عينت الحكومة اللبنانية كريم سعيد حاكمًا جديدا لمصرف لبنان بعد تصويت في مجلس الوزراء تم اليوم الخميس.
ويتمتع حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد بخبرة واسعة في القطاع المصرفي والسياسات المالية، حيث تلقى تعليمه الأكاديمي في كلية الحقوق بجامعة هارفارد.
وقد ارتبط اسم سعيد بمبادرات بارزة في مجال الإصلاحات الاقتصادية، من أبرزها “خطة هارفارد” لحل الأزمة الاقتصادية في لبنان، وهي مبادرة مولتها شركة Growthgate Capital، حيث يشغل سعيد منصب مؤسس وشريك إداري. وتعد الشركة من أبرز مؤسسات إدارة الأصول البديلة، حيث تستثمر في شركات خاصة عبر منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
مسيرة مهنية في المصرفية والاستثمار
يمتلك سعيد خبرة تنظيمية في القوانين المصرفية في كل من الولايات المتحدة ولبنان، وهو عضو في نقابة المحامين في نيويورك منذ عام 1989. وقد شغل عدة مناصب قيادية، أبرزها، المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية في بنك HSBC الشرق الأوسط (2000-2006)، حيث قاد تنفيذ صفقات خصخصة رائدة، مؤسس وشريك إداري في Growthgate Equity Partners في الإمارات، وهي شركة متخصصة في إدارة الأصول البديلة.
كما أنه عضو مجلس إدارة في بنك الإمارات ولبنان.
إلى جانب خبرته في القطاع المصرفي الخاص، لعب سعيد دورًا رئيسيًا في إدارة المعاملات المالية للقطاع العام، حيث أسهم في صياغة وتفاوض قوانين الخصخصة، وعمل مع المشرّعين لضمان إطار قانوني يعزز ثقة المستثمرين ويحمي المصلحة العامة.
كما تعاون سعيد مع وزارات المالية والمصارف المركزية في دول الخليج والأردن، حيث كان له دور في هيكلة إصدارات الأوراق المالية للكيانات المخصخصة.

يرتبط اسم كريم سعيد بما يُعرف بـ«خطة هارفارد» لحل الأزمة الاقتصادية في لبنان، التي مولتها شركة «غروث غايت كابيتال» (Growthgate Capital)، حيث شغل سعيد منصب المؤسس والشريك الإداري.
ويتمتع سعيد بخبرة مباشرة في الامتثال التنظيمي، والهياكل المالية، وأسواق رأس المال. وعمل بين عامي 1996 و2000، على نطاق واسع في إصدارات الأسهم والأوراق المالية المصرفية في لبنان، مع ضمان الامتثال للوائح مصرف لبنان وإرشادات هيئة الأسواق المالية اللبنانية.
وشغل سعيد منصب المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية في بنك «إتش إس بي سي» في الشرق الأوسط بين مايو/أيار 2000 ومايو/أيار 2006.
في أواخر عام 2006، أسس شركة «غروث غايت إيكويتي بارتنرز» (Growthgate Equity Partners) في الإمارات العربية المتحدة، وهي شركة لإدارة الأصول البديلة تستثمر في الشركات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، عمل سعيد مع وزارات المالية والمصارف المركزية في دول عربية عدة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، وقطر، وعُمان، والكويت، والبحرين، والأردن، حيث لعب دوراً محورياً في هيكلة وإدارة الإصدار العام وبيع الأوراق المالية للكيانات المخصخصة.
دور حاكم المصرف المركزي في صنع القرار الاقتصادي
يرى الباحث في كلية سليمان العليان للأعمال بالجامعة الأمريكية في بيروت د. محمد فحيلي أن دور حاكم مصرف لبنان أساسي في صناعة القرار الاقتصادي، حيث يعمل بالشراكة مع وزارة المالية ووزارة الاقتصاد، ضمن إطار التوجهات العامة للحكومة. ويوضح فحيلي أن الأزمة المالية التي يمر بها لبنان كانت نتيجة عوامل متعددة، أبرزها سوء إدارة المالية العامة، إضافةً إلى طريقة تمويل العجز عبر مصرف لبنان، الذي استخدم سيولة المصارف لتغطية هذا العجز.
حاكم مصرف لبنان الجديد.. الحكومة تحسم الاختيار الخميس
وأضاف أن أهمية الحاكم الجديد تكمن في قدرته على ضمان استقرار القطاع المصرفي، من خلال تحقيق الاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي وتوفير الفرص للمواطنين. وشدّد على أن تعيين الحاكم يجب أن يكون لمصلحة الوطن، وليس لخدمة المصالح السياسية الضيقة التي كانت سبباً في استنزاف السيولة وتفاقم الأزمة المالية.
التحديات الكبرى أمام الحاكم الجديد
حدد فحيلي أبرز التحديات التي سيواجهها الحاكم الجديد، والتي تتمثل في:
تحسين التصنيف الائتماني للبنان، لاستعادة الثقة في الاقتصاد.
التوصل إلى اتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي، كخطوة ضرورية لإنقاذ الاقتصاد.
إعادة الانتظام إلى القطاع المصرفي، بما يضمن استعادة دوره في دعم الاقتصاد الوطني.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بما يشمل تصحيح أوضاع المصارف وضمان حقوق المودعين.
استعادة كرامة النقد الوطني، من خلال سياسات نقدية تعيد الثقة في الليرة اللبنانية.
ويمر الاقتصاد اللبناني بمرحلة حرجة تتطلب إصلاحات جذرية وتعاونًا دوليًا لدعم جهود التعافي. إن التحديات الحالية، على الرغم من صعوبتها، قد تشكل فرصة لإعادة بناء اقتصاد أكثر استدامة وعدالة.
في السنوات الأخيرة، واجه الاقتصاد اللبناني تحديات جسيمة أدت إلى تدهور ملحوظ في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
بدأت الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019، حيث شهدت البلاد انهيارًا ماليًا أدى إلى فقدان العملة الوطنية لقيمتها وتجميد مدخرات المودعين في البنوك. في عام 2020، تفاقمت الأوضاع مع جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، مما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة. بحلول عام 2023، استمر الاقتصاد في حالة ركود، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في عام 2022؛ وفقاً لبيانات البنك الدولي.
في أكتوبر/تشرين الأول 2023، اندلع صراع مسلح بين حزب الله وإسرائيل، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية. وتُقدر الخسائر البشرية في لبنان بأكثر من 3,768 قتيلًا و15,699 جريحًا، مع تدمير واسع للبنية التحتية، خاصة في المناطق الجنوبية. كما تسببت الحرب في نزوح حوالي 886,000 شخص داخليًا، وفرار 540,000 آخرين إلى سوريا، بحسب “رويترز”.
وقدّر البنك الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية بنحو 8.5 مليار دولار. كما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.7% في عام 2024، ما يعادل خسارة قدرها 4.2 مليار دولار في الاستهلاك والاستثمار.
وأدى الصراع إلى توقف العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة الزراعة والصناعة. كما شهدت القطاعات الأخرى، مثل الموضة والترفيه، تراجعًا كبيرًا بسبب انخفاض الاستهلاك والنزوح السكاني، كما أوردت “فايننشال تايمز”.
في فبراير/شباط 2025، أعلنت الحكومة اللبنانية الجديدة عن نيتها التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج جديد، ومعالجة الديون العامة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. كما أكدت على ضرورة وضع استراتيجية أمنية جديدة، والحياد في الصراعات الإقليمية، واستئناف استكشاف النفط والغاز، بحسب “رويترز”.
وسط تحذيرات من منظمة حقوقية … تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان