تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
1الصدر يدعم العبادي للبقاء في منصبه

 

أسعد البصريالعرب
المطلوب النزاهة ومحاسبة الفاسدين بالقانون ولكن بمشاعر الحرص والبناء، وبمشاعر الإخلاص للوطن. فلا نريد معولا جديدا للكراهية والحروب الأهلية والتمزق بحجة أن الدولة فاسدة بالعموم.

في لقاء مع السيد مقتدى الصدر على قناة الشرقية قال بأن علاقته بالسعودية لمصلحة العراق وليست لمصلحة السعودية. ولا يقصد من هذه العلاقة إثارة العداء لإيران بل هدفه العمل على التقريب بين الرياض وطهران.

 

وتعقيبا على التصعيد السعودي مع حزب الله اللبناني قال الصدر بأنه يقف مع الدولة العراقية ولن يزج بالعراق في معارك خارج الحدود.

 

وحتى حين قيل له بأن توجهاته الحالية تتناغم مع التوجهات السعودية في رفض الميليشيات ومحاربة الفساد وتقوية الدولة العراقية قال بأن تناغمه مع السعودية قائم على الاستقلال، وأكد أنه رفض عرضا من السعودية بالدعم السياسي والمالي لتياره لحرصه على أن يكون قراره عراقيا ومستقلا.

 

موقف الصدر الحالي رغم إيجابيته ووطنيته لا يخلو من تناقض وقد تعرض لأسئلة محرجة في هذا اللقاء مثل أنه ما زال يقود ميليشيا مسلحة خارج الدولة. وأنه مؤسس لأول ميليشيا مسلحة عراقية كانت تدعى جيش المهدي قبل أن تتحول إلى سرايا السلام.

 

نوري المالكي في ولايته الأولى (2006 – 2010) حاول القضاء على الميليشيات وقام عام 2008 بحملة تدعى “صولة الفرسان” حيث أرسل جنود الأنبار السنة للقضاء على ميليشيا جيش المهدي وقام بتقوية القوات المسلحة. وسقط حينها عدد كبير من مسلحي جيش المهدي وزج بالكثير منهم في السجون.

 

كان المالكي يطمح حينها بعلاقات وتقارب قوي مع السعودية، خصوصا حين اتهم بشار الأسد بدعم الإرهاب وتخصيص معسكرات للجهاديين في الأراضي السورية وهدد بتقديم شكوى دولية ضدّ سوريا وتحميلها مسؤولية التفجيرات والانتحاريين. لم يتردد المالكي حينها في بث تحقيقات مع محتجزين سوريين يعملون في المخابرات السورية ويقومون بدعم الإرهاب.

 

النتيجة التي لم يتوقعها المالكي هي دعم السعودية القوي لجماعة خميس الخنجر وإياد علاوي والبعثيين للإطاحة به في انتخابات عام 2010. وازداد الأمر سوءا حين تقاربت الرياض مع مقتدى الصدر زعيم الميليشيا التي ضربها المالكي مستفيدة من الدماء والثارات بين التيار الصدري وحزب الدعوة الحاكم بعد عمليات صولة الفرسان.

 

لهذا ومنذ 2010 تحول المالكي إلى ذئب طائفي متوحش وأطلق سراح قادة ميليشيات أمثال قيس الخزعلي الذي كان معتقلا في سجن كروبر بعد اختطاف خبراء بريطانيين من قبل ميليشيات إيران كانوا يحققون في قضايا فساد بوزارة المالية.

 

ومنذ ذلك الحين تم دعم قيس الخزعلي ليبني ميليشيا عصائب أهل الحق ويكون خصما سياسيا لمقتدى الصدر. صار الصدر تدعمه السعودية بينما الخزعلي تدعمه إيران. هذا يدّعي أنه مع المقاومة وإيران وذاك يدعي أنه مع التيار الوطني ضد الميليشيات الوقحة.

 

    نوري المالكي ورقة محترقة اليوم، فقد فشل فشلا ذريعا لعدة أسباب وانتهى عهده بسقوط الموصل في منتصف عام 2014 على يد أكبر عصابة إرهابية في التاريخ وانهزم الجيش العراقي هزيمة مشينة حينها

 

الوضع العراقي في تقلب دائم. فالصدر كان يقول بأن هدفه دولة تطبق الشريعة الإسلامية وأن أباه محمد صادق الصدر “قد أدرك الشهادة ولَم يدرك النصر، بينما الخميني أدرك النصر ولَم يدرك الشهادة”. أمّا اليوم فالصدر وطني متحالف مع التيار المدني الشيوعي ويدعو إلى إصلاحات ومحاربة الفساد وإلى دولة تكنوقراط.

 

نحن نشجع التغيير نحو الأفضل. ومن الواضح أن مقتدى الصدر قد اكتسب خبرات سياسية وخطابه أفضل اليوم، والمهم أنه مع تقوية الدولة وضد تدخل الميليشيات العراقية في سوريا مثلا.

 

نوري المالكي ورقة محترقة اليوم. فقد فشل فشلا ذريعا لعدة أسباب وانتهى عهده بسقوط الموصل في منتصف عام 2014 على يد أكبر عصابة إرهابية في التاريخ وانهزم الجيش العراقي هزيمة مشينة حينها.

 

بالمقابل مقتدى الصدر تحسنت صورته كثيرا اليوم وهو يدعم حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي ويدعوه إلى البقاء في منصبه لولاية ثانية وإكمال مسيرة الإصلاحات. العبادي صاحب الفضل بتغيير نهج الدولة بعيدا عن الطائفية، فخطاباته مقبولة وانتصاراته المتلاحقة الأخيرة أعادت هيبة الجيش العراقي والثقة بالدولة العراقية.

 

السعودية تقاربت مع حكومة العبادي وأسست لجنة خاصة أطلقت عليها لجنة التنسيق العراقي السعودي، والعراق ينهض اليوم بسرعة صاروخية. فقد اعترف التحالف الأميركي نفسه بأن الجيش العراقي يعتبر اليوم من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط.

 

نحن الآن في مرحلة لملمة الجراح وعودة العراقيين إلى الانتماء الوطني. لهذا يحذر كثيرون من أن تكون حملة القضاء على الفساد وسيلة جديدة لهدم الدولة والمبالغة.

 

لقد خرج العراق من معركة عملاقة متمثلة في أكبر هجمة إرهابية في العالم ولم تظهر بعد معاني هذا الانتصار العراقي ولا الفاتورة الثقافية التي سيدفعها رعاة الإرهاب. عالم عراقي جديد سينهض. شيء طبيعي أن تحتاج الدولة إلى وقت للنهوض.

 

المطلوب النزاهة ومحاسبة الفاسدين بالقانون ولكن بمشاعر الحرص والبناء، وبمشاعر الإخلاص للوطن. فلا نريد معولا جديدا للكراهية والحروب الأهلية والتمزق بحجة أن الدولة فاسدة بالعموم.

 

فبعد فشل مشروع الهدم بالمشاعر الدينية والكراهية الطائفية، ربما يأتي مشروع النزاعات وإثارة مشاعر الكراهية بحجة الفساد والمبالغة في ذلك.

 

كل شيء له حل بالعقل وحب العراق، سواء موضوع الفساد أو الميليشيات أو مشكلة العرف العشائري، طالما في العراق خير كثير وطاقات وشباب متحمسون. ثقة العالم كبيرة بالعراقيين الآن. إن دحر الإرهاب والإرهابيين يعتبر أكبر انتصار على أخطر مشروع لهدم الدولة العراقية.

 

وكمثال على ذلك رأينا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري يقول في واشنطن إن قانون المذاهب تم طرحه بالبرلمان للنقاش من قبل برلمانيين يحاولون إرضاء ناخبيهم. ولم يوافق عليه البرلمان وتعهد الرئيس بأنه لن يسمح بقانون يتساهل مع زواج القاصرات، بل قال إن القانون العراقي الحالي يسمح بزواج الفتاة التي عمرها 15 سنة وهذا بنظره غير مقبول ويحتاج إلى إعادة نظر، لأن الفتاة التي في عمر الـ15 سنة قاصر أيضا.

 

لهذا نرجو عدم التهويل المتعمد لتخريب بلادنا وإضعاف دولتنا وفِي النهاية يعيرك بعض الأشقاء ببلادك “الخربانة” ويطلبون منك عدم فتح فمك في الشأن السياسي.

 

مقتدى الصدر لم يعد ذلك الفتى الذي يقود ميليشيا تذبح العراقيين على الهوية في بغداد ولَم يعد أتباعه يشبهون أبودرع الذي كان يختطف سنة بغداد باسم التيار الصدري ويرمي بجثثهم خلف السدة. الصدر اليوم قائد عراقي وطني مقبول مثله مثل الرئاسات العراقية الثلاث حاليا.

 

في كل الأحوال علينا أن نكون واقعيين ولا نبالغ في فهم الأمور. شخصيا لا أحب “الجمناستك السياسي” والتقلبات الكثيرة والمبالغات. كل شيء يمكن فهمه داخل تاريخه وتطوره وظروفه.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتبمكان النشر
2الميليشيات المزروعة وصعوبات عزل إيرانهوازن خداج

 

 العرب
 

الانتشار الميليشياوي المحلي وتبعيته لإيران يجعل إمكانية الحد من تمددها قضية صعبة المنال إن كان سوريا أم عربيا، كونها ترتبط بقدرة شعوب المنطقة على تفعيل مشتركاتها الوطنية ومواجهة الطائفية وأدوات النفوذ الإيراني الأخرى.

 

تتصاعد حدة الحديث في الأوساط الدولية عن سبل الحد من النفوذ والتمدد الإيرانيين، وتكثر التكهنات حول مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، فمطالبة الأمم المتحدة بتاريخ 15 نوفمبر 2017 ميليشيات إيران بالانسحاب من سوريا التي تنم عن رغبة دولية بخروج هذه الميليشيات الطائفية اصطدمت بجدار شرعية هذا الوجود، وبربطه بدعوة النظام السوري لإيران ثم لروسيا التي تظن أنها المتصرف الوحيد في القرار السوري.

 

والقرارات الأميركية التي تستهدف عزل إيران وفرض عقوبات عليها ووضع قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله على قائمة الإرهاب مع دعوتهما للخروج من سوريا، لا تنم حتى الآن عن وجود استراتيجية أميركية واضحة لطريقة إخراج هذه القوات، أو لآلية عزل إيران المتمددة في العديد من العواصم العربية.

