومسعود البارزاني هو المسؤول عن ذلك”.

 

بول سالم من معهد الشرق الأوسط في واشنطن ذكر أن مسعود البارزاني بدأ يدرك أن لديه “أصدقاء قليلين للغاية وأنه أضعف كثيرا مما كان يعتقد قبل الاستفتاء”.

 

الموقف الأميركي محير، فالرئيس دونالد ترامب صرّح مبكرا بأن بلاده لن تتدخل في الصراع بين حكومة بغداد وكردستان العراق، ثم ذكر لاحقا في تغريدة على تويتر أنه يعتبر ما حدث بكركوك نصرا له ونتيجة لعمله المضني.

 

ذكر تقرير أمني أميركي أنه لا أثر لأي تدخل إيراني في أحداث كركوك. وهذا يتفق مع تصريح مماثل للمستشار الإيراني علي أكبر ولايتي. كما أكدت قوات التحالف أن الجيش العراقي اليوم أصبح من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط.

 

الحكومة العراقية أعلنت من جهتها عن تسليمها حقول نفط كركوك لشركة برتش بتروليوم البريطانية، وربما لهذا أشادت بريطانيا في عدة تصريحات بدور حيدر العبادي في مسألة كركوك الحساسة، حيث أجري التفاوض بالحوار من دون قتال واستقبل حيدر العبادي اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون دعا فيه العبادي إلى توسيع نقطة الحوار بين الجميع وتوزيع السلطات بالتساوي على مكونات شعب كركوك.

 

حاليا هناك سيناريو تركي لفتح طريق مباشر من بغداد إلى تركيا لفصل الأكراد في العراق عن الأكراد في سوريا، ويسمح لتركيا بالتوغل عميقا في العراق “تلعفر وحتى كركوك”، فهل سيتحقق ذلك السيناريو؟

 

الضربة الكبرى التي تعرّض لها البارزاني هي نشر إيران وثائق تعاونه مع حزب العمال الكردستاني، مثل قضية الشاحنات النفطيّة من سوريا، حيث تم تسليمها لرجب طيب أردوغان لتأتي الرسالة من أنقرة إلى طهران عبر وزير الدفاع: هل أنتم معنا إلى آخر الطريق؟ فكانت الإجابة: نحن لا نمزح مع أحد في الدفاع عن مصالحنا الوطنيّة.

 

المفكر العراقي البارز لحزب الدعوة الحاكم عزت الشاهبندر قال بعد نجاح عملية كركوك إنها نصر سياسي للجنرال سليماني الذي وصفه بأنه “بطل دولي” وربما لهذا سمعنا عن تواجد لخصم سليماني اللدود في الشرق الأوسط الوزير السعودي ثامر السبهان في مدينة الرقة بين قوات سوريا الديمقراطية التي قامت بتحرير المدينة من داعش. هناك تخوف من صراع إقليمي إذا حاول سليماني الوصول بالطريق الشيعي إلى المتوسط بعد القضاء على البارزاني.

 

يسعى سليماني إلى إحكام سيطرته على القادة الأكراد فقد دفع الحكومة العراقية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق النائب الأول لحزب الاتحاد الوطني كوسرت رسول المتحالف مع البارزاني. وهناك ملاحقة للملا باختيار عرّاب الاتحاد الكردستاني وكذلك لمحافظ كركوك المقال. وتقود الحكومة العراقية حاليا حملة تسقيط إعلامي لمسعود البارزاني.

 

هناك حالة غليان في الحدث العراقي والمشهد مرشح للانفجار. موقف سنّة العراق عبر عنه أسامة النجيفي حيث قال إن مشكلتنا مع الشيعة أكبر من الأكراد. فهناك “دولة دينية” تبنى في العراق ونحن لم نتفق على دولة دينية، ولا نستطيع أن نعيش في دولة دينية.

 

وامتدح النجيفي الشراكة مع الأكراد وقال حين حدثت المِحنة كان إقليم كردستان يرحب بالنازحين ويساعدهم بينما تم خطفهم بالآلاف في الرزازة وأذلوا على جسر بزيبز، وإلى اليوم نرى ابن الموصل لا يستطيع دخول بغداد إلا بكفالات ومعاملات كأنه متجه إلى دولة أجنبية.

 

سنة العراق نازحون في كردستان ويقبضون رواتبهم من الحكومة الشيعية. لخص حالهم شاب عراقي في رسالة جاء فيها “أستاذ أسعد يوم الاستفتاء انتشرت إشاعة تقول إن الموظف الذي يشترك في الاستفتاء يُفصل من وظيفته، وبنفس الوقت انتشرت إشاعة مضادة تقول إن العربي السني الذي لا يشارك في الاستفتاء تعتقله ‘الأسايش’ فتخيل الحيرة؟”.

 

هناك اليوم 100 ألف كردي فروا من كركوك خشية وقوع اضطرابات منذ سيطرة القوات العراقية على المنطقة يوم الاثنين. وقال محافظ أربيل نوزاد هادي للصحافيين إن نحو 18 ألف أسرة انتقلت إلى مدينتي أربيل والسليمانية. وبعد احتجاجات خانقين وسقوط قتلى وجرحى فإن الوضع مرشح للتأزم.

 

المشكلة هي أن القضية الكردية ساقطة جغرافيّا. حتى لو قامت دولة عربية بمساعدة البارزاني من خلال أكراد سوريا فلا نرى مستقبلا مشرقا لهذه المساعدة، طالما الطريق إلى المتوسط لا بد أن يمر بمناطق العلويين مثل اللاذقية وطرطوس.

