ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | «تحرير» كركوك! ماذا عن بغداد؟
|
هيفاء زنكنة
|
القدس العربي |
مع تسارع الاحداث، وتصاعد العنف وما يصاحبه من أزمة انسانية في إقليم كردستان العراق، ومع محاولتنا فهم الوضع، الحالي، يواجهنا إغراء كبير: ان تستغرقنا التفاصيل الداخلية والإقليمية إلى حد نسيان الوضع الدولي، مكررين ما كان الفيتناميون يقولونه اثناء حرب التحرير تفاديا للتطرق لانقسامات حلفائهم: « الوضع العالمي لايزال معقدا». من التفاصيل، غير المفهومة، حتى لمناصري القضية الكردية، مغامرة (الحماقة أحد أبعادها) رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني. هل تم اسقاطه في فخ لم يدرك ابعاده، فوجد نفسه في حفرة عميقة، حفرها له أصدقاؤه وحلفاؤه، قبل اعدائه، ليتبع مسار والده الملا مصطفى، حين اُجبر على مغادرة العراق، عام 1975، بعد ان تخلى عنه حليفه شاه إيران محمد رضا بهلوي، إثر توقيعه اتفاقية الجزائر مع نظام البعث ببغداد؟ حفرة أعمق من تلك التي سقط فيها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين طمأنته السفيرة الأمريكية، عشية خوضه مغامرة غزو الكويت، بأن ما يحدث بين العراق والكويت شأن داخلي لا يعني أمريكا. وها هو العراق لايزال يدفع ثمن تلك الحماقة. في عام 1975، شاهدنا كيف تخلى آلاف البيشمركة عن أسلحتهم خلال أيام، مرددين: ليس للكرد من صديق غير الجبال. وها نحن اليوم، نرى التاريخ يكرر نفسه بمفارقتين مأساوية – كوميدية. المفارقة الأولى ان يقوم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب الطالباني، بتوجيه صفعة لا مثيل لها، حين تحالف مع حكومة حزب الدعوة وإيران ضد البارزاني. المفارقة الثانية هي مغادرة بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني، مدينة كركوك، وما كان يطلق عليه مصطلح « المناطق المتنازع عليها»، خلال ساعات. انه مشهد نستحضر خلاله لجوء البارزاني عام 1996 إلى حكومة حزب البعث (العدو اللدود)، طالبا المساعدة ضد حزب الطالباني المدعوم، آنذاك، أيضا، إيرانيا. مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقات بين الكرد أنفسهم. فهل التآخي الكردي بين الحزبين وهم تلاشى عند صخرة التحالف الاستراتيجي مع إيران؟ أم ان الخلاف بين الحزبين الكرديين حول تقاسم ثروة النفط، بكركوك، في العامين الأخيرين، كما الخلاف حول استخلاص الجمارك من تهريب البضائع في التسعينيات، أعمق من تحقيق حلم استقلال كردستان؟ هل الاستقلال الكردي لعبة سياسية واقتصادية يتم تحريكها، بين الحين والآخر، من قبل القيادات الكردية، بالتوافق مع تحالفات متحركة اقليمية ودولية، لأبقاء العراق ضعيفا، تنخره الصراعات مع الحكومة المركزية، المشغولة، غالبا، باستنباط طرق كفيلة بقمع الشعب؟ هذا ما بينته حماقة البارزاني الأخيرة. وإذا كان البارزاني مثالا فرديا، قد يجد منفذا من حفرته، مهما كان خروجه مهينا، الا ان التاريخ لا يرحم الدول عند سقوطها في حفرة الحماقات، الاتحاد السوفييتي نموذجا، حين اقتادته الولايات المتحدة إلى أفغانستان، بطُعم محاربة المجاهدين. لفهم سيرورة نصب الفخ، يقول بريجنسكي، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي كارتر، في مقابلة معه عام 1998: «وفقا للنسخة الرسمية من التاريخ، بدأت مساعدة وكالة المخابرات المركزية للمجاهدين، بعد غزو الجيش السوفييتي أفغانستان. ولكن الواقع، الذي بقي سرا حتى الآن، هو خلاف ذلك تماما: في الواقع، كان 3 تموز/يوليو 1979، أي قبل التاريخ الرسمي بعام، حين وَقَع الرئيس كارتر موافقته على تقديم المساعدة، السرية، لخصوم النظام الموالي للسوفييت في كابول. وفي ذلك اليوم نفسه، كتبتُ مذكرة للرئيس شرحت فيها أن هذه المساعدة ستحفز، في رأيي، التدخل العسكري السوفييتي… لم نضغط على الروس للتدخل، لكننا زدنا احتمال تدخلهم». إذا اخذنا هذا المسار التاريخي بعين الاعتبار، وطبقناه على مجريات الاحداث المتسارعة بالعراق، عموما، من دحر المقاومة ضد الاحتلال إلى ولادة «الدولة الإسلامية» وما بعد الاستفتاء في إقليم كردستان، لوجدنا ان تقاطع المصالح، ليس وليد اللحظة، وهو ليس ابن النضال ضد نظام شمولي، كما انه لا يجري وفق أهواء او حماقات القادة. قد لا تكون أمريكا، مثلا، قادرة على كل شيء، وهي معرضة للسقوط في الكمائن، كغيرها، الا ان قدرتها على وضع عدة سيناريوهات في التعامل مع اعدائها وحلفائها، واستعدادها للتضحية بهم، مهما كانت درجة ولائهم، من اجل المحافظة على أمنها وهيمنتها، ساعد على بقائها دولة عظمى يتسابق القادة على نيل رضاها بشكل علني أو سري. هذه التحالفات الأقرب إلى زواج المتعة لصالح أمريكا، هي التي جعلتها تساند العراق، بداية، اثناء الحرب العراقية الإيرانية، ثم مساندة إيران بالتعاون مع إسرائيل. ولم تكن أمريكا، حينها، ضد نظام الخميني لأنه كان، بنظرها مشروع حليف ضد الشيوعية، ولا يشكل التحالف معه خطرا إسلاميا على أمريكا، اذ «لا وجود، حقيقيا، للإسلام العالمي الموحد»، حسب تعبير بريجنسكي. وهو منظور، أثبتت سنوات ما بعد غزو العراق، صحته إلى حد بعيد مع تفكيك الدولة العراقية، ومأسسة التشرذم الطائفي، ونمو النفوذ الإيراني من خلال ميليشيات محلية، وبروز منظمات إرهابية إلى جانب الإرهاب الحكومي. إقليميا، سارعت تركيا إلى توقيع اتفاق غير متوقع مع إيران، ووقفت جانبا بانتظار ما ستُسفر عنه الاحداث فيما يخص مدينة كركوك. واختارت أمريكا الوقوف جانبا، أيضا، واعلانها الحياد، قبل يومين من اجراء الاستفتاء، تاركة البارزاني عاريا الا من صداقة الجبال بعد ان وقع في فخ الوعود الأمريكية ـ الإسرائيلية (عبر «مستشاريه» خليل زاد وغالبريث) والفرنسية (عبر كوتشينر وليفي). وكان البارزاني قد فَسَر صداقة عدد من مسؤولي هذه الدول بأنه دعم سياسي دولي، متوهما، ان الصداقة تعني مصلحة البلد. فلا عجب ان يتقدم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، ليكون القائد الحقيقي لعملية ادخال ميليشيات الحشد، خلال ساعات، إلى مدينة النفط وغيرها. ووقف مندوبا إيران بالعراق، هادي العامري (فيلق بدر) ومهدي المهندس (حزب الله)، تحت العلم العراقي، في لقطة تم اخراجها للاستهلاك الإعلامي، بعنوان «تحرير كركوك»، بينما ترفرف، في كل مكان آخر، وحتى على الآليات العسكرية، أعلام فصائل الميليشيات المسلحة، المتكاثرة بسرعة الارانب، الناشطة بحصانة لا مثيل لها خارج القانون، والتي تشكل خطرا يجعل خطر البارزاني على وحدة العراق نكتة سمجة، وادعاءات حيدر العبادي بالنصر، وإخلاء المدن من « الميليشيات» نكتة أكثر سماجة. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | هل يمكن اعتبار 2017 عام تصفير الخلافات بين السعودية والعراق؟
|
محمد العصيمي
|
العرب |
في ظل وجود الدافعين القويين، الدافع السياسي والدافع الاقتصادي، يمكن تفسير سرعة تنامي العلاقات السعودية العراقية في الأشهر الأخيرة وتجاوزها العديد من الأسلاك الشائكة التي أحدثت ندوبا عند الطرفين.