 

توجهات المشهد الدولي نحو محاصرة إيران وتقليم أظافر ميليشياتها في سوريا ما زالت بعيدة عن ضرب مشروعها التوسعيّ، فإيران التي اكتسبت منذ ثمانينات القرن الماضي خبرة في خلق جيوب لها في المنطقة وأمدّتهم بالمال والخبراء والسلاح تواصل مسيرتها في سوريا. فعدا عن تدريبها ودعمها المالي للعديد من الميليشيات السورية وعلى رأسها ميليشيا الدفاع الوطني وكتائب البعث والمغاوير، سعت إلى تأسيس ميليشيات سورية تأتمر بإمرتها مباشرة أو بإمرة الفصائل التابعة لها.

 

فاستراتيجيتها المعهودة في استغلال القضايا العربية المفصلية والعالقة من قضية تحرير فلسطين وشعارات المقاومة، إلى نصرة المستضعفين والوقوف بوجه الإرهاب، يجري تطبيقها في سوريا بذرائع مشابهة، فتحرير الجولان صار ضمن اهتمامات إيران في تدريب فصائل سورية ونشر ميليشيات طائفية محلية تستطيع من خلالها الالتفاف على القرارات الدولية وذلك لامتلاك الشارع السوري.

 

وقد جرت تسوية أوضاع المقاتلين في هذه الفصائل وتحويلها إلى قوات حكومية تحت مظلة القيادة العامة للجيش، اقتداء بإقرار البرلمان العراقي نهاية العام الماضي قانون تحويل ميليشيا الحشد الشعبي العراقية إلى قوات رسمية، وكان أولها بتسوية أوضاع ميليشيا فوج عشائر منبج/ رعد المهدي التي خرّجت الدفعة الأولى في 30 مارس 2017 والدفعة الثانية المؤلفة من أربعة فصائل في 27 أبريل 2017 وأشارت أن هدفها “الانتشار في كافة الأراضي السورية بما فيها لواء اسكندرون والجولان”.

 

وسبقها تشكيل لواء تحرير الجولان التابع لحركة النجباء العراقية يد إيران في التغلغل داخل سوريا والذي أعلن عن تشكيله في 8 مارس 2017 بعد أيام من تحذير رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو من أن إيران تسعى إلى فتح جبهة ضد إسرائيل انطلاقا من الجولان السوري، وحيث صرح هاشم الموسوي المتحدث باسم النجباء أن “هذا اللواء مدرب ولديه خطط دقيقة ومكون من قوات خاصة، مسلحة بأسلحة استراتيجية ومتطورة”.

 

أما اللواء 313 الذي أخذ صفة طائفية بتسميته على عدد قادة جيش المهدي حين ظهوره، وكونه من الشباب الشيعة في منطقة الجنوب السوري، فقد أعلن عن تشكيله خلال الشهر الجاري وتم افتتاح مكتب له في مدينة أزرع- ذات الأغلبية المسيحية- بريف درعا، والتي تبعد عن الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة نحو 30 كلم ليشكّل التفافا على الاتفاقيات الدولية بإبعاد ميليشياتها عن الحدود، ويزيد من حدة المخاوف بشأن تخريب اتفاق خفض التصعيد في الجنوب، كما أسست إيران خلال الفترة الماضية ميليشيا الحشد الشعبي السوري بالقرب من الحدود العراقية تمهيدًا لتوسيع نفوذها إلى دير الزور، وتولّت تدريب وتمويل ميليشيا العشائر العربية في مدينة القامشلي تحت قيادة نواف البشير.

 

فإيران عدا عن تجنيدها المجتمع الشيعي والمتشيعين الجدد لخدمتها، تستهدف تجنيد الشباب السوري من المطلوبين للخدمة الإلزامية وتقديم ميزات مالية وصلاحيات ونفوذ لمنتسبيها، إذ يستلم العنصر بطاقة تحمل شعار “الحرس الثوري” تضمن له صلاحيات المرور السهل على حواجز النظام، وهذه الطريقة بالتجنيد أمنت لإيران حواضن بشرية منتشرة في معظم أنحاء سوريا، بحيث يمكنها البقاء بأكثر من وسيلة وطريقة ويصبح إخراج قواتها من سوريا لا يعني خروجها أو إضعاف وجودها.

 

هذا الانتشار الميليشياوي المحلي وتبعيته لإيران تحت غطاء شعاراتها الرنّانة من شعار تحرير القدس إلى تحرير الجولان واستغلالها الصراع السوري لتثبيت وضع طائفي يناسب وجودها، يجعل الحد من تمددها قضية صعبة المنال إن كان سوريا أم عربيا، كونها ترتبط بقدرة شعوب المنطقة على تفعيل مشتركاتها الوطنية ومواجهة الطائفية وأدوات النفوذ الإيراني الأخرى التي تؤكد حقيقة واحدة هي تعزيز موطئ قدم لها في المشرق ولتبرير التوسع والهيمنة داخل الدول العربية.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
3  العرب وإيران ومعركة ما بعد داعش السيـــــــد زهـــــــره  اخبار الخليج البحرينية
 

 

على الأقل من الناحية العسكرية المباشرة، تم إعلان هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا. بالطبع، لا يعني هذا أن خطر التنظيم انتهى، لكن على الأقل تمت استعادة الأراضي التي استولى عليها وطرده منها.

