ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | إقليم كردستان وبركان الهيجانات في المنطقة | عبدالباسط سيدا
| الحياة السعودية |
سألت صديقاً سويدياً، كان من بين الذين راقبوا استفتاء الاستقلال الذي أجري في إقليم كردستان العراق يوم 25 أيلول (سبتمبر) المنصرم، عن انطباعاته حول إجراءات سير عملية الاستفتاء، وعن توقعاته المستقبلية، وذلك من موقعه كخبير متابع للشأن العراقي والمنطقة منذ سنوات طويلة. وبعيداً من حماس سكان الإقليم وقيادته، والكرد منهم خصوصاً، وبمنأى عن حملات التشكيك التي ظهرت من جانب حيدر العبادي وحكومته، والأغلبية الموجهة في البرلمان العراقي، والعديد من أنصاف المثقفين القومويين والأصوليين والمذهبيين، كان رأي الصديق السويدي أن القيادة الكردستانية ضربت الأرض بأقدامها، وتمسّكت بحقها المشروع، وهي مستعدة لتحمّل النتائج التي قد تكون باهظة التكاليف بكل أسف، وربما قد تصل إلى الحرب التي لا يريدها أي عاقل. وحين انتقلنا إلى الحديث عن ردود الأفعال التي ظهرت لاحقاً على نتائج الاستفتاء من جانب الحكومة العراقية، ودول الجوار، خاصة تركيا وإيران، عبّر بمرارة عن امتعاضه واستنكاره، قائلاً: ما زالت عقلية القرون الوسطى هي التي تتحكّم بالممارسات السياسية في منطقتكم بكل أسف. ولم يسبق لأي شعب أن مارس حقه بمثل هذه الشفافية والدقة. ولم يسبق أن عرضت أي قيادة في منطقتكم على شعبها فرصة كهذه، ليعبر عن رأيه بمستقبله. إنها تجربة واعدة، ولكنها محفوفة بالأخطار ومعقدة. ولكنني بكل وضوح أقول: إنني مع قرار الشعب الكردستاني، أدعمه، وأقف إلى جانبه. هذه شهادة من شهادات كثيرة عبّر عنها ممثلو منظمات المجتمع المدني الدولية، والمؤسسات الأكاديمية البحثية الذين كانوا في الإقليم لمتابعة سلامة العملية الاستفتائية، والتأكد من عدم وجود أي ضغط على الناس لإجبارهم على التصويت لمصلحة الاستقلال. وقد أعلن الشعب الكردستاني بكل مكوناته عن رغبته الصريحة، وبما يشبه الإجماع، في الاستقلال. والكل يعلم أن هذا الاستفتاء هو مجرد بداية لعملية طويلة معقدة لم تتحدّد ملامحها بعد. ولكن مع ذلك استُنفرت القوى الإقليمية بكامل قواها، وكأن خطراً كارثياً حلّ بها، حتى أنها تجاوزت كل خلافاتها، واعلنت بصرحة عن تواصلها في ما بينها للتوافق على الإجراءات الزجرية المشتركة، وتطبيق العقوبات الجماعية بحق سكان الإقليم، والتهديد بالتدخل العسكري إذا ما لزم الأمر. وكل ذلك بالتزامن مع حملة إعلامية ديماغوجية، تستند إلى مزاعم وأباطيل مثل التهجير والتزوير وإرغام الناس على التوجه نحو صنادق الاستفتاء، وغير ذلك من الاتهامات التي باتت معروفة الطابع والوظيفة. المسألة واضحة وضوح الشمس. شعب من حقه أن يقرر مصيره بنفسه، وقد أعلن عن ذلك بطريقة لا تشوبها أي شائبة. ولكن من جهة أخرى هناك سلطات تخشى من دواخلها، وليست مستعدة لمعالجة قضاياها الداخلية تحسباً للانعكاسات التي ستتأثر بها، فترى أن أفضل وسيلة، وأكثرها تأثيراً بالنسبة إليها، تتجسد في خنق إرادة الحرية لدى الكرد، ومعهم سائر المكونات المجتمعية الأخرى في كردستان العراق، بغية المصادرة على حقوق ملايين الكرد في الدول المجاورة. إنها سياسة قديمة، تعود في جذورها إلى نحو خمسمئة عام، أيام الحروب والتوافقات بين الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، وقد اتخذت منحى جديداً بعد الحرب العالمية الأولى، مع تشكيل كل من العراق وسورية. واللافت دائماً أن الدول المعنية بالمسالة الكردية تتجاوز بسرعة قياسية كل خلافاتها، وتعارض مصالحها، لتركّزعلى ما تعتبره الخطر المهدّد لها جميعها. والكرد من ناحيتهم حاولوا، ويحاولون، من دون جدوى، إقناع الأطراف الإقليمية، التي شاءت الظروف أن تتحكّم بقضيتهم، بإمكان حل كافة القضايا بالحوار والحكمة على أساس الاحترام المتبادل، والاعتراف بالحقوق والخصوصيات والمصالح، ولكنهم في كل مرة اصطدموا، ويصطدمون، بعقلية إنكارية، ثأرية توعدية. إنه الخوف المتبادل الذي يتحكّم بالعلاقة بين الكرد وهذه الدول. خوف هذه الأخيرة باعثه الخشية من الاستحقاقات الداخلية، والخشية من فقدان المصالح والثروات. في حين أن خوف الكرد وجودي مصيري. ووضعية كهذه لا تمكن معالجتها من دون إزالة الهواجس، وترسيخ قواعد الثقة المتبادلة، والتوافق على آلية لحل الخلافات. فالمشكلة الأساسية التي تتمحور حولها مختلف مشكلات منطقتنا تتمثل في عقلية عدم الاعتراف بالآخر المختلف. وهذه عقلية لها جذورها في مختلف مراحل تاريخنا. إننا إذا سايرنا الأطراف الهائجة، وقلنا إن إقليم كردستان هدّد باستفتائه قواعد العيش المشترك بين المكونات العراقية وشعوب المنطقة، والواقع ليس كذلك ولكننا سنفترض ذلك، فلا بد أن نقر ونعترف في المقابل، بأن التصريحات والممارسات التي سمعناها وتابعناها هنا وهناك، ومن مختلف الجهات، تدمّر هذه القواعد، وتصادر على إمكان الحوار والتفاهم للوصول إلى قواسم مشتركة، من شأنها تعزيز الثقة، وتمهيد الأرضية المناسبة لعيش مشترك وفق أسس جديدة، تتناسب مع المعطيات الجديدة. القضية الكردية لم تعد قضية محلية أو إقليمية، بل باتت جزءاً من معادلات التوازن الإقليمي الدولي في المنطقة. والجميع يدرك ذلك، لكن يبدو أن هناك رغبة لدى كل طرف في تعزيز مواقعه، استعداداً لما ستشهده المنطقة من متغيرات، ولا سيما في سورية والعراق واليمن، وارتباط كل ذلك بماهية التفاعل الإقليمي مع مستجدات الاستراتيجيات الدولية، وذلك في أجواء الحضور الروسي الكبير في سورية، مقابل الحضور الأميركي في كل من سورية والعراق. ولكن مهما يكن، وعلى خلاف لغة التهديد، والوعيد، والتشكيك، والتخوين، والقدح، تحتاج منطقتنا إلى حوارات معمّقة لتناول كل القضايا التي تؤرقها، قضايا المكوّنات الدينية والقومية، قضايا التطرف والفساد والاستبداد، وغيرها. وباعتبار أن القضية الكردية هي موضوعنا هنا، نرى أنه آن الأوان للتعامل معها كقضية إقليمية ملحة، تستوجب حلاً عادلاً لمصلحة الجميع، وفي مقدمتهم الكرد بطبيعة الحال، باعتبارهم الحلقة الأضعف. فقد تعرضوا للكثير من الظلم والتغييب والتنكيل والمجازر نتيجة السياسات القوموية الإنكارية. أما أن تعود الدول المعنية إلى أدواتها وسياساتها القديمة للتعامل مع وضعية مستجدة مغايرة، فهذا مؤداه استمرار الصراع، واستنزاف الطاقات، الأمر الذي سيضع الجميع أمام خيارات صعبة مؤلمة.
