اعلنت قيادة العمليات المشتركة ان الصحفي العراقي علي اركادي الذي نشر تحقيقا في مجلة دير شبيغل الالمانية عن انتهاكات حقوق الانسان بالموصل تمت احالته الى التحقيق كونه مشترك بتعذيب المواطنين لانه لم يبلغ عنها طيلة الفترة الماضية
وكانت صحيفة ” دير شبيغل الألمانية ذكرت في تقرير لمراسلها في الموصل على اركادي أن”هناك انتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الشرطة الاتحادية ولواء الرد السريع، التابعة لوزارة الداخلية، في الموصل.
وبينت صور نقلها التقرير، “ان امرأة تعرضت للاغتصاب خلال حملة مداهمات نفذتها قوة من لواء الرد السريع”.
وأضافت الصحيفة ان”هناك تنافسا بين لواء الرد السريع والشرطة الاتحادية على اغتصاب النساء” حسب وصفها، مضيفة أن “الأميركيين على دراية تامة بما تفعله القوات الأمنية”.
دعا مبعوث واشنطن للتحالف الدولي ضد داعش بريت مكغورك الى التحقيق مع افراد من القوات الامنية على خلفية تقرير لمجلة دير شبيغل الالمانية بشأن قتل وتعذيب مواطنين في الموصل، من جهتها بدأت وزارة الداخلية العراقية تحقيقا بشأن الانتهاكات.
وقد كتب مبعوث واشنطن للتحالف الدولي لقتال تنظيم داعش بريت ماكغورك، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تعليقا على تقرير دير شبيغل إن”الأفراد والوحدات الذين يفشلون في الالتزام بمعايير (حقوق الإنسان) يسيئون إلى تضحياتهم ويجب التحقيق معهم ومحاسبتهم”.
من جهتها قالت الوزارة الداخلية في بيان لها امس (25 ايار 2017)، إنها “أمرت بتشكيل لجنة تحقيقية للتحقيق في مدى صحة التقرير الإخباري الذي أوردته مجلة دير شبيغل الألمانية”.
وأضاف البيان “ان وزير الداخلية أوعز للقائمين بالتحقيق بالتحري الواضح والنزيه” و”اتخاذ الإجراءات القانونية وفق قوانين وزارة الداخلية النافذة بحق المقصرين إن أثبت التحقيق ذلك”.
و وصفت مجلة “دير شبيغل” الألمانية قوات الحكومة العراقية وميليشيات الحشد بـالوحوش، وذلك على خلفية ممارساتهم الطائفية التي كان بعضها بعلم القوات الأمريكية بحق أهالي مدينة الموصل السُنية الواقعة شمالي العراق، ضمن استراتيجية إفراغ تلك المناطق وإرغام السنة على الخروج وترك مناطقهم حتى يتم التغيير الديموغرافي المطلوب.
ووثقت المجلة الألمانية بالصور العديد من حالات الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية وميليشيات الحشد في الموصل، منذ انطلاق العمليات العسكرية في المدينة بحجة طرد تنظيم الدولة في 17 أكتوبر 2016.
وحوش وليسوا أبطالاً
مراسل المجلة الألمانية علي أركادي -بحسب أورينت نيوز- رافق قوات الحكومة العراقية وميليشيات الحشد ، منذ انطلاق الحملة وخرج بحصيلة من الحقائق التي تكشف لأول مرة، حيث كان يعد تقريرًا عن أبطال التحرير في الموصل، غيَّر رأيه بعد معايشته للواقع عن قرب، وأطلق وصف وحوش بدلاً من أبطال الذي كان ينوي إطلاقه على الجنود العراقيين وعناصر ميليشيات الحشد.
إعدام وتعذيب
يؤكد الصحفي أنه شهد أول عملية تعذيب وإعدام في يوم 22 أكتوبر من العام 2016، عندما اعتقلت قوات الرد السريع شابين في قاعدة القيارة جنوب الموصل، وقامت هذه القوات بتعذيبهما لعدة أيام ومن ثم أعدموهما.
وبعدها ذهب الصحفي إلى منطقة حمام العليل بتاريخ 11 نوفمبر عام 2016، ومنذ ذلك الحين حدثت أمور أكثر؛ تعذيب واغتصاب وقتل الناس لأجل الشك فقط.
وأوضح أن قوات حكومة بغداد بعد أن سيطرت على قرية قبر العبد قرب حمام العليل، اعتقلت عناصر الاستخبارات أشخاصًا عدة من بينهم رائد هندية، وهو حارس لأحد المساجد في القرية، حيث أخذوه واستجوبوه وضربوه لعدة ساعات وأطلقوا سراحه.
ويستطرد الصحفي: “بتاريخ 22 نوفمبر دهمت ليلاً قوة مكونة من 10 أشخاص، وكانت القوات الأمريكية في مكان قريب وتراقب المداهمة عبر طائرة مسيرة، كان هندية نائمًا مع عائلته عندما اعتقلوه للمرة الثانية، وعذبوه لساعات قبل أن ينقلوه إلى مقر الاستخبارات، وهناك تم تعذيبه لمدة أسبوع، وبعد ذلك تم قتله مع عدد آخر من المشتبه بهم. وهذا حسب قول النقيب ثامر الدوري أحد ضباط الاستخبارات. وفي الليلة نفسها اعتقلوا شابًا يدعى رشيد وكان بريئًا وشهد له عناصر استخبارات في الجيش، لكن ذنبه أن شقيقه الأكبر التحق بـداعش هو وزوجته، توفي رشيد بعد 3 أيام من التعذيب ورأيت جثته في مقر الاستخبارات”.
وبحسب قول الصحفي فإن الكابوس قد بدأ الآن، قوات الرد السريع اعتقلت العديد من الأشخاص من حمام العليل من بينهم أب وابنه البالغ من العمر 16 عامًا، وتم اقتيادهما إلى مقر العمليات، الأب مهدي محمود تم تعليقه من يديه خلف رأسه وهو معصوب العينين وضربوه على ظهره، وكان ابنه في الغرفة المجاورة وكان يستطيع سماع صراخ أبيه، مستطردًا: “كنت هناك وصورت ولم يحاولوا منعي، وبعدها ضربوا الابن أمام أعين أبيه وبعدها قتلوه”.
ويتابع: “بعدها أصبحت الأمور خارج السيطرة أكثر فأكثر، وكنت أفكر وأقول كيف استطعت الوصول إلى هنا؟ لماذا يجعلونني أصورهم وهم يعذبون الناس؟ كيف يكون هذا وثائقيًا عن التحرير من داعش؟ لكنهم لا يفكرون مثل الصحفيين؛ بالنسبة إليهم أصبح هذا الشيء أمرًا عاديًا، وبالوقت نفسه قلت لنفسي يجب أن توثق هذا، وتثبت أنهم فعلوا هذه الأمور التي تظهر كيف ارتكبوا جرائم الحرب.
على الطريقة الأمريكية
ويوضح الصحفي، الذي يعمل مراسلاً مع المجلة الألمانية، أن المنطقة كان يعمل فيها صحفيون غربيون لكنهم يأتون في النهار فقط ويعودون إلى أربيل في المساء، ويقول: كنت أبقى وحدي مع القوات التابعة لوزارة الداخلية. في منتصف شهر ديسمبر تم نقلنا إلى مقر آخر في بازوايا في الأطراف الشرقية لمدينة الموصل، كان هناك شقيقان ليث وأحمد وتم اعتقالهما بوساطة الفرقة الذهبية، وتم إطلاق سراحهما لنقص الأدلة، والآن تم اعتقالهما مرة أخرى وإحضارهما إلى هنا. في المساء لم يكن هناك ضباط فقط جنود وكانوا مسؤولين عن التعذيب، بدؤوا أولاً بضرب الاثنين أولاً بالضرب وبعدها وضعوا سكينًا خلف أذن أحمد، وكانت تقنية تعلموها من الجنود الأمريكيين. علي أحد الجنود تفاخر بذلك وفوجئت بأنهم سمحوا لي بالتصوير، وبقيت هناك لمدة ساعة وفي الصبح أخبرني أحد الجنود أن كِلا الشقيقين تم تعذيبهما حتى الموت، وأظهر لي فيديو فيه جثثهما حتى إنه أرسله لي على الواتساب، كما يروي ما حصل معه.
الاغتصاب
ويسرد المراسل الصحفي ما حدث معه في يوم 16 ديسمبر ويقول: وصلت قوة من الرد السريع إلى بازوايا، وكانوا قد حصلوا على بعض الأسماء من أحد المخبرين لمن قيل إنهم أشخاص قاتلوا مع داعش، وفي الليلة نفسها خرجت معهم في حملة مداهمة، قاموا بمداهمة أحد المنازل وأخرجوا رجلاً يدعى فتحي أحمد صالح، قاموا بسحبه من غرفة النوم حيث كان إلى جوار زوجته وأطفاله الثلاثة، أحد العناصر يدعى حيدر علي دخل إلى الغرفة وقال إنه سيقوم باغتصاب المرأة، وأنا رافقت البقية لأرى ماذا سيفعلون بزوجها، بعد 5 دقائق شاهدت المدعو حيدر علي أمام الباب المفتوح وفي الداخل المرأة وهي تبكي، فسأله النقيب عمر نزار: ماذا فعلت؟ فأجاب حيدر: أنها حظيت بيومها. قمت بتصوير المرأة وهي بداخل الغرفة وبين يديها أصغر أطفالها، فنظرت إليّ ولكني كنت أصور بلا تفكير”.
