أعرب وكيل سكرتير الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف عن قلقه إزاء التدهور الأمني في غرب إفريقيا، نتيجة ازدياد نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي وجماعاته في المنطقة.
وقال فورونكوف في اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن تنظيم داعش “لا يزال يمثل تهديدا جديا للسلم والأمن الدوليين”، ولاسيما في غرب إفريقيا والساحل، وهما المنطقتان “الأكثر تضررا من نشاطات داعش والجماعات التابعة له”.
وأشار إلى أن “الوضع في هاتين المنطقتين تدهور خلال الأشهر الستة الماضية وأصبح أكثر تعقيدا، مع صراعات عرقية محلية وإقليمية”.
وأضاف: “تواصل المجموعات التابعة لداعش العمل بمزيد من الاستقلال عن البنية المركزية للتنظيم، ما يثير مخاوف ظهور منطقة واسعة من عدم الاستقرار من مالي إلى حدود نيجيريا”، مشيرا إلى أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صدر هذا الأسبوع.
وتحدث التقرير عن “انقسامات داخلية” في تنظيم “داعش” تجلت في الإعلان المتأخر في عام 2023 عن مقتل زعيمه السابق أبو الحسين الحسيني القرشي ويثير خصوصا إمكانية حدوث تحول في “مركز ثقل البنية المركزية” للتنظيم خارج العراق أو سوريا، وأشار إلى أن الزعيم الجديد أبا حفص الهاشمي القرشي “يمكن أن يستقر في أفغانستان أو على الأرجح في إفريقيا”.
خريطة الإرهاب لعام 2023 في آسيا وإفريقيا
كشفت مؤشّرات الإرهاب لعام 2023 تراجُعا ملحوظا لنشاطه في عدة دول بالشرق الأوسط وإفريقيا، بعد تلقي تنظيماته ضربات موجعة من السلطات، لكنه انتعش في الدول الغارقة في صراعات داخلية وأزمات اقتصادية خانقة.
وتنظيما داعش والقاعدة هما الأبرز على الساحة في هذا العام في تنفيذ الهجمات، بينما جاءت باكستان ودول في منطقة الساحل والصحراء بإفريقيا الأكثر تضررا وتلقّيا لهذه الهجمات، وجاء الصومال والعراق الأكثر نجاحا في هزيمة الجماعات الإرهابية.
“داعش” في العراق وسوريا
في أغسطس 2023، أعلن “داعش” مقتل زعيمه أبو الحسين الحسيني القرشي، خلال اشتباكات في إدلب شمال سوريا.
نفّذ “داعش” في سوريا 336 عملية في شمال سوريا والعاصمة دمشق، قتلت 700 مدني وعسكري.
واجه التنظيم ردعا من السلطات في العراق؛ حيث تم قتل واعتقال 200 إرهابي، بينهم 135 على مستوى قيادي، وفقا لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي.
أكّد عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، ياسر إسكندر وتوت، في تصريحات صحفية، أن “نشاط خلايا داعش تراجَع بنسبة 90 بالمئة خلال النصف الأول من 2023، إلا أن خطر التنظيم لم ينتهِ، إذ إن هناك خلايا مبعثرة”.
الإرهاب في غرب إفريقيا
برزت في غرب إفريقيا هذا العام جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة، وتنظيم “داعش الصحراء الكبرى”، استغلالا للفوضى الأمنية.
زادت “نصرة الإسلام والمسلمين” هجماتها على القوات الحكومية في جاو وتمبكتو في مالي، مع فرض حصار حول تمبكتو في أغسطس.
تمثّل منطقة الساحل (وسط وغرب إفريقيا) 43 بالمئة من وفيات الإرهاب عالميا، وفقا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي، ويتركّز 87 بالمئةمن العنف في بوركينا فاسو ومالي.
أكثر من ثلثي عدد القتلى المبلّغ عنه (14867) بسبب المعارك، وهو أعلى نسبة حدثت خلال العقد الماضي، وفقا لمركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن.
كما عزّز داعش وجوده في المثلث الحدودي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر منذ انسحاب القوات الفرنسية من مالي 2022.
بلغ متوسّط هجمات “نصرة الإسلام والمسلمين” 5 هجمات شهريا بين أكتوبر 2022 وفبراير 2023، وتراجعت إلى 5 في مارس وأبريل مجتمعين، ثم عادت لزيادة الهجمات لتصبح 5 في مايو، خاصة في بنين وتوغو، منها ذبح 15 مدنيا ببنين في 1 مايو.
