ألزمت لجنة تحكيم دولية، العراق بدفع تعويض لشركة أجيليتي، الشريك الأساسي لشركة كورك للاتصالات، بنحو 380 مليون دولار أميركي على اثر شكوى تقدمت به الشركة ضد الحكومة العراقية بشأن مصادرة (غير مباشرة) لاستثمارات “أجيليتي” في قطاع الاتصالات هناك، وبمبلغ 380 مليون دولار.
ونقلت مصادر عراقية متخصصة في مجال الاتصالات عن شركة أجيليتي قولها إنها لجأت إلى التحكيم بعد فشل المفاوضات مع السلطات العراقية، في المقابل لجأت شريكتها في ذلك الاستثمار “فرانس تيليكوم” إلى اتخاذ إجراءات منذ 2014، مثل ذكر المشكلة في بياناتها المالية، وأخذ مخصصات مقابلها.
وتساءلت المصادر، لماذا لم تفعل ذلك شركة أجيليتي منذ ذلك الحين؟ خصوصاً أن هيئة الإعلام والاتصالات العراقية أصدرت قراراً في آب 2014 تبلغته السلطات الكويتية الرسمية بعد استفسارها عن القضية، والنص جاء فيه ما يلي:
انعقد مجلس الطعن في هيئة الإعلام والاتصالات بتاريخ 2014/8/18 برئاسة القاضي جعفر محسن الخزرجي، وعضوية جاسم الجبوري وصالح التميمي، وأصدر القرار الآتي:
الطاعن: المدير المفوض لشركة كورك تيليكوم للاتصالات/ إضافة إلى وظيفته.
القرار المطعون فيه: قرار المدير العام لهيئة الإعلام والاتصالات بالعدد ق5332/4 بتاريخ 2014/7/2.
لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن مقدم ضمن المدة القانونية، فقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر في القرار المطعون فيه وجد أنه صحيح وموافق للقانون، حيث تبين أن الطاعم المدير المفوض لشركة كورك تيليكوم للاتصالات المحدودة، وفي طعنه المؤرخ 2014/7/17 يطعن بقرار هيئة الإعلام والاتصالات العدد ق5332/4 في 2014/7/2 والمتضمن إبطال الشراكة بين شركة كورك والشريك الأجنبي فرانس تليكوم/ أجيليتي، وقد أورد الطاعن جملة من الأسباب في حيثيات طعنه.
وقد تبين لمجلس الطعن أن المدير التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات إضافة إلى وظيفته قدم بكتابه العدد 6026 في 2014/8/3 عدة مستندات اعتمدت عليها هيئة الأمناء عند إصدار قرارها المطعون فيه.
ومن ترتيب تلك المستندات المقدمة لمجلس الطعن تبين أن محضر الاجتماع الذي عُقد بتاريخ 2014/4/21 الذي حضره ممثلون عن هيئة الإعلام والاتصالات وممثلون عن طلب الطعن، قد أشار صراحة إلى أن الشركة المطلوبة هي شراكة متعلقة على تحقق شروط واضحة وصريحة، كما نص المحضر المذكور على أنه في حال تخلف أي من الشروط المحددة في المحضر المذكور تعتبر الموافقة على الشراكة باطلة، وكل ما يترتب عليها باطل، ولا يحق لشركة كورك الطعن في قرار إبطالها، حيث تبطل بقرار من الهيئة من دون الحاجة إلى إنذار أو حكم قضائي.
ومن مجمل تلك الحيثيات تأييدا لهذا المجلس أن هيئة الإعلام والاتصالات هي الجهة المختصة في الموافقة أساساً على التفرّغ عن حصص أو عن أسهم في الشركة المرخص لها، وهي الأساس دون غيرها بتحديد أسس الشراكة وشروطها والموافقة عليها أو رفضها، وأن موافقة الهيئة على الشراكة مع الجهة الأجنبية هي موافقة أولية معلقة على تحقق شروط محوه بموجب محضر الاجتماع المؤرخ 2011/4/21 وأن هذه الموافقة تعتبر ملغاة في حال عدم تحقق أي من الشروط المفصلة في المحضر، وحيث إن طالب الطعن ملزم تجاه الهيئة بتحقيق جميع شروط التعليق، ما يجعل من موضوع التثبت في تحقيق شروط التعليق خاضعاً لسلطة ورقابة هيئة الإعلام والاتصالات، بحيث أنه متى ثبت إخلال طالب الطعن من تنفيذ أي من شروط التعليق جاز لهيئة الإعلام والاتصالات إعلان بطلان موافقتها الأولية على الشراكة من دون الحاجة إلى الإنذار المسبق أو مراجعة القضاء، وحيث إن سلطة ورقابة الهيئة في إعلان البطلان لهذه الجهة تكون متطابقة ومتوافقة مع الإطار الذي جرى تحديده بشكل مسبق من قبل الهيئة وطالب الطعن في مرحلة سابقة لصدور الموافقة المبدئية على الشراكة، كما أنها تتفق أيضاً مع المبادئ العامة في القانون المدني العراقي، لا سيما المادة 178 منه التي أجازت الاتفاق على موضوع الفسخ من دون الحاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عن التعاقد أو الاتفاق.