| |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | الإعلامي في المسألة الكردية التضليل
| غسان الإمام
| الشرق الاوسط السعودية |
منذ الحرب العالمية الثانية، لم يشهد التدخل الدولي والإقليمي في شؤون العالم العربي، المدى الواسع والعميق الذي وصل إليه، إثر انفجار الانتفاضات العربية في عام 2011. الطريف في المشهد أن التدخل الدولي اليوم يتناقض مع مثيله في القرن الماضي، حيث كان شبه مرسوم. وموحداً سياسياً وآيديولوجياً، فيما هو اليوم متناقض كلياً. فلكل دولة كبرى موقف. ورأي. وسياسة. ولكل دولة إقليمية مصلحة. وخطة. ومرتزقة. هذه التناقضات الدولية والإقليمية انعكست سلباً على الأنظمة والمجتمعات العربية. كان النداء العربي خلال الحرب العالمية داعياً إلى «وحدة قومية». وبدهاء بريطاني، على لسان ونستون تشرشل وأنطوني إيدن، تحول النداء إلى «تضامن» عبَّر عنه قيام جامعة «دول» عربية هشة تؤطر دولاً «مستقلة». ذات سيادات. وكيانات. وحدود. وأناشيد… باعدت بين أشقاء الجوار والمصير. الصراعات العربية تجاوزت اليوم شعار التضامن بين الدول، لتصل إلى تفكك واهتراء في نسيج أمة تمتد من المشرق إلى المغرب، بحيث بات القتل الجماعي والاقتتال مجرد أرقام، لا تثير أصفارها الأربعة أو الخمسة حزناً في النفس. أو تعاطفاً بين أشقاء. ومعها استفحل التدخل الدولي. والتورط الإقليمي، بحجة بذل المصالحة البريئة بين الأنظمة المتشاجرة. والوساطة الحميدة بين المصالح المتهادنة والمتناحرة. لهذا الهراء الدولي وسائله في إقناع العرب، بأن ليس في الإمكان أبدع مما كان. فهناك الدبلوماسية الممهدة للقاءات الساسة والزعماء. وهناك التصريحات المتفائلة التي تنام بعدها على حرير الأحلام. وتفيق، على دوي التفجيرات الانتحارية. وهناك المسارح الدموية المتنقلة، لإقناعك بأن بالإمكان إقامة مناطق آمنة إلى جانبها، بحراسة الشرطة الروسية. وهناك الطيران الغربي المنتقل من فوق الموصل، إلى فوق الرقة لإبادة عرب المدينة، قبل تسليمها إلى أكراد القامشلي والحسكة، بموافقة «المعلم وليد»، رسام خرائط التقسيم الكرتونية. وهناك الطيران الروسي والسوري المنتقل من فوق مسرح دير الزور، إلى فوق مسلخ إدلب الذي سيُباد فيه عرب المحافظة. من البديهي، أن يلجأ المتدخلون والمتورطون في شؤون العرب، إلى الإعلام لدعم مواقفهم ووجهات نظرهم. والإعلام لم يعد مجرد صحافة ورقية، كما تعتقد الرقابات الحكومية المتشددة، يوماً بعد يوم على الصحافة العربية، إنما هو أيضاً الإعلام الإلكتروني المتحرر من هذه الرقابة. أين أميركا التي حلت محل أوروبا في فرض ثقافتها الشعبية الهوليوودية على العالم. وأتبعتها بتقديم إعلام ورقي جديد ومبتكر في تفتيت وتبسيط المعلومات. والتعليقات. والتفسيرات السياسية؟ ظل الالتزام بالحياد والأمانة الصحافية قائماً، إلى أن فقدت هذه الصحافة جانباً كبيراً منها في الانحياز لإسرائيل. أود أن أقدم هنا مثالاً على مجانية الحقائق والوقائع وإخفائها في الصحافة الأميركية، في قضية واحدة فقط: الأزمة الكردية الراهنة، كما تقدمها وتعالجها إحدى كبريات الصحف السياسية الأميركية. فهي تقول إن الأكراد هم الأمة الوحيدة في العالم التي لم تنل حقها في الوحدة القومية والسياسية. وتخصهم وحدهم بأنهم ضحايا القتل. والإبادة. والحرمان في العراق، مستشهدة بمجزرة حلبجة الكيماوية التي قتل فيها خمسة آلاف كردي. الحقائق والوقائع تثبت أن العرب هم الأمة الكبيرة الوحيدة في العالم التي لم يسمح لها باستكمال وحدتها السياسية والقومية، فيما تقدم أميركا للأكراد الحماية. وعمدت إلى عسكرتهم وتجنيدهم في حربها ضد إرهاب «داعش» و«القاعدة» في العراق وسوريا، فانتفخ البالون الكردي، بحيث بات من الصعب احتواؤه. ولولا هذه الحماية والتشجيع، لما أقدم مسعود بارزاني على فرض الاستفتاء غير المناسب، في الوقت غير المناسب، متسبباً في احتمال نشوب نزاعات وحروب داخل العراق. ومع الدول المجاورة. قتل في حروب صدام البعثية أكثر من مليون عراقي عربي (من سنة وشيعة)، في حين لا تذكر الصحيفة واقعة استعانة مسعود بارزاني بجيش صدام، لإنقاذ عاصمته أربيل، من قوات خصمه جلال طالباني (صار رئيساً للعراق بعد صدام) التي شقت طريقها إلى المدينة، في حرب أهلية كردية قتلت وجرحت ألوف الأكراد، بعد حصول كردستان على «حكم ذاتي» مستقل في التسعينات. ولا تنسى الصحيفة أن تشير إلى احتلال الأكراد لمنطقة كركوك النفطية (2014). وتحمّل بغداد مسؤولية وقف إرسال حصة كردستان من الميزانية الفيدرالية. الواقع أن الكرد استغلوا هزيمة الجيش العراقي في الموصل، وقيام الدولة «الداعشية» المزعومة، لاحتلال كركوك. وحرمان العراق من موارد أكبر بئر نفطية في العالم، تنتج 400 ألف برميل من النفط يومياً، علماً بأن عدد العرب والتركمان يصل إلى 60 في المائة من سكان المحافظة والمدينة. يبقى السؤال العراقي الموجه لمسعود بارزاني: أين ذهب المورد المالي الهائل الناجم عن تصدير الأكراد نفط كركوك إلى العالم عبر تركيا؟ الحقيقة الوحيدة التي تعترف بها الصحيفة أن الكرد وسعوا مساحة كردستان بمعدل 40 في المائة، باحتلال المناطق العربية. والتركمانية. والآشورية – الكلدانية. تستعين الصحيفة بتصريحات وأقوال مختلفة. فتسمح للدبلوماسي الأميركي بيتر غالبريث الذي سبّب متاعب لأميركا في أفغانستان وباكستان، بصياغة الاستفتاء الكردي بشكل استفزازي لعرب العراق: «هل تريد أن تكون جزءاً من بلد ارتكب مجزرة ضدك؟». أما هوشيار زيباري الذي شارك في إجراء الاستفتاء، فقد قال إن «العراق قد تهدم، بسبب اصطفاف حكومة بغداد الشيعية إلى جانب إيران». قد يكون ذلك صحيحاً. لكن لماذا صمت هوشيار عن ذلك، عندما كان وزيراً للخارجية ثم للمالية في حكومة بغداد؟! بل لماذا صمت الكرد الذين احتلوا مناصب رفيعة في الإدارة العراقية، بينها رئاسة الدولة. ورئاسة أركان الجيش. وبعضهم شارك في التصويت في الاستفتاء؟! التضليل الإعلامي لا يقتصر على ممارسة أميركية وكردية له. فهو يتسلل أيضاً إلى صميم الإعلام العربي، تحت شعار الديمقراطية وذريعة «حقوق الإنسان». فتحت الصحافة العربية صدرها لكُتّاب ومثقفين أكراد ناطقين بالعربية، ليسجل بعضهم تهجمه على العرب. واستفزازهم بتغييب تاريخهم. شعرت بالحزن والألم عندما سمعت إذاعة محلية عربية في باريس، تقدم باحتفاء (25 سبتمبر/ أيلول الماضي) شخصاً على أنه «مثقف كردي مستقل» لم يسبق أن سمعت به. فإذا به يزعم أن تاريخ الشرق الأوسط كان كردياً منذ قيام دولة «كردية» في الألفية الأولى قبل الميلاد! الخطر في هذا التضليل أنه موجه لسبعة ملايين عربي في فرنسا، لا يعرفون الكثير عن تاريخ الأمة العربية القديم والحديث. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | “استفتاء” البرزاني واتهام العرب بالشوفينية
| زياد حافظ
| راي اليوم بريطانيا |
