ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | الطفولة المنتهكة في العراق!
|
محمد واني
|
الجريدة الكويتية |
يعتبر العراق من أكثر بلدان العالم فسادا وأكثرها خطورة على حياة الإنسان بحسب التقارير السنوية التي تصدرها منظمة الشفافية الدولية، القتل على الهوية والخطف وانعدام النظام والقانون وانتشار ظاهرة المجاميع المسلحة خارج إطار القانون تمارس الجرائم بحق المواطنين، وقد اعترف رئيس الوزراء العراقي قبل فترة بوجود “100 ميليشيا خارج القانون وتحمل هويات الحشد الشعبي”.
وقد وجدت عصابات إجرامية دولية منظمة في العراق مكانا مثاليا لتمارس فيه أعمال الخطف والقتل، وشكلت هذه العصابات الدولية مع مجرمي الداخل شبكة “مافيا” قوية، استطاعت خلال فترة وجيزة من الحكم الحالي أن تتسلل إلى معظم منافذ الدولة الأساسية، وتمتد أذرعها الطويلة إلى معظم مرافق الدولة الأساسية وبخاصة الوزارات الأمنية؛ الداخلية والدفاع والأمن ومؤسسات الشرطة والأمن العام، ولها أنصار ومؤيدون داخل الميليشيات المسلحة والأحزاب المتنفذة.
وإذا كانت منظمات “المافيا” الإرهابية في العراق تقوم بعمليات تجارية تقليدية مشبوهة مثل خطف الناس وقتلهم مقابل المال أو شراء ذمم الموظفين الحكوميين الكبار أو إمداد الإرهاب الدولي في الداخل بالسلاح والعتاد لزعزعة الأوضاع الأمنية وكذلك سرقة السيارات ثم بيعها من أجل تمويل العمليات الإرهابية، فإنها استطاعت أن تطور من تجارتها لتشمل “بيع الأطفال”!
التجارة الجديدة أيضا التي أثارتها وسائل الإعلام العالمية تفوق في بشاعتها وفداحتها الأنواع الأخرى، لأنها تمس كائنا بريئا، لم يخض بعد غمار الحياة المعقدة، يتعامل مع الواقع بمنتهى الصدق والبراءة بعيدا عن الغش والخداع، وهم الأطفال، والطفل بحسب وثيقة حقوق الطفل الدولية هو ألا يتجاوز عمره الثامنة عشرة عاما، في حين ربط الإسلام سن الطفولة بـ”البلوغ”، وقد قدرت القوانين والشرائع الدولية هذه الفترة الزمنية من عمر الأطفال بعين الاعتبار، فاهتمت بها اهتماما بالغا، وأفردت لها قوانين خاصة تلائم المرحلة العمرية الحرجة، وبخاصة الدول الغربية المتقدمة التي أولت اهتماما كبيرا بهذه الشريحة الأساسية في المجتمع، فشرعت قوانين وتشريعات خاصة ترعى مصالحهم وتهتم بأمورهم، فالأولوية في المكاسب والامتيازات دائما لمصلحة الأطفال، باعتبارهم رجال الدولة، تقع عليهم أعباء مسؤولية المحافظة على البلاد في المستقبل، وخطف الأطفال أصبح ظاهرة مخيفة في بغداد العاصمة من قبل مجموعات منظمة وتجار الأعضاء البشرية وبيع الأطفال وتهريبهم خارج العراق بل كابوسا يؤرق العوائل البغدادية.
ففي تقرير أصدرته منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف) ذكر “أن 3.6 ملايين من أطفال العراق- أي طفل من كل 5 أطفال في البلاد- معرضون لمخاطر الموت والإصابة والعنف الجنسي والاختطاف والتجنيد القسري في صفوف المجموعات المسلحة”، ويقول التقرير “إن 1496 طفلا اختطفوا في العراق في الأشهر الـ36 الأخيرة، أي بمعدل 50 طفلا في الشهر الواحد، أجبر الكثيرون منهم على القتال أو تعرضوا للاعتداء الجنسي”، وخلص التقرير إلى “أن اختطاف الأطفال من بيوتهم ومدارسهم ومن الشوارع أصبح ظاهرة مخيفة.
هؤلاء الأطفال يجري انتزاعهم من أسرهم ويتعرضون لأبشع أشكال الاعتداء والاستغلال”. وبحسب “يونيسيف” فإن “حياة الأطفال معرضة للخطر. يقتل الأطفال، ويتعرّضون للإصابات، ويستخدمون دروعا بشرية ويشهدون عنفاً فظيعاً لا يجدر بإنسان أن يشهده”.
ومن بين هؤلاء من أجبر “على المشاركة في القتال والعنف”، وتوجد في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية معسكرات لتدريب الأطفال على السلاح “ويقوم على التدريب شخصيات قاتلت في الحشد الشعبي وضباط سابقون وحاليون في الجيش العراقي”.
هذا هو العراق العظيم! الذي تستميت الدول الإقليمية وأميركا والدول الأوروبية من أجل المحافظة عليه كواحد موحد وتضغط على الأكراد للاندماج فيه! |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 |
تحديات «استعادة» العراق عربياً
|
وائل مرزا
|
الحياة السعودية |
على رغم المحاولات عربياً على مدى سنوات، يبدو تطبيع العلاقات مع إيران وضعاً أقربَ إلى المستحيل.
بعيداً من الاعتبارات المذهبية البحتة، تبقى إيران، برؤيتها السياسية والأيديولوجية، وهوس السيطرة الإمبراطورية المتحكم بقادتها، وممارساتها التوسعية، مصدر خطر مستمر، ليس فقط على الحكومات والدول، وإنما على كل استقرارٍ ممكنٍ للمجتمعات العربية.
تمثلت الخطوة الأولى على طريق التوسع في السيطرة على العراق. وجاءت فرصتها الذهبية بعد سقوطه في أحضانها نتيجة السياسات الأميركية.
لهذا، وعلى مدى أعوام، رفض العرب تدخل إيران في شؤون العراق، إن لجهة محاولتها السيطرة سياسياً فيه، أو على صعيد الوجود العسكري/ الميليشياوي.
كانت السعودية في مقدم ذلك الرفض المتكرر. فقد صرح عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، في مقابلة مع قناة RT الروسية يوم 20 أيار (مايو) بأن «الرياض تنظر لوجود قاسم سليماني في بغداد بأنه سلبي جداً»، مؤكداً أن «الحرس الثوري يحارب الشعب السوري، يحارب في العراق، ويقوم بأعمال تخريبية في أنحاء أخرى من العالم».
المفارقة هنا أن وزير الخارجية العراقي صرح، في عمّان بتاريخ 7 حزيران (يونيو) من العام الفائت، بأن سليماني «يعمل في الأراضي العراقية بوظيفة مستشار عسكري بعلم الحكومة العراقية ودرايتها التامة».
لكن التدخل الإيراني المذكور تصاعد، وفي كثيرٍ من الأحيان، بالتنسيق على أعلى المستويات، مع مسؤولين عراقيين وموافقتهم.
على رغم هذا، بقيت السعودية حريصةً تعمل على تجنيب العراق السقوط في مأزق التبعية الكاملة لإيران. وجليٌ أن كل السياسات والممارسات التي تندرج في هذه الخانة تشكل اختراقاً مهماً يُوظف في عملية التخطيط السياسي. هكذا، تعددت المحاولات والمبادرات السعودية، تحديداً، في هذا السياق. بل إنها تصاعدت أخيراً إلى خطوات متقدمة تتمثل في ما حصل خلال الأسابيع الأخيرة من دعوات وزيارات ولقاءات ونشاطات متنوعة، بدأت مع زيارة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، برفقة وفدٍ مهم يتضمن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري والداخلية قاسم الأعرجي وغيرهما.
تلت ذلك زيارةُ مقتدى الصدر، فضلاً عن الحديث عن إمكان زيارة عمار الحكيم، وإمكان افتتاح قنصلية عامة سعودية في النجف قريباً، كما صرح عبدالعزيز الشمري، القائم بأعمال السفارة السعودية في بغداد، للزميلة «الشرق الأوسط».
يمثل هذا الحراك السياسي والديبلوماسي والاقتصادي نقلةً نوعية، على طريق تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في تقليص نفوذ إيران في العراق.
على رغم ذلك، ثمة تاريخٌ معروف عن استراتيجية إيران في مثل هذه القضايا، وقدرتها الكبيرة على التخطيط طويل المدى، وتوزيع الأدوار، وخلط الأوراق، وممارسة التقية السياسية قبل الدينية. وقبل هذا وبعده، هناك عُمق اختراقها العراق على مدى خمسة عشر عاماً على الأقل. وهو عمقٌ عمِلت إيران، ولا تزال، على ترسيخه بحِرَفيةٍ ومهارة، على مستوى الرموز والأفكار والسياسات والمؤسسات.
من هنا، تأتي أهمية الرصد المستمر والمتابعة الحثيثة في كل حسابات عملية «استعادة» العراق ومحاولة تقليص نفوذ إيران فيه، باعتبار صعوبة الحديث عن إلغاء ذلك النفوذ نهائياً، لاعتبارات جيواستراتيجية لا تخفى على المحللين.
في هذا الإطار، يجدر الانتباه إلى إشارات ظهرت، قَبل الجهود السعودية الأخيرة وبعدها، تُوثّق مفاصل النفوذ الإيراني.
لا يمكن، مثلاً، الغفلة عن طبيعة «الحشد الشعبي» وعقيدته وقياداته ودوره الراهن والمستقبلي، وفق أدبياته المكتوبة والمسموعة والمرئية. فمنذ أربعة شهور فقط، في نيسان (أبريل)، نشر موقع «العربية» تقريراً تفصيلياً عن أبو مهدي المهندس، نائب قائد ميليشيات الحشد، بدأته بتصريح قال فيه: «أفخر بكوني جندياً لدى سليماني»، وذلك «بلغةٍ فارسيةٍ بليغة»، كما أكدَ الموقع. مع توثيق تصريحاته القاطعة بخصوص ولائه لمبدأ ولاية الفقيه، وتبعيته للمرشد الإيراني علي خامنئي، وإخلاصه لتحقيق أهداف الثورة الخمينية.
لا مفر من التساؤل هنا، عن عدم صدور أي موقف رسمي حكومي عراقي معارض لتصريحات ترضى بكون قيادات الحشد الشعبي جنوداً لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية!
ثمة إشارات أخرى ذات دلالة لم تلقَ رواجاً في وسائل الإعلام في ما يتعلق بالحشد ودوره، المستقبلي تحديداً، على رغم رؤية السعودية التي عبّر عنها، أيضاً، وزير خارجيتها عادل الجبير، منذ عام، بضرورة تفكيك ميليشيات الحشد، متهماً إياها بتأجيج «التوتر الطائفي»، مؤكداً خلال لقائه مع صحافيين في باريس أن «الحشد الشعبي طائفي وتقوده إيران».
فمنذ شهرين، وبتاريخ 21 حزيران الفائت، قال رئيس الحشد، فالح الفياض، في كلمة لمناسبة الذكرى الثالثة لتأسيس الحشد، إن «كل من يعتقد أن الحشد مُستلزمٌ لمرحلة إنما هو يعيش الوهم».
وهي المناسبة ذاتها التي ألقى فيها الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، كلمةً قال فيها إن جميع محاولات حل الحشد ستفشل. علماً أن حركته أصدرت بياناً بتاريخ 23 أيار الماضي تُهاجم فيه بقوة كلاً من البحرين والسعودية، وبأقذع الألفاظ.
الجدير بالذكر أن العصائب مُكونٌ رئيس من مكونات الحشد. وما يلفت النظر أن المناسبة تمت برعاية رئيس الوزراء العراقي، الذي ألقى رئيس الحشد الكلمة نيابةً عنه، وجاء فيها اعتبارُ العبادي ذكرى تأسيس الحشد «عيداً وطنياً».
واستمراراً للحفاظ على نفوذها وتأثيرها في العراق، تحرصُ القيادات الإيرانية على التذكير بطبيعة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين من خلال التصريحات، والحرص على إجراء اللقاءات والاتفاقيات. مع تكثيفٍ مُعبِّر لهذه السياسة خلال الأسابيع الماضية تحديداً.
فقبل قرابة شهرين، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمة له في مهرجان «الصحة والسلامة» بقاعة المؤتمرات بطهران، بتاريخ 11 حزيران: «عندما نتحدث عن تقديم الدعم للشعب العراقي، يتصور البعض أن دعمنا ينحصر في التضحية الجسدية»، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية «قدمت فضلاً عن الشهداء، المال والسلاح».
بعدَها، وقَّعَ وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي ونظيره الإيراني حسين دهقان، في طهران بتاريخ 23 حزيران، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الدفاعي العسكري.
وأخيراً، دعت طهران وزير الداخلية العراقي، قاسم الأعرجي، إلى طهران بتاريخ 14 آب (أغسطس) الحالي، قابل فيها وزير الداخلية الإيراني، العميد حسن أشتري، الذي وعد بتسخير كافة الإمكانات للحكومة العراقية. بالمقابل، أشاد الوزير العراقي بدور الجمهورية الإسلامية المؤثر ومساهمتها الكبيرة، ووجَّهَ الشكر والتقدير للحكومة الإيرانية، مؤكداً على المزيد من تعزيز العلاقات معها، وعلى استعداد الحكومة العراقية للاستفادة من جميع خبرات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مختلف المجالات.
ثمة الكثير مما يندرج في عملية «وصل النقـاط»، أو connecting the dots كما يُقال في المثل الإنـكليزي، لتفكيك وفهم الصورة المعقدة التي نُلمحُ إليها. تلك مهمة أصحاب الشأن، وحسبُنا هنا، أخيراً، الإشارة الى معلومتين.
فمنذ أسبوعين، صوت 240 نائباً من أصل 244 في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني على مشروع قانون لزيادة المخصصات المالية للبرنامج والعمليات الخارجية (الإقليمية) لـ «الحرس الثوري» بمبلغ 520 مليون دولار.
وفي تموز (يوليو) من العام الماضي، حضر الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس دعماً لجهودها في إنهاء الدور الإيراني السلبي في المنطقة والعالم. رحّبت، مريم رجوي، زعيمة المعارضة الإيرانية، المحترمة عالمياً، بحضور الأمير وكلمته. وهي ذاتُها التي صرَّحت قبل ذلك عن الخطورة الاستراتيجية لنفوذ إيران في العراق قائلةً: «إن نفوذ النظام الإيراني في العراق أکثر خطورة من القنبلة النووية بـ100 مرة». تَعلمُ رجوي الكثير عما تقوله، والأرجح أن مقولتها يجب أن تكون قاعدةً أساسية في حسابات استعادة العراق عربياً من إيران.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | عودة عراق التاريخ وعراق العروبة | محمد السلمي | الوطن السعودية |
يستحق العراق أن يعود إلى صورته التي تليق به وبتاريخه وبثقافته وبكبريائه، تلك الصورة التي يحاول نظام الولي الفقيه أن يمحوها بكل طاقته وأذرُعه وسياساته
تزخر صفحات التاريخ البعيد والقريب بتفاصيل العلاقة بين العراق وإيران، ما بين توتُّر واضطراب، ومعاداة واعتداء، سواء قبل الثورة الإيرانية وبعدها. وإذا تأمّلنا صورة العراق في العقلية الإيرانية على مدى عقود طويلة فسوف نجدها شديدة السلبية، بل يرى الإيرانيون العراق رمزًا للشر والحقد والكراهية، خصوصًا إذا كانت ممتزجة في الوجدان الإيراني بذكريات حرب السنوات الثماني، وما روَّجَت له الآلة الإعلامية الإيرانية، منذ قيام الثورة الإيرانية، حتى الاجتياح الأميركي للعراق في عام 2003، وخلال تلك الفترة ترَسَّخَت تلك الصورة السلبية للعراق في أذهان الأجيال الإيرانية الصاعدة، التي أصبحت تشكّل الآن الغالبية العظمى من الشعب الإيراني. ومنذ سقوط صدام حسين، أخذ النظام الإيراني يعمل على استغلال الأوضاع المتردّية في العراق، لتنفيذ ما له من مشروعات سياسية وأجندات توسُّعية في المنطقة، مستغلًّا في ذلك الفراغ الأمني العراقي، والتوتُّرات السياسية، مرسّخًا بذلك وجوده في العمق العراقي، عن طريق استغلاله بعض السياسيين الذين قدموا من طهران، أو الذين ارتبطوا بأحزاب وتكتلات سياسية عراقية تُدار من إيران. يمكننا ببساطة أن نقارن بين الأوضاع في العراق في فترة صدام حسين وفترة التدخُّل الإيراني في ظل ضَعْف النظام في العراق بعد 2003. فعلى الرغم من ديكتاتورية صدام كان المواطن العراقي يشعر بالأمان إذا خرج من بيته، ويعلم أنه سيعود إليه، كما أنه لم يكُن يهتمّ بالانتماءات المذهبية، ولا يعيش حالة من الصراع الطائفي في مجتمعه. كذلك كان المواطن العراقي يضمن عملًا يعُول به عياله وأهله، ويعلم أن النظام الحاكم يكفل له عيشة طيبة لا تتوافر في كثير من البلدان المحيطة به، وتعليمًا مناسبًا لأبنائه. أما اليوم في ظل التدخُّلات الإيرانية وهيمنتها على الحياة السياسية وقسم كبير من الحياة الاقتصادية في العراق، فإن العراق يعيش أسوأ مراحل تاريخه الحديث على الأصعدة كافة، التنموية والسياسية والاقتصادية والأمنية، وقد انتشرت فرق الموت وميليشيات الدمار والخراب في المدن، وعاد إلى الداخل العراقي مَن كان يومًا يقاتل في صفوف الجيش الإيراني ضدّ وطنه العراق، بل وتَسنَّم بعضهم مناصب قيادية في بعض المؤسسات الحكومية وفرق الحشد الشعبي، والأخطر من ذلك أن انتماء هؤلاء لا يزال لإيران، لا لوطنهم، وقد سُئل أحدهم: «في أي صف ستقف إذا اندلعت حرب بين إيران والعراق؟»، فجاءت إجابته مباشرة وسريعة: «سأقف في الجانب الإيراني مع نظام الولي الفقيه»! كما يرجو كثير من العراقيين، نرجو نحن أشقاء الشعب العراقي، الذين نتشارك معه الدم واللغة والثقافة والجغرافيا والتاريخ والمصير، أن يعود العراق كما كان، بلدًا قويًّا ذا سيادة وقرار مستقلّ، يخدم أهله، ويليق بتاريخه وشعبه الأصيل، لا يحابي أحدًا، عربيًّا كان أو فارسيًّا، يهتم بمصلحة الوطن وبناء الإنسان العراقي، لا يكون مسرحًا للصراعات والاستقطابات وتنفيذ الأجندات الطائفية والمشروعات التوسُّعية الهدَّامة التي ينشرها أعداؤه في أرضه. لا يخفى أنه في ظلّ الأمر الواقع والظروف التي يعيشها العراق في الوقت الراهن، فإن الأمر في غاية الصعوبة، ولكننا نعلم يقينًا أنه ليس مستحيلًا، وأنه يحتاج إلى إرادة رسمية ودعم شعبي وتكاتف للجهود بين أبناء الشعب العراقي بأطيافه ومكوناته كافة، التكاتف الذي يكفي لإفساد جميع المخططات والمشروعات الإيرانية لاستغلال العراق ومقدَّراته، ويضمن للعراق وشعبه استقلالًا في القرار السياسي والعمل الوطني. يستحق العراق أن يعود إلى صورته النمطية التي تليق به وبتاريخه وبثقافته وبكبريائه، تلك الصورة التي يحاول نظام الولي الفقيه أن يمحوها بكل طاقته وأذرُعه وسياساته، صورة العراق المستقل بقراره، مكمِّلًا امتدادَه العربي، دولة قيادية في العالَمَين العربي والإسلامي، بما تملكه من قُدُرات وإمكانيات وموقع جغرافي مهمّ، وتاريخ وأصالةٍ جذورُهما ضاربةٌ في أعماق التاريخ.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | الدور الأميركي والمسألة الكردية !
|
محمد كعوش
|
الراي الاردنية |
قبل أيام قليلة شاهدت تسجيلا، بالصوت والصورة، تتداوله وسائل التواصل الإجتماعي، هو عبارة عن احتفال أو مهرجان في تل ابيب بحضور وفد كردي عراقي، دعا فيه الإسرائيليون الأكراد الى التمسك باجراء الإستفتاء من اجل الأنفصال واقامة دولة كردية في شمال العراق بدعم من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والعالم.
أكاد أن لا أصدق ما شاهدت وسمعت، وفي ذات الوقت لا اعتقد ان الشريط مفبرك أو مزيف، على الرغم من التغيير التكتيكي الطاريء الذي حدث مؤخرا في موقف الأدارة الأميركية حين طلبت من مسعود البرزاني تأجيل الإستفتاء، وهو الموقف الذي اثار الكثير من التساؤلات وعلامات الإستفهام.
الحقيقة ان الموقف الأميركي الجديد من الإستفتاء ليس من اجل مصلحة العراق، بل من أجل مصلحة واشنطن ومشروعها في سوريا…كيف؟!
كلنا نعرف أن الولايات المتحدة ومعها دول اوروبية داعمة وحامية لكردستان العراق، كما نعرف أن القوات الأميركية والغربية المتحالفة استخدمت الشمال منصة متقدمة في عملية غزو العراق واحتلاله، اضافة الى القناعة بأن انفصال الشمال واقامة دولة كردية هي خطوة اولية على طريق تقسيم بلاد الرافدين، وهو الهدف الأميركي الحقيقي الذي سعت الى تحقيقه القوات الغازية منذ الإحتلال حتى اليوم، لذلك تم تفكيك الدولة وحل الجيش، وتخريب النسيج الإجتماعي، على قاعدة عرقية وطائفية، اضافة الى فرض تطبيق دستور بريمر الذي يكرّس هذا الواقع الجديد.
ولكن هنا يبرز السؤال: اذا كانت واشنطن تريد تقسيم العراق، لماذا طلبت تأجيل الإستفتاء حول الإنفصال ؟!
لا أعتقد أن الحرب التي يشنها الجيش العراقي على تنظيم داعش هو السبب الرئيس، لأنني على يقين أن القوات الأميركية المتواجدة في العراق وسوريا غير جادة في محاربة داعش والقضاء على التنظيمات المسلحة المتطرفة لأن هذه التنظيمات ما زالت في خدمة المشروع الأميركي وتحتاج بعض الوقت لأنجاز مهمتها التخريبية، رغم تدهور أوضاعها وتقهقرها، لذلك يتم، وباستمرار، عرقلة المفاوضات، ووضع المصاعب والمصائد في طريق المصالحة الوطنية في سوريا والعراق واليمن وليبيا.
هناك حقيقة واحدة باقية تشير الى أن الأدارة الأميركية طلبت تاجيل الأستفتاء في كردستان العراق، لأنها لا تريد فتح جبهة جديدة في العراق يكون الأكراد محورها، ففتح مثل هذه الجبهة سيعيد خلط الأوراق من جديد، وبالتالي يضر بالخطة الأميركية الساعية الى رسم حدود اقليم كردي في شمال سوريا، كخطوة اولية لتقسيم البلاد، أو على الأقل، فرض واقع جديد في الشمال يحدث تغييرا في وحدة أرض وشعب سوريا.
لذلك تريد واشنطن بعض الهدوء في شمال العراق، خصوصا بعد التقارب التركي الإيراني وتقاهم الطرفين حول المسألة الكردية في شمال سوريا، وهو التفاهم الذي دفع بالرئيس التركي أردوغان الى التهديد باستخدام القوة لمنع قيام كيان كردي على حدوده مع سوريا، مع ضرورة الإشارة الى أن هذه المسألة كانت سبب الإختلاف مع واشنطن، كما هي سبب التغيير المستمر في التحالفات التركية على الصعيدين الأقليمي والدولي.
واللافت أن ادارة الرئيس ترمب تنزلق تدريجيا وبسرعة نحو التورط عسكريا في الصراع الدائر في المنطقة، في حين نرى تراجعها في الدور السياسي، الذي لم يتجاوز الدور السلبي الضعيف والمتهالك وغير المؤثر في النتائج، لأن هذه الإدارة تريد التحكم بمسار مستقبل المنطقة من خلال لحظة الحاضر، وبالتالي الإثبات بأن الرئيس ترمب المتشدد يختلف عن اسلافه، فهو صارم في تنفيذ وعوده، دون ان يدرك أن القائد الجيد هو الذي يجمع بين الصلابة والمرونة، وهنا يحضرني قول ديوجين الأغريقي: «هناك اختلاف دقيق بين الحكيم والأحمق «. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 |
داعش»..والمحتالة هيلاري
|
رشاد ابو داود
|
الدستور الاردنية |
أخطر ما في الاعلام العربي تلقف تعابير ومصطلحات صهيونية وغربية مدروسة ومدسوسة مثل «الصراع الفلسطيني الإسرائيلي» .الصراع ليس فلسطينيا- إسرائيليا بل صهيونيا إسرائيليا مع العرب والمسلمين والمسيحيين لاعادة احياء اسطورة شعب الله المختار انطلاقا من «إسرائيل الكبرى».وفي ظل التجهيل المتعمد، أو قل الغبي للانسان العربي لا نستغرب ان تستخدم الاجيال القادمة تعبير «انهيار الدولة الإسلامية « في اشارة الى تنظيم داعش الارهابي .وهو التعبير الذي يتم تداوله بطريقة فجة، وللأسف من قبل سياسيين وكتاب عرب. «داعش» صنيعة صهيونية أميركية الهدف منها تفريغ شحنة الشعور الوطني لدى المسلمين . وقد رأينا الاعمال الارهابية التي قام بها التنظيم في سوريا والعراق وليبيا واليمن .وكيف تمت شيطنة الاسلام من خلال الاصرار على أن تنظيم داعش هو منظمة إسلامية وأن لها «دولة»! اثناء حملته الانتخابية اتهم دونالد ترمب الرئيسَ باراك أوباما بتأسيس» تنظيم داعش . كما اتهم منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بأنها «شريكة في تأسيس» هذه الجماعة الإرهابية أيضاً.وفي تجمع انتخابي في فورت لودرديل في ولاية فلوريدا قال ترمب عن أوباما إنه زرع «الفوضى» في الشرق الأوسط، ثم قال إن تنظيم داعش «يكرم الرئيس أوباما». وأضاف: «إنه مؤسس داعش في العراق وسوريا.» وكرر «إنه المؤسس! أسس الدولة الاسلامية في العراق وسوريا».وتابع :»وأقول إن الشريكة في التأسيس هي هذه المحتالة هيلاري كلينتون». وفي العام الماضي صرح مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج، أن لديه أدلة تؤكد ارتباط المرشحة للرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون بـ «داعش».وذكر موقع «The Political Insider» أنه وفقا لأسانج، كلينتون لم تكن على اتصال بالإرهابيين فحسب، بل كانت ترسل أسلحة أمريكية لهم عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية. وكانت ترسل الأسلحة إلى دولة عربية ومن ثم يتم تسليمها للمسلحين الليبيين للإطاحة بمعمر القذافي. وبحسب الموقع، فإن كلينتون لم تكتف بهذا، بل حاولت تنفيذ المخطط نفسه في سوريا. فإرسال الأسلحة للإرهابيين وتزويدهم بالمال كان يجب أن يساهم بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد. هيلاري كلينتون اثناء توليها منصب وزيرة الخارجية اعترفت في كتابها «خيارات صعبة»، ان «داعش» صناعة أمريكية – وكتبت أن الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش»، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط.وأفادت بعض المواقع، بأن الوزيرة السابقة قالت، في كتاب مذكراتها : «دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام، وفجأة قامت ثورة 30/6 – 3/7 في مصر وكل شيء تغير خلال 72 ساعة».وأضافت: تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5/7/2013، وانا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوروبا بها فورا». وتابعت تقول «كنت زرت 112 دولة في العالم.. وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء على الاعتراف بـ»الدولة الإسلامية» حال إعلانها فورا وفجأة تحطم كل شيء». وتابعت القول «كل شيء كسر أمام أعيننا دون سابق إنذار، شيء مهول حدث!! فكرنا في استخدام القوة ولكن مصر ليست سوريا أو ليبيا، فجيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا». ها هو دور داعش ينتهي بعد ان تحقق الهدف منه وهو كما اعترفت كلينتون إحداث فوضى في المنطقة العربية وبخاصة في سوريا والعراق وليبيا .فبعد ان كانت تسيطر على ما يعادل مساحة بريطانيا في الاراضي السورية والعراقية نراها تحتضر في الموصل وتلعفر ووسط سوريا، ووزير الدفاع الاميركي يعلن اقتراب نهايتها. انه الزلزال الذي هز المنطقة العربية وأحالها خرابًا .ومن يدري ربما هناك حلقة أخرى من «داعش» في منطقة الخليج العربي لاستنزاف ثرواته وتقسيم دوله .
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | أخطر من داعش!
|
محمد ابو رمان | الغد الاردنية |
تذهب أغلب التوقعات أنّ العام القادم، على أبعد تقدير، قد يشهد نهاية الدولة التي أقامها تنظيم “داعش” في كل من العراق وسورية، فمعركة تلّعفر بدأت عملياً، فيما ينتظر كثيرون المعارك الحاسمة في كل من الرقّة وديرالزور. المشكلة تبدأ في اليوم التالي لداعش! ولا أقصد، هنا، التحول التكتيكي في عمليات التنظيم، الذي سيتحوّل غالباً إلى حرب العصابات وإعادة بناء القواعد والخلايا، بل المقصود هو أنّ البديل عن داعش اليوم وغداً في العراق وسورية، ليس دولة مدنية، ديمقراطية، تستوعب الجميع، وتستفيد من دروس الماضي، بل هي دول تخضع للنفوذ الإيراني وهيمنة الميليشيات والقوى الطائفية، ما يعني تأجيج “الأزمة السنّية” ونقلها إلى مرحلة أخطر، وهي الأزمة التي استثمرها تنظيم داعش في عملية التجنيد والتنظيم وبناء الدعاية الإعلامية والسياسية بوصفه مدافعاً عن “الهوية السنية” المهددة في كل من العراق وسورية ولبنان! ما هو أخطر من داعش، وما سيذهب بالمنطقة إلى عصور ظلام حقيقية، وينقلنا إلى كانتونات طائفية وعرقية ومذهبية، هو تنامي النفوذ الإيراني المسكون بنزعة طائفية- تاريخية، واستدعاء الصراعات والخلافات الطائفية والمذهبية من رحم التاريخ لتسكن الجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة العربية، وهي نزعات ستحيي نزعات أخرى وقوميات وإثنيات ومفاهيم تجنّبتها المنطقة العربية، أو حيّدتها، خلال العقود الماضية، من مسار ما يسمى “الدولة الوطنية” قبل أن تبدأ بالعودة بصورة متدحرجة، منذ احتلال العراق، وصولاً إلى مرحلة الثورات العربية، فانهيار النظام الإقليمي العربي وتفككه، وصولاً إلى تفكك الدولة الوطنية- القطرية العربية الراهنة. ثمّة مخاوف حقيقية في أنّ ما يقوم به قاسم سليماني والقوى التابعة له في المنطقة العربية يتجاوز اليوم تحقيق انتصارات عسكرية إلى إجراء هندسة طائفية في العديد من المناطق والمدن في العراق وسورية، ما يعني أنّ المنطقة العربية، وهذه الدول المتوترة؛ سورية والعراق، حتى وإن شهدت سكوناً أو تحولات راهنة في موازين القوى على أرض الواقع، فإنّها ستحكم بمنطق الحروب الداخلية الأهلية المرتبطة بسياسات الهوية الطائفية والعرقية والمذهبية، خلال الأعوام القادمة. المشكلة، بالضرورة، ليست مع إيران كدولة قومية، أو الاعتراف بها كقوة إقليمية (بل خطأ العرب الرئيس منذ عقود يتمثّل في أنّهم أغلقوا باب الحوار مع إيران، وفضّلوا منطق الصراع والمواجهة الحتمية)، إنّما المشكلة أنّ التيار الإصلاحي، الذي يحاول التخفيف من حدّة النزعة الطائفية في الداخل وفي علاقات إيران مع المحيط العربي، هو نفسه، وفي مقدمته الرئيس الإيراني حسن روحاني، يشعر أنّه مكبل اليدين، ويسيطر الجناح المتشدد على مقاليد القوة الحقيقية، وهو الجناح الذي ينتمي إليه قاسم سليماني، القائد الفعلي للميليشيات عابرة الحدود، سواء في العراق أو سورية، وهو – أي سليماني- أصبح الرقم الصعب في معادلة هذه الدول! ذلك لا يعني البتة تبرئة الدول العربية مما آلت إليه منطقتنا، فهي الأخرى استخدمت الورقة الطائفية في مواجهة إيران، وتلاعبت بمسألة الهويات، وستدفع ثمناً كبيراً وهي تواجه اليوم “قنابل موقوتة” تتمثل بالمواطنين الذين يعتنقون المذهب الشيعي، ويعانون من عدم الاعتراف بهم. في المجمل؛ نحن قادمون على ما هو أسوأ بكل تأكيد، فداعش أيّاً كانت وحشيتها ليست إلاّ جزءا من ديناميكية أخطر وأكبر تجتاح المنطقة، ويبدو أنّ منطق العقل والحكمة أصبح خارج المعادلة تماماً، وأنّ المفتاح الجديد للمنطقة هي الحروب الطائفية والمذهبية والإثنية!
|