ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | توضيح وليس رداً على أحمد راسم النفيس |
علاء اللامي
|
الاخبار اللبنانية |
بالإشارة إلى ما كتبه السيد أحمد راسم النفيس في العدد 3257 في 22 آب 2017، أود توضيح الآتي: ــ إن مقالتي موضوع الرد هي مقدمة أو جزء واحد من دراسة طويلة قسّمتها إلى خمسة مقالات، وقد تنشر في جزأين أو أكثر قريباً في «الأخبار» ومجلة «الآداب».
الدراسة تناقش وتحاول تفنيد مجموعة اتهامات موجهة إلى صلاح الدين الأيوبي ويكررها الإعلام المذهبي الطائفي في العراق وغيره، كالتنازل عن معظم فلسطين في «صلح الرملة» لمصلحة الفرنجة الصليبيين والتعامل الخياني لمصلحتهم خلال الحرب، وإحراق مكتبة القاهرة الفاطمية، والإبادة والمجازر بحق الشيعة الفاطميين في مصر والشيعة غير الفاطميين في بلاد الشام وممارسة العزل الجنسي ضد الأسرة الفاطمية والمسؤولية عن بدء الاستيطان اليهودي في فلسطين يوم لم تكن فلسطين كياناً «جغراسياسياً» قائماً آنذاك، بل كانت جزءاً من بلاد الشام… إلخ. ــ لم يردّ الكاتب على الأمثلة التي ذكرتها في المقالة للهجاء المذهبي الموجه إلى صلاح الدين الأيوبي ويناقشها بروية أو حتى من دون روية، ومنها مساواة الأيوبي بحكام مستبدين معاصرين واتهامه بتنفيذ مؤامرة طائفية سرية مع الخليفة العباسي وحاكم دمشق نور الدين محمود الزنكي. ــ الكاتب يعتبر الانحياز القيمي المعلن إلى صلاح الدين يعني بالضرورة (نهجاً انفعالياً لا موضوعياً) من دون أن يكلف نفسه عناء قراءة النص وينقده كنص، وليس كنيّات وقيم شخصية لكاتبه، وهذا ناتج من خلط الكاتب بين النص التاريخي المنجز والمستقل كنص وكاتبه كذات منحازة؛ بمعنى: لتكن يسارياً أو يمينياً، مؤيداً أو معادياً لإسرائيل، ولكن ما يهمّ الناقد والقارئ هو نصك الذي أنجزته وقدمته. لنوضح الأمر بهذا السؤال: هل يمنعني انحيازي إلى شعب فلسطين اليوم من تقديم نص موضوعي حول الحركة الصهيونية ودولتها العدوانية العنصرية، أم أن ما يقرر قيمة النص الفعلية هو النص المكتوب نفسه بما يحمله من مضامين وأدلة وحجج وبراهين؟ ــ كان مؤسفاً ورود بعض التقييمات التي تنطوي على نزوع عنصري مرفوض إنسانياً في رد الكاتب لأنها تكرر اتهامات عنصرية وذاتية سلبية وحاطَّة من كرامة الإنسان كـ«سوء أخلاق وطباع العبيد» لأنهم عبيد، في معرض كلام الكاتب عن حكام مصر والشام من المماليك، وخصوصاً في قوله (حكم العبيد المماليك المجلوبين من شتى بقاع الأرض ومعهم آفاتهم الأخلاقية والذين وصفهم المقريزي في «الخطط» بأنهم «أزنى من قردة وألص من ذئب وأفسد من فأر»). فهل يدخل هذا التمييز والازدراء العنصري المقيت ضمن الكتابة التاريخية والدفاع عن الدولة الفاطمية التي لها ما لها من منجزات حضارية كبيرة وعليها ما عليها من سيئات الدول والممالك الاستبدادية القديمة، الإسلامية وغير الإسلامية، والتي سادت ثم بادت؟ |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | موسم تبديل الأقنعة في العراق
|
فاروق يوسف
|
العرب |
صنع رجال الدين ومن التف حولهم من السياسيين قاعدة راسخة لسلوك سياسي ماكر في نفعيته، مراوغ في لغته، متلون في أهدافه بحيث ضاقت المسافة بين الإخواني والشيوعي، بين المحافظ والليبرالي، بين الطائفي والمتحرر من الطائفية.
