10 مقالات عن العراق في الصحف العربية والاجنبية يوم الثلاثاء

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 سوريا والعراق: البحث عن السيادة المفقودة

 

سلام السعدي

 

العرب
أكثر ما تخشاه الطغمتان الحاكمتان في العراق وفي سوريا، هو أن تقنن التسويات السياسية التي يجري رسمها ذلك التشظي، فتفقد الدولة الوطنية سيادتها إلى الأبد، فتصير صورة عن لبنان، فيما يصير الآخرون صورة عن حزب الله.

كشفت تداعيات الصفقة التي أبرمهما حزب الله اللبناني مع تنظيم الدولة الإسلامية، والقاضية بنقل مقاتلي التنظيم من الحـدود اللبنـانية – السـورية إلى الحـدود العراقية – السورية، عن حجم تضارب المصالح بين اللاعبين الإقليميين والدوليين والميليشيات المسلحة في سوريا. كما كشفت حجم التفتت والهشاشة اللذين استوطنا “الـدولة الوطنية” منـذرين بمستقبل مجهول لتلك الكيانات العربية المتشظية.

 

انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان رسمي صفقة إجلاء مقاتلي داعش باعتبارها تهدد أمن بلاده وتقوض جهود الدولة وميليشياتها في القضاء على تنظيم داعش في العراق. الولايات المتحدة لم تكتف بانتقاد الاتفاق، بل عملت على إعاقة تنفيذه وذلك عبر قطع الطريق البري الذي كان من المقرر أن تسلكه الحافلات التي تنقل مقاتلي داعش. عبر سلسلة ضربات جوية، دمرت الولايات المتحدة أجزاء من ذلك الطريق، كما دمرت جسرا بريا واستهدفت مقاتلي وعربات تنظيم داعش الخارجة من مدينة البوكمال في دير الزور لاستلام المقاتلين.

 

تبدو ردود الأفعال تلك غير مألوفة بالنسبة للبعض، خصوصا انتقاد الحكومة العراقية، الحليف الاستراتيجي لحزب الله والخاضعة، كما هو حال الحزب، للهيمنة الإيرانية، لتلك الصفقة. وتشير العديد من المصادر إلى علم الحكومة العراقية بالاتفاق قبل إعلانه، ما يعني أن حزب الله قرر المضي بالاتفاق رغم معارضة الحكومة العراقية وهو ما يزيد من الشكوك والتساؤلات. كما بدا السلوك الأميركي تدخلا غير متوقع وغير مألوف في مثل تلك الصفقات التي حصلت كثيرا مع تنظيم جبهة النصرة المصنف أيضا ضمن قوائم الإرهاب.

 

وأغلب الظن أن النظام السوري كان ليعارض مثل ذلك الاتفاق لو كان يتمتع بـ“السيادة” التامة على أراضيه وعلى قراره السياسي والأمني كما كان حاله قبل الثورة. فرغم الحديث عن أن الصفقة قد تمت برعايته، إلا أنها لا تخدم عملية عسكرية مقبلة يخطط لها النظام السوري من أجل انتزاع دير الزور من تنظيم الدولة الإسلامية واستعادة السيطرة على شرق البلاد. الحقيقة أن نظام بشار الأسد ورغم تماسك مؤسساته السياسية والأمنية في المدن التي يسيطر عليها، فإنه يخوض معاركه المختلفة بمساعدة لا يمكن استبعادها من الميليشيات الشيعية ومن إيران. إن مسألة استمرار النظام وتجاوز أزمته الوجودية لم تصبح ممكنة إلا بفضل ذلك الدعم.

 

ولكن، إذا كان النظام السوري قد رضخ لنقل مقاتلين يشكلون صداعا في رأس دولة أخرى، هي لبنان، إلى داخل دولته، بل وأشرف على نقلهم وأمّن لهم الحماية منحيا مبدأ “السيادة” جانبا، فإن الولايات المتحدة، وللمفارقة، لم توافق على ذلك، وتصرفت وكأنها صاحبة السيادة المطلقة في شمال سوريا، وعليه فإن أمن شرق البلاد بات جزءا لا يتجزأ من أمن المناطق التي تحظى بنفوذ عليها. هذا فضلا عن وجود خطط لا تزال قيد الدرس تخص دعما أميركيا لهجوم عسكري لاستعادة دير الزور وضمها إلى مناطق سيطرتها.

 

وتوضح ذلك درجة تشظي “السيادة” التي يدعي النظام السوري بأنه يتمتع بها ويدمر البلاد ويسحق السوريين لأجلها، فيما يبرر كل من حزب الله وإيران وروسيا التدخل العسكري باسم الدفاع عنها. لقد تم إجبار النظام السوري على الموافقة على اتفاق ينتهك سيادته، لتقوم الولايات المتحدة بمنع تنفيذ ذلك الاتفاق، في انتهاك مزدوج للسيادة السورية المزعومة، وإظهار لتعدد السيادات في بلد لا يزال من الناحية النظرية موحدا.

 

كما يظهر ما يحصل حجم تضارب المصالح بين الأطراف المتصارعة وحتى المتحالفة منها. في وقت سابق من العام الماضي عندما بدأت معركة الموصل، حذر حسن نصرالله ومعه نظام الأسد من أن خطة أميركية تقضي بفتح ممر لمقاتلي داعش للدخول إلى مناطق النظام وحزب الله في سوريا هربا من الموصل. وطالب العراقيين المتحمسين لمعركة الموصل آنذاك برفض ذلك “الخداع الأميركي”.

 

يأمل النظام السوري بالتخلص من داعش بأقرب وقت، وخصوصا بعد إعادة تأهيله دوليا وقبول بقائه في السلطة بمعزل عن الإبادة المستمرة للسوريين. كما يعمل حيدر العبادي على إنهاء وجود داعش بسرعة من أجل الالتفات إلى دولة متشظية ومتعددة السلطات رغم تماسك حدودها حتى الآن. يتشارك العبادي مع النظام السوري في البحث عن السيادة الوطنية بعد التشظي الاجتماعي والسياسي والجغرافي، وبعد اشتداد قوة الميليشيات العسكرية والأطراف السياسية، وبينها الأكراد الذين يستعدون لاستفتاء الانفصال، وتمتعهم بموارد اقتصادية ودعم سياسي وعسكري مستقلين. على أن السيادة لكليهما تعني السيطرة المطلقة لطغمة حاكمة سواء كانت عائلة كما في سوريا، أو تحالفا طائفيا كما في العراق.

 

ولكن التخلص من داعش لا يعني بالضرورة إعادة خلق دولة وطنية تتمتع بالسيادة المطلقة كما يأمل العبادي والأسد. إذ تنتشر في البلدين عشرات المجموعات المسلحة التي تجند مقاتلين بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف. فيما تزداد قوة ونفوذ وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال البلاد وتتجه لتشبه الجيش أكثر من الميليشيا، سواء في شكل سيطرتها أو في الدعم الذي تحظى به وحجم المقاتلين المنضوين في صفوفها، والأهم في امتلاكها مشروعا سياسيا، وهو ما يجعل تفكيكها أمرا عسيرا جدا.

 

وفضلا عن ذلك، تحظى كل من أميركا وتركيا وإيران وروسيا بمناطق نفوذ داخل البلاد وبمشاريع ترتبط بأمن كل منها وبمصالحها متوسطة وطويلة الأمد في سوريا والعراق. أكثر ما تخشاه الطغمتان الحاكمتان في كلا البلدين، وفي سوريا على نحو خاص، هو أن تقنن التسويات السياسية التي يجري رسمها والدساتير الجديدة المنتظر كتابتها ذلك التشظي، فتفقد الدولة الوطنية سيادتها إلى الأبد، فتصير صورة عن لبنان، فيما يصير الآخرون صورة عن حزب الله.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 الصفقة مع داعش ختمت المشروع الإيراني بالشمع الأحمر حامد الكيلاني

 

 العرب
 

خلاصة الصفقة بين ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في لبنان وعناصر داعش الإصرار على استمرار استغفال الشعوب التي تقع ضمن جغرافيا قريبة للمشروع الإيراني.

