13 مقالة عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1  ما لا يحق للأكراد  حازم الامين

 

 

 الحياة السعودية
تخلل الاحتفالات الكردية الشهر المنصرم رفع أعلام إسرائيلية التقطتها عيون عروبية وجعلتها جزءاً من الطموح الكردي بالاستقلال. إنها «الدولة الكردية المصطنعة والموازية لدولة إسرائيل»، وذهب أصحاب الوجدان العروبي الجريح إلى أكثر من ذلك، فالدولة العتيدة ليست صنيعة إسرائيل وحسب، إنما شريكة تل أبيب في صناعة «داعش»، والتي تأمل بعودة مئتي ألف كردي يهودي من إسرائيل. وهي، أي الدولة العتيدة، جزء من المشروع الصهيوني لتفتيت المنطقة إلى كيانات قومية ومذهبية، والعبارة الأخيرة، أي «الكيانات المذهبية»، تبرّع بها لخطاب الهلع العربي من الدولة الكردية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ذاك أنه شديد الحساسية حيال الدول والمذهبية والمشاريع المذهبية.

يمكن للمرء أن يقول الكثير عن خطوة الاستفتاء على الاستقلال. مسعود بارزاني أقدم عليها في لحظة شعوره بأنه محاصر بفشل التجربة منذ عام 1991. والأكراد منقسمون بين أربيل والسليمانية على كل المستويات، والفساد يملأ الأرض والسماء هناك. سطت الحكومة على ودائع الناس في المصارف، وأقدمت على خطوات حمقاء من نوع منع رئيس البرلمان من دخول مدينة أربيل في لحظة غضب البارزانيين عليه. وهذا كله غيض من فيض، وهو قد يفضي بالمرء إلى قناعة مفادها أن الاستفتاء كان خطوة في الفراغ، وهو رتب على الأكراد أكلافاً كانوا في غنى عنها.

لكن للاستفتاء الذي حصل فضيلة أيضاً، فهو استدرج عرباً إلى تفريغ قدر هائل من طاقة هذيانية مكبوتة منذ زمن بعيد. كشف أن البعث بفرعيه العراقي والسوري ليس عارضاً طارئاً على الوجدان العروبي، بل هو في صلبه. و»داعش» هي ابنة خالته التي رضعت من الحليب نفسه، وأن الهزيمة العربية طوال مرحلة الصراع مع إسرائيل هي ثمرة انزياح الأنظار عن الحقيقة، فالقائل إن الأكراد بصدد إعادة مئتي ألف كردي يهودي من إسرائيل إلى كردستان لم ينتبه إلى أنهم بفعلتهم المتوهمة هذه يكونون قد أعادوا الأمور إلى نصابها وأسدوا خدمة لفلسطين، بأن صححوا خطأ كانت عروبة رشيد عالي الكيلاني وأقرانه القومجيين قد تسببت بها عندما انقضّت على يهود بغداد وأرسلتهم بمساعدة الوكالة اليهودية إلى إسرائيل.

ومثلما يُغفر للعروبة خذلانها فلسطين، لا يغفر لأكراد رفعهم علماً إسرائيلياً في لحظة هذيان قومي موازٍ. إنهم أكراد ولا يحق لهم أن يغضبوا وأن يخطئوا، تماماً كما لا يحق لهم أن يحلموا بدولة حرموا منها منذ أكثر من قرن. وهم إن أخطأوا سيخرج لهم السيد نصرالله ليذكرهم بأنه سيقف بوجه أي مشروع مذهبي يقسّم الأمة التي يبدو أن السيد بصدد توحيدها تحت راية الولي الفقيه غير المذهبي. سيخرج لهم أحفاد رشيد عالي الكيلاني والحاج أمين الحسيني ليذكروهم بأنهم وقفوا إلى جانب هتلر وخسروا فلسطين، وها هم أحفادهم يستجيبون لنداء الوجدان نفسه فيحيلون على الأكراد فشل أجدادهم.

أما «داعش» الذي باع أرضاً في بلاد الرافدين لإسرائيل عبر وسطاء أكراد، بحسب رواية الأحفاد، فوجد لنفسه مكاناً في الرواية المضادة للدولة الكردية. «داعش» ليس عربياً ولا بعثياً، إنه كردي وإسرائيلي. في حوزة أحفاد رشيد عالي الكيلاني وثائق تثبت ذلك، وهم أرسلوها للسيد نصرالله وسيكشفها في خطابه المقبل.

بارزاني عالق اليوم بنتائج الاستفتاء. عاجز عن الذهاب خطوة أبعد، وفي الوقت نفسه عاجز عن العودة إلى ما قبل حصوله. لعل الإنجاز الوحيد الذي يمكن أن يُسجل له، هو كشفه عن القابلية العدوانية للثقافة المضادة للدولة الكردية.

القوى الشيعية العراقية، وهي حليفة الأكراد في عراق ما بعد صدام حسين، عادت والتأمت في حلف مذهبي لا مكان فيه للطموحات الكردية، وها هي تذكر الأكراد بعروبة كركوك، في وقت تخلت هي فيه عن عروبة النجف وكربلاء، وحوّلت الموصل بعد تحريرها من «داعش» إلى حاضرة إيرانية.

هذا كله لا يضير أحفاد رشيد عالي الكيلاني، طالما أنه صادر عن طاغية قوي.

أما الضعفاء أمثال الأكراد، فلا يحق لهم بأن يحلموا بدولة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  هل تقع الحرب في كردستان أم… الكونفيديرالية؟   جورج سمعان

 

 

 الحياة السعودية
 

الحرب على كردستان ليست هي الحل. ولن تقود إليه أصوات الوعيد والتهديد. هي في المبدأ لزوم التسلح قبل أي مفاوضات. وإعلان أربيل الاستقلال ليس أمراً ملحاً. مثلما لا معنى للمطالبة بإلغاء نتائج الاستفتاء. فالكرد قالوا كلمتهم وعبّروا عن رغبتهم صراحة في الانفصال. وحتى تعبير دول الطوق عن مخاوفها مبالغ فيه. الثابت الواضح والجلي منذ سقوط الشرق الأوسط في حروبه المستمرة، أن المجتمع الدولي ليس مستعداً لفتح باب تغيير الخرائط فيما تشوب النظام الدولي، منذ انهيار الكتلة الشرقية، تعقيدات وعثرات وصراع مصالح متضاربة. مثل هذا التغيير سيكون له تأثير الدومينو في دول الجوار القريب والبعيد، ووصفة مثلى لتوليد الحروب وتعميم الفوضى. لم يسمح لصدام حسين بأن يبتلع الكويت. والحرب دائرة لاقتلاع «داعش» بعد تدميره الحدود بين سورية والعراق وبلدان أخرى في شمال أفريقيا. لا بديل من السياسة لتطويق تداعيات الخطوة التي أقدمت عليها أربيل. وعامل الوقت كفيل بتهدئة النفوس. وثمة مؤشرات إلى خطوات في هذا الاتجاه. رئيس الإقليم مسعود بارزاني رد على مبادرة نائب الرئيس العراقي أياد علاوي بالاستعداد لتجميد نتائج الاستفتاء سنتين. وهي فترة قد تطول حتى وإن كان المآل البحث في الانفصال نهائياً. وحكومة بن علي يلدريم أكثر تعبيراً عن موقف تركيا من «عنتريات» الرئيس رجب طيب إردوغان. أنقرة ستحاسب المسؤولين عن هذا الاستحقاق ولن تعاقب أهل كردستان. هذا ما قالته أنقرة. وبالتأكيد لن تسمح الولايات المتحدة لأي طرف بافتعال حرب على الإقليم لن تقف شرارتها عند حدوده. وحتى روسيا لن تقف مكتوفة حيال أي تفجير فيما هي تستعد لتهدئة الحال في سورية بأي ثمن. فهل يكون التوجه نحو الكونفيديرالية مخرجاً من مأزق يواجه جميع اللاعبين في المنطقة؟

نتائج الاستفتاء توّجت بارزاني زعامة تاريخية. وعززت موقفه في أي حوار مقبل مع بغداد إذا نجحت الوساطات أو المساعي الداخلية والخارجية، وخفت حدة الخطابات والتهديدات النارية. لكن هذه «المكاسب» التي جناها رئيس الإقليم تتعرض للتآكل إذا طال الحصار «الثلاثي» العراقي والتركي والإيراني أو اشتد. ولا يعقل أن يكون زعيم الحزب الديموقراطي أخطأ حساب النتائج. ولا يعقل ألا تكون لديه خطة بديلة. فالاعتراضات على الخطوة الكردية كانت واسعة قبل الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر). لم تأتِ من بغداد وأنقرة وطهران والدول العربية وجامعتها. الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وحتى الأمانة العامة للأمم المتحدة عبرت عن موقفها الرافض. وجددت رفضها نتائجه. كان يتوقع بالتأكيد أن تكون إيران الأكثر تشدداً. وربما لم يكن ينتظر هذا الموقف الغاضب من تركيا وتهديدها بإجراءات قاسية. ومشكلته الآن أنه لم يعد بمقدوره التراجع إلى حد إعلان إلغاء نتائج هذا الاستحقاق، مثلما يطالبه رئيس الوزراء حيدر العبادي وآخرون شرطاً للجلوس إلى طاولة الحوار. إذ أن الأخير أيضاً لا يمكنه التهاون أو تقديم أي تنازل، فيما المعركة على الانتخابات النيابية السنة المقبلة على أشدها. ولا يمكنه التساهل أمام خصومه، خصوصاً غريمه نوري المالكي. ولن يكون سهلاً عليه فتح الباب أمام صيغة كونفيديرالية لأنها في المحصلة بين منزلتي الوحدة والتقسيم.