 

هذا التطور هو بداية لمرحلة جديدة من الصراع في العراق وسوريا وفي المنطقة بصفة عامة.

 

هذا التطور هو بعبارة أدق ينذر بإطلاق معركة جديدة محورها، كيف ستكون أوضاع البلدين بعد داعش، ولمن ستكون السيطرة؟

 

الأمر الخطير هنا أن كل القوى الدولية والإقليمة المعروفة استعدت لهذه المرحلة، ووضعت بالفعل خططها، وهي خطط معروفة ومعلنة إلى حد كبير.

 

وهذه الدول والقوى تتفاوض فيما بينها للتنسيق بين خططها، وللتوافق حول تقاسم الوجود والنفوذ. وهذا بالضبط هو مثلا الهدف الأساسي من الاجتماع الثلاثي الذي عقد بالأمس وضم رؤساء روسيا وإيران وتركيا. الهدف هو الاتفاق على تقاسم النفوذ والمنافع والمصالح في سوريا فيما بعد التسوية أيا كانت.

 

في المقابل، يصعب جدا أن نقول هناك رؤية أو خطة عربية للمرحلة القادمة في العراق وسوريا، وموقع العرب من المعركة القادمة.

 

لا نريد أن نتحدث هنا تفصيلا عن مستقبل هذا الصراع، وأبعاد هذه المعركة في العراق وسوريا، لكن من المهم أن نتوقف، وخصوصا عند إيران وخططها، على اعتبار أن إيران تمثل، كما جرى الاتفاق عليه عربيا، الخطر الأكبر الآن الذي يهدد الأمن القومي العربي.

 

في العراق وفي سوريا، لدى إيران مخطط واحد تقريبا لما بعد داعش تعمل عليه منذ سنوات طويلة وتنفذه على أرض الواقع.

 

هذا المخطط يقوم على جوانب ثلاثة أساسية:

 

1 – الزعم بأن إيران هي التي يعود إليها الفضل الأول في هزيمة داعش في العراق وسوريا، وفي إنقاذ البلدين. وقد بدأ الإيرانيون بالفعل شن حملة سياسية وإعلامية واسعة هذا هو جوهرها.

 

بالطبع، هذا الزعم الهدف المباشر منه أن على الكل في العراق وسوريا والمنطقة ان يفهم حقيقة ان إيران لديها الحق بأن تكون هي المستفيد الأول في البلدين في المرحلة القادمة.

 

2 – أن يكون لإيران وجود قوي ودائم في البلدين.. وجود عسكري وسياسي وعلى كل المستويات.

 

في العراق، هذا الوجود مترسخ أصلا منذ سنوات طويلة بوجود الحرس الثوري وعشرات المليشيات الطائفية المسلحة العميلة لإيران، وفي قدرتها على التلاعب بكل القوى السياسية وتطويعها لخدمة الأجندة الإيرانية.

 

وفي سوريا، لدى إيران عشرات الآلاف من القوات الموجودة هناك التي قاتلت دفاعا عن نظام بشار، كما تقوم بإنشاء قواعد عسكرية.

 

3 – أن يكون لإيران عبر هذا الوجود كلمة حاسمة، إن لم يكن الكلمة الأولى، في التطورات السياسية في العراق وسوريا في مرحلة ما بعد داعش.

 

وهي تستعد لذلك منذ الآن.

 

في العراق مثلا، تستعد إيران منذ الآن للانتخابات القادمة كي يكون للقوى العميلة لها الكلمة الأولى.

 

وفي سوريا تستعد لمرحلة ما بعد التسوية السياسية.

 

هذا هو ما تفعله إيران وتخطط له.

 

هل يمتلك العرب رؤية أو مخططا للعراق وسوريا في المرحلة القادمة؟

 

هل يملك العرب خطة لمواجهة إيران ومخططها في البلدين؟

 

للأسف، لا نستطيع أن نقول إن هناك مثل هذه الرؤية أو الخطة العربية.

 

الموقف العربي من إيران بات معروفا، وقد تجسد في القرار الذي صدر عن الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب. العرب يعتبرون أن إيران هي الخطر الأول اليوم والتهديد الأكبر للأمن القومي العربي.

 

ولسنا نبالغ إذا قلنا إن كيفية التصدي للوجود الإيراني والمخطط الإيراني في العراق وسوريا ستكون هي المعيار الأساسي لترجمة هذا الموقف العربي المعلن من إيران وخطرها.

 

للأسف، نخشى أن كل ما يملكه العرب هنا هو مطالب عامة معلنة، مثل القول بأن إيران يجب أن تترك الأراضي العراقية والسورية، وانها يجب ألا تكون طرفا في تسوية، والتأكيد على عروبة البلدين واستقلالهما.. وهكذا.

 

العرب يعلنون مثل هذه المواقف من دون أن يمتلكوا خطة محددة لتنفيذها فعلا.

 

لو استمر الحال هكذا، فسيكون علينا أن نكتفي بالإدانات العربية القوية لإيران والحديث عن خطرها، في الوقت الذي تمضي فيه إيران قدما في التمدد والتوسع وترسيخ أقدامها.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
4 أزمة الدولة العراقية  يزيد صايغ

 

 

   الحياة السعودية
 

تحرير راوة، آخر بلدة عراقية مهمة كان يُسيطر عليها تنظيم «داعش»، في 17 الشهر الجاري، يبشّر بانتهاء مرحلة بالغة الخطورة في تاريخ بلدٍ عاش ثلاث حروب مدمّرة كبرى منذ عام 1980 وصراعات مسلّحة لا تتوقّف. ولكن بدلاً من تدشين مرحلة جديدة من السلم والاستقرار، يواجه العراق صراعاً أكثر تعقيداً وربما مصيرياً. فعلى مدار ثلاث سنوات، منذ الصعود المثير لتنظيم «داعش» واستيلائه على مدينة الموصل في شمال البلاد، أخفَت الحملة العسكرية لدحره التحديات الكبرى الثلاثة التي تهدّد حقيقةً تماسك وسلامة الدولة العراقية من داخلها.

 

أول هذه التحديات هو الواقع البالغ الإشكالية للمؤسسات الرئيسية للدولة، التي تعاني من معدّلات مرتفعة من الفساد والفئوية السياسية، وتُثبِت تكراراً عجزها الوظيفي. وقد ظهر ذلك جليّاً في الانهيار المفاجئ للقوات المسلحة الذي سمح لعدد صغير من مقاتلي «داعش» الدولة بالاستيلاء على الموصل في حزيران (يونيو) 2014، بيد أن عيوباً مشابهة تُصيب أجهزة قطاع الأمن التابعة لوزارة الداخلية، كما أن استخدام رئيس الوزراء السابق نوري المالكي القوات المسلحة ووحدات مكافحة الإرهاب كرأس حربة للتدخل في الحكم المحلّي وللإطاحة بمجالس إدارة محافظات عدّة، زاد من تقويض عمل مؤسسات الدولة. فالخطوات العلاجية التي قادتها الولايات المتحدة منذ عام 2014 لإعادة بناء وتدريب الجيش العراقي تركّزت على وحدات نخبة مختارة فحسب، ولم يكن لها تأثير في تحقيق تحوُّل جذري في قطاعي الدفاع والأمن الداخلي، ولا على إصلاح نمط العلاقات العسكرية- المدنية التي تثبت أضرارها في عهد المالكي.

 

أما التحدي الرئيسي الثاني الذي يواجه العراق، فهو الفشل المستمر لمؤسسات الدولة المعنية، وللطبقة السياسية المسؤولة عن إدارة الهيئات التنفيذية والتشريعية العليا، في توفير المنافع والخدمات العامة الأساسية. تتأثر بذلك شرائح وأطياف المجتمع العراقي كافة. بل إن أسوأ معدّلات الفقر المدقع والبطالة هي في المحافظات الثلاث ذات الأكثرية الشيعية الواقعة جنوب بغداد، على رغم النظرة الرائجة التي ترى أن العراق تحكمه حكومة شيعية. وبحسب خبراء اقتصاديين ونواب برلمانيين، لم يتم بناء مستشفى واحد ولا محطة توليد كهرباء واحدة بين عامي 2003 و2013، على رغم إنفاق 500 بليون دولار من الأموال العامة، كما يؤكد أرفع المسؤولين الماليين والنفطيين في البلاد أن مبلغ 300 بليون دولار تم صرفه إلى المتعهدين والمقاولين لقاء مشاريع لم يُنجَز واحد منها. وعلى القدر نفسه من الخطورة، أخفقت الحكومة تماماً، باستثناءات قليلة، في دعم القطاع الخاص وتطويره وتنويع الاقتصاد، بل حقّقت تراجعاً في ما يخص التقليل من اعتماد خزينة الدولة الشديد على الريع النفطي.

 

أخيراً وليس آخراً، يواجه العراق تحدي تحقيق المصالحة السياسية الحقيقية بين أطياف المجتمع، ما يصيب العديد من المعلّقين بالإشارة إليه. غير أن التركيز الشائع على مصالحة العرب السنّة من المواطنين وإعادة دمجهم في إطار دولة مركزية تديرها حكومة لا يثقون بها، يحول دون ملاحظة أن الشروخ والانقسامات داخل كل طيف لا تقلّ عمقاً وتشكّل تهديداً لا يقلّ أهميةً لجدوى العراق كدولة قطرية وطنية. فالخلافات السياسية بين العرب السنّة أو بين العرب الشيعة محتدّة بالقدر نفسه في ما بينهما، في ما يتعلق بالطبيعة والهوية المنشودة للدولة: هل تكون إسلامية أم علمانية، وحدوية أم فيديرالية، أقرب إلى إيران أم إلى الدول العربية الأخرى، أم على الحياد. ويمكن القول إن العراق عاد إلى الترابط المقوّض للاستقرار بين تحالفاته الإقليمية واصطفافاته الداخلية، والذي اتّسمت به حياته السياسية المضطربة حتى عام 1970. ويزيد من الأخطار احتمال عودة الخصومة المكشوفة بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان، وفتح الباب أمام المزيد من التدخلات الخارجية.