“الاستفتاء” الذي جرى في إقليم كردستان يشكّل تحوّلا نوعيا وهاما في المعادلات الإقليمية والدولية في آن واحد. وهذا “الاستفتاء” يستدعي ملاحظات عدّة من التيّار العروبي. فالملاحظة الأولى هي التأكيد مرّة أخرى على إقرار الحقوق المشروعة للشعب الكردي في إقليم كردستان في العراق. وليس هناك أي تحفّظ على هذه الحقوق. نذكّر هنا أن القائد الخالد الذكر جمال عبد الناصر، الذي نحيي هذه الأيام ذكرى رحيله المبكر، قد أقرّ ودعم الحقوق الوطنية والقومية للأكراد. كما نذكّر ايضا أن حزب البعث الحاكم في العراق قد أقرّ في آذار 1970 تلك الحقوق في كنف الدولة المركزية غير أن الظروف حالت دون التطبيق الفعلي لتلك الاتفاقية. ومنذ تأسيس المؤتمر القومي العربي عام 1990 هناك تأكيدات من التيّار العروبي حول تلك الحقوق. وكذلك الأمر بالنسبة لمنشورات مركز دراسات الوحدة العربية. ونذكّر أن من بين أعضاء المؤتمر القومي العربي شخصيات من الإقليم من أبرزهم المرحوم الدكتور وميض عمر نظمي التي تعرف القيادات الكردية موقفه الداعم للحقوق الكردية ولكن في كنف عراق موحّد. هنا لا بد من التذكير أن الأزمة القائمة بسبب “الاستفتاء” هي من تداعيات الاحتلال الأميركي وما نتج عنه من “عملية سياسية” ودستور بريمر الذي نزع عنه عروبة العراق. والعملية السياسية لم تكن إلاّ صيغة للمحاصصة بين مكوّنات العراق تمهيدا لتقسيمة وليس للحفاظ على وحدته بل حتى لتدميره. ومسعود البرزاني كان أحد المشاركين في صوغ الدستور، وفي العملية السياسية. ونتمنّى على أولئك الذين يتّهمون التيار العروبي ب “الشوفينية” ويجاهرون بنصرتهم للحقوق القومية للأكراد وغير الأكراد أن يعترفوا وأن يقرّوا بالحقوق القومية العربية ولو من باب الحياء. فأعداء الأمة لا يريدون الاعتراف بها ولا بالحقوق القومية ولا حتى الوطنية العربية الهوى والهوية، فالمنطقة تجمّع فقط للأديان والمذاهب والأعراق ولا حقوق قومية ولا حتى وطنية إلاّ للمجموعات التابعة للقرار الغربي والصهيوني. غير أننا نعتبر أن مكوّنات الأمة متعدّدة وأننا نعتزّ بالتنوّع الموجود فيها منذ قرون بل منذ آلاف السنين وتساهم بشكل مباشر في تكوين الهوية العربية. ما يثير قلق العروبيين هو أن تتحوّل تلك الحقوق التي يطالبها الأخوة الأكراد إلى حوافز لمعاداة القضايا القومية العربية بدءا بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر إلى إقامة دولة الوحدة بغض النظر عن شكلها الدستوري. فمن الصعب أن يقبل العروبيون بأن يتحوّل إقليم كردستان إلى قاعدة صهيوأميركية تستهدف مصالح العرب كما تستهدف استقرار المنطقة ونعني استقرار كل من سورية والعراق وأيضا الجمهورية الإسلامية في إيران وتركيا. فمهما كانت التباينات بين العروبيين والجمهورية الإسلامية في إيران وتركيا في قضايا المنطقة فإن الاستقرار هو من الأهداف الرئيسية للمشروع النهضوي العربي الذي نريد ونناضل من أجل تحقيقه. هذه الحقيقة يجب أن تكون في صلب الحوار الذي يجب أن يقيمه العروبيون كنخب مؤثرة والهيئات الشعبية وكدول عربية مع كافة الأطراف المعنية في مقاربتها للملف الكردي إذا جاز الكلام. الملاحظة الثانية تتعلّق بالدعم الصهيوني المعلن والمباشر لما حدث في الإقليم. ونؤكّد هنا أن التأييد الصهيوني الصريح للاستفتاء وفيما بعد لعملية الانفصال هو جوهر التحفّظ العربي. كما أن وجود الصهيوني المعروف برنار هنري ليفي في مكاتب الاقتراع يثير الريبة إذا ما تمّ الانفصال الأحادي بتشجيع صهيوني. فالقتل والدمار الذي لحق بليبيا وفي أوكرانيا وفي سورية من جرّاء دعم شخصيات صهيونية معروفة بكراهيتها للعرب أمر مقلق للغاية في الحد الأدنى وينذر بما قد يقدم عليه العدو الصهيوني وحلفائه في المستقبل لا سمح الله. غير أننا نعتقد أن الصهاينة يستعملون الانفصال الكردي ليس إيمانا بحقوقهم بل لاستخدامهم في عداء الكيان للعرب وللمسلمين أجمعين. فالورقة الكردية هي ربما آخر الأوراق بيد الكيان الصهيوني لاستنزاف دول الجوار بدءا بمحور المقاومة وحتى “الصديق” تركيا. فالكيان أولا وأخيرا عدو العرب والمسلمين. الملاحظة الثالثة هي في التساؤل حول يقين “الاستفتاء” بمعنى هل أنه يعبّر عن إرادة فعلية للشعب في إقليم كردستان أم عن مصالح ضيّقة لفئة معيّنة من النخب الحاكمة في الإقليم الكردستاني. فهل مكوّنات السليمانية تتماهى مع مكوّنات أربيل؟ وهناك معلومات تفيد بتلاعب كبير في صناديق الاقتراع ما يزرع الشكوك في نفوس المراقبين. والنتائج العالية جدا تذكّرنا باستفتاءات سابقة أو انتخابات يفوز بها القائد بشبه إجماع. فهل صحيح أن جميع مكوّنات المجتمع الكردي تريد الانفصال عن الدولة العراقية؟ هدف “الاستفتاء” هو الإيحاء بالنعم على ذلك السؤال غير أن الحقائق قد تكون مخالفة. الملاحظة الرابعة تتعلّق بالظروف الموضوعية التي جرى فيها الاستفتاء. الوقائع تشير أن وضع إقليم كردستان في دعوة بعض نخبه الحاكمة والفاقدة لأي شرعية دستورية وحتى داخل الإقليم تختلف عن سوابق حصلت في الوطن العربي. وكما أشار العديد من المراقبين المخضرمين فانفصال السودان حصل بعد اتفاق الدولة المركزية في السودان مع الانفصاليين. كما أن الدول المجاورة لجنوب السودان كانت داعمة لذلك بينما الواقع يختلف جذريا فيما يتعلّق بإقليم كردستان. رغم كل ذلك نعلم جميعا ماذا حصل في جنوب السودان بعد “الاستقلال”. أما بالنسبة لإقليم كردستان فلا توافق مع الدولة المركزية ولا توافق ولو بالحد الأدنى مع دول الجوار لأن الانفصال المرتقب يهدّد الأمن القومي لدول الجوار وهذا ما لا يمكن أن تقبله هذه الدول. فما هو فعليا مستقبل “الانفصال”؟ في تقديرنا، كانت هناك تطمينات مشبوهة، من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وحتى من بعض الدول العربية التي تراهن على تحالف خليجي صهيوني كردي يوازن التحالف الإيراني السوري والتفاهم الممكن مع تركيا، على أن دول الجوار لن تجرؤ على إغلاق الحدود والأجواء في الإقليم. لكن بات واضحا أن التنسيق بين الحكومة المركزية ودول الجوار كان في مستوى عال ومنذ فترة سبقت الاستفتاء ما يدلّ على خطأ فادح في تقدير ميزان القوة لدى القيادة الكردية ومن يدعمها ويشجّعها على الانتحار السياسي. من هنا نفهم أبعاد الانقلاب الفاشل على اردوغان التي شجّعته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والتي أفشلته الاستخبارات الروسية. إبعاد اردوغان كان ضروري لتمرير المشروع الكردي بعد الفشل المرتقب للمشروع الداعشي. لذلك بدأت على ما يبدو رحلة التراجع في تصريح البرزاني إلى صحيفة تركية مفادها أن الهدف ليس الانفصال بل الحوار من أجل تصحيح الخلل في أداء حكومة بغداد، وكأن أداء حكومة الإقليم يخلو من أي خلل! في كل الأحوال فإن هناك أمورا عدّة تجعل تحقيق الانفصال من القضايا الصعبة للغاية إن لم تكن مستعصية إضافة لما أشرنا إليه أعلاه. أولى هذه الأمور هي أننا لسنا متأكدين عن وجود توافق بين مكوّنات المجتمع الكردي رغم الادعاءات المعاكسة، ليس فقط على الانفصال بل على العديد من القضايا السياسية والاقتصادية. ثانيا، هناك تحفّظات كبيرة على شرعية رئيس الإقليم التي انتهت ولايته منذ عدّة سنوات. ثالثا، إن البرلمان في الإقليم كان معطّلا طيلة الفترة السابقة ولم يُدع إلاّ للتصويت على إجراء الاستفتاء كما أن رئيسه ما زال في المنفى ما يدلّ على وجود أزمة سياسية داخلية متفاقمة في الإقليم. رابعا، وربما الأخطر في رأينا، الفساد المستشري في الإقليم والهوّة المتنامية بين النخب الحاكمة وعامة الشعب في توزيع الثروات، ما أدّى إلى غياب الكفاءات عن إدارة المؤسسات علما أن الإقليم في حالة حكم ذاتي منذ أكثر من عقدين ب “فضل” التدخل الأميركي. فالثروات النفطية هُدرت لمصلحة القلّة الحاكمة وهناك ما يوازي 200 مليار دولار من عائدات النفط التي تعود إلى الدولة المركزية ما زالت مجهولة المصير. كما أن العجز في موازنة الإقليم أدّى إلى نشأة دين عام يوازي 20 مليار دولار رغم الثروات النفطية والغازية والمعدنية الموجودة. فلا حسابات ولا شفافية ولا أي نوع من الرقابة التي تؤدّي إلى مسائلة ومحاسبة وإلى تثبيت فعلي للدولة. فما ظهر من استثمار في الحجر لا يوازي ما كان مفروضا أن يستثمر في البشر. وبالتالي إدارة الدولة الانفصالية ستصبح قاب قوسين. مهما كانت الأخطاء المنسوبة للسلطة المركزية في بغداد غير أن الأخوة الأكراد شركاء فاعلين فيها وفي أخطائها وهم من ساهم في صوغ الدستور العراقي. فقد استفادوا من الدولة المركزية بينما الأخيرة أُقصيت من إدارة الإقليم. فهل أصبحت الخلافات السياسية والمالية بين القادة مبرّرا للانفصال وللمآسي التي ستنتج عنه؟ | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | كردستان… بين الاستفتاء والانفصال مسافة | باسم الجسر
