ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | الأكراد يرسمون مصيرهم والعراقيون ضائعون | محمد علي فرحات
| الحياة السعودية |
العواطف القومية الكردية أثناء الاستفتاء وبعده أطلقت ما كان حبيساً من رغبة شعب في إعلان دولته وتثبيت مكان لها في خريطة العالم. ولكن، يفترض أن مسعود بارزاني ليس أسير هذه العواطف. إنه سياسي محنّك، استطاع تطوير الحكم الذاتي الذي أعطته بغداد للأكراد في عهد صدام حسين مصحوباً بضربات وصلت إلى جريمة حلبجة بالسلاح الكيماوي. وساعدت فرنسا ميتران ومعها المجتمع الدولي في تطوير هذا الحكم، معطية أماناً جويّاً لكردستان العراق أتاح لها أن تكون منطقة سلام في محيط عراقي تحطمه النزاعات والحروب. ولن يكرر بارزاني تجربة جمهورية مهاباد الفاشلة ولا يريد لنفسه مصيراً يشبه مصير قادتها المأسوي على يد شاه إيران. لا بد أن القائد الكردي المحنّك يستند إلى اتفاق أو اتفاقات تحت الطاولة تحفظ في الحد الأدنى كياناً كردياً في كونفيديرالية عراقية، وفي الحد الأقصى دولة مستقلة تتلقى الاعترافات من عواصم بعيدة لتعترف بها لاحقاً العواصم القريبة بعد حوارات مضنية. يرى المتابعون أن تركيا أردوغان هي الطرف الآخر في اتفاق غير معلن، ولا يدفعهم غضب الرئيس التركي واتهامه بارزاني بالخيانة إلى تغيير رأيهم، فعدا وقف رحلات الطيران إلى إربيل ومنها، بدءاً من غد الجمعة، لا عقوبات مؤكدة ضد كردستان العراق، إنما مناورات عسكرية وتهديد بحصار اقتصادي يسهل خرقه بالتواطؤ. وبغداد المعنية الأولى بمشكلة تهدد كيان العراق السياسي، تدرك، بعيداً من رد الفعل العاطفي، أنها عاجزة وحدها عن مواجهة مساعي الانفصال، لكنها لا تشعر بالثقة بشريكيها المفترضين، التركي والإيراني. ثمة مصالح مختلفة، وربما كان استقلال الأكراد العراقيين فرصة أنقرة وطهران لتأكيد هيمنتهما على مناطق عراقية وسورية، تريان فيها أرجحية على مطالب الأكراد الأتراك والإيرانيين المستجدّة. يعرض مسعود بارزاني دولته الموعودة في صورة مجتمع منفتح على الحداثة، ومشروع مركز اقتصادي وثقافي يستند إلى خبرات أكراد العراق في الشراكة الاقتصادية مع المحيط ومع أوروبيين وأميركيين وروس، وقد جرى تأهيل إربيل كمدينة اتصال مالي وسياسي وثقافي تضج بالباحثين عن فرص اقتصادية تمد خيوطها إلى حاجات جوار تؤرقه الصراعات العقائدية والعسكرية. ولن يسمح بارزاني لنفسه بخسارة كل شيء، العراق والعلاقة المفيدة مع تركيا التي وصلت إلى مستوى التحالف. ثمة توازنات قد تفاجئنا كاشفة وعوداً كامنة تحت ستار التهديد العاطفي وغير المحدّد. هكذا حدث في انفصال جنوب السودان، وهو المثل الوحيد المناسب، فلا مجال للمقارنة مع إسرائيل، لأن الأكراد غير طارئين ولأنهم لا يستهدفون طرد أحد من أرضه، فالوطن وطنهم والأرض أرضهم، فضلاً عن وعدهم لأنفسهم وللأقليات العربية والآشورية والتركمانية والإيزيدية المقيمة معهم بدولة ديموقراطية تقوم على المواطنة. مع ذلك تعلو الشعارات الحادة كالعادة في أي مفترق أساسي تواجهه منطقتنا: «تقبّل صداقة إسرائيل وافعل ما شئت»، من باب الإساءة ألى القومية الكردية الصاعدة. أو «أعلن عداءك لإسرائيل وافعل ما شئت» من باب العبث بالمجتمع وسرقة المال العام وقطع الصلة بثقافات العالم وتعميم التخلف، تحت غطاء النضال ضد العدو الإسرائيلي. أعلنت غالبية أكراد العراق رغبتها بدولة مستقلة. فكيف لهذه الدولة الديموقراطية كما وصفها أهلها أن تقوم في جوار يحكمه الإسلام السياسي الطائفي أو شبه الطائفي، المغلّف أحياناً بنزعات قومية، كما في «خمينية» إيران و «إخوانية» تركيا و «حزب الدعوة» حاكم العراق؟ ربما لهذا السبب سيجد الأكراد قوى إقليمية وأجنبية تعينهم في المسار الصعب، كما سيواجه المعترضون على النهضة الكردية عثرات ذاتية وتناقضات في ما بينهم تعيق خططهم لوأد الحلم الكردي أو منعه من التحقُّق. لا بد من الحوار، وكل تأخير فهو يسيء إلى جيران الأكراد قبل أن يسيء إليهم، إلا إذا كان أردوغان يخطط للاستيلاء على الموصل وكركوك، فيما يخطط خامنئي للهيمنة أكثر فأكثر على كربلاء والنجف وربما البصرة. الأكراد يهتمون بمصيرهم والعراقيون ضائعون بين الأيديولوجيا القديمة والفساد الحديث. ودائماً هناك دخان يمنع الرؤية في المحطات الرئيسية للافتراق وإعادة التكوين. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | العراقيون خسروا أكرادهم واحتفظوا بـ «ثوابت الأمة» | منير الخطيب
| الحياة السعودية |
لم يكن استفتاء إقليم كردستان في العراق على حق تقرير المصير حدثاً مفاجئاً، وبالتأكيد ليس مؤامرة خارجية على «وحدة وسيادة العراق»، كما يردح القوميون العرب والإسلاميون، بل هو نتيجة واقعية ومنطقية وعقلية في مسار عراقي داخلي، كانت عناوينه الأبرز: فشل الأكثرية العربية في العراق، أساساً، في تشكيل مجال عام وفضاء وطني عراقي، وكذلك فشل العراقيين، طيلة القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، في بناء أمة عراقية ودولة وطنية أكانت مركزية أم فيديرالية. وغني عن القول إن البعثيين، خلال النصف الثاني من القرن الماضي، سيّسوا العروبة وفرضوها بالقوة على المجال السياسي في العراق وسورية، بالتالي، أفضى تسييس العروبة، بوصفها عنصراً جزئياً في مجتمع ينطوي على التعدد والاختلاف القومي، إلى طرد بقية القوميات من المجال الذي يفترض أن يكون مجالاً وطنياً عاماً، وذلك بالتعاضد، أيضاً، مع فرض تصوراتهم حول مفهوم «الأمة» العرقي والعنصري على بقية الإثنيات العراقية. فـ «الأمة» في نظر البعثيين هي امتداد «نسلي» أو «فخذي»، كانوا يمطّونه كي يصل إلى قحطان وعدنان. بهذا تصير «الأمة» فخذاً وامتداداً ذكورياً فحلياً، ويغدو مفهوماً وفقاً لهذا التصور، أن يطلب القائمون على «ثوابت الأمة» من بقية الإثنيات أن يتحولوا حريماً شرقياً ملحقاً بمركز عروبي عصبوي غير وطني، لا يبالي بفكرة العقد الاجتماعي والفضاء العام والتوافقات الوطنية، وهذا بالضرورة ولّد عصبية قومية مضادة كردية وغير كردية. والحال لم يتغيّر بعد سقوط نظام «البعثط، فالمجال السياسي العام أخضعته قوى الإسلام السياسي الشيعية وملاحقها الميليشيوية، بصرف النظر عن الشراكة التي تمت بين هذه القوى والقيادات الكردية في تقاسم الغنائم بعد سقوط نظام البعث، فهذه مسألة أخرى، ظل الوجدان الشعبي الكردي غير معني بها، فحلّ الإسلام السياسي الشيعي وميليشياته محل العروبة ومخابراتها، وتحوّل شعار «اجتثاث البعث» إلى اجتثاث فيزيائي للبعثيين، مع الاحتفاظ بنهجهم وطريقة حكمهم وتعاملهم مع فكرة الاجتماع الوطني من قبل تلك القوى ما دون الوطنية. هكذا انحدر مفهوم «الأمة» مع نهاجية تلك القوى إلى حضيض الملة المذهبية الملّحقة بذيل «دولة» الولي الفقيه العنصرية، وانحطّ مفهوم «الدولة – الأمة» إلى مجرد «سلطة» واقعة تحت هيمنة ميليشيات «الحشد الشعبي». نعم، كانت مسألة الفضاء الوطني غير مفكر فيها من جانب العراقيين العرب ونخبهم السياسية القومية والإسلامية، فأُريد للكرد العراقيين أن يكونوا، مرة، رعايا ذميّين في «دولة» عروبية، ومرة أخرى رعايا مذهبيين في «دولة» عنصرية مذهبية، وبهذا كانت الأكثرية العربية تدفع الكرد دفعاً إلى خيار الانفصال، لأن الأمة كمفهوم أنتجته الحداثة، لا يبنى على فكرة «الأصل» العرقي أو الديني، بل إن الأمة تتشكل تعاقدياً في التاريخ، وتنمو وتتقدم وفقاً لإرادة عامة قائمة على الاجتماع الحر، فيما «الأمة – العرق» و «الأمة – المذهب» نكوص إلى الهمجية والتوحش. أما وقد دُفع الكرد إلى هذا الخيار، فأصبح الموقف من حق تقرير مصيرهم موقفاً مبدئياً من الحرية بوصفها ماهية الإنسان وجوهره، أي بوصفها مطلقاً أخلاقياً، فالوقوف مع حق تقرير مصيرهم يعني الانحياز الحاسم إلى قضايا الحرية والإنسان ككائن كلي مكتف بذاته، وإلى المطلق الأخلاقي: «فمن ليس في روحه وفكره المطلقُ الأخلاقي» لا يمكن أن يكون مواطناً وإنساناً، وبالتالي لا شعب ولا دولة ولا مجتمع ولا أمة من دون ذلك المطلق الأخلاقي. وبناء عليه، فالعرب الفلسطينيون والسوريون والعراقيون الذين عانوا مختلف أنواع البطش والاستبداد والعنصرية والقتل والتهجير والاعتقال، ولا ينحازون إلى حق الكرد العراقيين في تقرير مصيرهم، عندهم نقص في المبدأين الأخلاقي والوطني، لأن الموقف من الحرية لا يجوز أن يكون استنسابياً ومحكوماً بالهويّة العرقية والدينية. وكذلك انطلاقاً من الحرية بوصفها قيمة أخلاقية مطلقة، نبارك للكرد استفتاءهم على حق تقرير مصيرهم، «ونبارك» للعرب وللعراقيين احتفاظهم بـ «ثوابت الأمتين» العربية والإسلامية، تلك «الثوابت» التي ما زال العرب والمسلمون يكتوون بنيرانها منذ حربي صفين والجمل وصولاً إلى تدمير المدن السنيّة في سورية والعراق.
| |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | هل تناور تركيا في معارضتها «الدولة الكردية»؟ | حسان حيدر
| الحياة السعودية |
التهديد بالتجويع الذي وجّهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أكراد العراق بعد الاستفتاء على الاستقلال، ومعارضته الشديدة لاحتمال إعلان الدولة الكردية المستقلة، يعكسان الارتباك والازدواجية اللذين تتعامل بهما تركيا مع المسألة، خصوصاً أن إقليم كردستان العراق شكل خلال العقد الماضي ما يشبه «جنة» تركية، على الصعيد الاقتصادي في الأقل. بالطبع، ليس مفهوماً كيف أن أردوغان نفسه الذي انبرى لإسرائيل في حصارها لقطاع غزة و «تجويعه»، وقاطعها عندما اعترضت سفينة أرسلها لكسر الحصار، يهدّد باستخدام الأسلوب نفسه مع الأكراد الذين استغل إلى أقصى الحدود علاقته بهم منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003. وكأن قضية غزة كانت مجرد عمل دعائي تجاوز حدوده المرسومة، فخرجت نتائجه عن السيطرة، وكان القصد منه فقط التأكيد على «زعامة» تركيا للعالم الإسلامي و «انفرادها» في الدفاع عن قضاياه. وعلى سبيل التذكير، فإن تركيا تدعم منذ نحو 15 عاماً الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق، وتتعاون مع سلطات الإقليم في مواجهة «حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض مواجهات مع جيشها داخل أراضيها، وتتبادل معها المعلومات الأمنية التي مكّنتها من احتواء نفوذه والحد من عملياته العسكرية. حتى أنها دعمت في وقت من الأوقات «الاستقلال» الكردي عندما أرسلت وزير خارجيتها إلى أربيل في 2013 من دون المرور ببغداد، وافتعلت أزمة مع حكومة نوري المالكي آنذاك. كذلك نسجت أنقرة علاقات اقتصادية متقدمة مع الإقليم، وسمحت له بأن يصدر عبر أراضيها معظم إنتاجه النفطي البالغ حالياً 600 ألف برميل يومياً، والمرشح للوصول إلى مليون برميل، وأمدّته بحاجاته من الأغذية وسائر المواد الاستهلاكية، فتحوّلت من شريك وثيق إلى شريك ضروري. أي أن أنقرة كانت المستفيدة الأولى من القطيعة بين أربيل وبغداد، ومن تنصّل الأخيرة من التزاماتها تجاه الأكراد، وكذلك من العلاقات المتوترة بين الإقليم وإيران. وساهمت علاقتها بالأكراد في كسر احتكار طهران للنفوذ السياسي والعسكري في العراق. لكن عندما حاول الأكراد العراقيون تقرير مصيرهم انقلبت عليهم، وكأن العلاقات بين طرفين يفترض أن تذهب في اتجاه دون الآخر. ولعل ما أزعج أنقرة التوقيت الذي جرى فيه الاستفتاء. ذلك أنه تزامن مع سعي أكراد سورية إلى تثبيت نوع من الحكم الذاتي الموسّع. فالوضع في شمال سورية يُقلق الأتراك أكثر، لأن «حزب العمال» أوسع انتشاراً ونفوذاً فيه من شمال العراق. غير أن العلاقة الجيدة مع أكراد العراق يمكنها بالتأكيد مساعدة تركيا في شكل غير مباشر في «ضبط» أكراد سورية. وقد تكون تركيا استاءت أيضاً من سعي الأكراد في الفترة الأخيرة إلى محاولة الخروج عن «الاحتكار» التركي وتنويع علاقاتهم الاقتصادية، خصوصاً مع موسكو، بعدما أقرضت شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» حكومة الإقليم ما يزيد على بليون دولار بضمان مبيعات النفط، والتزمت توفير أربعة بلايين أخرى لمشاريع مختلفة فيه، فيما اقترضت كردستان نحو بليوني دولار من مؤسسات تجارية دولية متنوعة، علماً أن هذه المساعي لا تغيّر كثيراً في واقع اعتماد كردستان الكبير على تركيا. هل يكون الموقف التركي مجرد مناورة هدفها تثبيت مصالحها داخل كردستان في مرحلة «الاستقلال»، أو منح أنقرة قدرة أفضل على التفاوض مع الأطراف الآخرين على الخريطة الجديدة للنفوذ الإقليمي، لا سيما الأميركيين؟ الأيام المقبلة ستحكم على المدى الذي سيصل إليه الأتراك في تصدّيهم غير المشروع لحق الأكراد في تقرير مصيرهم، لكن الطريق تبقى مفتوحة أمام تراجعهم، فشعار «الواقعية» الذي يطغى على ديبلوماسية أنقرة، خصوصاً في سورية، جاهز دوماً للاستخدام متى دعت الحاجة. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | ما بعد الاستفتاء الكردي.. دولة مع وقف التنفيذ
| عمرالردّاد
| راي اليوم بريطانيا |
رغم كل ما يمكن يقال عن الاستفتاء الكردي الذي تم في كردستان العراق يوم 25/9 إلا انه سيبقى محطة تاريخية مهمة ، تؤسس لما بعدها في العراق خاصة وفي الإقليم عامة ،وربما يعود السبب المباشر للمناشدات الدولية والإقليمية للرئيس مسعود البرزاني بإلغاء او تأجيل الاستفتاء ، مرتبطا بفهم عميق لدى تلك تلك الأطراف لتداعيات الاستفتاء ليس على العراق وحده وإنما على المنطقة والإقليم ،وخاصة بالنسبة لثلاثة أطراف وهي : إيران وتركيا والعراق ، إذ أن “ديمنو” التقسيم سيصلها عاجلا أم آجلا، حيث أنتج الاستفتاء قاسما مشتركا بين هذه الإطراف الثلاثة ، رغم تناقضاتها وخلافاتها العميقة والشكوك الجمة فيما بينها ، وصل لدرجة طرح الخيار العسكري ضد الدولة الوليدة،من قبل كل دولة منفردة او بشكل مشترك، ،فهل تثق القيادة الإيرانية باردوغان ؟ وهل تثق ترويكا الحكم الشيعي(الموالية للولي الفقيه) بالعراق باردوغان الحالم باستعادة سلطنة طغرل؟! تتعدد سيناريوهات ما بعد الاستفتاء، في أطار تساؤلات حول خطوة الأكراد اللاحقة ، التي ثبت إنها وان كانت تلبي رغبات وطموحات البرزاني الشخصية في جزء منها ، باستمرار زعامته للأكراد ، إلا أن النسبة التي تحققت (78%) تؤكد أن الحلم الكردي يتجاوز شخص الرئيس برزاني ، أو انه يحمل هذا الحلم الكردي، فهل سيعلن الأكراد الانفصال بدولة ضاربين عرض الحائط بكل التهديدات ،أم أن سيناريو تأجيل تنفيذ استحقاق الاستفتاء هو الأرجح؟بكل بساطة كافة المؤشرات تدل على أن الراجح الاحتفاظ بنتيجة الاستفتاء كورقة ضغط لمفاوضات شاقة قادمة دون التسرع في إعلان الدولة، وربما عبرت تصريحات قادة أكراد مقربين من مسعود البرزاني ، بعد الاستفتاء عن هذا الخيار،خاصة وان الإقليم الكردي في العراق عمليا تتوفر فيه شروط الدولة المستقلة قبل الاستفتاء ( جيش، علم، حدود وان كان مختلف عليها، ارض وشعب وسلطة …..الخ) وهو إطار اقل من دولة بقليل وأعلى من حكم ذاتي بكثير ،والمؤكد أن الرئيس برزاني يدرك إن فرصة تاريخية قد لاحت ،كان لا بد من اقتناصها لإجراء الاستفتاء والتسلح بورقة الاستفتاء بان هناك شعبا كرديا يمارس حقه في تقرير مصيره،وهو مالا تستطيع القوى المتحضرة في الغرب تجاوزه وإنكاره ، خاصة بعد نجاحات حققها الإقليم الكردي منذ الاحتلال الأمريكي في التنمية والأمن ومكافحة الإرهاب بمصداقية وموثوقية ،فاقت تردد آخرين واستثمارهم الإرهاب بما يحقق أجنداتهم. تداعيات الاستفتاء الكردي في العراق ابعد بكثير من قصرها على أن جزءا من العراق التاريخي تم اقتطاعه ،واحتمالات أن ينتقل مطلب الاستقلال الى إيران ذات الاثنيات المتعددة التي تحكم من قبل القومية الفارسية باعتراف الرئيس روحاني خلال حملة الانتخابات الرئاسية الإيرانية ، ولعل أهم تداعيات الاستفتاء هذا الأفق الذي تم فتحه على مصراعيه إمام سنة العراق العرب، وهو ما يدركه المكون الشيعي العراقي ،بان (14) عاما من الحكم الطائفي تحت سقف ولاية الفقيه أصبح استمراره موضع شكوك ، وان أمام سنة العراق العرب خياران ، إما الانضمام للدولة الكردية الوليدة في إطار دولة ديمقراطية تحترم التعددية ، او تكرار تجربة الأكراد والانفصال بدولة مستقلة عنوانها سنة العراق العرب،(ترجمة لرؤية بإيدن/ نائب الرئيس اوباما في الحل المستقبلي للعراق بثلاث دول سنية وشيعية وكردية) وملفت للنظر تصريحات قادة من السنة العرب على هامش الاستفتاء أنهم يقبلون بملكية (هاشمية)تحكم الأكراد والسنة العرب . استفتاء الأكراد احد ابرز تمظهرات ما بعد داعش في العراق والموصل ، وغياب داعش خسارة لإيران قبل غيرها وضرب لمخططاتها ،حيث بدات تفتقد مبررات تدخلها في العراق وسوريا ، إيران مطالبة اليوم بإعادة النظر في مشروعها التوسعي على أسس مذهبية ، إذ أن سيناريو دولة سنية في العراق تجمع سنة العراق من عرب وكرد،هو رد على سياسات ايران ،وربما ستكون مقبولة دوليا كحل للعراق، وهذا يعني دولة شيعية معزولة في العراق، لن تكون لها سفارة إلا في طهران،وستكون أولى مطالبها إعادة المرجعية الشيعية المسلوبة لتكون عربية . كل ما يجري بالعراق اليوم نتيجة حتمية لسياسات إيران التي أعادت إنتاج الصراع على أسس مذهبية ، ترفض مفهوم الشراكة ولا تؤمن الا بالتبعية، بعد إن كان هذا الصراع لسنوات يقوم على أسس قومية ، اذ خاض العراقيون صراعاتهم مع إيران والكرد على أسس قومية عربية، وكلا المشروعين ضد الدولة المدنية والديمقراطية. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 | (الأزمة الكردية ) محصلة لمنطقة متخمة بالصراعات…
| فيصل ملكاوي
| الراي الاردنية |
بالمحصلة فان ازمة كبرى جديدة اندلعت في المنطقة باجراء الاستفتاء في كردستان العراق -بصرف النظر عن النتيجة التي الت اليها وكانت متوقعة بانه سيتم التصويت
باغلبية كبيرة لصالح الاستفتاء–وهي ازمة لن تكون تداعياتها حصرا على العلاقة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد هذه العلاقة التي دخلت مرحلة ازمة كبرى وافتراق وستكون الايام المقبلة حافلة بالتطورات في سياق هذه العلاقة التي باتت على طرفي نقيض بل وان ما يزيد الازمة خطورة ان دول الجوار خصوصا تركيا وايران اعلنت الرفض المطلق لخطوة الاستفتاء التي جرت ملوحة ان الازمة لن تكون بعيدة عن التدخل العسكري كاحد الخيارات لالغاء
الواقع الجديد الذي فرضه الاكراد الذي يمهد للانفصال عن الدولة الام العراق وترى فيه تلك الدول نزعة انفصالية تهدد امنها القومي من الداخل خصوصا
وان ثلاثين مليون مواطن كردي يعيشون في تركيا والعراق وسوريا.
السؤال لم يكن أن كانت ( الازمة الكردية ) ستنفجر بل متى ؟ فكانت المسألة مجرد وقت وتوقيت لحدوثها وانفتاحها بهذا الشكل الخطير والذي بات يشغل دول العالم المختلفة ، لتضاف هذه الازمة الى قائمة الازمات المستفحلة الاخرى في المنطقة في سوريا وليبيا واليمن وقبل كل هذه الازمات القضية المركزية الاولى ولب الصراع في المنطقة القضية
الفلسطينية وكأن قدر هذه المنطقة انها ولادة ازمات وصراعات وحروب وانه كلما ظهرت بارقة أمل بإمكانية
التحرك لحل أي أزمة تندلع ازمة
جديدة تستنزف المقدرات والدماء وتجعل المستقبل اكثر قتامة بلا افاق للحلول بل البقاء في طور ومربعات ادارة الصراعات لا الدخول
في اطوار حلولها والانتهاء منها.
وللاسف فان حالة الفشل التي تسود المنطقة تكررت في إخفاق كافة الاطراف بمنع اندلاع الازمة الجديدة ،
و هي الازمة الكردية التي سريعا ما تحولت من ازمة عراقية داخلية متصاعدة ، الى ازمة اقليمية تنذر بتصعيد كبير ، وهي مؤهلة ان تدخل في طور التدويل خلال المرحلة القريبة المقبلة ، وان كان المجتمع الدولي باغلبيته كان قد طلب من قيادة اقليم كردستان عدم الذهاب الى الاستفتاء ، الا ان الدول الفاعلة وصانعة القرار على الساحة الدولية مثل كل ازمة سابقة وقائمة في المنطقة لم تقدم اكثر من الكلام والجهود والوعود دون افعال مؤثرة تخلق نقطة لقاء في منتصف الطريق لكافة الاطراف ليتحول الخلاف الى ازمة والازمة الى حرب والحرب الى
صراع طويل يضاف الى قائمة الصراعات المزمنة في منطقة تاريخها وحاضرها متخم بالازمات والصراعات التي طالما شكلت تطوراتها ومراحلها
علامات اخفاق للسياسة الدولية وغياب الحكمة والمسؤولية في وضع مقاربات وقائية قبل اندلاع الازمات او حتى علاجية جادة للتوصل الى حلول لها بعد اندلاعها.
وكل مرة يثبت ان مقولة ان ( ازمة تلد اخرى ) هي سمة المنطقة وانها ليست مقولة بعيدة عن السياق بل هي ذات صلة بتطور الاحداث والازمات السابقة ، وجذورها ففي الوقت الذي شهد فيه العراق ازمة طويلة ، وجرى فيه تدخل واحتلال فان هذا البلد العربي المحوري العريق والمركزي في المنطقة تم تركه في اليوم التالي للاحتلال بلا حل ، حتى دخل في ازمة طاحنة وممتدة شهدت كافة انواع الصراع بقسوتها وتداعياتها وتدخلات اقليمية ودولية فضلا عن مراحل الصراع المرير مع افة الارهاب إلى أن وصل إلى حالة الانهاك ثم لحقت به سوريا بعد نحو عقد من الزمن ليدخل ايضا هذا البلد العربي الكبير في دوامة الصراع وتحوله بالمحصلة الى دولة فاشلة ومرتع للصراعات والاستقطابات الاقليمية والدولية وايضا ايغال الارهاب فيه واستخدام جزء واسع من اراضيه
اوكارا لبث الفكر الضلامي ونقل الجرائم الى خارج الحدود لتطال كل مكان امكنها الوصول اليه.