ورقة التفاوض الرابحة بيد بارزاني تتعرض لاستنزاف كبير. الأميركيون الذين يفترض أنهم أقرب الحلفاء للإقليم عبّروا عن رفض شديد للاستفتاء. وطالب وزير خارجيتهم ريكس تيلرسون بإلغاء نتائجه. فالولايات المتحدة المنشغلة بمشكلات كبيرة وخطيرة ليس أقلها الأزمة الناشبة مع كوريا الشمالية، ليست مستعدة للتعامل مع مزيد من الفوضى في المشرق العربي فيما لم تبلور إدارتها بعد رؤيتها الاستراتيجية لهذا المشرق. كما أن خوفها لا يقتصر على انتكاسة تصيب الحرب الدائرة لاستئصال «داعش»، في ضوء حاجتها الماسة إلى مساهمة «البيشمركة» ودورهم إلى جانب القوى النظامية العراقية و«الحشد الشعبي» أيضاً. فالحرب مستمرة حتى اللحظة كما هو مرسوم. بل تحتاج واشنطن إلى الكتلة النيابية الكردية في البرلمان الجديد الربيع المقبل في بغداد، من أجل ضمان تجديد ولاية العبادي في مواجهة زعيم «دولة القانون». فهي تدرك جيداً أن إيران التي تبدو الأكثر تشدداً مع أربيل قد تحصد «منافع» من انفصال كردستان، في حسابات الصراع المذهبي المحتدم في المنطقة كلها وليس في بلاد الرافدين فحسب. ستطلق يد الميليشيات الشيعية لتمكين طهران قبضتها. ولن تقوم قيامة لأهل السنة في هذا البلد بعد تشتتهم وخسارة «ثقل» كردي في المعادلة المذهبية للسلطة والحكم المركزي. ومهما تنصل الكرد فهم يتحملون مسؤولية كبيرة منذ انخراطهم في نظام المحاصصة والشراكة مع القوى والأحزاب الشيعية وما أدى إليه من تمكين لهذه القوى في إدارة البلاد. وإذا كانوا يأخذون على شركائهم السابقين أنهم حوّلوا العراق دولة دينية واندفع معظمهم نحو إيران، فإنهم هم أيضاً يتحملون تبعات هذا المآل. فقد غضوا الطرف عن إقصاء أهل السنة خوفاً من قيام حكم مركزي قد يكرر تجاربهم مع الأنظمة السابقة منذ استقلال العراق.

إن خروج كردستان من ميزان الحكم ومؤسساته في بغداد، سيسهل على فرق «الحشد الشعبي» الموالية لإيران أن تعزّز قبضتها على السلطة. وسيلحق ضرراً بقوى شيعية سعت في الفترة الأخيرة إلى فتح قنوات مع المحيط العربي من أجل الحد من هيمنة طهران. ولا مجال هنا للرهان على «وحدة» موقف عرب العراق، سنة وشيعة، ورفضهم استقلال الإقليم. بل إن هذه الوحدة ستدفع الكرد الذين تخلفوا أو اعترضوا على الاستفتاء إلى اللحاق بأربيل ومشروعها. والضجيج الإيراني يشبه إلى حد ما قامت به طهران إثر غزو صدام حسين الكويت. توعدت وهددت بمواجهة الأميركيين إذا يمّموا شطر الخليج. وشجعته على خوض الحرب حتى أنه أرسل طائراته المدنية إلى مطاراتها لحمايتها من التحالف الدولي الذي بنته الولايات المتحدة تمهيداً لتحرير الكويت. عملت في سرها بخلاف ما أعلنت وتوعدت. صحيح أن كرد الجمهورية الإسلامية احتفلوا بنتائج استفتاء «إخوانهم» في كردستان العراق، لكنهم يبقون دون القدرة على ترجمة حلمهم في استنساخ هذه التجربة. لكن لموقف الجمهورية الإسلامية حدوداً. فهي تحذر من تحول الإقليم «قاعدة» متقدمة لإسرائيل على حدودها، فهل تذهب بعيداً في رفع وتيرة التوتر بين بغداد وأربيل إلى حد دفع الكرد إلى أحضان الدولة العبرية إذا ضاقت بهم السبل؟ كما أن إدارة الرئيس دونالد ترامب الساعية إلى مواجهة التمدد الإيراني لن تلزم الحياد أو التساهل حيال انفصال سريع أو مواجهة عسكرية مع كردستان. فهي تسعى إلى تعزيز حضورها في العراق مجدداً وتشجع العرب على إعادة وصل ما انقطع مع عاصمة الرشيد طوال سنوات.

وتركيا أيضاً لن تذهب بعيداً في تشددها. فالعقوبات التي تلوّح بها ستلحق بها أضراراً مماثلة. وقد استدرك رئيس حكومتها توضيح الصورة إذ لا يمكن أن تكون بلاده مسؤولة عن تجويع أهل كردستان بمختلف مكوناته. ولن تكون في وارد خسارة علاقتها مع بارزاني الذي ساعدها كثيراً في مواجهة حزب العمال، ووفر لها منصة للإنخراط السياسي والعسكري والاقتصادي خصوصاً في كل شؤون العراق. فهل تغامر بخسارة حليف تاريخي، أم تجد سبيلاً إلى تقديم نفسها وسيطاً بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم؟ وإذا لم تعد مؤهلة لهذا الدور هل يترجم الرئيس ايمانويل ماكرون مناشدته بارزاني والعبادي الحوار واستعداده للمساعدة من خلال وساطة تقودها فرنسا صديقة الكرد وبغداد؟ وهل تتأخر واشنطن طويلاً قبل أن تخسر حليفها التاريخي في أربيل، وكل ما بنت مع رئيس الوزراء العراقي حتى الآن؟ إن تجميد نتائج الاستفتاء سنتين فترة كافية لإعادة إطلاق برنامج إصلاح نظام الحكم في العراق والخروج من صيغة المحاصصة وبناء دولة مدنية نادى بها الجميع بمن فيهم المرجعية… هذا إن لم تكن يد الميليشيات باتت هي الغالبة! فهل تكون صيغة الكونفيديرالية، لا التهويل بالمناورات وقرع طبول الحرب والحصار، حلاً وسطاً يحفظ ماء وجه جميع المتضررين من أزمة كردستان؟

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3  قبل أن تندلع الشرارة في كردستان

 

 سلمان الدوسري

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

صحت المنطقة يوم الخامس والعشرين من سبتمبر (أيلول) على لحظة فارقة باستفتاء الشعب الكردي على استقلاله عن الدولة العراقية، بنسبة 92.7 في المائة، قبل أن تتسارع الأحداث وتتأزم بإعلان الحكومة العراقية، بالتنسيق مع نظيرتيها في أنقرة وطهران، عزمها على استعادة أربعة معابر حدودية (اثنان مع تركيا وآخران مع إيران)، وكذلك بدء فرض حظر جوي على الرحلات من وإلى الإقليم، وعدم استبعاد سيناريو وقوع صدامات مسلحة في المناطق المتنازع عليها، خاصة في كركوك الغنية بالنفط، بعد أن نشر الجيش العراقي قبل يومين من الاستفتاء قواته لشن هجوم على معاقل «داعش» في الحويجة، بحيث يبدو المشهد وكأن شرارة اندلاع مواجهة عسكرية واردة في أي لحظة. وإذا كانت الحكومة المحلية في كردستان واجهت المجتمع الدولي بإصرارها على إجراء الاستفتاء، فعلينا عدم إغفال أنها ليست وحدها المسؤولة عن التوتر الذي يعصف بالعراق وبالمنطقة، فإعلان الأكراد عن الاستفتاء ليس جديداً وموعده معروف ومحدد منذ فترة، وهم يكررون عزمهم على الانفصال ويعيدون ذلك إلى سنوات من سوء المعاملة التي تعرضوا لها وجعلتهم يروْن أن الوقت مناسب تماماً كي يقيموا دولة خاصة بهم، فأين كان هذا الرفض الدولي مسبقاً، وبخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأيضاً تركيا وإيران، عندما لم يلتفت أحد حينها لمحاولة إصلاح الخلل في العلاقة بينهم وبين الدولة المركزية، خاصة أن حكومة كردستان لم تتوقف منذ سنوات عن اتهام الحكومة المركزية في بغداد بإقصاء الأكراد بشكل منهجي من تقاسم عادل للسلطة والموارد، ورغم كل هذا ظل الخلاف منسياً وهامشياً، وهو ما جعل الأكراد يواصلون مضيهم بالاستفتاء الذي جاءت نتيجته متوقعة بالموافقة على الانفصال، مما يدفع استخدام حكومة الإقليم نتيجة الاستفتاء ورقة مساومة في مفاوضاتها المقبلة مع الحكومة المركزية بشأن الموارد الطبيعية، وكذلك تعزيز موقفها السياسي بوصفها إقليماً يحكم نفسه ذاتياً دون إقصاء أو تهميش.

التصعيد الشديد سواء من قبل الحكومة المركزية العراقية، أو من حتى من قبل إيران وتركيا، بحصار غير مسبوق له ضد إقليم كردستان، والتهديد بتجويع الشعب الكردي، يغفل عن أن الأكراد أساساً أعلنوا مسبقاً أن الاستفتاء لا يعني إعلاناً أحادياً لاستقلال الإقليم، بل إنهم يعترفون بضرورة الانتقال إلى الخطوة التالية بعملية تفاوضية مع الدولة العراقية وأيضاً الدول المجاورة والمجتمع الدولي، بشأن شروط الانفصال، إذا حدث، أو كونفدرالية بشروط محسنة، وربما نسخة جديدة من حكمهم الذاتي الحالي، وهو ما يعني أن الأكراد بعد أن سئموا من تجاهل الحكومة المركزية ومن الدول الكبرى في تفهم أوضاعهم، مضوا في استفتاء يتيح لهم تحسين وضعهم وتركيز الدول الكبرى على قضيتهم في إصلاح العلاقة المتردية بينهم وبين الحكومة المركزية.