فتح الاتفاق الأخير بين حزب الله وتنظيم داعش الباب لأسئلة طالما طُرِحت بثقة لكنها كانت عُرضة للتأويل أو اللامبالاة من جملة الاهتمامات الدولية وتركت إلى الفراغ بإرادة دول الصف الأول، وأهمها الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

 

خلاصة الصفقة بين ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في لبنان وعناصر داعش الإصرار على استمرار استغفال الشعوب التي تقع ضمن جغرافيا قريبة للمشروع الإيراني وإيهامها بالحرب المذهبية والإقفال بالشمع الأحمر على عقلها أو بقايا عقلها عند بعضهم.

 

بمعنى آخر إنهم يقدمون لنا النُصح بعدم التفكر والتفكير، لأننا في نظرهم “جهلة” وهذا ما عبر عنه رئيس كتلة دولة القانون في برلمان العراق وزعيم حزب الدعوة نوري المالكي.

 

كل من لا يستوعب أو ينتقد أو يعترض مهما كانت مكانته فهو “جاهل” بنظر المالكي. لِمن توجه بكلامه ولماذا؟ فالعراق بمعظمه توحد في رفض الصفقة، وحتى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهو من حزب الدعوة، لم يستطع التملص ربما لأول مرة رغم سياسة أضعف الإيمان من القول إن الاتفاق غير مقبول. وهذا يحسب له.

 

لماذا لم يتجاهل نوري المالكي الاتفاق ويترك المأزق في ملعب العبادي؟ هل اضطر إلى هذا التصريح وتوجيه الإهانة ونعت المنتقدين بـ”الجهلة” ومنهم طبعا رئيس وزراء العراق الذي من كتلته وحزبه؟

 

ربما نجد عذرا للمالكي إذا وصف الشعب العراقي بما يشاء، فالشعب في ذيل قائمة اهتماماته، لكن كيف وموسم الانتخابات على الأبواب؟ هل يراهن المالكي بكل قوته على المعسكر الإيراني الذي ينتمي إليه مع حزب الله ويستند إلى الحشد الشعبي بميليشياته الأكثر قربا أو صلة بالحرس الثوري وقاعدتها الانتخابية بما أنه، أي المالكي، يستعرض نفسه كعراب للحشد.

 

أكيد أن مفردة “الجهلة” لم تكن زلة لسان، قد تكون استجابة برضا لأوامر أو رغبات المرشد خامنئي وحرسه الثوري اللذين لديهما قناعة بأن حيدر العبادي غير مقبول أو مرضي عنه رغم ما يقدمه من تنازلات مخجلة أحيانا وتضعه في مواقف محرجة بصفته رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة. يبدو أن حماسته في الدفاع عن الحشد الميليشاوي لم تنفع أو لم تشفع لصقله إلى قيادة مرحلة أزمات قادمة في العراق والمنطقة.

 

إيران متطلِبة في العراق ولن يكفيها حاكم بوجه معلن كدولة عراقية ذات سيادة في تعاملها مع السياسة والعلاقات الدولية ووجه خفي معها وإن قلبا وقالبا. إيران تريد حاكما على طريقة التبليغات وأداء الواجبات كفرد في الحرس الثوري وبهيئة قاسم سليماني في المهمات الداخلية أو أي مسؤول إيراني آخر بما يتعلق بإدارة شؤون العراق مع العالم.

 

ما قاله نوري المالكي كسر القشرة الخارجية التي منعت طويلا المجاهرة بموقف العداء الصريح لأي تقارب عربي مع العراق وخاصة مع المملكة العربية السعودية وبما خرجت به قمة الرياض في محاربة التطرف وإدانة المشروع التوسعي لنظام ولاية الفقيه واعتباره الداعم والراعي الأول للإرهاب في العالم.

 

المالكي ردّ بفظاظة شملت الجميع، لكنه أراد مهاجمة الأصوات الأعلى الرافضة للاتفاق المشين وهي أصوات مؤثرة في المشهد العراقي وتحديدا منها أصوات كتلة الأحرار الصدرية في البرلمان، بما ينذر بكارثة صراع عام ومفتوح في العراق يستهدف أي شخصية تبتعد عن المشروع الإيراني ولو بمسافة تمليها المأساة التي تعرض لها شعب العراق من تمزيق في نسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية وبحربه على الإرهاب، وهي حقائق تستدعي عودة وإعادة بل وانتزاع العراق من ويلات المشروع الإيراني وما يمكن أن نتوقعه من حروب بالإنابة دفاعا عن أمن إيران وإبعاد الأذى عن حدودها، مع الاستفتاء في إقليم كردستان على الانفصال والشحن السياسي والمجتمعي في قضية كركوك وما يتبعها من مخاطر أمنية محتملة.

 

الاتفاق على ترحيل تنظيم داعش من الحدود اللبنانية السورية له حسابات في الداخل اللبناني لن نخوض فيها لكنها أيضا على صلة بالإرادة الإيرانية والمناورة داخل الأراضي السورية. وكما قيل إن انتقال عناصر داعش تم من أرض سورية إلى أرض سورية وإن كان ترحيلهم إلى البوكمال القريبة من الحدود العراقية أو إلى دير الزور المحاذية كذلك للعراق. فلماذا هذه الضجة المفتعلة وردود الفعل في العراق؟

 

الاتفاق المذكور دون شك سحق تماما فكرة توازن الرعب التي تبناها داعش في سياسته التي ترتكز على الترويع والصدمة والعزلة واستحالة الحوار معه والتوحش واللامبالاة بالحياة وليس له إلا الموت بالقتال أو الانتحار بالسيارات المفخخة أو الأحزمة الناسفة. لكننا رأيناهم يتواصلون ويتفقون ويبتسمون للكاميرات ويشربون الماء باردا وبرفقتهم عوائل من نساء وأبناء وأمهات وآباء. ومع من يتفقون، أليست هذه أكبر المفاجآت؟

 

للمتتبع كان وقعها استكمالا لسياسة المشروع الإيراني واستباقا للأحداث وتقاطعا مع المستجدات. السؤال الأكثر وقعا في نفوسنا: لماذا لم يُفتح أي اتصال أو حوار مع مقاتلي داعش بعد أي صفحة من صفحات معركة الموصل؟ لماذا لم تفتح ثغرة لهروبهم إلى خارج الموصل القديمة واصطيادهم هناك أو إيقاعهم في الأسر بما أننا نتابع مصائر أعداد منهم في معركة تلعفر أو تركهم ليغادروا الحدود العراقية؟

 

ماذا كانت مهمة الحشد الميليشاوي إلا العزل والتطويق من جهة الواجبات المكلف بها غرب الموصل؟ ما هو الاستنتاج الذي نخرج به غير الإبادة الممنهجة والتشريد والإهانة والإذلال وتدمير الموصل؟

 

رأينا بفضل تواطؤ النظام السوري وحزب الله تنظيم داعش كيف يتحول إلى بعض عشيرة تائهة في الصحراء أعيدت إلى مضارب خيام أهلها الذين استقروا قرب الحدود العراقية. لماذا الحدود العراقية السورية أصبحت مركزا للتجمعات المسلحة من تنظيم داعش الذي أُخرِجَ من الموصل وتلعفر بالدم العراقي؟

 

الحشد الميليشاوي يحاول السيطرة على الحدود. هل كانت وظيفته مطاردة داعش وإلحاق الهزيمة به أم أن الاتفاق أو الصفقة المشبوهة نبهتنا إلى مضمون الاتفاق في إعادة احتلال المدن العراقية لما له من غايات أدرى بها نوري المالكي الذي سلم الموصل دون قتال ويصف اليوم شعب العراق وكل من يقف بوجه المشروع الإيراني بـ”الجهلة”؛ وهو قبل زيارته إلى موسكو كان يصرح متحمسا عن وحدة الموضوع بين العراق والنظام الحاكم في سوريا بما يخص الحرب على إرهاب داعش ولولا قتال “العراقيين” دفاعا عن سوريا لسقطت بغداد.