بمناسبة زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية وتوقيع اتفاقية مجلس التنسيق السعودي العراقي هل يمكن بحق اعتبار عام 2017 هو عام تصفير الخلافات والمشكلات بين بغداد والرياض، أم أن الحكم على هذه العلاقات وتطورها في المستقبل ما زال مبكرا؟
العلاقات السعودية-العراقية انقطعت لما يزيد عن ربع قرن، أي منذ غزو نظام صدام حسين للكويت في عام 1990. واستمر توتر هذه العلاقات خلال الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 وما تلاه من تكوين حكومة بقيادة حزب الدعوة الشيعي. وفي أثناء رئاسة نوري المالكي للحكومة العراقية زاد تأزم العلاقات بين البلدين من جراء اعتماده سياسة طائفية وتمكينه إيران من بسط نفوذها الحصري على العراق.
هناك أيضا ما يمكن اعتباره مكدرات لهذه العلاقات من الجانبين بعد أن أعادت السعودية فتح سفارتها في بغداد عام 2015 وعينت ثامر السبهان سفيراً لها. لم يحدث حينها، بعد عودة السفارة، اختراق يذكر في الغيمة الكثيفة للخلافات بين البلدين، بل على العكس من ذلك أبدت بغداد عدم ارتياحها لوجود السبهان وانزعاجها من تصريحاته التي اعتبرتها، بحسب قولها، تصريحات تغذي الفتنة الطائفية وتعتبر تدخلاً في شؤون العراق الداخلية؛ إلى أن طلبت الحكومة العراقية من المملكة تغيير السفير ثامر السبهان فغادر منصبه وعين العميد عبدالعزيز الشمري قائما بالأعمال خلفا له.
من الجانب السعودي كانت المكدرات للعلاقة مع بغداد، ما قبل 2017، تهدد أي رغبة من جانب المملكة في تعاون الدولتين الجارتين واستقرارهما في إقليمهما الملتهب. على سبيل المثال، إذا تجاوزنا هجوم نوري المالكي وإساءاته المعروفة للمملكة، كانت هناك تصريحات علنية لقيادات الحشد الشعبي بالزحف على المملكة وإسقاط نظامها، ثم إطلاقها اسم نمر النمر، الذي أعدمته المملكة في يناير 2016 بتهمة الإرهاب، على بعض كتائبها التي شاركت في معركة الموصل. كذلك كانت تصريحات بعض المسؤولين العراقيين وقادة الميليشيات الشيعية تصب المزيد من الزيت على نار الخلافات بين الدولتين. ومن أبرز من أطلق تصريحات نارية ومسيئة للمملكة وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري ووزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي، الذي كان قبل توليه حقيبة الداخلية أحد قادة ميليشيا بدر وتربطه علاقة معروفة بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
مع هذا الوضع المعقد من الخلافات والمكدرات لم يكن أحد يتوقع أن تتسارع وتيرة تطوير العلاقات بين البلدين، وأن تصل، في أقل من سنة، إلى هذه الدرجة من التنسيق وإلى هذه الحميمية التي بدت واضحة في خطابي خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء العراقي أثناء رعايتهما حفل توقيع اتفاقية مجلس التنسيق السعودي العراقي. بل وبدت، أيضا، في ردود الفعل على المستوى الشعبي في البلدين أثناء الزيارة الأخيرة وتوقيع اتفاقية المجلس التنسيقي. لكن يبدو أن ما لم يتوقعه أحد فرضته الدوافع السياسية والاقتصادية التي كانت في نهاية المطاف أقوى من كل خلاف وأقوى من النفوذ الإيراني على قرار الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي.
في الدوافع السياسية بالنسبة للمملكة عكس مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض توترا كبيرا في العلاقات الأميركية الإيرانية. ومثل ذلك فرصة لحضور السياسة السعودية في العراق، لا سيما وأن الجوار الجغرافي والمصالح المشتركة ومكانة المملكة في العالم العربي تؤمن هذا الحضور السياسي في بغداد ولدى حكومة العبادي الراغبة، لمصلحة العراق والعراقيين، في الانفتاح على الدول العربية. ومع ذلك لا تأمل السعودية كثيرا في تغيير المشهد العراقي، لكنها تأمل على الأقل بحدوث تغيير ولو محدود في الخريطة السياسية العراقية يؤدي إلى تعاون البلدين في حدود الممكن بدلا من قطيعتهما التي تهدد استقرار كلتا الدولتين.
أما الدوافع الاقتصادية فتبدو أكثر من جانب بغداد، فالعراق المثقل بملفات إعادة الإعمار يعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية وانعكاس هذا التدهور على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. أيضاً عانى العراق من النتائج السلبية على اقتصاده جراء إغلاق حدوده مع المملكة ومع سوريا نتيجة للتدهور الأمني على هذه الحدود خلال السنوات السابقة. ومن الطبيعي لحكومة عراقية راغبة وجادة في تغيير المشهد الاقتصادي والاجتماعي في العراق، أن تراهن على تطوير علاقاتها مع المملكة لتحقيق نتائج اقتصادية إيجابية، وأن تراهن كذلك على دور المملكة في إعادة الإعمار والاستثمار، وها هي السعودية هذه الأيام تشارك بجناح ضخم يضم ستين من أكبر شركاتها في معرض بغداد الدولي، وقد خُصّ المشاركون السعوديون في هذا الجناح بحفاوة واستقبال كبيرين من العراقيين.
إذن في ظل هذين الدافعين القويين، الدافع السياسي والدافع الاقتصادي، يمكن تفسير سرعة تنامي العلاقات السعودية العراقية في الأشهر الأخيرة وتجاوزها العديد من الأسلاك الشائكة التي طالما أحدثت جروحا وندوبا عند الطرفين. لكن إذا عدنا للسؤال الذي بدأت به هذا الموضوع فإن من الصعب الجزم الآن بتصفير الخلافات والمشكلات بين بغداد والرياض. كل ما هنالك أن البلدين أخذا نفسا عميقا وغلبا مصلحتهما العليا على قطيعتهما وخلافاتهما، وهو ما يؤمل أن يستمر ويتطور، وأن تنتقل عدواه الإيجابية إلى كل الدول العربية. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | وحدة الدولة العراقية | مكرم محمد أحمد | الاتحاد الاماراتية |
بسيطرة العراق المفاجئة والسريعة ومن دون معارك تذكر على منطقة كركوك وحقولها البترولية الغنية (100 كيلو متر مربع)، التي كان الأكراد يأملون في أن تكون عاصمتهم الجديدة لإقليمهم «المستقل» رغم أنها تضم نسبة غير قليلة من التركمان والعرب وطوائف عرقية ودينية أخرى تجعلها متعددة الفئات، وبعودة سلطة الدولة المركزية إلى كركوك التي استولت عليها كردستان عام 2014 بعد هزيمة الجيش العراقي في الموصل- آنذاك- أمام داعش، نجحت بغداد في أن تفرض على الأرض واقعاً جديداً، حيث نزع كركوك من سلطة الزعيم الكردي مسعود البرزاني، وأضعف فكرة الدولة الكردية المستقلة خاصة بعد الانقسام الضخم في الموقف الكردي تجاه التطورات الأخيرة في كركوك على وجه الخصوص، وانضمام حزب الاتحاد الكردي الذي كان يرأسه جلال الطالبانى إلى الدولة المركزية ورفضه الدخول في أي مواجهة عسكرية مع القوات العراقية وتسليمه طواعية جميع مواقعه في منطقة كركوك إلى حكومة بغداد.
ورغم أن مسعود البرزاني يتحدث الآن عن مؤامرة وخيانة أدت إلى تسليم كركوك للسلطة المركزية دون أية معارك، غير أن ما حدث على أرض الواقع يؤكد أن سقوط كركوك جاء في أعقاب ليلة تفاوض شاق جرى في مدينة السليمانية، حضرها مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الذي أصر على إجراء الاستفتاء رغم تحذيرات الجميع وعدد من قيادات الحزب الاتحادي، ورأس التفاوض الرئيس العراقي فؤاد معصوم الذي قدم من بغداد مصراً على إنهاء المشكلة، لكن برزاني أصر على موقفه مطالباً بمهلة جديدة، ولم يكن هناك من حل سوى أن تبدأ السلطة المركزية تحريك قواتها وفرض سيطرتها على كركوك، وبالطبع لم تشارك قوات الحزب الاتحادي الكردي في المعارك وانسحبت من المعركة تاركة مواقعها لقوات بغداد المركزية.
لقد استطاعت بغداد أن تلزم العالم بالوقوف إلى جوار العراق بما في ذلك الولايات المتحدة التي تتعاطف مع الأكراد ومنحتهم هذا الزخم الضخم للمطالبة بالاستقلال، وبرغم التعاطف الواسع الذي تلقاه القضية الكردية توافق العالم على أن الحل الصحيح للمشكلة هو تصحيح العلاقة بين حكومة بغداد المركزية والأقلية الكردية «4 ملايين نسمة» وليس الانفصال في دولة عرقية مستقلة خاصة أن الأكراد والعرب يخوضون معاً المعارك الأخيرة ضد تنظيم داعش الإرهابي.
ولعل المطلوب الآن من العراق بكل فئاته وطوائفه كي يبقى دولة قوية موحدة أن يخفف الشيعة العراقيون من غلواء طائفيتهم، وأن يعترف أكراد العراق بحجم التقدم الضخم الذي حدث لهم في إطار الفيدرالية العراقية، وأن تعرف العشائر العربية وسط العراق أن عصر صدام حسين قد مضى وانتهى، وأن وحدة الدولة العراقية هي أعظم خياراتهم وليست داعش أو النصرة.
وقد أدارت بغداد الأزمة بشجاعة ومهارة فائقة، ولم تتسبب في أي أذى للشعب الكردي، وتمثل ردها الصحيح في تطبيق الدستور العراقي الذي وافق عليه الأكراد ورد حقول البترول خارج حدود أراضي كردستان إلى الدولة المركزية، وإعادة منافذ الحدود والمطارات إلى سيطرة الدولة المركزية، لكن مسعود البرزاني فعل عكس ذلك، بعد أن خدعته الصورة من الخارج وتصور أن الأميركيين سوف يساندونه في ظروف يحتاجون فيها إلي وحدة الكرد والعرب في الحرب علي داعش خاصة أن المعركة الحاسمة في مدينة «الرقة» السورية تقترب من نهايتها، على حين استخف مسعود البرزاني بقوة المجتمع الدولي فإذا به يجد نفسه وحيداً إلا من مساندة إسرائيل، والأنكى من كل ذلك أن يتجاهل «البرزاني» تناقضات الموقف الداخلي الكردي وخروج أصوات معارضة قوية للانفصال تمثلت في الحزب الاتحادي، كما استخف بحقوق التركمان والعرب في مدينة كركوك التي أرادها خالصة للأكراد.
ولا شك في أن التخفيف من غلواء الموقف الطائفي في العراق وإعادة الوجه العربي الوحدوي إلي سياسات العراق وتجنب ممارسات نوري المالكي السابقة التي تتسم بالتشدد الطائفي، وتوجيه خطاب سياسي جديد إلي العشائر العربية وسط العراق يضمن لها تكافؤ حقوق المواطنة، وتقليل نفوذ الحشد العراقي الذي هو بالفعل مليشيات شيعية طائفية، وتقليص حجم التأثير البالغ لإيران على هوية العراق، حيث تبدو وكأنها الوارث الوحيد لسلطات أميركا بعد غزو بغداد، كل ذلك يمكن أن يساعد على تعزيز استقرار العراق ووحدته ويزيد دعائم قوة الدولة العراقية ويعزز روابط المصلحة المشتركة بين العراق والعرب ودول الخليج ويصب في مصلحة أمن الشرق الأوسط واستقراره. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 |
كردستان وفلسطين… قياسات مشبوهة وسياسات انتقائية
|
محمد خالد الأزعر
|
الحياة السعودية |
إعلان إسرائيل جهرة تأييد طموح العراقيين الأكراد إلى الانخراط في دولة خاصة بهم، وإنكارها ذلك على الشعب الفلسطيني، يجعلها كمن يرى القشة في عيون الآخرين ويتعامى عن رؤية الخشبة التي في عينه. لا ريب في أن المقارنة بين حالتي الأكراد والفلسطينيين لا تخلو من تجاوز صارخ للمنطق والموضوعية. ففي التحليل الأخير يبقى مطلب الأكراد بالاستقلال عن الدولة العراقية قضية خلافية جداً، قابلة للجدال بالمعاني التاريخية والثقافية والسياسية والفقهية القانونية. ولعل التوصيف الأكثر صدقية في تشخيص ما يسعون إليه، هو أنهم أصحاب نزعة انفصالية عن دولة وطنية أُمّ، لا تحظى بالتعاطف الإقليمي أو العالمي العام، ولا رصيد لها في قرارات التنظيمات الدولية المتعلقة بحقوق الشعوب في تقرير المصير. أين هذه المعطيات من واقع الفلسطينيين وقضيتهم، التي تندرج تحت باب الخضوع عنوة وبالقوة العارية لاستعمار استيطاني من كيان استزرع في وطنهم التاريخي، ولا تجمعهم به صلة من أي نوع، وهم في كل حال شعب معترف له بالحق في التحرر والاستقلال وتقرير المصير والدولة، وعلمهم يرفرف إلى جانب أعلام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة؟
على رغم هذه الحقائق والحيثيات، فإن مقاربة الدولة العراقية لقضية الأكراد، سمحت لهم بمساحة من التسيير الذاتي في الإدارة والتشريع واستغلال الموارد الجهوية، على نحو لا يمكن القياس عليه حين نستحضر حدود السيطرة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وانتهاكها حقوقه الفردية والجماعية بكل المعاني المتصورة.
إيجازاً، تتجلّى مفارقة عوار التعامل الإسرائيلي مع القضيتين، الكردية والفلسطينية، في أن تل أبيب هي، على حدّ العلم، العاصمة الوحيدة في عالمنا المعاصر التي تسبغ على العراقيين الأكراد الحقّ في الانفصال والاستقلال الكامل، فيما أنها في الوقت ذاته وحيدة العصر والأوان، التي تضطلع بآخر نماذج استعمار دولة أخرى بالكامل اسمها فلسطين وتجتهد لابتلاع أرضها، وبعثرة شعبها ومطاردة مؤسساته وأطره التنظيمية والحيلولة دون استقلاله، في ما يعرف بحلّ الدولتين خلافاً لإرادة الدنيا بأسرها.
يحدث هذا على رغم دراية نخب الحكم والسياسة في إسرائيل بما يجمع بين الأكراد وسواد العراقيين من وشائج، ودرايتهم بما يفرّق بين اليهود الصهاينة المستوطنين، المستجلبين من أرجاء المعمورة، وبين الشعب الفلسطيني. نتأكد أكثر من وجود هذا العوار الكبير والسلوك الانتقائي المرضي، في ضوء عدم اكتراث السياسة الإسرائيلية بنزعة استقلال إقليم كتالونيا عن الدولة الإسبانية، على رغم تشابهها المحتمل مع ما يعتمل في كردستان العراق، وتزامن الاستفتاء في الإقليمين على الانفصال عن الوطن الأُم. نحن، والحال كذلك، إزاء مقاربة إسرائيلية مسمومة لا صلة لها مطلقاً بالقيم والمبادئ الحانية على «استقلال شعوب أو أقليات مضطهدة».
الأمر وما فيه هو أن إسرائيل تسعى إلى إيجاد نظائر لها من كيانات منمنمة، تدور في فلكها وتسبّح بحمدها وتجعلها تبدو عملاقاً في إقليمها.
من بين ما يدعو إلى الأسى في هذا السياق، عجز مَن يعتبرون أنفسهم أبطالاً وزعماء للأقليات في الرحاب العربية عن قراءة هذه السياسة الصهيونية الإسرائيلية البالغة الخبث. يقول مسعود بارزاني إن «إسرائيل وكردستان وجنوب السودان، تعدّ مكوّنات شاذة تحاصرها الدول العربية، ولن يسمحوا بأن يكونوا ضحايا للعنف». لقد خلط الرجل الحابل بالنابل، وأوقع نفسه خلال سطرين في بحر مِن أخطاء مطالعة محيطه الإقليمي تاريخياً وثقافياً وجغرافياً وديموغرافياً وسياسياً. والأهم أنه لوى عنق حقيقة تخرق الأعين، هي أن جنوب السودان، الذي سبق كردستان إلى الانفصال والاستقلال قبل بضع سنين، غارقٌ الآن في لجّة من التخاصم والعداء والاقتتال الدموي الداخلي، بما أدى إلى تشريد نصف الجنوبيين وإيرادهم موارد التهلكة، وقد لا نبالغ إن ذهبنا إلى أن كثيرين منهم يترحّمون الآن على زمن السودان الواحد.
وددنا لو أن الزعيم الكردي فطِن إلى معنى تزويد إسرائيل القوى المتحاربة في جنوب السودان بالسلاح والعتاد، تماماً كما كانت تفعل معهم وقتَ أن كانوا شركاء في معسكر واحد ضد السودان الأُم.
على ذكر محاولة الانفصال الكتالونية والباسكية ونحوها في إسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية، مثل إقليمي إسكتلندا وإرلندا في بريطانيا، يلح على الخاطر أننا قد نكون إزاء بضاعة الأوروبيين وهي في طور الارتداد إليهم. فهم التزموا طويلاً فكرة تجزئة عوالم الآخرين، ومنها العالم العربي، إلى دويلات وفق الملل والنحل والطوائف الأولية المنمنمة أو المهجورة والهويات الأولية الساكنة. هذه مسألة تحتاج إلى المتابعة ومزيد من المدارسة. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 |
دبلوماسية عودة العراق وتحييد إيران
|
حمود أبو طالب
|
عكاظ السعودية |
شهدت الرياض قبل أمس حدثاً في غاية الأهمية من حيث توقيته ودلالاته وأبعاده ونتائجه المستقبلية وتأثيره على مسار الأوضاع الراهنة في محيطنا، فقد تم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي العراقي بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي بحضور وزير الخارجية الأمريكي السيد ريكس تيلرسون، ألقى خلاله الملك سلمان كلمة قصيرة لكنها بالغة الأهمية في إشاراتها إلى طبيعة العلاقات بين المملكة والعراق والقضايا البارزة المشتركة التي تتطلب المعالجة، كما عقد وزير الخارجية السعودي مؤتمرا مع نظيره الأمريكي وصرح بعده تصريحا مهما بشأن تحييد مهددات الأمن الخليجي الذي تمثله إيران بتدخلاتها المستمرة وإصرارها على التواجد العلني التخريبي في أكثر من ساحة، خصوصا العراقية.
