أعلنت الحكومة اللبنانية، اليوم الخميس، عن تعيين كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان بعد تصويت في مجلس الوزراء.
ويأتي هذا التعيين في ظل تحديات اقتصادية ومالية معقدة تواجه البلاد، ما يضع على عاتق الحاكم الجديد مسؤولية كبرى في تنفيذ إصلاحات مالية وضبط استقرار العملة المحلية.
ويحظى سعيد بخبرة واسعة في القطاع المصرفي والسياسات النقدية، ما يعزز الآمال في استعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني.
ومن المتوقع أن يركز في مهامه على إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز الشفافية، إلى جانب التنسيق مع المؤسسات المالية الدولية لدعم الاقتصاد المحلي.
من هو سعيد كريم حاكم مصرفلبنان الجديد ؟
وسعيد هو شقيق النائب السابق فارس سعيد، ويمتلك مسيرة مهنية طويلة في القطاع المصرفي، حيث عمل في مؤسسات مالية دولية وعربية عدة.
ويشغل سعيد حاليًا منصب عضومجلس إدارة في بنك الإمارات ولبنان، الذي يترأسه فاروج نيركيزيان، المستشار المالي لرئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون.
بالإضافة إلى ذلك، يُعد سعيد مؤسسًا وشريكًا إداريًا في شركة “Growthgate Capital” الإماراتية، حيث يشغل نيركيزيان أيضًا منصب عضومجلس إدارة إلى جانب ماهر نجيبميقاتي.
ويُعتبر سعيد أحد الأسماء البارزة المرتبطة بـ”خطة هارفارد”، وهي المبادرة التي مولتها “Growthgate Capital” لوضع حلول للأزمة الاقتصادية في لبنان.
وقد أثارت الخطة جدلاً واسعًا، خاصة في ما يتعلق بتحويل الودائع المصرفية إلى ديون على الدولة، وهو ما قوبل بانتقادات من قبل المودعين، بينما حظي بتأييد كبير من جمعية المصارف اللبنانية.
رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون والذي يرأس جلسة اليوم المنعقدة في قصر بعبدا، يصر ويتمسك بأن يتم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان اليوم، وهو يدفع باتجاه اختيار كريم سعيد ضمن ثلاثة أسماء قدمها وزير المال ياسين جابر قبل نحو أسبوع. في المقابل يرفض رئيس الحكومة نواف سلام اسم سعيد لمنصب حاكمية مصرف لبنان، ما يعني أن هذا البند قد يذهب نحو خيار التصويت بين الوزراء.
تاتي بعد جلسة دامت نحو ساعتين في قصر بعبدا، عينت الحكومة اللبنانية كريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان المركزي وبذلك بالتصويت بعدما تعذر الاتفاق على اسمه بشكل مطلق، وقد نال سعيد موافقة 17 وزيراً من أصل 24، والوزراء الذين صوتواً ضد تعيينه هم نواف سلام، حنين السيد، عامر البساط، ريما كرامي، طارق متري، غسان سلامة وفادي مكي.
وبعد الجلسة، صرح رئيس الحكومة نواف سلام قائلا ً إن “سعيد لم يكن مرشحي لعدد من الأسباب في ظل حرصي على حقوق المودعين وقد تحفظت على تعيينه والأهم هو أن الحاكم أيا كان ومهما كانت التحفظات عليه أن يلتزم السياسة المالية لحكومتنا لجهة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد وإعادة هيكلة المصارف حفاظاً على الحقوق”.
قبل انطلاق جلسة مجلس الوزراء في لبنان بدقائق قليلة، كان لا يزال السؤال هو نفسه الذي يطرح من الأمس “هل ستخرج الجلسة باسم حاكم مصرف لبنان الجديد؟ أم تنتهي بخلاف سياسي؟”.
واقع الحال والمصادر السياسية كان يؤكد أن رئيس الجمهورية جوزاف عون، والذي ترأس الجلسة أصر وتمسك بأن يتم تعيين الحاكم اليوم، وهو كان دفع باتجاه اختيار كريم سعيد ضمن ثلاثة أسماء قدمها وزير المال ياسين جابر قبل نحو أسبوع. في المقابل رفض رئيس الحكومة اسم سعيد لمنصب حاكمية مصرف لبنان، ولهذا السبب ذهب التعيين نحو خيار التصويت، والذي حصل خلاله سعيد على موافقة ثلثي أعضاء الحكومة المؤلفة من 24 وزيراً باعتبار أن هذا المنصب يعد من الفئة الأولى بإدارات الدولة، وأصبح هو الحاكم التالي للمصرف المركزي.
وقبل إعلان تعيينه، حضر كريم سعيد الى القصر الجمهوري للإجابة على عدد من أسئلة الوزراء المشاركين في جلسة الحكومة ثم غادر من دون الإدلاء بأي تصريح.
وكانت وسائل إعلام عربية ولبنانية ذهبت نحو سيناريو أصعب، متحدثة عن نية رئيس الحكومة اللبنانية الاستقالة إن لم يؤخذ برأيه وصلاحياته، معتبراً أن الأمر تحد لموقعه في سدة الرئاسة الثالثة.
ونظر كثيرون إلى هذا الملف باعتباره الاختبار الأول للعلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وأكد البعض أن الأمور ذاهبة نحو الحلحلة بخاصة مع الضغوط الدولية لإنجاح العهد الجديد، فيما اعتبر آخرون أن العلاقة أمام مفترق “انفجار سياسي” سيبدأ من ملف تعيين حاكم المصرف المركزي ولن ينتهي عند ملفات أخرى في معركة فرض السيطرة والصلاحيات.
وتشير معلومات صحافية إلى أن الرئيس عون يرفض بقاء منصب بهذه الأهمية شاغراً مع دعم كامل لتعيين حاكم لمصرف لبنان قبل أبريل (نيسان) المقبل للمشاركة في اجتماعات البنك الدولي المقررة في العشرين منه.
أميركا : سنحكم على حاكم مصرف لبنان والحكومة عبر الإصلاحات

بعد تعيين مجلس الوزراء اللبناني المصرفي والخبير في مجال إدارة الثروات كريم سعيد حاكماً جديداً للمصرف المركزي، علق البيت الأبيض على الأمر.
وقال لصحيفة العراق اليوم الخميس إن واشنطن ستحكم على حاكم مصرف لبنان والحكومة عبر الإصلاحات.
فيما أضاف: “نريد من الحكومة اللبنانية منع تمويل حزب الله”.
دور محوري
يشار إلى أن سعيد عيّن بوقت سابق الخميس بعد موافقة غالبية الوزراء على اسمه. وسيكون دوره محورياً في تنفيذ إصلاحات مالية هامة يطلبها المجتمع الدولي لإخراج لبنان من أزمة اقتصادية خانقة.
ويخلف سعيد رياض سلامة الموقوف لاتهامه في قضايا اختلاس أموال عامة والذي انتهت ولايته عام 2023. وبقيت البلاد بدون حاكم لمصرف لبنان منذ ذلك الحين، وتولى الموقع النائب الأول لحاكم المصرف وسيم منصوري بالإنابة، وسط أزمة سياسية عطلت التوافق على بديل وفراغ في المناصب الرئيسية في البلاد انتهى بانتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية في يناير الفائت.
أزمة اقتصادية غير مسبوقة
يذكر أن لبنان يشهد أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عام 2019، بات معها غالبية السكان تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.
وانهارت قيمة الليرة اللبنانية بشكل كبير وفرضت قيود مصرفية كبيرة على المودعين.
فيما اشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة بقطاعات عدة، بينها اعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على دعم مالي.
وفي أبريل 2022، أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات.
لكن تطبيق الخطة كان مشروطاً بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة، لم تسلك غالبيتها سكة التطبيق.
ورحّب الصندوق منتصف مارس في ختام زيارة إلى بيروت، بطلب لبنان الحصول على برنامج دعم لمواجهة التحديات الاقتصادية، مبدياً استعداده لدعم جهود السلطات.