لا بد من الإشارة أيضاً إلى أنه من الصعب على حلم دولة كردستان المستقلة أن يتحول إلى واقع في ظل الرفض الإقليمي والدولي؛ فجغرافياً لا تملك الدولة الكردية المنتظرة منفذاً بحرياً وهي محاطة بالكامل من دول مجاورة تعادي خطوتها الانفصالية، أما اقتصادياً فيعتمد اقتصاد حكومة كردستان على النفط الذي يُنقل عبر أنابيب تمر بتركيا أو يصدّر عبر الحكومة المركزية، ويصدّر الإقليم حالياً نحو 550 ألف برميل – من أصل 600 ألف ينتجها يومياً – عبر أنبوب يصب في مرفأ جيهان التركي (جنوب) المطل على البحر المتوسط، وتعتبر مصدر الدخل الأساسي للإقليم، وكل هذه الموارد سيتم إيقافها إذا ظلت الأوضاع متوترة بين الإقليم والحكومة المركزية وأيضاً تركيا، وبالتالي كيف يمكن لأربيل أن تؤسس دولة دون القدرة على تصدير نفطها وهو مصدر القوة الوحيد والأبرز للإقليم.

مع ورقة الاستفتاء الذي صوّت فيه الغالبية العظمى من الشعب الكردي على الانفصال، تملك حكومة كردستان ورقة تفاوضية قوية تمكنها من المضي في اتحاد كونفدرالي لا ينتقص من وضعها ولا يشعر شعبها بالتهميش كما هو الحاصل حالياً، ومع ضمان بقاء العراق موحداً كما يرغب الجميع، مما يسهم في إيجاد حلول للقضايا العالقة ومن بينها المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد وفقاً للآليات التي حددها الدستور العراقي، وتوفير عملة وسوق مشتركة، مع احتفاظ إقليم كردستان فيه بمفاتيح سياساتها الاقتصادية والثقافية والخارجية المستقلة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  الطائفية تنتج الانفصال!

 

 رجا طلب

 

 

 الراي الاردنية
  

ارسل لي الصديق زياد طارق عزيز نجل نائب رئيس الوزراء العراقي الاسبق الملقب في الاوساط العراقية زمن حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بـ» رجل المهمات الصعبة « على هاتفي الذكي فيديو لوالده يشرح فيه مدى تضرر تركيا في حال جرت الحرب على النظام العراقي لاسقاطه ( يبدو ان المقابلة اجريت قبل فترة قصيرة من الغزو الاميركي للعراق ).

 

يشرح عزيز الاضرار الاقتصادية التي يمكن ان تعصف بالاقتصاد التركي ، وبعد ذلك انتقل الى نقطة لفتت انتباهي بشكل كبير الا وهي تحذيره لرئيس الوزراء التركي وقتذاك رجب طيب اردوغان من خطورة اضعاف الدولة المركزية في بغداد ، حيث اوضح له ان ضعف حكومة بغداد سوف يغرى الكرد بالانفصال وهو امر سيرتد على تركيا بصورة مباشرة ، اما من خلال تشجيع اكراد تركيا والبالغ عددهم وقتذاك 15 مليونا على الانفصال اسوة بكرد العراق ، او من خلال اضطرار تركيا للتدخل العسكري في شمالي العراق لمنع الانفصال بالقوة العسكرية وهو امر يحمل مخاطر جمة وسيخلق مواجهة تركية – عراقية.

 

هذا الفيديو انتشر بصورة كبيرة جدا في وسائل التواصل الاجتماعي لسببين ، الاول هو الاعجاب الشديد بالرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى للمرحوم طارق عزيز ، والثاني تزامنه مع خطوة الاستفتاء في كردستان العراق وبدء الحديث عن انفصال الاقليم عن الدولة العراقية.

 

ضعف الحكومة المركزية في بغداد هو من اهم الاسباب التى دفعت رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني لاختيار هذا التوقيت لاجراء الاستفتاء ولاحقا المضي في الانفصال واعلان دولة كردية مستقلة تاسست ملامحها منذ عام 1991 مع بدء تطبيق قرار الحظر الجوي على الاقليم وفقا لقرار مجلس الامن الدولى رقم 688.

 

الضعف الذي اتحدث عنه هو نتاج عدة عوامل من ابرزها :

 

اولا: الطائفية السياسية التي هيمنت على النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال الاميركي وكرست المكون الشيعي كحكام للعراق.

 

ثانيا: عجز النظام السياسي الطائفي من بناء دولة عصرية بل عمل هذا النظام على احتضان الفساد المالي والاداري بحيث اصبح العراق في مقدمة الدول على سلم الفساد وفق تقارير منظمة الشفافية العالمية وتحول من الناحية العملية الى دولة فاشلة.

 

ثالثا: تحولت الدولة العراقية من ناحية عملية الى دولة يهيمن عليها النظام الايراني الذي ساهم بشكل كبير في زيادة « تخلفها « وعجزها عن اللحاق بركب الحضارة والمدنية ، فعراق ما بعد صدام هو بلد بلا ماء وبلا كهرباء ومازال يعتمد على البنى التحتية للنظام السابق والتي اهترأت وتآكلت.

 

رابعا: عجز العراق الطائفي عن بناء هوية وطنية جامعة ، مما ساهم في بروز الهوية الطائفية والهوية القومية الامر الذي دفع الكرد في التفكير جديا في التعويض عن هويتهم الوطنية العراقية بهويتهم القومية – الكردية ، وهو واقع يعيشه العرب السنة ايضا والذين من الممكن ان يقدموا في مرحلة من المراحل في المستقبل على الانفصال تمهيدا لقيام كيان سياسي خاص بهم.

 

مستقبل الانفصال الكردي محفوف بالمخاطر على الصعد كافة ، ومستقبل العراق ذاته في حال بقيت الازمة بين اربيل وبغداد على ما هي عليه ، ومن المتوقع ان تزداد وتتعزز حاله الفوضى وغياب الاستقرار ، والمخرج الوحيد هو الحوار الوطني الجدي لكل المكونات من اجل البحث عن حل يبقى العراق موحدا وفي الوقت ذاته تتحقق لكل مكون قومي طموحه في تقرير المصير وهذا لا يتحقق الا من خلال دولة كونفيدرالية وليس كما ينص الدستور العراقي على دولة فيدرالية.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5  استفتاء الأكراد

 

 د. ياسين الرواشده

 

 

 الراي الاردنية
 

كما هو متوقع، فقد نفذ قادة اكراد العراق تهديداتهم القديمة الجديدة بالتقدم بقفزة كبيرة نحو الانفصال عن العراق وكما هو متوقع ايضا فان حكومة بغداد بخاصة ودول الجوار بعامة كانت ردود فعلها متاخرة وباهتة ولا تتناسب مع خطورة المرحلة ولا مع فداحة الاجراء الذي سيفتح ازمة جديدة معقدة ستلقي بظلالها على جميع الازمات الحالية في الاقليم الاكثر اضطرابا في العالم.

 

واخيرا انصب الزيت بكثافة على النار والجوار يتفرج مكتفيا بالكلام وبالتهديد والوعيد وبالمفردات المعروفة بعدم شرعية الاستفتاء وعدم الاعتراف به وبنتائجه كأن الاعتراف من عدمه سيغير الامر الواقع على الارض.

 

وبنصائح اسرائيلية لقيادة اقليم كردستان تقدم الاقليم بشكل يشبه التحدي وعلى المدرسة الاسرائيلية ذاتها بالتحدي والاستفزاز وخلق واقع جديد ومن ثم التفاوض من منطق القوة من خلال الواقع والحقائق الجديدة على الارض.. يبدو ان ذلك ما سيحصل مع استفتاء كردستان على «تقرير المصير»!.

 

ولسنا بمعرض الدخول في تاريخ القضية الكردية والصراع الاقليمي بشانها فالاكراد متواجدون «كاقليات في دول تركيا وايران والعراق وسوريا لكنهم وعبر التاريخ لم يقوموا بحركة تمرد عسكري وحصلوا لاحقا على اقليم حكم ذاتي الا في الجزء العراقي من التواجد الكردي–وذلك يعود لان القيادة الكردية «التاريخية» كانت مرتبطة باسرائيل وانخرطت في مخططاتها فلماذا اذا لم يقوموا بحركات تمرد في تركيا وهناك الكثافة البشرية الاكثر وهناك الرفض الاشد لاي حقوق قومية للأكراد (قبل ان تاتي حكومة اردوغان وتمنحهم الحقوق الثقافية والقومية على نطاق محلي) بينما الاكراد في ايران لا يتمتعون باية حقوق قومية وتميز ثقافي وكذلك الامر في سوريا.

