1 الموصل… النصر المُخيف
توفيق رباحي
القدس العربي
يحق للعراقيين أن يحتفلوا شهورا بلياليها ابتهاجا باستعادة مدينة الموصل من «داعش» بعد قتال مرير ومكلف ومعاناة تَهدُّ الجبال.
يحمل الاحتفال هنا أكثر من وجه، أبرزها أن يكون احتفالا بالانتصار أولاً، ونكاية في الذين رعوا «داعش» وزَجُّوا بالعراق بين فكَّيه. لا شك أن «داعش» مؤامرة إقليمية وربما دولية محبكة (تذكروا كيف خرج في غفلة وأحكم سيطرته على مساحات لا حصر لها في غضون ساعات) سيكون هناك ثكالى لنهايته، كتنظيم على الأقل. والذين يستخسرون في العراقيين فرحتهم بنهايته لا يستطيعون العيش ساعة واحدة تحت حكم عصاباته.
غير ان اللافت هي المواقف المصاحبة للنصر، خصوصا مواقف كبريات وسائل الإعلام العالمية وجماعات «الثينك تانك» في العواصم الغربية، وحتى الحكومات. قليلة هي الحروب في العصر الحديث التي انتهت مشفوعة بمخاوف شديدة كما هو الحال في الموصل. كانت هناك حربَا البلقان ورواندا في منتصف التسعينيات، لكن البلدين والمجتمَعَيْن نجحا في تقليص مخاوف العالم.
لافتٌ أن أغلبية المواقف تجاه الموصل، إقليميا ودوليا، تميل نحو التشاؤم. هناك تحذير من الآتي، وتنبيه تكرر في أكثر من عاصمة ومن جهة إلى أن دحر «داعش» في الموصل لا يعني نهايته.
لا أحد يحسد العراقيين على فرحتهم، بل على كل إنسان سَويٍّ أن يسعد بهذا الإنجاز الذي طال انتظاره وغلا ثمنه. لكن يتحتم الإقرار بشرعية الحذر والخوف عند وضعهما في سياق موضوعي يقوم على ثلاثية متداخلة: كلفة النصر الإنسانية والمادية. الخوف من انتشار روح الانتقام وتصفية الحسابات. انشطار «داعش» وانتشاره إلى خارج العراق. كلفة النصر عالية جداً بكل المقاييس في معركة شُبِّهت في شراستها بمعركة ستالينغراد الروسية خلال الحرب العالمية الثانية.
في هذه المعركة التي بدأت قبل حوالي تسعة أشهر، ولم تنته تماما بعدُ، تداخلت قلة الكفاءة من جانب القوى الأمنية العراقية (وتضارب عمل هذه القوى أحيانا) مع استماتة مقاتلي «داعش»، ناهيك عن صعوبة جغرافيا المعركة ووجود مئات آلاف المدنيين في كمّاشة بين طرفـَي القتال.
ترتّبَ عن هذا خراب هائل وفاتورة محزنة ما تزال مؤقتة. كما أن وقوف العالم متفرجا على ما يدور في الموصل وضع الحكومة العراقية تحت ضغوط هائلة دفعتها إلى إساءة التصرف أحيانا في سعيها لإرضاء كل الناس، داخليا وخارجيا، والعمل على تحقيق أهداف متناقضة في وقت واحد.
ولم يخلُ الأمر من تعطش للانتقام ومن إعدامات بالشبهة، من طرفَيْ القتال، كان المدنيون هم وقوده في الحالتين.
عن هذا يترتب الخوف من اتساع نطاق أعمال الانتقام خارج القانون وتحوّلها إلى خبز يومي. الأخبار القادمة من الموصل غير سارَّة. والخوف مشروع لأنه ينبع من تاريخ العراق القريب، ومن سوابق ونُذر ما قبل النصر، بل ما قبل بدء المعركة حتى. اللغة المستعملة في المعسكر الآخر، الشيعي بصراحة أكثر، والنفَسُ الطائفي الذي ساد منذ البداية عوامل لم تصب في اتجاه طمأنة العالم والخائفين من سكان الموصل. كما أن الشعارات التي كانت ترافق القوى الأمنية العراقية في طريقها إلى المدينة، وتصرفات بعض أفراد هذه القوى، تسببا في الكثير من الخوف من الحاضر والمستقبل. الحياة في الموصل بعد «داعش» لن تكون أبداً مثلما كانت قبله، لأنها ستكون معنونة بجراح يحتاج الشفاء منها إلى معجزات بشرية. لذا، ما لم تتحلَ السلطات العراقية بالكثير من الصرامة في إنفاذ القانون ومنع الانتقام والإساءة والمعايرة، وما لم يتحلَ المجتمع العراقي، بكل مكوناته، بالرصانة والحذر والتسامح، لن تقوم للموصل، بل العراق كله، قائمة. على الأفراد والمجتمع يقع واجب التحلي بالسمو والتسامح، وعلى السلطات وجهات تطبيق القانون تقع مسؤولية تشجيع وصيانة هذه المشاعر الإيجابية. قد تجد الحكومة العراقية نفسها عاجزة عن لجم مشاعر الكراهية وأعمال الانتقام، إما لكثرتها أو لعدم أهلية الجهات المخولة ذلك، أو، وهذا أخطر، لعدم رغبتها في ذلك. هنا يصبح الأمر على عاتق المجتمع الدولي الذي سَيتحتّم على أذرعه الأمنية ومؤسساته القضائية وترسانته القانونية حماية الضحايا الجدد. قد يبدو هذا التحليل من ترف القول من مراقب بعيد. والرد أنه يجب أن يتحقق مهما كانت التضحية والثمن، لأن من دونه لن تكتمل فرحة العراق. ومن دونه يعني انزلاق الموصل نحو فصل جديد من العنف، وعندئذ لن تكون الخسارة للعراق وحده، بل للعالم.