ولهذا فأن صلاحية إعلان إبطال الشراكة الأولية تكون محصورة لهيئة الإعلام والاتصالات دون غيرها، وحيث قد ثبت لمجلس الطعن أن الجهة الأجنبية فرانس تيليكوم/ أجيلتي، لم تلتزم بشروط التعليق والتي بنيت عليها الموافقة المبدئية على الشراكة لأنها لم تقم “أي الجهة الأجنبية” بزيادة رأسمال الشركة بما يوازي مبلغ ثمانمئة مليون دولار أميركي بحيث اقتصر مبدأ الشراكة على قيام الجهة الأجنبية المذكورة بإقراض مبالغ مالية لشركة كورك، الأمر الذي انتفت معه مبادئ وأسس الشراكة الفعلية، كما أنها أي الجهة الاجنبية لم تقم بوضع الخطط الاستثمارية والفنية والمالية والتجارية واستقدام الخبرات اللازمة التي من شأنها تطوير قطاع الاتصالات في العراق، وأنها لم تقم أيضا بتقديم المساعدة الفنية اللازمة لتحسين نوعية الخدمات ومداها وشمولها لكل أنحاء العراق، ولم تقم بتأمين التمويل اللازم لتمكين شركة كورك من الالتزام بتسديد المستحقات المترتبة بذمتها، وحتى أن شركة كورك مدينة لمصلحة الموردين والمجهزين، ولا تتوافر لديها أموال خاصة تبيح لها حتى تسديد هذه الالتزامات، كما أنها أي الجهة الأجنبية لم تلتزم بتوسيع وتطوير خدمات شركة كورك وشبكتها وزيادة حجم المتعاملين معها بشكل يتناسب مع النتائج المرجوة من الشراكة، كما أنها أيضا لم تدرج أسهم الشركة في سوق العراق للأوراق المالية، وحيث إن مقدم الطعن لم يتضمن طعنه ما يؤيد دحض تلك الحيثيات والوقائع أعلاه، مما يجعل موضوع تحقق شروط التعليق أمراً ثابتا وموثقاً، لاسيما أن الهيئة قد منحت لطالب الطعن والجهة الأجنبية مهلة كافية جداً لا تقل عن ثلاثة أشهر بغية تحقيق شروط التعليق دون أن يبادر إلى ذلك، مما يجعل قرار إعلان الإبطال الصادر عن الهيئة صحيحا وموافقا لأحكام القانون رقم 65 لسنة 2004، لذا قرر رد الطعن وتصديق القرار المطعون فيه العدد ق 5332/4 في 2014/7/2 والقاضي بإبطال الشراكة بين شركة كورك والشريك الأجنبي فرانس تيليكوم/ اجيلتي وإيداع القرار إلى المدير التنفيذي للهيئة بغية تنفيذه وصدر القرار بالاتفاق في 2014/8/18.
أسباب بطلان الشراكة
وفقا للوثيقة الرسمية، فأن صلاحية إعلان إبطال الشراكة الأولية تكون محصورة لهيئة الإعلام والاتصالات دون غيرها، وحيث قد ثبت لمجلس الطعن أن الجهة الأجنبية فرانس تيليكوم وشركة أجيليتي لم تلتزما بشروط التعليق والتي بنيت عليها الموافقة المبدئية على الشراكة، فالجهة الأجنبية لم تلتزم بالتالي:
أولا: لم تقدم فرانس تيليكوم وشركة أجيليتي بزيادة رأس المال بما يوازي 800 مليون دولار، حيث اقتصر مبدأ الشراكة على قيام الجهة الأجنبية المذكورة بإقراض مبالغ مالية لشركة كورك للاتصالات، الأمر الذي انتفت معه مبادئ وأسس الشراكة الفعلية.