أولا، لا بد من الإشادة بالدبلوماسية السعودية التي أثمرت عن استعادة العراق إلى الحضن العربي، وبدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية تتسم بالتنسيق الشامل لكل مجالات التعاون، بدأت خطواتها عمليا وسوف تتسارع وتيرتها في الفترة المقبلة. وقد أثبتت المملكة حرصها الأكيد على وحدة العراق ورفضها لسابقة التجزئة للوطن الواحد بموقفها من توجه إقليم كردستان للانفصال ودعوتها لحل الإشكالات بالحوار وفي إطار الدستور؛ أي أن المملكة تسعى لبناء علاقات وثيقة مع عراق عربي جديد موحد يتبنى مشروعا تنمويا شاملا يغير الحياة فيه إلى الأفضل.
ومن ناحية أخرى فإن تصريح الوزير الأمريكي بأن الهدف بناء عراق قوي بعيداً عن طهران، وأن مجلس التنسيق يأتي لصالح البلدين والمنطقة بأكملها، لهو دلالة واضحة وتأكيد على جدية الإدارة الأمريكية الجديدة في تعاملها مع إيران التي أصبحت السبب الأبرز للمشكلات والأزمات في محيطنا، نتيجة دعمها وإطلاق يدها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة لتعيث فسادا وتخريبا، لكنها الآن تواجه حصارا جادا وتحييدا عمليا لتبقى خارج شؤون الآخرين، وعندما تنجح الدبلوماسية السعودية الأمريكية في إخراجها من الساحة العراقية فإن ذلك إيذان بشل نشاطها في بقية الساحات عبر عملائها ووكلائها لتتخلص المنطقة من شرورها.
نبارك لأنفسنا كسعوديين بالنهج الجديد لدبلوماسيتنا المثمرة، ونبارك لأنفسنا كعرب بعودة العراق إلى أشقائه ورؤيتنا لبوادر نهضته من جديد.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | عودة العراق إلى تاريخه العربي
|
سعيد السريحي
|
عكاظ السعودية |
توج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز العلاقات السعودية العراقية المتنامية بعد قطيعة طال أمدها بكلماته حين قال «ما يربطنا بالعراق ليس مجرد جوار ومصالح، بل أخوة ودم ومصير مشترك»، وتلك هي الحقيقة التي ينبغي أن تقف في وجه أي محاولة لتعكير صفو العلاقة التي ينبغي أن تكون بين بلدين يشكل كل منهما عمقا إستراتيجيا للوطن العربي، ومن شأن أي قطيعة بينهما أن تشكل شرخا في كيان الأمة العربية التي لم تكن محتاجة قط لوحدة الصف كما هي محتاجة إليه اليوم، في ظل ما يتهددها من مخاطر ويحيط بها من تهديدات ليس أولها الإرهاب الذي أوشك أن يقضي على الدولة في العراق، وسعى قبل ذلك إلى زعزعة الاستقرار في المملكة، وليس آخرها الخطر الإيراني الذي بات يمس سيادة العراق على أرضه، وزج قبل ذلك بالعراق في حرب طويلة نالت كثيرا من مقدراته ودم أبنائه.
وإذا كانت السياسة العراقية قد انحرفت عن مسارها وابتعدت بالعراق تاريخا وشعبا عن محيطه العربي نتيجة لاضطراب الرؤية الذي أحدثه الغزو الأمريكي، وما أعقبه من تصاعد بعض النعرات والتوجهات الطائفية، وما تلا ذلك من خطر مثلته داعش والقاعدة، إذا كان ذلك هو ما مس السياسة العراقية فقد آن للعراق، وقد أخذ يتعافى من محنة الإرهاب وخطره ويستعيد وعيه، أن يستحضر تاريخه العظيم وثقافته العظيمة كذلك ويعود ثانية إلى حاضنته العربية، متخذا من المملكة بوابة لهذه العودة المباركة التي من شأنها أن تحمي العراق من أن يكون ولاية إيرانية، كما يحمي الوطن العربي من أن يفقد دولة تشكل خط دفاعه الأول في مواجهة المد الإيراني القادم من الشرق.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
7 | العلاقات السعودية العراقية وآفاق الشراكة | جعفر الشايب
|
اليوم السعودية |
خطت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العراقية خطوات غير مسبوقة خلال الأشهر القليلة الماضية، تبودلت خلالها الزيارات البينية على مستويات عليا مختلفة، حيث شارك العديد من المسؤولين والوفود الشعبية والتجارية والقيادات البارزة في عقد اتفاقيات لبدء شراكات متنوعة في مختلف المجالات.
وتأتي عودة تشغيل الناقل الجوي السعودي «ناس» لرحلاتها الى بغداد بعد انقطاع دام 27 عاما، ومشاركة وفد تجاري رفيع المستوى يمثل 77 شركة سعودية في معرض بغداد الدولي، وعقد مؤتمر مجلس التنسيق السعودي العراقي في الرياض بمشاركة رئيس الوزراء العراقي وجمع كبير من الوزراء والمسؤولين، كلها أحداث متتابعة تدل على جدية تنشيط وإعادة العلاقات البينية من أوسع أبوابها.
من الملاحظ أنه إضافة إلى الاهتمام الرسمي من الجانبين لتنشيط العلاقات، فإن هناك ترحيبا عراقيا وسعوديا شعبيا أيضا بهذه التوجهات تم التعبير عنه خلال الاستقبالات التي تمت للوفود والشعارات التي تم رفعها، والكلمات التي قيلت في هذه المناسبات.
هذه العودة الحميدة للعلاقات بين البلدين العربيين والجارين، تعبر عن رغبة مشتركة في تجاوز تبعات المرحلة الماضية التي مرت على المنطقة وخلقت أجواء من الشحن والتوتر بين مختلف الدول وخاصة مع تأثير التدخلات الخارجية التي لا تود للعلاقات بين الدول العربية أن تتكامل وتتفاعل.
المصالح المشتركة بين الدولتين كبيرة جدا وعلى مختلف الأصعدة، وبناء التوافق وصياغة المواقف المشتركة بينهما ضرورة للغاية في هذه المرحلة، ومن هنا فإن الحوار المباشر بين الطرفين ومع مختلف القوى الفاعلة كان مفتاح التطور الايجابي في العلاقة بين المملكة والعراق.
هناك طريق طويل لبناء علاقة استراتيجية فعالة ومتينة، ولكنها بدأت من خلال بناء الثقة المتبادلة، وتصحيح النظرات المتبادلة لتعديل الصور السلبية التي نتجت عن مراحل التوتر والتصريحات غير المسؤولة لبعض الجهات التي لا تريد للعلاقات الايجابية بين البلدين أن تتطور.