هذا المسار الكارثي للازمتين في كل من العراق وسوريا الحق قبل كل شيء الدمار الهائل بمفهوم الدولة ، الذي كان يشكل وعاء وطنيا جامعا لكافة ابناء البلدين على مدى تاريخ طويل ، وشاعت المظالم ، وتقاتل
ابناء الشعب الواحد في معركة مؤلمة وباهضة الاثمان ، وتعمق مفهوم المحاصصات وغياب المؤسسات الوطنية وانهيارها ، بل ولم يتم النجاح الكامل باعادة تشكيلها على اسس وطنية ، ولم تنجز مصالحة وطنية شاملة تؤسس لعمليات سياسية لمستقبل البلدين تشمل كافة ابناء الشعبين وذلك بناء على الافتراق الهائل بين المكونات جراء الصراع الذي وقع وجراء تباين شاسع في الاجندات وقد لعبت التدخلات الاقليمية واجندات النفوذ الدولية عاملا حاسما ومغذيا للازمات واستدامتها على حساب البلدين والدولتين وشعبيهما ومقدراتهما وحتى على الجغرافيا والديمغرافيا التي اصبحت بحكم الامر الواقع وكانها
ستقود الى اتجاه بمسار واحد بتحركات الانفصال والتقسيم كما يحدث في اقليم كردستان في هذه المرحلة وليس بعيدا عنه السيناريو المرتقب في سوريا.
والاسئلة الكبرى اليوم ، هل بات الانفصال والتقسيم في العراق وسوريا هو الخيار او السيناريو الوحيد ؟ وهل هو شبح لا مفر منه بحكم الامر الواقع ؟ والى اي سياقات ستذهب القوى الاقليمية في رود فعلها على هذه التطورات خصوصا بالنسبة للمسالة الكردية اذ تضم كلا من تركيا والعراق وسوريا نحوثلاثين مليون مواطن كردي يرون ان لهم حقا تاريخيا في تقريرالمصير في حين ترى هذه الدول ان هذه نزعة انفصالية تهدد الامن القومي لتلك الدول من داخلها لا يمكن ان تسمح بحدوثة ؟ ام ان العربة الاولى التي انطلقت من اقليم كردستان بالاستفتاء على الانفصال فضلا عن انها ذهبت بعيدا فانها ستجر عربات في دول اخرى خصوصا سوريا الى ذات المصير ؟ اجابات هذه الاسئلة برسم قادم الايام غير البعيدة وان كانت المرحلة المقبلة ستشهد ميلا الى الحل الذي يشكل الأقل مرارة بالنسبة للجميع وهو الإتجاه لاعتماد (الفيدرالية ) كحل اسلم من التقسيم المدمر. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | الأكراد.. و«قاعدة الثُّلُث»
| خالد عمر بن ققه
| الاتحاد الاماراتية |
ردود الأفعال على استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق مخيفة ـ بالرغم من أنها لا تزال في بدايتها ـ ليست فقط لأكراد العراق وسوريا وتركيا وإيران، وإنما لكل شعوب المنطقة، وكلّ المعطيات تشبر إلى صراع دموي وشيك قد يُعمَّر لسنوات، وسيُكرِّس مزيداً من أزمات المنطقة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار تهديدات كل من: بغداد وأنقرة وطهران، وهنا يطرح السؤال الآتي: ما هي رهانات أكراد العراق لإقامة دولتهم المستقلة؟.. الإجابة تبدو جليّة في «قاعدة الثُّلث» التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية بعد احتلالها للعراق عام 2003، إذ أن كل المواقف والتصريحات والمبادرات الأميركية منذ الأيام الأولى للاحتلال وإلى غاية انتصار الجيش العراقي على «داعش»، ركزت على تقسيم العراقيين على أساس مذهبي وعرقي في وقت واحد، حيث يأتي الحديث على أن المكونات الرئيسية للعراقيين، هي الشيعة والسنة والأكراد.
طبعاً كان ذلك التصنيف، وسيبقى، قسمة ضيزى بخصوص التقسيم الحالي والمستقبلي للعراق، وكون العراقيين بعد سقوط نظام «البعث»، قبلوا بتشكيل دولة جديدة مؤسسة على تلك القاعدة، وحولوها إلى نظام سياسي اتحادي ( دستور 2005)، فمن الطبيعي أن تكون النتيجة على النحو الذي تعيشه العراق اليوم، وإذا سلّمت بغداد بنتائج الاستفتاء لصالح الاستقلال فعليها القبول بانتهاء الوحدة الترابية للعراق، وظهور كيانات جديدة، وهو ما قد تنتهي إليه لدول عربية أخرى ـ مشرقاً ومغرباً ـ لديها أقليّات على أساس عرقي أو مذهبي، قد لا تكون بنفس التخطيط الذي جرى تنفيذه في العراق، وإنما بأسلوب مختلف، فلكل بلد خصوصيته.
استفتاء كردستان العراق، قد يكون مقدمة لحالتين محتمل حدوثهما، الأولى: وضع الأكراد في المواجهة، كتجربة أولية لما هو مخطط للمنطقة، وأقصد تقسيمها إلى دويلات، وقد تنتهي إلى خسارتهم، حيث سيتم إجهاض مشروع دولتهم المنتظرة قبل ولادتها، والأيام المقبلة ـ كما تشير تصريحات الحكومة المركزية في بغداد وقادة دول الجوار ـ ربما تكون مُحمّلة بمفاجآت غير سارة للأكراد عموماً وليس في العراق فقط، خاصة بعدما أبدى كثير من الأكراد في إيران خاصة، وفي تركيا أيضاً ولكن بدرجة أقل، تأييدهم الاستفتاء وعبروا عن فرحتهم في مسيرات حاشدة.. هنا يجب التذكير بأن الأكراد لم يستفيدوا من تجارب التاريخ لجهة تحقيق حلم دولتهم، واليوم يختارون وقتاً غير مناسب، ونقصد هنا الوضع العام في العراق. الحالة الثانية، ميلاد دولة كرديّة على الأراضي العراقية فقط، يأوي إليها أكرد الدول المجاورة وتكون أرضهم الموعودة، وهذا يعني أن العراق سيُقسَّم إلى دولتين على الأقل في القريب العاجل، ويبدو أن هناك وعوداً من الغرب بدعم الدولة الكردية الناشئة، وإن أظهرت دُوُله خلاف ذلك في الوقت الحالي، ومن تابع تصريحات النُّخب السياسية والثقافية الكردية يدرك هذا، ثم أنه ما كان لرئيس إقليم كردستان العراق «مسعود البرزاني» القيام بهذه الخطوة لولا ضوء أخضر من دوائر صنع القرار في العواصم الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، وإن كانت تبدي تحفظها على الاستفتاء في محاولة لمواساة العرب، وخاصة العراق، ويبدو أن سوريا أدركت خطورة مد جسور بين أكرادها وأكراد العراق، فسارع وزير خارجيتها إلى تقديم وعود بحكم ذاتي لأكراد بلاده بعد الانتصار على «داعش».
المتوقع أن ينتهي إقليم كردستان العراق إلى قيام دولة معترف بها، ما لم تحدث مفاجآت حاسمة وقد تكون عسكرية، وهذه أيضاً محفوفة بالمخاطر، لأن الأقليات تحظى بدعم دولي من الدول الكبرى، لم يعد في مقدور الدولة الوطنية الموحدة الحصول عليه.. ومهما يكن الأمر، فإن الأيام المقبلة مليئة بالمآسي لأمم المنطقة وشعوبها، وخاصَّة العرب والأكراد. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
7 | الأكراد وبراجماتية ما بعد الاستفتاء
| إيثيان ثارور
| واشنطن بوست |
كان يوم الاثنين الماضي تاريخياً لملايين الأكراد في كردستان العراق، فبعد قرن من اليأس والإهمال سنحت لهم فرصة التصويت على استقلالهم في استفتاء مثير للخلاف نظمته حكومة إقليم كردستان صاحبة النفوذ على المناطق التي غالبيتها أكراد في شمال العراق، ومن شبه المؤكد أن تتمخض النتيجة التي ستظهر في الأيام القليلة المقبلة عن موافقة على الاستقلال.
لكن بالنسبة للآخرين في المنطقة، يمثل هذا بداية المشكلات. وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بياناً يوم الاثنين الماضي أيضاً حذر فيه من «التأثيرات المحتملة المزعزعة للاستقرار» لهذا الاقتراع. وحكومة العراق وأيضاً حكومتا تركيا وإيران رفضت الاستفتاء، وأكد مسؤولون أكراد أن التصويت غير ملزم ويعتبرونه تجلياً فحسب للإرادة الكردية لتقرير المصير ورسالة موجهة لبغداد، لكن الحكومة العراقية أرسلت رسالتها الخاصة أعلنت فيها إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع تركيا بالقرب من الأراضي الكردية العراقية، وفعلت إيران الشيء نفسه على امتداد حدودها وأغلقت نطاقها الجوي أمام رحلات الطيران القادمة من إقليم كردستان العراق والذاهبة إليه.
ويجادل مسؤولو حكومة إقليم كردستان أن هذه لحظة طال انتظارها، ومنذ عام 2003 وبقيادة أميركية، تمت إزالة النظام «البعثي» الذي أرساه صدام حسين، وتمتع أكراد العراق بدرجة كبيرة من الاستقلال الذاتي عن بغداد واستطاعوا بفضل مواردهم النفطية الكبيرة إقامة مؤسسات لدولة محتملة في المستقبل، وقاتلت مليشيا البشمركة على الخطوط الأمامية ضد «داعش» في صراع شهد تعاوناً أمنياً وثيقاً بين البشمركة والولايات المتحدة. ويشعر مسؤولون أكراد وبخاصة مسعود البرزاني رئيس كردستان العراق أن لحظتهم الحاسمة غدت قريبة في غمرة الاضطرابات والصراعات التي تعصف بالعراق وسوريا، وأشار بيان سامي عبد الرحمن الممثل البارز لحكومة إقليم كردستان في واشنطن في وقت سابق هذا العام إلى شعور الأكراد التاريخي بالحرمان من حق إقامة دولة بعد خروج دول أخرى من أنقاض الدولة العثمانية، وقال: «التغيرات حدثت قبل نحو 100 عام وكان الأكراد متفرجين، لكن نكون متفرجين مرة أخرى»، وذكر عبد الرحمن أن الموافقة على الاستقلال في الاستفتاء ستفتح المجال لعملية مفاوضات تمهد الطريق إلى انفصال في نهاية المطاف. لكن بعض المنتقدين داخل حكومة إقليم كردستان الشهيرة بشقاقاتها يرون أن الاستفتاء محاولة من برزاني وحزبه الحاكم كي يعزز قبضته على السلطة، وهناك حزبان منافسان بارزان وهما «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«حركة التغيير» تذمرا من الاستفتاء لكنهما شاركا فيه في نهاية المطاف، وأشارت الصحافية الكردية «أمبرين زمان» في موقع «كريستيان ساينس مونيتور» إلى أن «كلا الحزبين ينظران إلى الاستفتاء باعتباره قوة استحواذ من البرزاني الذي ضعفت قبضته بسبب التراجع الاقتصادي طويل الأمد الناتج عن انخفاض أسعار النفط عالمياً». ومن المثير للاستفزاز أن الاستفتاء أجري في منطقة كركوك المتنازع عليها والغنية بالنفط التي تتمتع فيها قوات البشمركة بنفوذ منذ عام 2014 حين اندفعوا إلى العاصمة الإقليمية للدفاع عنها ضد داعش، واحتمالات العنف تبدو مرتفعة حالياً.
وحتى الولايات المتحدة التي بذلت الكثير تاريخياً من أجل دعم أكراد العراق تعارض تماماً الاستفتاء، ويخشى مسؤولون أميركيون أن يدمر الإقدام على استقلال كردي في الوقت الحالي حملتها ضد «داعش» ويضر بحملة إعادة انتخاب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مرشحهم المفضل في أبريل 2018. ويجادلون أن الوقت غير ملائم الآن. واعتبر العبادي الاستفتاء «غير مشروع»، بينما ترفض حكومتا تركيا وإيران نتائج الاستفتاء.
وعملت الحكومة التركية عن كثب مع البرزاني، لكنها تحذر الآن من تداعيات وخيمة إذا اكتسبت حركة الانفصال المزيد من الزخم، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين الماضي أيضاً أن «بعد هذا، دعنا نرَ عبر أي القنوات سترسل حكومة شمال العراق نفطها أو أين ستبيعه؟»، وحذر الرئيس التركي أن بلاده ستمنع تصدير نفط حكومة إقليم كردستان قائلاً: «الصنبور لدينا. وحين نغلق الصنبور ينتهي الأمر»، وتركيا تواجه بالطبع تمرداً كردياً طويل الأمد خاصا بها، وكان هذا التمرد قد اندلع مرة أخرى عشية الحرب الأهلية السورية مع ظهور منطقة سورية للأكراد ذات حكم شبه ذاتي على حدود تركيا الجنوبية. وتحرص أنقرة على إعادة مارد القومية الكردية إلى قمقمه وتخشى احتمال ظهور دولة كردية مستقلة منفصلة عن العراق.
لكن ديفيد بولوك من «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» يعتقد أن جيران حكومة إقليم كردستان قد يخففوا من حدة مواقفهم بعد الاستفتاء. وحسب «بولوك» فإن «الأطراف الخارجية لن يكون أمامهم إلا التعامل مع التداعيات بطريقة براجماتية». وإذا لم تتغلب الحكمة، وما لم يظهر طريق مثمر للمحادثات بين بغداد وأربيل، سيندلع الشرر والالتهاب الجيوسياسي المعقد بالفعل سيتزايد تعقيداً وخاصة أمام الولايات المتحدة، ولدى مايكل ستيفنز الباحث في دراسات الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الأمن والدفاع (روسي) قناعة بأن «الدول الديمقراطية الغربية لا تريد تقريباً أن يُنظر إليها باعتبارها معارضاً لإرادة جمعية لملايين الأشخاص الذين صوتوا من أجل الانفصال عن العراق، لكنها لا ترغب أيضاً في أن تكون المهندس الأساسي لتمزق دائم في منطقة متمزقة». | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
8 | نزعات انفصالية مؤجلة
| ماهر أبوطير
| الاتحاد الاماراتية |
النزعات الانفصالية، نزعات خطيرة، لكنها تعبر في الأساس، عن مشكلة بنيوية، في الدول التي تخرج فيها، مكونات، تريد الانفصال، أو الاستقلال، أو تشكيل دويلات، ولا يمكن هنا، تحليل النزعة الانفصالية، بمعزل عن معايير أخرى.