 

ما الذي تغير لتكون البوكمال بعيدة كل هذا البعد عن الحدود العراقية في رأي المالكي وأتباع المشروع الإيراني؟ هل هي فضيحة مقبلة لتعاون صريح لميليشيات الحشد مع داعش لمواجهة التوجهات الأميركية في العراق لفصل الهلال الطائفي ومنع التمدد الإيراني إلى البحر المتوسط.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   مشروع أميركي بدأ بداعش  زهير ماجد

 

  الوطن العمانية
 

مامن مسؤول عربي في شتى المواقع، إلا ولديه علم بما عليه المنطقة من خطط حالية، وربما عند البعض من مستقبلية ايضا .. الكلام الذي سمعته من الناطق باسم حزب الله العراقي جعفر الحسيني يدلل على هذا، فهو يقول بان المشروع الاميركي للمنطقة بدأ ب ” داعش ” ، مما يعني ان هنالك مابعد هذا التنظيم، وربما مابعد بعده وحتى لزمن بعيد.

” داعش ” اذن مخلوق اميركي، تم رسمه لهذه المرحلة، فما هو الآتي بعده .. الوعي بهذه القضية يجعل لدينا قابلية التحضير للمراحل المقبلة. اذكر اني ذهبت بعد ايام من حادثة 11 سبتمبر الشهيرة 2001 في الولايات المتحدة لزيارة احد السفراء العرب، فبادرني بقول مازلت اذكره، ان اميركا قررت نقل المعركة الى الشرق الاوسط مما يحد من وصول الارهاب الى اراضيها، وان لديها خططا جاهزة لهذه الغاية، هي ثمرة دراسات ومؤسسات ابحاث منذ عشرات السنين.

ولهذه الغاية حمل الاميركي عشرات الآلاف من جنوده الى افغانستان ثم الى العراق ، وحمل معها المعنى المقصود، وهو كما قلنا لا ارهاب على اراضيها بالمعنى المفتوح. خطة احتلال العراق لم تكن وليدة الساعة، لاشيء عند الاميركي ابن لحظته، بل اختمار طويل المدى الى ان تأتي لحظته. من هنا نفهم كلام الناطق باسم حزب الله العراقي، بل قراءتنا المبسطة لاحوال المنطقة، والتفاصيل التي مرت عليها وما سيمر ايضا.

الاهداف الاميركية من وراء خططها تلك، إشغال العالم العربي بنفسه، اختراع اعداء من لحمه ودمه ضده اولا، ثم اجتراح فوضى يصنعها هؤلاء ثانيا، ثم تخريب البنى الاقتصادية والعمرانية وتفتيت الحياة برمتها ثالثا، ثم والاهم، شطب اجيال عربية من الوصول الى اهدافها والتأثير على دورها في التعليم وبناء حياتها رابعا ..

واهم الاهم من كل هذا، نقطتان اساسيتان، امن اسرائيل، وبقاء الاستيلاء على النفط الى يوم نهايته ..

هي عملية تخريب كاملة، يسود بعد الظن عند البعض انه صديق للاميركي، في حين يقول كيسنجر قولته الشهيرة، ان صداقة اميركا مشكلة، وعداوتها كارثة، ونحن نضيف ، ان الاستسلام للاميركي بكامل شروطه سوف لايعني الهروب الى امام بحماية الذات، لأنه ، اي الاميركي، متربص تماما بكل صغيرة وكبيرة ويعرف عن العرب اكثر مايعرفون عن انفسهم.

من هنا نشأت حركات المقاومة للتدليل على صحة وسلامة الجسم العربي في مواجهة الاخطار المصيرية، فما رأيناه في العراق دليل على هذا الأمر، وكيف تمكنت المقاومة هناك من دحر الاميركي واخراجه ذليلا، كما حدث قبلها في فيتنام وفي كوريا، وفي لبنان .. اضافة الى الفهم العميق للقيادة السورية التي تستعد لمعارك فاصلة، ليس فقط مع مخلوق الاميركي الارهاب، بل مع الاميركي ذاته بشحمه ولحمه.

لن تخطيء امة قبل ان تندم ، اذا ماقررت قيادة صراع مهما كبر عمره من اجل سيادتها الوطنية والقومية. يفترض ان تكون سباقة في تحديد هذا الصراع وفي استشرافه ومن ثم في الاستعداد له بتأمين ضروراته، ومن ثم قيادة اكبر عملية ضده، لابد من الذهاب اليه قبل ان يداهمنا بخططه. لعله يحدث الآن في سورية على اقل تقدير.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  هل مشروع الدولة الكردية قابل للحياة ؟

 

 احمد صبري

 

 

   الوطن العمانية
” .. إذا أخذنا بنظر الاعتبار اتساع دائرة المعارضين لاستفتاء تقرير المصير وتمسك القيادة الكردية بموقفها حتى مناقشة خيار التأجيل لنزع فتيل أزمة قد تلقي بظلاها على دول المنطقة التي تعاني هي الأخرى من امتدادات هذه الازمة؛ هل تلوح بالافق تسوية سياسية تحفظ ماء الوجه للمتمسكين باجراء الاستفتاء وتبدد مخاوف الحكومة المركزية ومعها دول الجوار من قيام دولة كردية طبقا لنتائج الاستفتاء؟”

شكلت زيارات وزراء الخارجية والدفاع الفرنسيين ووزيرالخارجية التركي الى اقليم كردستان وقبلهما زيارة وزيرالدفاع الاميركي جيم ماتيس للعراق دافعا اضافيا على تصاعد الاهتمام العالمي والاقليمي بقضية الاستفتاء على حق تقرير المصير الذي اعلن رئيس الاقليم عن تنظيمه يوم 25 سبتمير الحالي.

وهذا الاهتمام بالخيار الكردي صعد من سخونة الحدث وتداعياته مع الاقتراب المستمر من الموعد خصوصا مع تزايد المواقف المعارضة والتحذير من دول المنطقة وتزايد نبرة المواجهة التي ترفعها اربيل بوجه القوى المعترضة.

وعلى عكس الموقف الفرنسي الذي مسك العصا من الوسط بالتاكيد على احترام خيارات الشعب الكردي لكن ضمن الدولة العراقية جاء الموقف الاميركي ازاء الاستفتاء يتناغم رسميا مع جبهة الرافضين على المستوى الدولي بعد تبادل العديد من الرسائل والاشارات غير المباشرة التي عبرعنه الاعلان الرسمي الاميركي عن عدم جاهزية الادارة الاميركية لاجراء هذا الاستفتاء في هذا الموعد خوفا من اثارة ملفات ونزاعات متعددة في المنطقة تعتقد ادارة ترامب انها يمكن ان تشتت الجهود المتركزة حاليا على هزيمة تنظيم داعش.