احتمال انشطار «داعش» حدث قبل أوانه وأصبح تحصيل حاصل.
عندما شاهد العالم فظاعات «داعش» راح يترحم على «القاعدة، الشيء الذي يزيد اليوم من مخاوفه لأن انتهاء التنظيم كـ»دولة» في الموصل والرقّة، يعني انتشاره عبر البلدان بكلفة أقل وسهولة أفضل في الحركة، مع أذى أكبر. هناك تجربة «القاعدة» في أفغانستان، التي ما أن أُطيح بحكومة طالبان في أواخر سنة 2001 حتى انتشرت في العديد من البلدان كفكرة وكرجال يعيثون قتلا وتنكيلا.
ناهيك عن أن «داعش» لم يعُدْ كما عرفه الناس، بل أصبح ماركة عالمية عابرة للحدود تتبنى كل أنواع الجرائم وتغطيها.
2 مظلومية السنة بدون لسان
إيلي عبدو
القدس العربي
فاقت عذابات أهل الموصل، قتلاً وتهجيراً وتدميراً، أي احتفاء باستعادة المدينة من سيطرة تنظيم دموي استثمر في مظلومية السكان وخلل علاقتهم مع حكومة الغلبة الشيعية ليستحكم ويتملك زمام السلطة وصولاً إلى إخضاع البيئة الأهلية لقوانينه وشرائعه.
والعذابات، التي أظهرت أخيراً صوراً وفيديوهات كاشفة عن بشر عادوا إلى عصور بدائية لانعدام شروط الحياة من أكل وشرب وملبس، لم تحرّك رأياً عاماً أو مجموعات ضغط، ذاك أن صوت الحرب ضد تنظيم «الدولة» و»الانتصارات» المزعومة عليه تبدّت غطاء حيال ما نتج من مآس. والحرب تلك، وإن امتلكت مشروعية دولية استناداً لهوس «مكافحة الإرهاب» دون مشاريع سياسية، افتقدت إلى بناء صلات مع الأهالي المتروكين راهناً لتنظيم متطرف، وسابقاً لحكومة انتقام طائفي. فبات هؤلاء مشرّعين لاحتمالات الاضطهاد والظلم، بمستويات مختلفة.
فهم ضحايا قسوة تنظيم «الدولة» لأنهم سبق أن كانوا ضحايا الحكومة السابقة، والأخيرة ستتولى، بنسختها الجديدة حشداً ومليشيات وجيوشاً ثأرية الهوى، استكمال دورة العنف ضدهم. وتموضع الجماعة السنية الموصلية بين مضطهديها، بدافع التخلص من ظلم للوقوع في آخر، هو استعراض كاشف لعلاقتها بالقهر الذي يصيبها. فإذا تجبّر واستكبر «خصم» طائفي، استُحضر «التطرف» منقذاً ومخلصاً، في تكرار ممل لمأزق يتواصل استنساخه في سوريا ولبنان ومطارح أخرى في المشرق. ما يعيق تأسيس حساسية لعلاقة الجماعة مع مظلوميتها تؤلف بين الأبعاد الحقوقية والسياسية، سردية لمخاطبة العالم واقناعه بالالتفات نحوها.
والإعاقة لها جذر متصل بالتجارب التاريخية للسنة الذين اعتادوا تلبس أحوال القوة وتمثيلها سياسياً، فيما الضعف فكان اختباراً دائماً لأقليات تبلور حولها، بفعل الأدبيات الغربية، خطاب مظلوماتي يحسن أصحابه استثماره ليس فقط لاستحصال الحقوق وإنما لقضم أخرى ليست لهم.
والسنة الموصليون، وإن سلبت منهم قوة الحكم بسقوط النظام السابق، لا يستسيغون ضعفهم هذا ويترجمونه سياسة وقولا ولغة، بل يستعيدون قوتهم عبر تنظيم متطرف سرعان ما يتبين عدمية الاتكاء عليه.
وحال القوة التاريخية الملتصقة بصورة السنة، تساعد خصومهم على نكران محرقتهم الراهنة. ذاك أن «الأمة» في عرف هؤلاء لا يمكن أن تتعرض للاضطهاد من قبل أقليات متفرقة. وتثبيت الجماعة الأكثرية على صورتها كحاكمة ومتسلطة رغم تهتكها وانهيار شروط صمودها، يرمي إلى كبح إمكانية بروز أي خطاب مظلوماتي يسلط الضوء على التهجير والتغيير الديمغرافي والقتل والقصف والنزوح والاعتقال، في العراق وسوريا ولبنان.
لسان المظلومية السنية، مقطوع من الجماعة نفسها التي توزع مصائرها بين الأقوياء مهما كانت ايديولوجيتهم لاستعادة وهم القوة التاريخية المتمثل بالدولة المركزية. هي تمارس علاجاً نفسياً جماعيا ضد ضعفها بدل اعتماده حالاً وجبت ترجمته في السياسة.
واللسان مقطوع كذلك، من خصوم الأكثرية الذين يغذون صورتها حول نفسها بوصفها «أمة» لا تضعف، مستثمرين بوهمها لتحقيق مزيد من المكاسب على حسابها، دون التحسس لدورات العنف التي لا يذهب ضحيتها السنة فقط، وإنما من يقنعهم بأنهم أقوياء ليزيدهم ضعفاً.
3 اكتشاف أميركي في العراق!
خيرالله خيرالله العرب
هل من استيعاب أميركي لمعنى سقوط العراق في يد إيران وأبعاد ذلك وانعكاساته على التوازن الإقليمي؟ هل يمكن وقف المشروع التوسّعي الإيراني والتدمير الذي يعتمد عليه عند حدود العراق؟
من أطرف ما قرأته أخيرا، تحقيق طويل صدر قبل بضعة أيام في صحيفة “نيويورك تايمز” عن العراق تحت عنوان “إيران تسيطر على العراق بعدما سلمته الولايات المتحدة”. ما هذا السرّ العسكري والسياسي الكبير؟ ما هذا الاكتشاف العظيم لما هو عليه العراق اليوم؟
احتاجت صحيفة أميركية محترمة إلى أربعة عشر عاما لتأكيد ما حصل في التاسع من نيسان – أبريل 2003 يوم سقوط تمثال صدّام حسين في بغداد. لم يكن ذلك سقوطا لنظام فحسب، بل كان أيضا تغييرا لطبيعة بلد بكامله انتقل إلى جرم يدور في الفلك الإيراني.
لم تكن ثمة حاجة إلى كل هذه السنوات من أجل معرفة المصير الذي آل إليه العراق، ومن كان سيخرج منتصرا، بمجرّد اتخاذ الرئيس جورج بوش الابن قراره باجتياح هذا البلد ردّا على أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001.
كان واضحا كلّ الوضوح، قبل دخول الجنود الأميركيين إلى بغداد أن هناك منتصرا واحدا في الحرب التي كلفت الولايات المتحدة نحو أربعة آلاف وخمسمئة قتيل من خيرة أبنائها، وما يزيد على تريليون دولار، أي ألف مليار دولار!
خرج منتصر واحد من الحرب الأميركية على العراق. هذا المنتصر هو إيران التي كانت تنتظر فرصة العمر للانقضاض على البلد الجار. لم تجد من حاجة إلى ذلك بعدما أدت الإدارة الأميركية المهمّة الإيرانية وغيرّت بذلك موازين القوى في الشرق الأوسط تغييرا كليا.
هاجم تنظيم “القاعدة” في ذلك اليوم من العام 2001 نيويورك وواشنطن مستخدما تسعة عشر انتحاريا للقيام بعمليات إرهابية استهدفت، بين ما استهدفته، مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن. ما علاقة العراق والنظام فيه بذلك ليس معروفا إلى الآن.
وجدت الإدارة الأميركية وسيلة لربط النظام العراقي بما يسمّى “أحداث الحادي عشر من سبتمبر”، علما أن عنوان الشخص الذي يقف خلفها كان معروفا. هذا الشخص اسمه أسامة بن لادن المتحالف مع “طالبان” في أفغانستان. في وقت لاحق، قتلت الولايات المتحدة أسامة بن لادن الذي كان مختبئا في باكستان تحت اسم مستعار.
كان منطقيا أن تذهب الولايات المتحدة إلى أفغانستان بحثا عن بن لادن وأفراد تنظيمه الإرهابي وأن تعمل في الوقت ذاته على إقامة نظـام جـديد في هذا البلد بعد فشل كـل المحاولات التي استهدفت الفصل بين زعيم “القاعدة” وزعيم “طالبان” الملا عمر.
ما لم يكن منطقيا هو الذهاب إلى العراق، علما أن نظام صدام حسين كان من الأنظمة التي تحتاج إلى تغيير. ولكن قبل اللجوء إلى القوّة العسكرية للقيام بهذا التغيير، ألم يكن طبيعيا أن تسأل الولايات المتحدة نفسها من سيحكم العراق عند خروج صدّام حسين؟ وما هي النتائج التي ستترتب على مثل هذا الحدث الكبير بكل المقاييس؟
يعطي التحقيق الذي نشرته “نيويورك تايمز” أمثلة كثيرة على مدى التغلغل الإيراني في العراق. لا بضائع في المحلات العراقية غير البضائع الإيرانية.
يفتخر الإيرانيون الذين التقاهم كاتب التحقيق بأن ليس لدى العراق ما يُصدّره لإيران، وبأن لدى إيران الكثير من البضائع تصدرها إلى العراق. رأى الصحافي الأميركي بنفسه محلات عراقية امتلأت رفوفها بكل أنواع المنتجات الإيرانية من ألبان وحليب ودجاج…
رأى ما هو أخطر من ذلك بكثير. رأى في منطقة الحدود الجنوبية للعراق شبانا عراقيين يدخلون إلى الأراضي الإيرانية للخضوع لتدريب عسكري لدى “الحرس الثوري” الإيراني تمهيدا لنقلهم إلى سوريا والقتال إلى جانب القوات التابعة للنظام السوري.
حسنا، هناك كلام في الولايات المتحدة عن السيطرة الإيرانية على العراق. هناك من يستشهد على ذلك بهوشيار زيباري وزير الخارجية، ثم وزير المال العراقي الذي خرج أخيرا من الحكومة العراقية.
ما العمل الآن؟ هل تستسلم الولايات المتحدة لهذا الواقع الذي خلقته بنفسها والذي بات يستند إلى أنّ “الحشد الشعبي” الذي يضمّ ميليشيات مذهبية تابعة لإيران مؤسسة شرعية مثله مثل الجيش العراقي أو قوات الشرطة؟
الأكيد أن ليس في استطاعة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمل الكثير لتغيير الواقع العراقي من داخل البلد. ما تستطيعه هو التفكير في كيفية منع التوسّع الإيراني في المنطقة.
هناك رجل شجاع اسمه الملك عبدالله الثاني حذر منذ ثلاثة عشر عاما، في تشرين الأول – أكتوبر من العام 2004، عبر صحيفة “واشنطن بوست” من “الهلال الشيعي”. تعرض العاهل الأردني بعد قوله هذا الكلام لحملات شعواء من إيران وأدواتها. المفارقة أن الإيرانيين يتحدثون هذه الأيّام عن “البدر الشيعي” وعن ربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق.
ستكشف الأيام والأسابيع المقبلة هل الولايات المتحدة جدية في التعاطي مع الخطر الإيراني، أم ستحتاج إلى أربع عشرة سنة أخرى كي تكتشف معنى وصول “الحشد الشعبي” إلى الحدود العراقية – السورية، ولماذا كل هذا الإصرار الإيراني على أن يكون الخط الذي يربط الأراضي العراقية بالأراضي السورية مفتوحا.
ما حصل في العراق لا يمكن إصلاحه. صار العراق شيئا آخر. زالت الحدود العراقية – الإيرانية من الوجود. قررت الولايات المتحدة تسليم البلد على صحن من فضّة إلى إيران. صارت بلدية النجف تستورد التفاح الإيراني لتقديمه إلى الإيرانيين الذين يزورون المدينة، نعم إلى الإيرانيين الذين يزورن المدينة. هذا ما أكده لـ“نيويورك تايمز” أحد أعضاء مجلس البلدية في مدينة تشرف على جمع النفايات فيها شركة خاصة إيرانية.
ما يمكن إصلاحه الآن هو وقف التوسّع الإيراني إلى ما بعد العراق. لذلك، من المهمّ وضع حدّ للتمدد الإيراني في كلّ الاتجاهات، خصوصا في اتجاه سوريا.
ليست سوريا سوى نقطة ارتكاز إيرانية لمزيد من التدخل في لبنان وتحويله إلى مستعمرة إيرانية، تماما كما حال العراق. ليست الضغوط التي تمارسها إيران من أجل تهجير أهل عرسال، البلدة السنية ذات الأهمية الاستراتيجية على الحدود اللبنانية – السورية، سوى تتمة للجهود الإيرانية الهادفة إلى تكريس وجود ممرّ من العراق إلى سوريا يكون تحت سيطرة طهران والميليشيات التابعة لها والعاملة في الأراضي السورية. تعمل هذه الميليشيات بغطاء جوي روسي أحيانا، ومن دون هذا الغطاء في أحيان أخرى.