هذه النزعات، قد تأتي تحت عناوين عرقية، أو دينية، أو مذهبية، أو سياسية، وغالباً، ما تتعاظم هذه النزعات في حالتين، الأولى، أن النية الوطنية في الأساس، مصاغة بشكل غير صحيح، وحافل بالتشوهات، مثل اقتطاع أراض أو ضم مناطق من دول أخرى، إلى دول ثانية، وعندها، ستبقى النزعة الانفصالية، قائمة، إذ مهما طال الوقت، فلا يمكن إلا أن ترتد هذه الطريقة في تكوين الدول، على ذات بنية الدولة.
ولدينا نموذجين، على اختلاف ظروف التكوين السياسي، إلا أن النزعات، كانت متشابهة، وهما الاتحاد السوفييتي، الذي تفكك بمحض إرادته تحت وطأة تغيرات داخلية ودولية، وما يريده الأكراد في العراق وسوريا وتركيا وإيران.
الواضح أن تكوين الدول، على أساس دمج مكونات، لا توافق تاريخياً، بينها، أمر لا يمكن أن يصمد طويلاً، وإذا صمد تحت وطأة قوة الدول المركزية، أو عدم مؤاتاة الظروف، لانفصال مكونات معينة، فإن النتيجة واحدة، إذ حين تتغير الظروف، تنكشف صلابة هذه الدول، وتظهر الهشاشة، التي تؤدي نهاية المطاف، إلى تفكك الدولة، إرادياً، أو سعي مكونات للانفصال، بما يعيد تشكيل الدولة وهويتها.
الحالة الثانية، تتعلق بافتراض يقول إن أي تكوين سياسي جديد، يضم تنويعات طبيعية، من داخل أي دولة، أو حتى خارجها، مؤهل لأن يعيش طويلاً، وأن تندمج الهويات معاً، في هوية وطنية واحدة، إذا تمكنت الدولة المركزية، من صون الهوية الوطنية الجامعة، وتوليد روح موحدة، بين أعراق وأديان ومذاهب.
وتطبيق العدالة، بطريقة جيدة، لا تجعل هناك، أي مظلومية، أو أي دعوات كامنة للانفصال، تنتظر توقيتاً مناسباً، من أجل أن تطل برأسها، وهنا، لا يمكن أن نطرح نماذج مثل كندا أو استراليا أو الولايات المتحدة، فهذه نماذج، لم تجمع الهويات الفرعية قسراً، لتدمجها في هوية واحدة، بل إن كل مكون اختار بمحض إرادته، أن يكون كندياً أو استرالياً أو أميركياً.
تشكيل الدول الحديثة، أو التاريخية، لا يمكن له أن ينجو إذاً، إلا في حالات محددة، قوة الدولة المركزية، التي تمنع النزعات الانفصالية، أو تطبيق العدالة بشكل تفصيلي، يرضي الجميع، أو أن ذات التكوين الجمعي، يأتي بشكل طوعي، وعلى أساس التفاهم، ودون ذلك، فلا، إلا أن تنزع المكونات في دول كثيرة للانفصال، وغالباً، فإن الانفصال هنا، يعبر عن مشكلة كبيرة، لا يمكن التعامي عن عناوينها.
النزعات الانفصالية في العالم العربي، مثلاً، تأخذ صورتين، صور ة مباشرة، مثل نزعة الأكراد بالانفصال، كقومية مستقلة، وهي نزعة، ستؤدي إلى أضرار كبيرة، على مستوى العرب والأكراد معاً، لأن انفصال الأكراد، له كلف على الجميع، وعلى شكل الدولة الوطنية في سوريا والعراق، وربما تركيا وإيران لاحقاً، أما الصورة غير المباشرة، فهي تلك التي نسمع عنها، من الضيق الشديد الذي تشعر به مكونات اجتماعية ودينية ومذهبية، في دول كثيرة.
وشعورها بالاضطهاد، ورغبتها بالخلاص، ولعل ذلك يتجلى أيضاً، فيما يواجهه العرب السنة، غرب العراق، وتلويحهم بدولة عراقية سنية، تأتي بعد دولة الأكراد، وما سمعناه لاحقاً، من سيناريوهات بخصوص الدروز والمسيحيين في سوريا، مثلاً، واحتمال نشوء كيانات صغيرة، لهم، لفك الاشتباك مع بقية المكونات، خصوصاً، مع الاضطهاد، الذي زادت منه العناوين الدينية المتطرفة، المتمثلة، بما فعلته داعش وجهات أخرى.
لقد كانت هذه المنطقة، تواجه أخطاراً عدة هي الاحتلال الإسرائيلي، ومشاريعه في المنطقة، والثاني الأطماع الإقليمية، ولربما من الممكن أن نزيد اليوم، عليها، تشظية الكيانات القائمة، تحت عناوين انفصالية، والكل لديه معلومات، عما تطالب به أكثريات أو أقليات، في دول عدة في المشرق العربي، والمغرب العربي أيضاً، تحت عناوين قومية ودينية ومذهبية، وهذا يهدد المنطقة بإعادة الرسم، من جديد، وبهذا المعنى قد تكون بعض القراءات الأميركية، التي تتحدث عن نشوء عشر دويلات جديدة في الشرق الأوسط، قراءة منطقية، على الرغم من المبالغة الظاهرة فيها، لكنها تؤشر على مخاطر كامنة لا يمكن جدولتها إلى ما لا نهاية.
لا بد أمام هذه التحولات الخطيرة جداً، أن تعاد صياغة الهوية الوطنية، في دول كثيرة، بشكل أكثر صلابة، وأكثر عدالة، من أجل إزالة الفوارق والمخاوف في بعض الدول، وإلا أننا أمام عراق مؤهل للانقسام إلى ثلاثة كيانات، وسوريا مؤهلة للانقسام إلى أربعة كيانات، والأمر قابل لأن يمتد مثل وباء، من موقع إلى آخر.
الهوية الوطنية مهددة. هذه هي الخلاصة. خصوصاً، مع وجود مشاريع لتحريك كل الهويات الفرعية، وإثارة التناقضات فيما بينها، وللأسف الشديد، فإن التهاون مع حروب تحريك التناقضات، سيؤدي إلى نتائج كارثية على خارطة المنطقة. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
9 | انتخابات الكُرد… أيُّ تنافس؟ | ألان حسن
| القدس العربي |
يعتبر تحديد موعد الاستحقاقات المفصليّة في حياة الأمم والشعوب، من الأمور ذات الأهميّة البالغة، وربما توازي في بعض الأحيان أهمية الحدث نفسه، والحالة الكُردية في سوريا والعراق ليست استثناءً. حكومة إقليم كُردستان العراق حدّدت موعد الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر موعداً لإجراء استفتاء استقلال الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتيّ موسّعٍ منذ العام (1991)، وأعلنتْ غير مرّة ألّا تنازل عن إجرائه، رغم الضغوطات الإقليميّة والدوليّة التي تتعرّض لها، وكذلك رفض الداخل العراقيّ، ومِن بعض الأحزاب الكُرديّة أيضاً. أعتقد إنّ إصرار حكومة الإقليم مردّه هو الاستفادة مِن الفرصة الذهبيّة التي تسنَح للكُرد هناك، حيث إنّ الحروب التي تندلع في منطقة الشرق الأوسط تجعل منها دول هشّة قابلة للتقسيم أكثر مِن أيّ وقت مضى، هذه الفرصة قد لا تتكرر في عقود قادمة. كما أنّ الغضب الشعبيّ الكُرديّ من الوضع الاقتصاديّ السيئ في الإقليم، وغياب الديمقراطيّة، وانتشار الفساد، يضع الحكومة أمام خيارات صعبة، قد يكون الاستفتاء، وتالياً الاستقلال، هو عملية تغيير الأولويات لدى المواطن الكُرديّ، يحصل الحزبان الرئيسيان هناك (الحزب الديمقراطيّ الكُردستانيّ، وحزب الاتحاد الوطنيّ الكٌردستانيّ) من خلاله على مكاسب شعبيّة فقداها خلال السنوات السابقة. فأزمة رئاسة الإقليم مثلاً خلقت عدّة أزمات أُخرى منها تعطيل البرلمان أواخر العام ْ(2015) وإبعاد رئيسها يوسف محمد صادق عبدالقادر، الذي ينتمي لكتلة التغيير المعارضة، والتي تقف ضد الاستفتاء في الوقت الراهن، وتريد أنْ تكون الأولوية لحلّ الأزمة السياسية. أما في سوريا فقد أعلن المجلس التأسيسيّ للنظام الفيدراليّ الديمقراطيّ لشمال سوريا، عن قانون التقسيم الإداريّ، وحدّد توقيت الانتخابات المحليّة والعامّة، في خطوة لاقت رفضاً مشتركاً لافتاً من جهات متصارعة، ولأسباب متناقضة، فَمِن المرات القلائل التي يجتمع فيها موقف الحكومة السوريّة، ومعارضات الرياض، موسكو، والقاهرة، ومن خصمه السياسيّ الكُرديّ الأبرز المجلس الوطنيّ الكُرديّ. فالحكومة السوريّة والمعارضات تتّهم «المشروع» بنزوعه نحو الانفصال، ويعتبرونه مخططاً تقسيمياً برعاية أمريكيّة. وعلى النقيض من ذلك، فإنّ المجلس الوطنيّ الكُرديّ يتهم «المشروع» بأنّه بعيد كل البُعد عن الحلم القوميّ الكُرديّ، ويتّهم القيّمين عليه، وخصوصاً حركة المجتمع الديمقراطيّ، بأنّه لا يملك مشروعاً قومياً كُردياً، ويكتفي بمشروع الأمّة الديمقراطيّة الطوباوي، مِن وجهة نظر المجلس. لا يخفى على أحد حجم الشعبيّة الهائلة التي يشهدها المشروع البارزاني في الشارع السياسيّ الكُرديّ في الآونة الأخيرة، على حساب خصمه الأوجلانيّ، فالأول يثبت لأنصاره أنّه ماضٍ في تحقيق حلم الكُرد بتأسيس دولة تُنهي مآسيهم مع الأنظمة المتعاقبة التي ظلمتهم في جميع أجزاء كُردستان، والتي استمرّت عقوداً، عانى فيها الكُرد من حقّ الحصول على جنسية، فضلاً عن حقوقهم الثقافيّة، والأهمّ حقوقهم القوميّة. الدولة الكُرديّة المنشودة أصبحت المادة الأكثر تداولاً على مائدة الكُرد في سوريا، وباتوا يتحيّنون الموعد لإظهار ما كان مكبوتاً طوال عقود. حلمٌ يوازي سعادته ـ عند البارزانيين- سعادة الانتصار على مشروع خصمهم حزب العمال الكُردستانيّ، المتمثل بـ»الأمة الديمقراطيّة»، ومبدأ أخوّة الشعوب، ومساواتهم في تلك الأمة. المدّ البارزاني في الآونة الأخيرة قابله محاولة اللحاق بِالرَكِب من قِبَل حركة المجتمع الديمقراطيّ الذي حدّد ـ مع حلفائه موعداً لإجراء انتخابات الكومينات (أصغر وحدة إداريّة) تليها انتخابات المجالس المحليّة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، وتختتم بانتخابات مجالس الشعوب (برلمانات المقاطعات)، وكذلك مؤتمر الشعوب الديمقراطيّ (برلمان فيدرالية شمال سوريا) في التاسع عشر من كانون الثاني/يناير من العام المقبل. المدّ الشعبي ذاك لم يكسره سوى تصريحات رئيس إقليم كُردستان مسعود البارزاني الذي أعلن في لقاء مع عدد من وجهاء المكونات في الإقليم، أنّه ينبغي تغيير عَلَم إقليم كُردستان بعد الاستقلال، وكذلك النشيد الكُردي (أي رقيب) بحيث يمثل كافة مكوّنات الدولة الكُرديّة، في خطوة لاقت الكثير من الاستهجان من قوميين كُرد رأوا فيه تنازلاً عن أقدس مقدساتهم، وتخليا عن ثوابت استُشْهد من أجلها آلاف الكُرد، وإجهاض لحلم ملايين الكُرد الذين تربّوا على العَلَم، والنشيد الكرديين الحاليين. كما تلقّف الأوجلانيون موقف البارزاني ذاك بعقلية انتصار مشروعهم المتمثل في الدولة الأمّة، والتخلي عن الدولة القوميّة، حيث أثنى الكثير منهم على موقف رئيس الإقليم، واعتبروه نكوصاً عن أحلام الدولة الوهم، والنزوع إلى التفكير بواقعيتهم السياسيّة التي استندوا إليها في نظريات زعيم حزب العمال الكُردستانيّ عبد الله أوجلان، الذي نادى بحلّ مشاكل الشرق الأوسط ذو التعقيدات الدينيّة والمذهبيّة، عن طريق مبدأ الأمة الديمقراطيّة. ربما يأتي تزامن استفتاء الاستقلال، وانتخابات الفيدرالية لصالح القضية الكُردية في عموم كُردستان، فالأكيد أنّ شهر أيلول سيكون شهر الكُرد بدون منازع على الساحة الدوليّة، وسيتقبّل جيرانهم واقعاً جديداً لَن يكون الكُرد فيه مجرد بيادق في يد الدول. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
10 | استفتاء الاستقلال الكردي الوهمي: انتهت السكرة وبدأت الفكرة
| جلبير الأشقر
| القدس العربي |