 

ان الاخطاء المتراكمة للقيادات العراقية وخصوصا قيادات ما بعد الاحتلال الاميركي–ما بعد 2003 كانت اخطاء قاتلة استخدمها زعيم الكرد الماكر والمراوغ مسعود البرزاني بمهارة وخبث بتعزيز سلطاته في «اقليم الحكم الذاتي» ذلك ان بغداد بدل ان تقيم «فيدرالية» بين العرب والكرد في العراق وتنظم علاقات واضحة ومسؤليات محدده ودقيقة وشراكة متوازنة بين بغداد واربيل – بدل ذلك الاجراء المنطقي والصحيح عمدت بغداد وربما بقبول وتشجيع مقصود من قادة اربيل بانشاء» ثلاثية «المحاصصة» بين المكونات العراقية «الثلاثة–الكرد والشيعة والسنة اي اعتبروا ان الشيعة والسنة وهما مكونات «قومية» وليست طائفية وبذلك دخل العراق في اتون المنافسة والصراع الثلاثي حيث كل طرف اصبح يسعى لتعزيز سلطات ونفوذ ومكاسب «طائفته» ولو كانت قيادة العراق حكيمة وواعية لما دخلت في التقسيم والمحاصصة الطائفية بل قامت بتنظيم علاقة «قومية» بين العرب–سنة وشيعة ومسيحيين من جهة وبين الكرد من جهة اخرى وكان ذلك سينظم ويرتب الامور اكثر وضوحا ولما اعطوا لقادة الكرد المتعصبين الطامعين للانفصال ومستغلين كل خطأ ومشكلة لتعزيز ذلك

 

ان « المستشار الاسرائيلي» لمسعود بارزاني هو الذي دفع الى تشجيع الزعيم الكردي على التحدي واستفزاز العالم كله وذلك لتظهر «اسرائيل» صغيرة جديدة تتحدى الجوار وتعتمد اولا على الحماس والهوس والرومانسية القومية المحلية غذاء لتطلعات القيادة في الحكم والسيطرة.

 

ان اختيار التوقيت الحالي لاعلان الاستفتاء ورفع وتيرة الشعور القومي والاعتزاز بالذات لدى الاكراد ليس بتلك السذاجة ذلك ان بارزاني والذي يتهم بالفساد هو واسرته ويتهم بالتسلط والدكتاتورية حيث يرفض تسليم الرئاسة رغم مرور اشهر على انتهاء جميع صلاحياته الدستورية ورغم تعطيلة للحياة البرلمانية بشل برلمان كردستان لعشرة اشهر تقريبا – وبعد ان فقد بارزاني الكثير من شعبيته وبريقه – اختار الزعيم الكردي الماكر اللعب بورقة الاستقلال وتقرير المصير وهو حلم كردي قديم لعب بتلك الورقة ليعزز شعبيته ودوره وليرجع للساحة زعيما قوميا اتى بالاستقلال بدل ان كان حتى الامس رئيسا متسلطا فاسدا زرع جميع افراد اسرته واقأربه في اركان السلطة وحاز على مكاسب مالية وتجارية هائلة امام الشعب الكردي الذي يعاني من البطالة وتردي احواله الاقتصادية عموما.

 

ويتساءل المرء ماذا بعد؟ ماذا سيجلب الاستفتاء؟ وحتى لو حصل الاستقلال التام واعلان الدولة هل يستطيع اقليم او دولة كردستان الحياة مع حصار جيرانها؟ اجزم انها لا تستطيع اذا اتفق جميع الجيران على محاصرتها – ليس لها منافذ بحرية كاسرائيل وليس لها حليف دولي عظيم كاميركا والغرب يمدها بكل مقومات الحياة وليس لها جاليات متنفذة في العالم كالجاليات اليهودية–لذلك فان النصائح الاسرائيلية لقادة كردستان بان عليهم ان يسيروا ويطبقوا النموذج الاسرائيلي في تحدي الجوار هي بالفعل نصائح قاتلة – إذا لا يهم اسرائيل اساسا مصلحة الكرد – انها تريدهم يموتون هم وجيرانهم العرب او الايرانيين او الاتراك ثمنا لانشغال واشعال المنطقة بازمة خطيرة جديدة لا تكون فيها اسرائيل طرفا مباشرا – لا نعلم ان كان الاكراد يدركون هذه اللعبه؟.

 

ازعم ان رئيس العراق الاسبق وزعيم السليمانية المعتدل جلال طالباني يدرك اللعبة لذلك ابدى تحفظه على الاستفتاء وعلى الاستقلال التام مطالبا بعقد جديد مع بغداد لصياغة علاقات جديدة مستقيمة ومتوازنة لايجاد فيدرالية او كونفدرالية العراق الجديد بين الكرد والعرب في العراق – هذا هو الحل الاسلم للكرد وللعراق للكرد مصلحة اساسية ان يظلوا مع العراق في عقد تشاركي جديد ضمن فيدرالية او كونفدرالية جديدة – لان في ذلك خير للجميع واطفاء لنار ازمة قد لا تنتهي الا بنهاية الكرد وربما بنهاية العراق معه ايضا وهذا ليس في مصلحة احد – سوى اسرائيل.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6  كردستان.. إلى أين؟

 

 عائشة المري

 

 

 الاتحاد الاماراتية
  

أدلى مواطنو كردستان العراق في 25 من سبتمبر المنصرم بأصواتهم في استفتاء محفوف بالمخاطر والمناورات والتهديدات، وقد تم إجراؤه على رغم المعارضة الشديدة التي واجهتها فكرة طرح مشروع الاستفتاء داخلياً وخارجياً وحتى دولياً، ليدخل إقليم كردستان العراق منعطفاً تاريخياً حاسماً في تاريخه بإجرائه. وقال مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان في كلمته علي التليفزيون الكردساني الرسمي: «إن الاستفتاء هو الخطوة الأولى ليعبر إقليم كردستان عن رأيه، ثم تبدأ عملية طويلة، ونتحاور مع بغداد لنكون جارين متفاهمين معاً، والاستفتاء ليس لترسيم الحدود أو فرض الأمر الواقع. نريد التحاور مع بغداد لحل المشاكل، والحوار قد يستمر عاماً أو عامين». ويتطلع الأكراد إلى واشنطن لتقديم المساعدة لهم للخروج من الوضع الحالي، ولكن إدانة الولايات المتحدة الأميركية للاستفتاء الكردي شجعت العراق وتركيا وإيران على معاقبة الأكراد على رغبتهم وتطلعاتهم لإقامة دولتهم القومية.

 

 

وعلى رغم أن نتائج الاستفتاء ليست ملزمة لا للعراق ولا حتى لإقليم كردستان، إلا أن الأكراد يمكن أن يوظفوه في مفاوضاتهم مع بغداد، لتغيير نظام الحكم في العراق من الفيدرالي إلى الكونفدرالي، بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وفي عام 2005 شهد الأكراد ولادة إقليم كردستان العراق بحكومة مستقلة عن الحكومة المركزية في بغداد وبعلم ودستور ونشيد قومي وبرلمان إضافة إلى قوات مسلحة وشرطة محلية، كما انتخب مسعود برزاني رئيساً للإقليم. وفي عام 2009 بدأ الإقليم في تصدير النفط الخام إلى الخارج بمعدل 90 إلى 100 ألف برميل يومياً، ليصل إلى 600 ألف برميل يومياً في 2017 مسبباً خلافات حادة مع الحكومة المركزية ومع دول الجوار.

ومشروع استفتاء استقلال إقليم كردستان طرح في عام 2014 إلا أن اجتياح «داعش» لبعض القرى الكردية أجل الاستفتاء. وفي حديث رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني مع صحيفة «الحياة» بتاريخ 9 أغسطس الماضي قال: «لسنا من فرّط في وحدة العراق. عدم الالتزام بالدستور والسياسات الخاطئة للحكومة العراقية هي التي استهدفت وحدة العراق»، و«بالعكس، نعتبر استقلال كردستان وسيلة لحل المشاكل والعقبات».

 

ويجادل الأكراد بأن نتائج الاستفتاء تشكل الخطوة الأولى في عملية تفاوضية مع بغداد، أو حتى مع جيرانهم الغاضبين في تركيا وإيران وسوريا حيث الخشية مستمرة من أن تمتد النزعة الانفصالية الكامنة في الأكراد إلى أراضيهم حيث يوجد ملايين الأكراد الحالمين بكردستان الكبرى الذين رحبوا بالاستفتاء، إضافة إلى المخاوف من أن تمتد النزعة الانفصالية إلى المكونات الأخرى الإثنية والعرقية والدينية في دول الجوار، مما سيؤدي إلى تفتت دول لم تنجح في إدماج مكوناتها الوطنية لصياغة هوية وطنية واحدة تتجاوز الإثنيات والديانات كنتيجة مباشرة لسياسات العزلة والإقصاء التي مارستها الحكومات المتعاقبة وبدرجات مختلفة في تلك الدول.

 

وقد تصاعدت لهجة التهديدات بعد الاستفتاء لتتحول إلى إجراءات اتخذها جيران كردستان العراق بدءاً بممارسة الضغوط الاقتصادية، ومن ثم ازدادت عزلة الإقليم مع دخول الحظر الجوي الذي فرضته بغداد وأنقرة على أربيل حيز التنفيذ. إن أمام أكراد العراق خيارات ضئيلة في القدرة على الاستمرار، بعد أن ركزت بغداد وجيران كردستان على أضعف النقاط، ألا وهي الاقتصاد. وفي الحقيقة لا أربيل ولا بغداد يمكنهما المضي إلى خيار التصعيد العسكري، وفي ذات الوقت ظهر جلياً أن العراق وإيران وسوريا تعتمد على تركيا لوقف النزعة الانفصالية لدى الأكراد.

