عودة ساحة العرضات ولكن برفقة الموت !!! مقالا للكاتب علي محمد ابراهيم

مقالات

لابد من الوقوف أمام حادثة استشهاد الطالبين في الكلية العسكرية الرابعة في ذي قار أثناء التدريب وقفة ملئها الأسف والألم والحزن والتضرع إلى الله تعالى أن يرحمهما ويلهم اهلهما الصبر والسلوان ، ورغم أن التحقيقات الجارية بشأن هذه الحادثة المؤسفة مازالت في بدايتها إلا أن رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة كان قد أمر بإعفاء رئيس الأكاديمية العسكرية ومعاونه وعميد الكلية العسكرية الرابعة من مناصبهم

على أثر هذه الحادثة الأليمة ، وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي باهتمام كبير تفاصيل ما حصل وبعضها اعتبرها جريمة قتل بحق الطلبة لا ينبغي أن تمر دون عقاب ، وقد يكون من الصعب الآن الحكم على المسؤولين في هذه القضية أو التحريض ضدهم أو إثارة رأي قد يتسبب في المزيد من المأساة التي وقعت إلا أن ما يمكن قوله هو أن (الاجتهاد) في كل مناحي الحياة الإدارية والفنية في العراق

بات يأخذ مديات واسعة جداً بل هو عادة لا تفارق العمل والإدارة على حد سواء ، فالعراقي يجتهد كثيراً في عمله ويتجاوز المعايير العلمية وهذا الأمر موجود حتى في مجال الطب وهنالك ضحايا تذهب بشكل يومي بسبب الاجتهاد وعدم الالتزام باللوائح والمعايير الثابتة المبنية على الأصول العلمية وكذلك الحال في مجال الطيران المدني والعسكري وفي الصناعة والتكنولوجيا وما شابه ذلك ، وليس بالضرورة أن يؤدي هذا الاجتهاد أو ذاك إلى الموت ولكن بالتأكيد فيه الكثير من الخسائر وان كانت النتائج توحي إلى غير ذلك ، وهذا لا يمنع من أن (الاجتهاد) قد ينجح وبشكل لافت في بعض الحالات على أن لا يختار حياة الإنسان من بين تجاربه أو مغامراته ، لذلك قد يدفعنا (الاجتهاد) هنا للقول إن الدافع من وراء ما حصل لم يكن بقصد الموت بل هو في سبيل الاعداد والتدريب خاصة لما يسمى (بالقوات الخاصة) التي تحتاج إلى المزيد من الدقة في التحمل والتدريب ، بمعنى أن النية بريئة من الموت واكرر هذا محض اجتهاد ، وقد كان لنا الشرف أن ننزل في ساحة العرضات قبل عقود من الزمن وهذا شأن الكثير من الرجال العراقيين وقد كانت تلك الساحات مدارس للضبط والالتزام واللياقة والقوة والشجاعة والأخلاق والاحترام ، وما كانت أبداً ساحات للموت رغم كل قساوتها التي يعرفها الجميع ، أن ماتم تداوله في حادثة استشهاد الطالبين ووقوفهم تحت أشعة الشمس من الساعة السادسة صباحاً إلى الساعة السادسة مساءً انما هو اجتهاد غير مقبول على الاطلاق ولو أن الأمر خضع إلى اللوائح المهنية ماكان حصل الذي حصل والعبرة ليست بإعفاء أو معاقبة المسؤولين انما العبرة في عدم وقوع ذلك مستقبلاً والالتزام بالمنهج العلمي والمهني في التدريب .