5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 إعدام صدام حسين في عيد الأضحى ….بداية الابتلاء

 

 

فوزي رمضان

 

الوطن العمانية
 

لم تطبق أميركا عدالة ولا تحترم حقوق إنسان، كان قرار إعدام صدام حسين سياسيا وليس تطبيقا لقانون، بل كان لتركيع كل العرب نتيجة قتله وإن اختلفت حوله الآراء وتضاربت المواقف فقد رآه البعض جلادا وقاتلا ومتهورا، بينما رآه البعض زعيما فذا حافظ على وطنه، وكان رمزا للمقاتل الذي لم يساوم على وحدة العراق ولا قراره ولا سيادته، ساومه الأميركان على كرامته..

 

تتجلى الطاعة في أسمى صورها، ويتجسد الإذعان في أبهى مراتبه، عندما يأمر الله تعالى النبي إبراهيم بذبح ولده البكر إسماعيل وقد رزق به على كبر، وتكون الاستجابة المطلقة من الأب وابنه لأوامر المولى عز وجل ليبدل الله هذا الابتلاء العظيم بكبش أعظم لتسن للمسلمين طقوس الأفدية والأضحية، ويضاف إليهم عيد مجيد يذكرهم بالطاعة والامتثال لمقام خالقهم الكريم.

وفي كل عام يحتفل جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الأضحى والوقوف بجبل عرفات وأداء فريضة الحج، ولكن في صبيحة الـ30 من ديسمبر من العام 2006 عندما كانت تردد تكبيرات صلاة عيد الأضحى، وسط لسعات برد قارس في أجواء العاصمة العراقية بغداد، تقطع محطة التلفزيون الرسمية إرسالها وتعلن على الملأ نبأ إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وعندما كان الحجيج يواصلون أداء شعائر الحج مرددين (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك)، وفي الوقت الذي يحتفل فيه أكثر من مليار ونصف مسلم، ويتأهب معظمهم لنحر الأضحية اقتداء بالخليل إبراهيم الذي فدى الله ولده إسماعيل بذبح عظيم، وامتثالا لأوامر المولى عز وجل، إذا بشاشات العالم قاطبة تذيع على الهواء مباشرة من العاصمة بغداد لحظات إعدام صدام حسين بعد أن أدانته المحكمة الجنائية العراقية بالتورط في قضية الدجيل الشهيرة.

وتمر الأحداث حيث وصلت قوات التحالف إلى مقر جهاز المخابرات العامة، وسلمته إلى القوات العراقية مقيد اليدين ممسكا بالمصحف الشريف في يده وقد ظهر صدام ضعيفا بجسد هزيل، بعدها اقتيد إلى غرفة المقصلة بعد أن رفض رفضا قاطعا وضع كيس أسود على وجهه ووسط المدعين العامين ومندوبي القوات العراقية، ردد صدام حسين الشهادتين ولم ينطق شيئا آخر ورافقه شرطيان إلى المشنقة، ليوثق حول رقبته حبل الموت وفي ثوان تقبض روحه، ويتدلى جسده ويفارق الحياة في ثبات وشجاعة أذلت قاتليه.

ومن السخرية أن تدين الولايات المتحدة الأميركية بلد حقوق الإنسان والديمقراطيات العريقة، وتحاكم وتنفذ حكم الإعدام على حاكم دولة عربية ذات سيادة، بل اختاروا لجريمتهم النكراء توقيتا غريبا لم يسبق له مثيل ولا تقره الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية، ضاربين بحرمة هذا الشهر عرض الحائط، وطعنوا في مقتل كرامة وكبرياء ذوي الدماء الحرة من العرب، بل أهانوا مشاعر كافة المسلمين بنحر هذا الزعيم العربي المسلم، كما ينحرون الخراف والإبل، والمعنى واضح والرسالة كاشفة، وطالما الأعياد قادمة سينحر المسلمون خرافهم وقادتهم بأيديهم.