 

إن الشعارات والمبادئ التي يرفعها الراغبون في الانفصال ليست كافية لتحقيق حلم دولة كردستان، فالأكراد وعلى رغم التجاذبات الدولية ليس لديهم دعم دولي يذكر، ويواجهون معارضة كبيرة مما يضع الإقليم في مسار تصادمي مع القوى الإقليمية والدولة العراقية، ويعي الأكراد أنَّ السياسة الواقعية، وليس المثل، هي ما سيحدد نجاح محاولتهم للاستقلال من عدمه.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  عندما “يَنصح” السيّد نصر الله اليهود في ذِكرى عاشوراء بمُغادرة فِلسطين المُحتلّة فورًا.. هل نقول أن الحَرب باتت وشيكةً؟ وما الذي يَعرفه زعيم حزب الله من أسرار لا يَعرفها غَيره؟ وهل سَتكون إذا اشتعلت ردًّا على تقسيم العِراق وتَفتيت المَنطقة؟ أم انسحاب ترامب من الاتفاق النّووي؟

 

 عبد الباري عطوان

 

 

 راي اليوم بريطانيا
  

خِطاب السيّد حسن نصر الله الذي ألقاه أمس وَسط تَجمّعٍ ضَخمٍ في ذِكرى العاشر من محرم (عاشوراء)، ليس كُكل خِطاباته السّابقة، لما تضمّنه من مفاصلٍ، وتحذيراتٍ، وتنبؤاتٍ، ومَواقف صريحةً، وواضحةً وقويّة، تَصلح في رأينا لقراءة مُستقبل المنطقة العربيّة، وما يُمكن أن تَشهده من حُروبٍ وتغييرات رئيسيّة في الخرائط والحُدود.

السيّد نصر الله مَيّز للمَرّة الأولى بين الصهيونيّة واليهوديّة، فالأولى حركة احتلالٍ عُنصري، والثانية ديانة سماويّة تَستحق الاحترام، وأكّد أن المَعركة هي مع الصهاينة وليس مع اليهود، ولكنّه حذّر اليهود من الانجرار إلى مُخطّطات أمريكيّة تُريدهم وقودًا لحُروبها القادمة في المَنطقة.

السيد نصر الله لم يتوقّف مُطلقًا في جميع خِطاباته السّابقة، عن الحديث عن حُروبٍ مُقبلةٍ، وهذا أمرٌ مُتوقّعٌ من زعيم حركةٍ مُقاومةٍ خاضت وتَخوض حُروبًا، مُباشرةً وغير مُباشرة، مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وعُملائها، ولكن الجديد في هذا الخِطاب، وفي يوم عاشوراء، يوم التضحيّة والدّفاع عن المَظلومين، وحديثة عن الحَرب كما لو أنّها ستَبدأ غدًا، أو في أيّ وقتٍ عندما قال بالحَرف “حُكومة نتنياهو تُخطّط للحَرب، وإذا أشعلوا نارها لا يَعرفون أين ستَنتهي وأي مساحاتٍ ستَشمل”، وشَرح هذهِ النّقطة بشكلٍ واضحٍ عندما قال “نتنياهو فَشِلَ في مَنع التوصّل إلى اتفاقٍ نووي، والآن يَعمل مع الرئيس دونالد ترامب لدَفع المَنطقة إلى حربٍ جديدة”.

***

حركة المُقاومة، أي حزب الله، حَركة مُؤسّسات، وبنوك عقول، ومراكز أبحاث ورصد، وأقرب إلى تركيبة الدّولة منها كحَركةٍ مُقاومة، وتُقيم علاقاتٍ تحالفيّةٍ قويّةٍ مع قِوى إقليميّة عُظمى مثل إيران، ولا بُد أنّها تَملك المَعلومات، ودراسات تقدير المَوقف، تَجعلها قادرةً على بِناء استراتيجياتها الدفاعيّة والهُجوميّة بناءً على ذلك.

وعندما يُطالب السيّد نصر الله اليهود إلى مُغادرة فلسطين إلى البُلدان التي جاءوا منها، (وهي نغمةٌ جديدةٌ لا يَجرؤ أحد غَيره على ذِكرها هذهِ الأيّام من الزّعماء العَرب)، حتى لا يَكونوا وقودًا لأيّ حربٍ تجرّهم إليها حُكومة نتنياهو “الحَمقاء”، ويُحذّرهم بأنهم ربّما لن يَكون هُناك وقت لهم لمُغادرة فِلسطين المُحتلّة، ولن يكون لهم أيّ مكانٍ آمنٍ فيها، فإن هذا لا يأتي في إطار الحَرب النفسيّة، وهي حربٌ مَشروعةٌ، ولكن في إطار من يُخطّط لخَوض حربٍ يَرى أنها وشيكةً.

تحذيرات السيد نصر الله يجب أن تُؤخذ في سياق القرار الذي اتّخذه الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي تحت ذريعة عدم التزام إيران ببنوده، ومن المُقرّر إعلانه، أي القرار، مُنتصف شهر أكتوبر الحالي أثناء المُراجعة الدوريّة له في الكونغرس.

الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي هو إعلان حربٍ، لأنه سيُعيد العُقوبات الاقتصاديّة المَفروضة على إيران إلى وَضعها السّابق لما قبل توقيع الاتفاق، ممّا يَدفع إيران إلى الرّد بالعَودة إلى تخصيب اليورانيوم بمُعدّلاتٍ مُرتفعة الأمر الذي يَجعل احتمالات المُواجهة العَسكريّة أقوى من أيّ وقتٍ مَضى، خاصّةً مع قُرب انتهاء الحَرب على الإرهاب.

التقديرات الإسرائيليّة تقول أن هُناك أكثر من مِئة ألف صاروخ في حَوزة “حزب الله”، وعَشرات الآلاف من القذائف المَدفعيّة، ناهيك عن ثلاثة أو أربعة أضعاف هذا العدد، يُوجد في الترسانة العسكريّة الإيرانيّة، السوريّة أيضًا، وجُزء كبير منها سيَهطل كالمَطر فوق تجمّعات اليهود في فلسطين المُحتلّة، وهذا ما قَصده السيد نصر الله الذي يَعرف أسرار وقُدرات هذهِ الصواريخ جيّدًا، عندما حثّ هؤلاء، أي اليهود، على المُغادرة في أسرع وقتٍ مُمكن.

لا نُجادل مُطلقًا في أهميّة ما قاله السيد نصر الله من أن استقلال كردستان العراق هو مُؤامرة أمريكيّة لتقسيمه وتفتيت المنطقة، وأن هذا التقسيم لن يكون قَصرًا على العراق، وربّما يَمتد إلى المملكة العربية السعوديّة ودول عربيّة وشَرق أوسطيّة أُخرى، ولكنّنا نَجزم بأنّ الحَرب المُقبلة، ووفق ما جاء في خِطابه، سَتكون على أرض فلسطين، لضَرب هذا المُخطّط التقسيمي الأمريكي الإسرائيلي في مَنبعه، أو على رأسه، أي دولة الاحتلال الإسرائيلي.

***

إنه خطابٌ خطيرٌ، من رجلٌ يقول ويَفعل، ولم يَخض حربًا إلا وخَرج منها مُنتصرًا، ابتداءً من حَرب تحرير جنوب لبنان عام 2000، وانتهاءً بحَرب تموز (يوليو) عام 2006، التي أذلّت الجيش الإسرائيلي وقيادتيه السياسيّة والعَسكريّة.

إسرائيل تُحرّض أمريكا على الحَرب، وتَستخدم وَرقتي استقلال شمال العراق، والاتفاق النووي الإيراني كذريعةٍ وغِطاء، فلتَفعل، إنها تَرتكب خطيئة العُمر، وهو عُمرٌ قصيرٌ على أيّ حالٍ، والحَرب المُقبلة إذا اشتعلت لن تتوقّف، وسَتكون أشرس من كُل الحُروب السّابقة، هذا إذا لم تَكن الحَرب الأخيرة في المنطقة فِعلاً، وأي أحد يَضع نفسه في مكان اليهود في فلسطين المُحتلّة فإن عليه أن يَقرأ هذا الخطاب، وما بين سُطوره جيّدًا، وأكثر من مرّة.

نُكرّر مَرّةً أُخرى، إن هذا الرّجل يَقول ويَفعل، ولم يَخض حَربًا إلا وانتصر فيها، هذا هو تاريخه أو (His Track Record) الذي يُعتبر مِفصليًّا في تقدير هويّة الأشخاص وشخصيّاتهم في الغَرب خاصّةً.. والأيام بيننا.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  انفصال كورد العراق أضعاف للكويت!

 

 

حسن علي كرم

 

 راي اليوم بريطانيا
  

ما هي المخاطر و التداعيات الأمنية المتوقعة جراء انفصال اقليم كوردستان العراق على الكويت …؟؟؟!!!

          الكويت أشبه بوادٍ سحيق يقع بين جبلين ( مساحة الكويت نحو ١٨ الف متر مربع ) فيما مساحة العراق تعادل ٢٤ مرة عن مساحة الكويت ، و تعادل مساحة السعودية بالنسبة للكويت ١٢٠ مرة تقريباً ، بينما بالنسبة لإيران ٩٢ مرة، الكويت تشكل اخطر موقع في هذا الوادي السحيق ، و في منطقة من اخطر المناطق من العالم حيث لم تنعم منذ الخليقة باستقرار أمني ، فالحروب و الغزوات لا تحدث الا في منطقة الشرق الأوسط ، و تحديداً في وادي الرافدين و الجزيرة العربية …

في عام ١٩٢٣ تم رسم حدود كل من الكويت و السعودية  والعراق في منطقة تسمى العقير من أراضي نجد ، الا ان  الجميع خرجوا من الخيمة غير راضين من الحدود التي حددها بالقلم الأحمر المقيم البريطاني في المنطقة بيرسي كوكس ، عندما عاد المقيم البريطاني في الكويت الذي مثلها في مفاوضات الحدود و اخبر حاكم الكويت آنذاك  الشيخ أحمد الجابر الصباح عن نتائج المفاوضات ، بكى الشيخ احمد الجابر متأثراً عن ضياع ثلثي أراضي بلاده ، و قال لبيرسي كوكس كنت أعتبرك ابي الروحي ( المرجع كتاب الكويت و جاراتها لديكسون ) ، فرد عليه بابتسامة صفراء خبيثة قاىلاً : السيف أمضى  من القلم ” فقال له الشيخ أحمد الجابر هل معنى هذا اذا استرددتُ قوة جدي مبارك اعيد أراضي ، فرد عليه بنفس أبتسامته الصفراء الخبيثة : تقدر…” لكن لا الشيخ احمد الجابر استعاد قوة جده مبارك الصباح و لا الاراضي التي استجزأت بجرة و بأعصاب باردةٍ استعادها …!!!

