خلال الساعات الماضية، عاد اسم أسامة بن لادن على الساحة العالمية وتحديدًا الأمريكية من جديد، عودة بن لادن جاءت بسبب رسالة كتبها قبل نحو 22 عامًا أثارت موجة من ردود الفعل القوية بين المستخدمين، وخاصة الشباب الأمريكي، بعدما تم ربطها لما يحدث حاليا من العدوان على غزة
الوثيقة المكونة من صفحتين، والمكتوبة عام 2002، عاد تداولها حاليا لتكون بمثابة جدل ضد الولايات المتحدة، حيث تتحدث الرسالة عن سبب الهجمات التي حدثت في سبتمبر والتي دبرها مؤسس القاعدة.
بالرغم من مرور عقدين من الزمن على كتابة الرسالة لأول مرة، لكنها عادت لتجد جمهورًا جمهورًا جديدًا على تيك توك، حيث أعرب بعض المستخدمين عن صدمتهم، بل ووصل الحال ببعضهم على موافقتهم على وجهة نظر بن لادن وأنه كان على حق، حسبما أعلنت واشنطن بوست في تقرير لها.
وفي الرسالة وجه بن لادن اتهامات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما فيما يتعلق بدعمها لإسرائيل والقمع المتصور للفلسطينيين، بل وألقى باللوم على أمريكا في تمويل الإجراءات التي تؤدي إلى معاناة المسلمين في أفغانستان وفلسطين، مبررًا أن الهجمات على المدنيين الأمريكيين كشكل من أشكال الانتقام.
ووفق موقع “سي إن بي سي” الأمريكي بدأ العديد من مستخدمي تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة تداول الرسالة القديمة لزعيم تنظيم القاعدة، بشكل مكثف، خلال اليومين الماضيين، بل إن الكثير ممن تداولوا الرسالة دعموا بعض الآراء الواردة فيها والتي تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وجاء في الرسالة التي كتبها بن لادن عام 2002، إن أمريكا أنشأت إسرائيل وتدعمها بشكل مستمر، وهذا ظلم كبير، لذا فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية لاعب رئيسي في هذا الظلم، وكل الذين ساهموا في هذا العمل سيتحمّلون مسؤولية كبيرة، ويجب أن يواجهوا عواقب جديّة.
وقال بن لادن أيضًا في رسالته، إن فلسطين تحت الاحتلال منذ عقود، ولم يتحدث عنها أي من رؤساء أمريكا إلا بعد 11 سبتمبر، عندما أدرك بوش أن اضطهاد أمريكا واستبدادها ضد فلسطين وأفغانستان كان جزءًا من سبب الهجوم. لذا على أمريكا تنفيذ خارطة طريق تعيد أرض فلسطين إلى أهلها جميعها، من البحر إلى النهر؛ هي أرض إسلامية لا يجوز الإتجار بها أو منحها لأي طرف.
الرسالة التي نشرت على موقع الجارديان قبل 22 عامًا، بعدما تم تداولها من جديد صدر قرار من الصحيفة بإزالتها يوم الـ15 من نوفمبر، ما أثار جدلاً واسعاً، ما دفع المتحدث باسم الصحيفة، للتعليق لموقع ديلي بيست، قائلًا، إن “النص المنشور على موقعنا قبل 20 عاماً تمت مشاركته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي خارج سياقه الأصلي”.
كيف انتشرت رسالة بن لادن من أنفلونسر أمريكية؟
شهد مجتمع الشباب الأمريكي، على منصة TikTok، موجة جدل واسعة حول رسالة قديمة نشرت منذ عقدين لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والتي أعيد نشرها تزامنا، مع تزايد المساعدات العسكرية الأمريكية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة، والذي كان أحد أهم المحاور التي تناولتها رسالة بن لادن.
وتستعرض “الشروق”، مراحل الانتشار الواسع لرسالة بن لادن في يومين فقط على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقا لمجلة فوربز، بلغ عدد مشاهدات وسم رسالة للولايات المتحدة لـ12 مليونا، حيث شهد الوسم تصاعدا في المشاهدات بـ6 مرات خلال يومين فقط.
وذكرت صحيفة نيوز ويك، أن آلاف المقاطع، تم نشرها تعليقا على الرسالة، وإن عددا منها تخطت مشاهداته حاجز المليون.
وبدأ تداول الرسالة عبر TikTok، من مؤثرة أمريكية، في عمر 12 سنة، تدعى (لينيت آدكنز)، والتي يتابعها 13 مليونا.
نشرت آدكنز رابط لرسالة بن لادن، التي يعدد فيها مبررات استهداف القاعدة للولايات المتحدة، وكان الرابط لصحيفة الجارديان البريطانية.
ودعت آدكنز المتابعين في مقطع مصور، لقراءة الرسالة التي ستغير تفكيرهم تماما، وقد حظي المقطع بأكثر من 7 ملايين مشاهدة.
ونشرت آدكنز لاحقا روابط لـ3 أفلام وثائقية متعلقة بنظريات تآمر الحكومة الأمريكية حول حادثة 11 سبتمبر.
فيما علق المتحدث الرسمي لـ TikTok، عبر حسابه على منصة (X)، (تويتر سابقا)، بأن التفاعل على الوسم قليل، مشيرا إلى أن قصر المقاطع قد يوهم بكثرة التفاعلات.
وفي ردة فعل لها على انتشار الرابط الخاص بها لترجمة الرسالة، حذفت الجارديان، الرسالة، ووضعت بدلا منها رابط لمحتوى خبري يلخص الرسالة بعد التنقيح، حيث تبقى الرسالة الأصلية كاملة على الرابط الأرشيفي لصحيفة الجارديان.
لماذا حذفت الغارديان نص رسالة بن لادن إلى أميركا؟ وما علاقة ذلك بالعدوان الإسرائيلي على غزة؟
أكثر من 20 عاما مضت منذ نشر أسامة بن لادن، الزعيم الأسبق لتنظيم القاعدة، خطابه «رسالة إلى أميركا» التي فسر فيها أسباب الهجوم على برجي التجارة الشهيرين بنيويورك في الواقعة الشهيرة المعروفة باسم هجوم 11 سبتمبر.
ورغم انقضاء كل تلك السنوات، إلا أن رسالة أسامة بن لادن إلى أميركا، انبعثت مجددا، وعادت إلى حياة، من خلال منبر تيك توك، الذي أعاد رواده تداول الرسالة على نطاق واسع، بفضل الأحداث المدوية في غزة والعدوان الإسرائيلي الوحشي على القطاع المحاصر.
وكان من بين ما قاله بن لادن في رسالته تلك، إن أميركا، تدعم إسرائيل وهي من أسستها، ووصف ذلك بالظلم.
الغارديان.. تمارس حرية الصحافة في «الحذف»
وبسبب الانتشار الواسع للرسالة، والتي جرى تداولها على نطاق واسع، قام الموقع الإلكتروني لصحيفة الغارديان البريطانية بحذف الرسالة التي يعود تاريخ نشرها إلى نوفمبر 2002.
وقال متحدث باسم صحيفة الغارديان لصحيفة ديلي بيست في رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الأربعاء: «إن النص المنشور على موقعنا قبل 20 عامًا جرت مشاركته على نطاق واسع اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي دون سياقه الأصلي».
الحذف يسهم في انتشار الرسالة
وكما جرت العادة وفق منطق «الممنوع مرغوب»، أدى حذف الغارديان لرسالة بن لادن إلى انتشارها على نطاق أوسع، إذ سجل جندي أميركي سابق مقطع فيديو بينما يقوم بقراءة الرسالة كاملة.
ويبدو أن قطاعا من الأميركيين بدؤوا في مراجعة ما كانوا يتعاملون معه بوصفه «ثوابت»، إذ أدى انبعاث تلك الرسالة من تحت غبار النسيان، وربطها بالظرف التاريخي الراهن المتمثل في الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة واستهداف المدنيين وما وراء ذلك من دعم أميركي غير مشروط للإسرائيليين إلى جعل قطاع من الأميركيين يعيدون قراءة الحاضر في ضوء رسالة بن لادن إلى أميركا.
وتجدر الإشارة إلى أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة قد ارتفعت إلى 11451 شهيدا ونحو 31700 جريح، بحسب آخر تصريح من وزارة الصحة بغزة.