 

    مشروع سليماني اليوم ليس فقط السيطرة على نفط كركوك واستمرار التهريب نحو ميناء بندر عباس، بل يريد أولا طرد البارزاني ليبقى الأكراد بلا قيادة سياسية، وبعدها يتم زرع داعش ثم تحرير أربيل وتحرير دهوك وسنتثقف بالجغرافيا ونتعرف على القرى والوديان الكردية فهي ستكون ببركات إيران ساحات قتال

 

المخابرات العراقية السابقة قدمت للبارزاني فكرة عبقرية عام 2005 ليصبح زعيما لجميع السنة وينزل من قلعة أربيل إلى بغداد حيث يحيط به ضباط النظام السابق. ومقابل ذلك تكون لديه سبع محافظات عراقية، وأكثر من نصف البرلمان، ومنفذ جغرافي نحو السعودية والمملكة الهاشمية. وهكذا يحسم التوازن المذهبي ويقنع تركيا بأن مشروعه ليس عنصريا ولا يشكل خطرا عليها بل يستهدف النفوذ الإيراني حصرا.

 

مشروع سليماني اليوم ليس فقط السيطرة على نفط كركوك واستمرار التهريب نحو ميناء بندر عباس. بل يريد أولا طرد البارزاني ليبقى الأكراد بلا قيادة سياسية، وبعدها يتم زرع داعش ثم تحرير أربيل وتحرير دهوك وسنتثقف بالجغرافيا ونتعرف على القرى والوديان الكردية فهي ستكون ببركات إيران ساحات قتال. سيتم ذبح الأكراد باسم الإرهاب.

 

وربما سيخرج الأكراد من مدنهم يجرون جثث صغيراتهم المدللات بعربات كما حدث للموصل. وربما سينسى الأكراد الفساد وتهريب النفط والاستبداد ويبكون دما على قائدهم البارزاني بل سيبكون على صدام حسين نفسه.

 

الجنرال سليماني لا ينام الليل، كيف أن أربيل مدينة سنية عراقية مزدهرة وناهضة حضاريا، كيف ليس فيها داعش ولا تفجيرات ولا انتحاريين؟ كيف المطاعم والرقص فيها حتى الفجر؟ ثم إن الشيعة لا يريدون للسنة حصة بمحاربة الإرهاب فهم يفضلون البقاء كخيار أميركا الوحيد لهذه المهمة.

 

من الغريب أن تساند الولايات المتحدة دولا دينية مثل إيران والعراق ضد كردستان العلمانية! كما لو أن المشكلة ليست في التطرّف الديني ولا ابن تيمية بل هو مشروع إبادة لسنة العراق عربا وأكرادا. لقد تم إغلاق وتحطيم محلات الخمور بكركوك بعد دخول الحشد الشعبي إلى المدينة والذي لم يتردد في اغتيال ضابطين من النظام السابق كانا يحتميان بالأكراد في تلك المدينة.

 

سيتم تدعيش المدن الكردية بالقوة ثم يأتي الحشد لهدمها والبحث عن غنائم. كل ما فعله البارزاني هو استفتاء لا يقدم ولا يؤخر، مجرد فتيات كرديات يرقصن بشوارع أربيل.

 

إن سليماني يفضّل هدم المدن السنية وتدعيشها ثم فيما بعد يتم إلقاء اللوم على صحيح البخاري وأحاديث محمد. وإلا بماذا تفسر زيارة النائبة آلاء الطالباني مرتدية الحجاب إلى النجف الأشرف؟ أليست هذه بداية تشيع الأكراد وتشكيل “الحشد الكردستاني” لتحرير أربيل؟ هذه هي الخلاصة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتبمكان النشر
2الأكراد بين العراق وسوريا

 

 

د. رضوان السيد

 

 الاتحاد الاماراتية
   

عندما عادت الأمور أو آلت إلى الجد، اجتمعت كل القوى على الأكراد، فما استطاعت كوردستان الحصول على الاستقلال بعد الاستفتاء. وكان واضحاً لمسعود البارزاني منذ البداية أنّ الحكومة العراقية لن توافق، وكذلك الأتراك والإيرانيون. لكنه كان يراهن على الدعم الأميركي. فالأميركيون حاضرون بالعراق الآن، وقد جاؤوا ثانيةً باسم مقاتلة «داعش»، وأول دوافعهم الدفاع عن الأكراد في العراق وسوريا. لذلك حسب البارزاني أنها فرصةٌ لا تُعوَّض. لكنْ لماذا كان البارزاني مضطراً للاستفتاء؟ كان مضطراً لذلك لأنّ وضعه القانوني غير سليم، وكان ينبغي أن يغادر منصبه قبل سنوات. وقد ازدادت الانقسامات بينه وبين «حركة التغيير» الكردية وحزب طالباني الأقرب لإيران. وقد ظن أنه في موقع قوة الآن؛ فالبشمركة في قوة الجيش العراقي، وقد استولت على كل المناطق المتنازع عليها مع الحكومة، وبخاصة كركوك وآبار النفط فيها. فلو أنه بالاستفتاء سار نحو الاستقلال، لكان بطل الأكراد وزعيمهم القومي الأبدي، خاصة أنه يذهب إلى الاستقلال مع كركوك وما حولها وأجزاء من نينوى وديالى، وكلها مناطق لا يشكل الأكراد أكثرية فيها، لكنهم – وبخاصة كركوك – يعتبرونها من مناطقهم التاريخية!

 

على كل حال غامر الرجل، وفي ذهنه دعم الأميركان، وأنّ الجيش العراقي لن يقاتل الأكراد كما كانت جيوش صدام تفعل. وقد حصل الأمران اللذان لم يتوقعهما: وقف الأميركان على الحياد وأعلنوا ذلك، ودخل الجيش العراقي (ومعه مليشيا «الحشد الشعبي») إلى كل المناطق المتنازع عليها، والتي كان الأكراد يحتلونها. وخسرت القضية الكردية ثلاث مرات: مرةً لأنها ما حققت أملها في ضم كركوك، ومرة لأنّ الانقسام بالداخل الكردي صار أكثر عمقاً؛ فقوات طالباني وحزبه انسحبا باتفاق مع العراقيين وسليماني. ومرة ثالثة لأنّ التفاوض مع الحكومة العراقية صار أصعب، لأنّ الشيعة العراقيين أدركوا أن الأكراد أضعف عسكرياً وسياسياً مما كانوا يظنون. وقد ظل البارزاني منذ عام 2003 هو سيد الساحة العراقية، والحكم الأكبر في كل القضايا؛ فالكرد في العراق أقوى منهم خارجه، ولو صاروا دولةً مستقلة. لكنّ «غلطة الشاطر بألف غلطة»!