لم تطبق أميركا عدالة ولا تحترم حقوق إنسان، كان قرار إعدام صدام حسين سياسيا وليس تطبيقا لقانون، بل كان لتركيع كل العرب نتيجة قتله وإن اختلفت حوله الآراء وتضاربت المواقف فقد رآه البعض جلادا وقاتلا ومتهورا، بينما رآه البعض زعيما فذا حافظ على وطنه، وكان رمزا للمقاتل الذي لم يساوم على وحدة العراق ولا قراره ولا سيادته، ساومه الأميركان على كرامته، وطلب منه رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي أثناء فترة محاكمته أن يظهر في التلفاز ويناشد المقاومة العراقية أن تتوقف فرد عليهم (انسحبوا فورا .. أعيدوا الحياة إلى مئات الآلاف من الشهداء، أعيدوا أموالنا المسروقة وآثارنا المنهوبة)، قالوا مستعدين للتشاور معك وسنقدم لك المال والحماية ولم شمل كل أسرتك ـ كما يفعلون مع كل الخونة ـ على شرط أن يطلب من رجاله إلقاء السلاح، وأن يقر بأن أسلحة الدمار الشامل قد تم تهريبها إلى سوريا ذلك لإعطاء المبرر لأميركا لمهاجمة الأراضي السورية، والتخلص من نظامها الحاكم لكنه رفض قائلا لهم (لا حياة لي بلا كرامة أعدموني كما شئتم).

عندما أرادت أميركا تغيير خريطة إقليم الشرق الأوسط بدأت محطتها بالعراق، وطبقا لسياسة “اقتل المربوط يرتعب السائب”، بدأت بصدام لتكمل فيما بعد فرط عقد الأنظمة العربية الحاكمة وتدمر دولهم… نحن نعيش مذلة الابتلاء العظيم مع سمو المناسبة العظيمة وبين حقارة اللحظة المعاشة الآن، فلم نعد ندري ولا نفهم هل سنذبح أضاحينا أم ننتظر نحن الذبح والنحر كبهائمنا؟ هل سنفدي ونضحي أم يفدى ويضحى بنا؟ إننا نعيش زمن البلاء والابتلاء.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 الاستفتاء الكردي كرة إقليمية ملتهبة

 

عبد الوهاب بدرخان

 

 الاتحاد الاماراتية
  

نتيجة الاستفتاء على «تقرير المصير» في كردستان العراق محسومة مسبقاً، فهل يمكن أن يجيب الكردي بشيء آخر غير «نعم» للاستقلال إذا كان الخيار الآخر هو «البقاء في العراق»؟ بالطبع لا. أما أن يقال إنه غير ملزم، أو أنه لا يؤدّي إلى انفصال فوري، أو أن تقرير المصير حقٌّ لكل شعب، فكلُّ ذلك لا ينفي أن الاستفتاء يعني ما يعنيه، أو أن معارضيه من غير الكرد مخطئون في تقديرهم. ذاك أن أوراق كرد العراق علنية ومكشوفة، فلا نيّة لديهم للاستمرار في العراق… ولا في سوريا أو إيران أو تركيا. إنهم يريدون «دولتهم»، ولو لم تكن هناك معالم واضحة لها، لا الآن ولا قبل مئة عام عندما وزّعتهم معاهدة سايكس – بيكو على الدول الأربع. وإذا كانت ظروف ما بعد الحرب العالمية الأولى ظلمتهم فإنهم ينشدون بداية «إنصاف تاريخي» من تغييرٍ في جغرافية المنطقة يرونه متاحاً بانهيار الدولة وتفكّك المجتمع في سوريا والعراق، ولا يفقدون الأمل في اكتماله بالضغط الدولي على تركيا وإيران.

 

هل يُلام مسعود بارزاني على تنظيم استفتاء على «دولته» في «توقيت غير مناسب» عراقياً إذا كان زعيم «الحزب الاتحاد الديمقراطي (وليد الـ«بي كي كي») صالح مسلم يواصل تعزيز «دويلته» في «سياق مناسب» سورياً، بل إنه يسعى إلى توسيعها وصولاً إلى المتوسّط، متجاوزاً حدود أي «دولة كردية» كانت موجودة أو حتى متخيّلة. يريد بارزاني استكمال مشروع بدأ عملياً بالحكم الذاتي، المحمي أميركياً منذ 1991، وأحرز تقدّماً مع إسقاط نظام صدّام حسين، ثم صار واقعياً مع إقرار دستور 2005 مبدأ الفدرلة الذي كرّس وضعاً خاصاً لإقليم كردستان. ومع أن الإقليم شقّ تمايزه باجتهاد كردي ملموس، إلا أن ورشة كتابة الدستور كانت معنيةً بعراق موحّد مع اعتراف لمكوّناته الاجتماعية بحقوقها كافةً، حتى لو أسيء تطبيقه، ولم تكن تبطن استقلالاً/ انفصالاً ممكن الاعتراف به لأي مكوّن. لذلك لم يتضمّن الدستور أي أحكام للتعامل مع مسألة «تقرير المصير»، وبالتالي فهو لا يتيح لحكومة بغداد ولو قبولاً مبدئياً بإجراء الاستفتاء، وعدا أنه لا يجيز للإقليم فرض وضع كياني جديد من دون تعديل دستوري فإنه يعني أيضاً أن الأكراد شاركوا في كتابة الدستور وهم يبيّتون نقضه والخروج عنه.

