6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 ابتزاز و لكن من بوابة الدواعش !!

 

حسن علي كرم

 

الوطن البحرينية
  

حتى هذه الساعة ، و على الرغم من اندحار العصابات الإجرامية المسماة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ، و زوال دولتهم الباطلة و إلى الأبد ، لكن لا أحد أجزم أو أكد كيف و لماذا و من و أين و متى تشكلت هذه العصابات و نجحت بغزو مناطق من العراق و سوريا و احتلالها، و إعلان دولتهم المسخ الباطلة ، على الرغم من كومة الكتب التي أُلِفت و يُزعم مؤلفوها أنهم مطلعون على دقائق الأسرار، فهناك من يتهم أمريكا أنها أسست هذا التنظيم الإجرامي ، و هناك من يتهم إيران أنها وراء تنظيمه و آخرون يتهمون نظام بشار الأسد ، و هناك من يزعم أنهم امتداد للتنظيمات الأصولية التكفيرية مثل القاعدة و النصرة و هناك اتهام أنهم من بقايا فلول الجيش العراقي البعثي المنحل و غير ذلك ، و لكن ، كل ذلك إلا أن لا دليل ثابتًا على الأرض ، يؤكد يقيناً إن كانت أمريكا أو إيران أو سوريا أو فلول الجيش الصدامي أو أنهم شياطين الأرض أو جاؤوا من الفضاء الخارجي ، غير أن الشيء المؤكد هو أنهم أجمعوا مجرمين و شذاذ أفاق و قتلة و مجانين و مرضى نفسيين و أقعدوهم في تلك البقعة من بلاد العراق و سوريا ليعيثوا إجراماً و فساداً و قتلاً و تقتيلاً و الاغتصاب و هتك الأعراض ، باسم الإسلام و باسم الله و الرسول ، و الله و الإسلام و الرسول بريؤون منهم و من شذوذهم إلى يوم الدين …

 

و الأغرب من هذه الفرية ، أن ما سمي بأمير الدولة الاسلامية أبوبكر البغدادي لم يظهر على الملأ و لم يكن له وجود إلا مرة واحدة حيث ظهر في مقطع تلفزيوني و هو يخطب في صلاة الجمعة من أحد مساجد الموصل ، و ظهور آخر صوت بلا صورة في كلمة بثت له عبر تسجيلات ، قيل أنها لأمير المؤمنين أبو بكر البغدادي ، هذا كل ما عرفنا و سمعنا عن هذه الشخصية الأسطورية الغريبة و الغامضة ، و أما ما قيل عن شذوذه الجنسي و هو قابع في سجن أبو غريب في العراق ، و أن الأمريكان أخرجوه ، و من ثم أهلوه لتلك المهمة فهذا حتى هذه اللحظة مجرد تقولات لا دليل ماديًا أكد صدقية و صحة هذه الفرية أو التهمة ، إذا جاز لنا أن ننعت ظهوره صناعة أمريكية …

 

كل ذلك ليس الآن يشكل موضوعنا ، و لا أنا من المعنيين للبحث عمن كان وراء أو من صنع عصابات داعش ، بقدر ما يعنيني أن هناك شبابا و مراهقين كويتيين غُرر بهم و ظُلِلوا تحت خدعة واهية ، لا وجود لها، فباعوا أنفسهم للشيطان الرجيم مغامرين بأرواحهم و مستقبلهم و وطنهم و أسرهم حتى يُقتلوا أو يقاتلوا هناك لكذبة كبيرة ، و خدعة حبك خيوطها أبالسة الأرض ، و منافقو و تجار الدين ، باسم الله و باسم الرسول و باسم القرآن ، و قال فلان و قال فلنتان ، و كل ذلك لا وجود له إلا في أدمغتهم الشيطانية المريضة و علمهم المحدود ، و جهلهم بحقيقة الدين الصحيح ، فالله لم يأمر أن يقاتل المؤمن أخوه المؤمن البريء الذي كل ذنبه أنه قال الله ربي ، و لا الله قد أمر المؤمن أن يقتل أو يشرد أو يصادر أملاكه أو اغتصاب القاصرات و الاعتداء على الحرائر أو بيعهن في سوق النخاسة و بالدولار، أو تهجير الناس الأبرياء من بيوتهم أو من ديارهم لا لتهمة أو جريمة ارتكبوها إلا لأنهم ليسوا من على دين عصابات الدواعش الذين لا دين لهم أصلاً ، إنما زمرة من الحشاشين و و زنادقة و زناة و بغاة و قتلة مأجورين …

 

إن تطهير أرض العراق و أرض سوريا من تلك الزمرة المجرمة لم تكن لتحصل لو لا المشاركة الدولية في ملاحقتهم و إبادتهم ، و اليوم إذا تحقق الانتصار على زمرة الدواعش ، فلا ذلك يدخل الانتصار في سجل دولة و يخرج من سجل دولة أخرى طالما ان قوى دولية عالمية و دول المنطقة برمتها كل حسب دورها قد ساهم بمقاومة التكفيريين المجرمين ، و الكويت ليست استثناء ، فإذا لم تشارك بقواتها في قتال الدواعش في سوريا أو العراق لكن يبقى دورها محلياً ليس بقليل ، فملاحقة المتعاطفين مع فكر الدواعش أو المشاركين من الكويتيين في القتال هناك ، و ملاحقتهم و إعادتهم إلى الكويت و محاكمتهم ، و هو عمل انفردت به الكويت ، و لم نسمع أن قامت دول انضم مواطنوها إلى عصابات داعش أن حاكمتهم أو جلبتهم من سوريا أو العراق ، من هنا ينبغي التأكيد أن ما يزعم عن مطالبة حكومتي العراق و سوريا الحكومة الكويتية تسليم دواعشها باعتبارهم قتلة و مجرمون هذا أظنه يدخل في سياق المزحة الثقيلة ، فلو كان دواعش الكويت وحدهم فقط و دون غيرهم الذين قاتلوا في سوريا أو العراق لصدقنا، و لكن ماذا إذا كان كل شذاذ الآفاق جيء بهم للقتال هناك بدءًا من أمريكا و بريطانيا و دول أوروبية و آسيوية واستراليا و روسيا و و و هذا فضلاً عن عراقيين و سوريين ، حتى لقد قيل إن عددهم أكثر من 50 ألف داعشي ، فهل طالبت الحكومة العراقية أو الحكومة السورية تلك الدول تسليم دواعشها كي تطالبا الكويت ، و لماذا الكويت هل يرونها طوفة هبيطة يسهل قفزها …؟!

 

نقول إذا صحت الأخبار المزعومة عن أن العراق و سوريا طالبا الحكومة الكويتية تسليم دواعشها ، نسأل لماذا دواعش الكويت و لا دواعش الآخرين ، هل لأن الكويت بلد مسالم و شعب طيب ، و سهل ابتزازه ، هذه الكويت التي جمعياتها الخيرية و فرقها الإنسانية مازالت هناك في مخيمات السوريين و العراقيين تسهم في مد يد العون و التخفيف من آلام و أسى العراقيين والسوريين المشردين و الفارين و الهاربين في المخيمات في الاْردن و لبنان و تركيا ، هذه الكويت التي قادت أربعة مؤتمرات للمانحين لمساعدة اللاجئين السوريين ، هذه الكويت التي ستنظم في يناير المقبل مؤتمر المانحين لإعمار العراق بعد اندحار الدواعش ، كل ذلك و الكويت مازالت يطولها الأذى و الابتزاز ممن من مدت له يد الخير و المساعدة دون منٍ و لا شكوراً ، أقول في الأخير لعل الخبر كاذب ، و أقول أن دواعش الكويت خرجوا من هنا من الكويت ، و ينبغي محاكمتهم هنا في الكويت ….!!!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 بل الحلم الكردي صار أقرب

 

عدنان حسين

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

لا أظنّ أن عواقب إجراء الاستفتاء على حقّ تقرير المصير في إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها، قد دفعتْ بحلم الاستقلال الكردي بعيداً، كما يكتب البعض من المحللين ويتحدث به آخرون.

لم يكن الحلم الكردي قريباً من أن يُصبح حقيقة، قبل يوم الاستفتاء، 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، كيما يغدو بعيداً الآن، بعد توافق حكومات العراق وإيران وتركيا على معاقبة الكرد عن ممارستهم حرية التعبير عن رأيهم فيما خصّ مستقبلهم، بفرض حصار عليهم ونشر القوات الاتحادية العراقية على كامل المناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدودية البرية والجوية. على مدى قرن كامل ظلّ هذا الحلم أسير المعادلة الدولية، المتشكّلة أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها، التي قسّمتْ أمم الشرق الأوسط بين الإمبراطوريات الاستعمارية، وتركتْ الكرد موزّعين بين أربعة بلدان (تركيا، إيران، العراق، سوريا) غير مسموح لهم بلمّ شتاتهم، مثلما جعلتْ العرب موزّعين على أكثر من 20 دولة غير مأذون لهم بالوحدة، وهي معادلة لم تتغيّر حتى اليوم في جوهرها في الواقع، فصورة الشرق الأوسط في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين لا تختلف كثيراً عن صورته في العشرية المُقابلة من القرن العشرين. الفرق الوحيد بالنسبة لكرد العراق أن نضالهم السلمي والمسلّح من أجل الاعتراف بهويتهم القومية وبحقوقهم السياسية والإدارية قد أثمر حكماً ذاتياً ناقصاً لم يتمتّعوا به إلا قليلاً في عهد صدام حسين، الذي سعى لفرض هيمنته عليهم بالأسلحة الكيمياوية ومقابر الصحراء الجماعية، ثم فيدرالية غير كاملة وغير مستقرّة هي الأخرى في عهد ما بعد صدام المضطرب.