لقد بقي الصراع و المطامع على الكويت محتدمة ، خاصة من جهة العراق الذي لم يتردد حكامه من الإفصاح علناً عن مطامعهم ، و لكن كلما كشروا عن أطماعهم  بالكويت سارع الإنجليز من جانبهم و المملكة العربية السعودية من الجانب الاخر الى أنذار حكام العراق المساس بالكويت ، لكن في ٢٥ / ٦ / ١٩٦١ اي بعد ألغاء معاهدة الحماية الموقعة في ٢١ يناير١٨٩٦ مع الإنجليز و بعد ستة ايام على اعلان أستقلالها الذي جرى في ال ١٩ من يونيو ١٩٦١ في قصر الحكم في الكويت و الذي وقعه عن الكويت المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح و عن الجانب البريطاني السير وليم لوس ، أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبدالكريم قاسم في مؤتمر صحفي اُذيع في منتصف الليل من أذاعة بغداد ،الى ضم الكويت الى العراق باعتبارها قائم مقامية تابعة للعراق و تعيين أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح قائم مقاماً عليها و عين له راتباً شهرياً قدره ( ٧٥ ) ديناراً عراقياً ، لكن ذهب عبدالكريم قاسم حيث اعدم مقتولاً على أيدي البعثيين الذين استولوا على الحكم ، مثلما ذهب قبله الملك غازي اول من طالب بالكويت مقتولاً عندما صدم بسيارته عمود انارة اثناء خروجه من قصر الزهور و هو في حالة نرفزة و سكرً، ثم جاء البعثيون الذين استمروا بالاعتداء  و التحرش بالحدود الكويتية مرة بالتجاوز على الحدود و مرة بمناوشات و الاعتداء على المخافر الحدودية  – مخفر الصامتة ، ثم الزحف المبرمج الى داخل الاراضي الكويتية ، و جاؤوا بعراقيين من أماكن بعيدة و أسكنوهم هناك ، و ظلت المسألة الحدودية بين الكويت و العراق عالقة و قلقة للكويت و كلما عرضت الحكومة الكويتية على العراقيين رسم الحدود كانوا يتهربون بالتأجيل و استمرت حالة الحدود متأرجحة ما بين المماطلة و التسويف المتعمد ، الى ال ٢ من اغسطس ١٩٩٠ حيث في فجر ذلك الخميس المشؤوم اجتاحت القوات العراقية الغازية الأئمة الحدود الكويتية في جريمة لم يشهد التاريخ الحديث مثلها ، و لكن لم تكن لتمر الجريمة ، فتحررت الكويت من براثن الغزو ، و ذلك بفضل الله و بتكاتف الكويتيين و بفضل قوى التحالف  التي تشكلت من اكثر من ٣٣ دولة محبة للسلام و مدركة لخطر الغزو و خطر شطب الكويت من على خريطة المنطقة ، و هي التي تطل على اخطر موقع على رأس الخليج …

ان انفصال اقليم كوردستان العراق عن الدولة العراقية خارج دستور٢٠٠٥ و على خلاف رغبة الغالبية الشعبية لا ينسحب خطره على العراق و حسب ، بل لعل خطره ينسحب على المنطقة التي تعاني من أضطرابات امنية و حروباً أهلية و تنظيمات جهادية متطرفة ، و لن يستفيد من الانفصال الا الكيان الاسرائيلي الذي أيد الاستفتاء و الانفصال ، و لعل موجة الاستياء التي عمت المنطقة حكومات و شعوباً لم تكن لتحدث لولا شعور الجميع أزاء المخاطر التي ستترتب على تبعات الانفصال ، و اول المخاطر هو تفكيك العراق الى دويلات طائفية و إثنية ، فسنة العراق الذين يشتكون بتنفيص حقوقهم سيطالبون بكيان ستي مستقل في الوسط الامر الذي يجعل تلقائياً الجنوب دولة مستقلة ، و قد يطالب تركمان العراق انضمام أراضيهم الى الدولة التركية فيما بقية الطوائف يستقلون بمناطقهم كالايزيدية و الأشوريين الكدان …

ان الإنجليز الذين رسموا حدود العراق في سنة ١٩٢١ لم يكونوا بعيدين عن واقع المنطقة و لا عن الواقع العراقي كمجموعة  سكانية تتألف من طوائف  و أثنيات ، الا انهم استطاعوا تذويب هذه المجاميع البشرية المتنافرة و إدخالهم في بوتقة الدولة العراقية الموحدة ، التي أعيد إحياؤها في مساء ال ٩ من ابريل ٢٠٠٣ عندما اطيح بالنظام الدكتاتوري الصدامي المستبد ، و قيام الدولة الاتحادية الدستورية و النظام الديمقراطي البرلماني التعددي …

لقد احسنت الحكومة الكويتية صنعاً عندما أعلنت رفضها استفتاء الإكراد بالانفصال ، فليس هناك ما يبرر للكويت تأييد انسلاخ الكورد من وطنهم العراق بل لعل مخاطر الانفصال أفدح على الكويت من العراق الموحد، ذلك من مصلحة امن و أستقرار الكويت وجود عراق موحد و قوي و مسالم ، و كلما كان العراق قوياً و مسالماً كان ذلك موضع اطمئنان و أمان للكويت ، مثلما نرى في الجانب الاخر دولة سعودية شقيقة و قوية ، كذلك دولة إيرانية صديقة و مسالمة و قوية ، فالكويت الضلع الأضعف في المعادلة الإقليمية سوف تكون اول الخاسرين من تفكيك العراق ، لذا ليس أمام الكويت الا ان تتحصن بحزام من معاهدات الحماية  مع الدول الاكثر قوة و ضماناً لأمنها ، ان امن الكويت هو المسألة الاهم التي لا ينبغي ان نختلف عليه  …

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9  طريق العراق لهزيمة التقسيم وإسقاط الطائفية  جلال عارف

 

 

 البيان الاماراتية
 

ليس واضحاً حتى الآن، ما الذي اعتمد عليه مسعود البرزاني وهو يقود أكراد العراق إلى «مغامرة» استفتاء الانفصال، ويقود مكونات العراق المتعددة من عرب وتركمان وأكراد وغيرهم، إلى أزمة جديدة تهدد وجود العراق، وتفتح أبواب جحيم جديدة على أهله. كما تقود المنطقة كلها إلى صراع جديد وخطير، مع فتح أبواب تفكيك الدول وهدم استقرارها؟!

 

ربما كان البرزاني يراهن على خطوات تمت في ظل الدستور العراقي الحالي، وأدت إلى تثبيت أركان الحكم الذاتي الذي تمتع به إقليم كردستان العراق. وربما زادت طموحات الرجل الذي كان يعاني أزمات داخلية مع باقي الفرقاء في الإقليم، مع تنامي الدعم الأميركي لقوات «البشمركة»، والاعتماد عليها في الحرب ضد «داعش»، وغض البصر عن توسع الوجود الكردي في المناطق المتنازع عليها، وأهمها «كركوك»، انتظاراً للانتهاء من الدواعش قبل أي شيء.

 

 

 

ربما اعتمد الرجل على علاقة توطدت مع الأتراك، في الاستثمار التركي، أو تصدير البترول من موانيها، أو وجود النقاط العسكرية التركية داخل كردستان العراق لمراقبة تحركات المتمردين من أكراد تركيا، أو بطموحاتهم في أن ينالوا ما كان يتمتع به أكراد العراق من حكم ذاتي على الأقل.

 

وربما تلقى الرجل إشارات مشجعة من وراء ستار، خاصة من إيران، لكي يمضي في طريقه، لتكون الدعوة لانفصال كردستان العراق، مبرراً لتزايد النفوذ الإيراني في العراق، ولوأد المطالبات بتحجيم دور التحالف الشعبي، والاستعداد، بعد التخلص من الدواعش، لمرحلة جديدة يكون فيها للعراق جيش واحد، لا يدين بالولاء إلا للدولة، ولا يسمح بوجود مليشيات طائفية أو مذهبية تعود بالبلاد إلى جحيم الحرب الأهلية.

 

أياً كان الأمر، فقد تم الاستفتاء، ثم وجد البرزاني نفسه وحيداً «في العلن على الأقل!!»، لا يحظى إلا بتأييد إسرائيل وحدها. ووجد كل الأطراف الإقليمية والدولية تترك خلافاتها لتعلن موقفاً معارضاً للخطوة الكردية.

 

الآن. وبعد أن تم الاستفتاء، ووضحت ردود الأفعال، ودخل العراق في أزمة خطيرة، وأدخل المنطقة كلها معه. على البرزاني أن يدرك أن حساباته لم تكن دقيقة، وعليه أن يدرك ما كان ينبغي أن يدركه من البداية.. وهو أن العراق «تحت أي قيادة»، لا يمكن أن يخضع لخطوة منفردة تقود حتماً لتفكيك العراق.

