ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | هل يتكرر سيناريو سقوط بغداد مع صنعاء؟
| ناصر الهزاني
| الحياة السعودية |
لن نقبل بمصير البعثيين في العراق!
بهذه العبارة وصف ياسر اليماني القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبدالله صالح، الوضع في اليمن بعد مقتل صالح.
لا يهم كيف قتل صالح؟ ومن قتله؟ لكن الأهم كيف ستكون المنطقة واليمن ما بعد صالح، الذي أعلن قبل مقتله بأيام وقوفه مع الشرعية والتحالف الدولي، بقيادة السعودية، بعدما اصطف سنوات مع الحوثيين لتهديد أمن وسلامة المملكة.
بعض المراقبين والمحللين عبّر عن قلقه من الوضع الحالي ورأى أن عملية الحسم باتت صعبة، في حين ذهب آخرون إلى حد القول ألّا حوثي بعد اليوم، وأن الحوثيون انتهوا إلى غير رجعة وعادت صنعاء إلى حاضنتها العربية. بين هذين الرأيين لا بد أن نقف لننظر إلى المشهد من مختلف جوانبه وزواياه، بعيداً عن العاطفة واسترجاع التاريخ. اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات وهو يعيش حال فوضى وعدم استقرار، مع قدوم ميليشيات الحوثي واستيلائها على بعض الأجزاء في اليمن، بمعاونة الرئيس السابق الراحل. تلك الميليشيات المدعومة من إيران جاءت برعاية ودعم لا محدود من نظام الملالي في طهران بقصد الاستيلاء على بلد عربي كبير وجزء مهم من خريطة المنطقة العربية والإسلامية، وتحقيق حلمهم بسقوط صنعاء كما سقطت بغداد بيد طهران، وبالتالي تهديد أمن وسلامة الأراضي السعودية واستقرارها وزعزعة أمن دول الخليج العربي والمنطقة.
إن نظام طهران اليوم يختلف عن الشاه، فالنظام الحالي منذ نهاية سبعينات القرن الماضي انطلق من بُعدين؛ سياسي وعسكري، تم تغليفهما بغطاء عقدي لإعطائهما الصبغة الدينية وإضفائها على أعمالها التخريبية في المنطقة، بهدف توسيع سيطرتها ونشاطاتها التخريبية.
لكن السؤال، هل حققت طهران المكاسب التي تريدها؟ الإجابة نعم، حققت مكاسب على الأرض، من خلال دعمها ميليشيات الحوثي طوال ثلاث سنوات حتى الآن، لكن الأهم أن تلك المكاسب تم إيقاف زحفها وتوسعها وضرب بعضها والتصدي لمخططات كانت أبعد، «يُراد» للمنطقة أن تدخل فيها، وذلك من خلال تدخل التحالف الدولي، بقيادة السعودية، التي استطاعت مجابهة تلك الميليشيات ووقف مخططاتها التوسعية.
صالح، الذي خاض معارك عنيفة خلال الأيام الماضية لطرد الحوثيين من الأراضي التي يقيمون فيها، تعطي مؤشرات على أن هناك حال تخبط وعدم قدرة على إحكام السيطرة الكاملة على العاصمة صنعاء أو على ضواحيها.
إن المطلوب في هذه الفترة من التحالف العربي، بقيادة المملكة، سرعة العمل على خطين متوازيين، أولهما عسكري على الأرض، من خلال تكثيف الغارات الجوية على ميليشيات الحوثي الموجودة في صنعاء، إضافة إلى دعم القوى الشعبية والقبائل الموالية للتحالف العربي لمواجهة الميليشيات الحوثية على الأرض. وثانيهما سرعة جمع قيادات الحرس الجمهوري الموالية للتحالف ودعمها لـ«رصّ» صفوفها لتشكل قوة جديدة مع قوى الشرعية، لتغيير الموازين على الساحة.
وثانيهما العمل على الحل السياسي وجمع القيادات والقوى الموالية للتحالف العربي بهدف توحيد جهودها لتنسجم مع التقدم العسكري، الذي تحرزه وتقوم به السعودية والتحالف العربي لطرد طهران من اليمن.
إن عامل الوقت مهم في دعم الموالين للشرعية من قبائل وقوى تنتظر المساعدة لمواجهة الميليشيات الحوثية للإسراع في علمية الحسم وتفكيك قوى الحوثي واستنزافه.
إن على دول التحالف استغلال الفرصة الحالية، ولاسيما أن الرئيس السابق صالح رفض أية هدنة مع الميليشيات الحوثية، كما أن قبائل الطوق وقوات الحرس الجمهوري يمكن أن تغير المعادلة، مع توفير المظلة الجوية على الأرض، ما يدفع الحوثيين إلى التقهقر إلى صعدة شمالاً، وعندها تفرض دول التحالف العربي حلاً سياسيا بشروط.
لقد أصبحت المعركة الحالية مع الحوثيين معركة حياة أو موت للقوى الموالية لصالح والمقربين منه.
وفي حال لم تحسم معركة صنعاء في الساعات الـ72 المقبلة لمصلحة القوى الموالية للرئيس السابق، فإن هذا سيعطي الحوثيين فرصة لإرسال تعزيزات واستخدام مخازن الأسلحة الكثيرة، التي يقع بعضها تحت سيطرتهم.
إن ما تقوم به السعودية اليوم، ومعها دول التحالف هو دور حيوي ومهم، ليس لحماية دول الخليج العربي وحدها، بل ولحماية أمن المنطقة العربية كاملة. وعلى الدول العربية جميعاً أن تقف مع الرياض وتدعم خطواتها المقبلة | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | عقود نفط كردستان: غموض واستجوابات برلمانية
| وليد خدوري
| الحياة السعودية |
يحاول رئيس لجنة الصناعة والطاقة في برلمان إقليم كردستان العراق، شيركو جودت، استجواب وزير الثروات الطبيعية في الإقليم، آشتي هورامي، لكن من دون جدوى، نظراً إلى اختفائه منذ نحو شهرين في الخارج. فقد غادر هورامي أربيل بُعيد الاستفتاء إلى جهة مجهولة. وأعلن جودت أنهم سيطلقون حملة «لإعادة وزير الثروات الطبيعية إلى الإقليم». وأضاف: «إذا تم منع إرجاع وزير الثروات، فسوف تنظم حملة لإرجاعه وتبلغ الشرطة الدولية (إنتربول) والجهات الخارجية بذلك». وذكر جودت «أن هورامي هرب مع الصندوق الأسود لمعلومات نفط الإقليم». وأفادت مصادر صحافية في الإقليم الأسبوع الماضي، بأن هورامي عاد إلى أربيل بعد قضاء 65 يوماً خارج العراق في إجازة رسمية بناء على قرار رئيس وزراء الإقليم نيجرفان برزاني. فإذا عاد هورامي حقيقة إلى الإقليم، فهل سيقبل استجوابه تحت قبة البرلمان؟
شغل هورامي منصب وزير الثروات الطبيعية (النفط) للإقليم منذ إنشاء الوزارة بعد 2003. ولعب دوراً أساساً مع مجموعة المستشارين الأميركيين من ضباط وسفراء متقاعدين خدم معظمهم في بغداد بعد 2003، والذين تم تعيين معظمهم في مجالس إدارات شركات النفط العاملة في الإقليم للمساعدة في رسم السياسة البترولية للإقليم والدستور الاتحادي للبلد، والتي أدت، فيما أدّت إليه، إلى تخريب أسس الدولة العراقية الحديثة.
ومن بين الأسئلة والاستجوابات التي يمكن أن تثيرها اللجنة البرلمانية، كيفية رسم القوانين النفطية، وبخاصة كيف صيغت القوانين النفطية كي تستطيع الوزارة عقد اتفاقات دولية مع شركات النفط العالمية من دون استشارة وزارة النفط الاتحادية أو إعلامها بالاتفاقات، ومن ثم الطلب منها تحمل الأتعاب المالية المستحقة للشركات. ثم كيف يتم الاتفاق مع الشركات النفطية الدولية من دون طرح مسودة الاتفاقات حتى على برلمان الإقليم. إذ وفقاً لقانون كردستان للنفط والغاز لعام 2007، لا توجد ضرورة للحصول على الموافقة البرلمانية للاتفاقات مع الشركات النفطية الدولية. فوفق القانون الذي لعب هورامي دوراً مهما في صوغه، فإن اتفاقات مشاركة الإنتاج التي تبناها الإقليم، إضافة إلى عقود أخرى لعمليت النفط والغاز مع الشركات الأجنبية مع الوزارة، تخضع فقط لموافقة «المجلس الإقليمي للنفط والغاز» الذي يتألف من رئيس وزراء الإقليم ونائبه ووزراء التخطيط والمالي والثروات الطبيعية للإقليم. أي أن مجمل الاتفاقات الدولية والمحلية النفطية للإقليم يتم التعاقد عليها بموافقة أعضاء السلطة التنفيذية للإقليم فقط من دون تشريعها من قبل برلمان الإقليم، وطبعاً من دون علم السلطات الاتحادية.
أعرب السفير الأميركي في بغداد دوغلاس آلن سيليمان الأسبوع الماضي أمام وسائل الإعلام، عن قلق واشنطن من العقود النفطية التي أبرمها الإقليم مع شركات النفط العالمية. وقال: «إن العقود والمبيعات النفطية التي أبرمتها وزارة النفط العراقية مع الشركات العالمية كانت على قدر كبير من الشفافية،» معرباً عن قلقه «من عقود نفطية منفردة قامت بها حكومة الإقليم مع شركات نفطية عالمية».
لكن في غياب التشاور وأخذ موافقات وزارة النفط الاتحادية والبرلمان الإقليمي، أين الشفافية والمراقبة على الاتفاقات التي يزيد عددها على الخمسين، ما يعني التزامات بعشرات بلايين الدولارات؟ وتشمل هذه الاتفاقات، بخاصة تلك المثيرة للجدل، العقد الذي وقعته الوزارة في أيلول (سبتمبر) الماضي قبيل الاستفتاء مع شركة «روزنفت» الروسية، ودفعت «روزنفت» مقدماً نحو 1.3 بليون دولار إلى الإقليم لقاء إمدادات نفطية كانت تنوي شراءها من حكومة أربيل.
واتخذت وزارة النفط العراقية الأسبوع الماضي قراراً كان من المفروض أن يكون بديهياً لدولة العراق الاتحادية بعد 2003، وكان، لو اتُخذ في وقته، ليوفر الكثير من اللغط والتجاوزات. فقد حذرت وزارة النفط كل الدول وشركات النفط العالمية من التعاقد أو الاتفاق مع أي جهة داخل العراق من دون الرجوع إليها أو الحكومة الاتحادية. وقال وزير النفط جبار علي اللعيبي في بيان، إن «التصريحات غير المسؤولة التي تصدر عن بعض المسؤولين داخل العراق وخارجه أو من قبل الشركات الأجنبية، بشأن نيّتها التعاقد أو إبرام العقود النفطية مع هذه الجهة أو تلك داخل الحدود الجغرافية للبلاد من دون علم الحكومة الاتحادية أو وزارة النفط، تُعدّ تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي وانتقاصاً من السيادة الوطنية ومخالفة صريحة للأعراف الدولية». وأضاف أن «الحكومة الاتحادية ووزارة النفط هما الجهتان الوحيدتان اللتان تمتلكان الصلاحيات الدستورية والقانونية في إبرام العقود والاتفاقات التي تتعلق بتطوير الثروة النفطية والغازية واستثمارها». وتابع أن «الحكومة ووزارة النفط هما المسؤولتان عن رسم الاستراتيجيات المتعلقة بالثروة النفطية والغازية، وفقاً للدستور والقوانين والصلاحيات والتعليمات النافذة، سواء في إبرام الاتفاقات مع الدول أو العقود مع الشركات العالمية. وبخلاف ذلك، تُعدّ هذه الاتفاقات والعقود غير قانونية وغير ملزمة للدولة العراقية وتمنح الحق للحكومة والوزارة في اتخاذ الإجراءات القانونية في المحاكم المحلية والدولية من أجل حماية الثروة الوطنية». وشدد الوزير على أن «الحكومة ووزارة النفط حريصتان على توفير البيئة الآمنة لعمل الشركات العالمية وحماية استثماراتها في أنحاء العراق، بما في ذلك المحافظات الشمالية».
أشارت قناة «ان ار تي» المحلية إلى بعض الوثائق السرية التي حصلت عليها من موقع «ويكيليكس» تظهر إرسال وزير الموارد الطبيعية آشتي هورامي رسالة الكترونية في 19 آذار (مارس) الماضي، إلى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي بيرات بيرقدار، يعرض فيها ثلاثة مقترحات لشراء عدد من الحقول النفطية للإقليم بنحو خمسة بلايين دولار. وصرّح جودت إلى القناة بأن «العراق اليوم، على رغم عدم إمكان التعامل مع هذه الوثائق من الناحية القانونية، عليه إجراء تحقيق حول معرفة الحقيقة عن هذه الخطوة». وأبلغ جودت البرلمان أن صحة معلومات ويكيليكس، لو ثبتت، «فهي تعني أن البلد يُباع». | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | البديل من إنهاء الأزمة بين بغداد وأربيل … أزمة أخرى
| كامران قره داغي
| الحياة السعودية |
يمكن القول إن الصراع الطويل الأمد الذي شهد مراحل عنف دموي بين المركز والكرد لم ينتهِ بتأسيس «العراق الجديد» عام 2003، بل استمر في أشكال مختلفة من دون استخدام العنف، إذا أخذنا في الاعتبار أن المواجهات المسلحة التي نشبت الشهر الماضي بين الطرفين إثر استفتاء الاستقلال في كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها كانت محدودة. ولا جدال في أن إقليم كردستان تحمّل خسائر سياسية واقتصادية وجغرافية وديبلوماسية، فيما السلطة الاتحادية تعزز مواقعها داخلياً وإقليمياً ودولياً بعدما أعادت سيطرتها على مناطق متنازع عليها كانت سلطات الإقليم انفردت بإدارتها بعدما انسحبت منها القوات الاتحادية إثر هجوم «داعش» في حزيران (يونيو) 2014.
لكن السلطة الاتحادية يمكنها أن تعلن الآن أنها طوت صفحة الهزيمة أمام «داعش» بالقضاء على التنظيم الإرهابي واستعادة السيطرة على المناطق التي احتلها. يزيد من ثقة بغداد بنفسها أن تطورات ما بعد الاستفتاء وأحداث كركوك تساعد في تعزيز الحكم المركزي، بل حتى في تفريغ النظام الفيديرالي الذي ينص عليه الدستور في مادته الأولى من معناه. يُقال ما سلف مع تأكيد أن الأمر الوحيد الذي لن تنجح بغداد في تحقيقه هو كسب ثقة الكرد وإقناعهم بأن مصلحتهم تكمن في تعزيز وحدة العراق، في حال لم تتخل عن نشوة الانتصار في التعامل معهم والسعي إلى إضعاف إقليمهم. يخبرنا التاريخ أنه كلما سعت السلطة المركزية أكثر إلى إضعاف الكرد وتهميشهم والتعامل الفوقي معهم زاد تفاقم أزمات العراق وتضعضع تماسكه الاجتماعي وضعفت ثقة الكرد بعراق مركزي قوي. هذا الواقع ظل هاجس الكرد منذ تأسيس العراق في العشرينات من القرن الماضي حتى إطاحة النظام البعثي عام 2003 عبر غزو خارجي دعمه الكرد بكل قوة. بداية، تنفّس الكرد الصعداء متفائلين بقيام نظام فيديرالي وفقاً للدستور الحالي الذي لعبوا دوراً رئيساً في صياغته وإقراره. لكن هذا التفاؤل أخذ يتلاشى مع تراجع الشركاء العرب في بغداد عن حماستهم التي أبدوها للفيديرالية خلال كتابة الدستور، الأمر الذي انعكس في مساعي المركز إلى تهميش سلطات إقليم كردستان بصورة متزايدة طردياً مع ازدياد قوة المركز اقتصادياً وعسكرياً. انعكست هذه النزعة تحت ذرائع بعضها واقعي ومعظمها مختلق، أولاً باستخدام الضغط الاقتصادي على الإقليم عبر التحكم بحصّته من الموازنة وقطع رواتب موظفيه، وانتهى الأمر باستخدام القوة العسكرية بعد إقدام الإقليم على إجراء استفتاء الاستقلال في أيلول (سبتمبر) الماضي. يقودُنا ما سلف إلى الوضع الراهن والأزمة المتفاقمة منذ إجراء الاستفتاء في العلاقات بين بغداد وأربيل التي دخلت في طريق مسدود حتى الآن.
من نافلة القول إن هذه الأزمة ليست وليدة تداعيات الاستفتاء بل كان متوقعاً أن تتفجّر آجلاً إن لم يكن عاجلاً، وذلك منذ تفاقم العلاقات بين الطرفين في ظل ولاية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي عمد إلى التصعيد حيال الإقليم. الحرب ضد «داعش» كانت السبب الوحيد في تأخير المواجهة بين بغداد وأربيل، ولو أن الأمل بإمكان تجنبها انتعش بعد انتخاب حيدر العبادي رئيساً للوزراء، وبدء تعاون غير مسبوق بين القوات الاتحادية وبيشمركة كردستان في التصدي للتنظيم الإرهابي، و «لأول مرة تختلط دماء قوات البيشمركة بدماء الجنود العراقيين في محاربة عدو مشترك»، على حد تعبير رئيس الإقليم وقتها مسعود بارزاني، الذي اعتبر عام 2016 أن «وجود هذه الروح الأخوية أمر في غاية الأهمية»، لكن تلك «الروح الأخوية» لم تعمر طويلاً، كما أظهرت تداعيات الاستفتاء لاحقاً.
في ضوء ما سلف، فإن السعي إلى استخدام قوة المركز لتهميش الكرد عبر إضعاف إقليمهم الفيديرالي وإدخاله في أزمة، سيقود بالضرورة إلى دخول العراق كله في أزمة سياسية وأمنية. بعبارة أخرى، إن التلكؤ في حل الأزمة مع إقليم كردستان لن يحصّن بغداد والعراق من الأزمات. من حق بغداد أن تتباهى بالانتصار على»داعش» وتحرير أراضي العراق التي كان يحتلها منذ منتصف 2014، لكن ليس من دون دور حاسم لإقليم كردستان وبيشمركته. لكن استعادة سيطرة المركز على مناطق متنازع عليها كانت تحت سيطرة قوات الإقليم أمر آخر. قد تعتبره بغداد «مكسباً»، لكنها ستفقده سريعاً ما لم تتخلَ عن نشوة النصر وتنجح في كسب ثقة الكرد الذين صوّتوا بـ «نعم» بغالبية ساحقة في استفتاء الاستقلال وإقناعهم بجديتها في حل الخلافات مع الإقليم. بعكس ذلك، فإن استمرار الأزمة بين الطرفين سيهدد استقرار العراق وأمنه، وبالتالي يضعف المركز بدلاً من أن يقوّيه.
إلى ذلك، يتعين التخلي عن إيجاد ذرائع للتباطؤ في بدء الحوار مع أربيل من نوع التمسّك بشكليات لفظية عبر الإصرار على استخدام الإقليم عبارة «إلغاء الاستفتاء» بدلاً من «تجميد نتائج الاستفتاء»، ما دام الطرف الكردي يؤكد التزامه الدستور العراقي واستعداده للحوار في إطاره. في السياق ذاته، يتعيّن القبول بأن هذا الدستور لا يوفر حلاً لجميع المشكلات، لأنه هو ذاته يشكل جزءاً من المشكلات، بسبب غموض وضبابية كثير من مواده المتعلقة بصلاحيات المركز والإقليم، وبالتالي التسبب في تفاقم الخلافات بينهما.
منذ 2003، ظلت العلاقة بين بغداد وأربيل تلعب دوراً رئيساً ليس في في تحديد مسيرة العملية السياسية فحسب، بل في المواجهة العسكرية المشتركة في الحرب ضد «داعش»، الأمر الذي يؤكد أن الحفاظ على هذه العلاقة شرط ضروري لتحقيق استقرار العراق. أكيد أن هذه العلاقة تعرضت في السنوات القليلة الماضية لهزات عدة أقواها هزة ما بعد الاستفتاء. وأكيد أيضاً أن أسباب هذه الهزات ما زالت قائمة، لكن الوضع الراهن يفرض تجاوزها لحل الأزمة بين الطرفين لأن البديل من إنهاء الأزمة… أزمة أخرى! | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | هل تصبح ليبيا قاعدة الإرهاب الدولي الجديدة؟
| أحمد صلاح
| رايس اليوم بريطانيا |
حررت أراضي سورية والعراق من تنظيم داعش تماما تقريبا. لكن لا يعتبر النصر العسكري على التنظيم الإرهابي في هذين البلدين انهياره. بعد هزائم ساحقة يسافر إرهابيون إلى دول إفريقيا وآسيا وبعض منهم يعودون إلى أوروبا. ويستعد كثيرون من الدواعش مواصلة الحرب في الظروف الجديدة في دول مثل ليبيا ومصر وتونس والجزائر ومالي والنيجر ونيجيريا والصومال وماليزيا والفلبين وأفغانستان واليمن وقد أقاموا فيها الخلايا والقواعد ومعسكرات التدريب. مع ذلك يرى الخبراء أن تنظيم داعش يتجه إلى التمركز في ليبيا وأفغانستان لتوسيع نفوذه بسبب ضعف المؤسسات الحكومية هناك ما يسمح بنشر الجماعات المسلحة المختلفة. نشرت جريدة “الشرق الأوسط” في أواخر نوفمبر رسائل من زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي إلى قادة أتباعه في ليبيا، أنه سعى إلى تعويض خسائره في سورية والعراق، بإصدار تعليمات باستخدام جنوب ليبيا “ساحة” لتجميع الفارين من المشرق، لاستهداف مصر وتونس والجزائر. تجدر الإشارة إلى أن ارتفع النشاط الإرهابي في الجماهيرية السابقة وقد تمركز مقاتلو داعش في المناطق الجنوبية والوسطى للبلاد. حسب التقديرات المختلفة يتراوح عدد الجهاديين بين 2 إلى 10 آلاف شخص. يذكر أن يتواجد فرع داعش في ليبيا منذ سنة 2014. لكن لم يدفع التهديد الإرهابي إلى توحيد السياسيين الذين يواجهون من أجل الوصول إلى السلطة. من المعروف أن يعتبر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر مقاتلا رئيسيا ضد الإرهاب في بلاده. وقال حفتر إن الإسلاميين ليس لديهم فرصة لمشاركة في النظام السياسي الليبي في المستقبل. وعلاوة على ذلك، هذا الأمر لا يخص ليس تنظيم داعش فقط فحسب بل “الإخوان المسلمين” وغيرها من الجماعات الإسلامية التي تعتمد عليها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج والمدعومة من الأمم المتحدة. على رغم من النجاحات الكبيرة لحفتر في مكافحة داعش يلعب نقص السلطة الموحدة في ليبيا وحل النزاع طويل الأمد لصالح المتطرفين الذين يحاولون توسيع منطقة نفوذهم واستيلاء على حقول النفط. نفذ مقاتلو داعش الهجوم في أواخر أكتوبر 2017 في منطقة “الهلال النفطي” حيث تقع منافذ تصدير النفط الرئيسية في البلاد. بعد ذلك أمر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بنشر قوات إضافية لتأمين المنطقة الحيوية عقب هجوم داعش الأخير. يجب على جميع القوى السياسية في ليبيا توحيد في مكافحة داعش ولا ينبغي أن تصبح الجماهيرية الليبية قاعدة الإرهاب الدولي الجديدة. بالإضافة إلى ذلك تلتزم دول شمال إفريقيا وأوروبا اهتمام بالقضية الإرهابية في ليبيا وتعتبر مهمتها الأساسية بذل أقصى الجهود لتصفية الإرهابيين. |