برغم ما يبدو أنها انتكاسة أخرى لحلم الاستقلال الكردي، فإن الإجراءات غير المدروسة من كل الأبعاد التي اتّخذتها الحكومة العراقية، يُمكن أن تكون لها عواقب تناقض الحجّة الرئيسة المقدّمة تبريراً لهذه الإجراءات، وهي صون وحدة العراق، فوحدة أي دولة لا تكون إلا بوحدة مكوّنات شعبها، القومية والدينية والمذهبية والسياسية. بيد أن إجراءات الحكومة العراقية في حقّ الكرد يُمكن أن تدفع بهم، وبخاصة الجيل الجديد منهم الذي عاش بعيداً عن سلطة بغداد ونفوذها وتأثيرها على مدى ما يزيد على ربع قرن، لأن يتّخذوا موقفاً متطرّفاً، إنْ تحت مظلة حركات قومية أو في إطار حركات إسلامية.

في السابق كانت النخبة الثقافية والسياسية الكردية تعرف اللغة العربية جيداً، والكثير من أفرادها عاش وتعلّم العربية وآدابها في بغداد وسائر المدن العراقية العربية، وكتب مثقفون مرموقون بها وساهموا في الحركة الثقافية العراقية، وانغمر العديد من الكرد في العمل السياسي الوطني العام (الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي وسواهما). الحركة القومية الكردية نفسها التي عملت أيضاً داخل المدن العربية، كانت جزءاً من الحركة الوطنية العراقية التي اتّخذت في الغالب موقفاً معارضاً حيال سياسات الحكومات العراقية، بما فيها السياسة حيال الكرد وقضيتهم. أما الآن فإن من النادر جداً أن تجد كردياً من الجيل الجديد يعرف اللغة العربية، أو يكون قد زار بغداد أو البصرة أو سواهما، ليس فقط للأسباب الأمنية، وإنّما أيضاً لانتفاء الحاجة والمصلحة. كان هذا واحداً من الأسباب الرئيسة التي جعلت الكرد يصوّتون بكثافة عالية (أكثر من 90 في المائة) لصالح تقرير المصير والانفصال.

النظام العراقي الحالي لم يلتفت إلى هذا الجانب من القضية، ولهذا فإن الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة العراقية بعد الاستفتاء بدت كعقوبة جماعية للكرد، وهذا بالذات ما يُخشى أن يساعد على انبثاق الحركات القومية المتطرفة التي لن يستطيع مسعود بارزاني، أو أي من الزعماء الكرد الآخرين السيطرة عليها ولجم تطرّفها.

الإجراءات المُتخذة ذريعتها الحفاظ على وحدة العراق، لكنّ هذه الإجراءات وعموم الموقف الحكومي حيال قضية الاستفتاء وجدت فيها القوى الشوفينية العربية، وهي هذه المرة إسلامية، شيعية وسنية، وليست فقط من القوى القومية التقليدية كالبعث، فرصة ذهبية لإطلاق حملة كراهية منفلتة ضد الكرد وصلت إلى حدّ الحثّ العلني عبر وسائل الإعلام التقليدية وعالم التواصل الاجتماعي، على شنّ الحرب على الكرد واجتياح مدنهم ومناطقهم، وتكسير رؤوس زعمائهم.

السياسي الحاذق والناجح ليس ذاك الذي ينساق وراء «الجماهير» التي غالباً ما تتأثر بنظرية القطيع، إنما هو الذي يقود الجماهير – بالإقناع – إلى ما يعتقد أنه الموقف الصحيح والسليم لتحقيق المصالح المتوازنة في المجتمع، فتأمين هذه المصالح هي المهمة المناطة بالسياسي، وبخاصة رجل الدولة.

أكاد أجزم أن الخطاب الحكومي، والسياسي عموماً، الموجّه إلى الكرد في خضمّ أزمة الاستفتاء وعلى هامشها، لم ينجح في إقناع ولو بضعة آلاف كردي بموقف الحكومة الاتحادية وتدابيرها، فهذا الخطاب بدا عدائياً ومتعجرفاً ومغروراً وشامتاً وشخصانياً. ومن السذاجة بمكان التصوّر بأن هكذا خطاب، وهكذا إجراءات قادرة على إقناع كرد العراق بالتخلّي عن حلمهم التاريخي والعودة إلى «بيت الطاعة».

إننا في الواقع، بهكذا خطاب وهكذا سياسة، قد أبعدنا الكرد أكثر عن هذا «البيت»، ودفعنا بهم أكثر للتمسّك بحلمهم المشروع الذي قد لا يحتاج إلى مائة سنة أخرى ليتحقّق.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   في المسألة الكرديّة: رُبّ ضارّة نافعة

 

 نزار آغري   الحياة السعودية
 

 

الهستيريا العارمة التي سبقت ورافقت وختمت عملية الاستفتاء التي أنجزها إقليم كردستان العراق انتهت بما يشبه الوقوف في عزاء للموتى. أريد للاستفتاء أن يكون عرساً ولكنه تحول إلى مأتم.

 

غير أن هذا الأمر كان متوقعاً. الجميع، رؤساء دول وحكومات وهيئات وفرق وأحزاب، حلفاء وخصوم، قريبون وبعيدون، توقعوا ذلك.

 

كاتب هذه الأسطر كان من المعترضين على الاستفتاء. وكتبت حول هذا في هذه الصفحة. أقول ذلك لا لكي أشمت وأردد تلك العبارة المضحكة: أكد التاريخ صحة ما قلته. أكتب ذلك لكي أقول إن الأمر كان واضحاً بالنسبة لي، كفرد كردي بسيط لا باع له في السياسة والتحليل، وأنني كنت أعبر عن قلقي على مصير ناس رماهم القدر في هذه البقعة الجهنمية من العالم.

 

الآن يكرر الجميع أن السيد مسعود بارزاني غامر بمستقبل وأمن وسلامة شعب كامل من أجل لحظة غرور شخصي. هو ولد وكبر وترعرع ونضج وصار محنكاً في أتون السياسة في هذه المنطقة، حيث يحل النفاق والكذب والتآمر والبطش والتعسف محل العدل وتقرير المصير وحقوق الإنسان ومستقبل الشعوب.

 

كان يعرف عنه أنه يستوعب الحقائق القاسية ويعرف المسافة بين الواقع والحلم، هو الذي لم يتردد، حين اصطدم بصخرة الواقع القاسية، في أن يلجأ إلى صدام حسين، قاتل شعبه وأهله وإخوته، كي يخلصه من غريمه، جلال الطالباني.

 

انحاز بارزاني إلى الشعارات والوعود الضبابية بديلاً من الانحياز لمقتضيات الحياة اليومية للناس. تلاعب بعواطفهم ونزعتهم القومية تهرباً من استحقاقات العيش. ويبدو أنه لم يفكر بالناس حين قرر إجراء الاستفتاء وتشبث به على رغم كل شيء. بالنسبة له كان الأمر ضربة معلم في طريق التحول إلى زعيم تاريخي، والبقاء، مع العائلة، في سدة السلطة، إلى الأبد.

 

هو كان يعرف أن الاستفتاء لم يكن ليغير شيئاً على أرض الواقع سوى تثبيت حكمه وحكم أبنائه وأقاربه. كان يعرف أنه في اليوم التالي للاستفتاء سينهض الناس كما من قبل، ليتناولوا فطوراً، إن وجدوا أن لديهم فطوراً. سيذهب العامل إلى ساحة العمل للبحث عمن يشغله حفاراً أو بناء أو كناساً، وسيستمر ماسحو الأحذية في احتلال أماكنهم على الأرصفة بالقرب من الجوامع.

 

سيظل المسؤول يقود سيارته محاطاً بجيش عرمرم من الحراس ورجال الحماية. أم الشهداء سوف يهتفون لها قائلين: دم ابنك لم يذهب سدى، وستصدق الأمر في اللحظة الأولى ثم سرعان ما ستصحو على الواقع وتعرف أنه مات ولن يرجع، وأنها ستظل تنزف حزناً وكمداً وعذاباً، ولن يتبدل في حالها شيء، وسترى أن أبناء المسؤولين، الذين هم في عمر ابنها «الشهيد» يعيشون حياة بذخ ورخاء ويتلقون التعليم في أرقى الجامعات الأوروبية.

 

يعرف الجميع أن الاحتفال بالاستفتاء كان حفلة تنكرية صاخبة أعمت العيون وأصمت الآذان غير أنها لم تختلف عن الاحتفال بعيد ميلاد القائد. كان مجرد ألعاب نارية غطت السماء وزينت العتمة لحظات ثم صحا الجميع في اليوم التالي ليكتشفوا أن لا شيء تغير. ثمة ركام المفرقعات ورائحة البارود. الاستفتاء، أو الاستقلال، ليس تحولاً في شكل عيش الناس وفحوى حياتهم.

 

لو أن أحدهم دعا إلى إجراء استفتاء في شأن التخلص من الحكم العائلي وكشف ذمة الحكام وتقديمهم للمحاكمة إذا ما تجاوزت ثروتهم ثروة أي عامل أو موظف في كردستان. لو طلب الناس ذلك لرفض بارزاني الدعوة بالتأكيد ولاعتبرها مؤامرة على الشعب الكردي.

 

الحال أن كردستان كانت في حاجة ماسة، ليس إلى الاستفتاء على الاستقلال بل إلى تغيير المشهد السياسي الكردي جملة وتفصيلاً.

 

فأن يقال أن سلطة الإقليم غارقة في الفساد ليس تهمة بل حقيقة غير قابلة للدحض. وأن يقال أن الحكم قائم على التوريث العائلي والقرابة والأنسباء والعشائرية ليس إشاعات يرددها المغرضون بل هي أمر واقع يراها كل إنسان.

 

والحقيقة التي كشفت عنها حادثة تسليم كركوك، من دون قتال، للحشد الشعبي هي أن مقولات الوطن والاستقلال وحق تقرير المصير ليست سوى أكاذيب للتغطية على واقع فاسد، هش، مضعضع، ينخر جسد المجتمع الكردستاني. أما الحقيقة الصارخة، المدمرة والبشعة والمؤلمة والتي تفقأ الأعين، فأن هناك صراعاً بين عائلتين تستخدمان حزبين سياسيين كواجهة عصرية في غمار تنافسهما الضاري والمديد على السلطة والمال والجاه.

 

لن يقوم هناك كيان سليم، عصري، مزدهر، ما لم يتم التخلص من هذه التركيبة العائلية، العشائرية، وإفساح المشهد لفضاء مفتوح للأفكار والبرامج ووجهات النظر كي تتبارى وتتنافس، تواكبها صحافة حرة وإعلام تعددي وحريات عامة وقضاء مستقل.

 

في الجو المشحون، الغوغائي، العاطفي، الذي سبق الاستفتاء، جرى تحويل الناس إلى صنفين: جيد يؤيد الاستفتاء وسيء يعارضه. كان هناك تخوين وتكفير وتشنيع وتبشيع لا سابق له. وتم تصوير المعارضين في هيئة خونة وعملاء لا يريدون أن تقوم دولة مستقلة للأكراد، شأن الأمم والشعوب الأخرى.

 

ووجدت نفسي، صامتاً، في صف السيئين. لم أهلل للاستفتاء ولم أؤيده. غير أنني فعلت ذلك ليس لأنني ضد فكرة قيام دولة كردستانية مستقلة. بالعكس، لأنني من أشد الداعين إلى ذلك.

 

أنا من جيل تربى وهو متخم بحلم واحد يغوص عميقاً في الوجدان والمشاعر: كردستان مستقلة. أنتمي إلى رهط من الناس عاشوا ويعيشون على هذا الحلم. حلم ما انفك يداعب مخيلتنا. حلم نرسمه نحن بألوان مخيلتنا ومشاعرنا.

 

أنا كنت ضد الاستفتاء لأنني لم أكن أريد أن أخسر هذا الحلم. كنت أريد أن تبقى كردستان كما رسمتها في مخيلتي. كردستان التي أحلم بها هي تلك البقعة التي أريد لها أن تكون نموذجاً جميلاً رائعاً في عتمة العسف والذل والمهانة والخراب الممتد في طول المنطقة وعرضها. نجمة ساطعة في ليل الدول والدويلات الفاسدة والقامعة المهترئة، لا مجرد رقم جديد في هذه المعمعة المقيتة.

 

أحلم بكردستان خالية من العصبية القومية والأيديولوجية الحديدية والنزعة القتالية وهوس الكفاح والقوة والزعامة وعبادة المظاهر العسكرية وتقديس البيشمركة والمقاتلين والعسكر والآسايش والزانياري وحرس حماية الرئيس.

 

أحلم بكردستان يختفي فيها الميل نحو الأمة الواحدة بدلاً من الدولة الواحدة حيث تكون كل القوميات والأديان والمذاهب على قدم المساواة، قولاً وفعلاً، ويكون المجتمع مفتوحاً للجميع وليس لقومية سيدة تعامل القوميات الأخرى كالعبيد.

 

أنا كنت ضد الاستفتاء لأنني لم أجد ما يعزز القناعة لدي في أن كردستان المستقلة ستكون كما رسمتها أحلامي.

 

لست أعرف، الآن، ما إذا كان الحلم انهار بالكامل أم أن هناك أملاً في أن يتحقق يوماً ما؟

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  الأكراد وقد صاروا قتلة الحسين بن علي!

 

 

حازم الامين

   الحياة السعودية
 

امتد الشعور الانتصاري ليشمل الأكراد هذه المرة. انتصر «الحشد الشعبي» وما يوازيه على الموصل وقبلها على حلب وبيروت، وها هو اليوم ينتصر على الأكراد. وفي الزيارة الأربعينية شهدنا ندبياتٍ ضمت أهل الشمال إلى الظلامة الحسينية. صار الجماعة من «ظلمة أهل البيت». المسألة لم تأخذ أكثر من أيام قليلة انتقلوا فيها من كونهم حلفاء في عراق ما بعد صدام، إلى شياطين الروضة الحسينية. ورئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي صار بطلاً ليس لأنه «هزم داعش في الموصل»، بل لأنه «هزم الأكراد في كركوك». لم يحتج الأمر إلى أكثر من أيام قليلة، جرى خلالها تبديل الأقنعة وتحويل هوية الشيطان. الأمر مخيف فعلاً، ليس فقط لأن الإيرانيين قرروا أبلسة الأكراد فكان لهم ما أرادوا، بل بسبب سهولة الاستجابة والجهوزية الشعبية لتلبية المهمة. الوقت القصير الذي استغرقته كتابة ندبيات وأراجيز وتمثيلها في مشاهد «كربلائية» خلال الزيارة الأربعينية. الاستعداد المتواصل لتوظيف الظلامة في مشهد راهن وفي جعله امتداداً لها. والغريب أن الظلامة الأصلية تنطوي على مرارة الخيبة والخذلان، فيما الانتصار لا يتسع لغير الانتشاء. فكيف يمكن لمنتصر أن يبكي؟ وكيف تمت المواءمة بين نشوة «النصر» ومرارة الفقد والخذلان.

