تشكلت الثقوب السوداء البدائية خلال المراحل الأولى من تطور الكون، وقد تكون جاذبيتها الهائلة سببا في إحداث الفوضى في الأنظمة النجمية، حيث يمكنهم نقل الطاقة إلى أنظمة نجمية ثنائية، مما يؤدي إلى تعطيل مداراتهم.
وهذا التنمر السماوي من الثقوب السوداء البدائية، قد يؤدي إلى نتائج متطرفة في الأنظمة الثنائية، مثل إخراج نجم واستبداله.
ووثقت ورقة بحثية لباحثين من جامعة أوكلاهوما نشرت على موقع “أرخايف”، هذا السلوك التنمري، وتبحث في الطرق التي قد نتمكن من اكتشافها.
ولفهم ما توصلت له الدراسة، تخيل ملعبا مليئا بأطفال يلعبون، يمثل كل طفل نجما، ويتم إقران بعضهم كأصدقاء (مثل النجوم في الأنظمة الثنائية)، الآن، تخيل أن المتنمر (الثقب الأسود البدائي) يدخل الملعب.
هؤلاء المتنمرون ليسوا مثل الأطفال العاديين الذين أصبحوا متنمرين مع مرور الوقت؛ لقد ولدوا متنمرين منذ البداية، تمامًا مثل الثقوب السوداء البدائية التي تشكلت خلال بداية الكون.
ولم تأت هذه الثقوب من انهيار النجوم الضخمة، مثل معظم الثقوب السوداء التي نعرفها، وبدلاً من ذلك، تشكلت من مناطق في الكون المبكر حيث كان “الملعب” (الفضاء) مزدحما بشكل غير عادي، مما تسبب في انهيار هذه المناطق تحت ثقلها.
وعندما يدخل هذا المتنمر إلى الملعب، يبدأ في إثارة المشاكل بين الأطفال، إما عن طريق (التصلب)، حيث يجعل المتنمر طفلين، كانا يتسكعان للتو، يصبحان أصدقاء أقرب من خلال دفعهما معا (يقرب بين النجوم) أو ( التلطيف)، حيث يشتت المتنمر الطفلين، مما يتسبب في انجرافهما بعيدا عن بعضهما البعض، لكنهما يبقيان أصدقاء (النجوم تتحرك بعيدا عن بعضها البعض ولكنها تظل في المدار).
أو يحدث (الاضطراب)، حيث يسبب المتنمر الكثير من المتاعب لدرجة أن الصديقين ينفصلان ويذهبان في طريقهما المنفصل (تتفكك النجوم ولا تدور حول بعضها البعض)
أما الحالة الثالثة أو (الالتقاط) ينضم المتنمر إلى المجموعة ويصبح صديقًا للطفلين الآخرين (ينضم الثقب الأسود إلى النظام النجمي).
وأخيرا (التبادل)، ويعني قيام المتنمر بطرد أحد الأصدقاء بعيدا وأخذ مكانهم، ويشكل صداقة جديدة مع الطفل المتبقي (يطرد الثقب الأسود نجمة واحدة ويأخذ مكانه في النظام).
ويهتم فريق علماء الفلك بشكل خاص بسيناريو التبادل، ويعتقدون أن هذا قد يؤدي إلى خلق أزواج جديدة من المتنمرين (الثقوب السوداء البدائية) في الملعب، وتشير بعض الأدلة إلى أن هذه الأزواج الجديدة ربما تلعب بالفعل في مجرتنا، درب التبانة.
والآن، مثلما قد يراقب المعلمون الملعب لمعرفة أي الأطفال هم المتنمرون، يحاول علماء الفلك مراقبة هذه التفاعلات في الفضاء.
ومن خلال دراسة كيفية تصرف النجوم في الأنظمة الثنائية، يأملون في اكتشاف علامات وجود ثقب أسود بدائي يسبب المتاعب، وإذا عثروا على هذه العلامات، فإن ذلك سيدعم فكرة أن هؤلاء المتنمرين القدماء ما زالوا يؤثرون على الكون اليوم.
ثقب أسود
أظهرت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) اكتشافاً غير مسبوق لثقب أسود ضخم يتسبب تدفقه بتكوين مسارات من النجوم تبعد مئتي ألف سنة ضوئية عن الأرض.
وتتجاوز كتلة هذا الثقب الأسود حجم الشمس بعشرين مليون مرة، ويتحرك بسرعة قصوى في الفضاء مصطدماً بسحب الغاز التي يصادفها. ونتيجةً لهذا التحرّك القوي، يتحوّل الغاز إلى سلسلة من النجوم، وتمكّن تلسكوب “هابل” الفضائي من رصد هذه المسارات النجمية.
وقال العالم في “جامعة ييل” الأميركية بيتر فان دوكوم، في بيان: “نعتقد أننا نرى نهوضاً خلف الثقب الأسود، حيث يبرد الغاز ويمكن أن يشكّل نجوماً”، مضيفاً: “ما نراه هو مخلّفات. وعلى غرار الأثر الذي تتركه السفينة عندما تتحرّك، نرى هنا أثراً يخلّفه الثقب الأسود”.
ويعتقد الباحثون أنّه يُحتمل أن تكون ارتفعت درجة حرارة الغاز بسبب اصطدام الثقب الأسود به، ثم يبرد بعد مرور الثقب، مما يؤدي إلى ظهور النجوم.
وأشار فان دوكوم إلى أنّ “الغاز يطاله تأثير يفوق سرعة الصوت للثقب الأسود الذي يتحرك بسرعة قصوى”.
“وحش سماوي” لا يشكل خطراً
ويعتقد العلماء أنّ هذا الثقب الذي هو “وحش سماوي”، متأتٍ من مجموعة ضخمة تضم ثلاثة مجرات.
وبحسب نظريتهم، إنّ مجرّتين ربما اندمجت قبل نحو 50 مليون سنة، مما تسبّب في دوران ثقبين أسودين هائلين حول بعضهما.
إلا أنّ مجرة ثالثة لها ثقب أسود خاص بها، اصطدمت بهذه المجموعة، مما أدى إلى إنشاء ثلاثي غير مستقر وفوضوي، أفضى إلى طرد أحد الثقوب السوداء بسرعة هائلة، إذ يمكن للثقب الذي رصده “هابل” أن يقطع المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر في غضون 14 دقيقة فقط.
وأوضح الباحثون الذين توصّلوا إلى هذا الاكتشاف، أنّ الثقب الأسود لا يمثل خطراً على البشرية، إذ إنّ ما اكُتشف حصل في الفضاء منذ زمن بعيد، عندما كان الكون يبلغ نصف عمره الحالي.
أما السبب الكامن وراء رؤية هذه الظاهرة راهناً، فيعود إلى أنّ الضوء استغرق وقتاً طويلاً للوصول إلينا. ولفت فان دوكوم إلى أنّ هذا الاكتشاف حصل بالصدفة.
تلسكوب “هابل”
ومن خلال استخدام تلسكوب “هابل” الفضائي، لاحظ العالِم بيتر فان دوكوم “مساراً صغيراً من النجوم مذهلاً وساطعاً جداً وغير عادي”، وقال: “إنّ ما رأيناه لا يشبه أي ظاهرة كونية رصدناها سابقاً”.
وأوضحت “ناسا” أنّ هذا الثقب الذي لم يُرصد مثله من قبل، قد لا يكون الوحيد في الكون.
ويُفترض أن يوفر تلسكوب “نانسي غريس رومان” الفضائي الجديد، المقرر إطلاقه خلال العقد الراهن، رؤية أوسع للفضاء، وقد يكتشف مزيداً من مسارات النجوم التي تشكل مؤشراً إلى وجود أحد هذه الثقوب العملاقة.
الأرض على موعد مع ظاهرة مذنب الشيطان