 

وأن المنطقة كلها لا تتحمل عبء فتح طريق التقسيم، وأن العالم المشغول بتوحيد الصفوف لوأد الإرهاب، لن يمنح هذا الإرهاب رئة جديدة للتنفس بالانشغال عنه بمغامرات تحاول حصد المكاسب، فتقود إلى المزيد من الفوضى والدمار!

 

وعلى الجانب الآخر، فإن السلطة المركزية في بغداد، تخوض معركتها الحاسمة للحفاظ على وحدة الدولة، في نفس الوقت الذي تواصل حملة استئصال الدواعش.

 

والحسم هنا مطلوب بلا شك، ويحظى بتأييد واسع من كل الأطراف، ومع ذلك، فإن على السلطة المركزية أن تحافظ على نهجها العقلاني في التعامل مع الأزمة، وأن تلتزم بالحذر من أطراف ترى مصلحتها في صب المزيد من الزيت على النيران، وفي جر العراق المنهك إلى حروب جديدة، تكرس الصراعات المذهبية والعرقية. المطلوب الآن، مع كل الحسم في مواجهة الانفصال، أن تظل هناك أبواب مفتوحة للتراجع الذي يحفظ مصالح العراق الموحد، ويضمن كرامة الجميع.

 

والمطلوب الآن أن تعود الثقة المفقودة، وأن تتبدد المخاوف من سيطرة فصيل واحد على مصير العراق، محتمياً بنفوذ السلطة في الداخل أو قوة الداعمين في الخارج.

 

عبور أزمة «استفتاء الانفصال» لن تكون بالحديث عن إلغاء نتائجه فهو، من الناحية القانونية، لا يفرض شيئاً على الدولة، لكن عبور الأزمة يكون بفرض الدولة العراقية المدنية الموحدة، التي لا تخضع لفصيل يتحرك في ظل النفوذ الإيراني، ليستحوذ على كل شيء.

 

والذي كان سلوكه الطائفي قبل ذلك سبباً في ظهور الدواعش، وكان اليوم سبباً في زيادة المخاوف لدى المواطنين الأكراد، وكانت مغامرة «الاستفتاء» التي وضعت العراق والمنطقة أمام هذا الوضع الخطير. الجميع الآن يدعم وحدة العراق، ويدرك مخاطر الانفصال والكارثة، التي يمكن أن تغمر المنطقة إذا انفتح باب التقسيم من بوابة كردستان العراق.

 

الجميع مع وحدة العراق، فليكن الجميع في العراق الشقيق مع دولتهم الموحدة، والتي تضمن حقوق المواطنة للجميع، بعيداً عن الانقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية. نفوذ الحرس الثوري الإيراني جاء قبل ذلك بالدواعش، ويجر البلاد الآن إلى التقسيم. الجميع الآن مع وحدة العراق. فليكن العراق لكل أبنائه.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
10  سؤال

 

 سيــد عبــدالقــــــادر

 

 

 البيان الاماراتية
 

 

هل كان صلاح الدين الأيوبي البطل الكردي الذي حرر بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين تحت لواء الإسلام، يتخيل أن يقوم أحفاده بعد 900 عام ونيف من رحيله برفع علم إسرائيل على إقليم كردستان من أجل الانفصال عن العرب؟

 

بقدر محبتنا وفخرنا بصلاح الدين الأيوبي وببطولاته، سنخجل مما فعله أحفاده، فربما كان من حقهم أن يستقلوا بدولتهم، لكن هل كان السبيل الوحيد إلى ذلك أن يسيئوا إلى أنفسهم بهذه الطريقة الرخيصة؟

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
11  انفصال كورد العراق إضعاف للكويت !!

 

 حسن علي كرم

 

 

 الوطن الكويتية
  

ما هي المخاطر و التداعيات الأمنية المتوقعة جراء انفصال إقليم كوردستان العراق على الكويت …؟!

الكويت أشبه بوادٍ سحيق يقع بين جبلين (مساحة الكويت نحو 18 ألف متر مربع) فيما مساحة العراق تعادل 24 مرة عن مساحة الكويت ، و تعادل مساحة السعودية بالنسبة للكويت 120 مرة تقريباً ، بينما بالنسبة لإيران 92 مرة ، الكويت تشكل أخطر موقع في هذا الوادي السحيق ، و في منطقة من أخطر المناطق من العالم حيث لم تنعم منذ الخليقة باستقرار أمني ، فالحروب و الغزوات لا تحدث إلا في منطقة الشرق الأوسط ، و تحديداً في وادي الرافدين و الجزيرة العربية.

 

في عام 1923 تم رسم حدود كل من الكويت و السعودية والعراق في منطقة تسمى العقير من أراضي نجد ، إلا أن الجميع خرجوا من الخيمة غير راضين من الحدود التي حددها بالقلم الأحمر المقيم البريطاني في المنطقة بيرسي كوكس ، عندما عاد المقيم البريطاني في الكويت الذي مثلها في مفاوضات الحدود و أخبر حاكم الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح عن نتائج المفاوضات ، بكى الشيخ أحمد الجابر متأثراً عن ضياع ثلثي أراضي بلاده ، و قال لبيرسي كوكس كنت أعتبرك أبي الروحي (المرجع كتاب الكويت و جاراتها لديكسون) ، فرد عليه بابتسامة صفراء خبيثة قائلاً : السيف أمضى من القلم ” فقال له الشيخ أحمد الجابر هل معنى هذا إذا استرددتُ قوة جدي مبارك أعيد أراضي ، فرد عليه بنفس ابتسامته الصفراء الخبيثة : تقدر…” لكن لا الشيخ أحمد الجابر استعاد قوة جده مبارك الصباح و لا الأراضي التي استجزأت بجرة و بأعصاب باردةٍ استعادها …!!!3

 

لقد بقي الصراع و المطامع على الكويت محتدمة ، خاصة من جهة العراق الذي لم يتردد حكامه من الإفصاح علناً عن مطامعهم ، و لكن كلما كشروا عن أطماعهم بالكويت سارع الإنجليز من جانبهم و المملكة العربية السعودية من الجانب الآخر إلى إنذار حكام العراق المساس بالكويت ، لكن في 25 / 6 / 1961 أي بعد إلغاء معاهدة الحماية الموقعة في 21 يناير1896 مع الإنجليز و بعد ستة أيام على إعلان استقلالها الذي جرى في الـ 19 من يونيو 1961 في قصر الحكم في الكويت و الذي وقعه عن الكويت المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح و عن الجانب البريطاني السير وليم لوس ، أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبدالكريم قاسم في مؤتمر صحفي أذيع في منتصف الليل من إذاعة بغداد ،إلى ضم الكويت إلى العراق باعتبارها قائم مقامية تابعة للعراق و تعيين أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح قائم مقاماً عليها و عين له راتباً شهرياً قدره (75) ديناراً عراقياً ، لكن ذهب عبدالكريم قاسم حيث أعدم مقتولاً على أيدي البعثيين الذين استولوا على الحكم ، مثلما ذهب قبله الملك غازي أول من طالب بالكويت مقتولاً عندما صدم بسيارته عمود إنارة أثناء خروجه من قصر الزهور و هو في حالة نرفزة و سكرً، ثم جاء البعثيون الذين استمروا بالاعتداء و التحرش بالحدود الكويتية مرة بالتجاوز على الحدود و مرة بمناوشات و الاعتداء على المخافر الحدودية – مخفر الصامتة ، ثم الزحف المبرمج إلى داخل الأراضي الكويتية ، و جاؤوا بعراقيين من أماكن بعيدة و أسكنوهم هناك ، و ظلت المسألة الحدودية بين الكويت و العراق عالقة و قلقة للكويت و كلما عرضت الحكومة الكويتية على العراقيين رسم الحدود كانوا يتهربون بالتأجيل و استمرت حالة الحدود متأرجحة ما بين المماطلة و التسويف المتعمد ، إلى الـ 2 من أغسطس 1990 حيث في فجر ذلك الخميس المشؤوم اجتاحت القوات العراقية الغازية الآثمة الحدود الكويتية في جريمة لم يشهد التاريخ الحديث مثلها ، و لكن لم تكن لتمر الجريمة ، فتحررت الكويت من براثن الغزو ، و ذلك بفضل الله و بتكاتف الكويتيين و بفضل قوى التحالف التي تشكلت من أكثر من 33 دولة محبة للسلام و مدركة لخطر الغزو و خطر شطب الكويت من على خريطة المنطقة ، و هي التي تطل على أخطر موقع على رأس الخليج .

إن انفصال اقليم كوردستان العراق عن الدولة العراقية خارج دستور2005 و على خلاف رغبة الغالبية الشعبية لا ينسحب خطره على العراق و حسب ، بل لعل خطره ينسحب على المنطقة التي تعاني من اضطرابات أمنية و حروباً أهلية و تنظيمات جهادية متطرفة ، و لن يستفيد من الانفصال إلا الكيان الإسرائيلي الذي أيد الاستفتاء و الانفصال ، و لعل موجة الاستياء التي عمت المنطقة حكومات و شعوباً لم تكن لتحدث لولا شعور الجميع إزاء المخاطر التي ستترتب على تبعات الانفصال ، و أول المخاطر هو تفكيك العراق إلى دويلات طائفية و إثنية ، فسنة العراق الذين يشتكون بتنقيص حقوقهم سيطالبون بكيان سني مستقل في الوسط الأمر الذي يجعل تلقائياً الجنوب دولة مستقلة ، و قد يطالب تركمان العراق انضمام أراضيهم إلى الدولة التركية فيما بقية الطوائف يستقلون بمناطقهم كالايزيدية و الآشوريين الكدان .

إن الإنجليز الذين رسموا حدود العراق في سنة 1921 لم يكونوا بعيدين عن واقع المنطقة و لا عن الواقع العراقي كمجموعة سكانية تتألف من طوائف و أثنيات ، إلا أنهم استطاعوا تذويب هذه المجاميع البشرية المتنافرة و إدخالهم في بوتقة الدولة العراقية الموحدة ، التي أعيد إحياؤها في مساء الـ 9 من ابريل 2003 عندما أطيح بالنظام الدكتاتوري الصدامي المستبد ، و قيام الدولة الاتحادية الدستورية و النظام الديمقراطي البرلماني التعددي .

لقد أحسنت الحكومة الكويتية صنعاً عندما أعلنت رفضها استفتاء الأكراد بالانفصال ، فليس هناك ما يبرر للكويت تأييد انسلاخ الكورد من وطنهم العراق بل لعل مخاطر الانفصال أفدح على الكويت من العراق الموحد، ذلك من مصلحة أمن و استقرار الكويت وجود عراق موحد و قوي و مسالم ، و كلما كان العراق قوياً و مسالماً كان ذلك موضع اطمئنان و أمان للكويت ، مثلما نرى في الجانب الآخر دولة سعودية شقيقة و قوية ، كذلك دولة إيرانية صديقة و مسالمة و قوية ، فالكويت الضلع الأضعف في المعادلة الإقليمية سوف تكون أول الخاسرين من تفكيك العراق ، لذا ليس أمام الكويت إلا أن تتحصن بحزام من معاهدات الحماية مع الدول الأكثر قوة و ضماناً لأمنها ، إن أمن الكويت هو المسألة الأهم التي لا ينبغي أن نختلف عليه.  

 

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
12  حلال للأكراد حرام على الفلسطينيين

 

 ماهر ابو طير

 

 

 الدستور الاردنية
يخسر الاكراد كثيراً، من ايحاء الإسرائيليين المتواصل ان إسرائيل تدعم انفصالهم، عن العراق، وبرغم ان رئيس الحكومة الإسرائيلية، ينفي أي صلة لإسرائيل، بما يجري في كردستان، الا ان الكل يعرف ان هناك شركات إسرائيلية في كردستان، وخبراء امنيين واقتصاديين، يديرون الإقليم، سرا.

العلاقة بين قيادات الاكراد وإسرائيل، علاقة قديمة، ولعل المفارقة، ان تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، التي تتحدث عن مشاعر الدعم للاكراد، من اجل تحقيق تطلعاتهم، بقيام دولة كردية، لا نرى مثلها من جانب إسرائيل، تجاه الفلسطينيين، الذين تمت سرقة ارضهم، وفوق هذا تعرقل إسرائيل اليوم، قيام دولة فلسطينية صغيرة، فيما تبقى من ارض في الضفة الغربية، لكنها الازدواجية الإسرائيلية، التي تتبنى منح شعوب محددة، حقوقها، وتتعامى عن حقوق شعوب أخرى، قامت هي ذاتها بالاستيلاء عليها.

لكن علينا ان نتحدث بصراحة اليوم، إسرائيل هي المستفيد الأول، من انفصال الاكراد، وقيام دولتهم، إذ إن هذا الانفصال سيؤدي الى تعزيز مصالح إسرائيلية، بتقسيم العراق، وتفجير مشكلة الاكراد في وجه الإيرانيين والأتراك، وتهديد بنية سورية، أيضا، وتعريضها لتقسيم مشابه، إضافة الى مايتعلق بملفات النفط والثروات.

الفرق بيننا وبين إسرائيل كبير، وهذا ليس اعجابا بالعدو، بقدر كونه اقرارا بواقع، إذ إن تل ابيب، تسللت الى دول كثيرة، وليس ادل على ذلك من نفوذها في الولايات المتحدة، وأوروبا، وأفريقيا، ومبادرتها دوما بالدخول الى مدارات غير متوقعة، ضمن حسابات استراتيجية، تقول لها، إن عليها أن تتدخل في هذا البلد أو ذاك.

هذا ما شهدناه في كردستان، ولا بد ان نشير الى ان الاعجاب بالاسرائيليين كبير جدا، بين اكراد العراق، والذي يرصد مداخلات علنية لأكراد يعيشون في كردستان، ويعلقون لصالح إسرائيل، على الصفحات الرسمية، لمسؤولين إسرائيليين، يدرك حجم الافتتان، وهو طبعا، افتتان تسببت به، وفي بعض جوانبه ممارسات الاضطهاد العربية، ضد الاكراد في العراق، وغيره من دول، لم تتمكن من صياغة هوية وطنية جامعة، وبقيت تتحدث عن مواطنين من الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة.

لكن التصيد الإسرائيلي، في المياة الكردية، تصيد تراه كل عين، وما لا يعرفه الاكراد، ان دخول الإسرائيليين، على ملف قوميتهم، بهذه الطريقة، يؤدي في الأساس، الى تلطيخ سمعتهم، ومس نضالهم، وانتقاص مظلوميتهم، فحيثما كانت أصابع إسرائيل، كانت هناك «قصة» ولا يمكن الا ان يخسر الاكراد وهم مسلمون، من هذه المباركات الإسرائيلية، لرغباتهم الانفصالية، هذا على الرغم، من الاعتراف انهم قومية لها تعريفاتها والكل يقر أيضا، انهم تعرضوا للاضطهاد في دول كثيرة.

ربما، لا يدرك الشعب الكردي، خصوصا، في العراق، الجانب الوظيفي، في التعاطف الإسرائيلي، وهو جانب لا يمكن قبوله او شرعنته، بذريعة مظلومية الاكراد، وعلينا ان نستمع كل فترة، الى مزيد من النفاق الإسرائيلي، الذي يتضامن مع شعوب مضطهدة، لكنه في الوقت ذاته يسرق ارض شعب آخر، ويضطهده يوميا!

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
13  كيفية تحول داعش من الإقليمية إلى العالمية  كولين بي. كلارك –

 

 مجلة (فورين أفيرس)– الأميركية
 

 بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل من اقتحام تنظيم «داعش» الساحة العالمية، من خلال الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في أنحاء مختلفة من العراق وسورية، فإن الحملة ضد جماعات التنظيم قد حققت تقدما كبيرا. لكن التنبؤات بانهيار هذه الزمرة نهائيا قد تكون سابقة لأوانها. وأن ما يشهده العالم من نواح عديدة، هو عملية انتقال من منظمة متمردة لها مقار ثابتة إلى شبكة إرهابية سرية منتشرة في جميع أنحاء المنطقة والعالم.

طردت قوات الأمن العراقية مقاتلي داعش من المدن الرئيسية التي كانوا يسيطرون عليها من قبل، بما في ذلك الفلوجة والرمادي وتلعفر، ومؤخرا الموصل التي كانت قاعدة هامة لعمليات المتمردين خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية.

وقد يضطر تنظيم داعش إلى تغيير استراتيجيته وتكتيكاته، حيث بدأ يستعد بشكل استباقي للمرحلة التالية من الصراع. وباختصار، فهو ينتقل من منظمة متمردة إلى جماعة إرهابية… وفي المستقبل المنظور ستواصل المجموعة العمل تحت الأرض في المناطق الصحراوية في شرق سورية وغرب العراق، معتمدة على تكتيكات العصابات الكلاسيكية مثل القنص والكمائن والهجمات على الطائرات وتفجير السيارات المفخخة والاغتيالات.

إن التحول من التمرد إلى الإرهاب سيؤدي إلى تحول داعش إلى الموارد لتعزيز الامتيازات القائمة في أفغانستان وليبيا واليمن وشبه جزيرة سيناء في مصر. وسيسعى في الوقت نفسه للدخول في دول أخرى فاشلة وأقاليم غير خاضعة للرقابة متعاطفة مع إيديولوجة التنظيم، من شمال القوقاز إلى جنوب شرق آسيا.

ومن المرجَّح أن يتضمن جزءا من استراتيجية داعش تركيزا مجددا على التخطيط والقيام بهجمات مذهلة في الغرب، وهو جزء من محاولة لجذب الانتباه وإثبات أن المجموعة، إن وجدت، قادرة على الصمود في وجه القمع.

ومن المرجَّح أن يستمر داعش في استخدام الاتصالات المشفرة لتوجيه الهجمات الإرهابية في الخارج، حتى عندما يتحول إلى كيان أقل مركزية. ومن المرجَّح أيضا أن يكون لهذا العنصر الظاهري أهمية أكبر، حيث تحث المجموعة أتباعها في جميع أنحاء العالم على ارتكاب أعمال عنف باسمها، إلى أن تتم استعادة الخلافة في تاريخ لاحق لم يحدد بعد. ويجب على الحكومات أن تستجيب باستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تنطوي على مزيج من مبادرات السياسة العامة، من زيادة تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات والأمن إلى برامج ممولة تمويلا جيدا وذات كفاءة عالية ترُكز على مكافحة التطرف العنيف.

إن الاعتراف بانتقال داعش من تنظيم للمتمردين إلى شبكة إرهابية أمر بالغ الأهمية لصياغة الاستراتيجية الصحيحة وتخصيص الموارد المناسبة اللازمة للقتال، من أجل هزيمته في نهاية المطاف. ويتطلب ذلك استخدام مزيج من الأدوات العسكرية والشرطية والدبلوماسية والاقتصادية من أجل التصدي بفاعلية لحملات العنف التي يشنها داعش.