سرقة وتعفيش بمعرفة القوات الأمريكية
ويتابع رصد ما حصل معه: في أثناء ذلك قام بقية الجنود بإخلاء المنزل وسرقوا ما استطاعوا حمله معهم. السجين الأخير في تلك الليلة كان أحد عناصر الحشد العشائري السُّني، لكن الحشد لا يحبون السُّنة لذا قاموا بأخذه لأحد الأبنية وقام أحد الجنود باغتصابه. وعندما عادوا إلى المقر سألهم المشرف الأمريكي عبر اللاسلكي: ماذا فعلتم؟ فأجابه النقيب عمر نزار: كل شيء؛ لقد أخذنا رجالاً ونساء وقمنا بنهب المنازل. فأجاب المشرف الأمريكي: حسنًا أنتم تعرفون ما تفعلون. الأمريكان كانوا على دراية بكل ما يحدث.
المنافسة على اغتصاب امرأة
ويتابع: كان هناك نوع من المنافسة بين الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع، عندما قالت عناصر الشرطة الاتحادية إنهم وجدوا امرأة حَسنة المظهر في أحد المنازل وقاموا باغتصابها، قالت عناصر الرد السريع إنهم يريدون الذهاب إلى ذلك المكان مرة أخرى.
طوز خورماتو
كذلك شهد مراسل مجلة دير شبيغل الألمانية حملة قتل مأساوية قامت بها الميليشيات في مايو العام الماضي، في مدينة طوز خورماتو جنوب كركوك، وذلك الوقت قيل إن أكثر من ألف سني قد اختفوا من طوز خورماتو وحدها. الهاربون من مناطق القتال في العراق قد أكدوا شهادات اختفاء الكثيرين أيضًا. ولكن للأسف كل هذه الشهادات افتقرت إلى الأدلة الدامغة.
الهروب مع الوثائق
ويتذكر الصحفي العراقي آخر أيامه مع قوات الرد السريع، مشيرًا إلى أنه لم يعد باستطاعته تحمل ذلك، ويضيف: تخيلت أن تلك قد تكون زوجتي أو ابنتي. وعندما كان النقيب وأحد الجنود يضربان المعتقلين طلبوا مني أن أنضم إليهم وأشاركهم في ضرب المعتقلين. لقد كان موقفًا عبثيًا الجميع عاملني كأني جزء من فريقهم. كان عليّ فعل ذلك لأني كنت خائفًا، فأنا كردي وأعمل لدى وكالة صحفية أمريكية، وكانوا أربعة أشخاص ويحملون السلاح، وطلب مني عدة مرات أن أشاركهم، قمت بصفع أحد المعتقلين لكن ليس بقوة، كان أمرًا فظيعًا وكان آخر شيء فعلته هناك”.
وفي محاولته الخروج من المنطقة سالمًا، تحدث الصحفي عن الطريقة التي تمكن من خلالها من المغادرة وقال: ادعيت أن ابنتي مريضة وعدت إلى عائلتي في خانقين، وبقيت هناك بضعة أيام وبعدها أخذت عائلتي إلى مكان آمن خارج العراق؛ لأنه كان من الواضح أن حياتي ستكون في خطر فور نشري للأدلة التي تثبت هذه الجرائم”.
الصحفي علي أركادي يختم تقريره المطول بالقول: الآن عرفت كيف استطاعت داعش السيطرة على الموصل وغيرها من المناطق السُّنية بسهولة”.
ويضيف أنا وعائلتي الآن نعيش خارج العراق ، أين بالضبط ، لا أستطيع أن أكتب عن ذلك لأسباب أمنية، أنا لم أصور أي شيء حدث هناك سرًا الجميع كان يشاهدني وأنا أوثق انتهاكاتهم لساعات طويلة. نعم لقد كانوا يرسلون لي أيضًا فيديوهات عن جرائمهم عندما أطلب منهم ذلك وفيما يخص قتل الأخوين لقد قالوا لي إني لي مطلق الحرية في إضافة فيديوهات القتل التي صوروها إلى فيلمي الوثائقي. لقد فقدوا كل مقاييس الخطأ والصواب لقد حاولت أن أستمر بمجاراة هؤلاء الاثنين حتى الانتهاء من معركة الموصل ولكن ذلك لم يحدث لقد أردت أن أجعل منهم أبطالاً ، لن يحدث ذلك أيضًا أنه من الصعب أن تبدأ حياة جديدة في مكان آخر، خانقين كانت موطني ، لقد أحببت أن أعيش هناك ولكن هذا ثمن عليّ أن أدفعه من أجل أن أنشر ما رأيته هناك.
وحيث اتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) حكومة بغداد بغض الطرف عما سمته نمطًا ممنهجًا من انتهاكات خطيرة ترتكبها ميليشيات الحشد الشعبي وتغذي التوترات الطائفية باستخدام سلاح الجيش، وشن جرائم هجمات انتقامية استهدفت بصورة رئيسة العرب السنة دون أن يخضعها أحد للمحاسبة.
كذلك اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش ميليشيا الحشد الشعبي بالقيام بأعمال نهب منازل وإلحاق أضرار بها أو تسويتها بالأرض في بلدة وأربع قرى قرب الموصل خلال عمليات استعادتها من تنظيم الدولة من دون أي ضرورة عسكرية ظاهرة، مشيرة إلى أن ذلك يرقى لمصاف جرائم الحرب”.