 

أمران أفسدا مسار الدستور: الأول ظهر لحظة ولادته بوجود بنود معترف بضرورة تعديلها لإنصاف المكوّن السنّي، وهو ما لم يتمّ حتى الآن. والآخر طرأ في الممارسة من خلال حكومة نوري المالكي الذي تبنّى هيمنةً شيعية – إيرانية ودخل في خصومة مفتوحة مع المكوّنَين السنّي والكردي، ولم يبد حرصاً على حماية المكوّنات الأقلية الأخرى. مع الوقت تكاثرت ملفات الخلاف مع الكرد (حصّة الإقليم في الميزانية العامة، مرجعية الإشراف على مداخيل النفط في المناطق الكردية، تمويل جيش البشمركة، حل مسألة مناطق كركوك وسنجار وخانقين المتنازع عليها…). لا شك أن التسويف والإهمال أجّجا الخلاف الذي بلغ الذروة بامتناع حكومة بغداد عن دفع حصة الإقليم في الميزانية، ما راكم مديونيته. ثم أن مراقبة الكرد لتطوّرات الصراع الشيعي – السنّي جعلتهم يحذّرون القوى الداخلية والخارجية من احتمالات انفجار التطرف والإرهاب، كما أنذرتهم بوجود نيات سيطرة وإخضاع يحضّ عليهما الإيرانيون ضد السنّة وقد يستديرون لاستهدافهم لاحقاً.

 

هذه المشاكل والمخاوف حسمت التوجّه نحو الاستقلال/ الانفصال، ومع أن الإقليم ليس جاهزاً ذاتياً لهذا الاستحقاق إلا أنه يراهن على الوقت لتليين الاعتراضات، خصوصاً الإقليمية، لكن عقبة بغداد لا تزال ماثلة، ومن شأنها أن تشكّل ذريعة لحرب أو تدخّل باتت الأطراف الإقليمية تعتبرهما بالغَي الإلحاح، فالإيرانيون والأتراك، الذين تقاربوا أخيراً، قلقون من الدور الذي لعبته المسألة الكردية في تفكّك سوريا والعراق، بمواكبة/ مباركة من الولايات المتحدة أو حتى مشتركة مع روسيا. كانت طهران وأنقرة ضغطتا لتخفيف الاحتضان الروسي لكرد سوريا وربما لانتزاع تعهّد بعدم دعم كيان انفصالي لهم، إلا أن مشكلتهما الكبرى كانت ولا تزال مع واشنطن التي تثمّن مساهمة أكراد سوريا والعراق في الحرب على «داعش»، ولا ترى مانعاً من طمأنتهم ومكافأتهم. إذاً، فالاختراق الكردي خطر قائم، وهو اليوم يقترب من منعطف الاستفتاء في كردستان العراق وقد يتكرّس غداً في «روج آفا» السورية، ليصبح استحقاقاً داهماً قد ترغب تركيا وإيران في استباقه لا انتظاره للتعامل معه.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   استفتاء الأكراد ونتائجه

 

    أندرو أبوستولو

 

  الاتحاد الاماراتية
 

في 25 سبتمبر، سوف يعقد الأكراد في العراق استفتاء بشأن الاستقلال. معظم الأكراد سوف يصوتون بنعم، هذا ما يؤكده كثيرون، غير أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا التصويت سوف يساعد في استقلال كردستان، أو أنه سيخلق مشكلات يمكن أن تعطل سعيهم نحو الدولة.

