في الصميم | نريدها جميلة زاهية لأنها ألاميرة مقالا للكاتب علي الزبيدي

د علي الزبيدي

كانت امانة بغداد وبسنوات ماضية تنظم مسابقات سنوية للتشجيع على النظافة والزراعة ولديها مهرجانات للزهور الربيعية والخريفية وكانت هناك مسابقة سنوية لأجمل حديقة منزلية في بغداد هذه المسابقات لم تقتصر على بيوت المواطنين بل على الدوائر البلدية التابعة لأمانة بغداد بكرخها ورصافتها لخلق التنافس بين هذه الدوائر البلدية للعمل الجاد والمثابر من أجل بغداد اجمل وانظف.

ومما تختزنه الذاكرة أنه في الشهر الاول من العام ١٩٩٠ أعلنت أمانة بغداد عن فوز إحدى دوائرها بالمركز الاول بالنظافة للعام السابق .هذا الاعلان أثار فضولي الصحفي لكوني حيث كنت مديرا للتحرير في احدى الصحف البغدادية ولأني من سكنة ذلك الحي الذي تعمل به تلك الدائرة البلدية فأرسلت في طلب الزميل المصور محمود علي حسن رحمه الله وطلبت منه أن يذهب الى مناطق محددة عالية الجودة في نظافتها وجمال شوارها ومناطق اخرى داخل مسؤولية تلك الدائرة البلدية ويأتيني بكل جميل وقبيح ترصده عينه الصحفية وفعلا عاد الرجل بحصيلة جيدة من الصور لكل حالة على حدة فكتبت موضوعا على صفحة التحقيقات أخذ كل مساحة الصفحة بعد أن نشرت صور المناطق النظيفة اعلى الصفحة وصور المناطق الغير نظيفة أسفل الصفحة مع نص فيه من التندر والعتب والتساؤل المشروع وبعنوان (النظافة من الايمان وبغداد تشكو النظافة)! في اليوم الثاني لصدور العدد وكان يوم ٣١ كانون الثاني عام ١٩٩٠ جاء الى مبنى الصحيفة زميلان عزيزان هما المسؤول الاول عن إعلام أمانة بغداد ومعاونه حاملان عتب وزعل المسؤولين في الامانة عن نشر هذا التحقيق المصور وبعد الترحيب قدمت لهما عددا من الصور الاخرى التي لم تنشر والتي تظهر مدى أهمال هذه الدائرة البلدية للمناطق الفقيرة حيث أقتصر عملها على تنظيف الشوارع الرئيسة أما الشوارع الخلفية وبيوت الناس البسطاء فلم تطلها يد العناية وضربت لهما المثل الشعبي القائل (من فوك هلةهلة ومن جوة يعلم الله) .

واليوم حيث أظهر أهتمام وعمل امانة بغداد والدوائر الخدمية الاخرى وبزمن قياسي جمال الشوارع الرئيسة في بغداد من تنظيم ونظافة ورفع التجاوزات من هذه الشوارع استعدادا لقمة بغداد المزمع إنعقاده يوم السبت المقبل السابع عشر من أيار الجاري وهنا لابد من السؤال لماذا كل تلك السنوات لم تشهد بغداد مثل هكذا حملة تنظيم وتنظيف وإعادة تبليط بهذا المستوى من الهمة والدقة والسرعة وهل ينتظر البغداديون مؤتمر قمة او زيارة ضيف رسمي كبير حتى تقوم الدوائر الخدمة بواجباتها إزاء بغداد العاصمة وأهلها؟.
نحن نريد بغداد جميلة نظيفة زاهية دائما لأنها أميرة المدن العربية رمز المدنية والتحضر والرقي الانساني وهذا أول حقوقها على الحكومة في كل وقت وزمان.