 

لقد ساهمت هذه المشكلات مجتمعة في نشوء وصعود تنظيم «داعش»، كما لاحظ الكثيرون، ولكنها تتجاوز بكثير «المسألة السنّية» في العراق. بيد أن كافة المحاولات لطرح تلك التحديات على بساط البحث والمعالجة الفعلية باءت بالفشل منذ البدء أمام المقاومة المُتَمَتْرِسة من داخل الحكومة المركزية والبرلمان– على رغم تبنّيهما رسمياً خطة الإصلاح التي أعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي في عام 2015– ومن قبل الأحزاب السياسية المؤثّرة والميليشيات المتنفِّذة وجماعات المصالح المبطّنة في مؤسسات الدولة الرئيسية. «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»: بات ذلك الشعار الذي استخدمه الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر لتعبئة الدعم العربي أثناء حرب الاستنزاف ضدّ إسرائيل بين 1968 و1970، ذريعة تمّ اللجوء إليها في أعقاب سقوط الموصل بيد تنظيم «داعش» في عام 2014 لصرف الأنظار عن التحديّات المحدقة بالدولة العراقية.

 

الأهم من معركة الموصل، إذن، هي المعركة المقبلة لحسم مسألة السلطة في بغداد، مركز الدولة. إذ لا يزال الخطر الذي يشكّله تنظيم «داعش» أو جماعات عربية سنّية أخرى ماثلاً، فقد وقع 1500 هجوم مسلح تقريباً في 16 مدينة في العراق وسورية في الفترة بين تحرير المدينة وشهر نيسان (أبريل) الماضي. إلا أن العواقب الأخطر على المدى الأبعد هي تلك التي ستنتج من الصراع بين الفصائل السياسية التي يغلب عليها الطابع الشيعي، خصوصاً أنه سيدور داخل المؤسسات السيادية للدولة وللسيطرة عليها. ويجسِّد تشريع هيئة «الحشد الشعبي» بقانون صادر عن البرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، الذي حوّلها إلى جزء من القوّات المسلحة، نموذجاً في مقدّمة ذلك المسار.

 

قد لا يتحوّل ذلك الصراع إلى العنف، ولكن لا يمكن إنكار أخطار ذلك الاحتمال. فالعنف بات نمطاً ووسيلة لخوض السياسة في العراق، كما في بلدان عربية عدّة، إن لم يكن شكلها الأهم. وفي أقل تقدير، بات امتلاك سبل العنف والقوة المنظَّمة هو الشرط الضروري لدخول الميدان السياسي، ما يسمح للجماعات المسلحة الأصغر حجماً بالتنافس مع الأحزاب السياسية الأكبر بكثير واللوائح الانتخابية التي حصلت على أكبر النسب من أصوات المقترعين سابقاً، بل وحتى تهميشها. ومع تمثيل ميليشيات عدّة في البرلمان الحالي، فإن عَسْكَرَة السياسة– والتي تتعزَّز بسبب عودة أخطار نشوب النزاع حول الحدود المستقبلية لإقليم كردستان وداخل مناطق الحكم الذاتي– قد تنعكس بزيادة نفوذها في أعقاب الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في أيار (مايو) 2018. لن يكرِّر التاريخ نفسه، ولكن نمط الصراعات الفئوية التي شلّت الجيش العراقي وأدّت إلى عدّة انقلابات عسكرية في الخمسينات والستينات من القرن الفائت قد انتشر الآن في أرجاء جهاز الدولة وصار سمة عامة.

 

في نهاية المطاف، فإن تعدُّد التنافسات السياسية وميوعة التحالفات التي يشهدها العراق حالياً قد يقلِّلان من خطر اندلاع النزاع المسلح. ويمكن أيضاً أن تساهم جهود القوى الخارجية، وبخاصة الولايات المتحدة والدول الرئيسية في مجلس التعاون الخليجي وتركيا وحتى إيران– وإن لأسباب متباينة تماماً– في احتواء الأزمة. بيد أنه حتى في حال تجنّب العنف الشامل، فإن الاستقطاب السياسي الحاد يجعل الإصلاحات الضرورية– في المجالات الإدارية والاقتصادية والسياسية– صعبة الإنجاز، إن لم نقل مستحيلة. وفي غيابها، سيظلّ العراق في الطريق المسدود الخانق، غير قادر على توفير الحوكمة الفاعلة ولا التنمية، وبالتالي غير مستقر وغير آمن.

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
 5    

ما بعد داعش!

 

   زهير ماجد    الوطن العمانية
 

بالإمكان الآن السؤال عما بعد “داعش” الذي سقط بالضربات القاضية في سوريا والعراق، وبعد أن مهدت له الأرض كي يعبث بالمنطقة، ولكن من باب إنشائه لأجهزته التي ظن أنها تحقق له التمدد والعيش وربما الرخاء.

ظنون لم تفت المنشئ ولو للحظة، خصوصا في حضرة تجهيز الجيشين السوري والعراقي لمعارك أكبر بكثير مما تستأهله مع هذا التنظيم، الذي سادت وسط قيادييه ومقاتليه أن الدنيا ابتسمت لهم، صار لهم “دولة” بكل مساحاتها الجغرافية، وما يمكن فعله سوى الاستبداد بالناس كي تكون البداية صدمة وترهيبا لهم.

لا الأميركي ولا الإسرائيلي ولا البعض العربي أسقط من حسابه أن تتخلص المنطقة من هذه التركيبة المدمرة بهذه السرعة .. أوباما تحدث عن عشرات السنين، وبعضهم وضع عشر سنوات على الأقل .. كان أملا تبين أنه مكتوب فوق الماء أو الرمال، نسي هؤلاء جميعا أن هنالك عطشا لدى السوريين والعراقيين ومعظم أبناء المنطقة للقتال، وحتى للشهادة، إذ إنها تجربة جديدة وفريدة أن يهب شعب بكامله لهذه المهمة، فلربما كانت هزائم العرب أمام إسرائيل أن شعوب العرب لم تقاتل، جلست إلى الراديوهات والتلفزيونات، تركت جيوشها وحدها في الميدان أمام قوى عاتية مؤلفة من الأميركي والأوروبي والإسرائيلي.

كنا نقول في السابق إن إسرائيل لم تربح حروبها، بل إن العرب هم من هزموا أمامها، وكان الشرط لتعديل الفكرة أو محوها، إخراج الشعوب من سباتها للمشاركة بصناعة الحرب وكتابة التاريخ كما يجب أن يكتب في حقائقه الملموسة.

سقط “داعش” إذن، تحررت سوريا والعراق، لكن ما بعد هذا التنظيم هو المهم أيضا، وهو الذي يجب أن نسرد مآله وإلى أين، والحقائق تقول إن فكرته لم تمت ولم تسقط، باعتراف السيد حسن نصرالله الذي اعتبر أنه سقط عسكريا فقط، وكذلك كلمة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي استعمل جملة السقوط العسكري، مما يعني أن هنالك استمرارا لهذا التنظيم ولو بطريقة أو طرق، خصوصا كما بات معروفا، وكما هي المعلومات، من أن الطائرات المروحية الأميركية هبطت في الأراضي السورية قرب دير الزور وغيرها، حيث سحبت قيادات من “داعش” إلى مكان غير معروف ومنهم بالطبع أبو بكر البغدادي الرأس الأول في هذا التنظيم، وكانت فعلت الشيء ذاته في العراق حين شارفت معارك الموصل على الانتهاء.

نفهم بالتالي أن الأميركي يريد حفظ قادة التنظيم في ثلاجته إلى الحين الذي سوف يحتاجه في المستقبل، فيما سيتم توزيع مقاتليه على أماكن وسط الصحاري، وفي مناطق جديدة في الشرق الأقصى .. فلقد أنفق عليه المليارات، وهي أموال لو وضعت من أجل التنمية لكان العالم العربي متخلصا من كل سوء أو مشاكل اقتصادية ومالية والتي تسبب تلك الأزمات الاجتماعية المؤدية إلى التدهور في خيارات الشباب ..

هذه السرعة التي انقضى فيها أمر “داعش” أربكت دولا عديدة، لكن الأميركي الذي يملك مساحة كبرى من السيناريوهات، استوعب المرحلة مجهزا البدائل، وفاهما في الوقت ذاته، أن أمر تصفية الحساب معه في توليده للتنظيم، يعني بالنسبة للمحور المتحالف سوريا وروسيا وإيران وحزب الله وآخرين، أنه لن يترك السلاح ولوقت طويل، بل سيزيد من حجم تحالفه وتوثيقه، حتى ولو بادر إلى البحث عن تسويات سياسية لا بد في النهاية من العمل عليها دون التخلي عن جو التعبئة العسكرية والاستنفار الدائم والاستعداد في كل لحطة لأي طارئ.

 

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
 6    طريق بغداد – إربيل .. «غير» سالكة!   محمد خروب     الراي الاردنية
   

بعد شهرين على استفتاء 25 أيلول في اقليم كردستان العراق, وبعد ازيد من شهر على سيطرة الجيش العراقي على المناطق المُتنازَع عليها وتواصل الحصار الخانق الذي فرضته بغداد على الإقليم.. تبدو الامور وكأنها متجهة نحو التأزّم رغم صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا يوم الاثنين الماضي بعدم دستورية استفتاء اقليم كردستان حول الانفصال عن العراق, وهو ما اعلنت حكومة الاقليم قبل صدوره «احترامها» لقرار المحكمة السابق بعدم دستورية انفصال «أي» اقليم عن العراق, إلاّ ان «العقدة» الأكثر استعصاء – حتى الآن – هي رفض «بعض» القوى السياسية والحزبية الكردية، اتخاذ خطوة حاسمة ومُعلَنة بالغاء نتائج الاستفتاء, التي باتت شرطا لازماً لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للدخول في حوار شامل لحل القضايا الخلافية.

 

صحيح ان حكومة الاقليم اعلنت أن «لا» خطوط حمراء للحوار مع بغداد, في ايحاء بان مسألة إلغاء نتائج الاستفتاء لن تكون عقبة أمام الحوار المُنتظر, إلاّ ان الاعلان ذاته استبطن مقاربة تقول: ان إلغاءً كهذا يجب ان يتم عبر «القضاء». واذ صدر قرار المحكمة الاتحادية العليا، فان جدلا اندلع حول ان المحكمة ذاتها لم تستمع الى «وجهة نظر» الكرد في هذا الشأن, وانما الى رأي طرف واحد من الازمة. ما اعاد الامور الى خط البداية الذي ينتهي بالطبع عند شرط الحكومة المركزية… الغاء نتائج الاستفتاء.