وتزامنت هذه المواقف مع تأكيد تركيا صراحة ان الاستفتاء يشكل خرقا واضحا للدستور العراقي وبابا للنزاعات والمشاكل الى حد وقوع الحروب الاهلية من تداعيات الخطوة الكردية. ومايلفت النظر بالمواقف الرافضة لللاستفتاء موقف ايران التي تعتبر الطرف الاكثر تشددا حتى الان في التعبير عن امتعاضه من هذه الخطوة وتحاول طهران ان تمضي في التعبير عن استيائها الى المدى الاخير من خلال ارسالها لرئيس اركان جيشها الى تركيا تنسيق المواقف مع الجانب التركي بما لا يدع مجالا للشك في الرسائل التي ترسلها طهران لاربيل وبشكل مباشر لاتقبل التاويل او المساومة.

وإذا أخذنا بنظر الاعتبار اتساع دائرة المعارضين لاستفتاء تقرير المصير وتمسك القيادة الكردية بموقفها حتى مناقشة خيار التاجيل لنزع فتيل ازمة قد تلقي بظلاها على دول المنطقة التي تعاني هي الاخرى من اتدادات هذه الازمة؛ هل تلوح بالافق تسوية سياسية تحفظ ماء الوجه للمتمسكين باجراء الاستفتاء وتبدد مخاوف الحكومة المركزية ومعها دول الجوار من قيام دولة كردية طبقا لنتائج الاستفتاء؟

تحت وقع هذه الهواجس والاحتمالات واجه الوفد الكردي الرفيع المرسل الى بغداد للتفاوض فتورا واضحا في تفهم المطالب الكردية المتعلقة بالاستفتاء رغم حفاوة الاستقبال من كل الاطراف الامر الذي اعاد للذاكرة نفس الفتور الذي واجه وفدا كرديا مماثلا تم ارساله للاتحاد الاوربي لنفس الغرض، وطبقا للراشح فان اربيل مصممة على المضي الى نهاية الشوط ولا يبدو من الممكن التراجع عنه بعد كل ما اعلن وما قيل على لسان البارازاني وبقية اركان حزبه رغم المعارضات الدولية والاقليمية والعراقية بل وحتى الكردية نفسها في بعض الاحيان.

وامام هذا المازق الذي يواجه القيادة الكردية وحتى حكومة بغداد ودول الجوار المعارضه لاستفتاء تقرير المصير؛ الى اين تتجه الرياح وهل باتت جميع الاطراف مقتنعه بالبحث عن وسائل جديدة لابعاد المنطقة من احتمالات لااحد يتوقع نتائجها؟

والحلول المتداوله في بغداد واربيل وعواصم اقليمية ودولية مؤثرة بالمشهد العراقي تتلخص باجراء الاستفتاء في موعده على ان لاتتخذ اي خطورة لترجمته على الارض وحصول الاكراد على تعهد مضمون اقليما ودوليا يتزامن مع حوار معمق بين اربيل وبغداد لحل المشاكل العالقة بين الطرفين لاسيما مصير المناطق المتنازع عليها ورواتب البيشمركة الكردية وحصة اقليم كردستان من الموازة المركزية فضلا عن عائدية نفط كركوك.

هذه الاحتمالات تخضع لعوامل القوة على الارض عندما نريد ان نتعرف على ارجحية اي طرف في معادلة الصراع على الارض فبغداد تمسك باوراق كبيرة لاسيما تحقيقها نتائج مهمة في حربها ضد داعش والدعم الدولي لها ناهيك عن رفض قطاعات كبيرة من العراقيين خيار الاستفتاء ويقابل موقف بغداد شبه اجماع للاكراد على حق تقرير المصير والذهاب بهذه الخطوة الى نهايتها وهي اقامة الدولة الكردية

ونخلص القول ان مشروع الدولة الكردية الذي يواجه فيتو عراقي ومن الدول المحيطه بها مع تحفظ اميركي وغربي هذه الدولة هل ستكون قابلة للحياة والاستمرار؟

هذا ماستجيب عنه الأيام المقبلة؟

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 5     من كابول إلى بغداد.. الاستراتيجية الأميركية على المحك

 

 

   توماس فريدمان

 

    نيويورك تايمز
 

أمضيتُ مؤخراً ثمانية أيام في السفر مع القوات الجوية الأميركية إلى كل قواعدها المتقدمة في أفغانستان والعراق والكويت وقطر والإمارات. وبالتالي، فإن الخطاب الذي ألقاه الرئيس ترامب مساء الاثنين كان جد مواتٍ زمنياً لي، لكنه كان مثيراً للقلق أيضاً. ذلك أنه كان مليئاً بالعبارات المنمقة والصور النمطية، وحافلاً بجمل من قبيل «سوف نكسر إرادتهم»، ومفتقراً للتفاصيل.. وأهم من ذلك أنه كان مفتقراً للواقعية في مواجهة مشكلات منطقة أحبطت رجالاً كثيرين من قبل، لدرجة أني لا أعرف في أي اتجاه يريد الرئيس أخذنا.

 

وقد كنتُ متفقاً تماماً مع ما قاله الرئيس من أن رجالنا ونساءنا الذين يخدمون في الشرق الأوسط «يستحقون العودة إلى بلد ليس في حرب مع نفسه في الداخل». لكن حديث رجل فعل الكثير ليقسّمنا خلال الأشهر الأخيرة إرضاءً لـ«قاعدته» فقط، مستعملاً جنودنا وسيلةً للإشادة بفضائل الوحدة الوطنية، أصابني بالغضب.

 

وعلى أي حال، ولما كنتُ لا أستطيع تفسير شرق أوسط الرئيس دونالد ترامب، فدعوني أفسّر لكم ما شاهدته هناك، وبخاصة ثلاثة أشياء: لقد رأيتُ طريقة جديدة لخوض الحرب من قبل الولايات المتحدة في العراق. ورأيتُ في هذه الحرب الجديدة استراتيجيةً تقدِّم على الأقل بارقة أمل بالنسبة للعراق، متى ما تمت هزيمة «داعش». لكني رأيتُ في أفغانستان، وإن من خلال زيارة قصيرة فقط، طريقاً مسدوداً، مع المشاكل نفسها التي قوّضت الاستقرار هناك لسنوات: الفساد الحكومي، انعدام الثقة بين الأفغان، وتدخلات كل من باكستان وإيران.

 

ولعل أفضل طريقة لأشرح بها الجديد في العراق هي من خلال مشهد وقع أمامي ناظري يوم السبت من الأسبوع الماضي، حيث كنا في خلية القصف المشتركة في إربيل، بكردستان العراق، وهو المكان الذي تأتي إليه صورُ القوات الجوية المتعددة على الهواء مباشرة من الطائرات من دون طيار وطائرات التجسس «يو2» والأقمار الصناعية والمقاتلات الأميركية ومقاتلات قوات التحالف. ويقوم الضباط هناك بالتنسيق مع قوات الجيش العراقي المحارِبة على الميدان، ومع مستشاريهم العسكريين الأميركيين الموجودين خلف جبهة المعركة بمسافة قصيرة، لضرب أهداف «داعش» في وقت بدأ فيه الجيش العراقي زحفه غرباً.

 

بعد استعادته الموصل، أخذ الجيش العراقي يدفع «داعش» نحو وادي نهر الفرات. وكان هذا اليوم الثاني لزحف العراقيين غرباً، وكانوا يواجهون مقاومة في بلدة صغيرة على الطريق إلى تلعفر التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي. العديد من الأعين الأميركية في السماء كانت تركز على مبنى هناك مؤلف من طابق واحد وبسطح منبسط يناهز عرضه 10 أمتار، ويقع بين مبنيين أكبر حجماً. وكان الجنود العراقيون الذين يزحفون نحو هذا المبنى يتلقون نيراناً كثيفة من أسلحة صغيرة من الداخل، ما يعطّل تقدمهم على بعد نحو 150 متراً.