وبعد، فماذا جنى شعب كردستان العراق من الاستفتاء الذي نظّمه رئيس الإقليم مسعود البارزاني يوم الإثنين الماضي؟ كانت حقاً «ضربة سيف في الماء» كما يقول تعبيرٌ فرنسي بليغ، إذ أن الاستفتاء لم يقدّم الإقليم خطوة واحدة في اتجاه الاستقلال المنشود، بل كان بتعريف القائمين عليه استفتاءً «غير ملزم» هو بمثابة استطلاع للرأي، ليس أكثر. فماذا كانت العبرة إذاً من هذا الاستفتاء/الاستطلاع؟ أن الغالبية الساحقة من الشعب الكردي في شمال العراق سواء في كردستان أو في المناطق المتنازع عليها، وأهمها مدينة كركوك ومحافظتها، تؤيد فكرة الاستقلال؟ يا لها من مفاجأة! وكأن أحداً كان لديه أدنى شك في أن الرغبة في الاستقلال رغبة طاغية وجامحة لدى الشعب الكردي. بل ليس من شك في أنه لو تم استفتاء الأمة الكردية برمّتها، ولا سيما في تركيا وإيران بالإضافة إلى العراق بل وحتى في سوريا، خاصة لو جرى ذلك بالاتفاق مع حزب العمال الكردستاني وحلفائه الإقليميين، قلنا لو تم استفتاء الأمة الكردية برمّتها في تشكيل دولة كردية موحدة مستقلة، لأتت النتيجة بتأييد كاسح. ذلك أن الأمة الكردية، كأي أمة محرومة من السيادة ومجزّأة، تطمح إلى الاستقلال والوحدة، وهو حق لا ينكره عليها سوى أرباب الاضطهاد والطغيان أعَرَباً كانوا أم أتراكاً أم إيرانيين. لكنّ انتقاد كاتب هذه السطور لتنظيم الاستفتاء في هذا الوقت، على غرار العديد من الكرد النيّرين غير الآبهين بالابتزاز القومي الذي يمارسه مسعود البارزاني وأعوانه وأنصاره، والذين أدركوا أن تحجّجه بحق تقرير المصير إنما هو «كلمة حق أريد بها باطل»، انتقادنا جميعاً لإجراء الاستفتاء في هذا الوقت بالذات لم يكن من باب إنكار الحق الكردي، بل وعلى العكس من باب الحرص عليه. والحال أن كردستان العراق بعد الاستفتاء الذي نظّمه البارزاني ليست أقرب إلى الاستقلال المنشود، بل إنها، والحق يُقال، أبعد منه وبدرجات خطيرة. فعندما يستفيق شعب إقليم كردستان العراق من السكرة التي نظّمها البارزاني مدغدغاً مشاعره القومية، ودغدغة مثل تلك المشاعر إنما هي أسهل الوسائل المُتاحة لدى الحكّام الفاسدين لإلهاء شعوبهم عن فسادهم (وقد خبر العرب لجوء حكّامهم إلى مثل تلك الحيلة أمراراً لا تُحصى)، سوف يواجه كشف الحساب المرير. فالاستفتاء لم يأت بأي جديد لصالح الاستقلال الكردي، إذ أن نتيجته كانت معروفة سلفاً ولم يكن ثمة شك في ماذا سوف تكون، لكنّه أتى بتكالب ضد الاستقلال الكردي تفوق حدّته ما كان يمكن توقّعه. إن الصورة لباهرةٌ ومقلِقة: لم يحقق البارزاني إجماع شعب كردستان العراق، إذ أن قسماً منه، ولو كان محدوداً، رفض الاستفتاء وقاطعه، بل أفلح بامتياز في تحقيق أوسع إجماع بين أعداء الشعب الكردي وشتى حلفائه الظرفيين، باستثناء الحكم الصهيوني الخبيث، على استنكار الاستفتاء، فضلاً عن إدانة الأمم المتحدة الرسمية له. فلنستعرض الحصيلة: الحكم التركي، المضطهِد الأكبر للشعب الكردي الذي تذيّل له البارزاني سنين طويلة (مثلما اعتمد والده في الماضي على شاه إيران حتى طعنه هذا الأخير في الظهر، ومثلما دعا هو صدّام حسين بالذات إلى التدخّل لدعمه عسكرياً ضد أنصار خصمه الكردي جلال الطالباني سنة 1994)، ذلك الحكم التركي الذي تواطأ معه البارزاني في ضربات متكررة ضد حزب العمال الكردستاني والذي اعتمد عليه اقتصادياً إلى حد جعل كردستان العراق مستعمرةً اقتصادية للرساميل التركية، ذلك الحكم أعلن أنه سوف يخنق الإقليم اقتصادياً لو تجرّأ كرد العراق على ترجمة استفتائهم الرمزي إلى واقع فعلي، وأنه لن يتردّد في التدخّل العسكري بحجة حماية الأقلية التركمانية وغيرها من الذرائع. وكذلك فعل المضطهِد الكبير الآخر للشعب الكردي، ألا وهو الحكم الإيراني، الذي قطع الطريق الجوّي عن الإقليم ودعا كافة الحكومات المحيطة به إلى عزله برّاً. وقد ترافق الموقف الإيراني على غرار الموقف التركي بمناورات عسكرية من قبيل التهديد والوعيد. هذا وقد نجح البارزاني في تحقيق إجماع ضد الاستفتاء بين الزعامات الطائفية الشيعية في العراق، من التابعين لإيران أمثال نوري المالكي وعمّار الحكيم إلى المناوئين للهيمنة الإيرانية أمثال مقتضى الصدر، مروراً بصديق واشنطن حيدر العبادي. وإن حرص الولايات المتحدة، عرّابة استقلال كردستان العراق الفعلي منذ عام 1991 التي لولا حمايتها العسكرية لما نعم الإقليم بالازدهار الذي عرفه بينما كان سائر العراق يغرق في محنة عظيمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، إن حرص واشنطن على تدعيم العبادي إزاء منافسيه من حلفاء إيران وعلى إرضاء حليفها التركي قد جعلها تنضمّ إلى المندّدين بقرار البارزاني المضي في إجراء الاستفتاء. ولو أضفنا إلى كل ذلك الانشقاق في الصفّ القومي الكردي الذي أنجزه قرار البارزاني، ولا سيما معارضة الحزب المهيمن سياسياً في أكبر أقسام الأمة الكردية، ألا وهو حزب العمال المهيمن في كردستان تركيا، وجدنا في المحصّلة أن كردستان العراق خرجت من لعبة الاستفتاء «غير الملزم» أضعف وأكثر عزلة مما في أي مرحلة من تاريخ الإقليم، تواجه تكالباً ضدها يُبعد حلم الاستقلال من التحقيق بدل أن يقرّبه. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
11 | حتى لا تقدم كردستان أوراق اعتمادها عبر الشيطان | ظافر محمد
| الوطن البحرينية |
في عام 1933، عمم الملك فيصل الأول للمحيطين به «…الموقف خطـيـر، باعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد كتل بشرية، خالية من أية فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائماً للانتقاض على أية حكومة كانت، فنحن نرى، والحالة هذه، أن نشكل من هذه الكتل شعبــاً نهذبه، وندربه، ونعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف، يجب أن يعلم عظيم الجهود لإتمام التكوين. هذا هو الشعب الذي أخذت مهمة تكوينه على عاتقي، وهذا نظري فيه… «، والكرد إحدى تلك الكتل البشرية المستعدة للانتقاض على أية حكومة كانت، كما وثق «عبد الخالق حسين – الخراب البشري في العراق» أعلاه. ويعود امتداد الزمن العسكري والسياسي للقضية الكردية لأمرين، هما فشل العسكرية العراقية منذ قاسم تحقيق حسم عسكري ناجز ونظيف، وليس بإبادة قرى بالأسلحة الكيماوية. وثانيهما، عدم الكفاءة السياسية ببغداد حيث تناقضات مواقف المالكي والعبادي، كإقرار البرلمان بمداولة لا تزيد عن ساعتين شرعية قوات الحشد الشعبي كهيكل تحت مظلة الحكومة لمحاربة «داعش»، بينما يرفض نفس الطلب لهيكل البشمركة العسكري طوال عشر سنوات، رغم أنهم قاتلوا «داعش» وحققوا انتصارات أكثر من الحشد الشعبي.
إن المقلق الأهم في قضية الاستفتاء الانفصالي، أنه رغم رفض دول الجوار في تركيا، وإيران، وسوريا، والعراق، لفكرة الانفصال، جاء الإعلان الرسمي الذي استبق به رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو نتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه في كردستان ليعلن تأييده لاستقلال الإقليم. ولم يأت تصرف نتنياهو بدون مرجعية للقيم الصهيونية، فدعم تل أبيب للأكراد في سعيهم لإنشاء دولتهم المستقلة يعطي المشروعية لوجود دول غير عربية وغير إسلامية في الجوار الإقليمي للصهاينة، ويحقق فكرة تعويم العروبة والإسلام بتكوين الشرق الأوسط الجديد. أما المثير الآخر، فهو أن الصهاينة يسيرون على حبل مشدود، فهم من جانب يثنون على الدولة العثمانية التي احتضنت بحنان مرة، وبعنف أبوي مرات عدة، شعوب وقوميات غير متجانسة عرقياً أو دينياً أومذهبياً، في نفس المكان الحالي الذي تحاول الصهيونية تسويق إمكانية العيش فيه بسلام كما في أيام السلاطين، في حين ظهرت الانتهازية في أبلغ صورها حين قامت تل أبيب بوصف حزب العمال الكردستاني العسكري منظمة إرهابية إرضاءً للأتراك الجدد. ومن باب انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، نهمس في آذان بغداد: أعطوا الأكراد حقهم من النفط والمياه والفرص، ليبقوا جزءاً العراق العظيم. فتأييد نتنياهو سبب حرج لهم لانتهازيته الفجة.
بالعجمي الفصيح:
ستدفع المصالح السياسية جيلاً قادماً من الكرد لم تروضه آلة القمع العراقية لعقود، و لم ير إلا الكالح من وجوه العروبة، إلى انتهاج مسار غير قابل للارتداد، نحو الانفصال، حتى ولو قدم أوراق اعتماده عبر الشيطان نفسه. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
12 | الحرية حق لجميع الشعوب المضطهدة
| عبدالله الهدلق
| الوطن الكويتية |
أدعم حق الأكراد بتقرير المصير والانفصال والاستقلالِ ولكنني آمل أن يتبنى الإقليم قيماً أكثر ليبرالية وتقدمية. أتطلع إلى إدارة أقل استبداداً وأكثر حرية في كردستان يكون من شأنها كسب ود العرب والتركمان الذين يعيشون تحت سيطرة الكرد وأنا على ثقة أن الأكراد سيقدمون نموذجاً إيجابياً لبقية الشعوبِ في المنطقة .
في عام 838، ثار قائد كردي اسمه مير جعفر داسني في الموصل ضد الخليفة المعتصم. وبعد سلسلة مواجهات مسلحة بين العرب والأكراد في أراض وعرة، انتصر إيتاخ وهو أحد قادة الخليفة (من غير العرب)، في الحرب وأعدم الكثير من الأكراد، بيد أن مير جعفر داسني انتحر ليتفادى الاعتقال ، ربما لا يعلم الكثير من المعارضين لاستفتاء كردستان العراق شيئاً عن الصراعات التاريخية في العصور الوسطى، لكنهم من دون شك يتمنون أن يعيد التاريخ نفسه وينهزم الأكراد مرة أخرى، لكن هذا مستبعد فوحدة أعداء أكراد العراق في تأييد الاستقلال . فهم لم يكونوا قط طيلة تاريخهم أكثر تركيزاً وتصميماً كما هم اليوم.
أقِفُ إلى جانب الأكراد الشجعان في سعيهم لتكوين دولة لأن قضيتهم عادلة ، ولن يكون هناك وقتٌ أنسب من هذا الوقت فقد صبر الأكراد طويلاً لتحقيق حلم طالما راودهم كما أن وجود كردستان مستقلة عامل توازن واستقرار في ظل حالة التنافس التي يشهدها الشرق الأسط، بتسابق إيران وتركيا والغرب على القوة والهيمنة فبإمكان كردستان مستقلة أن تكون منطقة عازلة لوقف المطامح الاستعمارية لكل من تركيا وإيران اللتين رفضتا الاستفتاء بشدة. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
13 | ما مصير الأكراد بعد الاستفتاء؟! | د. وائل الحساوي | الراي العام الكويتية |
عندما نستذكر الأكراد فإن خيالنا يسرح إلى القائد الاسلامي صلاح الدين الأيوبي الذي قاد جيوش المسلمين إلى الانتصار على فلول جيوش الصليبيين وأسقط الدولة الفاطمية.
لكن الأكراد خلال تاريخهم الطويل كانوا جزءاً من الدولة الإسلامية ولم تقم لهم دولة مستقلة إلا ما ذكره المؤرخون من قيام مملكة كردستان بشمال العراق وجمهورية كردستان الحمراء بأذربيجان وجمهورية آرارات بتركيا وجمهورية مهاباد بشمال إيران خلال عشرينات القرن الماضي، والتي سقطت سريعا!
يتوزع الأكراد اليوم بين العراق وإيران وتركيا وسورية وأذربيجان وغيرها، ويبلغ تعدادهم ما يقارب الستين مليون نسمة، وللأكراد محاولات كثيرة لإقامة دولة مستقلة بهم ولكنها كانت دائماً تصطدم برفض الدول المجاورة لها والتصدي بعنف لتلك التجارب، كما شاهدنا في مجزرة «حلبجة» في عهد صدام حسين!
وقد تأسست حركات كردية متطرفة عدة هدفها الحصول على استقلال الأكراد وتكوين دولتهم الخاصة مثل حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي بقيادة صالح مسلم وهو فرع من حزب العمال الكردستاني!
كتب رئيس تحرير صحيفة هارتس الإسرائيلية ألوف بن عام 2011 مقالاً بعنوان: «تحذير الشرق الأوسط في مرحلة الإعمار» ذكر فيه بأن الانتفاضات الشعبية المتصاعدة والصراعات الداخلية الطاحنة ستؤدي الى إعادة رسم خرائط إقليمية ستكون بعيدة كل البعد عن اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات، وذكر بأن دولاً مستقلة جديدة أو متجددة مثل جنوب السودان وكردستان وفلسطين وربما برقة (شرق ليبيا) والصحراء الغربية وجنوب اليمن لابد أن تقوم، أما الكاتب رالف يترز فقد كتب في مقال«حدود الدم»:بأننا نتعامل مع تشوهات هائلة صنعها الإنسان بيده لا تزال مستمرة في توليد الحقد والكراهية ما لم يتم تصحيحها، وقال إن الجور الأكبر في عدم وجود دولة للأكراد!
إذاً فإن الاستفتاء الذي أجراه رئيس إقليم كردستان لمدى رغبة الأكراد في إقامة دولة كردية مستقلة عن العراق لم يأت من فراغ ولكنه حصل على الضوء الأخضر من الغرب، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية التي دعمت الأكراد في أمور كثيرة، حتى في التصدي لداعش، حتى وإن أبدت الولايات المتحدة امتعاضها من إقدام البارزاني على إجراء الاستفتاء في هذا الوقت بالذات!
أما ردود الفعل لدول الجوار مما قد يقدم عليه الأكراد في الأيام المقبلة فهذه غير معروفة لاسيما مع التهديد التركي بتقويض دولة الأكراد ومحاصرتها اقتصاديا، كذلك فإن الحكومة العراقية قد طالبت بوضع يدها على المناطق المتنازع عليها مع الأكراد مثل كركوك الغنية بالنفط ما قد يشعل فتيل المواجهة بين العراق والدولة الكردية المقبلة، ولا يعلم إلا الله ما سيحدث، لكننا نسأل الله تعالى اللطف في الأمور وألا تكون ولادة دولة كردية في العراق وسط برك الدماء والدمار، فبلداننا لا تتحمل المزيد من المشاكل والصراعات، ومن غير المعقول أن يزداد التمزق في العراق على ما هو عليه! أحد بحرمة قيادة المرأة للسيارة، ولكن ذلك القرار جاء بعدما أصبحت الأمور مهيأة له وتقبله الناس دون اعتراض! | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
14 | بارزاني ولا سليماني
| أسعد البصري
| العرب |
صوت بعض عرب كركوك على الاستفتاء حول استقلال كردستان تحت شعار ‘البارزاني ولا سليماني’ خصوصا أن مسعود البارزاني طمأن الأقليات قبل الاستفتاء وقال بأنه يحلم بدولة مدنية تضمن حقوق الأقليات. في بداية الثمانينات من القرن الماضي سألَنا والدي إذا كنا نريد الذهاب للعيش في كركوك، وقال إن الحكومة تقدم إغراءات من سكن وزيادة في الراتب وحوافز مثل تقديم منحة 15 ألف دينار وغيرها لكل عائلة عربية تنتقل إلى كركوك. ثم قال أبي لماذا غيروا اسمها من كركوك إلى محافظة التأميم؟ ربما لأنها المدينة الأغنى بالبترول في العراق. في تلك الفترة تم تهجير بعض الأكراد وتوطين بعض العرب.
حجة الحكومة هي أن “العصاة” والانفصاليين الأكراد يطالبون بكركوك لتكون سلة غذاء للدولة الكردية الجديدة التي يحلمون بها. لو تراجع الإحصاءات الموجودة على الإنترنت في ويكيبيديا عربي وإنكليزي عام 1957 تجد عدد الأكراد في كركوك حوالي 218 ألفا بينما عدد العرب كان نصف هذا الرقم. وفي إحصاء عام 1997 كانت نسبة العرب 544 ألفا مقابل 155 ألف كردي. لكن هذه الأرقام كما يبدو كلها مزوّرة وغير حقيقية بسبب الصراع السياسي الحالي على المدينة.
قال الأمين العام للحزب الطليعي الناصري في العراق، عبدالستار الجميلي “كركوك محافظة عراقية بامتياز يشكل العرب والتركمان أغلبية سكانها، فيما يشكل الأكراد أقلية، ولكن يصرون على إضفاء الطابع الكردي عليها، ويعود وجود الأكراد في المدينة إلى عصر ما بعد اكتشاف النفط عام 1932، ولم يكن لهذا المكوّن أثر في المدينة قبل تلك الفترة”. وذكر مثقف عراقي عاش في المدينة بأن روح مدينة كركوك بلا شك ذات طابع تركماني، وفي كل الأحوال يؤكد آخرون بأن كركوك مدينة عراقية بامتياز؛ يتوازن فيها الحضور الكلدو-آشوري المسيحي والتركماني السني والشيعي والعربي والكردي.
من المؤكد أن محافظة كركوك خضعت لسياسة حكومية في الماضي كان الهدف منها تشجيع العرب على الإقامة فيها كجزء من سياسة التعريب التي تضرر منها التركمان أكثر من الأكراد كما يقول متابع. بكل أسف بعد الاحتلال قام إقليم كردستان بسياسة مضادة تمثلت بتوزيع قطع من الأراضي حول الأحياء العربية والتركمانية والمسيحية في كركوك على أكراد وافدين من مناطق أخرى.
أي أن الأكراد رغم نبل سياستهم تجاه السنة العرب عموما وتقديمهم الإقامة والحماية لضحايا النزاع الطائفي إلا أن سياستهم في كركوك مختلفة تماما. فقد تم اتباع سياسة التضييق والتهجير للسنة العرب بهدف تغيير الهوية الديموغرافية جراحيا.
ما ذنب العربي الذي عاش منذ السبعينات من القرن الماضي في كركوك بتشجيع من الحكومة السابقة؟ لا أعتقد أن الحل يكون بممارسات لا إنسانية. المشكلة هي أن العرب والتركمان يشعران بثقلهما في المدينة ويطالبان الأكراد بالواقعية والكف عن مضايقتهما.
الحقيقة هي أن عرب كركوك قد تغيروا اليوم بعد أن رأوا ما فعلته النزاعات الطائفية بالموصل والرمادي حيث نسبة الدمار 80 بالمئة وهناك مليون طفل سني عربي مشرد في العراء، نتيجة ذلك النزاع الدموي الذي تتحمل الحكومة المسؤولية عنه بسبب سياساتها الطائفية وتسليمها المدن للإرهابيين في صفقات مشبوهة.
صوَّتَ بعض عرب كركوك على الاستفتاء الذي جرى قبل يومين حول استقلال كردستان تحت شعار “البارزاني ولا سليماني” خصوصا أن مسعود البارزاني قد طمأن الأقليات قبل الاستفتاء المثير للجدل وقال بأنه يحلم بدولة مدنية تضمن حقوق الأقليات ولا تظلمهم. العرب السنة في كركوك يشعرون بأنهم أمام خيارات صعبة فلا حكومة بغداد تشعرهم بالأمان ولا حكومة كردستان تعاملهم بطريقة إنسانية.
تعتبر كركوك رابع مدينة عراقية ويسكنها حوالي مليون عراقي، تميزت بأهمية خاصة لتاريخها العريق وثرواتها الطبيعية من النفط والغاز الطبيعي. إضافة إلى موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط شمال العراق بوسطه. وكركوك تعتبر مشيمة الطرق التجارية في البلاد صعودا إلى تركيا، وغربا إلى سوريا، وجنوبا حتى الخليج العربي.
ليس احتياطي النفط في كركوك فقط ولكن المدينة تعوم على حقل من الغاز الطبيعي. تحدث الأكراد سابقا مع شركة إكسون موبيل الأميركية التي تستثمر وتنقب في كردستان عن إمكانية التنقيب في كركوك وإعطاء تقديرات عن حجم تلك الثروة.
شمال العراق كردي عموما والتركمان المتواجدون بكثافة في كركوك هم بقايا العهد العثماني وبناة المدينة الأصليون حيث شجعتهم الدولة العثمانية على الإقامة في كركوك، لحماية القوافل التجارية ورعاية مصالح الباب العالي.
والتركمان أقلية مسالمة. ليس عندهم مشروع سياسي خاص بهم ويريدون العيش بسلام. الأمر الذي سبب مشكلة داخلية بين الأكراد والتركمان والعرب، فالأكراد بحاجة إلى كركوك لتحقيق واقعية اقتصادية والحكومة المركزية ترى بأن التوازن السكاني في المدينة يجعلها تنتمي إلى بغداد وليس إلى كردستان.
إن نصف موارد كردستان النفطية حاليا تأتي من كركوك. والجميع يعلم أنه في عام 2030 سيبدأ تراجع البترول كسلعة، ربما يستمر النفط بعدها حتى 2050 وينتهي من الخارطة الاقتصادية. بدائل الطاقة ستحل محل النفط.
على العراقيين التفكير بمستقبلهم فكيف سيعيشون ويأكلون؟ المملكة العربية السعودية مثلا تتجه نحو التحول الصناعي، وكردستان تحاول اللحاق بالمستقبل لضمان لقمة أطفالها. يرى الأكراد أن ارتباطهم بالعراق سيؤخرهم ويعرضهم للخطر، خصوصا إذا كان العراق مشغولا بالصراع الديني والطائفي والتبعية لولاية الفقيه.
السنة العرب مثلا تعرضوا إلى إبادة تقريبا، فالشيعة لا يعطونهم السلطة التي تمكنهم من حماية مدنهم ضد الإرهاب، ولا يخففون من الشحن الطائفي والكراهية والتهميش. قبل يومين وضعوا صورة كبيرة للإمام الحسين على مدخل جامعة الموصل وشغلوا الأناشيد الحسينية بصوت مرتفع لاستفزاز المدينة المنكوبة من جديد. فهناك مَن يرى بأن هذه الحكومة لا تقوم بحمايتهم إذا تعرضوا لهجوم إرهابي. والأكراد من جهتهم يخافون من مصير مشابه لسنة العراق، ولا يثقون بحكومة فاسدة.
من حق جميع الأطراف التفكير جديا بمصيرها وأن يحموا أنفسهم. كردستان ليس فيها تفجيرات ولا خطف ولا اغتيالات، بل هناك حرص ملموس على الأمن والاستقرار في الإقليم. يبدو الصراع على كركوك في بداياته وهناك تهديد وجهه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالضغط على كردستان بعد إجراء ذلك الاستفتاء الانفصالي وتحدي الحكومة المركزية.
أعطى حيدر العبادي حكومة كردستان مهلة ثلاثة أيام لتسليم المطارات والمعابر الحدودية للحكومة الاتحادية، إضافة إلى إشراك الحكومة المركزية بالسلطات الأمنية والعسكرية في الإقليم. ننتظر ونرى. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
15 | الأكراد يعيدون رسم خريطة المنطقة
| خيرالله خيرالله
| العرب |
لا يفرض الأكراد واقعا جديدا في العراق فحسب، بل إنهم يعيدون رسم خريطة المنطقة كلها أيضا. ما فعلوه هو البداية الحقيقية لإعادة رسم خريطة المنطقة بالمبضع. جرى الاستفتاء الكردي. هذا حدث تاريخي على صعيد الشرق الأوسط كلّه، لكنّه لا يعني أن الدولة الكردية المستقلّة ستبصر النور غدا. لا تزال الطريق أمام قيام الدولة الكردية المستقلة شائكا، لكنّ الأكراد يجدون أن من الأفضل لهم التفاوض مع الحكومة المركزية في بغداد من موقع قوّة، أي بعد إجراء الاستفتاء، هذا إذا كان في بغداد من يريد بالفعل التفاوض.
كان صعبا تصوّر مسعود البارزاني يصمد في مواجهة الضغوط التي تعرّض لها من أجل تأجيل الاستفتاء على الاستقلال الكردي. لكنّ البارزاني صمد، على الرغم من تقديم تنازلات تتناول ملف كركوك الشائك. حرص على القول إن الاستفتاء “خطوة أولى لشعب يريد الاستقلال” كما أن الاستفتاء لا يعني رسم حدود الدولة الكردية. أين ستكون كركوك في حال استقلّت كردستان؟
تكمن صعوبة القرار الذي اتخذه رئيس إقليم كردستان والقاضي بالتمسك بموعد الاستفتاء في حجم الضغوط ونوعية الأطراف التي مارستها. ليس سهلا الاستخفاف بالمعارضة التركية لخطوة البارزاني، خصوصا بعد اعتبار أنقرة، على أعلى المستويات، أن مثل هذه الخطوة تهدّد “الأمن الوطني” لتركيا. ليس سهلا أيضا رفض الرضوخ للضغوط الإيرانية التي تحمل في طياتها تهديدا بترك “الحشد الشعبي”، أي الميليشيات المذهبية العراقية التي في إمرة طهران، يدخل في مواجهة مع قوات “البيشمركة”.
فوق ذلك كلّه، جاء الموقف السلبي للإدارة الأميركية من الاستفتاء. يعكس الموقف الأميركي المفاجئ غيابا لأي استراتيجية لواشنطن في الشرق الأوسط والخليج وحالا من الضياع لم يبددها الخطاب الأخير للرئيس دونالد ترامب في الأمم المتحدة. لا شكّ أن الولايات المتحدة لعبت أيضا دورا في دفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أن يتخذ موقفا معارضا للاستفتاء.
كان الموقف الطبيعي لرئيس إقليم كردستان في ظلّ هذه الضغوطات والتهديدات التراجع في انتظار أيام أفضل يمكن فيها تمرير الاستفتاء في ظلّ نوع من التواطؤ الدولي والإقليمي. لكنّ مسعود البارزاني لم يعد يمتلك مثل هذا الخيار لسببين على الأقلّ. الأوّل أن تأجيل الموعد سيعني انتحارا سياسيا بالنسبة إليه، بل بالنسبة إلى كلّ ما يمثله مع أفراد عائلته وعشيرته على الصعيد الكردي. أمّا السبب الثاني، فهو عائد أساسا إلى أنّه ليس معروفا هل ستتوفر في يوم من الأيّام ظروف أفضل تسمح بإجراء الاستفتاء الذي أعدّ البارزاني المسرح الكردي له إعدادا جيّدا… أو هكذا يُفترض.
هناك نقاط عدّة تجعل من موقف مسعود البارزاني، الذي خطب في أربيل، قبل ثلاثة أيام من الاستفتاء ليعلن أن لا تراجع عنه، ثم أكد ذلك عشية يوم الاستفتاء، موقفا منطقيا وقويّا ومتماسكا في الوقت ذاته. إنّه موقف منطقي وقوي ومتماسك، على الرغم من ثغرات عدة في طرح مسعود البارزاني، في مقدّمها القنبلة الموقوتة التي اسمها كركوك.
في مقدّم نقاط القوّة لدى مسعود البارزاني أن أي طرف من الأطراف المعترضة على الاستفتاء لم يعط مبررا منطقيا واحدا لتأجيله. حسنا، تأجل الاستفتاء، هل على الأكراد انتظار معطيات جديدة تسمح لهم مجددا بطلب الاستقلال؟ ما هي هذه المعطيات الجديدة، التي ليست متوفّرة اليوم والتي ستتوفّر غدا والتي ستسمح للقوى الإقليمية والدولية بالموافقة على إجراء الاستفتاء الكردي والقبول بنتيجته؟ بكلام أوضح، من يستطيع تحديد موعد مناسب للاستفتاء؟
تعود المشكلة لدى المعترضين على الاستفتاء بكل بساطة إلى أنّ الوضع العراقي لا يسمح لهم بتقديم بديل من الاستفتاء، باستثناء الدعوة إلى التأجيل. هل كان يمكن للتأجيل أن يكون هدفا بحدّ ذاته؟
أكثر من ذلك، هناك من لا يزال متمسّكا بوحدة العراق لتبرير الدعوة إلى تأجيل الاستفتاء، علما أن هذه الوحدة صارت مجرّد نكتة أكثر من أيّ شيء آخر. إنهار العراق عمليا في اليوم الذي قررت فيه الولايات المتحدة تسليمه على صحن من فضّة إلى إيران. لعلّ نقطة القوّة الأساسية، التي تعمل لمصلحة الاستفتاء، أن تجربة الشراكة في السلطة كانت تجربة فاشلة.
بعد العام 2003 وسقوط نظام صدّام حسين، قامت في العراق دولة هشّة سيطرت عليها بشكل تدريجي الميليشيات المذهبية التابعة لأحزاب عراقية تابعة عمليا لإيران. ما لبثت هذه الميليشيات أن تحوّلت إلى ما يسمّى “الحشد الشعبي” الذي يشكل بديلا من المؤسسة العسكرية العريقة. ما لا يمكن تجاهله أن الجيش العراقي تأسّس في العام 1921. ما استطاعت إيران عمله هو تغيير طبيعة هذا الجيش كي لا تقوم له قيامة في يوم من الأيّام من جهة، وكي يكون في كلّ وقت تحت سيطرة “الحشد الشعبي”، تماما كما حال الجيش الإيراني مع “الحرس الثوري” من جهة أخرى.
لم يجد الأكراد مكانا لهم في الدولة الدينية التي أقامتها إيران في العراق، مثلما لم يجدوا مكانا في الماضي عندما حكم البعث العراق بروح تغلب عليها الشوفينية أكثر من أيّ شيء آخر. فضلا عن ذلك، ليس ما يشير إلى أنّ في الإمكان خروج العراق من النفق المظلم الذي دخل فيه وذلك على الرغم من وجود بعض المقاومة للسيطرة الإيرانية. تعبّر عن هذه المقاومة بحياء وخفر أحيانا، وبجرأة في أحيان أخرى، شخصيات مثل رئيس الوزراء حيدر العبادي أو السيّد مقتدى الصدر أو السيّد عمّار الحكيم.
في نهاية المطاف، لم يكن أمام الأكراد من خيار غير الانتقال إلى مرحلة جديدة في الطريق إلى تحقيق حلم الاستقلال. ليس أكيدا أن في استطاعتهم إقامة دولة ناجحة، لكنّ خيارهم الوحيد كان السعي والمحاولة في ضوء الترددات المستمرّة للزلزال العراقي الذي تسببت به إدارة جورج بوش الابن. هناك فرصة لم يكن مسموحا للأكراد تفويتها. لا يتعلّق الأمر بأن ليس في استطاعتهم العيش في ظل الدولة الدينية التي أقامتها إيران في العراق فحسب، بل هناك أيضا غياب لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب جلال الطالباني. شكل حزب الطالباني، المُقعد حاليا، عامل توازن داخليا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمّه مسعود البارزاني.
لا يفرض الأكراد واقعا جديدا في العراق فحسب، بل إنهّم يعيدون رسم خريطة المنطقة كلّها أيضا. ما فعلوه هو البداية الحقيقية لإعادة رسم خريطة المنطقة بالمبضع. لن يكون قيام دولتهم المستقلة أمرا سهلا، لكن الأكيد أن الحجج التي ساقها رئيس الوزراء العراقي لتبرير رفضه الانفصال لا قيمة قانونية لها، إضافة إلى أنّها غير واقعية، خصوصا عندما يتحدّث عن “الفساد” في كردستان. الفساد في كردستان نقطة في بحر الفساد العراقي منذ العام 2003.
تكمن المشكلة أساسا في أنّ العبادي، وقبله نوري المالكي، لم يتمكنا من تقديم أي نموذج لدولة “فيديرالية” كان يمكن أن يغري الأكراد، وغير الأكراد، وذلك على الرغم من أنّه لا يمكن في أيّ شكل الاستخفاف بالمشاكل الداخلية والتعقيدات التي يعاني منها الإقليم الذي يحكمه هؤلاء في شمال العراق…
إذا كان هناك فشل لتجربة إقليم كردستان، فهذا الفشل، يبقى محدودا، ولا يقارن مع الفشل الكبير الذي اسمه عراق ما بعد 2003. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
16 | حلم منع قيام الدولة الكردية المستحيلة في العراق
| علي العائد
| العرب |
لا أهمية فورية لنتائج استفتاء كردستان العراق، حتى لو صوت كل المشاركين من سكان الإقليم لصالح الاستقلال. المهم هو الاستقلال نفسه، والإجراءات العملية لترسيم الحدود.
بعد ساعات من بداية استفتاء إقليم كردستان العراق على حق تقرير المصير، اجتمع البرلمان العراقي ليعلن قرارات هي بمثابة إعلان حرب، وليست مجرد عقوبات أو إجراءات تحذيرية.
سبب هذا التزامن فقدان الأمل في رضوخ رئيس الإقليم لضغوط بغداد وتأجيل الاستفتاء، فاتخذ البرلمان العراقي قرارات تحولت تلقائيا إلى إجراءات من باب الشعور بالغيظ ليس إلا.
وللتذكير، فالحركة الكردية في إيران وتركيا والعراق جُوبهت بقوة السلاح والإعدامات، أو الاعتقال في أقل تقدير، في حين كان أكراد سوريا الأقل تعرضا لتجارب دموية من أخوتهم في الدول المذكورة، دون التقليل من أثر حرمانهم من حقوقهم المدنية، وحرمان عدد كبير منهم من الجنسية السورية، بغض النظر عن مبررات وتفاصيل نتـائج إحصـاء عـام 1962 في محافظة الحسكة.
لكن، في مقابل تجارب الأكراد في إيران وتركيا وسوريا، كان إقليم كردستان العراق صاحب تجربة سياسية مديدة نسبياً تخللتها حروب وقمع ومجازر، على خلاف التأخر الكبير لهذه التجربة لدى أقرانهم، فيما يحاول أكراد سوريا اتباع تجربة خاصة بهم انطلقت مع تباشير الثورة السورية في ربيع عام 2011، واختارت استغلال الفرصة التاريخية للفوضى على خلفية الثورة، والاسترشاد بتجربة حزب العمال الكردستاني في تركيا بحمل السلاح في أول خطوة للمطالبة بحقوقهم.
أي أن أكراد سوريا لم ينطلقوا من الصفر، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري مرتبط بتجربة حزب العمال الكردستاني التركي، وكل ما يمكن أن يقال حول ذلك موجودة أسراره في صناديق جبال قنديل، كمكان استراتيجي ذي مكانة رمزية للحركة الكردية في تركيا على الأقل، دون وجود ما يمنع الاعتقاد أن تلك الجبال قد تخطط لكردستان واحدة من إيران شرقا، إلى سوريا غربا، مرورا بالعراق وتركيا.
خبرة أكراد تركيا العسكرية المكتسبة بالدم منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين مثّلت نقلة كبيرة في إعادة وضع القضية الكردية على منصة السياسة الدولية في منطقة لا تحتاج إلى مزيد من التوتر. لكن “زيادة الخير خير” في منطق صانعي التوترات الدولية في الشرق الأوسط، من باب خلط الأوراق، أو إعادة خلطها، في كل مرة قد تبدو فيها المنطقة متجهة إلى السلام.
بطبيعة الحال، تبدو إسرائيل في قلب هذه “الخلطة”، أو هي المبرر لإعادة خلط الأوراق، حتى دون التطرق إلى تكرار رفع العلم الإسرائيلي في تظاهرات كردية في أوروبا خاصة، ودون التطرق إلى تبرؤ كثير من الأكراد من فكرة الربط بين الكيان الوظيفي الإسرائيلي المزروع في قلب العالم العربي، وفكرة حق الأكراد في تقرير المصير كأكبر قومية في العالم بلا دولة.
الآن، يمكن الإشارة إلى التزامن بين استفتاء تقرير المصير في كردستان العراق، وانتخابات الإدارة الذاتية في غرب كردستان، بفارق ثلاثة أيام بين الحدثين. هناك، في العراق، تجربة عمرها 47 عام من الحكم الذاتي، بينما لا يتجاوز عمر الإدارة الذاتية في “كانتونات الجزيرة وكوباني وعفرين” الأربع سنوات.
مبدئيا، لا يوجد ترابط تاريخي بين “نضال” الأكراد هنا وهناك، باستثناء المد العاطفي الذي لا يمكن لأحد أن ينكره أو يستنكره، حتى بين الأحزاب الكردية غير المتفقة مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، كقوة مسيطرة في الكانتونات الكردية السورية.
لكن الاستقلال النسبي لأكراد العراق عن تجربة حزب العمال الكردستاني تعطيهم خصوصية داخل “الحركة الكردية”، إن كان ثمة حركة كردية واحدة في الدول الأربع، على عكس التجربة الكردية السورية الوليدة كاملة الارتباط علنا بحزب العمال الكردستاني، سياسيا وعسكريا، ففي الانتخابات التي جرت منذ أيام في تل أبيض، كمقاطعة تابعة لكانتون “عين العرب- كوباني”، رفع الأكراد في المنطقة صور عبدالله أوجلان، المعتقل في جزيرة إيمرالي التركية، كأب روحي لطيف من أكراد سوريا.
وصالح مسلم نفسه، كزعيم لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري هو عضو في حزب العمال الكردستاني، صرّح في اجتماعات جماهيرية أن “ثورة غرب كردستان” تسترشد بأفكار عبدالله أوجلان.
هذا يعني وجود افتراق جوهري بين التجربتين العراقية والسورية، فأكراد العراق لهم زعامتهم التاريخية التقليدية في الملا مصطفى البارزاني، وابنه رئيس الإقليم الحالي مسعود البارزاني، بينما لا يمثل صالح مسلم سوى واجهة لزعامة مرجعها أوجلان، دون حاجة هنا للتذكير بعلاقة الأب الروحي لأكراد تركيا بنظام حافظ الأسد حتى شهور ما قبل اعتقال المخابرات التركية عبدالله أوجلان (آبو) في كينيا، واقتياده إلى زنزانة منفردة في سجن جزيرة إيمرالي قبل أكثر من 18 عاماً.
في كردستان العراق، حقق الإقليم نجاحات كبيرة في السياسة، بعد صراع عسكري مديد مع السلطة المركزية في العراق. وحاول قادة الإقليم استغلال ظروف الفوضى هناك ما بعد 2003، لكن الظرف الإقليمي والدولي لم يكن مشجعاً وقتها لاتخاذ خطوة إعلان الدولة.
