اربع مقالات عن العراق بالصحف العربية يوم الاثنين

1 هل نحن مقبلون على حرب خليج جديدة؟

 

د. فيصل القاسم القدس العربي
 

 

من الواضح تماماً أن الشرق الأوسط مقبل على تحولات كبرى قد تبدو الأحداث التي تجري في سوريا والعراق وبقية المناطــــق مجرد مقبلات للوجبة الرئيسية، ألا وهو تحريك المنطقة ضد إيران، أو بالأحرى ضرب دول المنطـــــقة مرة أخــــرى بعضها ببعض كما حدث في بداية ثمانينات القرن الماضي.

لا أدري لماذا ذاكرتنا قصيرة إلى هذا الحد البشع؟ بالأمس القريب وصل الخميني إلى إيران، وراح يدق طبول الحرب فوراً ضد العراق وبقية العرب، فاستغلت أمريكا المزاج العام ودخلت على الخط، هذا إذ لم تكن هي نفسها بالتعاون مع فرنسا وغيرها هم من أوصل الخميني إلى السلطة، وأزاح شاه إيران في ثورة بدت وقتها شعبية تمهيداً لإدخال إيران في حرب مع العراق وحلفائه العرب.

لاحظوا أنه بمجرد نجاح ما يسمى بالثورة الإيرانية في ذلك الوقت اندلعت حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، فنسي الإيرانيون ثورتهم، وراحوا ينخرطون في حرب لم تكن لا على البال ولا على الخاطر قبل وصول الخميني إلى السلطة عام 1979. فلو صدقنا أن الثورة الإيرانية كانت شعبية فعلاً، فهذا يعني أن أمريكا حرفتها عن مسارها فوراً من خلال إدخال إيران في حرب مع جيرانها كي لا تقوم لإيران قائمة وكي لا تحقق الثورة أهدافها الوطنية هذا إذا كانت وطنية فعلاً.

واليوم وبعد أقل من أربعة عقود على اندلاع حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، ها هي طبول الحرب تدق من جديد في المنطقة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السلطة. فجأة تغير المزاج الأمريكي تجاه إيران، واختفت أيام الغزل الأوبامية الإيرانية ليحل محلها التحريض الأمريكي ضد إيران. فجأة صارت إيران في الخطاب السياسي والإعلامي الأمريكي أكبر خطر إرهابي يهدد العالم بعد أن نجحت بالأمس في التقارب مع الأمريكيين من خلال الاتفاق النووي التاريخي بين الغرب وإيران. وما أن ارتفعت اللهجة الأمريكية ضد إيران حتى راح حلفاء أمريكا في المنطقة يرفعون أصواتهم ضد الخطر الإيراني، لا بل إن البعض تقدم خطوات على الخطاب الأمريكي، فراح يدعو إلى زعزعة إيران من الداخل واستغلال التناقضات السياسية والمذهبية والاجتماعية والاقتصادية داخل البلاد لضرب مكونات الشعب الإيراني بعضها ببعض على أمل تفكيك الجمهورية الإسلامية. وفجأة ودون سابق إنذار بدأت بعض وسائل الإعلام العربية تتحدث عن الأحواز وبلوشستان المحتلة، وبدأت تصف الجيش الإيراني في الأحواز وبلوشستان بجيش الاحتلال الفارسي. هذا تطور في غاية الخطورة والأهمية، ولا شك أنه مقدمة لأحداث كبرى قد تضرب المنطقة وربما تعيد تركيبها.

إذا صحت التهديدات الأمريكية لإيران، وبدأ حلفاء أمريكا يعملون على الأرض لزعزعة استقرار إيران من الداخل بهدف تفكيكها، فهذا يعني أن أمريكا كانت قد نصبت فخاً لللإيرانيين عندما أعطتهم الضوء الأخضر للتغلغل في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وسمحت لهم باحتلال أربع عواصم عربية. إذا بدأ المشروع الأمريكي فعلاً باستهداف إيران من خلال حلفائه العرب، فهذا يعني أن أمريكا لم تكن تريد تسليم المنطقة لإيران كما أشيع في السابق، بل كي تستنزفها في حروب خارجية كي يسهل ضربها من الداخل لاحقاً. طبعاً كل هذا الكلام يبقى مجرد تكهنات حتى نرى كيف ستسير الأمور على الأرض قريباً.

لكن السؤال المطروح: لماذا لا ننظر كيف كانت نتيجة حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران؟ ماذا استفاد العرب من تلك الحرب؟ وماذا استفادت إيران؟ لقد تورط العراق والعرب في حرب مدمرة لم يستفد منها غير أمريكا والغرب، وانظروا حال العراق الآن وحال العرب بعد أن استنزفوا أنفسهم في حروب خارجية بغض النظر عمن كان المتسبب بها في المقام الأول، ألا وهو الخميني. لكن المهم في الأمر النتائج، والنتائج كانت كارثية على الجميع. هل ستنجح أمريكا في تفكيك إيران في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يتولى الإشراف عليه سايكس بيكو الأمريكي رالف بيترز؟ هل سينجح هذا المخطط؟ أو لنقل هل أمريكا تنوي فعلاً تفكيك إيران، أم إنها تريد فقط إشغال العرب والإيرانيين بعضهم ببعض كي تبيع السلاح للطرفين كما فعلت من قبل في الثمنينات بين العراق وإيران، حيث كانت تدعم صدام والخميني بالسلاح لاستنزاف بعضهما البعض وتفريغ الخزائن العربية من ملياراتها؟ هل إذا نجحت أمريكا في تفكيك إيران بالتحالف مع العرب سيترك الأمريكيون حلفاءهم العرب موحدين يا ترى، أم أنهم سيتفككون تلقائياً بفعل الحروب؟

2 زهو يسبق الـ “صدمة” العراقية وليد الزبيدي

 

 

 الوطن العمانية
 

اعتقد أن كثيرا من الأحداث قد حصلت في العراق في الأسابيع والأشهر الأولى للغزو والاحتلال الأميركي للعراق، وتنقسم تلك الأحداث والوقائع إلى قسمين احدهما عبارة عن نشاطات وزيارات لمسؤولين أميركيين والثانية لهجمات المقاومين، وهنا تصح القاعدة التي تقول طالما هناك احتلال فإن المقاومة واجبة على أبناء البلد، لكن المشكلة أن الغالبية العظمى من العراقيين لم يسمعوا بالكثير من تلك الأحداث، وهنا نحاول اعطاء صورة عن الذي حصل في تلك الأسابيع والأشهر.

لم يسمع العراقيون ببعض الهجمات التي شنها المقاومون العراقيون خلال الساعات التي سبقت إعلان الرئيس بوش انتهاء العمليات العسكرية، كما أن المقاومين الذين اختاروا طريقهم الجديد، لا يأبهوا للإعلانات الأميركية عن الانتصار، وبينما كان دونالد رامسفيلد يعيش لحظات الزهو عندما وطأت قدماه أرض مطار بغداد، حيث شعر بحلاوة الانتصار، فهو يقف على أرض الرافدين وهو وزير الدفاع الذي انتصر جيشه على العراقيين، وكان قد وقف قبل عشرين عاما من هذا التاريخ في المطار نفسه، عندما زار العراق مبعوثا من قبل الرئيس رونالد ريغان إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، ووصل رامسفيلد هذه المرة إلى بغداد قادما من البصرة، وسار موكبه من المطار الذي يقع على بعد (30 كم غرب بغداد) في طريق طويل يشق احياء العاصمة باتجاه القصور الرئاسية على ضفة نهر دجلة، حيث تتواجد القيادة الأميركية العسكرية والمدنية، وبينما كان يلقي رامسفيلد نظراته على احياء بغداد، فإذا بهجوم مفاجئ يتعرض له موكبه، وجرى تعتيم على ذلك الهجوم، إلا أن قناة (فوكس نيوز الأميركية) التي كان احد مراسليها يرافق رامسفيلد، ذكرت ذلك في سياق نشرة الأخبار، وقال المراسل (إن حافلة في موكب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد تعرضت لإطلاق نيران في طريق مطار بغداد) بتاريخ 30-4-2003.

في تلك الأثناء كانت قوة أميركية قد تعرضت إلى هجوم في مدينة الفلوجة، واعترف الجيش الأميركي بجرح سبعة من جنوده إثر هجوم تعرضوا له في المدينة، وكان سكان وسط الفلوجة قد سمعوا انفجارين في حدود الساعة الواحدة والنصف من مساء يوم الاربعاء (صباح الخميس 30/4/2003) وقال شهود عيان أن اثنين من المقاومين قد تسللا تحت جنح الظلام، رغم وجود الاضواء الكاشفة مستهدفين مقر القوات الأميركية، واعترف الجيش الأميركي بالهجوم الذي شنته المقاومة العراقية، وقال الكابتن فرانك روز نبلات من الفرقة 82 المحمولة جوا المتمركزة في الفلوجة أن شخصين اقتربا من المبنى الذي كان في السابق مقرا لحزب البعث نحو الساعة الواحدة ليلا وألقيا قنبلتين يدويتين من فوق حائط المبنى، ما أدى إلى إصابة سبعة جنود بجروح متوسطة وطفيفة، وأعلن بيان للجيش الأميركي أن الجرحى قد تم نقلهم إلى بغداد وأن خمسة من المصابين يحتاجون إلى رعاية طبية، وكانت القوات الأميركية قد ردت بإطلاق نار كثيف حول المبنى، إلا أن المقاومين تمكنا من الانسحاب دون إصابة أي منهما.

3   القضاء على تنظيم داعش.. أم تفكيك سوريا والعراق؟

 

 نبيل نايلي

 

  الراي اليوم بريطانيا
 

 

” إن الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة وإن دولا مثل سوريا والعراق، لن تستعيد أبداً حدودها السابقة! وإن المنطقة لن تستعيد شعوبها أيضاً”! مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الاستخبارات الأمريكية، جون برينان، John Brennan.

يكتسي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسليح وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سورية الديمقراطية وتكليفها بمهمة استعادة مدينة الرقة من براثن تنظيم داعش، أهمية بالغة ويعتبر خطوة جديدة نحو انشاء “الدولة الكردية المستقلّة” أو “كردستان العظمى” ليضاعف من جراحات هذا الوطن ويثخنها.

وحين يعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الامريكية جيف ديفنز، Jeff Davis، أن الرئيس ترامب “أعطى إذنا للوزارة بتجهيز الميليشيات الكردية بكلّ ما يلزم لتحقيق انتصار واضح على تنظيم داعش في مدينة الرقة”. ويذهب  المتحدث الأمريكي باسم التحالف الدولي العقيد جون دوريان، John Dorian، ليشدّد على أن “قسما من العتاد موجود أصلا في المكان نفسه” بل ويمكن توزيعه “سريعا جدا”. يعني ذلك أن واشنطن قطعت شوطا في تشريح هذا الوطن ومزيد شرخه!

تجدر الإشارة إلى أن الأسلحة التي ستمنح لحليف أمريكا الجديد من الأكراد “دبابات ومدرّعات ومدفعية ثقيلة وجراّفات، وصواريخ مضادّة للدروع، وأسلحة خفيفة”،  في عملية تسليح أقرب منها لتسليح جيوش لا مجرّد ميليشيات في حين ظلّ الجيش العراقي ينتظر أكثر من سنتين يستجدي عتادا لم يظفر به حتى تمكنت دولة التنظيم وسيطرت على ما بات إمارة!

ثم أن “قوات سورية الديمقراطية” الكردية في الإستراتيجية الأمريكية  قد تشكل نواة “جيش” دولة الأكراد الموعودة في خرائط الشرق الجديد الذي تخطط لها الولايات المتحدة تركية.

حديث مزيد الدعم والتعاون العسكري وتسليح الأكراد يأتي فقط مدة بعد توقيع “بروتوكول عسكري” ستقوم بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية ب”إنشاء 5 قواعد عسكرية في إقليم كردستان في اربيل، وتعهّد واشنطن “تدريب وتأهيل ودفع رواتب قوات البشمركة لمدة 10 سنوات”. قواعد عسكرية قيل إنها ستتوزّع على محافظات اربيل ودهوك وإثنان منها في حرير باربيل وواحد في اتروش بدهوك.

يأتي كل هذا في ظلّ تزايد أعداد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يثير فعلا تساؤلات ملحّة  حول الغايات والأبعاد السياسية والعسكرية التي ترسمها واشنطن في العراق وسوريا.

مركز “سورية النظر من الداخل، Insidesyriamc.com” كشف عن وثائق تؤكد إقامة دولة جديدة تحت مسمى “كردستان العظمى”، حيث اتفقت الولايات المتحدة والأكراد السوريون على حدود “حكم ذاتي كردي” ضمن الأراضي السورية سيتم إنشاؤه “عقب الاستيلاء على مدينة الرقة ومدينة الطبقة”. معلومات تؤكد جيّدا “خطط الولايات المتحدة  لتقسيم سوريا وإن الولايات المتحدة “رسمت حدود دولة جديدة كردستان العظمى في سوريا والعراق التي “سيتم إقامتها بعد “الإنهيار النهائي للجمهورية العربية السورية” و”القضاء على داعش”. ذات التنظيم الذي وفّر ويوفّر الذريعة والأداة لرسم خرائط وحدود شرق أوسط جديد بشّر به مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الأستخبارات الأمريكية، الـ «سي آي ايه، CIA» جون برينان، John Brennan، في تصريح، لا مواربة فيه، مفاده أنّ: “الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة”، وأنّ دولا مثل سوريا والعراق، “لن تستعيد أبداً حدودها السابقة”! مشدّدين على إضافة لا تقلّ دلالة ولا خطورة عن نعيهما لدولتين محوريتين، وهي أنّ المنطقة “لن تستعيد شعوبها أيضاً”!