بالإضافة إلى الفرص التجارية للشركات السعودية للعمل في العراق، فإن هناك حاجة إلى المزيد من الجهود الإنسانية للمساعدة في انتشال العراق من آثار الحروب الداخلية المدمرة، وإلى تعميق التواصل الأهلي والشعبي والانفتاح مع مختلف القوى الفاعلة. إن عودة التعاون الثقافي وتبادل البرامج المشتركة بين دور العلم والجامعات والمراكز الثقافية في البلدين سيسهل كثيرا من الانفتاح على النتاج العلمي والثقافي والخروج من دوائر الاحتباس السياسي. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
8 | لماذا سقط مشروع انفصال كردستان العراق وهو في المهد ؟!
|
محمد النوباني
|
راي اليوم بريطانيا |
لم يدرك مسعود برزاني عندما اصر على اجراء استفتاء انفصال كردستان العراق في الخامس والعشرين من ايلول سبتمبر الماضي ان موازين القوى الاقليمية والدولية لن تسمح لهذه الخطوة الانتحارية المتهورة والمغامرة بان ترى النور لانها ولدت ميتة . فقد ظن مسعود ان استقوائه باسرائيل التي لم تخف يوما بانها اكبر المعنيين بتقسيم وتجزاة الدول العربية المركزية التي تشكل او قد تشكل يوما خطرا عليها مثل سوريا والعراق ومصر ، سيضمن له تمرير مشروعه الانفصالي المتصهين . ولكنه نسي وهو الذي لا يرى في كردستان سوى دولارات النفط والغاز ان اسرائيل الذي وعدته بالحماية والدعم هي نفسها باتت بحاجة الى من يحميها ، ولذلك فان رئيس وزرائها لم يحرك ساكنا عندما اجتاحت القوات العراقية مديتة كركوك العراقية وبعض المناطق المتنازع علبه واكتفى باطلاق بعض التصريحات مناشدا دول العالم التدخل لانقاذ حلفائه في كردستان العراق . ولو ان مسعود برزاني يمتاز ببعض الحكمة والتعقل لكان عليه ان يقرأ جيدا مسألتين في غاية الاهمية قبل ان يقدم غلى مغامرته الحمقاء ، الآولى مسالة تمكن الحركة الصهيونية من تحويل مشروعها في اقامة وطن لليهود في فلسطين من وعد استعماري بريطاني دخل التاريخ باسم وعد بلفور الى دولة والثانية واقع موازين القوى الاقليمية المحيطة بكردستان ، وهل تسمح ام لا تسمح باقامة دولة مستقلة للاكراد ام لا ؟ واذا ما تناولنا المسالة الآولى وهي تحول المشروع الصهيوني من وعد الى دولة ، فان نجاحه كان مرتبطا بتبنيه ورعايته من قبل دول عظمى هي بريطانيا التي كانت الشمس لا تغيب عن املاكها الاستعمارية لحظة صدور وعد بلفور ، وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية ،ومن ضمنها فلسطين حيث قمعت بالحديد والنار كل انتفاضات الشعب الفلسطيني وابرزها ثورة (36- 39 ) من القرن الماضي ، ومكنت العصابات الصهيونية من بناء اجهزة دولة بكل ما تحمله كلمة الدولة من معنى داخل نظام الانتداب الاستعماري الذي فرضته على فلسطين مما مكن تلك العصابات من اقامة ما اصبح يسمى بدولة اسرائيل في 15 ايار عام 1948 ، وبقية الحكاية المعروفة . اما في حالة كردستان العراق فان مسعود البرزاني لم يدرك بسبب قصر نظره السياسي ان الدولة الاستعمارية الاكبر في هذا الزمن وهي الولايات المتحدة الامريكية والتي كانت تدعمه علنا منذ العام 2003 لم تعد قادرة على تجسيد وعدها له باقامة الكيان الكردي او استزراع دولة ” اسرائيل الكردية ” في هذه المنطقة من العالم بعد نهوض العملاقين ، الروسي والصيني وتقلص مقدرة واشنطن على التحكم بمصائر شعوب العالم الى حد كبير من ناحية ولان الركائز الاقليمية التي كانت تعتمد عليها في السابق لتاكيد وضمان سيطرتها على الشرق الاوسط وفي مقدمتها اسرائيل لم تعد قادرة على حماية مصالحها الاستراتيجية سيما بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في محور المقاومة في سوريا وتبدل موازين القوى بشكل جذري لمصلحتهم . اما المسالة الثانية التي لم يستطيع برزاني ادراكها ، وهي ان الجمهورية الاسلامية في ايران و بفعل قوتها الاقتصادية والعسكرية الضخمة وتحالفها الاستراتيجي مع روسيا والصين وقيادتها لمحور المقاومة باتت مركز صناعة القرار الاقليمي في المنطقة وبالتالي لا يمكن تمرير اي مشروع سياسي لا يتناغم مع مصالحها . ولذلك فقد راى العالم اجمع انه بمجرد زيارة قام بها قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الى اربيل والسليمانية دخلت القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي الى مدينة كركوك الغنية بالنفط وجوارها واسقط مشروع انفصال كردستان وهو في المهد . وبقي القول بان سقوط مشروع “كردستان الكبرى ” هو نذير شؤم لنظيره الصهيوني في فلسطين ،فمصدر المشروعين واحد هو بريطانيا التي اصدرت وعد بلفور في 2/11/1917 واصدرت وعدا مماثلا للاكراد طرحه ضابط مخابرات بريطاني يدعى “دبليو –آر – هاي ” في عام 1921 باقامة كردستان الكبرى وعوامل تفكك المشروع الاول وهي موازين القوى ستكون هي ذاتها عوامل تفكك المشروع الثاني . |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
9 | الدولة العراقية… باقية
|
مينا العريبي
|
صحيفة تلشرق الاوسط السعودية |
في يونيو (حزيران) 2014، عندما كان العراق يعاني من جروح خروج «داعش» إلى السطح، قررت مجلة «تايم» الأميركية اختيار خريطة العراق وهي تحترق غلافاً لعددها الصادر 14 يونيو. وكتبت عنواناً أثار حفيظة كثير من العراقيين؛ إذ كان «نهاية العراق». وبعد مرور 3 سنوات عصيبة من ذلك الوقت، تبقى الدولة العراقية واقفة. نعم، إنها متعبة وتعاني وفيها من المشاكل ما يجب استئصاله لمنع موتها مثل تفشي السلاح وخروجه من يد الدولة، ولكنها باقية. ومع إجراء إقليم كردستان استفتاءه على الاستقلال، رغم الاحتجاجات العراقية والدولية، خرجت أصوات مثل بيتر غالبريث، الدبلوماسي الأميركي السابق الذي أصبح الآن من المستشارين الذين يعملون لدى حكومة إقليم كردستان، أيضاً تنادي بانتهاء العراق. إلا أن تلك الأصوات فشلت مجدداً في تحقيق غايتها بإنهاء الدولة العراقية. إن الدولة العراقية في حاجة اليوم إلى دعم غير مسبوق لإفشال جهود إنهاء وجودها. وفي هذه اللحظة تخرج السعودية ودول عربية عدة عن صمتها وتبرهن على تمسكها بالعراق. صور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو يستقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هذا الأسبوع، حملت رسائل عدة للعراقيين والسعوديين على حد سواء، بالإضافة إلى رسائل للدول الإقليمية بأن التقارب العراقي – السعودي بات ركناً أساسيا بين أركان ضرورية لإعادة بناء العراق. فبعد معارك «داعش» الطاحنة وإجراء إقليم كردستان العراق استفتاء كان من الممكن أن يهدد وحدة البلاد، من المنتظر من الحكومة العراقية الخروج برؤية تحمي الدولة العراقية وتنهض بها. وزيارة العبادي للسعودية واستحداث «مجلس التنسيق السعودي – العراقي» يظهر رؤية منفتحة من العراق على محيطه العربي. كما أن حضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الاجتماعات في الرياض ضمن دلائل تشير إلى عودة الاهتمام الأميركي بالملف العراقي، ووضع أهمية للعلاقات العراقية – العربية لبناء جسور تساعده على العبور نحو الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات. تأسيس «مجلس التنسيق السعودي – العراقي» له أهداف عدة؛ فهو أولاً يجسد التعاون غير المسبوق بين العراق والسعودية، ويمكنه أن يفعّل أي اتفاقات ثنائية، ويحرص على إبقائها حية. ثانياً، إنه يثبت اللقاءات المجدولة بين المسؤولين السعوديين والعراقيين؛ كي لا تعود إلى قطيعة بين البلدين. وثالثاً، سيكون على هذا المجلس ابتكار فرص توثق العلاقات بين البلدين، بناءً على التجارة والتعاون، لا على العون وانتظار المساعدات فقط. وهنا، فإن أموراً مثل فتح معبر عرعر الحدودي بين السعودية والعراق، ووصول أول طائرة سعودية إلى العراق منذ أكثر من ربع قرن، تأتي لتدعم فعل المجلس. كما أن التنسيق الأمني والاستخباراتي فيه منفعة للبلدين. ومن السعودية بدأ العبادي جولة عربية أخذته إلى عمان والقاهرة، التقى فيها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وكانت كل هذه اللقاءات مثمرة بالنسبة للعراق؛ إذ جاء العبادي بدعم مهم من المملكة من المتوقع أن يتجسد بتوسيع التعاون العربي. وبينما يوسع العبادي من علاقاته مع الدول العربية، يقوم زعيم التيار الصدري بالخطوة نفسها، وقد زار الأردن يوم الاثنين بعد ساعات من زيارة العبادي له. وقد يكون التحالف بين العبادي والصدر تحالفاً يكسر من قبضة الفئات المدعومة فقط من طهران على مفاصل الحكم الحيوية في العراق، وبخاصة أن جميع الفصائل العراقية في انتظار إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة التي يمكن للدول العربية أن تبدي تأييدها لتحالف عراقي يؤمن بمشاركة السلطة بين جميع الأطياف العراقية. لا شك أن هناك كثيرين في الأوساط الإيرانية السياسية والعسكرية منزعجة من هذه التطورات. ولم يستطع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف السكوت مع اشتعال موقع «تويتر» هذا الأسبوع بصور مسؤولين عراقيين وسعوديين وأميركيين وهم يتناقشون ويبنون خططاً مستقبلية للعراق؛ إذ أطلق ظريف تغريدة غريبة يتساءل فيها «ما هي الدولة التي يعود لها مقاتلو (داعش)؟»، وكأنه يجهل أن مقاتلي «داعش» يأتون من عشرات الدول، من دول عربية إلى الصين والولايات المتحدة مروراً بألمانيا. ووصف ظريف السياسة الخارجية الأميركية بأنها «معيبة» على الرغم من أن العراقيين يشعرون بأن هناك إدارة أميركية مستعدة اليوم للتعاطي مع الملف العراقي بجدية واهتمام غابا منذ سنوات. ومع توثيق العلاقات السياسية السعودية – العراقية، وتوسيع الانفتاح العراقي على محيطه العربي، نحتاج إلى مرحلة مقبلة مهمة، وهي بناء الثقة وبناء العلاقات الاستراتيجية؛ إذ من الطبيعي أن تكون العلاقات بين الرياض وبغداد استراتيجية، وأن تكون تلك العلاقة أساساً للثقل العربي المطلوب في المنطقة، ولا سيما أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى بناء أرضية قوية للثقة بين الطرفين، وأن تنجح في اختبار الزمن وأي أزمات مقبلة. كما أنه من الضروري أن يكون للمواطن العراقي ثقة بدولته، وهنا الحلقة الأساسية للنجاح. اليوم المواطن العراقي يرى تحركات حكومته الخارجية والنهوض بمشاريع مهمة، لكنه ما زال في حاجة إلى بناء ثقته بقدرة الحكومة على القيام بواجباتها – من توصيل الخدمات الأساسية إلى حماية المواطن. وعلينا التذكر أن الثقة مرتبطة بالتوقعات. والشارع العراقي في حاجة إلى رفع توقعاته من الحكومة لتكون قادرة على إعمار الدولة وتقوية أعمدتها لتحمل أزمات مقبلة – لا تسمح لأحد بأن يتساءل مجدداً عن «نهاية العراق». الدولة باقية ويجب أن تكون توقعاتنا بأنها باقية لتعمر، بدلاً من التهديد المستمر لها. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
10 | العراق الجديد: الرياض تبني ما قوضته طهران
|
يوسف الديني | صحيفة الشرق الاوسط السعودية |
نقلة نوعية في العلاقات السعودية العراقية لا يمكن أن تخطئها العين، وكانت لكلمة خادم الحرمين الشريفين في توصيف العلاقات خارج إطار الدبلوماسية السياسية، بأنها علاقة جيرة وروابط إخوة، دلالة على أن المأمول يتجاوز مجرد رأب الصدع السياسي الذي شهدته العلاقات خلال السنوات الماضية، بعد الاستلاب الذي مارسته إيران لهويّة العراق العربية، وتقزيم بلد عريق بحجة الحرب ضد الإرهاب. التدخل الإيراني في الشأن العراقي كان إيذاناً بتكريس المحاصصة السياسية الطائفية، والولاءات مع أيديولوجيا ولاية الفقيه التي تحاول إيران تدويلها، كبديل لتصدير الثورة المباشرة، في العراق ولبنان واليمن، وتحويل ساحات النفوذ إلى مصادر لإنتاج الفوضى السياسية، وتقويض استقرار الدول وخرق التوافقية بين المكونات السياسية المختلفة. وبالطبع عادة ما يجد هذا التدخل قبولاً عند الشخصيات الانتهازية، كما هو الحال في بعض التيارات السياسية في لبنان، ونظام المخلوع صالح في اليمن، وبعض التيارات السياسية من أنصار الإسلام السياسي الشيعي في الخليج؛ لكنه ولاء مشروط بالبحث عن دور وليس عن قناعة بجدوى السلوك الإيراني في المنطقة الذي هو سلوك تقويضي هدمي لا يمكن أن يساهم في بناء دولة قدر أنه قادر على مفاعيل التدمير للدول المضطربة. العراق يتعافى من منطق الميليشيا بعد أن مضت سنوات طويلة والفوضى تلازمه كجزء من تبعات الانتقال إلى منطق الدولة الذي يتشكل الآن، وبحاجة إلى مساندة المجتمع الدولي ودول الجوار. وهنا يمكن أن نقرأ الاستباقية السعودية في العلاقات الخارجية، والمبادرة بمد يد التعاون والشراكة المبنية على الاحترام والمصالح المشتركة للعراق، وبسلوك ولغة ترفض الطائفية، وكان جزءاً من التأكيد على ذلك هو الدعمُ الكاملُ للحرب على تنظيم داعش ومباركة العراق بالتخلص من آفة الإرهاب، على الرغم من المخاوف والتحفظات المشروعة حول آليات ذلك، وتبعاته، والأخطاء التي قد تقع بسبب الانحراف عن سلوك الدولة والارتهان، ولو مؤقتاً، لسلوك الميليشيا. يمكن القول إن جزءاً من الإرادة العراقية وُلد بعد محاصرة سلوك إيران في المنطقة، وأبرزها أصوات النقد العالية من قبل الإدارة الأميركية، التي من المفترض أن تعقبها مرحلة جديدة في ضبط هذا السلوك. الإدارة الأميركية الجديدة انتقدت هيمنة ملالي طهران، بل واعتبرت النظام الإيراني هو الراعي الرئيس للإرهاب في المنطقة في أهم ثلاثة ملفات؛ العراق وسوريا واليمن. في الملف العراقي انتهت مرحلة المالكي الذي كان ممانعاً لأي أدوار غير إيرانية في النهوض بعراق عربي غير طائفي، وفي سوريا يبدو أن التخلص من «داعش» مرتبطٌ بشكل أساسي بخروج الميليشيات الشيعية المسلحة التي تبعثها إيران وحزب الله، الذراع الأكثر التصاقاً بها. وفي اليمن فإن النزاع بين أنصار الله والحوثي، وكل القوى السياسية في اليمن، هو مسألة وقت، حيث انتقل من حالة الانتهاك للشرعية في اليمن إلى احتلال شمال البلاد، واللعب في مقدراته وهويته على كل المستويات، وآخرها تجريف الهوية الثقافية عبر مناهج التعليم والمساجد وملاحقة الصحافيين، وحتى الشخصيات السياسية في حزب المؤتمر للمخلوع الذي بات ظلاً تابعاً لهيمنة الحوثيين، وهو ما يفسر أيضاً في خصوص الحالة اليمنية توجهاً أميركياً جديداً بالضغط على إيران ووكلائها بالخروج من ملف اليمن، والتعامل مع الحوثيين في إطار الحرب على الإرهاب، بدءاً بمنع وصول الإمدادات الإيرانية للأسلحة عبر القوارب البحرية والتهريب. الرياض تمد يد البناء في العراق بعد أن أنهكته يد الهدم والهيمنة الإيرانية، وهذا ما يفسر تشكل قوى شيعية سياسية بتوجهات تصالحية مع عمقها التاريخي في منطقة الخليج، وعلى رأسه المملكة التي كان لها اليد الطولى في ترميم خرائب الربيع العربي، وانعكاساته على منطق الدولة في مصر وليبيا وتونس، مع الحفاظ على سيادة تلك الدول من أي مساس. وكانت للحرب على تنظيم داعش عبر التحالف الدولي بدعم الولايات المتحدة نتائج ملموسة على الأرض، وكانت زيارة مقتدى الصدر ثم العبادي والتصريحات القادمة من بغداد مؤشراً إيجابياً على مرحلة جديدة في المنطقة، هي مرحلة بناء وشراكات فاعلة، ومن هنا كانت المبادرة في الاتفاقات الاقتصادية وعودة آمنة للصادرات النفطية العراقية وازدهار الاقتصاد، وكل ما ينفع الناس على الأرض، بعيداً عن الشعارات والصخب الإيراني والميليشيات المنتجة للفوضى. السعودية على المستوى السياسي يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في طمأنة المكونات السنية في العراق، وإعادة إدماجها وتعافيها من الانحياز الطائفي الذي مارسته حكومة المالكي سابقاً، لا سيما في المدن ذات الأغلبية السنية في محافظة الأنبار والموصل ومحافظة صلاح الدين… هذا الدمج السياسي سيجد صداه بشكل سريع متى ما أثمر التعاون الاقتصادي عودة العراق كقوة اقتصادية في المنطقة، وقوة سياسية قادرة على التخلص من النفوذ الإيراني بولادة هويّة جديدة قائمة؛ عراق يسع الجميع على أساس المواطنة ونبذ الطائفية؛ هوية جامعة تعيد العراق إلى عمقه العربي، وهو الأمر الذي دعمته السعودية برفضها لأي تحيّزات طائفية ودعمها لحكومة العبادي وإصلاحاته السياسية في وقت يتنفس العراق هواءه الوطني بعيداً عن فزاعة «داعش» التي كانت تستغلها إيران، أو شبح التقسيم بعد أن وقفت الرياض مع العراق في المسألة الكردية، والمطالبة بوحدة العراق باعتبارها خطاً أحمر لا يمكن التنازل عنه. والحال أن نقطة التحول الكبيرة التي مهدت لها يد الرياض التي صافحت بها الرغبة العراقية الجديدة في التحول، ستؤتي ثمارها قريباً مع موعد الاستحقاق السياسي المقبل عبر الانتخابات البرلمانية في أبريل (نيسان) عام 2018، ومن المرجح أن تبدأ مرحلة من التحالفات الانتخابية وتحول في خريطة التحالفات القديمة وحراك أكثر تنوعاً من قبل التيارات المدنية، يجب أن تعقبها نقلة نوعية أخرى على مستوى الإصلاح السياسي والاقتصادي. صحيح جداً أن التخلص من إرث الطائفية الذي تم تأسيسه منذ سقوط نظام صدام حسين يحتاج إلى سنوات طويلة، لكن الخطوات الأولى في الاتجاه الصحيح قد بدأت بالفعل، وآن للعراق الجديد أن يتعافى من ارتباكه نحو عراق واحد عربي يمثله كله أبناؤه الذين دفعوا الكثير من الأثمان للتخلص من نظام البعث ومن الإرهاب، وآن الوقت لأن يضحوا بالطائفية والتغلغل الإيراني للاستقلال الحقيقي وسيادة منطق الدولة في أرض السواد والأمجاد. |