 

كان مستشاروهم الأميركيون يرسلون كل هذه المعلومات إلى خلية القصف في الوقت الحقيقي. وفي الأثناء، كان آخرون في خلية القصف يجلسون أمام شاشات حواسيبهم يحسبون حجم القوة النارية اللازمة لقتل مقاتلي «داعش» وعدم إيذاء أي مدنيين قد يكونون على مقربة من المكان. ثم قاموا بجرد سريع للأسلحة المتبقية على المقاتلات الأميركية في المنطقة، ومعرفة أي منها لديه أي نوع من القنابل الذكية.

 

وبعد ثوانٍ معدودة سُمع نداء «أُخرج السلاح، 30 ثانية» في وقت أَطلقت فيه مقاتلة من طراز «إف 15 إي» قنبلةً ذكية بزنة 226 كيلوغراماً وموجهة بوساطة نظام تحديد المواقع «جي بي إس». وبعد ذلك، أظهرت الشاشات القنبلة وهي تسقط مباشرة عبر السطح.

 

«لدينا انفجار!»، هكذا قال أحد المراقبين بنبرة رتيبة في وقت غشى فيه الدخان شاشة الفيديو. لكن بسرعة انقشع الدخان ليكشف عما تبقى من المبنى الذي يبلغ عرضه 10 أمتار وقد استحال أنقاضاً، ولكن المبنيين المتاخمين له كانا سليمين تماماً، وبالتالي فإن أي مدنيين في الداخل يفترض أنهم لم يصابوا بأذى.

 

تلك هي الحرب الحالية في العراق، وباختصار شديد.

 

والواقع أنه على مدى عدة سنوات كنا نقيس انخراطنا في حروب الشرق الأوسط بوساطة مؤشرين اثنين هما عدد الجنود الذين على الأرض وعدد من قضوا على ساحة المعركة. وبسبب ذلك، فإن معظم الأميركيين اليوم لا يعيرون اهتماماً كبيراً للعراق، حيث تقلص عددُ جنودنا على الميدان هناك إلى بضعة آلاف، وحيث لم يسقط سوى 17 قتيلاً فقط في صفوف العسكريين الأميركيين منذ أن عدنا إلى العراق من أجل القضاء على «داعش» في عام 2014.

 

لكن القصة الحقيقية هي قصة الأجنحة في السماء. ذلك أننا منخرطون في عمل عسكري ضخم في العراق، وإن بقوة جوية تقليدية ضخمة، إضافة إلى قوات خاصة غير تقليدية، تقوم بتدريب وتوجيه الجيش العراقي الذي يقوم بالقتال على الأرض. وهذا يجعل وجودنا في العراق أكثر قابلية للاستمرار، لنا وللعراقيين.

 

أما الحرب في أفغانستان فهي للأسف مختلفة. فعنصر القوة الجوية موجود، لكن القوات الخاصة الأميركية ما زالت تتحمل العبء الأكبر من الحرب. ومساء الاثنين الماضي، تحدّث ترامب على نحو يوحي بأنهم سيفعلون أشياء أكثر الآن، هذا علماً بأننا لا نملك هناك الشرعية التي بتنا نشعر بها اليوم في العراق.

 

وإلى ذلك، فإن الأمن الشخصي لحلفائنا الأفغان ما زال في حدوده الدنيا. فقد وقفتُ على مدرج الطائرات في قاعدة باغرام واستمعتُ إلى طيار أفغاني مدرب من قبل الولايات المتحدة قال لي إن آخر شيء يفعله قبل الصعود إلى مقصورة الطائرة هو الاتصال بعائلته قصد الاطمئنان على أطفاله والتأكد من أنهم لم يتعرضوا للخطف من قبل «طالبان» الذين يعرفون أنه يعمل مع الولايات المتحدة وقد هددوه مرات عدة.

 

والواقع أن كون ذلك الطيار ما زال مستعداً للطيران مع قوات الولايات المتحدة شيءٌ يتطلب شجاعة حقيقية. إنه يريد شيئاً مختلفاً لبلده، وهو ليس الوحيد الذي يريد ذلك. لكن هل يمثّل الأغلبية في أفغانستان؟ من الواضح أن لديه جيراناً يرون أننا، أو الحكومة الأفغانية التي ندعمها، غير شرعيين. إنها الفكرة السائدة. والثقافة تنتصر دائماً على الاستراتيجية.

 

معالجة هذا الأمر ستتطلب وقتاً طويلاً، لكن إذا أصلحنا أفغانستان، فإننا سنصلح أفغانستان وحسب. أما إذا أصلحنا العراق من خلال اتفاق لتقاسم السلطة، فإننا سنخلق نموذجاً يمكن أن يصبح مصدر إشعاع عبر العالم العربي، لأن العراق يمثّل نموذجاً مصغراً للعالم العربي، بسنته وشيعته، أكراده وتركمانه ومسيحييه وغيرهم من المكوّنات الأخرى.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 6     «داعش» والمصارعة الحرة!

 

   محمد صالح السبتي     الراي الكويتية
 

 

• في لعبة المصارعة الحرّة، دائماً ما يتكرر مشهد تمثيلي يتفاعل معه الجمهور بشكل كبير جدا ويتحمسون له… دائما ما نرى أحد اللاعبين وقد انهارت قواه وبدأ يترنح ويتماوت وكأنه على وشك الانهزام وهو لا يقاوم خصمه ولا يستطيع فعل أي شيء إلا الاستسلام لضربات الخصم، بينما يبدو اللاعب الآخر في الحلبة، يوجه اللكمات والضربات والركلات لخصمه المتهالك وهو بكامل نشوته وقوته، وفجأة… فجأة ينقلب الحال، فتدب قوة لا أحد يعلم مصدرها في جسد اللاعب الذي كان قريباً من الموت، وفي المقابل يدب الوهن في اللاعب الجبل، فتنهار قوى الصنديد فجأة ويستأسد الفأر أيضاً فجأة! كيف؟ لا أحد يدري! ومع علم الجميع أن معظم هذه المنازلات ما هي إلا أعمال تمثيلية يتم الاتفاق عليها مسبقا لجلب المشاهدين وكسب المراهنات وامتاع الجمهور بمثل هذه التمثيليات التي تجلب كثيراً من الأموال و «الانتصارات»!

 

• لنعيد تخيل مشهد تنظيم «داعش» الآن… فجأة «داعش» يظهر وينتشر ولا يستطيع أحد ايقاف تمدده، فجأة يسيطر على الموصل من دون أي مقاومة ويسيطر على قرابة 70‎‎ في المئة من الأراضي السورية ويفتح الحدود البرية ما بين العراق وسورية، ورغم قصف عشرات القوى العالمية ضده لسنوات عدة، إلا أن «داعش» كان «باقياً ويتمدد»! ولا أحد يستطيع إيقاف تمدده. وفجأة أيضا «داعش» يبدأ بالانهيار… «داعش» يخرج من الموصل بجهود الجيش العراقي والحشد الشعبي! وبسرعة يخرج من تلعفر، وفي سورية يبدو سريع الانهزام! حتى حفلات قطع الرقاب والحرق لم نعد ترى افلامها المخرجة على أفضل الطرق!

 

• المشهد بالضبط كما هو الحال في حلبات المصارعة الحرة، عندما ينقلب فجأة الأسد فأرا والمتماوت صنديدا أو العكس!

 

• لست مؤمناً بنظريات المؤامرة، لكن الحقيقة أن المشهد السابق يستحق التفكير والتأمل! lawyermodalsbti

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  نعم… هناك «قضية كردية»!

 

 صالح القلاب     الراي الكويتية
 

 

حتى لو تراجع الرئيس مسعود البارزاني عن قرار إجراء “الاستفتاء”، الذي جرى تحديده في الخامس والعشرين من “سبتمبر” (الشهر الجاري)، فإن القضية الكردية ستبقى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، إنْ في تركيا أو إيران أو العراق… وأيضاً في سورية، فمعطيات القرن العشرين، قرن وعد بلفور و”سايكس- بيكو”، قد رحلت عملياً معه، وهناك الآن مستجدات كثيرة.

 

يصل عدد الأكراد في تركيا، وفقاً لبعض التقديرات “المعقولة”، إلى نحو ستة عشر مليوناً، بينما يتجاوز عددهم في إيران الاثني عشر مليوناً، ويتجاوز عددهم في العراق أربعة ملايين… أما في سورية فإن التقديرات متضاربة، والمعروف أن وجود الأكراد في المناطق السورية الشمالية – الشرقية، وبخاصة في القامشلي والحسكة، قد تزايد كثيراً، وبأضعاف مضاعفة، بسبب النزوح المتواصل من الدولة التركية.

 

وهكذا، فإن هناك قضية كردية إقليمية فعلية، وهي قضية محقة، ولا بد من معالجتها، لا بالحروب والتدمير والقتل، ولكن بالاعتراف بأنّ لهؤلاء “الأشقاء” فعلاً حقوقاً كحقوق العرب والأتراك والإيرانيين، وأن في طليعة هذه الحقوق وأهمها حق تقرير المصير، والأفضل أن يكون هذا بالتفاهم وبالوسائل السلمية، وانطلاقاً من أنّ معطيات القرن العشرين السياسية من غير الممكن استمرارها في القرن الحادي والعشرين، وفي القرون المقبلة، ولذلك فإنه غير جائز، لا بل هو جريمة كبرى، أن يبقى التعامل مع هؤلاء الإخوة على أنهم رقم منسيٌّ غير معترف به.

 

إنه لا يجوز التعامل مع هذا الشعب الكردي على أنه مادة “لاصقة” للحفاظ على وحدة الدول المزعزعة والمتصدعة، التي أصبح الأكراد جزءاً منها، وفقاً لمؤامرات وألاعيب القرن العشرين الدولية. والحقيقة أنه إذا كان هذا ممكناً، وبالقوة في القرن الماضي، فإنه لم يعد ممكناً في هذا القرن، ولذلك فإن ما يجب أن تفهمه وتدركه الدول المعنية هو أن من الأفضل التعاطي مع هذه المسألة، التي كانت ولاتزال وستبقى إحدى مشاكل هذه المنطقة الرئيسية، بالتفهم والتفاهم وبالوسائل والأساليب السلمية، وبعيداً عن “شوفينية” القرن الماضي القومية.

 

إنه ليس ذنب الأكراد، هؤلاء الأشقاء الذين كان أجدادهم في طليعة المدافعين عن هذه المنطقة، وأبرزهم البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي، أنْ تكون وحدة الدول، التي أصبح وطنهم (القومي) موزعاً بينها، متشظية ومهددة بحقهم في تقرير مصيرهم، إلى حدّ أن بعض هذه الدول، إيران مثلاً، متمسكة حتى الآن بإنكار وجودهم، وإلى حد أنَّ لعبة الأمم في عهد الشاه الإيراني رضا شاه قد تصدت لأول محاولة استقلالية كردية، وأسقطت جمهورية مهاباد الكردستانية عام 1946، وأعدمت مؤسسها القاضي محمد، حين كان الملا مصطفى البارزاني والد مسعود البارزاني وزير دفاع لها ورئيس أركان لقواتها المسلحة.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  ألغام تزنّر العراق بعد «داعش»

 

 خالد غزال

 

   الحياة السعودية
 

 

يقف العراق أمام مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والمذهبية والإثنية. بعد الانتصارات على «داعش» في الموصل، والسير في هزيمتها في ما تبقى من مناطق، تتسارع التناقضات الداخلية وصراعاتها لتحتل مكانها على الساحة العراقية، مهددة بانفجارات داخلية، لا يستبعد مراقبون تحولها الى حروب أهلية تمنع الاستقرار السياسي في هذا البلد. ثلاثة ألغام رئيسة ستهدد السلم الأهلي الذي لم يستقر بعد.

 

أول الألغام يتصل بالقضية الكردية الناجمة عن دعوة الإقليم الكردي للانفصال. ناضل الأكراد طويلاً من أجل حقوقهم بحدها الأدنى منذ سيطرة حزب «البعث» على السلطة في الستينات، ونالوا من الاضطهاد ما لم يشهده التاريخ العربي، في ظل قومية عربية شوفينية مثلها حزب «البعث»، ترفض الاعتراف بحقوق الأقليات، وتسعى الى «تعريبهم» بالقوة. قاد الأكراد نضالاً طويلاً من أجل حكم ذاتي، أمكن لهم تحقيقه بعد هزيمة العراق أمام التحالف الدولي في التسعينات. لكن القيادة الكردية كانت تؤسس منذ ذلك الوقت لكيان كردي مستقل يشكل بوابة الدخول الى دولة كردستان التي تضم أكراد تركيا وسورية وايران إضافة الى العراق. ارتفع منسوب الحلم بعد احتلال العراق، وخصوصاً بعد ان أدخل المالكي «داعش» الى الموصل عبر إعطائه الأوامر للجيش العراقي بالانسحاب بناء على قرار إيراني.

 

اليوم، وبعد هزيمة «داعش» التي ساهم بها الأكراد، يواجهون ما سبق أن عانوا منه بالتلاعب بقضيتهم، ووقوف دول الجوار ضد أي عملية انفصالية. في الداخل العراقي، هناك تهديدات بأن سير الأكراد بالانفصال سيتسبب بحرب أهلية. واستعاد الأتراك والإيرانيون التنسيق العسكري، تحت عنوان منع الاستفتاء الكردي في العراق على الانفصال، لمعرفة البلدين بنجاحه، وما سيشكله من انبعاث الشعور القومي في بلديهما وأخطار هذا الاستنهاض. والنظام السوري، الذي تلاعب بالأكراد خلال الانتفاضة وأغراهم بالوقوف الى جانبه، سينضم الى إيران وتركيا في معارضة الانفصال. فهل يعي الأكراد خطورة الآتي عليهم، ويخففون من مطالبهم الانفصالية والقبول بتحسين شروط الحكم الذاتي؟

 

اللغم الثاني الذي ما زال منفجراً هو الصراع السنّي- الشيعي على السلطة ومراكز النفوذ. لا يبدو في الأفق ما يشير الى إمكان تسوية داخلية توزّع السلطة بما يضمن حقوق المجموعات في العراق. لا يزال جموح الهيمنة والثأر من الماضي يتحكم في القيادات السياسية التي تولت السلطة في العراق بعد الاحتلال الأميركي، والتي ازداد نفوذها بفعل التدخل الإيراني. في هذه النقطة المتفجرة، يجب الأخذ في الاعتبار ما باتت تمثله إيران في العراق من قوة نفوذ وتحكّم بالقرار السياسي والأمني. لا يدخل في العقل الإيراني ما يعرف بالتسويات، بل الهيمنة الوحيدة الجانب والقمع لسائر المجموعات، بما فيها إدارة حرب أهلية في ما بينها. إضافة الى ذلك، باتت إيران تعتبر العراق منطقة نفوذ إيرانية بالكامل، وهو قلب الأمبراطورية الفارسية. إن ممارسة إيرانية – عراقية تتسم بقهر المجموعات السنّية هو أقصر الطرق الى إذكاء نار الحرب الأهلية وعودة «داعش» الى العراق وانخراطها في الصراع المذهبي الدائر.

 

اللغم الثالث يتصل بالصراع الشيعي– الشيعي. بعد إعلان الانتصار على «داعش»، تصدع التحالف الشيعي وظهرت الخلافات في ما بين قواه. في الجانب العراقي- الإيراني، برزت اعتراضات عراقية على الهيمنة الإيرانية، سواء أكان في تحجيم بعض القوى الأساسية أم في السعي الى إلحاق المرجعية الدينية في النجف بالمرجعية الإيرانية في قم. وشهد العراق تظاهرات تدعو الى خروج إيران من العراق. مظهر آخر من مظاهر الصراع كان في مواقف قوى ثلاث من الحكم العراقي وربيبته الإيرانية، هذه القوى تمثلت بالمرجعية الشيعية السيستاني، وباقر الصدر وعمار الحكيم. من المفيد التدقيق في حدود تحول هذه القوى والمدى الذي ستصل اليه بعد توجهها الخليجي. لا يغيب العنصر العربي في وجه العنصر الفارسي عن هذا الصراع، كما يجب النظر الى استدارة هذه القوى العربية سعياً الى تقوية نفوذها الداخلي ضد القوى المدعومة بالمطلق من إيران. كما لا يجب الحكم بقطيعتها مع إيران، فهي لا تزال على علاقة معها، ولكنها تريد موقعاً في السلطة يتجاوز ما نالته حتى الآن. في كل الحالالت لا يجب التقليل من شأن هذه التعارضات في ما هو قادم.

 

سيُحكم العراق في تطوراته المقبلة بما ستقرره إيران في شأن قوى النفوذ ومواقع السلطة. والذي يزيد من المخاوف على هذا البلد، إن الجار الإيراني لن يتورع عن تجديد الحرب الأهلية، سواء بين السنّة والشيعة، او بين الشيعة أنفسهم، اذا ما شعر بأن العنصر القومي العربي عاد الى النهوض، وأن مطلب الاستقلال سيرتفع. كما سيستخدم العنصر الكردي في تأجيج الاضطرابات الداخلية.

 

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9 الاستفتاء الكردستاني وما بعده

 

 عدنان حسين

 

 صحيفة الشرق الاوسط السعودية
 

لم يتبقَّ سوى ثلاثة أسابيع على الموعد المحدّد للاستفتاء في إقليم كردستان العراق بشأن الحق في تقرير المصير (الاستقلال)، وما لم يحصل طارئ فإن عملية الاستفتاء جارية في موعدها، 25 الشهر الحالي… لكن ماذا عن استحقاق اليوم التالي؟

حتى الآن يبدو أي طارئ يدفع لتأجيل الاستفتاء احتمالاً ضعيفاً للغاية، فإدارة الإقليم وضعت للتأجيل شرطاً من النوع السهل الممتنع: تحديد موعد جديد والتوقيع على اتفاق بهذا الخصوص مع الحكومة الاتحادية في بغداد، مدعوماً بضمانة دولية من الأمم المتحدة أو بعض القوى العظمى. هذا الشرط لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تقديمه، فحتى لو كان راغباً فيه لا يُمكنه الإقدام على مجازفة قبل ثمانية أشهر فقط من موعد الانتخابات البرلمانية. هي مجازفة، لأن الأمر سيعني صِداماً مؤكداً مع «الأخوة الأعداء، وأولهم زعيم حزبه وكتلته البرلمانية، نوري المالكي، الذي سيُسعده اتخاذ العبادي قراراً كهذا، كيما يرفع من وتيرة تأليبه ضد العبادي، ولا بدّ أنه سيسعى لسحب الثقة من العبادي وإطاحة حكومته.

وإذ ليس مرجّحاً أن تُلزم بغداد نفسها بموعد للاستفتاء، فمن غير المنتظر بالتالي حصول الضمانة الدولية. عليه فالإقليم ذاهب إلى الاستفتاء، وبغداد غير قادرة على منعه أو تأجيله بالقوة، وما من عاقل سيفكّر باستخدام القوة على غرار ما فعلته الأنظمة العراقية السابقة في سعيها لإنهاء الثورة الكردية، وفشلت فيه فشلاً ذريعاً، أو حتى مجرد التهديد باستخدام القوة كما فعل سلف العبادي، المالكي، عندما أرسل في عام 2012 قوات حكومية إلى حدود الإقليم في عرض للقوة كان فاشلاً هو الآخر.

إيران وتركيا المعترضتان على الاستفتاء ليس في مقدورهما فعل شيء، فأي منهما لم تهدّد باستخدام القوة لمنع الاستفتاء، وهما غير قادرتين على التهديد لأنهما غير قادرتين على تنفيذ التهديد، ذلك أن أي أعمال عسكرية واسعة النطاق داخل الإقليم، إيرانية أو تركية، ستُجابَه على الأرجح بردّ يتعدّى الاحتجاج والاستنكار من الولايات المتحدة وسواها من الدول التي رعت «الاستقلال» الكردستاني عن بغداد في عهد نظام صدام.

بغداد وحدها قادرة على تأجيل الاستفتاء. كان بوسعها فعل ذلك عندما زار وفد من القوى السياسية الكردستانية العاصمة العراقية منذ أسبوعين، وأجرى مباحثات استغرقت أياماً مع حكومة العبادي والقوى السياسية الحاكمة وغير الحاكمة. لو كانت المباحثات، خصوصاً مع الحكومة وقواها المتنفّذة، مكرّسة لقضية الاستفتاء، ولو اتّفق الطرفان على العودة إلى أصل المشكلة وعلاجها من الأساس، لكان يُمكن حمل الطرف الكردستاني على التأجيل، بيد أن المباحثات انصرفت إلى القضايا الأخرى العالقة بين بغداد وأربيل.

الأصل في المشكلة التي دفعت نحو خيار الاستفتاء، أن بغداد لم تفِ بالتزاماتها الدستورية. هذا ما تستند إليه القيادة الكردستانية في تبريرها لمشروع الاستفتاء. وهذه القضية المحقّة لا تقتصر على العلاقة مع الإقليم، فعدم الوفاء بالالتزامات الدستورية كان العرب والتركمان وسائر المكوّنات والمناطق العراقية خارج الإقليم ضحايا له كما الإقليم وسكانه.

دستور 2005 كُتب على عجل لإعطاء شرعية للنظام الجديد القائم على أنقاض نظام صدام. لم يكن دستوراً مكتملاً، ولهذا ضمّنه مشرّعوه مادة تُلزم بتعديله واستكمال نواقصه لاحقاً، بل نصّ الدستور على توقيتات محدّدة لتحقيق هذه المهمة. كان يتعيّن الانتهاء منها في عام 2007، لكنّ هذا لم يتحقق إلى اليوم.

ليست الخلافات بين القوى السياسية، وبخاصة الشيعية والسنّية، السبب الوحيد لعدم تعديل الدستور. القوى التي تولّت السلطة (شيعية وسنّية وكردية) أوجدت نظاماً لتقاسم النفوذ زعمت بأنه سيكون مؤقتاً لدورة برلمانية واحدة (أربع سنوات)، هو نظام المحاصصة… هذه القوى وجدت في النظام المطبّق حتى اليوم، ضماناً لاحتكارها السلطة والاحتفاظ بالنفوذ والحصول على المال، بخلاف الدستور الذي لو عُدِّل لأسّس لنظام ديمقراطي يجري فيه تداول السلطة، بمعنى أن أحداً لن يتأبّد فيها ويحتكرها.

وُضِع الدستور جانباً في الغالب، ولم تُعدّل مواده مستحقة التعديل ولم تُنفّذ مواد أخرى كان يتعيّن تنفيذها، ولو حصل ذلك ما كنّا سنصل الآن إلى مرحلة ذهاب إقليم كردستان إلى خيار تقرير المصير. تنفيذ المادة 140 كان كفيلاً بحلّ مشكلة كركوك والمناطق الأخرى المختلف عليها، وتنفيذ المادة 48 كان سيكفل إنشاء مجلس الاتحاد، الهيئة التشريعية الثانية إلى جانب مجلس النواب الاتحادي، وتطبيق المادة 102 كان سينشئ هيئةً لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات ومشاركتها في إدارة الدولة، وكذا الحال بالنسبة للمادة 112 الخاصة بتشريع قانون لإدارة ثروة النفط والغاز وتوزيعها بإنصاف على سكان البلاد، وغير ذلك من مواد كثيرة أُهمِل تنفيذها بحجة عدم حصول التوافق بشأنها.

ليس الملوم في هذا الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية التي احتفظت دائماً بالأغلبية في البرلمان وسائر هيئات السلطة. الأحزاب الكردستانية أيضاً تتحمّل مسؤولية كبيرة، فهي رضيت باستمرار نظام المحاصصة وقنعت بالمناصب والمغانم التي أتاحها لها، ولم تضغط للوفاء باستحقاق التعديلات الدستورية. كان يُمكنها، مثلاً، تشكيل تحالف معارض قوي مع قوى سياسية داخل البرلمان وخارجه.

على أية حال الاستفتاء الكردستاني حاصل في توقيته على الأرجح رغم الاعتراضات العراقية والإيرانية والتركية التي لن يكون لها مفعول على الأرض، مثلما لم يكن هناك مفعول لاعتراضات أقوى من بغداد وطهران وأنقرة ودمشق على أول انتخابات برلمانية وتشكيل أول حكومة في الإقليم في عام 1992.

الاستفتاء سيحصل وسيصبح أمراً واقعاً بتصويت الأغلبية العظمى لصالحه، لكنّ: ماذا بعده؟ وكيف ستتعامل القيادة الكردستانية مع استحقاق ما بعد الاستفتاء، الاستقلال؟… أغلب الظنّ أن هذه القيادة ستواجه وضعاً مُحرجاً على هذا الصعيد، فالاستقلال ليس بسهولة الاستفتاء، نسبةً إلى ظروفه غير المؤاتية محلياً وإقليمياً.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
10 ماذا سيفعل تنظيم “الدولة الاسلامية” بعد سقوط “خلافته”؟

 

 د. كاظم ناصر  صحيفة الراي اليوم بريطانيا
الحركة الداعشيّة أثارت الكثير من التساؤلات المتعلّقة بأهدافها، وبمن أوجدوها وموّلوها وزوّدوها بالسلاح ! فمن ضمن هذه التساؤلات ما هي علاقاتها السريّة بالدولة الصهيونية ؟ ولماذا تركّز على إشعال نيران الفتنة بين المسلمين ؟ ولماذا تستخدم وسائل بربريّة مقزّزة في التعامل مع خصومها ومع الأقليات ؟ ولماذا عملت على تمزيق النسيج الإجتماعي في المناطق التي سيطرت عليها ؟ ولماذا دمّرت المدن والقرى والبنية التحتيّة والآثار في المناطق التي سيطرت عليها ؟ ولماذا تقوم بإعتداءات ضدّ المدنيين في مدن العالم ؟ أسئلة أخرى كثيرة  تطرح نفسها عن داعش واهدافها وممارساتها ! لكن الذي لا شك فيه أن ما قامت وتقوم به من أعمال بربرية لا يخدم إلا أعداء العرب والمسلمين وفي مقدمتهم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .

القوات العراقية استعادت ما إحتلته داعش في العراق، والجيش السوري حقق انتصارات حاسمة ضدّها وسوف يتمكن قريبا من طردها من المواقع التي احتلتها خلال السنوات القليلة الماضية . لكن سقوط دولتها، وتدمير معظم أسلحتها، وهروب قادتها إلى أماكن متفرّقة لا يعني بالضرورة توقف أعمالها الإرهابية واندحارها وتفكّكها، ومن ثمّ اختفائها من الساحة ! داعش توقّعت خسارة دولتها منذ ما يزيد عن عام، وبدأت بإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم  وتجهيز نفسها لشنّ حرب ظلّ خفيّة ضدّ خصومها في الشرق والغرب.

خروج داعش من المدن التي احتلتها لا يعني أن المدن المحرّرة ستعيش بأمن وسلام . فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 29 – 6 – 2017 أن داعش ” قامت ب 1483 عملية في 16 مدينة عراقية وسورية بعد تحريرها وخروجها منها ” ،  وقامت بعد طردها من الموصل ومدن سورية بعدة تفجيرات في بغداد ومدن وقرى عراقية وسورية أخرى .

داعش لن تنتهي بالسهولة التي يتصوّرها البعض لعدّة اسباب منها : ان الحركة ما زال لديها آلاف الجهاديين الموالين لها، وتملك كمّا هائلا من السلاح، وحافظت على معظم كوادرها الإداريّة وخبرائها ليخطّطوا وينفّذوا عملياتها القتاليّة في المناطق التي خرجت منها وفي أماكن مختلفة من العالم، وإن هناك من ما زال يموّلها ويسلّحها سرّا لخدمة أهدافه .

المنظمات الإرهابية  لايمكن التخلّص منها بسهولة لأنها تعتمد في تنظيمها على خلايا سريّة صغيرة تزرعها في المدن والقرى ليتعذرّ اكتشافها جميعا وتفكيكها، وتحصل على دعم من جهات محليّة أو أجنبية . لقد استمرّت ” القاعدة وطالبان ” وما زالتا تقومان بأعمال هجومية ضد القوات الأمريكية والحكومية في أفغانستان  بعد مرور 35 عاما على تأسيس القاعدة ، وبعد 16 عاما على الهجوم الأمريكي الذي أسقط دولة طالبان .

الوطن العربي المثقل بجراحه ومصائبه يمرّ في أسوأ الظروف وشبابه يعانون من البطالة والفقر والإحباط والخوف من المستقبل، ويشكّلون أرضيّة خصبة لتزويد داعش وغيرها بمقاتلين جدد. ولهذا فإنه من المتوقّع أن تستمر داعش في استقطاب جهاديين عرب ومسلمين، وتوزّع مقاتليها الذين خرجوا من سورية والعراق في مناطق مختلفة من العالم، وقد تتحول إلى منظمة سرّية تعتمد على خلاياها الصغيرة، وتركّز على زعزعة استقرار دول عربية  في الشرق العربي وشمال إفريقيا.

 أضف إلى ذلك أن داعش قد تعيد تسمية نفسها وتغيّرأسلوبها الهمجي  في التعامل مع المواطنين، وقد تنقلب على موجديها . أمريكا خلقت القاعدة ثم إنقلبت القاعدة عليها وأصبحت عدوّها اللدود، والسعودية حمتها وزوّدتها بالمال والرجال ثم انقلبت عليها، وباكستان أوجدت طالبان ثم انقلبت عليها، وإسرائيل  ساهمت في خلق داعش وزوّدتها بالمال والسلاح وعناصر موسادية لخدمة أهدافها فهل ستنقلب عليها وتتحول من خادمها الأمين وصديقها الودود إلى عدوّها اللدود ؟