عاجلا أم آجلا، هناك سؤال سيطرح نفسه، خصوصا بعد معركة الموصل، التي استخدم فيها “داعش” لتدمير ثاني أكبر مدينة عراقية.
السؤال هل من استيعاب أميركي لمعنى سقوط العراق في يد إيران وأبعاد ذلك وانعكاساته على التوازن الإقليمي؟ هل يمكن وقف المشروع التوسّعي الإيراني والتدمير الذي يعتمد عليه عند حدود العراق؟
4 أين المقاومة العراقية من دورها في التصدي للمشروع الإيراني حامد الكيلاني
العرب
رغم أن الحشد الميليشياوي مدعم بفتوى من مرجعية النجف المذهبية إلا أن الحصاد الطائفي تجمعت بيادره في قم وطهران. إيران تصدره إلى العراق أولا، وإلى دول المنطقة ثانيا.
طفل عراقي بعمر 4 أعوام تم تسجيله بأقرب روضة في ذات الحي الذي تسكنه عائلته في بغداد، أيام معدودة حتى تحول المبنى المجاور للروضة إلى مقر لميليشيات متنفذة سرعان ما أحيط بالحواجز الكونكريتية، ومع مخاوف الأسر على أطفالها حدث ارتباك من احتمالات خرق أمني للمقر؛ المحصلة إغلاق الروضة ونقلها إلى مكان آخر والإبقاء على مقر الميليشيا.
أي أن الميليشيا طردت روضة الأطفال؛ بعبارة أخرى لم تتعايش البراءة ورغبة الأسر في حياة طبيعية لأطفالهم مع العنف والسلاح.
عند الحديث عن الميليشيا في العراق وبتعميم مثالنا عن روضة الأطفال، يكفي أن نشير إلى أنه فقط في الحشد الشعبي ما يقارب من 80 ميليشيا تنتمي لمرجعيات متعددة وإن توحدت في نسيجها الطائفي ولغة خطابها. قادتهم يجاهرون بارتباطهم بولاية الفقيه والتزامهم العقائدي بنهج مرشد الثورة الإسـلامية خامنئي، بل إن إيران تـؤكد أن حشدها أو حرسها هو العمـود الفقري العقائدي للجيش والقوات العراقية النظامية، وذلك أثناء احتفالاتها أو قيادتها الاحتفالات بالنصر على داعش في الموصل.
ورغم أن الحشد الميليشياوي مدّعم بفتوى من مرجعية النجف المذهبية إلا أن الحصاد الطائفي تجمعت بيادره في قم وطهران. إيران تصدّرُه إلى العراق أولا، وإلى دول المنطقة ثانيا. الصادرات تملأ الأسواق والعقول أيضا، المؤشرات الحالية تقول إن إيران تهيمن على العراق ومصيره إلى أن تتغير وقائع النظام السياسي جذريا، وذلك يحتاج إلى تربة صالحة وجديدة بعد زوال الطبقة السياسية وأحزابها وكتلها الحاكمة مع شخوصها منذ الاحتلال في سنة 2003 إلى اليوم.
البديهي أن الأسلحة والتجييش مهما كانت عدتهما وعتادهما لا يمكن أن يقضيا على داعش والتنظيمات الإرهابية وعملياتها وهجوماتها كمجموعات أو كذئاب منفردة عن قطيعها. حديثنا عن مغزى كل القدرات العسكرية بالصنوف المختلفة التي شاركت في الحرب على داعش ودحره في الموصل. فالأرقام عن أعداد قتلى تنظيم داعش مشكوك فيها وتفتقر إلى التوثيق في بيانات يومية وإحصاءات ميدانية، وفي اعتقادنا هي جزء من تبرير لحجم التدمير والموت الجماعي للأسر تحت أنقاض البيوت المستهدفة بالصواريخ والقنابل والقذائف الخاصة بمعارك الجبهات المفتوحة بين الجيوش النظامية، وليس المعارك الخاصة بقتالات المدن.
في معارك الساحل الأيمن من الموصل تم استدراك الخطط العسكرية ومراجعتها لأنها أنتجت حماقات تداولها الإعلام كإبادات راح ضحيتها المئات من الأبرياء المتجمعين في ملاجئ بسيطة داخل محلات الموصل القديمة، بما يعني أن حرب تحرير الموصل من داعش كانت فاشلة في تقييمها لأداء واجباتها العسكرية ونجاحاتها، لأن الأسلحة لم تكن مقيدة، وحتى حجة إطالة أمد الحرب لإنقاذ المدنيين وفتح ممرات آمنة، كلفت أعدادا كبيرة من الضحايا.
كان توجيه القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى المواطنين بالبقاء في بيوتهم أكبر الأثر في موت أعداد كبيرة منهم تحت الركام، وهذا دليل على عشوائية المعركة فكرا وسلاحا.
نهاية داعش في الموصل، وهي نهاية بكل المقاييس لمدينة الموصل، وإعلان النصر والاستعراضات العسكرية في بغداد وغيرها من المدن بما فيها من خروقات وطنية ترتبط بالدعاية للمشروع الإيراني وتصريحه بوسائله ومريديه من ساسة وأحزاب وميليشيات باحتلاله لإرادة العراق وسلطته وسيادته، إنما هي تعبير عن ردة فعل تجاه الحرب العالمية على الإرهاب وتوافقات المصالح الدولية ورؤيتها لمستقبل المنطقة إن في العراق أو سوريا تحديدا.
انتشار السلاح بيد الميليشيات، مع داعش أو من دونه، يقدم لنا صورة عن عراق الحاضر والقادم. ما حصل نموذج مصغر لا علاقة له بفصائل الحشد الطائفي في الحمدانية مثلا، وهي مدينة في سهل نينوى، إذ أقدمت مجموعات ميليشياوية مسيحية على الصراع في ما بينها رغم كل جهود الإعمار المتسارعة فيها لإعادة الأمل وتشجيع أهلها على العودة، إلا أن الميليشيات تصارعت بسلاحها غير المنضبط ولأسباب أحياناً فردية أو مزاجية عدا عن احتمال كونها فرض إرادات وواقع زعامات حرب على المدن.
ما حدث في الحمدانية صورة مصغرة للعلاقة حتى بين أفراد من أقلية دينية عانت الويلات من داعش ومن الانقسام المجتمعي الذي أدى إلى تدمير مدنهم وصروحهم الثقافية والدينية.
لماذا الاقتتال؟ حتما لغياب مشروع الدولة والقانون والنظام السياسي القادر على اغتنام فرصة الاهتمام الدولي بالعراق، وتحقيق مكاسب بعيدة المدى لمـواطنيه باحترافية تتجاوز الغـايات المذهبية والقومية والاصطفافات العقائدية الهدامة لكل جهد وطني يمكن أن ينبثق من أعمـاق حجم المأساة التي تعرض لها العراق.
الحقيقة أن الصراع بين المكونات المذهبية والطائفية نتاج المدرسة الإيرانية لنظام الولي الفقيه ومقلديه الذين استولوا على السلطة بعد الاحتلال، وتركتها لهم غنيمة مطلقة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما؛ رغم التحذيرات المتعددة من رجالات أميركا ذاتها في العراق وعلى رأسهم رايان كروكر السفير الأميركي السابق في العراق الذي وجه عدة رسائل ينبه فيها إدارته لمخاطر ترك العراق إلى إيران، لكن صوته مع أصوات أخرى ضاعت أصداؤها مع لحظة أوباما المتوقفة على إنجاز توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
في المعاهد والجامعات الأمنية المرموقة في العالم درس يختصر الفشل أو النهوض في أي بلد من بلدان العالم ومن ذلك ما يتعلق بمخاطر الأمن على التنمية، وذلك بتشبيه البلدان الفاشلة ببقعة عشب صفراء فقدت قدرتها على الحياة وبدت بالتمدد دون أن تُعالَج إلى كل مساحة العشب الأخضر.
في الدول الناجحة وبعضها نامية فعلا وفيها أمل للتقدم ولو بخطوات تتناسب مع إمكانياتها يحصل العكس، إذ أن بقعة عشب أخضر تتمدد إلى كل مساحة الأرض الجرداء؛ في العراق وفي المنطقة عموما والعالم صار جليا إن النظام الإيراني وأدواته تطرد الحياة وتتمدد على حساب المستقبل لأنها تعمل على طريقة مجاورة مقر ميليشيا لروضة الأطفال.
المنطقة الخضراء في بغداد والتي أصبحت رمزا لعملية سياسية أجهزت على طموحات الشعب العراقي خلال 14 سنة من حكم التحريض الطائفي وإشاعة لون الموت والتفرقة وصراخ الكراهية وخطابات قادة الميليشيات.
من الخطأ الرهان على حكام حزب الدعوة وغيره من الأحزاب الدينية والسياسية ومنطقتهم التي أفسدت الأرض العراقية بما يتوجب معالجته، في تغيير التربة وإزالتها إلى عمق سنوات الاحتلال لمعالجة المرض دون ضياع الوقت بمعالجة الأعراض الجانبية التي تسبب فيها.
التغيير الديمغرافي والحرب الطائفية هما إرادة ولاية الفقيه، مع معادلة الأسلحة الفتاكة والتقليدية، تصل بنا إلى أن الإرهاب إضافة لكونه فكرا متطرفا إلا أنه أيضا وظائف سياسية واستخباراتية وغايات توسعية واستيطانية ومجسات لمناورات لا تنتهي، هدفها زراعة نواة طاردة للاستقرار والتقدم.
الحرب الطائفية بميليشياتها وحرسها الثوري وداعش والفصائل المسلحة، تقابلها حرب ليست مماثلة إنما حرب وجود ومقاومة من أجل البقاء، وهذا ما نحذر منه لأن بوادر انتشار الإرادات الصفراء بين القوى لفرض القوة ستتم ترجمتها إلى قوى جذب مقابلة وواسعة لإرهاب متجدد طابعه طائفي وباطنه اللاجدوى والانتقام.
نقول لا للإهانات والإذلال والعذابات التي جرت وتجري في المخيمات وأماكن الاحتجاز. الموصل حرة وإن أكل الإرهاب بكل صنوفه ثدييها، معاملة الأبرياء والعوائل المنكوبة بالحسنى كمواطنين، صك غفران أو نسيان أو تناس من أجل غد يغفر فيه الجميع لبعضهم، وإلا ماذا تعني التسوية السياسية والمجتمعية مع مفارقة الإنتاج الواسع للإرهاب؟
5
هل سقطت أسوار «الخلافة»؟
يوسف الديني
الشرق الاوسط السعودية
المسألة لم تعد ارتباكاً سياسياً أو تقدير موقف خاطئًا، فإهمال الحرب الفكرية والثقافية على الإرهاب والعنف وخطابات الكراهية عبر استراتيجيات طويلة الأمد يعني شيئاً واحداً، وهو انتصارات عسكرية مؤقتة وإخفاق فكري وثقافي. أو بعبارة أخرى، فما نشهده اليوم هو سقوط «أسوار الخلافة» العسكرية، وبقاء حوائطها الآيديولوجية الصلبة.
إهمال الممانعة الفكرية للخطاب العنفي الشمولي، بنسخه المختلفة من الإسلام السياسي إلى خطابات العنف المسلح إلى منظومات ولاية الفقيه وميليشياتها المسلحة، يعني أن قدر هذه المنطقة هو المفاضلة بين خيارات السيئ والأسوأ، وهو ما نراه جلياً في خطابات التحول من معسكر «داعش» إلى معسكرات الخلافة الآيديولوجية في المنطقة، وما أكثرها.
كانت «داعش» منذ البداية تراهن على خزان الأفكار الراديكالية أكثر من قدرة مقاتليها على إحداث تقدم عسكري كبير، لولا تدخل الأذرع المخابراتية في المنطقة لتتحول «داعش» التنظيم العبثي إلى ورقة سياسية خطرة يقامر بها الجميع على طاولة المنطقة، من النظام الأسدي إلى طموحات تركيا وصولاً إلى نظام ملالي إيران وحتى سياسات المالكي، في ظل إهمال كبير من قبل إدارة أوباما السابقة التي كانت ترى في استهداف رأس «القاعدة» إنجازاً يكفيها لتسترخي على كنبة الشرق الأوسط الجديد مؤملة في تغييرات جيوسياسية كبرى، عبر صيغة مفاهمة جديدة مع إيران وسلاحها النووي، والإسلام السياسي وإعادة تأهيله كبديل للأنظمة المترهلة من وجهة نظرها، في حين أن تقديراتها كانت خاطئة حول العنف الكامن تحت شعارات «الثورة» البراقة، والربيع العربي الذي كان يستبطن مشاريع انقلابية على منطق الدولة ومفهومها، فالشعب آنذاك لم يكن يريد إصلاح النظام بل «إسقاطه»، بما توحيه رمزية الشعار من تجريف لكل مكون سياسي تم بناؤه على علاقته منذ استقلال الدولة العربية القُطرية الحديثة، وأسوارها المنيعة رغم كل الإخفاقات، لكنها بقيت دولة في ظل أن أول تجربة لشكلانية الديمقراطية والانتخابات في الشرق الأوسط الجديد كشفت عن وجه الميليشيات الكالح، والخطابات الشمولية الإقصائية التي تختبئ تحت مفاهيم الثورة، واستخدام ورقة الجماهير الرابحة.
نجاحات تنظيم داعش السابقة، التي وصفها الغربيون قبل غيرهم بالباهرة، لم تكن بسبب إعلان دولة خلافة هشة، وبناء جدران عالية من الأحلام الوردية المستنبتة من مخيال التاريخ المزيّف الذي لا علاقة له بالتاريخ الإسلامي، بل هو مستل بانتهازية من إعادة كتابة التاريخ وفق عيون راديكالية، وعبر منمنمات صنعت على عجل خلال عقود قليلة من كتب الملاحم ونهاية الزمان والمهدوية الجديدة، إن صحت التسمية، وتم رعايتها بشكل سياسي سافر وبراغماتي لهدم مفهوم الدولة، على مستوى الاستقطاب والتمويل والدعاية المجانية وإيقاظ الحلم الراديكالي، ليس فقط في دوائر المؤمنين بالعنف المسلح طريقة للتغيير، بل للقادمين من دهاليز سرية بعد فشل دولة الإسلام السياسي.
يدين المتطرفون للبغدادي بأكبر انتعاش للفكر المسلح المتطرف منذ تأسس تنظيم القاعدة، وحتى تضخمه بعد الاحتلال الأميركي للعراق وصولاً إلى تحول العراق والشام إلى منطقة فوضى خلاقة بالمقاتلين والتنظيمات والأفكار المتطرفة في حدودها القصوى.
والحال أن القاعدة الذهبية لمتوالية الإرهاب المتكررة في المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية هي أنه كلما أخفق مشروع إرهابي استيقظت على أثره مشاريع راديكالية، وانتعشت خطابات تقويضية لمفهوم الدولة لتحل بديلاً عنه، وهو ما نشهده اليوم في هذا الاستقطاب الكبير لخطاب الإسلام السياسي في الدفع بكل أوراقه لدعم رؤى جديدة في المنطقة، كالتي دشنها الرئيس إردوغان في احتفاله بالأمس القريب ضد الانقلاب الفاشل، وهي رؤية شعاراتية حالمة سياسياً مدفوعة بتعثر كبير في الاندماج مع السياسة الدولية، والانكفاء على الذات بنجاحات اقتصادية قائمة على استقطاب رؤوس أموال كبيرة لمناصريه في المنطقة، لكن هذه الاستثمارات كما هو الحال مع تحول قطر إلى إعلام معادٍ في شكل دولة لا يدوم طويلاً لأنه مخالف لمنطق السياسة في مفهومها البسيط، فالعالم اليوم يعيش حالة ما بعد الراديكالية، ليس بسبب نجاح سياسات الدول الكبرى أو المؤسسات الدولية، بقدر أنه جرب الخطابات الشمولية التي لا يمكن أن تنجح في أزمنة العولمة والحداثة وتقنية المعلومات، بل حتى مفهوم الدولة القُطرية يعاني من تصدعات كبيرة في حال أنه لم يتجاوز حالة الانكفاء على الذات نفسها.
تصدعات الإرهاب المنظم الذي كانت تمثله «داعش» و«القاعدة» لا تعني أن العقل العنفي سيعيش عزلة عن السياق الدولي والتوازنات في المنطقة، فهي إضافة إلى استغلال الفراغ الديني العام بسبب خروج الإسلام السياسي من المشهد… تراجع في تأثير القوى الدينية المستقلة، الرسمية منها والعلمية والحركية والمسيّسة، يعني أننا أمام فوضى فكرية كبيرة قد تقود إلى تحويلها إلى عنف فوضوي كبير، عبر العمليات الفردية والضغط الكبير على سياسات الأمن لدول الاستقرار في العالم.
هناك أزمة أصولية كبيرة في المنطقة، حيث تعيش خطاباتها في مأزق وجودي حقيقي بعد خروج منظوماتها الفكرية من المشهد السياسي من بوابة الربيع العربي، رغم بقاء جيوب تحاول إعادة ترميم ذاتها، والاندماج في جسد الدولة، وهي تجربة مثيرة للتحليل والنقاش، في تونس والمغرب أكثر من مواقع أخرى.
حالة الانفصال ما بين النخب الحاكمة وتلك المثقفة، وبين المجتمع العربي والإسلامي الذي انحاز في فترات ماضية نحو فكر الجماعات المسيسة ذات الطابع الإسلاموي بسبب ميله العاطفي والوجداني للتدين، لم تعد قائمة. ومن يراجع الواقع المجتمعي يشهد تحولات كبيرة، رغم بقاء حرارة الدافع الإيماني والديني، وليس في نسخه المسيسة؛ لم يعد سهلاً كما في السابق تدشين خطابات اختطاف للمجتمعات، وتجييرها لصالح أفكار متشددة، وهذا لا يعود لخطابات وقائية ثقافية لا تزال دون المستوى المأمول، بل بسبب تجذر خطاب الحداثة والمدنية اليوم على رافعة تقنية وتعليمية، وانفتاح نحو العولمة بخطى حثيثة، وربما مندفعة في بعض تجلياتها دون ترشيد، ومسؤولية الحكومات والنخب اليوم أكبر لتحويل هذا الدافع إلى خطابات مسؤولة باتجاه قيم الاستقرار والعدل والرفاه، في ظل الاضطراب الفكري والمفاهيمي الكبير الذي نشهده اليوم، فسقوط أسوار الخلافة لا يعني تهشم حوائط الراديكاليات التي لا تزال منيعة وعالية.