| الشرق الاوسط السعودية |
إقامة دولة كردية ذات كيان مستقل ليس مشروعاً حديثاً، أو مضاعفة من مضاعفات الحروب التي لم تتوقف داخل العراق أو عليه، بل يعود إلى أكثر من قرن إلى الوراء، ولم يتحقق لمعارضة أربع دول شرق أوسطية له، بالإضافة إلى الدول الكبرى التي تلاعبت بمصير شعوب ودول هذه المنطقة من العالم… غير أن هذا الاستفتاء الأخير على الاستقلال الكردي، وفي الظروف الراهنة، يرتدي، هذه المرة، أبعاداً بل خطورة خاصة لم ترافق المحاولات الاستقلالية السابقة؛ ذلك أن ما تعانيه المنطقة من حروب أهلية ومداخلات دولية، اليوم، بات متعدد الأطراف والأبعاد، ويخرج بالتالي عن كونه قضية انفصال مكون عرقي أو ديني أو حضاري عن «الدولة – الأم»، بل أصبح سبباً لتوليد معادلات سياسية تاريخية وجغرافية مولدة بدورها لصراعات وحروب مستقبلية. قليلة جداً هي الدول التي يتألف شعبها من عرق واحد، أو جميع أبنائها من أتباع دين واحد، أو يتكلمون لغة واحدة، ففي الهند أتباع أديان عدة وأبناؤها يتكلمون أكثر من خمسين لغة، والشعب الأميركي تألف من خليط من المهاجرين من كل دول العالم، كذلك معظم شعوب دول أميركا الجنوبية، ولكن هذه الدول نجحت في توحيد شعوبها عن طريق الديمقرطية والمواطنة. ورغم ذلك لم تتوقف حركات الانفصال داخل هذه الدول، فبالأمس القريب انفصلت المجر عن النمسا، والدول البلقانية عن السلطنة العثمانية، وفُرطت يوغوسلافيا بعد وفاة تيتو إلى عدة دول مستقلة، وانفصل جنوب السودان عن شماله، وانفصلت سوريا عن مصر بعد أربع سنوات من توحدهما، وانفصل جنوب اليمن عن شماله ثم عاد للتوحد بالقوة. وفي أكثر دول العالم استقراراً وديمقراطية هناك حركات انفصال جديدة (كاتالونيا، كورسيكا). من هنا يمكن القول بأن اندفاع أو استعجال حكام كردستان العراق في القفز من شبه الحكم الذاتي إلى الاستقلال، ليس إلا استمراراً في نضال الشعب الكردي من أجل إقامة دولة مستقلة، ولكن إجراء هذا الاستفتاء، رغم معرفة العاملين له بأن هناك أربع دول إقليمية، حيث يتوزع الشعب الكردي، تعارض قيام دولة كردية على حدود وأراضي إحداها، بالإضافة إلى معارضة الدول الكبرى لهذا الاستفتاء في الظروف الراهنة. دولة واحدة أيدت الاستفتاء وقيام دولة كردية، وهي إسرائيل. وليس في الأمر غرابة، فإسرائيل منذ انزراعها في المنطقة، تلعب بورقة الأقليات الدينية والعرقية في وجه أي عقيدة وطنية أو قومية أو دينية توحد كلمة أبناء الدول المحيطة بها. وقد يأتي يوم تكشف فيه أسرار الدور الإسرائيلي في إيهان الوحدة الوطنية في الدول العربية، وإثارة النعرات الدينية والمذهبية فيها، بل وإشعال الأزمات والخلافات بين حكامها. لقد فتح الاستفتاء الكردي الباب على أزمة خطيرة قد تجر إلى الاحتكام إلى السلاح. وقد تنجح الدول الكبرى – وهي متفقة على تلافي الاصطدام وإجلاس حكام أربيل وحكام بغداد إلى طاولة المفاوضات، وإلى تأجيل أي استحقاق ريثما تحسم الحرب على تنظيم داعش. ولكن هل سيتخلى الأكراد عن المطالبة والعمل على إقامة دولة مستقلة؟ إنهم يتمتعون اليوم بحكم ذاتي واسع يكاد يكون شبه استقلال. وهم يعرفون أن الدول الأربع التي تعارض إقامة دولة كردية على قسم من أراضيها، ليس من السهل عليها القبول بذلك. فهل يكون هذا الاستفتاء ورقة في يد أربيل للحصول على مزيد من الحكم الذاتي أم باباً جديداً من الصراعات في المنطقة قد فتح؟ لقد دعا الحكم الذاتي الكردي الانفصالي، حكومة بغداد، للجلوس إلى طاولة المفاوضات لمعالجة هذه الأزمة التي أحدثها الاستفتاء ونتائجه. ولقد أبقت بغداد وأنقرة باب المفاوضات مفتوحاً رغم معارضتهما السياسية الصريحة والعالية النبرة، لا سيما أنقرة التي كانت على علاقة حسنة مع نظام الحكم في أربيل وتعاون اقتصادي مفيد للبلدين. ومن البديهي أن معارضة الدول الكبرى والمجتمع الدولي للانفصال الكردي عن الكيان العراقي سوف يؤثر على الانفصاليين، ويدفعهم إلى التروي في تنفيذه، ويحملهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حكومة بغداد. إن الأولوية الدولية والإقليمية لا تزال القضاء على «داعش» والتنظيمات الإرهابية المشابهة له، ولذلك فإن هذا الاستفتاء لن يشعل حرباً جديدة في المنطقة، وإن كان محرجاً لجميع الدول والقوى المشاركة في هذه الحرب. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 | أبعاد المعضلة الكردية
| د. أحمد يوسف أحمد
| الاتحاد الاماراتية |
لا شك أن رغبة أكراد العراق في الانفصال وتكوين دولة مُحملة بالتباسات عديدة، صحيح أنهم أمة من حق أبنائها أن يحلموا بدولة قومية، وصحيح أيضاً أنهم هُمشوا طويلاً في الدول التي خضعوا لحكمها، ولكن حق تقرير المصير لا ينطبق عليهم، كونه مخصصاً للشعوب التي خضعت للاستعمار، ومن الصعب تكييف علاقتهم بالدول التي يعيشون في كنفها باعتبارها علاقة استعمارية. بل إن أكراد العراق يتمتعون بوضع بالغ التميز عن غيرهم من مكونات الشعب العراقي الأخرى، كونهم قد عاشوا بمنأى عن السلطة المركزية منذ الغزو العراقي للكويت 1990 الذي فُرض بعده حظر للطيران في سمائهم، حماية لهم من أي أعمال انتقامية من صدام حسين في أعقاب تمردهم عليه استغلالاً لهزيمته آنذاك. وعقب الغزو الأميركي للعراق في 2003 أصبح للأكراد بالذات وضع اتحادي (فيدرالي) تمتعوا بموجبه بما هو أكثر بكثير من حقوق الولايات في الدول الاتحادية. وهم يقولون تبريراً لرغبتهم في الانفصال إن الحكومة المركزية لا تفي بحقوقهم بموجب الدستور، وإنهم لم يعودوا مستعدين للعمل كخدم لدى عرب العراق. والواقع أن تنكر الحكومة المركزية لحقوق الأكراد بموجب الدستور يُرد عليه بالنضال السياسي من أجل تفعيل الدستور وليس بالانفصال، كما أنها المرة الأولى التي نسمع فيها عن «خدم» برتبة رئيس جمهورية ووزير خارجية، وعن «خدم» يملكون جيشاً خاصاً بهم ولا يستطيع «أسيادهم» العرب الدخول إلى إقليمهم دون إذن منهم، ويتمتعون بتمثيل في البعثات العراقية الدبلوماسية في الخارج، ولهم حق إنتاج النفط وتصديره من الحقول الواقعة في إقليمهم!
غير أن أبعاد المعضلة الكردية باتت تتجاوز ذلك بكثير، فهناك أولاً أنه بفرض أن للأكراد حقاً في تقرير المصير فإن المسألة باتت ملتبسة بنزعة توسعية، ذلك أن الاستفتاء قد أُجرى في مناطق متنازع عليها وهذه مخالفة دستورية، وبالتالي يتحول الأمر من التخلص من تبعية يدعي أكراد العراق أنهم يخضعون لها إلى محاولة لفرض تبعية لهم على غير الأكراد!
وهناك ثانياً المسألة المتعلقة برشد الحسابات السياسية، فليس الحلم الكردي بالانفصال عن الدول التي يعيشون في ظلها بالجديد، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ظهرت جمهورية «مهاباد» في إيران، وتمرد أكراد العراق على سلطتهم المركزية منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي بدعم خارجي بلغ ذروته بدعم شاه إيران لهم في سبعينيات القرن، وفي الحالتين وغيرهما لم يحقق الأكراد شيئاً بسبب الظروف الدولية. فبمجرد تغير هذه الظروف انهارت «مهاباد»، وبمجرد اتفاق صدام حسين مع شاه إيران في 1975 على حل مشكلة «شط العرب» تخلى الشاه تماماً عنهم وانهار تمردهم. وهم يتحالفون الآن مع الولايات المتحدة في الحرب على «داعش» ولكنها لا تؤيدهم حتى الآن في مسعى الانفصال، وليس من السهل أن تفعل ذلك وتخسر قوى إقليمية كتركيا والعراق. والغريب أن تغيب الحسابات السياسية الرشيدة عن القيادة الكردية إلى هذا الحد ولديها كل هذه الخبرة التاريخية عن دور العوامل الخارجية في إحباط حلم الدولة! وها نحن نرى التهديد بخنق الإقليم الكردي من قِبَل الدول المحيطة به وهو تهديد جاد وتداعياته خطيرة، فمن سيدفع ثمن إحباط الجماهير الكردية المتحرقة لدولتها والتي صورت لها قيادتها أن الأمر لا يعدو كونه استفتاءً وكفى؟
أما ثالثة الأثافي فهي الموقف الإسرائيلي من انفصال كردستان، وهو موقف متوقع، فإسرائيل تتمنى أن تغمض عينيها وتفتحهما لتجد الوطن العربي وقد تحول كله إلى أشلاء دول حتى تعزز مكانها في قلبه، ولكن ما يؤرقني هو الموقف الكردي فهو مبني على أساس أنه تحرُّر من ربقة الظلم العربي للأكراد واستتباعهم، فكيف يكون نصيرهم الأوحد هو الدولة التي عصفت بشعب بأكمله واحتلت أرضه وشردته من دياره؟ لقد تحررت القدس يوماً على يد قائد كردي فهل يكون الكرد اليوم عاملاً في تكريس ضياعها؟ وقد شاهدت وسمعت شريطاً مصوراً عن حفل غنائي أقامته مغنية إسرائيلية في كردستان العراق، ورأيت غابة الأعلام الإسرائيلية المرفوعة، وسمعت تأوهات الإعجاب بالغناء، ولكن الأبشع بلا جدال كان ذلك الرجل الذي يسجد على العلم الإسرائيلي ويكرر السجود بحركات هستيرية، فيا إخوتنا في كردستان العراق أما آن أوان الرشادة في إدارة هذه الأزمة بما يحفظ حقوقكم وأمن وطنكم وجيرانكم؟ | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | ما بعد الاستفتاء بالعراق… أفي المقابر متسع لضحايانا؟
| هيفاء زنكنة
| القدس العربي |
بخوف شديد، يراقب المواطن العراقي قرع طبول الحرب، بعد اجراء استفتاء أقليم كردستان، متسائلا عما إذا كان هذا معنى مرحلة «ما بعد داعش»، فهو يعرف جيدا معنى تبادل الاتهامات وفرض العقوبات وما ستقود اليه من اقتتال طالما عاش في ظله. فمن ولد في الخمسينيات يتذكر جيدا حرب الستينيات ضد «خفافيش الظلام»، أي المقاتلين/ المتمردين الكرد بقيادة ملا مصطفى البارزاني (والد مسعود البرزاني، رئيس الإقليم، وجِد رئيس وزرائه نيجرفان والعديد من مسؤولي الإقليم الآخرين). إذ كانت نداءات الحماسة المبثوثة في الإذاعة العراقية وقتها، منذ الصباح حتى المساء، تستنهض همم الجنود لقتال المتمردين «عليهم إخوتنا، عليهم». ولم يكن الرئيس الراحل عبد السلام عارف معروفا بالفهم واللباقة، لذلك لم يأخذه أحد بشكل جدي حين ألغى هوية الكرد القومية مصرحا بأنهم «عرب الجبال». وإذا كان مسعود البرزاني، قد اختار، بانتقائية سياسية، ان يتحدث اليوم عن جرائم الحكومات العراقية المتعاقبة ضد الكرد، فأنه تغافل عن ذكر الدستور العراقي لعام 1959، الذي نص على ان العرب والكرد شركاء في الوطن. وتناسى رفضا عاما من الشعب العراقي للحرب في كردستان عبر السنوات، كما تعامى عن سردية التعاون السري بين قيادة الكرد وإسرائيل، في الستينيات، في وقت مبكر جدا، من تاريخ التوافقات السرية مع الكيان الصهيوني، بوعي كامل لما للقضية الفلسطينية من قدسية مبدئية لدى الشعب العراقي، وبكون الكيان الصهيوني عدوا، والتعاون معه، كما في كل الدول، خيانة عظمى. تجاهل البرزاني، أيضا، ذكر ان حكومة حزب البعث «القومي العربي»، هي التي شَرَعت الحكم الذاتي للكرد عام 1970، وانه، أي البرزاني، لجأ إلى الحكومة المركزية، ببغداد عام 1996، عندما كان الاقليم تحت الحماية الدولية وبقية العراق تحت الحصار، مستنجدا لأنقاذه وحزبه ليس من «العرب» بل من مواطنيه وشركائه الكرد المنتمين إلى حزب آخر هو الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة جلال الطالباني. ولم يكن اقتتال بيشمركة الحزبين، على مدى أربع سنوات، حوالي أربيل، اقل شراسة من هجوم جنود الحكومة المركزية في أي وقت سابق. والأهم من ذلك، تناسى البرزاني التلاحم الاجتماعي، التاريخي، المميز للمجتمع العراقي من شماله لجنوبه، المبني على التزاوج بين مختلف أبناء الشعب، بغض النظر عن القومية والدين والمذهب. اذ قلما توجد عائلة عراقية، في أية محافظة كانت، نقية القومية أو الدين أو المذهب. ويأتي تبرير البارزاني في مؤتمره الصحافي، الذي حظي بتغطية عالمية، عشية الاستفتاء، على الرغم من دعوات «التوسل» و»التهديد» المحلية والإقليمية والدولية، لتأجيله إلى حين، وليس الغائه، درسا بليغا في أعادة كتابة التاريخ بمنظور تلفيقي. اذ قدم البرزاني نفسه والساسة الكرد وهم يمتطون صهوة جواد أخلاقي، يبرئ ذمة القيادة الكردية ويغسل يديها من الجرائم، المرتكبة سوية مع بقية الساسة، في الحكومة المركزية، بحق الشعب العراقي، كله بلا استثناء، في أعوام الاحتلال. جرائم بشرية وتخريب متعمد لا على صعيد الدولة والبنية التحتية، فحسب، بل وعلى صعيد مأسسة الفساد، والتمييز الديني، والمذهبي، والقومي. حيث عملوا، بشراكة لا مثيل لها، على تجزئة القضايا الإنسانية، وصار الظلم أنواعا وأجناسا، تقع مسؤولية ادانته على ساسة طائفة أو عرق أو دين معين، دون غيره. فالسياسي الشيعي متخصص بالرطانة باسم طائفته والسني والكردي والتركماني واليزيدي لا يتطرقون، ولا يبكون، أو يغمى عليهم، في البرلمان الا دفاعا عن قوميتهم او طائفتهم. والأدهى من ذلك، قيام كل فئة باتهام الفئة الأخرى، بتكذيب وتضخيم المظالم، بدلا من اللجوء إلى القانون والتحقيق في صحتها، وبالتالي العمل على تحقيق العدالة. هذه النقطة، أي شراكة الصمت، والمساهمة، بشكل مباشر وغير مباشر، في الجرائم التي ارتكبها وسَبَبها الاحتلال، والمصنفة حسب عشرات التقارير الدولية بانها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، اختار البرزاني تجاهلها مستفيدا من إمكانية تجييش العواطف، مُركزا على «جرائمهم» «ضدنا». وهو خطاب شعبوي، غالبا، ما يلجأ اليه القادة أو الساسة، عموما، في حالة احساسهم بخطر داخلي يهددهم. وهناك في صفحات التاريخ أمثلة لا حصر لهان حول الحاجة إلى خلق عدو خارجي يُشعر الشعب بالخطر، فيبادر الشعب بالالتفاف حول القائد، على الرغم من استبداده ومعارضتهم له، لشعورهم بأولوية الدفاع عن الوطن والأمن القومي. ولعل أوضح مثال على ذلك، شن الإدارة الأمريكية حملة «الحرب على الإرهاب» لتحويل الأنظار عن انخفاض شعبيتها، وأزمتها الاقتصادية الكبيرة، وتقلص دائرة تأثيرها عالميا. فصار تصنيع «العدو» ضرورة ملحة. وأثبت ساسة العراق، بعربهم وكردهم، انهم نجباء في تقليد السيد، في هذه المجال على الأقل. النقطة الجوهرية، الأخرى، التي تجاهلها البرزاني، مماثلا بذلك شركائه من ساسة العملية السياسية، ببغداد، هي الاستنجاد بحماية الأجنبي والتعاون معه على غزو البلد واحتلاله، ومن ثم نهبه، سواء كان الأجنبي قوة إقليمية او أرادة دولية. أبواب البلد مشرعة امام كل من هب ودب، كل حسب مصلحته: من أمريكا وبريطانيا إلى فرنسا وإيران وإسرائيل وتركيا. الحدود مهترئة تتناوب على قصف قراها تركيا وإيران، الأجواء تهيمن عليها طائرات التحالف وطائراته بلا طيار، الأرض تتنازعها الميليشيات والبيشمركة والقوات الإيرانية والأمريكية وقوات حكومة فاشلة وبقايا تنظيم «الدولة الإسلامية». الشعب منهك جراء الفقر، والبطالة، وإرهاب الحكومة، والتنظيمات المسلحة والطائفية، والتهجير القسري، بينما لا يكف الشريكان، في بغداد وكردستان، عن النزاع حول محاصصة الفساد، ويتباريان في تكرار خطابات القومية والاستقلال من جهة الإقليم والوطنية والسيادة من جهة بغداد، في محاولة لطمر حقيقة فسادهما وجرائمهما، في حفرة يغطيانها بالإسمنت، كما يفعل افراد عصابة المافيا حين يدفنون أحد ضحاياهم. ان فرض العقوبات على الأقليم لن يؤثر على سلالتي القيادة الكردية، أي آل البرزاني وآل الطالباني، بل سيكون المواطن هو الخاسر الأول والأخير. اما المنتصر، وكما في كل حرب، سيكون هو مُصَنِع السلاح الدولي وسمسار الصفقات المحلي وهما متوفران ضمن الطرفين، المتدافعين للقتال، في أجواء استغفال واستهانة بالشعب المتعب إلى حد استعداده للتصويت للسيئ من الأسوأ وليس الخيار الأفضل. هذا الدفع لتكريس ما يبدو اختيارا مُغلفا بورق الانتخاب أو الاستفتاء، يتحمل شريكا العملية السياسية مسؤوليتها، وإذا كان رئيس الوزراء حيدر العبادي يتهم البارزاني بلا قانونية الاستفتاء ووضع الحكومة امام الامر الواقع، فأنه يتعامى عن حقيقة أنه هو وحزبه والساسة المحيطين به هم أبناء الأمر الواقع الذي فرضه المحتل، ولايزال، لتجسد حكومتا بغداد والأقليم حقيقة ان «شهاب الدين أسوأ من أخيه». وأملنا الا يقف أبناء الشعب صفوفا أمام المقابر لدفن ضحايا جدد، فالأرض لم تعد تتسع للمزيد من الموت. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
7 | بين الحلم الكردي.. والكابوس الإيراني
| علي شاهين
| الوطن البحرينية |
لم يلتفت إقليم كردستان العراق للأصوات الموجودة داخل وخارج العراق بعدم إجراء الاستفتاء المتعلق باستقلاله عن العراق، مع أنني كنت أميل شخصياً لعدم إجراء هذا الاستفتاء حفاظاً على وحدة الشعب العراقي وسيادة العراق على أراضيه، وتجنبه الانقسام وتداعياته على البلاد مستقبلاً.
لكن الاستفتاء قد تم فعلاً، وشارك فيه نسبة كبيرة من الأكراد تجاوزت 92 %، أي قرابة ثلاثة ملايين كردي من إجمالي أربعة ملايين ونصف المليون ممن يحق لهم التصويت، بحسب المتحدث باسم المفوضية الانتخابية شيروان زرار، وقد ترتب على هذا التصويت ونتائجه استياء واسع في العراق وإيران وتركيا وسوريا وغيرها من بعض الدول الغربية، الذين لم يقتنعوا بتطمينات رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الذي أكد أن الاستفتاء لا يعني إعلان الاستقلال، بل بداية «محادثات جدية» مع بغداد لحل المشاكل العالقة ومنها مسألة الحدود والمناطق المتنازع عليها.
وعندما تعرب دول عربية عن حرصها على العراق موحداً بدون انقسام، فهذا أمر طبيعي كون العراق جزءاً أصيلاً من الأمة العربية، وأن تعرضه لانقسام يضعف هذا الكيان الذي يهمنا أمره كعرب، ولكن عندما تدعي إيران على لسان بعض مسؤولي نظامها من إنها ضد انفصال الإقليم وأنها متمسكة بوحدة أراضي العراق وسيادته الوطنية، وضد تغيير الحدود الجغرافية، فهذا لا يعني الخوف والحرص على العراق، لأن هذا النظام هو من فرق الشعب العراقي وزرع بينهم الطائفية والشقاق والفتنه، وقتل منهم كل من يخالفه من خلال ذراعه العسكري وهو ما يسمى بـ «الحشد الشعبي»، الذي أصبح كياناً منصهراً في الجيش العراقي.
إيران لم ولن تكون صادقه بشأن وحدة العراق، بل هي جزء أصيل من مشروع ما يسمى بـ «تقسيم المنطقة العربية»، فكل دولة تدخلت إيران في شؤونها هي قريبة من التقسيم بعد شتات وتناحر شعبها ولنا في العراق، ولبنان، وسوريا واليمن شواهد على ذلك، وكذلك «نفخ» إيران في الأزمة الخليجية واقتتاتها منها دليل جديد على حرصها على عدم تماسك العرب ووحدتهم، ورغبتها العارمة في تناحرهم ودب الشقاق بينهم، ولكن في كردستان، فالأمر مختلف، حيث إن انفصال إقليم كردستان عن العراق لا يخدم مصالح إيران بالدرجة الأولى، بل انه سيرتد عكسياً على مشروعها الاستعماري ورغبتها في السيطرة على المنطقة العربية.
وللتوضيح أكثر، فإن هذا الاستفتاء الكردي ونتائجه ورغبة الانفصال، يعتبر تهديداً للترابين الإيراني والتركي على حد سواء وليس العراقي فقط، حيث إن حلم الأكراد هو قيام دولة الأكراد الكبرى التي ستستحوذ على نسبة كبيرة من الأراضي التركية والإيرانية وكذلك السورية، لذلك ارتعدت فرائص إيران من نتائج الاستفتاء وتصدعت أدمغة مسؤولي نظامها من هذا الكابوس، خصوصاً بعد أن ظهرت مسيرات لأكراد إيرانيين في مناطق «بانه وساغر وسانانداج» في إيران تؤيد الاستفتاء والانفصال، وهم يعتبرون أقلية في إيران «6 ملايين نسمة من أصل 80 مليوناً هم تعداد الشعب الإيراني»، وصوتهم مكبوت عند النظام الإيراني مثل كل الأقليات التي تخالف النظام الإيراني ومذهبه.
ولا يتعلق الأمر فقط بتهديد التراب الإيراني بل أيضاً بحقول النفط الموجودة في كركوك والتي تقع تحت سيطرة قوات البشمركة الكردية التي حررتها من تنظيم الدولة «داعش»، كما إن هذا الاستفتاء ونتائجه، ستدفع بأقاليم أخرى في إيران للمطالبة بالانقسام مثل الأحواز، وبلوشستان وهي مناطق ذات أراض واسعة وكبيرة ويسكنها ملايين من البشر المضطهدين الذين كل ذنبهم أنهم لا يتفقون مع سياسة إيران.
هذا ما تخشاه إيران صراحة، وليس حرصها على وحدة العراق كما تدعيه في الإعلام، إيران تخشى على أراضيها من التقسيم، بالرغم من أنها في الأصل دولة «مركبة» ومزيج من أراضي تشمل الأحواز والبلوش والأذريين والأكراد إلى جانب الفرس، ولكل منهم لغتهم الخاصة وعاداتهم وتقاليدهم وحضاراتهم، لذلك إيران تخشى إن حصل الأكراد على انفصالهم ونجحوا في تكوين دولتهم، أن تعقبها تحركات للأحوازيين والبلوشيين للانفصال ومطالبتهم بتشكيل دولهم أيضاً، وبالتالي ضياع الدولة الإيرانية وتلاشيها، وهذا بالتأكيد ما لا تريده إيران وستدفع كل ما تملك لعدم تحقيق ذلك، من خلال إجهاض التقسيم الكردي. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
8 | لماذا يريد الأكراد الانفصال؟
| داليا قليلات | الوطن البحرينية |
تضج المنطقة بأخبار استفتاء كردستان العراق الذي نتج عن أغلبية ساحقة بنسبة 92 % مؤيدة للانفصال. ويتخوف البعض من أن انفصال كردستان سيشكل سابقة مشجعة للنزاعات الانفصالية في المنطقة. فاستقلال أكراد العراق سيدفع أكراد كل من سوريا وتركيا وإيران إلى الانفصال. كما إن منطقة «روج أفا» الكردية في شمال شرق سوريا تتصرف كأنها دولة مستقلة، ولديها 17 بعثة دبلوماسية في دول مهمة، مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا. وانفصال كردستان العراق لابد أن يشجعها على المطالبة بالاستقلال الكامل. ثم يأتي مثلاً نتنياهو مشجعاً للانفصال لأن خلق دولة غير عربية في الوطن العربي سيساعد على إضفاء الشرعية على كيان صهيوني في المنطقة.
من جهة أخرى، لا يغفل أي متابع للسياسة أو أي قارئ للتاريخ أن يلاحظ كيف يتم المقايضة بالورقة الكردية على الدوام ولا يغفل عن أحد المعاناة والاضطهاد الذي قاساه الأكراد. ومن هنا يأتي البعض مشجعين لانفصال الأكراد، وذلك بحجة أن الأكراد شعب له هوية قومية، عانى الاضطهاد وله الحق بدولة سيادية مستقلة. ومعاناة الأكراد طويلة تعود إلى الحرب العالمية الأولى. فبعد انهيار السلطنة العثمانية، لم تعط خريطة المنطقة التي رسمها كل من مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو أي فسحة لإقامة وطن كردي، وقد بات منذ ذلك الحين يعيش الشعب الكردي بين 4 دول، هي سوريا والعراق وتركيا وإيران. ولم يسلم الأكراد من أي من تلك الأنظمة التي كانت تنظر بعين الريبة إليهم، لما يمكن أن يكنوه في صدورهم من طموحات قومية. ولطالما استخدام الأكراد بشكل متبادل من قبل النظام الإيراني والعراقي لخلق الزعزعة عن الجار، وفي إيران منذ اندلاع الثورة، قام الخميني بتكفير الأكراد وقصفهم وتم تهميشم وقتل قياداتهم السياسية ومنعهم من المشاركة في الحياة السياسية. وأما النظام العراقي فقد هجر الأكراد من مناطقهم وأسكن مكانهم عراقيين عرب، والسياسة نفسها اتبعها الأسد الأب، وذلك لعزل أكراد سوريا عن نظرائهم في الدول المجاورة. أما في تركيا فتهميش الأكراد وصل لمرحلة عدم الاعتراف بهويتهم، فتركيا تدعوهم أتراك الجبل.
ومن جراء هذه المعاناة التاريخية، لا يتعجب المرء من مطلب الأكراد بالانفصال ومن شعورهم بعدم الأمان وبالغربة بدولهم الحالية وبمطالباتهم بكيان قومي سياسي مستقل يحمي هويتهم وثقافتهم.
وفي الوقت الذي يرتد الأكراد لقوميتهم، تنتخب سنغافورة الدولة ذات الأكثرية الصينية البوذية رئيسة للبلاد مسلمة ماليزية الأصل محجبة. والسؤال لماذا تخطى السنغافوريون حواجر الدين والعرق وانتخبوا سيدة نظراً لكفاءتها وليس نظراً لخلفيتها الدينية أو الإثنية بينما الأكراد يرتدون لقوميتهم؟ والجواب يرجع إلى نظام الحكم، فحين تتعامل الدولة مع الفرد على أساس أنه مواطن وليس على أساس أنه عضو في مجموعة معينة يشعر الفرد بالأمان مع أقرانه بالوطن وبالانتماء للدولة. وعدم وجود دولة مدنية هو ما دفع الأكراد للانفصال، ففي حقبة صدام حسين وفي ظل العروبة المتشددة المطبقة في إطار نظام حكم ديكتاتوري طمست الهوية الكردية وشعر الأكراد بالغربة عن الدولة. كما في ظل الغزو الأمريكي أتى الدستور ليقسم العراقيين إلى سنة وشيعة وأكراد. ومن هنا كانت حقوق الفرد مستقاة من حقوق المجموعة مما خلق حالة من التنافس بين المجموعات الثلاث وعزز الهوية الطائفية والعرقية. واليوم بغض النظر كيف سيتم التعامل مع نتائج الاستفتاء لا صلاح للعراق المتعدد الأديان والطوائف والأعراق إلا بالدولة المدنية، دولة المواطنة. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
9 | بناة العراق المؤقت
| فاروق يوسف | العرب |
لقد ساهم الأكراد في كتابة الدستور العراقي الملغوم، وكانوا حاضرين في كل خطوة أُلقيت من أجل تأسيس عراق جديد سيكون مؤقتا. ذلك العراق المؤقت هو شركة انتهت إلى الفشل. انفصل الأكراد ورقيا عن العراق منذ 25 سبتمبر 2017، بعد أن عاشوا منفصلين واقعيا أكثر من ربع قرن. تلك إرادة شعبية عبّرت عن نفسها من خلال صناديق الاقتراع، ولم يعد التراجع عنها ممكنا أو حتى الحديث عن إمكانية تناسيها مؤقتا.
أما أن يعبّر الزعماء الأكراد عن إعجابهم بحكمة المرجعية الشيعية في التعامل مع مسألة انفصالهم من خلال الدعوة إلى العودة إلى الدستور واعتماد الحوار منهجا فتلك مسألة أخرى.
هل كان أولئك الزعماء ينتظرون حربا لردعهم عن المضيّ في طريقهم الانفصالي المرسوم سلفا؟ أعتقد أن المسألة ببعدها التاريخي تستحق القيام بمغامرة غير محسوبة النتائج.
غير أن تلك النتائج، وفي أسوأ حالاتها، لن تؤدي إلى إجهاض فكرة قيام دولة قومية للأكراد، بعد أن تطابقت النظرية مع الواقع من خلال عمليات استفتاء شعبي صار بمثابة وثيقة تاريخية لا يمكن إنكار قوة تأثيرها على المجتمع الدولي الذي عُرف بتعاطفه القوي مع الأكراد.
وهو ما يجعلني أشك في أن الحكومة العراقية ستكون قادرة على منع تداعيات استفتاء كردستان من التأثير على مستقبل العراق. فانفصال الإقليم الكردي صار حقيقة لم يعد في الإمكان التغاضي عنها أو التستر عليها.
وكما أرى فإن تحميل الأكراد وحدهم مسؤولية انهيار العراق الموحّد هو خطأ كبير ترتكبه الحكومة، التي بدلا من أن تصبح أقوى بعد ما حققته من انتصارات في حربها على الإرهاب، ها هي تواجه واحدة من أكثر لحظاتها ضعفا.
في حقيقة الأمر فإن الأكراد كانوا مخلصين لقضيّتهم عبر سنوات استقلالهم عن الحكومة الاتحادية، وهو أمر لا يحق لأحد أن يلومهم عليه. اللوم كله أو معظمه يقع على حكومة بغداد التي لم تبنِ جسرا من الثقة الواقعية بينها وبين حكومات المحافظات العراقية (ومـن ضمنها محافظات الإقليم الكـردي) التي اكتسبت بحكم الدستور قدرا من الاستقلال يمنحها حرية غير مسبوقة في التصرف بشؤون مناطقها. ليست العلاقة متينة بين بغداد، باعتبارها مركزا، وبين الأطراف. لربما كانت هناك مشكلة في الدستور وهو ما كان ممكنا معالجته من خلال إجراء تغييرات في الدستور.
المؤكد أن ضيق الأفق الطائفي الذي كان ولا يزال يحكم العقل السياسي في بغداد قد سمح بانفراط العقد العراقي في ظلّ التفرغ لمسألة الحرب على الإرهاب التي هي في حقيقتهـا محاولة لقمـع التمرّد السنّي والدليل على ذلك الاستنتاج ما تشهده العملية السياسية من فراغ على مستوى الحضور السني. يواجه الزعماء الشيعة اليـوم وحدهم أزمة انفصال كردستان.
ولأن الأكراد يدركون جيدا أن انفصالهم عن العراق يعني بالضرورة تحطيم العراق التاريخي، وانتفاء الحاجة إلى عاصمته بغداد بعد أن وصلت العلاقة مع المحافظات السنيّة إلى مرحلة القطيعة، فإنهم يملكون أوراقا للضغط على حكومة بغداد أكثر تأثيرا وأشد قوة من تلك الأوراق التي تملكها الحكومة للضغط عليهم.
المواجهة لا تزال في بداياتها. وليس هناك من أمل في أن يعترف حكام بغداد بمسؤوليتهم عن الانفصال الكردي. ما يخيف أولئك الحكام أن يكون ذلك الانفصال بداية لتفتت ذلك الجزء من العراق الذي لا يزال نظريا تحت سيطرتهم. هناك محافظات عراقية غنية سبق لها أن عبّرت عن رغبتها في انفصالها النظري عن العراق كما هو حال البصرة.
وكانت تلك رغبة أحزاب شيعية وجدت أنها تتضرر من ذهاب جزء من عائدات ثروة البصرة النفطية إلى حكومة بغداد. إنها لعبة لصوص وهي عبارة عن مكيدة دبّرها كتبة الدستور وأجاد نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، إدارتها غير أنها بلغت نهايتها في عهد رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
الزعماء الأكراد يعرفون كل ذلك وأكثر. لقد ساهم الأكراد في كتابة الدستور العراقي الملغوم، وكانوا حاضرين في كل خطوة أُلقيت من أجل تأسيس عراق جديد سيكون مؤقتا. ذلك العراق المؤقت هو شركة انتهت إلى الفشل وآن أوان ذهاب الشركاء إلى مصائرهم. | |||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
10 | حزب الدعوة يتقاسم الخبز مع الأكراد بعد خطبة الجمعة
| حامد الكيلاني
| العرب |
رئيس وزراء العراق بعد تهديداته وما صدر عنه عند حضوره البرلمان من استخفاف بإقليم كردستان وقياداته، عاد ليقول بعد خطبة الجمعة لوكيل المرجعية الدينية إنه يتقاسم الخبز مع الشعب الكردي. على بعد 250 متراً فقط من حدود إقليم كردستان أجرت القوات الإيرانية والعراقية المناورات العسكرية المشتركة على الحدود المتاخمة لمدينة السليمانية. سبقتها بأيام مناورات مماثلة للقوات التركية والعراقية على حدود مدينة أربيل. لا معلومات عن الوحدات والصنوف أو نوع العتاد وأعداد المقاتلين، ولا توجد أفلام تصور حركة القطعات ولا اللقاءات مع القادة. هل كان العراق هناك حقاً في المناورات؟
ربما نشاهد أعلاما مشتركة تركية وعراقية على دبابة، أو أعلاما إيرانية وعراقية على دبابة أخرى. السؤال البديهي وفي مثل ظروف الواقع العسكري العراقية وانتشار القطعات على مساحة واسعة لقتال بقايا تنظيم الدولة الإسلامية في الحويجة وأقضية الأنبار المترامية إلى الحدود مع سوريا؛ هل بإمكان القوات النظامية المُشاركة في مناورات عسكرية على جبهتين متباعدتين داخل الأراضي التركية والإيرانية معا؟
هل تحتاج القوات التركية والإيرانية إلى القيام بمناورات على مقربة من حدود إقليم كردستان وهي حدود طالما كانت مستباحة لقوات البلدين بمبررات ملاحقة الأحزاب الكردية الناشطة عسكرياً في إيران وتركيا؟ قبل أيام قليلة من الاستفتاء قصفت المدفعية الإيرانية القرى الكردية المتاخمة لحدودها، دون أن تعلو نبرة الحكومة الاتحادية في العراق للدفاع عن مواطنيها.
المناورات والدعاية لها هي تهديدات إعلامية قد نتفهم دوافعها لقطع طريق الخطوة التالية لانفصال الإقليم بدولة مستقلة كان الاستفتاء خطوتها الأولى. لكن أن يشارك العراق في المناورات كطرف لدولة ثالثة فنعتقد أنه خطأ استراتيجي خدم قضية الأكراد المركزية في حق الانفصال عن العراق وتكوين دولتهم، على الأقل، في أوساط المجتمع الدولي.
الحكومة الاتحادية أو حكومة حزب الدعوة في بغداد تصرّفت قبل الاستفتاء بسنوات وأثناءه وبعده على قاعدة الإخلاص في أداء اليمين بالولاء للعقيدة المذهبية والمشروع الإيراني، المنسجم مع توجهات الأحزاب في صناعة رديف للنظام في إيران يؤدي ما عليه ويرفع عنه الإحراج الدولي كنظام تابع رسمياً للاحتلال العسكري الإيراني.
جوهر الكارثة هو غياب الدولة العراقية حتى في صلب تكوين النظام الحاكم لحزب الدعوة، ومن خلفه “التحالف الوطني”، فهم عملياً ونفسياً لا يتصرفون بمنطق الدولة المستقلة الراعية لمواطنيها.
الدولة في العراق هي حكومة من مجموعة رعايا تم تكليفها بالتمهيد لاحتلال العراق ثم واصلت تدمير مؤسسات الدولة وحولتها إلى ميليشيات بكل معنى الكلمة؛ ميليشيات سياسية واقتصادية وطائفية مسلّحة. والصادم فعلاً أن بعض قادتها يقدّمون أنفسهم كمناضلين وثوار معارضين للاحتلال الأميركي.
لماذا تنَكّر هؤلاء العملاء تباعاً إلى من جاء بهم إلى حكم العراق؟ السبب أنهم مزدوجو العمالة لكن بتراتبية أولوية الانتماء إلى النظام العقائدي في إيران، والأميركان بالنسبة إليهم كانوا وسيلة قفزت بها إيران وليست “المعارضة العراقية” إلى السلطة، ثم استحوذت المجموعة الحاكمة على دور المقاومة العراقية وأثرها في عرض وجبة المبررات لسحب عديد القوات العسكرية الأميركية التي وجدتها أميركا فرصة مناسبة للانسحاب خاصة بعد استلام الرئيس السابق باراك أوباما إدارة البيت الأبيض.
الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب وصف احتلال العراق بالخطأ الكبير، والانسحاب من العراق بالخطأ الأكبر. إيران في كلتا الحالتين اختطفت العراق ومستقبله، أرضا وشعبا، وصادرت الحكم واستلبت المواطنة والثقافة ونفذت فيه سياسة الأرض المحروقة بسرقة خيراته وجعلت من أرضه ممراً إلى سوريا ولبنان، ومنصة انطلاق لمخططاتها إلى دول الخليج العربي لامتلاكها حدودا متقدمة.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد يوم واحد من استفتاء كردستان استقبل أحد أكبر زعماء الميليشيات الإيرانية في العراق ليشدد الاثنان على “وحدة العراق وحمايته من التقسيم وصيانة الدستور”.
بعد أيام من ذلك اللقاء المريب يعلن زعيم الميليشيا عن استعداده لاستخدام القوة ضد الإقليم معلناً فشل نظام الحكم البرلماني داعياً إلى إعادة رسم التحالفات. يقصد أن تقاسم العراق بين الأحزاب الكردية والأحزاب الإيرانية لم يعد مقبولا، وبما أن جميع القوى خارج المعادلة السياسية حالياً فمعنى ذلك أن القادم هو عملية سياسية أحادية الشكل والمضمون يتم الترويج لها بصناعة الأعداء والأزمات، بعد أن تم إنجاز مراحل تدمير المدن والقتل والتهجير تحت رداء الديمقراطية والكتلة السياسية الأكبر.
نظام بمقاسات ولاية الفقيه وديمقراطيته لا بأس فيه من مداورة حاكم مثل حيدر العبادي يوصف بالاعتدال مع حاكم آخر من حزب الدعوة أيضاً قد تخلع عليه صفات القوة إذا كانت ماكنته الإعلامية ترفض كلمة المتشدد. ألا يذكّرنا هذا بالرئيس حسن روحاني المعتدل وجرأته في ظل المرشد علي خامنئي عندما تناوش بالنقد الحرس الثوري ومصادر قوته ونشاطه الاقتصادي وعملياته خارج الحدود.
بماذا يختلف الحشد الشعبي، بفصائله الميليشياوية، عن الحرس الثوري الإيراني بقياداته وعناصره وعقيدته وبمن يشرف عليه. بماذا يختلفون عن أقرانهم في الحرس الثوري اللبناني والذين يصرّح قائدهم في ذات التوقيت مع زعيم الميليشيا العراقية وبنفس المعنى والكلمات والتوجه من استفتاء إقليم كردستان.
رئيس وزراء العراق بعد تهديداته وما صدر عنه عند حضوره البرلمان من استخفاف بإقليم كردستان وقياداته، مع الإجراءات الخاصة بالطيران والمطارات والمنافذ الحدودية غير المدروسة وغير العملية، عاد ليقول بعد خطبة الجمعة لوكيل المرجعية الدينية إنه يتقاسم الخبز مع الشعب الكردي.
زعيم حزب الدعوة نوري المالكي لم يتأخر في الدفاع عن الشعب الكردي بعد يوم الجمعة أيضاً. ما دلالة هذا التناقض سوى أن العراق يدارُ في صميم قراراته بالفتاوى الصادرة من المرجع الديني المذهبي الأعلى وبتلميحاته، أي بتطبيق رغباته وتلك هي ولاية المرشد أو الفقيه الذي تعلو كلمته وتتسيّد المواقف والأزمات، وهو ما حصل في الفتوى التي أسست للحشد الشعبي وتمرير قانون هيئته في البرلمان.
العراق بلا دولة والتهديدات ضد إقليم كردستان وثّقت الاستفتاء وختمته في ذاكرة كل الأمة الكردية وليس في داخل الحدود الجغرافية للعراق فقط. تم إجراء الاستفتاء وانتهـى منه الإقليـم حين حل مجلس الاستفتاء الأعلى وشكل المجلس القيادي السياسي للأكراد ورحّبَ بمبادرة المرجع الديني للحوار بين طرفي الأزمة. الترحيب تناغم كردي مع الاستجابة التلقائية لحكام بغداد لرأي المرجعية وأيضا لرغبة الأكراد في التهدئة.
أتباع إيران من السياسيين والميليشيات على أهبة الاستعداد للانقضاض على كردستان العراق، مع توفر أسباب التحشيد لاعتبار الإقليم محطة كالمدن الأخرى في طريق فيلقهم وحرسهم وحشدهم وصادرات ثورتهم لتحرير القدس. عناصر التحشيد والتصعيد ترنو إلى الموقف الأميركي من التمدد الإيراني في العراق والمنطقة مما دعا شخصيات أميركية مؤثرة إلى تأشير خطأ في الحسابات الأميركية تجاه الاستفتاء، لأنه أعطى الضوء الأخضر لتمادي حكومة حزب الدعوة في بغداد باعتبارها حكومة لدولة تابعة تماماً إلى ملالي إيران.
بعض الدعوات إلى حل أزمة الاستفتاء مع كردستان أعادتنا إلى فكرة التجميد وهي مصطلح سياسي ربما هو خاص بالعراق لكنه متداول يُنصح به عادة في تأجيل أو معالجة الأزمات العالقة لفسح المجال للمفاوضات والحوار بين الأطراف للتوصل إلى صيغ مقبولة، رغم أنه فكرة للهروب إما من القانون أو من حلّ المشاكل الجذرية التي تنقلب أحياناً إلى نزاعات مسلحة خطيرة.
الاستفتاء في حالة التراجع عنه أو تغيير ملامحه أو الاستجابة أو حتى الإذعان لتهديدات دول الجوار إلا أنه حصل وبه ومعه اصطدم العراق بكل أطيافه القومية والدينية والعرقية بحقيقة مفادها أنه لا حلّ إلا بالعراق. لكن أين هو العراق بين كل المشاريع الخارجية وروّادها على أرضه منذ احتلاله في أبريل 2003.
التقارب التركي الإيراني واللقاءات العسكرية المتبادلة بين الطرفين وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإيران ينبغي ألاّ تُتَرجم إلى ملاحق دموية ضحيتها كالمعتاد شعب العراق. |