استذكر ناشطون عراقيون،على منصات التواصل الاجتماعي الذكرى الخامسة لاغتيال الباحث العراقي هشام الهاشمي بهجوم مسلح في العاصمة العراقية في بغداد.
واغتال مسلحون مجهولون الهاشمي في السادس من تموز عام 2020 أمام منزله في حي زيونة ببغداد، ولاذ الجناة بالفرار بعد تنفيذ عملية الاغتيال.
وقال ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، “في مثل هذا اليوم من العام 2020، تعرض الباحث العراقي هشام الهاشمي لعملية اغتيال من قبل مسلحين”.
من هو هشام الهاشمي
ولد هشام عبد الجبار الهاشمي (9 أيار 1973) هو باحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية في عائلة شيعية لكنه تحول إلى الإسلام السني في أواخر التسعينات، ثم انضم إلى الحركة الجهادية في الفلوجة.
تمكنت القوات الأمريكية من أسره خلال غزو العراق، فأمضى ثلاث سنوات في السجن وأقام علاقات مهمة مع الحركة الجهادية والمتشددين السنة.
وشاب عملية إطلاق سراحه من السجن كثير من الغموض، لكن يُعتقد على نطاق واسع أنه أبرم صفقة مع الحكومة العراقية حصل على البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من قسم الإحصاء في كلية الإدارة والاقتصاد (الجامعة المستنصرية) سنة 1994.
كما حصل على شهادة الماجستير 2015 والدكتوراه في العلوم السياسية 2019 في كلية العلوم السياسية (جامعة بغداد).
وُلد هشام الهاشمي
لم تتضح التفاصيل الدقيقة، لكن الراحل قد بدأ، بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، في مساعدة كل من العراقيين والأمريكيين بمعلومات استخبارية عن معظم الشبكات الإرهابية في العراق.
لغز اغتيال هشام الهاشمي
أولاً، توقفت سيارة رباعية الدفع خارج منزل في إحدى ضواحي بغداد، ثم اقترب شخص مسلح وأطلق أربعة أعيرة نارية من نافذة السيارة، ثم فر على متن دراجة نارية.
ركض ثلاثة أطفال نحو السيارة، واكتشفوا أن الرجل الموجود داخلها هو والدهم، المحلل الأمني العراقي، هشام الهاشمي، الذي سيلفظ أنفاسه الأخيرة في طريقه إلى المستشفى.
كان الهاشمي شخصية مرموقة في العراق، وخبيرا ذائع الصيت في شؤون الإرهاب، وقد عُرف بتقديمه استشارات لرؤساء وزراء ولحكومات غربية ولمسؤولين في الجيش الأمريكي.
كانت له صلات قوية مع كل أطراف الانقسام الطائفي، وكان يُنظر إليه كما لو أنه لا يمكن المساس به، لذلك خلّفت وفاته صدمة في جميع أنحاء البلاد، وتعهد رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بالوصول إلى قاتليه، ولا سيما أن الهاشمي كان أحد مستشاريه الموثوقين.
ماض مثير للجدل

أدلى المتهم بقتل المحلل الأمني هشام الهاشمي، الجمعة (16 تموز 2021)، باعترافاته، وتبيّن أنه ضابط في وزارة الداخلية واستخدم مسدسه الحكومي في عملية الاغتيال، كما قال.
وذكر المتهم، واسمه “أحمد عويد معارج الكناني”، من مواليد 1985، أنه ينتمي لمجموعة مسلحة لكنه لم يذكر اسمها، بيد أن التلفزيون الرسمي الذي بث الاعترفات وصفها بأنها “خارجة عن القانون”.
وقال الضابط الذي انتمى للشرطة في عام 2007: “تجمعنا في منطقة البو عيثة (في الدورة جنوبي بغداد)، وذهبنا بدراجتين وعجلة نوع كورلا لتنفيذ عملية الاغتيال، وانتظرنا الهدف في زاوية الشارع الذي يقع في منزله ثم جاء بسيارته نوع (برادو) فأطلقت عليه الرصاص من سلاح (الغدارة)، وعندما توقفت بيدي أجهزت عليه بمسدسي الشخصي”.
واغتيل الهاشمي في 6 تموز 2020 عندما كان يهم بصف سيارته أمام منزله في حي زيونة الراقي وسط بغداد، في شارع يسكنه ضباط كبار وشخصيات رفيعة.
وثقت كاميرات المراقبة المنزلية لحظات الاغتيال التي تمت من مسافة صفر، عندما أطلق مسلح على دراجة نارية النار باتجاه الهاشمي وهو داخل عجلته، ثم يعود ليستقل الدراجة التي كان يدير محركها شخص ثانٍ.
وأحدث اغتيال الهاشمي صدمة لدى الرأي العام المحلي والدولي، وتداول آلاف العراقيين صوره ومقاطع من تحليلاته وخوضه في تفاصيل دقيقة مرتبطة بداعش أو الجماعات المسلحة، كما نعته العديد من الدول والزعماء والقادة السياسيين، والأمم المتحدة.
ينسب المقربون منه دورًا حيويًا له في إضعاف تنظيم ما يٌعرف بالدولة الإسلامية، ما أدى إلى تلقيه تهديدات لا حصر لها بقتله من قِبل هذا التنظيم.
في البداية، كان المشتبه في قتله هو تنظيم الدولة، لكن سرعان ما تحولت أصابع الاتهام نحو عدو آخر له – التنظيمات الشيعية التي كانت له معها علاقة معقدة.
شُكلت المجموعات، الأكثر نشاطا حاليا، في عام 2014 بغرض محاربة تنظيم الدولة.
في البداية، حمل رجال عاديون، اعتبرهم الهاشمي أبطالاً، السلاح للدفاع عن البلاد بعد أن انهار الجيش وفر من الخوف.
لكن مع تنامي قوة الحركات المسلحة الشيعية انتقدهم الهاشمي قائلا إنهم يستخدمون الحرب ضد تنظيم الدولة مطية للاستيلاء على الأراضي وتعزيز مكانتهم في الحكومة.
وبعد انهزام تنظيم داعش الارهابي ، ضمت قوات الأمن العراقية معظم المقاتلين إلى صفوفهم، لكن بعضهم ظل خارج سيطرة الحكومة، ليُشاع أنهم يتلقون أوامرهم مباشرة من طهران
هشام الهاشمي: الباحث الذي دفع حياته ثمناً لرأيه

حين اجتاحت الاحتجاجات الشعبية العراق في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وخرج عشرات الآلاف من العراقيين من الطائفتين كلتيهما إلى الشوارع للاحتجاج على الفساد المستشري ونقص الخدمات الأساسية، قوبل المتظاهرون بالعنف – ليس فقط من طرف القوات الحكومية، وإنما أيضا من الحركات المسلحة الشيعية.
تضامن الهاشمي مع المتظاهرين وغرد على تويتر مؤيدا لهم، وعده كثيرون بمثابة رمز للحركة الاحتجاجية، وصوتا بارزا محترما من طرف المتظاهرين ومشجعا لهم.
لأول مرة، احتج العراقيون ضد النفوذ الإيراني في بلادهم.
أُضرمت النيران في قواعد الحركات المسلحة الشيعية، ودوت هتافات من قبيل “إيران، أخرجي! ميليشيات، أخرجي” من بغداد الى البصرة.
لكن كان هناك تطور مقلق: إذ بدأ النشطاء يتعرضون للإغتيال.
قُتل عراقيون بسطاء بالرصاص الحي في منازلهم ومكاتبهم وفي الشارع على أيدي مسلحين مجهولين. يشترك جميع الضحايا في شيء واحد – فقد نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي انتقادات للحركات المسلحة الشيعية المدعومة من قبل إيران.