 

وقد اصطدمت رغبة الأكراد في تعزيز هويتهم عبر الحكم الذاتي مع عزم بغداد بإبقاء العراق دون مساس. الطرفان أيضاً لم يضعا حدوداً بين العراق، بسكانه العرب والأكراد. وبوجه خاص، فإنهما يريدان السيطرة على مدينة كركوك القريبة من حقول النفط الرئيسية.

 

وقد فشلت كل محاولات المساومة بينهما، والنتيجة بالعموم كانت تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف. وقد استخدم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في فترة الثمانينات، الإبادة الجماعية بحقهم، قاتلاً 100 ألف كردي، ومدمراً حوالي ألفي قرية.

 

استفتاء سليم قانونياً هو تعبير قوي عن الإرادة الشعبية، عندما يكون هناك تفويض محدد. لكن استفتاء 25 سبتمبر ينقصه هذه المشروعية، مما يجعل تأثيره غير واضح المعالم، فالنتيجة لن تجبر أي جزء من حكومة إقليم كردستان على التحرك، ليس الرئيس أو مجلس الوزراء أو البرلمان.

 

أما جانباً من هذه الصعوبة فيعود إلى أنه لا يوجد دستور لحكومة إقليم كردستان. وكان البرلمان الكردي قد صوت على دستور في عام 2009، لكنه ليس ساري المفعول لأنه لم تجر الموافقة عليه من قبل استفتاء.

 

من الناحية النظرية، يمنح دستور 2009 كردستان حق إجراء تصويت بموجب قانون استفتاء، لكن البرلمان في إقليم كردستان لم يمرر قانون الاستفتاء، ولن يفعل. وقد توقف البرلمان عن العمل في أكتوبر 2015 بعد اندلاع النزاع بين رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، والمعارضة.

 

هذا الأمر يجعل النتيجة في 25 سبتمبر عبارة عن إعلان نوايا أكثر منها محاولة ذات مصداقية لنيل الاستقلال. في يونيو، قال مسعود البرزاني في «ذا بوست» بأن «نتائج الاستفتاء سوف تلزم حكومات كردستان المستقبلية»، لكن من دون دستور وقانون استفتاء ليس هناك إلزام على الحكومات المستقبلية للقيام بأي شيء.

 

كما أنه لإثبات أن التصويت الشعبي في 25 سبتمبر يعد إلى حد بعيد مجرد إيماءة، يبدو أن حكومة إقليم كردستان لا خطط لديها لليوم التالي. على سبيل المثال، ليس هناك اقتراح بتشكيل عملة مستقلة، إذا ما دعا الاستفتاء لنيل الاستقلال. وليس هناك جدول زمني متفق عليه لإجراء مباحثات مع بغداد، وذلك في فارق صارخ مع استفتاء الاستقلال في اسكتلندا في سبتمبر 2014.

 

كان لدى اسكتلندا مخطط مفصل لتشكيل دولة مستقلة في مارس 2016. كما يمكن أن يؤدي الاستفتاء إلى مفاقمة الأوضاع في المجالين الأكثر توتراً مع باقي العراق، الناس والحدود. وكان صدام حسين حريصاً على إخراج الأكراد من كركوك، جالباً العرب من جنوب العراق، وكل حكومة عراقية ما بعد صدام حسين فشلت في تطبيق اتفاق 2005 للتعويض عن أولئك للانتقال إلى جنوب العراق، مما يسمح بعودة الأكراد.

 

وسوف يعقد الأكراد استفتاء في تلك المناطق المتنازع عليها، والتي تسيطر عليها قواتهم بعد تحريرها من تنظيم «داعش». سوف يسمح الأكراد للعرب وذريتهم بالتصويت، بما في ذلك في كركوك، على الرغم من أن حكومة إقليم كردستان تريد إخراجهم على المدى الطويل، سياسة «صوت الآن وغادر لاحقاً».

 

ويحلي القادة الأكراد الأمر بالقول إنهم سوف يأخذون المناطق المتنازع عليها فقط بالرضا والتفاوض. ويريد البرزاني «المناطق فقط حيث السكان بشكل ساحق يريدون أن يكونوا جزءاً من كردستان». لكن لا يوجد تعريف لعبارة «بشكل ساحق». على سبيل المثال، هل تكون نسبة 66% كافية، وهي العتبة المستخدمة في الاستفتاء على الدستور للعراقي عام 2005؟

 

على الرغم من أن بغداد تعارض، إلا أن هناك سابقة تاريخية لنهج حكومة كردستان في استخدام التصويت لتحديد ملامح الحدود. فقد سبق أن قسمت ألمانيا وبولندا «سيلسيا العليا» في استفتاء على مستوى كل مقاطعة عام 1921. وجاء هذا التصويت بعد بضع سنوات من الصراع العرقي، وعقد تحت إشراف دولي.

 

لكن تلك السابقة لم تكن نتائجها سعيدة. قبِل الألمان بخسارة الأراضي على مضض. وبعد الفظائع النازية خلال الحرب العالمية الثانية، حل البولنديون المسألة بطرد الألمان من سيلسيا بشكل جماعي. وينبغي أن يكون الأكراد العراقيون راغبين في تجنب مثل هذه النتيجة العنيفة. سيصبح الأكراد مستقلين في نهاية المطاف، وحتى رئيس الوزراء العراقي اعترف بحقهم في تقرير المصير.

 

وما ينبغي أن تدركه حكومة إقليم كردستان هو أن الطريقة التي تقود فيها الأكراد خارج العراق هي بالأهمية نفسها كهدف الحصول على دولة مستقلة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية

 

 مصطفى فحص

 

 

   الشرق الاوسط السعودية
 

في مشهد التحولات العراقية، يستكمل الزعيم العراقي السيد عمار الحكيم رسم لوحة التشكيل العراقي، يضيف إليها حيوية جديدة، لذلك لا يُخفي هدفه في البحث عن مستقبل جديد بشروط وطنية، وتقديم خطاب متصالح مع الماضي، قادر على استيعاب الحاضر. ولأجل تحقيق غايته إعلان تمرّدِه على رفاق النضال المصرّين على الإقامة الدائمة في الماضي. ففي لحظة سياسية دقيقة، اقتنع الحكيم بأن قدامى المحاربين من قيادات المجلس الأعلى الإسلامي غير راغبين في استيعاب التحولات الثقافية والسياسية داخل مجتمعاتهم، ما دفع الزعيم الشاب إلى اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة، تمثل انتقالاً سياسياً تأخر 14 عاماً، انتقالاً يراه العارفون بالشأن الشيعي العراقي أشبه بانقلاب على السرديات التقليدية للتيارات الإسلامية العقائدية، وشعاراتها التي لم تعد تجد طريقها إلى آذان العراقيين، خصوصاً بعد فشلها الذريع في بناء الدولة بعد تسلمها السلطة سنة 2003.

ففي مرحلة تحولات فعلية، ما بين تحرير المُوصل ودعوته إلى مصالحة وطنية شاملة، وانفتاح عربي على العراق، اختار السيد عمار الحكيم مغادرة المجلس الأعلى، والإعلان عن تأسيس «تيار الحكمة الوطني»، كاشفاً عن قناعته بأن الأهداف التي أُسس من أجلها المجلس الأعلى في إيران، 17 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1982، لم تعد تناسب العراق في 24 (تموز) 2017، كما أن عراق 2017 لم يعد يشبه عراق 2003، الذي بدأ يخرج من الإطار الطائفي المغلق إلى الفضاء الوطني المنفتح على الجميع، حيث أشار السيد الحكيم إلى أن «الوصول إلى كتلة وطنية عابرة للطائفية حلٌّ يتماشى مع طبيعة المرحلة».

الأزمة بين السيد عمار الحكيم وقيادة المجلس التاريخية بدأت تطفو على السطح قبل عام تقريباً، عندما أعلن الحكيم عن تشكيل «تجمّع الأمل»، وهم كتلة شبابية داخل المجلس، وعن نيته إشراكهم في صناعة القرار داخل المجلس، ما أثار حفيظة قيادات الصف الأول، التي عبرت عن امتعاضها علانية من تصرفاته، واتهمته بالتفرد في اتخاذ القرارات، وبالخروج عن الثوابت التاريخية للمجلس، وإضعاف دوره من خلال اعتماده على جيل جديد لا يملك الخبرة الكافية لإدارة المرحلة، حيث اعتبر الوزير باقر جابر الزبيدي أن «تشكيل ما يسمّى تجمّع الأمل داخل المجلس الأعلى غير مرغوب فيه من أغلب قيادات المجلس»، رافضاً منحهم عضوية المجلس.

وعليه، حاولت قيادة المجلس إدانة الحكيم، باعتبار أنه لم يستمع إلى نصائح الإخوة في الجمهورية الإسلامية، حيث كشف الوزير الزبيدي، في تصريح لصحيفة «إيلاف» الإلكترونية، أن الحكيم لم يستمع إلى نصائح المرشد الإيراني السيد علي خامنئي بالبقاء داخل إطار المجلس، كما اتهمه السيد جلال الدين الصغير، وهو من أنصار ولاية الفقيه، بأنه لم يلتزم نهج المؤسس المغفور له الراحل السيد محمد باقر الحكيم، غامزاً من قناة الحكيم بسبب قراره استبدال تسمية الكتلة البرلمانية من «شهيد المحراب» إلى «كتلة المواطن»، واقترابه من التيارات المدنية والعلمانية وبعض اليسارية، وإشاراته إلى إمكانية التحالف معها في الانتخابات المقبلة.

في المقابل، تمكن السيد عمار الحكيم من إقناع 17 عضواً في المكتب السياسي للمجلس، من أصل 21، بالانضمام إلى تيار الحكمة، كما انضم إليه 22 نائباً، من أصل 29، يشكلون كتلة المجلس داخل البرلمان، إضافة إلى أن 90 في المائة من كوادر المجلس وجمهوره هم أقرب إلى تأييد خطواته، الأمر الذي سيتسبب في إرباك كبير داخل أروقة ما تبقى من المجلس الأعلى حول كيفية إدارته، خصوصاً على أبواب انتخابات نيابية مفصلية العام المقبل. فالمجلس الذي كان يضم منظمة بدر لم يحصل إلا على 16 مقعداً في الانتخابات النيابية سنة 2009، بحجم 530 ألف صوت، وفي الانتخابات المحلية سنة 2013، وبعد انفصال بدر، حصل على 750 ألف صوت، أما في الانتخابات البرلمانية سنة 2014، فقد ارتفعت قدرته التجيرية إلى مليون و250 ألف صوت، حيث حصل على 29 مقعداً نيابياً.

والجدير ذكره أيضاً أن طهران ضغطت من أجل منع وصل القيادي المدني في المجلس د. عادل عبد المهدي إلى رئاسة مجلس الوزراء سنة 2005، على الرغم من أن الدعاية كانت تعتبر أن المجلس الأعلى مشروع إيراني للسيطرة على السلطة في العراق، إلا أن طهران فضلت حينها نوري المالكي.

تراقب طهران بقلق رغبة السيد الحكيم في تحقيق تمايزه عمن سبقه في قيادة المجلس، وعن قياداته الحالية، بالميل إلى إعادة التأسيس للحياة السياسية بما يناسب مصالح العراق الوطنية والإقليمية، خصوصاً أن عمار الحكيم النجفي قادر على مصالحة البرجوازية الشيعية البغدادية، واستيعاب الطبقة الوسطى في مدن الجنوب والوسط، المستاءة من الهيمنة الإيرانية، التي تجمع في تكوينها بين العروبة والتشيع… وللحديث صلة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 5     

حدة بلاد الشام والعراق، هي الوحدة الواقعية!

   محمد داودية

 

    الدستور الاردنية
  

 

إن ما يجمعنا في بلاد الشام كلها، ليس تنوعا، على أهمية التنوع، ودوره في ضخ المزيد من القوة في اوصال المجتمعات، فلا يوجد في بلاد الشام، الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان، حواجز طبيعية كنهر الامازون او جبال الهملايا او الخليج العربي، التي تفصل بين عِرِق وعرِق وأمة وأمة.

بيننا وبين فلسطين نهرُ الأردن، الذي يمكن عبوره من مخاضات عديدة كثيرة، لضحالة مياهه، ولأن عرضه الذي يقاس بالامتار، يجعل في وسع رياضيي القفز العريض ان يتجاوزوه دون كبير عناء.

وكذلك الامر مع سوريا، التي ليس بيننا وبينها أية حواجز جغرافية او إثنية من أي نوع كان، بل بيننا على امتداد الحدود السياسية، قبائل عربية تعيش وتتحرك على جانبي الحدود. ومعلوم ان المرء يحتاج الى ساعتين بالسيارة ليكون على ذرى قاسيون والى ساعة أخرى ليكون في السوليدير في قلب بيروت.

وكما إن التنوع البيولوجي، هو الذي يدعم الحياة على كوكب الأرض، فأن التنوع الثقافي والإثني يدعم الثقة وينمي المعرفة التي تحتاجها كل الشعوب وتتقدم بها. فالتنوع قوة مؤكدة، بدءا من قوة الأعراق جراء الزواج المختلط (غرّبوا النكاح)، الى ضرورة الجسور ومتانتها جراء الانفتاح والتشاركية والتبادلية التي تحتاجها كل الأعراق والثقافات والأديان والمذاهب.

ودعوني اسوق هذا النموذج الأردني الكندي، بمناسبة زيارة الملك وولي العهد الى كندا.

عندما استدعت قاضية الجنسية الكندية، ابن عمي محمود عبد خلف الداودية، خبير الكمبيوتر الألمعي، إلى مراسم أداء قَسَم الحصول على الجنسية، برفقة ثلاثة من الجنسيات الهندية والمكسيكية والنيجيرية، قالت لهم القاضية: اليوم وقد أصبحتم مواطنين كنديين، تصبح كندا أقوى بكم وأوسع آفاقا، لأنكم تعززون تعدديتها السياسية والثقافية والاثنية والدينية.

تأملوا كيف أنّ كندا، ذات الأربعين مليون مواطن، تصبح أقوى بأربعة شباب!! وبقية الحادثة هي ان محمود عبد خلف الداودية الأردني الطفيلي المولود في القدس، رفض أن يتسلم جواز سفره الكندي، لأنهم كتبوا في خانة مكان الولادة: القدس – إسرائيل !!.

قال لهم محمود الداودية: اكتبوا في خانة مكان الولادة: القدس – فلسطين. رفضوا متذرعين بعدم وجود دولة اسمها فلسطين، لا وقت ميلاد محمود قبل نكسة حزيران سنة 1967 ولا بعد أوسلو سنة 1993.

ظل الموضوع عالقا عدة أشهر، بين كندا بعظمتها والأردني الطفيلي «الدِّقر» المتجنس حديثا، لم يُكرِهوه على قرارهم. كانوا يفاوضونه على كلمة وهو يصر على ان تمحى كلمة إسرائيل من هوية القدس ومن جواز سفره، إلى أن رضخوا !! شطبوا اسم إسرائيل من جواز سفره، وكتبوا على خانة مكان الولادة: القدس.

في الأردن مكونات ثرية عديدة، ابرزها المكون الفلسطيني والشامي والحجازي والمغاربي والشركسي والشيشاني والكردي والتركماني والارمني والدرزي، اندمجت طوعا وحبا في هذا الحمى العربي، وانصهرت في مجراه المتدفق الحيوي، وفعلت وتفاعلت في دورق قومي رحب، فأصبحت جزءا اصيلا من الهوية الوطنية الأردنية، المتماهية مع كل الهويات الوطنية العربية، المتضادة فقط مع الهوية العدوانية التوسعية الاستيطانية الصهيونية.

كنت كتبت: «يمكن انتزاع الإنسان من قلب وطنه، لكن لا يمكن انتزاع الوطن من قلب الانسان». فلمصلحة مَنْ هو إنتزاع فلسطين من قلب الفلسطيني الذي اصبح اردنيا او كنديا او أمريكيا او المانيا؟! هل يكون لغير مصلحة إسرائيل هذا الانتزاع، إن كان ممكنا ؟.

مكوناتنا الأردنية تتوثب وتتأهب للاتصال مع والاندماج في، الوحدة الواقعية الأرحب، وحدة بلاد الشام والعراق، التي تتوفر على طاقات ضخمة وموارد مذهلة وحيوية مفرطة، تشكل عامود الأمة الفقري الصلب، القادرة على مواجهة التحديات المصيرية وإخراج بلداننا الخمسة من ازماتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية.

لا يكون التنوع مع الذات، ولا يمكن تحقيق التعددية مع النفس، فنحن في بلاد الشام مكون واحد، هو كما يقول اخوانكم الطفايلة: «سكّر في مي».