الإرهاب في القرن الإفريقي
حقّق الجيش الصومالي نجاحات في طرد حركة الشباب الصومالية من مناطق كانت رئيسية للحركة، منها محافظة مدغ بولاية غلمدغ في سبتمبر.
يعد استعداد بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال “أتميس” لاستكمال انسحابها في عام 2024، شهادة على التقدّم الذي أحرزته الحكومة في مكافحة الإرهاب.
في المقابل، زادت حركة الشباب نشاطها في كينيا المجاورة، بالعبوات الناسفة وقطع الرؤوس.
الإرهاب في أفغانستان
في 2023، نفّذ تنظيم “داعش خراسان” في أفغانستان، أحد خصوم حركة طالبان التي تحكم البلاد، هجمات أسفرت عن مقتل 68 شخصا، بينهم 21 من طالبان، وإصابة 215 شخصا، بعضها استهدف وزارة الخارجية ومدينة مزار الشريف.
الإرهاب في باكستان
مرّ عام 2023 ثقيلا على باكستان، بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة والهجمات الإرهابية المتتالية:
في 12 ديسمبر، اقتحم مسلحون بشاحنة ملغومة مركزا للشرطة في إقليم خيبر بختونخوا، مما أسفر عن مقتل 23 جنديا على الأقل، وبعض المهاجمين، وأعلنت حركة الجهاد الباكستانية مسؤوليتها، وهي حركة ظهرت مؤخّرا، وتقول إنها تابعة لحركة طالبان باكستان.
في يناير، فجّر انتحاري نفسه في مسجد داخل مجمع للشرطة في بيشاور؛ ما تسبّب في مقتل أكثر من 80 من رجال الأمن.
فبراير، اقتحم مهاجمون من “طالبان باكستان” مبنى للشرطة في كراتشي، وقُتل 5 أشخاص.
31 يوليو، استهدف تفجير انتحاري تجمّعا لحزب “جمعية علماء الإسلام” في باجور، أودى بحياة أكثر من 50 شخصا، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته.
29 سبتمبر، وخلال احتفالات المولد النبوي في بلوشستان، استهدف تفجير موكبا دينيا خاصا بالاحتفال؛ ما أسفر عن مقتل 58 شخصا، وإصابة 80 آخرين.
حسب تقرير المعهد الباكستاني لدراسات الصراع والأمن، فإن 2023 شهد أعلى معدل للهجمات من عام 2014.
الإرهاب في جنوب شرق آسيا
عمَّ الهدوء جنوب شرق آسيا فيما يخص النشاط الإرهابي هذا العام، حتى فوجئت الفلبين بهجوم إرهابي بعبوة ناسفة على قداس للروم الكاثوليك في مدين ماراوي، يوم 3 ديسمبر.
وأعلن “داعش”، في بيان على “تلغرام”، مسؤوليته عن الهجوم الذي قتل 4 أشخاص وأصاب 50 آخرين، ووفق وزير الدفاع، فإن الهجوم جاء بعد عملية عسكرية استهدفت جماعات مؤيّدة لداعش جنوب البلاد.
توقعات 2024
يتوقع معهد أبحاث السياسة الخارجية (مقره فيلادلفيا في الولايات المتحدة) أن يظل مركز الإرهاب هو الساحل بإفريقيا في غياب الرادع اللازم واستمرار الاضطرابات الداخلية.
زيادة قوة “داعش” في النيجر ستسمح له بتعزيز علاقاته مع جماعات متطرّفة في نيجيريا وتنفيذ هجمات هناك، وأن تتمدّد جماعة “الإسلام والمسلمين” جنوبا في بنين وتوغو.
كذلك يرجّح المعهد أن تظل حركة الشباب أقوى الجماعات في القرن الإفريقي، وتمثّل تهديدا لكينيا وإثيوبيا والصومال.
قد يشهد مستقبل الإرهاب في الشرق الأوسط تحوّلا، ربما مؤقّتا، من النموذج الذي تهيمن عليه الجماعات السلفية (السنية) إلى الجماعات الشيعية التي ترعاها إيران.
في باكستان، قد تتزايد الهجمات ما لم تستطِع قوات الأمن قمع الجماعات المتطرّفة.