قالت ستة مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة سلمت سوريا قائمة شروط تريد من دمشق الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، منها الانضمام الى “الاتفاقات الإبراهيمية”.
ومن الجدير بالذكر أن الاتفاقيات الإبراهيمية أو اتفاقيات إبراهيم، هي مجموعة من اتفاقيات السلام التي عقدت بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة.
والجميع توقف عن المطلب المتعلق بالانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، وهنا لا بد من السؤال هل المطلوب من السلطات السورية التطبيع مع إسرائيل لمجرد التطبيع أم التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين البلدين؟ .
إذ و كشف النائب في الكونغرس الأميركي، مارلين شتوتسمان، عن رغبة الرئيس السوري أحمد الشرع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيرا إلى أن ذلك مرهون بشروط أبرزها ضمان سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وأضاف شتوتسمان في حديث مع صحيفة “جورزاليم بوست” عقب زيارته إلى سوريا: “الشرع مستعد للانخراط في اتفاقيات أبراهام، وهو ما سيجعله في وضع جيد مع إسرائيل والدول الأخرى في الشرق الأوسط، وبالطبع مع الولايات المتحدة”.
وأوضح شتوتسمان شروط الرئيس السوري لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث كان أبرزها أن تبقى سوريا دولة موحدة وذات سيادة.
وقال شتوتسمان: “مخاوف الشرع تتعلق بتقسيم سوريا إلى مناطق، وهو لا يريد أن يرى ذلك يحدث”، مشيرا إلى أن “التعدي الإسرائيلي بالقرب من هضبة الجولان يجب معالجته، ويجب ألا تكون هناك مزيد من الغارات الإسرائيلية في سوريا”.
ووصف شتوتسمان لقاءه مع الرئيس الشرع قائلا: “كان متحمسا للحديث عن التجارة، والسياحة، وتطوير طرق التجارة من الجنوب إلى الشمال وصولاً إلى أوروبا، مما قد يقلل من أوقات النقل بشكل كبير”.
وأضاف: “أجرينا محادثة جيدة جدا، هو شاب في أوائل الأربعينيات، كان هادئا ومتفكرا، كان من الواضح أنه يعمل بجد مع كل ما يحدث منذ توليه السيطرة على سوريا”.
ماذا عن العقوبات
فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا، أوضح شتوتسمان: “الشرع لا يطلب المال من الولايات المتحدة، بل يطلب رفع العقوبات، وأعتقد أنه شيء يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار”.
وأكد النائب الأميركي أن “الإدارة الأميركية لديها شروط لرفع العقوبات، بما في ذلك تحسين العلاقات مع إسرائيل”، موضحا أن “الخطوات التي يجب اتخاذها تشمل ضمان احترام حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، والحريات الدينية، ومعاملة جميع السوريين بكرامة، لا يجب أن يُعامل أحد كمجرد أقلية أو أقل من إنسان”.
وتابع قائلا: “بالطبع، الحفاظ على علاقة محترمة وآمنة مع إسرائيل، وأن لا تصبح سوريا أرض تدريب للإرهاب، ولا تصبح وكيلا لإيران أو الصين أو روسيا، وأن تعمل كدولة ضمن المنطقة”.
رسالة من شتوتسمان
ظل كبار المسؤولين الإسرائيليين متشككين من نبرة الرئيس السوري الجديدة، فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، قبل أسابيع قليلة إن الشرع وحكومته “كانوا جهاديين وما زالوا جهاديين، حتى وإن كانوا يرتدون بدلات الآن”.
وأرسل شتوتسمان رسالة إلى نظرائه في إسرائيل قائلا: “من الواضح أن هذا النظام أفضل من نظام الأسد. تحدثوا معه، ماذا لديكم لتخسروه؟ هل يمكن أن يخدعنا؟ نعم، وعليه أن يتحمل العار إذا فعل. لكن هذا لا يعني أنه يجب علينا ألا نتحدث معه. إذا نفذ الخطوات التي نعتبرها مهمة، فيمكننا التحدث عن المرحلة التالية. عدم التفاعل معه قد يدفعه للعودة نحو روسيا وإيران”.
وذكر شتوتسمان إنه “يعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو من سيقرر ما يحدث مع سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا وتحديد شروط عودة سوريا إلى المجتمع الدولي”.
و السؤال هنا … يمكن أن يتم الضغط على سوريا بموضوع العقوبات للحصول منها على تنازلات، وكل ذلك في وقت لم تتوقف فيه الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية؟ أم هل يمكن أن يكون الضغط من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات والبدء بمفاوضات جدية توصل لعملية سلام؟
وفي وقت سابق أعرب المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن الجهود المبذولة لانضمام السعودية إلى اتفاقيات إبراهيم، مرجحا أيضا انضمام لبنان وسوريا إلى الاتفاق.
وكل المؤشرات تدل على أن سوريا ليست أولوية في حد ذاتها لإدارة الرئيس دونالد ترمب. وإلى حين بروز سياسة سورية واضحة في البيت الأبيض، يمكن الحديث عن اتجاهين: ضبط الحدود مع لبنان، وتشجيع بيروت على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، أي الانضمام الى “الاتفاقات الإبراهيمية”.
العلاقة الخاصة بين ترمب وبنيامين نتنياهو
بالفعل، فإن الإدارة الأميركية تنظر إلى سوريا من منطق تحالف واشنطن مع إسرائيل والعلاقة الخاصة بين ترمب وبنيامين نتنياهو .
وما يتوقعه ترمب وفريقه، هو أن تتموضع سوريا-الشرع، حاليا في مشروع الإدارة الأميركية الجديدة للشرق الأوسط بجميع محطاته:
محطة غزة بـ”حماس” منزوعة السلاح وإخراج “الغزيين” إلى دول عدة مثل السودان والصومال وأرض الصومال وسوريا.
محطة لبنان واستمرار وقف النار ونشر الجيش في الجنوب وانسحاب “حزب الله” منه، ثم بدء مفاوضات سلام مع إسرائيل.
محطة إيران والاختيار بين الصفقة النووية أو الضربة العسكرية، والتخلي عن الوكلاء والأذرع بما في ذلك “الحوثيون” في اليمن.
وكذلك، أن تكون سوريا ضمن تحالف تبادل المعلومات الاستخباراتية والحرب ضد “داعش” والتموضع الإقليمي الجديد وهيكلة الشرق الأوسط وما يتضمنه من تفاوض مع إسرائيل وبحث فكرة السلام بينهما.