الآن، لا أهمية فورية لنتائج استفتاء كردستان العراق، حتى لو صوَّت كل المشاركين من سكان الإقليم لصالح الاستقلال. المهم هو الاستقلال نفسه، والإجراءات العملية لترسيم الحدود، واقتسام الموارد، وحل النزاع حول كركوك، ومناطق أخرى متنازع عليها.
وعليه، فإن قادة الإقليم الكردي العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ بداية سبعينات القرن الماضي، دون أن يجرؤوا على اتخاذ خطوات عملية لإعلان استقلالهم الكياني من طرف واحد، ينظرون الآن، وقبل كل شيء، إلى مسألة الموارد ومسألة الاعتراف.
هنا، نشير إلى أنه سبق وأجرت سلطات الإقليم استفتاء على حق تقرير المصير عام 2005، وصوَّت 98.8 في المئة من المشاركين في الاستفتاء لصالح انفصال كردستان وتأسيس كيان مستقل، بينما تم إلغاء استفتاء كان مقررا عام 2007، لخلافات مع الحكومة المركزية في بغداد، ونصائح من الدول الفاعلة بعدم التعجل في الخطوة.
هذه المرة ستكون نتيجة الاستفتاء مشابهة لاستفتاء 2005، حتى لو تدنت النتيجة إلى 65 في المئة من المؤيدين للانفصال، نتيجة المقاطعة السياسية لقرار الاستفتاء من حزب جلال الطالباني، الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن التركمان والعرب. لكن النتيجة ستكون ورقة مهمة في يد قادة الجناح البارزاني، أو “إعلان نية”، حسب رئيس الإقليم، مسعود البارزاني. وهذا الإعلان سيتم التفاوض عليه آجلاً بإجراء استفتاء آخر أو من دونه، للوصول إلى استقلال كامل للإقليم، ووضع عبارة العراق الموحد في أرشيف المكتبات.
ومن المعلوم أن الحزبين الرئيسين في الإقليم: الاتحاد الديمقراطي، والاتحاد الوطني يتقاسمان الجيش “البيشمركة” والاقتصاد والمناصب وبرلمان الإقليم، وهذا ما يطرح إمكانية انقسام داخل الإقليم، خاصة أن التنازع بينهما مسبوق بعد نشوب حروب حقيقية بينهما في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي وفي منتصفه.
أما “إعلان النية” الكردي الذي ستقوله نتيجة الاستفتاء فيشبه إلى حد كبير “وثيقة إعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس”، الشهير بإعلان الجزائر في 15 نوفمبر 1988، حيث لا تزال الدولة الفلسطينية محل تفاوض بعد مرور ما يقرب من 30 سنة، اختبر فيها الفلسطينيون مرحلة المصافحات، وأقبية أوسلو، تزامناً مع الانتفاضة الأولى، ومرورا بانتفاضة الأقصى، والجدار العنصري الإسرائيلي العازل، وانسحاب إسرائيلي من غزة، والانقسام الفلسطيني في جناحي فلسطين على ما تبقى من أراضي ما بعد حرب 1967.
تجربة إقليم كردستان واستفتاء الاثنين لا يشبه ردة الفعل الفلسطينية على تخاذل عربي جعل القضية الفلسطينية تغيب لأول مرة عن جدول أعمال مؤتمر القمة الطارئ لجامعة الدول العربية في عمَّان في 8 نوفمبر 1987. ردة الفعل الفلسطينية وقتها كانت انتفاضة شعبية انطلقت بعد شهر واحد من القمة، ثم انتفاضة سياسية تمثلت بـ“إعلان الجزائر” بعد عام تقريباً من ذلك التاريخ.
أما الفعل الكردي في العراق فيحاول بعض غلاة الأكراد جرَّه للتشبه بقيام إسرائيل نفسها، في محاولة للقول إن القوة وحدها من تحقق لهم حلم الدولة، على الرغم من تأكدهم أن “دولة إسرائيل” ستبقى كيانا خائفا من محيطها حتى مع الاختلال الكبير في القوة لمصلحتها بالمقارنة مع جيرانها العرب الذين يزدادون ضعفا. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
17 | استفتاء إقليم كردستان.. من دفع العراق إلى الأرض الحرام
| حامد الكيلاني
| العرب |
استفتاء كردستان يجدد روح النقمة لدى الشعب العراقي على الأحزاب الإسلامية الطائفية الإيرانية وعلى العملية السياسية وشخوصها، ويعيد الثقة بالمشروع العربي والثقة بالإنسان وتطلعاته في الحرية والوحدة. أثناء انعقاد المؤتمر الصحافي لرئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني تدخل رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بخطاب رسمي مكتوب مسبقا وبنبرة صوت أرادت أن تكون حادة ومعبرة عن غرور الانتصار على تنظيم داعش بتدمير المدن وتصفية أهلها وتشريدهم. ومع هذا فإن رأي الدولة العراقية الحاكمة أخفق في إخفاء ضجيج الأصوات المنفرة للتحالف الطائفي الذي كان سببا ليس في الاستفتاء على انفصال كردستان فحسب، بل في ضياع هوية العراق التاريخية والسياسية بقواسمه الثقافية والاجتماعية المشتركة.
كان بإمكان المستشارين تقديم النصح وتأخير الرد على طروحات رئيس الإقليم الهادئة والمطمئنة والتي تثير الاستغراب أيضاً لأنها تأتي في توقيت دولي حرج وتهديدات داخلية وإقليمية صريحة ووساطات متعددة للتأجيل. المغلفات السرية دائما ليست للإعلام.
جلسة برلمان العراق بما فيها من حزمة إجراءات وقرارات ضد الاستفتاء أو ضد الإقليم، هي ردة فعل وسواس قهري مستتر تجاه العملية السياسية ونظام المحاصصة والانصياع المذل لإرادة الاحتلال التي سلمت العراق إلى احتلال أكثر إذلالا تمثله الأحزاب الإيرانية الحاكمة.
مسعود البارزاني يقول في رده على مطالب التأجيل إن الأكراد تأخروا مئة عام عن حقهم في تقرير المصير. أي منذ معاهدة سايكس بيكو 1916 وتوزيع وتقطيع أوصال الدولة العثمانية برسمها لحدود الدول وتركها الأكراد كورقة ضغط لأزمة مستدامة للدول الأربع، تركيا وإيران والعراق وسوريا، وأيضاً للشعب الكردي الممزق في أمزجة تلك الدول وأنظمتها السياسية.
لماذا اختار رئيس الإقليم هذا التوقيت لإجراء الاستفتاء؟ عوامل عديدة جذرها الأساس النظام السياسي الذي يصفه مسعود البارزاني بنظام دولة ديني ومذهبي لا يقوم على الشراكة. علامته الفارقة في سنة 2010 عند توقيع الاتفاقية الاستراتيجية التي لم يتم الالتزام بها في مسرحية الفترة الثانية من حكم نوري المالكي، والاحتيال على نتائج الانتخابات النيابية بعد فوز القائمة العراقية.
عندما يلقي العبادي أسباب الاستفتاء على مشاكل إقليم كردستان الداخلية، فإنه بذلك يختصر نفسه كعضو في حزب الدعوة وبإمرة نوري المالكي قائد جرافة المشروع الإيراني التي أزالت عمليا وحدة العراق، وحولت شعبه إلى مجاميع بشرية مشردة أو مستسلمة أو يداعبها حلم الخلاص من مأزق دولة على مقاسات الحرس الثوري الإيراني.
لنبدأ من حيث انتهى إقليم كردستان بإجراء الاستفتاء. فرغم علمهم المسبق بمخاطره وتبعاته وبذاكرة 101 عام على خرائط سايكس بيكو مع رفض مشاركة حزب التغيير والجماعة الإسلامية في جلسة برلمان كردستان التي أقرت الاستفتاء وهما بـ35 مقعدا من 110 مقاعد؛ لكنهما في يوم الاستفتاء فضلا عدم الانتحار كرديا على عدم الانتحار السياسي وفق المفاهيم الاستراتيجية لقراءة مرحلة ما بعد الاستفتاء ونتائجها المحتملة.
وهذا يقودنا إلى الحلقة الأكبر في تفتيت أمتنا العربية بخرائط وحوادث تاريخ 101 عام مرت بخطوبها وثوراتها وانتكاساتها وأيضا بلحظات فرحها وتجمعها على كلمة وحدتها؛ نزولا إلى حلقة حاضرها. استفتاء كردستان هو لحظة قوة الإقليم في غياب مفهوم قوة الدولة العراقية وسيادتها.
من دفع العراق إلى الأرض الحرام المزروعة بالألغام وتركه وحيدا؟
الاحتلال الأميركي ومصيدة الترويج للديمقراطية في ظل أحزاب عقائدية تابعة بالمطلق لإيران، ورطت الشعب العراقي في مهزلة بناء الدولة وفق دستور المكونات وخطاب الكراهية والانتقام المذهبي الذي نخففه دائما بصفة الطائفي لنتركه محايدا لإدانة كل الأطراف التي سقطت بقناعة في مشروع ولاية الفقيه، أو من سقط منها في وحله كردة فعل أو غضب لما أصابها من حيف وإقصاء وتهميش.
استفتاء كردستان العراق يجدد روح النقمة لدى الشعب العراقي على الأحزاب الإسلامية المذهبية الطائفية الإيرانية وعلى العملية السياسية وشخوصها استفتاء على انفصـال كردستان هو تبليـغ يتجـاوز ما يجـري على أرض كـردستان العراق. هو هروب من مآلات السقوط في شرك المشروع الإيراني، فإقليم كردستان اختار بإرادته ودون أوهام من تطمينات متخيلة بأن طريقه سيكون سالكا ومعبدا.
فالإقليم يدرك أن الصعاب محيطة به والموقف الدولي متردد والاجتماعات بين إيران وتركيا وحكومة حزب الدعوة ليست على الورق، فالجيوش تتحرك على حدوده وبعض المدافع تؤدي مهماتها الأولية، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بين مقاتليه من ميليشيات الحشد الشعبي ومع قادته، ونوري المالكي وتحالفه وحزبه وكتلته ماضون في سياساتهم وغاياتهم. فبماذا يراهن مسعود؟
مسعود يراهن على أمته الكردية، يعود إليها حتى لو كان مدمى. الانتحار أن يراهن على بقايا أهداف المشروع الإيراني في العراق. إنه يراهن على دولة كردية لها الحق في الحرية والكرامة وقابلة للعيش في المستقبل. نحن جميعا نراهن أن نعود في يوم ما إلى أمتنا وإلى وحدتها متجاوزين تاريخ التقسيم ومزاجات الزعامات الفاشية، وما أدت إليه من ضياع الدول والمدن العربية وتدميرها.
كردستان العراق، وبعيدا عن خلطة التشكيك ومبررات المصالح الخاصة أو الحزبية أو العائلية أو القبلية، لحظة حقيقة في استدراك العبث الإيراني بدءا بمراجعة الاتفاقية النووية الموقعة من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن ومعها ألمانيا، واحتمال إلغاء الاتفاقية خاصة بعد الانسجام الفرنسي والبريطاني إثر إطلاق إيران لتجربة صاروخها بعيد المدى “خرمشهر”.
خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأمم المتحدة المتعلق بالإرهاب الإيراني وتمدده وتخريبه لأكثر من دولة وتبادله الأدوار بينه وبـين كوريا الشمالية، وتعاونهما في إنتاج الصواريخ التقليدية والباليستية وتطوير برامج للأسلحة الكيميائية وتصريح إيران عن استعدادها لإعادة تخصيب اليورانيوم خلال مدة أسبوع من تاريخ إلغاء الاتفاقية النووية وامتناعها الحاسم برفض تفتيش المواقع العسكرية النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأي مصير في محاولات الإجابة الدائمة على أسئلة تتردد حتى الآن بعد كل الاستباحات أسئلة مثل: لماذا استهداف إيران واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؟
الإجابة عند إقليم كردستان العراق وعلاقته مع إيران ومع 38 عاما من العلاقة مع نظام الملالي والذي نأمل أن لا يصل إلى عمر الأربعين كما يتوقع حلفاء الشعب الإيراني.
معظم الأحزاب الكردية، ومنها الحزبان الرئيسيان في كردستان لها علاقة وطيدة مع نظام الملالي أكثر من علاقتها بالحكومات العراقية المتعاقبة، وعودة الإقليم إلى العملية السياسية في العراق بعد الاحتلال في 2003 كان استجابة للعلاقة مع إيران وأحزابها الإسلامية، أكثر من استجابته لحلفائه من قوات الاحتلال الأميركية.
استفتاء كردستان العراق يجدد روح النقمة لدى الشعب العراقي على الأحزاب الإسلامية المذهبية الطائفية الإيرانية وعلى العملية السياسية وشخوصها، ويعيد الثقة بالمشروع العربي والثقة بالإنسان وتطلعاته في الحرية والوحدة، وأهمية الكتل الاقتصادية والتنموية العربية، وجدوى فتح الآفاق العلمية لمواكبة العالم والخروج من دائرة الأيديولوجيات، إلى فضاء مختلف يسترشد بالأفكار والرؤى خارج منظومة التخلف والخرافات التي يجيد نظام الملالي تسويقها كنظام سياسي لدولة راعية لمشروعها القومي المذهبي وببرامجها الداعمة للإرهاب والفوضى في العالم كخطوة تمكنها من امتلاك قوتها وهيمنتها وهدفها المعلن أولا هو استباحة أمتنا العربية.
الإفلات من فلك المشروع الإيراني خطوة عقلانية قبل الصفعة الأميركية المتوقعة والمحتملة للنظام الإيراني التي سيتردد صداها في كوريا الشمالية. |