ثانياً: لم تقم الجهة الأجنبية (فرانس تيليكوم ــ أجيليتي) بوضع الخطط الاستثمارية والفنية والمالية والتجارية واستقدام الخبرات اللازمة التي من شأنها تطوير قطاع الاتصالات في العراق.
ثالثاً: لم تقم الجهة الأجنبية بتقديم المساعدة الفنية اللازمة لتحسين نوعية الخدمات ومداها وشمولها كل أنحاء العراق.
رابعاً: لم تقم بتأمين التمويل اللازم لتمكين شركة كورك من الالتزام بتسديد المستحقات المترتبة بذمتها حتى إن شركة كورك مدينة لمصلحة الموردين والمجهزين، ولا تتوافر لديها أموال خاصة تتيح لها حتى تسديد هذه الالتزامات.
خامساً: الجهة الأجنبية لم تلتزم توسيع وتطوير خدمات شركة كورك وشبكتها وزيادة حجم المتعاملين معها بشكل يتناسب مع النتائج المرجوة من الشراكة.
سادساً: لم تقم الجهة الأجنبية بإدراج أسهم شركة كورك في سوق العراق للأوراق المالية.
وجاء في الوثيقة أن مقدم الطعن لم يتضمن طعنه ما يؤيد دحض تلك الحيثيات والوقائع أعلاه، ما يجعل موضوع تحقق شروط التعليق أمراً ثابتا وموثقا، لا سيما أن الهيئة قد منحت لطالب الطعن والجهة الأجنبية مهلة كافية جدا لا تقل عن ثلاثة أشهر، بغية تحقيق شروط التعليق من دون أن يبادر إلى ذلك، ما يجعل قرار إعلان الإبطال الصادر عن الهيئة صحيحا وموافقا لأحكام القانون رقم 65 لسنة 2004؛ لذا قرر رد الطعن وتصديق القرار المطعون فيه في تاريخ 2014/7/2 والقاضي بإبطال الشراكة بين شركة كورك والشريك الأجنبي فرانس تيليكوم وشركة أجيليتي وإيداع القرار إلى المدير التنفيذي للهيئة، بغية تنفيذه.
مراقبو الحسابات والمساهمين وهيئة أسواق المال لم يحصلوا على معلومات تتعلق بقرار هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، والذي صدر بتاريخ 2014/7/2 وقضى بإبطال الشراكة بين شركة كورك والشريك الأجنبي فرانس تيليكوم وشركة أجيليتي.
وتعود شراكة فرانس تيليكوم وأجيليتي
في عام 2000، أسس ابن أخت رئيس اقليم كردستان، شركة كورك العراق، وفي عام 2011 قامت فرانس تيليكوم وشركة أجيليتي بالاستحواذ على %44 من أسهم شركة كورك، وكان نصيب شركة أجيليتي من هذه الحصة %54، وشركة فرانس تيليكوم (أورانج) نحو %46، وبلغت قيمة مساهمة الطرفين نحو 500 مليون دولار، وقام الطرفان بإقراض شركة كورك العراق نحو 400 مليون دولار.
ونظراً لعدم التزام فرانس تيليكوم وأجيليتي بنصوص الاتفاق، فقد قامت هيئة الإعلام والاتصالات بإبطال الشراكة في شركة كورك العراق بتاريخ 2014/7/2، الأمر الذي دفع شركة فرانس تيليكوم بأخذ مخصصات بقيمة 178 مليون يورو، وأقرت في ميزانيتها لعام 2014 بأن أحد الأسباب الأساسية لهذه المخصصات القضايا المتعلّقة مع هيئة الإعلام والاتصالات العراقية بإبطال الشراكة في شركة كورك العراق بتاريخ 2014/7/2. أما شركة أجيليتي وفقاً لميزانيتها لعام 2014 كما 2015، فلم تأخذ مخصصات ولم تتوافر البيانات الكافية لمدققي الحسابات بشأن قرارات هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، وبعد مرور أكثر من عامين ونصف قررت شركة أجيليتي الإفصاح عن هذه القضايا، ولم تعلن قرار المحكمة في العراق الذي اتخذ في 2016/1/25 بعدم اختصاصها النظر في الموضوع، باعتبار أنه من صلب أعمال هيئة الاتصالات العراقية.
وتساءلت المصادر المحاسبية والرقابية عن مدى الشفافية التي التزمت بها شركة أجيليتي، ولماذا لم تفصح للمساهمين وهيئة الأسواق عن تفاصيل القضية منذ نشأتها؟