كلاّ لم يتّعظ الأكراد في مهندسي الخراب وهم من دفعوا  فاتورة تحالفاتهم السابقة مع من يعدهم –زيفا- ويوظفهم معولا ومخلبا في خاصرة نازفة على امتداد هذا الوطن المستباح!

أردوغان الغاضب لم يتّعظ هو الآخر فدعم الرئيس ترامب للأكراد السوريين، ومن تعتبرهم خطرا وجوديا عليها، وتسليحهم بدبابات ومدرعات وصواريخ حديثة متطوّرة، واعتمادهم كحليف لـ”تحرير” مدينة الرقة، ومحاولتها  تأسيس ميليشيات تابعة لها على غرار “الفيلق الأول” التابع لفصائل المعارضة السورية المسلحة، لن يهدّد وحدة سوريا والعراق، فحسب، بل سيهدّد وحدة تركيا  نفسها ..الترابية كما الديمغرافية!

ولا يغرنّه مطلقا تصريح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، James Mattis، “الكلب المسعور” -كما يلقّب- الذي أعرب عن ثقته بأنه  لا “يشكّ في أن تركيا والولايات المتحدة ستجدان حلاّ، إذا كرّستا كلّ الاهتمام الضروري لأمن تركيا وأمن حلف شمال الأطلسي والحملة المستمرة ضد تنظيم داعش”، ولا جزمه أن واشنطن “لا تزوّد حزب العمال الكردستاني بالسلاح، وأنها لم تقم بذلك البتة ولن تقوم به أبدا”.

الوعود، في حضور العلاقات الدولية ومصالح الأمم، لا تلزم إلاّ من يصدّقها!

4  هل نحن على أبواب هيمنة استعمارية برؤية جديدة !؟

 

 فارس العاني

 

 

   الراي اليوم بريطانيا
 

كل الدلائل والمعطيات تشير ان  ظهور ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية ً والذي اختصر بعبارة “داعش” لم يكن ظهوره من بناة أفكار مجموعة من الأشخاص من هذا البلد العربي او الإسلامي قرروا في لحظة ما تشكيل هذا التنظيم كردة فعل على انظمتهم  بسبب ممارستها التي لا تتفق وما تفكر به تلك المجموعة، بل كان هذا الظهور المفاجئ قد جرى الإعداد له من قبل أجهزة استخبارية على مستوى عال من السرية وتم  وضع مخطط  مدروس من خلال استغلال المشاكل التي كانت تضرب بالعديد من بلدان عالمنا العربي.

وكانت بداية المخطط العمل على تصعيد  الخلافات بين مكونات المجتمعوتأجيج الطائفية وكانت البداية من العراق الذيعصفت بهالصراعات الدموية بمختلف اشكالها ومسمياتها والتي أعقبت إسقاط نظامه وعندما شعرت الولايات المتحدة انها فقدت السيطرة عليه ( العراق) الى حد مانتيجة انسحاب قواتها منه بقرار من الرئيس السابق أوباماواستغلال ايران هذا الانسحاب وتمدد نفوذها الى اغلب مؤسسات الدولة العراقية العسكرية منها والمدنية وظهور العديد من المليشيات المسلحة التابعة لها مما سهل عليها التواصل مع حليفها الرئيس الأسد الذي تعتبره الولايات المتحدة الامريكية  وحلفائها وفِي مقدمتهم إسرائيل العقبة الرئيسة لطموحاتهم ومخططاتهم في المنطقة ناهيك عن ذلك ارتباط  سوريا الأسد الاستراتيجي بالحليف القديم الجديد روسيا.

في ضوء هذه الحالة فوجئ العالم بظهور ما يسمى بالدولة الإسلامية التي أعلنت نواتها من العراق ومن مدينة الموصل وتنصيب خليفتها ً “أبوبكر البغدادي” وخلال فترة قصيرة تمدد التنظيم الى سوريا واتخذ من مدينة  الرقة مقراً للخلافة الإسلامية المزعومة  ومع بداية تمركز التنظيم على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية  اطلق العديد من المسؤولين الأمريكان تصريحات مفادها ان التنظيم لا يمكن القضاء عليه خلال فترة قصيرة بل قد تستمر لخمسة عشر او عشرين عاماً  وهذا ان دل على شيئ إنما يدل على ان  المخطط كان مدروس بعناية ومن خلاله يمكن  الوصول للاهداف المطلوبة  ويأتي في مقدمتها  إنهاك البلدان التي ظهر فيها هذا التنظيم وحصرها في الاقتتال الداخلي “الحروب الأهلية “!لانها اكثر عنفاً وتدميراً من الحروب التقليدية بين الدول وهي الحالة التي نشاهدها اليوم في العديد من بلدان عالمنا العربي  في كل من العراق وسوريا وتمددها الى ليبيا وهي البلدان التي يمكن ان يقال انها كانت تعترض على سياسة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.

وبسبب هذا الصراع الدائر برزت الاصطفافات المختلفة بين بلدان المنطقة وحلفائها ضضضض وكل منها انحاز الى الطرف الذي يخدم مصالحه  ،أمريكا مدعومةبتركيا وبعض بلدان الخليج العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية وقطر ، التقوا جميعهم  على هدف واحدوهو  إسقاط  الرئيس بشار الأسد ونظامه من خلال دعمهم وتمويلهم للمعارضة المسلحة وبنفس الوقتلمواجهة الحلف الداعم للاسد والذي يتمثل  بايران وحزب الله اللبناني وبعض  المليشيات العراقية وبسبب توسع المواجهة قررت  روسيا بوتن ان تتدخل بثقلها العسكري وخصوصاً بسلاحها الجوي  كطرف في الصراع الدائر وتقوم بقلب ميزان القوة لصالح حليفتها سوريا الأسد بعدما تأكد لها ان الدولة السورية ونظامها أصبح مهدد اًو مصالحها الاستراتيجية في سوريا في خطر خصوصاً ما يتعلق بقاعدتها البحرية الوحيدة  التي تتواجد في البحر المتوسط او ما يطلق عليه بالمياه الدافئة .

لا بد من القول هنا:   من يعتقد ان مايجري في العديد من بلدان منطقتنا بريئة منه القوى الخارجية فهو ساذج ويعيش في الوهم

انه مخطط كارثي بكل ما تعنيه الكلمة أهدافه الاقتتال بين مكونات البلد الواحدوتدمير كل شي بدءاً بتاريخ البلد ومروراً بحاضره وانتهاءاً بمستقبله ومستقبل أجياله والاهم من ذلك كله هجرة اغلب كفاءاته ولكافة الاختصاصات  الى الخارج وتحديداً الى العديد من البلدان التي عملت على صنع وتشجيع هذه الفوضى ” الخلاقة ” التي بشرتنا بها الإدارة الامريكية قبل سنوات .

لكل ماتقدم .. علينا ان لا نغفل او نتجاهل ان  الفوضى والاقتتال الداخلي الذي يضرب بهذا البلد العربي او ذاك تتحمل مسؤوليته الأنظمة الحاكمة ولا يمكن تبرئتها لاسباب عديدة يأتي في مقدمتها انها( الأنظمة)  تجاهلت المتغيرات التي يشهدها العالم بعدما انصب اهتمامها بالدرجة الأساس علىالتمسك بالسلطة وعدم استماعها لمطالبوحقوق الاطراف والقوى التي تعارضها والتي أدت في النهاية الى ضعف وتخلخل الجبهة الداخلية والذي انتهى بالصراع والاقتتال الداخلي بكافة اشكاله مما سهل على القوى الخارجية استغلال هذه الحالة لما يخدم مخططاتها ، والدليل على ذلك كيف نفسر دعوة هذا البلد العربي اوذاك  لجيوش اجنبية بالتواجد في بلدانها بذريعة حمايتها من التنظيمات الاٍرهابية ؟

خلاصة ما تقدم …المنطقة مقبلة على هيمنة استعمارية بثوب ورؤية جديدتين تختلف عن الهيمنة الاستعمارية القديمة لانها اليوم  بطلب من أنظمة وشعوب بسبب ما تواجههة من تدمير وصراعات دموية داخلية غير مسبوقة تم التخطيط لها وتهيئة ظروفها ومستلزماتها مسبقاً وخلف الأبواب المغلقة !!؟؟؟