وجّه فؤاد معصوم اليوم الثلاثاء 17/10/2017، كلمة حول التطورات الأخيرة في كركوك والمناطق المتنازع عليها، في ما يلي نصها:
“بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب العراقي الأبي،
أيتها الجماهير الكردستانية الكريمة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
شهدت محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها خلال الساعات الماضية أحداثاً عسكرية وسياسية استثنائية .. إثر قيام القوات الأمنية الأتحادية بإستعادة السيطرة على المواقع الأستراتيجية العسكرية والنفطية والمؤسسات الحكومية الرئيسية في المحافظة.. والتي كان معظمها تحت إشراف قوات البيشمركة طيلة السنوات اللاحقة لتصديها المشهود في حزيران من عام 2014 لعصابات داعش الأجرامية.
ذلك التصدي الشجاع منع الأرهابيين من احتلال كركوك.. رغم تمكنهم من احتلال عدة محافظات أخرى كنينوى وصلاح الدين والأنبار، ومدن مهمة، لاسيما الموصل التي ظلت تحت الأحتلال لأكثر من ثلاث سنوات، قبل تحريرها البطولي مؤخراً ببسالة وتضحيات قواتنا المسلحة بكافة تشكيلاتها من وحدات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات البيشمركة والحشد الشعبي والمتطوعين المدنيين، والتي وقفت صفاً واحداً من أجل الحرية والكرامة واختلطت دماء أفرادها في سوح الوغى دفاعاً عن الوطن والمواطن.
ان إستمرار الاشراف الأمني لقوات البيشمركة على كركوك، لم يكن يتعارض مع الدستور، باعتبارها جزءاً رئيسياً من المنظومة الدفاعية الوطنية العراقية وفق الدستور ومكلفة بدعم القوات العراقية للدفاع عن سيادة وأمن البلاد.. إلى جانب مهمتها الأساسية في حماية إقليم كردستان.
بيد ان اجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق.. أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الأتحادية وحكومة إقليم كردستان.. كما بين القوى السياسية الكردستانية ذاتها، أفضت إلى عودة القوات الأمنية الأتحادية إلى السيطرة المباشرة على كركوك.. دون أن يعني ذلك تغييراً في الطبيعة الدستورية والوظيفية لقوات البيشمركة ومهامها باعتبارها جزءاً من المنظومة الدفاعية الوطنية العراقية.
اننا اذ نهيب بأبناء شعبنا في كركوك احترام سلطة القانون والدولة.. وندعوهم إلى العودة إلى ممارسة أعمالهم وحياتهم الطبيعية.. مع التمسك بضبط النفس في هذه الظروف، نوجه قواتنا الأمنية كافة إلى عدم المساس بحقوق وكرامة أي من أفراد البيشمركة والموظفين والسكان الكرد أو سواهم في كركوك، والعمل على منع أية تجاوزات في هذا الشأن وملاحقة مرتكبيها أياً كانوا، والأسراع بتوفير ضمانات عودة سريعة وكريمة وآمنة للمواطنين الكركوكيين من الذين اضطروا إلى مغادرة بيوتهم بسبب الأعمال العسكرية ومترتباتها.
اننا في ذات الوقت، نشدد على لزوم مضاعفة الجهود من أجل عودة أطراف الخلاف إلى حوار عاجل ومخلص.. لحل المشاكل السياسية والادارية المترتبة عن هذه التطورات.. على أساس التمسك بالدستور والقانون بما يحفظ حقوق الجميع، كما نجدد التنبيه إلى خطورة ترك الخلافات تتفاقم إلى نزاعات أشد وأعمق.. مما سيضر الجميع دون استثناء، فضلاً عن نتائجها المدمرة على مستقبل العراقيين جميعاً.
يا أبناء شعبنا العظيم..
في هذا الظرف وحيث تتباين التصورات والأجتهادات والدعوات.. فإننا من موقعنا وبموجب مسؤوليتنا الدستورية نؤكد وبكل عزم.. على أهمية الألتزام بالدستور كأساس لأية خطوات أو اجراءات وهو ما نحرص على ضمانه باصرار.
اننا ومن هذا المنطلق، بذلنا خلال الفترة المهمة الماضية محاولات مضنية وجهوداً جسيمة، من أجل التوصل إلى حل أو على الأقل تخفيف، للازمة الخطيرة التي اندلعت بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.. بسبب اصرار الأخيرة من طرف واحد على اجراء الاستفتاء.. وقد واجهنا بقوة كافة التحديات والتجاوزات، مؤكدين على تمسكنا الثابت والقوي بأولوية الدستور وبوحدة وسيادة العراق، ومجددين دعواتنا الملحة بضرورة تعميق علاقات الأخوة التاريخية بين مكونات شعبنا.. وتفعيل علاقات النضال المشترك ضد الدكتاتورية والارهاب بين قواه الوطنية.
واننا سنواصل التمسك بتلك المبادئ وهذه القيم بشكل أقوى من أي وقت مضى.. وبضرورة بذل المزيد من الجهود والتضحيات من أجل ازالة المخاوف والشكوك.. وحتى التوصل إلى اتفاقات ضامنة للحقوق والحريات الدستورية.. عبر حوارات صريحة وبناءة تحمي التجربة الديمقراطية للبلاد وتعزز مكاسبها للكرد والعرب والتركمان ولجميع العراقيين دون استثناء أو تمييز. وانطلاقاً من صلب مهامنا ومسؤولياتنا الدستورية أيضاً.. نؤكد ضرورة اصدار التشريعات اللازمة لتعزيز النظام الديمقراطي الاتحادي.. ولضمان مهنية ونزاهة وشفافية العمليات الانتخابية المقبلة.. والتزامها التام بالدستور.. وما يقره من توقيتات.. فضلاً عن ضرورة الالتزام بمبادئ الحوار الديمقراطي وصون الحياة الدستورية ودحر الارهاب.. ووضع مصالح العراقيين كافة فوق أي مصالح اخرى.
وإذ نثمن بتقدير بالغ دعوة سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني إلى الالتزام بالدستور نصاً وروحاً والاحتكام إليه لحل كافة الخلافات الداخلية، نأمل واثقين أن يراعي الجميع كل ذلك.. وأن يسعوا معاً من أجل عمل جاد ومثابر على ضبط النفس.. لأتاحة الجو المناسب لحوار سلمي ديمقراطي ودستوري.. يمضي بالعمل قدماً لتطوير مكاسب النظام الديمقراطي ويحمي وحدة العراق وسيادته.
تحية اجلال لكافة شهداء شعبنا الابي..
لتنتصر إرادة العراقيين بدولة ديمقراطية اتحادية متقدمة وآمنة ومستقرة.
وليحفظ الله العراق وشعبنا بكل مكوناته وأبنائه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.