غالبا ما يراهن سياسيو العالم العربي على النسيان. الشعوب تنسى ما جرى لها بفعل تراكم الكوارث، بعضها فوق بعض وفي وقت قياسي.
ذلك الرهان المؤسف صار واضحا في عراق ما بعد العام 2003 بطريقة تدعو إلى الاستغراب لما تنطوي عليه من استخفاف بالشعب وسخرية من قدراته العقلية وتقديراته الإنسانية.
من المعروف أن العملية السياسية التي نسج خيوطها المحتل الأميركي، قد قامت بالأساس على مبدأ المحاصصة الطائفية بين الأحزاب والكتل التي أعلنت عن ولائها للاحتلال رافعة شعار التغيير.
منذ بدء تلك العملية السياسية وحتى اليوم لم تتغير وجوه أفراد الطاقم الأساسي. غير أنهم كانوا يغيرون أقنعتهم كما لو أنهم في حفلة تنكرية تقام كل أربع سنوات في موسم الانتخابات الذي يسبقه موسم تبديل الأقنعة.
لقد صار وجود أولئك السياسيين لازمة حياة في المشهد السياسي العراقي. فهم يتنافسون في ما بينهم على عدد المقاعد التي تحصل عليها كتلهم وأحزابهم في مجلس النواب، وما من أحد ينافسهم. يكاد الأمر يكون شبيها بحفلة عائلية مغلقة يقتصر الحضور فيها على أفراد بعينهم.
وفقا لذلك الوصف الواقعي فإن الشعب العراقي يؤدي في ما صار يسمى باللعبة الديمقراطية دور شاهد زور، لن يكون المطلوب منه سوى أن يُذيّل نتائج التسويات التي ينتهي إليها الأخوة الأعداء بتوقيعه.
لقد صار متعارفا عليه أنه ليس مطلوبا من الأحزاب والكتل السياسية أن تكون لها مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
فالعراق الذي هدمته الحروب وأخرجته من لائحة الدول الحية سيبقى على حاله بغـض النظر عـن الجهة التي تحكمه. وبما أن الشعب العراقي، من دون كل شعوب الأرض، قد تماهى مع نظرية “المغلوب على أمره” فإنه لا يرى في مكانته السلبية في العملية السياسية نوعا من الانتقاص من قيمته.
المشكلة تكمن في أن ذلك الشعب لا يؤمن بقيمة ما يمكن أن يقوم به اعتراضا واحتجاجا بذريعة أن لا فائدة من القيام بذلك.
وكما يبدو فإن السياسيين يبدلون أقنعتهم لا خوفا من الشعب واسترضاء له، بل لتسليته واللعب معه من أجل تزيين كل ذلك الخراب الذي لحق بالعراق.
هناك دائما تحالفات جديدة تنقض التحالفات القديمة. ولا أحد في إمكانه أن يميز بين الجديد والقديم. ذلك لأن المفاهيم لتي يجري تداولها قد تم تعويمها بطريقة منحتها الكثير من الليونة والمرونة والسعة.
ما من شيء يمتُّ إلى المبادئ الثابتة بصلة. العراق هو سوق تُباع فيه القيم بأرخص الأسعار. يمكنك أن تقول أي شيء من غير أن تكون مسؤولا عما قلته. لن يحاسبك أحد إلا إذا كنتَ من غير غطاء حزبي.