 

إن وضع الأكراد في سوريا مختلف. فهم في الأصل ليسوا أصحاب مشروع استقلالي. والأميركان والروس معهم حتى الآن في مسائل الفيدرالية. ثم إنّ النظام السوري لا يكف عن مجاملتهم والتنسيق معهم ما أمكن. لكنّ تركيا ضد المشروعين: الاستقلالي والفيدرالي، إذ طالما كانت حتى مناطق صديقهم البارزاني ملاذات لـ«حزب العمال» الكردستاني، وهو ما يخشون أن تصبح عليه المناطق الكردية السورية. بل ويزعم الأتراك أن الجذر العسكري القتالي لقوات «سورية الديمقراطية» هو «حزب العمال» وقواته. ولا يمكن إرغام تركيا على الانسحاب، وبخاصة أنه صارت لها وظيفة في إدلب. فالأمر رهنٌ بالحل السياسي أو الانتقال السياسي بمقتضى القرار 2254. وهذا بعيدٌ بعض الشيء لأن الأميركان والروس متنافرون، إذ أن أنصارهم يتنازعون على المناطق ويتسابقون للحصول عليها. وقد حصل شركاء الأميركيين على الرقة، ويريدون الحصول على شرق دير الزور، وهذا دخولٌ في المحظور الروسي والإيراني، مع أن النظام والروس والإيرانيين سيطروا على أحياء من الدير غرب الفرات، وسيطروا على مدينة الميادين، وهي نقطة داعشية استراتيجية. ودير الزور مهمة للإيرانيين وللنظام، لأنها بلد النفط، وأقرب للحدود العراقية، والإيرانيون يريدون كوريدور بين طهران ولبنان («حزب الله») عبر العراق وسوريا!

 

في الحسابات الاستراتيجية، لا تُهم أعداد الميليشيات ولا قوتها، بل المهم هو على أي أرض تسيطر، وإلى أي دولة تستند؟ «حزب الله» وميليشيا «الحشد الشعبي» ينتميان إلى إيران، ولأن إيران قوية بشراكاتها مع الروس والأتراك، تبدو ميليشياتها قوية وتتقدم. أما البشمركة التي وصلت أعدادها إلى 150 ألفاً، فإنها بدت ضعيفة تماماً؛ لأنه لا سند لها في التسليح والإمداد والحماية، ما دامت القوة الأعظم ليست معها، ودول المحيط جميعاً ضدها!

 

لذلك، ورغم أن ظروف أكراد سوريا ما تزال أفضل (حتى الآن على الأقل)، فإن قوّتهم وقدرتهم منوطة بمدى وقوف أميركا وروسيا مع طموحاتهم من جهة، ومدى التفاهم بين النظام السوري والأتراك في المستقبل على حلٍ مع قوات «سوريا الديمقراطية»، أو مكافحتها. ويا للكرد!

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
3  الاستغناء عن الولايات المتحدة صار ممكناً في العراق

 

   ذي أتلانتك
“عندما ينشب القتال بين العرب والأكراد، إلى أي جانب سيقف الأميركيون؟” كانت هذه الرسالة التي طلب مسعود برزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، من كبير موظفيه أن ينقلها إليّ لأحملها بدوري إلى كبار المسؤولين الأميركيين في بغداد عام 2010.

 

كنت حينذاك مستشارة سياسية للجنرال ريموند ت. أوديرنو، قائد القوات الأميركية في العراق، وكان رئيس وزراء العراق آنذاك نوري المالكي وبرزاني قد سألا الجنرال أوديرنو مساعدتهما في تفادي الصراع، بعدما شعرا بالقلق حيال تنامي التوتر بين العرب والأكراد قبيل انتخابات عام 2010 الوطنية في محافظة نينوى؛ لذلك طوّرنا نظاماً من نقاط التفتيش المشتركة بغية تسهيل التعاون بين القوى الأمنية العراقية، والبشمركة الكردية، والقوات الأميركية.

 

ومع تراجع خطر “داعش” اليوم إلى حد كبير واقتراب انتخابات عام 2018، بدأ السياسيون العراقيون والأكراد يستعدون لكارثة محتملة، فلا شك أن برزاني عاود التساؤل عن الجانب الذي وقفت معه الولايات المتحدة عندما اقتحم مقاتلو الجيش العراقي والميليشيات الشيعية محافظة كركوك على متن دبابات إم-1 أبرامز وآليات هامفي، فسيطروا على المطار، وحقول النفط، ومبنى الحكومة، وأنزلوا علم كردستان.

 

أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تنحاز في ما تعتبره خلافاً بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني أشعله برزاني، واشنطن مستاءة لأن برزاني لم يصغِ إلى تحذيراتها وأجرى الاستفتاء، وتواصل تشديدها على أنها تدعم سياسة “الدولة العراقية الموحدة”، وأن من الضروري أن تواصل كل الأطراف التركيز على محاربة “داعش”.

 

يشعر برزاني أن الولايات المتحدة خانته مرة أخرى، فهو لم ينسَ مطلقاً أنها تخلت عن والده عندما كان بأمس الحاجة إليها عام 1975، بعدما قطع شاه إيران الدعم فجأة عن الأكراد مقابل اعتراف صدام حسين بملكية إيران للأراضي التي تطالب بها.

 

لجأ الملا مصطفى برزاني حينذاك إلى الولايات المتحدة طلباً للمساعدة، إلا أن هنري كيسنجر رفض، فانهارت المقاومة الكردية، وعندما التفت برزاني اليوم إلى الولايات المتحدة طلباً للدعم، قيل له إن الأزمة الراهنة من صنع يديه.

 

عند تأمل هذه المسألة عن كثب، يبدو أن النصر كان حليف حيدر العبادي، السياسي الذي تريد الولايات المتحدة أن يفوز في انتخابات عام 2018 لأنها تعتقد أنه “رجلنا”، وأنه وطني عراقي، وأنه سيسمح لعدد من القوات الأميركية بالبقاء في العراق.

 

ولكن عندما ننظر إلى الصورة الأشمل، يبدو هذا نصراً إيرانياً إضافياً، فتُظهر إيران للجميع في المنطقة أنها هي الحليف الذي لا غنى عنه، لا الولايات المتحدة، وتعمل إيران على تأمين ممراتها في العراق وسورية، مؤديةً دور الوسيط بين المجموعات المختلفة على الأرض.

 

في المقابل تتراجع المساحة التي تشغلها الولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك تضطلع إيران بدور أساسي، ساعيةً للتوصل إلى صفقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحكومة العراقية، فضلاً عن أنها توجه الميليشيات الشيعية التي تدعم العراق.

 

من مصلحة إيران الحفاظ على تلك الميليشيات، مما يصعّب على أي رئيس وزراء عراقي مهمة حلّها، بالإضافة إلى ذلك تزداد تركيا، التي كان سابقاً حليف الولايات المتحدة، تقرباً من إيران وروسيا.

 

من الممكن التوصل إلى تسوية ما لإقامة اتحاد كنفدرالي يضم كردستان ويمنح كركوك وضعاً خاصاً، لكن هذه الخطوة تتطلب وساطة، ومن غير المرجّح أن يضطلع الأميركيون بهذا الدور.

 

لمَ تُعتبر هذه المسألة مهمة؟ لأن التسوية الإيرانية لن تنشر الاستقرار في المنطقة، إلا أنها ستدوم وقتاً كافياً لتقوّض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، ولكن إذا لم نسعَ إلى ضبط إيران وحلفائها، فسيصطدمون بإسرائيل عاجلاً أو آجلاً. وستُضطر الولايات المتحدة عندئذٍ إلى التحرّك.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
4 هل يسدّد مسعود بارزاني فاتورة الاستفتاء وتداعياته؟ بشير عبد الفتاح

 

   الحياة السعودية
 أما وقد أعلنت مفوضية الانتخابات في كردستان العراق تعليق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كان مقرراً إجراؤها مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تزامناً مع تداعيات الوضع الجيوسياسي الجديد المتمثل في استعادة حكومة بغداد المناطق المتنازع عليها، يكون الإقليم قد أضحى على شفا منعطف سياسي خطر، ليس فقط في ما يتصل بمصيره، ولكن أيضاً في ما يخص مستقبل رئيسه مسعود بارزاني.

 

فبمرور الوقت، ومع تعقد الأزمة، يبدو بارزاني كما لو كان على موعد مع سداد فاتورة الاستفتاء الذي أصر على إجرائه في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وسط معارضة شديدة من بغداد والمجتمع الدولي، باستثناء إسرائيل. خطوة الاستفتاء، ترتبت عليها نتيجتان فارقتان، الأولى عسكرية وتجلت في تبديد المكتسبات الجيواستراتيجية التي اغتنمها الإقليم ورئاسته مِن وراء الدور البارز للبيشمركة خلال الحرب ضد «داعش»، بعدما تراجعت القوات الكردية إلى خطوط حزيران (يونيو) 2014 أو ما يعرف بحدود عام 2003، إثر فقدان الأراضي التي ضمَّتها بعد تحريرها من سيطرة «داعش»، وفي قلبها كركوك حيث توجد 40 في المئة من احتياطي النفط و70 في المئة من احتياطي الغاز العراقيين.

 

والثانية، تمثَّلت في التداعيات السياسية للاستفتاء، والتي بدت في ملمحين بارزين: أولهما الصدع الهائل الذي ضرب وحدة إقليم كردستان، إذ أفضى إصرار بارزاني على انفصاله إلى اضطراب سياسي تجلى في تداول معلومات عن احتمالات طرح سيناريو العودة إلى صيغة الإدارتين التي اعتمدت في تسعينات القرن الماضي، إذ كانت محافظة دهوك تتبع أربيل والحزب الديموقراطي بينما تتبع كركوك السليمانية وحزب الاتحاد الوطني، فيما توصل حزبا بارزاني وطالباني عام 2000 وبعد نزاع مسلح إلى تفاهم لبسط النفوذ على كردستان، وتوحيد إدارتي المدينتين في حكومة واحدة، على أن يتولى كل حزب مسؤولية إدارتها لمدة عامين.

 

وبينما تبدي دوائر كردستانية تفهماً لصيغة الإدارتين حالياً، خاصة بعدما فقد حزب بارزاني نفوذه في كركوك ومناطق أخرى على خلفية الاستفتاء وتداعياته، في وقت نجح حزب الاتحاد الوطني في إبرام صفقات مع بغداد وطهران، تلقى على إثرها وعوداً بتعزيز نفوذه في المحافظة الغنية بالنفط وفي السليمانية بعد انسحاب القوات التابعة له مِن المناطق المتنازع عليها، لوَّحت مصادر كردية مطلعة بإمكان إقدام حزب الاتحاد الوطني على إعلان استقلال السليمانية عن أربيل بدعم من حكومة بغداد ومباركة من طهران، لقاء التسهيلات الكبيرة التي قدَّمها الحزب لخطة رئيس الوزراء حيدر العبادي الرامية إلى استعادة السيطرة على المناطق المتنازع عليها من أيدي البيشمركة. كما لم تستبعد المصادر نفسها أن تدعم بغداد وطهران انتقال مركز الثقل السياسي الكردي من أربيل إلى السليمانية، في خطوة، قد تعيد إلى الأذهان، ما فعله طالباني عام 1996، حين استعان بإيران لإنهاء حكم بارزاني، وها هم اليوم يكادون يكررون السيناريو نفسه، ولكن في غياب صدام حسين، الذي سانَد مسعود بارزاني حينها وأنقذه مِن السقوط.

 

الملمح الثاني، تمثَّل في الفرصة الذهبية التي أتاحها الاستفتاء وتداعياته لخصوم بارزاني السياسيين، سواء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أو حركة التغيير، أو حتى معارضيه داخلَ حزب الاتحاد الديموقراطي، علاوة على الساسة العراقيين في بغداد، للانقضاض عليه، وتبديد آماله في أن يصبح الأب المؤسس لأول دولة كردية ويورث حكمها لنسله. ويرى معارضو بارزاني أن استمراره في رئاسة إقليم كردستان بات أمراً غير شرعي، بعدما انتهت فترات رئاسته القانونية في آب (أغسطس) 2015، كما يسعون للحيلولة دون تمكنه من توريث منصب الرئيس لابنه مسرور. وبناءً عليه، دعا رئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد، بارزاني، إلى تقديم خدمة جليلة لشعبه عبر الاستقالة من منصبه وإتاحة الفرصة للأكراد ليقرروا مصيرهم بإرادة حرة، وليس على أساس حساباته السياسية العائلية.

 

وبعدما حمَّلت «السياسة الفاشلة» بارزاني مسؤولية ضياع مكتسبات الإقليم، دعت «حركة التغيير» شخصيات سياسية كردية إلى وضع خطة للخروج من الأزمة عبر إعادة بناء مؤسسات الحكم على أسس وطنية، وطالبت السلطات التي كانت تستخدم معاناة الشعب لمصالحها الشخصية والحزبية، بتحمل مسؤوليتها عما جرى عقب الاستفتاء ومن ثم التنحي عن أي مهمات تنفيذية أو مناصب سياسية. وتعتبر «حركة التغيير» ثاني أكبر قوة سياسية معارضة في كردستان العراق بعد الحزب الديموقراطي، وأفضى توتر علاقتها ببارزاني إلى منع الأخير أعضاء الحكومة ونواب البرلمان التابعين للحركة من مباشرة مهامهم في أربيل، الأمر الذي تسبَّب في حدوث شلل تام في مؤسسات الإدارة البلدية الكردية.

 

وتسعى تلك الحركة من أجل تشكيل حكومة إنقاذ وطني إلى حين تحديد موعد جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. وشأنها شأن أحزاب سياسية كردية أخرى على شاكلة «التحالف من أجل الديموقراطية والعدالة» بزعامة برهم صالح، الذي انشق عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ترى «حركة التغيير» أن التداعيات الخطرة التي أعقبت الاستفتاء تعد مؤشراً على أفول حقبة آل بارزاني في حكم إقليم كردستان، كما تعتبر أن انسحاب البيشمركة من مناطق نفوذها يشي بأن «الظاهرة البارزانية» في السياسة الكردية باتت مِن الماضي.

 

وبدا لافتاً أن إسدال الستار على حكم بارزاني كردستان لم يعد هدفاً لخصومه من الأكراد داخل حدود الإقليم فحسب، إذ بدأ سياسيون بارزون في الأحزاب الشيعية العراقية الموالية لإيران في الإعلان صراحة عن رغبتهم في إنهاء حكم بارزاني وعائلته. ومِن أبرز هؤلاء رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي يقود حزب الدعوة الإسلامية الحاكم، والطامح بقوة إلى استعادة منصبه، غير مكترث بضعف حظوظه مقارنة بمنافسه حيدر العبادي صاحب إنجاز استعادة المناطق المتنازع عليها وحماية وحدة العراق بعد تحرير ثلث أراضيها من «داعش».

 

فبمنطق براغماتي بحت، لم يتورّع المالكي عن استثمار محنة بارزاني، لتقوية موقفه التنافسي المرتبك في الانتخابات العراقية المزمع إجراؤها في ربيع 2018، عبر إطلاق حملة شعواء تستهدف رئيس إقليم كردستان وتحمله مسؤولية إخفاقات المالكي نفسه حين كان رئيساً للوزراء، بتغليب مصالحه الشخصية والعائلية على مصلحة الإقليم ووحدة واستقرار الدولة العراقية، فضلاً عن وصمه بالخيانة والتواطؤ مع إسرائيل، وتسهيل غزو «داعش» واحتلاله الموصل وغيرها من المناطق العراقية صيف 2014.

 

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
 5    

بغداد والأكراد: أوهام النصر والهزيمة

 

   الياس حرفوش

 

    الحياة السعودية
 

 

أزمة العلاقة بين الأكراد والحكومة المركزية في بغداد ليست جديدة ولا هي فريدة من نوعها. إنها أزمة تواجه عدداً من الدول التي يحكمها نظام اتحادي (فدرالي) كما هو حال العراق، في تعاطي المركز مع مختلف مقاطعاته أو حكوماته المحلية. وفي السنوات الأخيرة، أخذنا نشهد تصدعاً متزايداً في علاقة المركز بالأطراف، حتى في دول معروفة بعراقتها الديموقراطية وبتعاطيها السلس مع «أطرافها». من الأمثلة على ذلك ما حصل في اسكتلندا التي اختارت البقاء ضمن المملكة المتحدة، وما نشهده حالياً من صراع بين مدريد وبرشلونة حول حق إقليم كاتالونيا في الانفصال عن المملكة الإسبانية. حتى مدينة البندقية، إحدى تحف إيطاليا السياحية والمعمارية، تبحث عن سبيل للفكاك من «هيمنة» روما. كل ذلك على رغم أن حقوق القوميات المختلفة في هذه الدول مضمونة ومعترف بها أكثر مما هو حال الأكراد في العراق أو في المنطقة العربية في شكل عام.

