من أنصار الرئيس المخلوع … حملة تشويه الفنان السوري جمال سليمان

الفنان السوري جمال سليمان

في خضم توتر طائفي كبير تعيشه سوريا هذه الأيام، طفا على السطح اسم النجم السوري، جمال سليمان. إذ تلقى الفنان الأشهر تضامناً واسعاً تجلّى بمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب اتهامه بـ”الطائفية”، وغدا الرجل حديث المنصات خلال الأيام القليلة الماضية.

إذ ويواجه الفنان والسياسي السوري المعروف، جمال سليمان، والذي كان من الوجوه البارزة المناهضة لنظام بشار الأسد موجة من الاتهامات التي تزعم ارتباطه بمنظمة تدعى “المنظمة العلوية الأميركية”.

وتصاعد الجدل بعد أن نشرت شخصيات معارضة مزاعم تفيد بأن سليمان شارك في تأسيس تلك المنظمة، وأنها قامت بمخاطبة الكونغرس الأميركي لحثه على الإبقاء على العقوبات المفروضة على سوريا.

ومع انتشار تلك التقارير، خرج الفنان السوري عن صمته، رافضًا هذه المزاعم بشدة، ومؤكدًا أنه لم يكن يومًا جزءًا من أي كيان يحمل طابعًا طائفيًا.
ونشر سليمان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك بيانًا يوضح فيه موقفه، مؤكدًا أنه لم يكن له أي علاقة بهذه المنظمة المزعومة، وأن بعض أعضائها التقطوا صورة معه خلال زيارته إلى واشنطن قبل تأسيسها، ثم استخدموا هذه الصورة للترويج لعضويته المزعومة في الكيان.
وقال في منشوره: “أنا لا علاقة لي بهذه المنظمة، ولم أكن يومًا عضوًا فيها. أرسلت لهم طلبًا لحذف صورتي من أي محتوى يروج لها. لا يمكن لي أن أكون جزءًا من أي منظمة أو رابطة ذات طابع طائفي، لأنني لا أشعر بأي انتماء طائفي، بل كنت وسأظل واقفًا مع المظلوم بغض النظر عن طائفته.
وفي منشور آخر، أعرب عن استغرابه من سرعة انتشار الإشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي، منتقدًا ما وصفه بـ”الجهل أو الرغبة في إثارة الفتنة” من قبل بعض الأشخاص الذين يروجون لهذه الأكاذيب.

ادعاءات الناشطة ميساء قباني وتصعيد الجدل

ميساء قباني، المديرة التنفيذية لمنظمة “غلوبال جستس” السورية الأميركية، كانت من بين الأسماء التي تبنت مزاعم ارتباط سليمان بهذه المنظمة.
وصرحت بأن المنظمة تلك قامت بزيارة الكونغرس الأمريكي وطالبت بعدم رفع العقوبات عن سوريا، متهمة أعضائها بـ”تضليل المجتمع الدولي عبر الادعاء بتعرض الطائفة العلوية للإبادة الجماعية”.
ولا تزال المنظمة التي تُعرف بـ”المنظمة العلوية الأميركية” مجرد اسم متداول في وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يثبت وجودها رسميًا في أي وثائق قانونية أميركية.

ويشير بعض المحللين إلى أن هذه الادعاءات قد تكون جزءًا من حملة إعلامية موجهة ضد سليمان، لا سيما أنه يُعرف بمواقفه المعارضة للنظام السوري ودعواته لحل سياسي شامل ينقذ سوريا من الانقسامات الطائفية.

من جانبه أكد مدير المرصد السوري أنه ليس لدي أي معلومات بشأن وجود مثل تلك المنظمة، لافتا إلى وجود أصوات حرة من كافة الطوائف في أميركا وأوروبا تدعو إلى وقف الانتهاكات بحق المدنيين ولاسيما الطائفة العلوية.

ويعود جزء من هذا الجدل إلى زيارة جمال سليمان إلى واشنطن في شباط الماضي، حيث شارك في لقاءات رسمية ناقشت مستقبل سوريا.
وأوضح في تصريحاته أنه وزملاءه تحدثوا عن ضرورة رفع العقوبات عن الشعب السوري، وليس العكس كما يُشاع.

وقال في منشوره: “لم أكن وحدي في تلك اللقاءات، كنت برفقة مجموعة من السوريين المحترمين. وأؤكد أننا جميعًا بدأنا حديثنا مع أعضاء الكونغرس بضرورة رفع العقوبات لأنها أنهكت الشعب السوري. كيف يُمكن تحريف هذا الأمر ليصبح العكس تمامًا؟”.

ويرى المتضامنون أن استهداف سليمان بهذه الطريقة قد يكون مرتبطًا بمحاولات تكميم أصوات المعارضة السورية المستقلة التي لا تتبع لأي طرف طائفي أو سياسي.

ويعتبر سليمان، وفق الكثير من المراقبين، من الشخصيات القليلة التي تمكنت من الحفاظ على توازن في موقفها، رافضًا الاصطفاف مع أي جهة تحاول تقسيم السوريين على أساس ديني أو عرقي.

نشر الفنان جمال سليمان عبر حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو أكد فيه أن دعمه لسوريا ليس موقفاً شخصياً، بل هو نابع من إيمانه بضرورة الدفاع عن الحقيقة، مشيراً الى أن غالبية السوريين اليوم يشعرون بضغط مماثل بسبب حملات التشكيك والتكذيب.

وعبّر سليمان عن امتنانه لكل مَن دعمه وسانده خلال الأيام الماضية، بعدما تعرّض لحملة هجوم تضمنت التشكيك في وطنيته واتهامات قائمة على الكراهية الطائفية.

وقال جمال سليمان في الفيديو: “بشكر كل الناس اللي وقفت معايا وساندتني وتعاطفت معي خلال الأيام الماضية، لأني تعرضت لحملة هجوم من التشكيك والاتهام والكراهية الطائفية، ودعمكم كان مصدر اعتزاز وفخر لي”.

وأضاف: “ولكن المسألة لا أراها شخصية، بل بمثابة تجمع السوريين للدفاع عن الحقيقة، لأن اليوم غالبية السوريين يشعرون بهذا التجييش القائم على الكراهية والتكذيب، وهذا أعتبره درساً مستفاداً مما مضى”.

وكان جمال سليمان قد كشف أخيراً عن ردود الفعل بعد إعلانه العزم على الترشّح لرئاسة سوريا، حيث قال خلال كلمة ألقاها في الندوة التي نظّمتها لجنة الشؤون العربية في نقابة الصحافة المصرية: “ناس كتير اتصلت بيا من قبائل في سوريا وشجّعوني ولو دخلت الانتخابات وجبت 55 في المئة يبقى نجحت وده إذا ترشّحت، وفي ناس اعترضت وقالوا مش هنقبل بواحد علوي رئيساً لسوريا… وده زعّلني، وهل يُعقل بعد كل هذه الدماء هنشوف بعض بشكلنا الطائفي من جديد؟ ده شيء مؤسف”.

طالب بعدم رفع العقوبات!

الحكاية بدأت بعدما اتهمت الأكاديمية والناشطة السورية، ميساء قباني، ابن بلدها بأنه على علاقة بما قالت إنه “منظمة علوية” جديدة (الطائفة التي ينتمي إليها سليمان)، وادعت أنه كان أوائل شباط الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، وطالب الإدارة الجديدة بعدم رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

ليرد سليمان نافياً الأمر تماماً، إذ أوضح عبر فسبوك، أنه قابل مع سوريين آخرين خلال وجودهم في الولايات المتحدة، في فبراير/شباط الماضي، أعضاء المنظمة العلوية بالفعل، لكن قبل تأسيس تلك المنظمة، والتقطوا صورًا معه.

وأضاف: “في الحقيقة أنا لا علاقة لي بهذه المنظمة ولست عضوًا فيها (وأرسلت لهم أن يحذفوا صورتي من موقعهم)، ولا يمكن لي أن أكون عضوًا في أي منظمة أو جمعية أو رابطة ذات طابع طائفي لأنني ببساطة لا أشعر بأي انتماء طائفي، وقفت وسأقف مع المظلوم مهما كانت طائفته”.

قباني تتراجع: “قد أكون مخطئة”

وما إن انتشرت هذه التصريحات إلا وفتحت باب جدل واسعا، رافقه حملة تضامن كبيرة مع النجم السوري من مواطنين رأوا أن هناك قامات يمنع الاقتراب منها، نظراً لما قدّمته للثورة السورية وبينهم سليمان.

كذلك قدّم فنانون ونخب سورية من مختلف التخصصات الدعم الكامل بينهم مخرجون وممثلون وممثلات وكتاب وأكاديميون شددوا على المواقف المشرفة التي اتخذها سليمان على مر سنوات، خصوصا أنه نفي خارج البلد وتوفي والداه في دمشق أيام حكم نظام الأسد من دون أن يتمكن من رؤيتهما.

أمام هذه الضجة، عادت قباني وقالت “جمال سليمان ينفي ارتباطه مع المنظمة العلوية التي أسست في واشنطن، والتي ذكرتها في الفيديو السابق.. قد أكون مخطئة”.

وأضافت عبر بث مباشر في فيسبوك، أنها سعيدة بهذا النفي، لكنها ر غم ذلك أكدت أن كلامها جاء وفقاً لمعطيات معينة وليس عن اتهامات فوضوية، في إشارة منها إلى صورة الفنان مع أعضاء المنظمة.

قامة كبيرة

يشار إلى أن جمال سليمان واحداً من أبرز نجوم الدراما السورية، وله تاريخ طويل وأعمال لا تُنسى، وفق التعليقات.

كما يعد أحد أبرز وجوه المعارضة ضد نظام الرئيس السابق بشار الأسد في الوسط الفني، إذ انضم للعمل السياسي بعد اندلاع الثورة عام 2011.

أما المنظمة المذكورة، فتحمل اسم “منظمة العلويين”، وتأسست بالتزامن مع أحداث عنف وفوضى أمنية شهدتها منطقة الساحل السوري التي يسكنها كثير من أتباع الطائفة في سوريا وينتمي إليها الأسد نفسه، أوائل الشهر الجاري والتي سقط فيها كثير من القتلى إثر هجوم لفلول النظام على قوات الأمن والرد عليهم.

أمام ذلك، أعلنت الإدراة السورية الجديدة إصدارها أوامر بتشكيل لجان ومعاقبة كل مخالفي التعليمات والمتطاولين على المدنيين ومرتكبي الجرائم.

وكان سليمان عاد إلى سوريا بعيد إسقاط النظام وزارها بعد 14 عاما من غياب قسري ووفاة والديه فيها من دون أن يراهما.