لقد صنع رجال الدين ومن التف حولهم من السياسيين قاعدة راسخة لسلوك سياسي ماكر في نفعيته، مراوغ في لغته، متلون في أهدافه بحيث ضاقت المسافة بين الإخواني والشيوعي، بين المحافظ والليبرالي، بين الطائفي والمتحرر من الطائفية.
في لحظة تراهم كلهم متشددين في طائفيتهم، عتاة في سلفيتهم، منغلقين على أصولهم الحزبية، وفي لحظة أخرى تراهم كلهم منفتحين على الآخر، عابرين للطوائف، متحررين من كل عقدة حزبية.
لقد اجتهدت الولايات المتحدة في اختيار الدمى التي سلمتها العراق باعتباره مسرحا للعرائس. غير أن اللوم كله سيقع تاريخيا على الشعب العراقي.
لقد ذيل بتوقيعه كل فصول المسرحية العبثية التي جعلت منه شعبا رثا من وجهة نظر سياسييه الذين يعرف أنهم انتقلوا من القاع إلى القمة بضربة ساحر، لا لشيء إلا لأنهم تعاونوا مع المحتل الأميركي، وصاروا أداة طيعة بيد المحتل الإيراني، وحرموا العراقيين من خلال ماكنة فسادهم الهائلة من فرص استثمار ثرواتهم في إعمار بنية بلادهم التحتية، وفي التنمية الحقيقية بعيدا عن المسيرات الجنائزية التي صارت الأحزاب الرجعية والتقدمية (الحزب الشيوعي حصرا) تديرها من أجل محو ما تبقى من العقل العراقي.
لقد غُيب الإنسان العراقي. غيبت حقيقة حبه للحياة فصار جنائزيا. غيبت قرون تعايشه مع المختلف فصار طائفيا منغلقا على فكرته الرثة عن العالم. غيبت حداثته فصارت حفيدات النساء اللواتي سبقن سواهن في العالم العربي إلى ارتداء الميني جيب يتوشحن بالنقاب.
تحت شعار النسيان يبدأ العراقيون في كل مرة دورة جديدة من دورات حياتهم التي صارت تمحو تاريخهم. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | العراق.. الجميلي يهزم نصيف في استجواب باهت
|
هارون محمد | العرب |
مجلس النواب العراقي لعب دورا مخزيا في التستر على فساد الحكومة واختلاسات وزرائها والمسؤولين الكبار فيها، وطبق أعضاؤه ذكورا وإناثا، نظرية ‘شيلني واشيلك’ التي باتت تحكم العلاقة بين النواب والوزراء.
يتداول العراقيون هذه الأيام مقطعا صوتيا انتشر كالنار في الهشيم على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، عنوانه “سهى وأحمد” يتضمن احتجاجا من الأولى على الثاني، وهو ناشط مدني وإعلامي، عرف بانتقاد عمل مجلس النواب وخصوصا عضواته السيدات، وإيراد قصص وروايات موثقة عن نشاطهن السري في عقد الصفقات المشبوهة وحصولهن على عمولات محرمة، وعندما يسأل أحمد المتصلة به ويقول لها “العفو ست سهى، هل أنت نائبة باسم آخر؟” تعنفه الأخيرة وترد عليه بغضب “لا أنا (…..) وأحذرك من زج النائبات بنا، واعتبارهن من صنفنا، لأننا على الأقل لا نسرق ولا نستحوذ على عقود ومقاولات، ولا نملك مكاتب وشركات تستولي على أموال الشباب الفقراء بحجة توظيفهم”.