 

لا جديد إذاً في سعي الاكراد الى اثبات هويتهم العرقية الخاصة من خلال مشروع سياسي مستقل. ومن المبالغة القول إن هذا المشروع قد هُزم بعد «استعادة» مدينة كركوك من قبل قوات الحكومة الاتحادية. فكركوك أساساً ليست مدينة ذات اكثرية كردية ليقال إن الأكراد «هُزموا» فيها. كما أن دخول «البيشميركة» إلى كركوك سنة 2014 حماها من سيطرة تنظيم «داعش»، عندما انسحب الجيش العراقي من وجه التنظيم الإرهابي، كما فعل في الموصل، التي انتهت مدمّرة ثمناً لإعادتها إلى حظيرة العراق.

 

فوق ذلك، سوف تعزز «استعادة» كركوك، بالطريقة التي تمت بها، مشاعر عدم انتماء الأكراد إلى العراق، خصوصاً في ظل مظاهر الاحتفال التي سادت، والتي غلبت عليها أعلام ايران وشعارات «الحشد الشعبي»، على رغم مساعي رئيس حكومة العراق حيدر العبادي إعطاء الاحتفالات طابعاً وطنياً، ومساعيه إلى تطمين الأكراد إلى حرص «وطنهم» عليهم. وكانت لافتة دعوة المرجع الشيعي السيد علي السيستاني، إلى ضرورة توفير الأمن للأكراد، بعدما أخذ عشرات الآلاف من أبناء كركوك الكرد يهجرون مدينتهم.

 

قد يصح اعتبار سيطرة الجيش العراقي بدعم من فصائل «الحشد الشعبي» على كركوك هزيمة لمسعود بارزاني، ورداً على خطأ ضم هذه المدينة المتنازع عليها إلى الاستفتاء على استقلال الإقليم. لكن هناك مبالغة في التفاؤل عند استنتاج أن معركة كركوك ستكون مدخلاً إلى استعادة لحمة العراق، وتماسك مختلف مكوناته، وخصوصاً العربية والكردية منها. ذلك أن مشكلة كركوك، التي تعود الى زمن صدام حسين، ومساعيه لـ «تعريب» المدينة من خلال تغيير وضعها الديموغرافي، لن تجد حلاً إلا بمشاركة أهلها كلهم، وليس بهيمنة فريق منهم على الآخرين.

 

ما بعد كركوك قد يعيد طموحات الأكراد إلى أرض الواقع، وقد يعلمهم شيئاً من فن السياسة، بعيداً من المغامرات والحسابات الخاطئة. لكن ما يلي هذه المعركة يفترض أن يوقظ الحكومة المركزية في بغداد من حلمها بأنها في الطريق إلى بسط سلطتها على كامل أراضي العراق. أولاً لأن بسط هذه السلطة لا يمكن أن يتم بالقوة المجردة وحدها، وإلا تحوّل إلى إخضاع قسم من المواطنين، أكثر مما هو كسب ولائهم، الذي يفترض ان يكون طبيعياً، لوطنهم. وثانياً، وهذا الأهم، أن بسط هذه السلطة يتم بمؤازرة قوة مسلحة، رديفة للقوات الشرعية العراقية، لها هويتها المذهبية الفاقعة التي أظهرت انتماءها من خلال الرايات والاعلام التي رفعتها تحدياً في شوارع كركوك بعد «تحريرها». ومن شأن إدخال قوة بهذه المواصفات، ولو وصفت نفسها بأنها «حشد شعبي»، أن يثير الهلع في نفوس مواطنين يتحصنون أصلاً خلف انتمائهم القومي، ويحتمون بأحزابهم الخاصة وبميليشياتهم، لأنهم لا يميلون إلى الثقة بمشروع الدولة ولا بقواتها المسلحة. لذلك وجدنا عشرات الآلاف منهم يفرون من كركوك إلى أربيل والسليمانية، لأنهم يشعرون بأن هاتين المدينتين أكثر قدرة بالتالي على توفير الاطمئنان لهم ولمستقبل عائلاتهم.

 

لا تضع استعادة كركوك نهاية لحلم أكراد العراق. ينتهي حلم الأكراد عندما يشعرون بأن البلد الذي يعيشون فيه يحمي مصالحهم كما يحمي مصالح الآخرين، عرباً وكرداً، سنّة وشيعة ومسيحيين. لكن عندما يشارك قاسم سليماني في الإشراف على معركة كركوك، فمن شأن ذلك أن يعزز شعور الأكراد، كما شعور كثيرين في العراق وخارجه، بأن طهران شريك فاعل في قرار القيادة في بغداد، إن لم تكن صاحبة القرار الوحيدة.

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
 6    تركيا بين صورتي السيد خامنئي في كركوك وعبدالله أوجلان في الرقة وسيناريو إعادة موقفها من قضية كردستان العراق

 

   عمر الرداد

 

    راي اليوم بريطانيا
  

تتسارع التطورات على الأرض في سوريا بعد انتصار قوات سوريا الديمقراطية على داعش في الرقة، ورفع صورة رمز الأكراد المعاصر عبدالله أوجلان ، القابع في السجون التركية، فيما أسهم انسحاب البيشمركة الكردية ،من كركوك في العراق إمام الحشد الشعبي العراقي ” النسخة العراقية من الحرس الثوري الإيراني” بالتزامن مع انتصارات “قسد” في الرقة ، انتكاسة للإستراتيجية التركية في العراق وسوريا ، حيث التحالف التركي الناشئ مع إيران على خلفية القواسم المشتركة معها تجاه القضية الكردية ، وضربة جديدة للعلاقات الإستراتيجية مع أمريكا على خلفية الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا وإسناد مهمة هزيمة داعش لها .

ربما كانت تطورات الرقة معروفة سلفا ، خاصة بالنسبة لتركيا التي طالما كانت تفاصيل الدعم الأمريكي لأكراد سوريا سببا في الخلافات بين الجانبين ، خاصة وان تركيا لم تحصل على تضمينات مؤكدة من الأمريكان حول الحل المستقبلي في سوريا ، وضمانات ان لاتكون هناك دولة كردية في سوريا  ولا في العراق، لذا تلتقي تركيا مع إيران اليوم في مقولة ان الحل النهائي في العراق وسوريا لن يكون إلا باستمرار وحدة العراق ووحدة سوريا ، رغم خلافات أنقرة مع السلطات في بغداد ودمشق ،وهو ما يعبر عن حالة دفاعية إيرانية تركية مشتركة، فرضها احتمال نشوء دولة كردية ، رغم التباينات الكثيرة بينهما.

تطورات ما بعد الاستفتاء الكردي في العراق،وتحديدا انسحاب التشكيلات العسكرية التابعة للاتحاد الكردستاني ( الطالباني)من كركوك ، بترتيب مع إيران ، اضعف موقف تركيا وحليفها (المتمرد عليها) مسعود برزاني، واحدث صدعا غير معلن حتى الآن بين تركيا وإيران ،اذ يرجح ان تركيا تحالفت مع إيران ضد إقامة دولية كردية فقط ،وليس تسليم مناطق متنازع عليها لإيران بطريقة غير مباشرة ،ترفع فيها صور السيد خامنئي، بما يفضي لإضعاف تركيا بالعراق ، رغم أن إستراتيجية تركيا بالعراق مرتبطة أساسا بالقضية الكردية وتواجد حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق، وتطلعات تركيا لدور إقليمي .

تطورات كركوك من المرجح ان تدفع القيادة التركية لإعادة النظر بتحالفها(تفاهمها) الاستراتيجي مع إيران ، وربما تذهب باتجاه استمرار التفاهم الهش مع إيران في سوريا ، رغم ما يتردد إن دخول إيران لكركوك كان بالتوازي مع دخول تركيا إلى ادلب ، خاصة وان التحالف التركي الإيراني العراقي ضد الاستفتاء الكردي فرضه تسارع إيقاع الاستفتاء، وفشل رهانات وتقديرات تركية بان البرزاني(حليفها) لن يقدم على الاستفتاء، غير ان تطورات كركوك في بعدها المرتبط بعلاقات تركيا وإيران، ربما يدفع تركيا لإعادة التحالف مع حليفها الجريح البرزاني. وربما أنضجت التطورات وخاصة (الخيانة)الكردية الى جانب عوامل أخرى مبررات لبرزاني لكي يسوق انه تم إفشال الحلم الكردي من قبل الاتحاد الكردستاني، وربما يضمن خروجا أمنا بتجميد الانفصال مع الاحتفاظ بنتائج الاستفتاء ، وتحالفه مع تركيا سيقوي أوراقه بأية عملية تفاوض مستقبلية مع بغداد .

هذا السيناريو أي إعادة التقارب بين تركيا وبرزاني تؤيده جملة أسباب وهي  ، أولا : الاستدارات التركية وانقلاباتها على تحالفاتها ، مهما بدت وثيقة، في إطار براغماتية تبحث بالمجهر عن مصالح تركيا ، حتى وان تعارضت مع هدفها  بالاحتفاظ بصورة الدولة الاسلاموية الحداثية، وثانيا: ان برزاني هو الشخص الأكثر موثوقية ( رغم تمرده بإجراء الاستفتاء) في تامين المصالح التركية ، اذ تفتقد تركيا حاليا لحليف كردي قوي،في الوقت الذي حققت فيه إيران اختراقا من خلال الطالباني ، خاصة وان برزاني هو الاقدرعلى إفشال مخططات حزب العمال الكردستاني التركي، في حين ان قدرات طالباني على هذا الصعيد محدودة،وثالثا:حجم العلاقة الاقتصادية بين تركيا وبرزاني ، حيث تشير إحصاءات إلى أن حجم الاستثمارات التركية في كردستان العراق تتجاوز ال(50)مليار دولار، مقابل أكثر من (100)مليار دولار استثمارات لعائلة برزاني في تركيا ،ورابعا: رغم انضمام تركيا لتحالف بغداد وطهران ضد الاستفتاء الكردي ، إلا أنها عمليا لم تتخذ أية إجراءات جادة ضد كردستان العراق ، على الأقل بمستوى الإجراءات التي اتخذتها بغداد وطهران ،حيث المعابر الحدودية التركية مع إقليم كردستان لم تغلق كما إن صنبور النفط الكردي لا يزال يتدفق الى تركيا ، وربما توقفت أنقرة مليا عند العقد النفطي الروسي مع كردستان العراق ، لتعيد حساب خسارتها ، على أهمية الموازنة بين الأمن القومي التركي ومصالحها الاقتصادية ، وتدرك أن بغداد وطهران ومعهما موسكو تحقق نجاحات على حساب إخفاقاتها .

مرجح انه وبحجم مفاجأة كركوك (ما بعد كركوك ليس كما قبلها)، ستكون هناك مفاجآت بالموقف التركي فقد عودنا الرئيس اردوغان على استدارات ملفتة على الطريقة التي تمت مع روسيا بعد إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع روسيا،وربما يؤيد التناغم التركي الأمريكي ، بعد اتهامات تركيا للسفير الأمريكي بأنقرة بأنه السبب الرئيس في تازيم العلاقة بين الجانبين ، وموافقة الرئيس ترامب على ذلك في مساعدة تركيا باتخاذ خطوات أكثر جرأة ، وطهران وبغداد وربما موسكو، ربما تدرك جيدا احتمالات انقلاب تركيا (الحليف غير الموثوق)، ضامن الجماعات الموصوفة ب “الإرهابية” وحليفها في سوريا،ربما تكون الاستدارة التركية أسرع مما يتوقع لها.

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
7 العلاقات العراقية – السعودية التحديات والتناقضات

 

 عبد الخالق الفلاح

 

    راي اليوم بريطانيا
  

تشهد الساحة الإقليمية نشاطاً وتغييرات لافتة، ومن ضمن جملة التغييرات يحدث التقارب السعودي – العراقي مؤخراً وظهور رغبة من البلدين في تعزيز العلاقات.لا نشك من ان العلاقات الدولية ضرورة مهمة بين البلدان  ،ولانها الوسيلة للتطوير والمجال للنمو والتقدم و تزويد بالمهارات اللازمة للعمل على نطاق واسع. والزيارات المتبادلة استعراض للبرامج  وتحسين العلاقات الطبيعية بين الدول ولاسيما التي  بينهما حقوق ومصالح مشتركة في السياسة الدولية. واذا ما كانت تلك العلاقة تنعدم فيها الثقة  العميقة  تكنه كلتا الدولتين لبعضهما البعض، لذلك الحوار المباشر ضروري للفهم بشكل أفضل والبدء في تقليل الشكوك المتبادلة بينهما .العلاقات الدولية تتمركز حول شكل العلاقات ونمط التفاعل الذي يتم بين مجموعة من الكيانات وتشمل الدول، والحكومات، والمنظمات الإقليمية والدولية، وهؤلاء جميعهم يسمون من الناحية العلمية بأنهم وحدات المجتمع الدولي. بمرور الوقت اهتمت الدول في تطوير قوانين وأنظمة دولية تساعد في الحفاظ على استقرار العالم وضمان أمنه، وبدأت بالتفكير جدياً باستحداث منظمات دولية تعنى بتنظيم التعاون الدولي في مجالات عديدة، ولذلك أسست العديد من المنظمات الإقليمية والدولية التي تعنى بتنظيم مجالات التعاون الدولي المختلفة.وتبقى السمة الأبرز في العلاقات الدولية حالياً هي انعدام خصوصية الدول، وتراجع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الذي يعد من مبادئ الأمم المتحدة للعلاقات الدولية، مما يعني انتهاء حالة بقاء الدولة معزولة عن بقية الدول، إذ تتأثر بكافة العلاقات سواءً كانت طرفاً فيها أم لم تكن.

ومنها العراق في الوقت الحالي يحتاج لهذه العلاقة أكثر من الجيران بحكم الواقع وبحكم التجربة وبحكم روابط متنوعة هي أقرب إليه من غيره ، وخاصة مع المملكة العربية السعودية  على الرغم من زحمة التناقض وحجم التحديات ،و هناك ادلة کبیرة وکثیرة جدا في هذا المجال ولاتحتاج الی عملیة سرد وهي واضحة من خلال الاتصال مع مجامیع في العراق ومن خلال الاعلام المعادي الذي یستهدف العملیة السیاسیة، وتبدأ هذه التدخلات من الفتاوی التي صدرت والدعم المقدم للمجامیع الارهابیة علي الحدود السوریة وعبر ترکیا والیمن وتزوید الارهابیین  بالسلاح . هذه کلها مواقف ساعدت علی اضعاف الحکومة العراقیة وعلی تقویة المناوئین لها.ولكن العلاقة اقوى في نظرنا من ارادة السیاسیة في كثير من الاحيان لانها امتدادات سکانیة ومذهبیة ومقدسات  ومرجعیة وثقافیة وحدود ومصالح مشترکة هي اقوی من الارادة ، وتقوم هذه الفرصة على تفعيل قواعد العمل الإنساني ولتعزيز التواصل مع الأطراف المؤثرة محلياً، وتنشيط قواعد العمل العربي الدبلوماسي الثنائي والإقليمي عبر دعم موقع العراق في مساحات العمل العربي المشترك كي توازن بغداد بينها  والمنطقة العربية، ودعم جهود ومواقف العراق في محاربة الإرهاب على المستوى الدولي وفي الاجتماعات الدولية كتطبيق لمبدأ التضامن العربي.

 كما ونتأمل لتكون الأيام المقبلة هي الزمن الذي نختصر فيه أشياء كثيرة إن تركناها و سيكون ضررها اقل ، إن أردنا وحدة العراق بالفعل وأردنا أن يتعايش العراقيين من غير منغصات فلا بد من تطوير علاقاتنا مع الجيران وخاصة السعودية لتأخذ البعد الأستراتيجي  ولكن على ان نكون حذرين في تلك العلاقة . العراق منذو سقوط نظام البعث عام 2003كانت العلاقات العراقية مع المملكة العربية السعودية السعودية  نموذجا للعلاقات المتقلبة التي انعكست عليها الأوضاع المختلفة للنظامين المختلفين في الايديولوجية . ويمكن للجانبين احتواء الخصومة بينهما من خلال الاتفاق على تقليص تدخلاتهما في الصراعات الداخلية وفتح صفحة جديدة. وكما ذكرنا مرارا وتكرارا على الحاجة  إلى أن العراق  والسعودية للعمل معا على حل الأزمات السياسية في المنطقة و يشجيع الطرفين لاتخاذ خطوات تسمح بنمو الثقة وتحرك الأطراف نحو المحادثات المباشرة.ويمكن ان تكون الخطوات الأولى للخروج من خصومتهما المكلفة على نحو متزايد. وعلى السعودية ان تفهم بالتعامل مع العراق ولاسيما في مثل هذه المرحلة الحساسة من تأريخ البلاد -الذي تحقق فيه القوات العراقية نجاحاً حقيقياً في حملتها العسكرية ضد داعش، يتيح فرصة حقيقية لإعادة نموبغداد إلى داخل الجناح العربي، ومع ارتفاع أولوية الأهداف لدى العراق داخل جدول الأعمال السياسي والمتمثلة بإعادة إعمار البلاد والوساطة السياسية، و تمنح دول تعاون الخليجي فرصة لاعادة بناء علاقات متينة بين العراق والعالم العربي والاسلامي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد