لسنا محايدين في الصراع الإيراني الأمريكي، بل نحن مع إيران بالتأكيد في مفاوضاتها مع واشنطن، كونها بلدًا جارًا شقيقًا وقف معنا في أزمات كثيرة. كما أننا نؤيد إيران لمبدئيتها في دعم قضية العرب، وقد دفعت ثمناً كبيراً لموقفها المبدئي في الصراع العربي الصهيوني. نتمنى أن تنتصر إيران في المفاوضات وتحقق مصالحها الوطنية بعد أن جردت أمريكا دول المنطقة من كل مشاعر السيادة والكرامة الوطنية.
لذلك نحتاج لنموذج يقف امام العنجهية والشيطنة الامريكية ،،
كما ان الشعب الإيراني دفع ثمنًا كبيرًا ويستحق الافتخار بمنجزه الوطني الذي يجعله يفاوض باقتدار، خصوصًا أن معظم العرب وأغلب المسلمين (السنة) للاسف شعوبًا وأنظمة، اختاروا دعم الجانب الامريكي في المعركة أو غضوا النظر عن جرائم الصهاينة في أحسن الأحوال.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا لو توصلت طهران إلى صفقة جيدة مع واشنطن تضمن مصالح طهران، وهو ما نتمناه؟
من يعوض العراق عن ضعفه وحجم التنازلات التي قدمها لأمريكا نتيجة لتقاسم النفوذ بين طهران وواشنطن؟
من يعوض لبنان عن آلاف الضحايا والأيتام والدمار الذي طال الضاحية الجنوبية، حيث تم تدمير 50 ألف شقة، أي ربع مليون لبناني شيعي بلا مأوى؟ فضلاً عن الفقر الذي يعيشه المكون وتغيير المعادلة الداخلية التي ستضيّق الحصار عليهم. علما ان المقاومة اللبنانية رفضت كل رسائل واشنطن عبر مبعوثها الخاص بفصل ملف لبنان عن غزة ايمانا منها بوحدة الساحات ولو فعلت ذلك لتجنبت كل هذه الخسائر ،
من يعوض اليمنيين عن حصارهم وتدمير بنيتهم التحتية المتهالكة أصلًا؟
من يعوضهم عن عزلتهم ومنعهم من العمل في أي بلد خليجي كما كان سائداً قبل الأزمة؟
بينما تنطلق المفاوضات في عمان، والغارات الأمريكية على منشآت اليمن لم تتوقف، بسبب موقف اليمن المبدئي مع المحور الذي لم يتغير او يلتفت لكل الرسائل الامريكية المهادنة في السابق .
لذلك نقولها بصوت مرتفع: نحترم إيران ونحب لها الخير، ولكننا نحب أوطاننا أكثر.
بالنتيجة، إيران تذهب للتفاوض بكبرياء واقتدار من أجل مصالحها كقوة إقليمية في المنطقة، بينما حلفاؤها ضعفاء تم تجريدهم من عناصر قوتهم ولم يعد بمقدورهم التفاوض مع أعدائهم لعقد صفقة تليق بهم وبنضالهم وتضحياتهم، مثلما تفعل طهران الآن.
وفقا لذلك، مبدأ وحدة الساحات لم يتحقق. كان من المفترض أن يحارب المحور بأكمله، وهذا لم يحدث. وكان من المفترض أن يتفاوض المحور بأكمله، وهذا لم يحصل أيضًا.
وهذا ما قلناه بالضبط في المقال السابق، الذي لم يفهمه البعض للاسف.