وسواء كان هذا المقطع حقيقيا أو مختلقا، إلا أنه يعبر بالفعل عن حالات ملموسة، كثير منها علني، يجسد الانحطاط السياسي والأخلاقي في المشهد السياسي العراقي، في ظل حكومة رئيسها يبيع كلاما معسولا ولا يفعل شيئا لوقف الفساد الذي استشرى في البلاد بشكل مروع، وصل إلى هروب محافظين بـ”الغنائم” إلى الخارج، عبر المنافذ الحدودية الحكومية، رغم صدور مذكرات قبض قضائية عليهم مثل محافظ البصرة والقيادي في المجلس الأعلى سابقا وتيار الحكمة حاليا ماجد النصراوي، واختفاء محافظ الأنبار صهيب الراوي عضو المكتب السياسي للحزب الإسلامي الذي رفض المثول أمام المحكمة واكتفى بإرسال شيك إليها، بمليارين وثمانمئة مليون دينار بيد محاميه لتسوية القضية المثارة عليه، واستنكار عضو مجلس شورى حزب الدعوة صلاح عبدالرزاق على توقيف سائقه الخاص المتهم بالاستيلاء على قطع أراض وبيوت سكنية في أحياء راقية بالعاصمة بغداد، قدرت قيمتها المكشوف عنها لحد الآن بثلاثة عشر مليار دينار.
وقد لعب مجلس النواب الذي يقال إنه سلطة تشريعية ورقابية، دورا مخزيا في التستر على فساد الحكومة واختلاسات وزرائها والمسؤولين الكبار فيها، وطبق أعضاؤه ذكورا وإناثا، نظرية “شيلني واشيلك” التي باتت هي التي تحكم العلاقة بين النواب والوزراء، إذا سارت على الوجه المتفق عليه بين الطرفين نجحت، وإذا اختل مسارها ولم يف الوزير أو المسؤول بوعوده، فإن الاستجواب ينتظره، كما حصل لوزير الدفاع السابق خالد العبيدي، الذي تصور أنه قادر على مواجهة من حاول ابتزازه من النواب والنائبات، بكشف تسجيلاتهم الصوتية معه ورسائل الرجاء والاستعطاف منهم، دون أن يدرك أن جبهة القتال ضده كانت صلبة وضمت نوابا شيعة وسنة وأكرادا اجتمعوا على افتـراسه، وهذا لا يعني أنه كان نزيها في عمله وشفافا في أدائه.
ومؤخرا فشل استجواب قدمته صاحبة أكثر استجوابات الوزراء خلال الدورة البرلمانية الحالية النائبة عالية نصيف ضد وزير التجارة بالوكالة سلمان الجميلي، واتهمته باستيراد أرز هندي عفن ومنح وكالات تجارية لبعض الأشخاص مقابل هدايا ورشى، وقيامه بتسليط مرافقه وهو ابن شقيقه بعقد صفقات وإبرام عقود تفتقر إلى الشفافية، دون أن تنتبه إلى أن الجميلي ليس مثل زميله السابق العبيدي الذي ودع وزارته باكيا رغم أنه على حق كما ادعى.
فسلمان الجميلي نموذج آخر يجمع بين الذكاء والحيلة، وله باع في اللعب على التناقضات، وأول شيء فعله لمحاصرتها وعزلها، أنه سرب معلومات أخذت طريقها إلى النشر، تشير إلى أنه رفض منحها إجازة مطحنة غير نظامية، وأن هذا الرفض كان سببا لاستجوابها له، وقد سرت هذه المعلومة وراحت تكبر وتكبر بجهود واتصالات صديق الوزير الحميم النائب السابق حيدر الملا، حتى اقتنع بها حقا أم ادعاء، حتى النواب الذين تضامنوا مع النائبة، قاموا بسحب تواقيعهم لاحقا بعد جلسة أو جلستين مع الملا.
وقد حاولت النائبة عالية نصيف التي جاء بها إياد علاوي لأول مرة كعضو في مجلس النواب عام 2006 ضمن قائمته بعد أن نجحت في تمرير عملية شراء قطعة أرض في منطقة عوينات الكاظمية لصالحه، باعتبارها موظفة سابقة في دوائر التسجيل العقاري، قبل أن تنقلب عليه عقب انتخابات 2010 وترتبط مع ائتلاف نوري المالكي، أن تستخدم شيعيتها في استجواب الوزير الجميلي السني، وسعت إلى اتهامه بأنه يميل إلى السنة في معاملات وزارة التجارة.
ولكن الأخير تمكن بسهولة من تفنيد هذه الاتهامات بالكشوف التي وزعها على النواب وظهر فيها بأن أغلب مسؤولي الوزارة من الشيعة وهم الذين يتولون رئاسة وعضوية لجان التعاقدات والاستيرادات، وأبرز أيضا لائحة بأسماء الشركات والتجار المتعاونين مع الـوزارة وأكثـرهم شيعة ضمنها مؤسسات تابعة للمرجعية الشيعية في النجـف وكربلاء، التي حصلت على إجازات استيراد لحوم ودجاج من البرازيل بلا سقف، وتحديد أسعار بيعها من دون تدخل أجهزة الوزارة المعنية. وقد استعان الوزير أيضا بالنائب السابق حيدر الملا وهو شيعي من البصرة، الذي ظل يداوم في كافيتيريا البرلمان لعدة أيام وتمكن من دحرجة استجواب عالية، التي طالبت بمنعه من الدخول إلى مجلس النواب، ولكنها أخفقت لأن قانون المجلس يسمح لأعضائه السابقين بزيارة مقره ومتابعة رواتبهم التقاعدية وجوازات سفرهم الدبلوماسية وامتيازاتهم الأخرى، ويحظر عليهم المشاركة في جلسات البرلمان فقط.
وانتهى استجواب عالية بالخذلان، لأنه قام على باطل، ونجح الجميلي في الامتحان، ليس لأنه على حق، ولكنه شغل علاقاته وسخر إمكانيات وزارته، وهو الذي فشل في الانتخابات الأخيرة في محافظته الأنبار، ولكنه حصل على وزارتين مهمتين؛ التخطيط أصالة والتجارة وكالة، رغم أنه ليس مخططا اقتصاديا ولا خبيرا في التجارة، ولكن البركة في نظام المحصصات الذي قلب المعايير المهنية والإنسانية في العراق، وجعل “الدلالات” نائبات، والجهلة وزراء، ولطامي المواكب الحسينية ضباط (دمج) برتب عميد ولواء وفريق مع شارة الركن الحمراء. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | متى ينحسر النفوذ الإيراني في العراق؟
|
وحيد عبد المجيد |
الاتحاد الاماراتية |
إشارات إيجابية قادمة من العراق. حفل الشهر الأخير بتطورات مهمة في مواقف بعض القوى السياسية الأساسية. فقد زار السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الرياض ثم أبوظبي، وجاءت الزيارتان بعيد زيارة السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي إلى الرياض في يونيو الماضي، الأمر الذي يدل على وجود اتجاه إلى مراجعة علاقات العراق الإقليمية لتحقيق توازن فيها. وسبق زيارتي الصدر إلى السعودية ودولة الإمارات إعلان عمار الحكيم في 24 يوليو تأسيس تيار الحكمة على أساس المواطنة، ومغادرته «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الذي تولى رئاسته منذ 2009، في خطوة قد تكون بداية تغيير في المعادلات الداخلية التي تحكمت فيها إيران لأكثر من عشر سنوات.
ولعل أهم دلالات هذه الخطوات أنها تعبر عن بداية مسار يمكن أن يقود إلى وضع حد للمنحى التصاعدي للنفوذ الإيراني في العراق. فقد تبنى الحكيم خطاباً وطنياً عراقياً مختلفاً عن التوجه الذي طغى في حزبه السابق، ولم يتمكن من تغييره قبل أن يغادره ويؤسس تياراً جديداً قال عنه إنه «يفتح ذراعيه لكافة العراقيين على اختلاف معتقداتهم».
الرسالة نفسها يمكن قراءتها في المواقف الوطنية التي تبناها الصدر في الفترة الأخيرة عندما أخذ مسافة من إيران وسياساتها، واتجه إلى مخاطبة العراقيين على أساس وطني عابر للطوائف، وأعطى الأولوية لقضية تجمعهم وهي مواجهة الفساد وتحقيق الإصلاح.
وجاءت زيارته إلى السعودية ودولة الإمارات تأكيداً لهذا الاتجاه الذي يرتبط بإدراك التداعيات الخطيرة التي ترتبت على استشراء النزعة المذهبية، وتوسع النفوذ الإيراني، وتعميق الانقسام الاجتماعي والسياسي الذي يهدد وحدة العراق.
وهكذا يشهد العراق تحولات مهمة في مواقف ثلاثة من أبرز قادة «التحالف الوطني» الحاكم الذي يضم القوى الشعبية السياسية الأساسية (العبادي والصدر والحكيم) واتخاذهم مواقف متوازنة داخلياً وإقليمياً.
لكن هذا لا يعني انحساراً سريعاً في نفوذ إيران الذي تراكم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، واستشرى في الساحتين الدينية والثقافية، على مدى أكثر من عشر سنوات، الأمر الذي جعل العراق معبراً لهذا النفوذ إلى بلدان عربية أخرى، وخاصة سوريا في مرحلة اضطراب عميق يسود المنطقة.
اتبعت إيران استراتيجية متكاملة لتوسيع نفوذها في العراق في السنوات التالية لحرب 2003. استغلت الأخطاء القاتلة التي ارتكبها الأميركيون، ووصل بعضها إلى مستوى الخطايا السياسية. وجدت ساحة مفتوحة أمامها بعد حل الجيش العراقي وتسريح جنوده، وتقويض الأجهزة الأمنية والعسكرية وتفكيك أهم المؤسسات المدنية. فقد تجاهل وزير الدفاع حينئذ دونالد رامسفيلد تقارير مراكز تفكير نصحت بحصر التغيير في أركان هذا النظام وقادة جيشه وأجهزته ومؤسساته الأساسية، والمستويات القيادية في حزب البعث، مع إعادة تأهيل أعضائه في المستويات الوسيطة والقاعدية.
واستندت تلك النصائح على تجارب بلدان عدة أثبتت أن التوسع في الاستئصال والإقصاء يخلق بيئة حرب داخلية، وخاصة حين يكون المجتمع منقسماً على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية أو غيرها. ولم يدرك رامسفيلد ورجاله أنهم يقدمون العراق على طبق من ذهب إلى إيران، التي صارت هي المنتصر الوحيد في حرب 2003. وكأن الولايات المتحدة خسرت نحو 4500 من جنودها، وأكثر من تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب فيها، لكي تُقدّم هدية تاريخية إلى إيران.
لذلك كانت مهمة الإيرانيين الذين خططوا للتغلغل في العراق سهلة للغاية. كانت أبواب العراق مفتوحة أمامهم، وأتاح انفجار النزعة المذهبية غطاءً لتغلغلهم. فقد أبقى قمع نظام صدام حسين النزعة المذهبية تحت السطح، إلى أن فجرَّتها تداعيات حرب 2003، فركبتها إيران، وسعت إلى تعميقها لضمان قاعدة واسعة لنفوذها، ودعمت ميليشيات مذهبية ودربتها وسلحتها حتى تعاظم دورها وصارت العقبة الأكبر أمام جهود محاصرة هذا النفوذ الذي يصعب تصور انحساره بشكل فوري أو سريع.
ومن هنا أهمية التطورات التي تحدث في مواقف قادة عراقيين بارزين نحو وضع حد للنزعة المذهبية، واستعادة معنى المواطنة وواقعها. فكلما ازداد الانتماء الوطني، تراجعت النزعة المذهبية المتطرفة، وانحسرت قاعدة النفوذ الإيراني في العراق، وضعفت الأدوات التي تعتمد عليها طهران. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 | «طريبيل» مجدداً
|
عماد عبدالرحمن
|
الراي الاردنية |
ينتظر رجال الاعمال والتجار والمواطنون العراقيون والاردنيون افتتاح معبر طريبيل الحدودي بين البلدين، بعد ان توقف عن العمل بشكل كامل منذ تموز 2015، بعد سيطرة «داعش الارهابية» على الطرق البرية شرقي العراق، علماً ان البلدين تضررا إقتصاديا جراء اغلاق هذا المعبر، الذي كان يمثل شريانا اقتصاديا حيوياّ نشطاً طوال العقود الماضية.
أهمية المعبر تكمن في كونه يمثل عمقا إقتصاديا متبادلا، فالعراق يستفيد من موانئ العقبة من خلال الاستيراد والتصدير، والاردن يستفيد بتصدير منتجاته وتشغيل شاحناته بكلف إقتصادية مجدية، قبل الاغلاق زادت قيمة التبادلات التجارية على مليار دولار أميركي، وبعد الاغلاق تضاعفت كلف النقل والتصدير من الفي دولار الى خمسة الاف للشاحنة الواحدة، وزادت مدة وصول الشاحنات من يومين لعشرة ايام حالياً.
البلدان يبذلان جهودا مكثفة على مختلف المستويات ( سياسياً وامنياً) لإعادة افتتاح المعبر وتأمين الطريق الواصل، خصوصا بعد الانتصارات العراقية التي تحققت ضد التنظيمات الارهابية غرب العراق، هذا الانتصار ينعكس ايجابيا على الاردن ودول المنطقة، حسبما عبر عنه وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني اول امس، بالتالي من الضروري ان تنعكس هذه الانتصارات على حياة المواطنين في المنطقة، خصوصا وانهم عانوا الامرين ولسنوات بعد أن احكمت هذه التنظيمات قبضتها على مناطق شاسعة من العراق وسوريا، وعانى السكان ما عانوه منذ عام 2014.
الأردن، من جهته أبدى جاهزيته الكاملة لتأمين حركة النقل والمعبر من نقطة العبور الى داخل الحدود، والتعاون اللوجستي (الفني والبشري) مع العراق بهذا الخصوص، بإنتظار انتهاء الجانب العراقي من «الاجراءات الامنية الدقيقة « التي يعتزم اتخاذها هناك، قبل افتتاح المعبر رسميا، مطلع ايلول المقبل، بحسب تصريحات من الجانبين.
العراق، أيضا، يكثف إجراءاته لإعادة افتتاح المعبر، وقد أجرى قبل يومين افتتاح تجريبي للمعبر ، لشاحنات انطلقت من بغداد تجاه المعبر، بحسب ما نشرته صحف عراقية امس، خصوصا وان تأمين حركة النقل من المعبر لبغداد يحتاج لجهد مضاعف في ظل الظروف الامنية في العراق، وهي مسألة تتعلق بالسيطرة الامنية التي تحققت بعد تطهير غرب العراق من التنظيمات الارهابية، وحماية الشاحنات والطرق على مدار الساعة، ووأد أية محاولات من شأنها الحاق الضرر بالمسافرين او شاحنات النقل التي ستعيد الحياة لهذا المعبر سواء في المناطق الشرقية للمملكة او مناطق غرب العراق.
إذاً، ملاحظ ان الارادة السياسية والامنية متوفرة بقوة لدى الجانبين، لإعادة إفتتاح «طريبيل»، هذا ما تلمسه من تصريحات المسؤولين من كلا الجانبين، وطبيعة الحراك السياسي والامني بينهما خلال الفترة الاخيرة، وما يبذل من جهود مشتركة لتحقيق ذلك، وقد بذل الطرفان جهوداً وخسرا أرواحاً لإعادة السيطرة على المعبر، ويبقى التصدي لأية محاولات من أي طرف لعرقلة إفتتاح المعبر، مطلوباً أيضا.
|