 

إنه الشرط السياسي الراهن. لا بأس من اللعب في الظلامة في سبيله. اللحظة تقتضي أن ينضم الأكراد إلى قتلة الحسين، فلا ضير من ضمهم. لا خوف على الرواية، فلطالما جرى توظيفها. ألم يبحث «مؤرخو» الثورة في إيران على أصل ساساني لأمهات الأئمة. جرى ذلك بكل سلاسة ومن دون معوقات. فالثورات لا تشترط تدقيقاً، ولا تحاسب على أخطاء في سرد الرواية. أي شيء ينسجم مع مقولاتها يمكن لها أن تضمه من دون أن يرف لها جفن.

 

الرشاقة في الانتقال من حليف إلى حليف، ومن عدو إلى عدو، يدفع إلى شعور بأن لا شيء حقيقياً في منطقتنا. لا شيء صلباً ولا شيء أصلياً. حتى المودة بصفتها شعوراً عابراً، عمرها قصير جداً. من يسمع مفوّهي «الحشد الشعبي» يتحدثون على شاشات التلفزيون عن عدوهم الجديد يصيبه ذعر. أين كانت مختبئة كل هذه المشاعر؟ هل يكفي حدث الاستفتاء لانتفاخها على نحو ما انتفخت؟ المسألة لا تكمن في أن جهة قررت أن الأكراد أعداء، بل في سرعة الاستجابة وفي حجمها. إذاً لا شيء حقيقياً. لا المودة ولا الظلامة. هذا تماماً ما يجب دفعه ومنعه. أي أن يُصاب العدل الذي تنطوي عليه أي حكاية. أن يكون سهلاً ومطواعاً وقابلاً للتوظيف بالسهولة التي توظف فيها الأغاني والأراجيز وقصائد شعراء البلاط.

 

ثمة مأزق يواجه الظلامة اليوم، فالحسين بطل ولم يسع إلى انتصار. هو بطل لأنه كذلك، لأن كربلاء واقعة انكسار إيجابي، وفيها تمت أيقنة الهزيمة بصفتها ظلامة. أما الزاحفون المنتصرون إلى الزيارة الأربعينية اليوم فلم يكترثوا إلى أنهم يقتلون الحكاية، وأنهم في صدد تجاوزها ووضعها وراءهم. هذا تماماً ما تنطوي عليه السهولة في ضم الأكراد إلى قتلة الحسين. فمن يكون في طريقه إلى تجاوز الحكاية لن يكون حريصاً على صلابتها. يمكن استعمالها في أي واقعة، ويمكن حجبها عن الكثير من الوقائع التي يشهدها العراق اليوم ويشهدها الإقليم.

 

ما يجري ليس ابتذالاً للظلامة، بل تجاوزاً نهائياً لها. كان يمكن لهذه المهمة أن تكون تقدّمية، لكنها اليوم عملية استبدال للظلامة بـ «الانتصار»، وعملية استعاضة عن قيم الترفع عن الانتصار بقيم الثأر وتوليد الضغينة وإنتاج ظلامات موازية.

 

العبادي سينجح في الانتخابات لأنه «هزم الأكراد». سينافس نوري المالكي في ظل هذه الحقيقة. ألم يكن الأكراد على حق حينما صوتوا بـ «لا للعراق» في استفتائهم؟ كان خطأ مسعود بارزاني في توقيته، أما وجهة التصويت، فمن الصعب أن تكون غير ذلك، في ظل قناعة الشيعة العرب المستجدة في أنهم «قتلة الحسين»، وفي ظل طغيان الشعور «الوحدوي» القاتل للسنة العرب.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 5     

خاتون بغداد في “رواية”

 

   وليد الزبيدي

 

  الوطن العمانية   
 

فرحت لفوز الكاتب العراقي الدكتور شاكر نوري في مسابقة كتارا للرواية العربية بالجائزة الأولى، إذ يشعر المرء أن المبدع العراقي لم يتأثر سلبا بهكذا كم هائل من الإحباط والمرارة والغبار الذي يلف حياة العراقيين، والسبب الآخر لفرحي أن المؤلف لم ينسَق وراء السراب القاتم والكالح الذي بذره الاحتلال في بلده العراق، وللأسف الشديد نجد ثمة من هرول وراء سراب مشاريع المحتل، وبهذه المناسبة أود الإشارة إلى أن البعض قد يتصور أن الكثير من المثقفين والكتّاب والشعراء في العراق قد التهمتهم نوافذ الغزو وملاذاته، إلا أن الواقع يقول خلاف ذلك، وخير مثال على ما نقول فوز رواية الدكتور شاكر نوري، إضافة إلى حضور المبدعين العراقيين في الكثير من المحافل العربية والدولية، ورواية “خاتون بغداد” عمل روائي فخم ورائع، ويعيد المؤلف في صفحات روايته تاريخ الاحتلال البريطاني للعراق قبل قرن من الآن، ولأن أبرز شخصية في ذلك الوقت كانت البريطانية مس بيل التي عملت مع المندوب البريطاني بيرسي كوكس، فإن إعادة صياغة هذه الشخصية في ظل أجواء وأحداث تُذكر بذلك الاحتلال وكيف تعامل المحتلون مع العراقيين، وكيف ردّ العراقيون بثورة عظمية اسمها ثورة العشرين، التي ألحق رجالها الكثير من الخسائر بالغزاة رغم تفوقهم الهائل في القدرات العسكرية والتسليحية والاقتصادية، وعندما تتحدث عن رفض للبريطانيين قبل قرن من الآن فإنك تتحدث عن الوقوف بوجه امبراطورية عملاقة قالوا عنها، إن الشمس لا تغيب عنها أطرافها المترامية، لكن ذلك لم يثبط أبناء الرافدين.

الأمر الثالث الذي غمرني فرحا ما أعلنه الدكتور نوري من كتابته لعدد ليس بالقليل من الروايات التي ما زالت لم تنشر، في حين نشر كاتبنا المبدع تسع روايات حتى الآن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن روائينا المتميز ليس متفرغا للكتابة كما هو حال الكثير من الروائيين في العالم، الذين توفر لهم كتاباتهم مصدرا جيدا للعيش، فهو يمارس عمله الصحفي اليوم ويتابع شؤون عائلته ويتواصل مع أصدقائه ومعارفه، وهو يئن تحت وطأة صور بلاده ودول عربية أخرى تفطر القلب من الألم، الذي تتركه بين القتل والدمار والتشريد والتهجير وضعف بارقة الأمل.

إن الأعمال الأدبية من شعر وقصص ونثر وروايات التي تٌكتب في ظروف مثل التي نعيشها، تلامس الجرح الغائر في دواخل الجميع، وعندما يلتقط الشخوص والموضوع الروائي فإنه يتنفس المأساة مع جميع الذين يكتوون بنار الواقع المفجع الذي يعصف بالملايين، وبقدر ما يوثق لحقبة في غاية الخطورة، فإنه يسجل وقائع الحياة اليومية لشعب حيّ، لن تثنيه عن خطواته كل العوائق والعثرات.

لم أتطرق للجوانب الفنية التي تضمنتها رواية “خاتون بغداد” المتميزة، فقد تناول هذا الجانب العديد من النقاد والمختصين والمثقفين الذين احتفوا بالرواية وكتبوا عنها، وذهبت إلى ما أفرحني، وهو بالتأكيد، يغمرنا بالسعادة في زمن أصبح فيه الفرح يتأرجح مبتعدا كثيرا ويقترب قليلا وربما نادرا.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 6     هل يهبط «بارزاني».. في بغداد؟

 

   محمد خروب

 

    الراي الاردنية
 

ليس المقصود بالسؤال رئيس الاقليم السابق مسعود بارزاني، فالزعيم ما يزال يُصرّ على ان قيامه بالاستفتاء كان صحيحاً, وان الكرد «لا يستطيعون انتظار موافقة الجميع على الاستقلال، لذا قمنا بالاستفتاء بعملية ديمقراطية وسلمية وهذا حقنا, وقمنا بما كان صحيحا» على ما قال الرئيس مسعود في مقابلة مع شبكة CNN الاميركية قبل يومين, في الوقت الذي دعا فيه بغداد لـ»لعودة» الى المحادثات لحل النزاعات, مُؤكِّداً أن «الحرب تعني الدمار فقط».

 

بارزاني آخر هو المتوقع هبوطه في مطار بغداد, يرأس حكومة اقليم كردستان وهو نيجيرفان بارزاني ابن شقيق كاك مسعود، اذا ما سارت الامور بين بغداد واربيل بطريقة سليمة، وتم تذليل العقبات الاخيرة التي تعترض زيارة كهذه, يعوّل عليها كرد العراق كثيراً للخروج من ازمة مُتدحرِجة، باءت بالفشل كل محاولات استدراك تداعيات استفتاء 25 أيلول الماضي, الذي شكَّل مرحلة مفصلية في التاريخ الكردي المعاصر, وادّى ضمن امور اخرى, الى مزيد من تصدع صفوف الكرد المتصدعة اصلا, مُعَمّقاً من ازمتهم الداخلية, التي لم تكن تقل تعقيداً عن تلك «الازمات» التي ميزت علاقاتهم بالحكومة المركزية ببغداد في عهد رئيس الحكومة الحالي حيدر العِبادي, الذي بدا للكرد اكثر تساهلا وتفهما لمطالب الكرد واقل تشددا مما كانت مع سلفه نوري المالكي، الى ان «وَفَّرَ» الكرد بأنفسهم الفرصة الثمينة للعبادي كي يعيد الامور الى «نصابها» وبخاصة في المناطق المتنازع عليها, وهو الذي كان رفض كرد اربيل «اقتراحاته» لإدارة مشترَكة لتلك المناطق, الى ان تم «انتزاعها» منهم وتحجيم(حتى لا نقول شَطْب) الانجازات والمكتسبات التي راكمها الكرد طوال ربع قرن, تارة بالفهلوة السياسية ودائما بسياسة الامر الواقع, التي اسهمت في رفع ارصدة المتطرفين والمتشددين، لاسباب قومية واخرى طائفية ومذهبية في الاحزاب والمكونات السياسية والحزبية العراقية(غير الكرديّة) على النحو الذي تمت ترجمته, في ما آلت اليه الاوضاع الميدانية في الإقليم وعلى تخومه.

 

مبدئياً.. تبدو زيارة نيجيرفان بارزاني قائمة، رغم ما يرافقها من شكوك ويُقال «شروط» في اللحظة الاخيرة, أضافَتها بغداد قبل القيام بالزيارة، ما يعني ايضا ان نجاحها غير مضمون, وبخاصة في شرط العبادي الذي لم يتنازل عنه حتى اللحظة وهو الغاء نتائج الاستفتاء، اما الشرط الجديد فهو ان يحظى الوفد المرافق لرئيس حكومة الاقليم بـ»مقبولية» الإطراف الكردية كافة, وهي «مقبولية» تبدو غير مؤكدة, في ظل الخلافات التي عصفت وما تزال – بالقوى السياسية والحزبية الرئيسية في الاقليم وبخاصة حركة التغيير والجماعة الاسلامية بل وايضا القيادي السابق في الاتحاد الوطني برهم صالح, الذي شكَّل حزبا جديدا اسماه «التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة» وهو يتخذ موقفا حاداً من قيادة الاقليم, داعيا الى تشكيل حكومة انتقالية تكون اولوياتها «ضمان» الحوار مع بغداد، ومُحمِّلاً النخبة الحاكمة بكردستان العراق, مسؤولية الاوضاع الراهنة في الاقليم ما يُوجِب عليها الاعتراف بالفشل.

 

حكومة بغداد مُصِرّة على ان «اي وكل حوار يجب ان يكون في اطار الدستور» فيما موقف حكومة اربيل من هذه المسألة, مسربل بالغموض والالتباس. وسط أنباء عن مسعى يقوم به نيجيرفان بارزاني ونائبه من حزب الاتحاد الوطني قوباد طالباني(نجل الرئيس الراحل جلال طالباني) لدى مقتدى الصدر.. زعيم التيار الصدري, للتوسّط لدى العِبادي للتخفيف من شروطه الصارمة, التي يبدو انها لا تلقى استجابة من اربيل كونها – في نظرهم – تعني استسلاما كاملا, بعد «الهزيمة» العسكرية المدوية التي لحقت بهم وبعد «الخِذلان» الذي تعرّضوا له من قوى اقليمية ودولية, ألمح اليها بل وسمّى بعضها بالاسم الرئيس السابق مسعود بارزاني, وخصوصا الولايات المتحدة التي منَحَت ضوءاً اخضر لـ»ايران» كي تقوم باجتياح الاقليم كما قال حرفياً, وإن كان في سياق آخر قال: ان «الخوَنَة» في تيار سياسي كردي, هم الذين سهّلوا عملية الاجتياح.

 

ثمة جدل آخر مندلع على الساحة الكردية, مُسبِّبا تصدعا اخر في الصفوف الكردية, التي لديها ما يكفيها من الازمات والمشكلات.جدل وتسريبات تتحدث عن رسالة «مُطوَّلة» قيل ان كاك مسعود ارسلها الى قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني, سعى من خلالها ليس فقط لتعزية سليماني بوفاة والده, وانما ايضا البحث عن مخارِج واطواق نجاة من الازمة المُتدحرِجة والمعقّدة, التي تحيط به شخصيا وبالاقليم,مخارج قد «تتوفر» لدى طهران او لدى انقرة, التي تتردد حولها تسريبات اخرى في اربيل تقول: ان كاك مسعود يحاول ترطيب الاجواء معها بهدف ترتيب لقاء يجمعه بالرئيس التركي… اردوغان.

 

زيارة نيجيرفان بارزاني لبغداد قد تحصل وقد تؤجَّل لحين نضوج ظروف اخرى. اما احتمالات حصول كاك مسعود على ضوء اخضر من طهران او انقرة, فيبدو انها ستخضع لمزيد من «المساومة» وربما الى المنافسة بينهما. اذ ما يزال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني, يتوفَّر على كثير من النفوذ و»القوة» في الداخل الكردي, رغم كل ما «أَلحَقَ» بـ»سلطته» من… هزائم ونكسات وتراجُع.