 

ثمة وساطات تقوم بها اطراف عديدة أبرزها الولايات المتحدة الاميركية التي تريد ضمن امور اخرى, «ترقيع» علاقاتها المتدهورة مع اربيل بعد ان اتهمها رئيس اقليم كردستان المستقيل مسعود بارزاني بخذلان الكرد, وانها كانت على علم بـ»اجتياح» الجيش العراقي للاقليم, لكنها لم تُحرِّك ساكنا, بل اعطت الضوء الاخضر له, ولم تمانع في قيادة «ايران» لهذا الاجتياح.

 

إلاّ انها – الوساطات – لم تُحرِز نجاحا يذكر حتى الان, وبخاصة لجهة انتزاع موافقة كردية على الغاء نتائج الاستفتاء, كخطوة لبناء الثقة المفقودة اصلا بين الطرفين، الامر الذي يبدو ان كرد الاقليم يريدون ربط إلغاء كهذا, بضمانات من بغداد تتعهد فيها الأخيرة دفع حقوق الاقليم من الموازنة العامة, وايضا دفع مستحقات البشمركة التي قاتلت مع الجيش العراقي ضد داعش عندما اجتاح الأخير محافظة نينوى وقدمت شهداء وجرحى,واسهمت على نحو لا ينكره احد, في صد الهجوم الواسع الذي استهدفت ايضا كركوك. والأكثر إثارة للدهشة.. أن هناك في الجانب الكردي من «يشترِط»عودة الجيش العراقي الى قواعده قبل 16 تشرين الأول الماضي.

 

ثمة في اقليم كردستان احزاب وقوى لا تشارك الحزب الديمقراطي(حزب بارزاني) تلكؤه في الغاء نتائج الاستفتاء بعد «الهزيمة» السياسية والعسكرية التي لحقت بالاقليم, وتدعو الى انقاذ ما يمكن انقاذه. بل هناك من يدعو الى ممارسة نقد ذاتي ومراجعة شجاعة لكل ما جرى منذ عهد نوري المالكي الذي «كنا في مفاوضاتنا معه، نتصرف بلا مبالاة كبيرة، ونربط المفاوضات بمشروع النفط وكركوك، في حين نُهمِّش المسائل الاخرى مثل المادة «140» وحدود كردستان وحصة الاقليم من الميزانية الاتحادية» على ما كتب القيادي البارز والمؤثِّر في حزب الاتحاد الوطني… «المُلاّ بختيار» في صفحته على الفيسبوك، في الوقت ذاته الذي اعترف فيه بان المفاوضات المنتظرة مع بغداد تأتي «في وقت.. الوضع السياسي والعسكري غير متساوٍ، والمرحلة تحتاج لاستراتيجية جديدة بالكامل وهذا مستحيل – اضاف – اذا لم نعترف بأخطائنا» موضحاً ان الاستراتيجية المقصودة «هي في حال لم نستطع الحصول على حقوقنا في العراق الفيدرالي، بالتفاوض بحسب الدستوري، فعلينا التكفير بالمقاومة الشعبية الكاملة».. مع التذكير بان قيادياً آخر في الحزب نفسه (الاتحاد الوطني/طالباني) وهو نصر الله السورجي: اكّد ان اي قرار يصدر من المحكمة الاتحادية، فان الاقليم «مُلزَم باحترامه حتى وان كان إلغاء الاستفتاء».. تُشاركه في هذا الرأي بالطبع احزاب وحركات كردية مُعارِضة, كحركة التغيير والجماعة الاسلامية والتحالف من اجل الديمقراطية والعدالة الذي شكّله مؤخرا القيادي السابق في الاتحاد الوطني برهم صالح.

 

الرفض غير المُبرّر الذي ما تزال حكومة نيجرفان بارزاني تتمسك به لعدم الغاء نتائج الاستفتاء, لن يُسهم إلاّ في تعميق معاناة اهالي الاقليم, الذين وان أبدوا حماسة للاستفتاء كونه يعبر عن حقهم المشروع في تقرير المصير, الا ان ما ترتب على خطوة غير محسوبة كهذه بدت مغامَرة وقفزة في المجهول, عندما اصرت القيادة السابقة للاقليم على المضي قدما في اجرائها, ضاربة عرض الحائط بكل التحذيرات, ومعظمها صادق وحريص ومتخوِّف على الاكلاف التي سيدفعها كرد العراق في منطقة تعمّها الحرائق ويفتك بها الارهاب, وخصوصا الخلافات والصراع على ادوار مُتخيّلة وأوهام وهلوسات مُقيمة لدى البعض، لكن ما انتهت اليه المغامرة هذه يجب وبالضرورة ان يضع من تسلّموا القيادة – ولو مؤقتا – في اقليم كردستان امام ساعة الحقيقة، اذا كانوا بالفعل جادون في وضع حد لحال الحصار والعقوبات المؤلمة على الاقليم.

 

دعوة الامم المتحدة الاخيرة سلطات اقليم كردستان الى «احترام» قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية, التي اعتبرت اجراء الاستفتاء في الاقليم غير دستوري، يُشكِل فرصة لحكومة الاقليم لتجاوز حال «الإحراج» وحفظ ماء الوجه, اذا ما ارادت بالفعل ان تجعل من المفاوضات الوسيلة الوحيدة لحل الازمات المُتدحرجة التي يعيشها العراق, حكومة مركزية واقليماً كردياً… على حد سواء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد