1 | أشرطة صدام.. هزيمة الغرور والأوهام
|
عبدالله بشارة
|
القبس الكويتية |
قضيت إجازة الفطر السعيد في قراءة كتاب «أشرطة تسجيل صدام حسين» منشورات الجمل في بيروت، ترجمة علي عبدالأمير صالح، سجل كامل عن الأعمال السرية لنظام استبدادي (1978 – 2001) قام بجمعها السيد كيفن أم وودز- Kevin Woods، أحضرت العربية من بيروت، وأحضرت النسخة الإنكليزية (The Tapes of Saddam Hussien) من لندن، وهي جزء من الأرشيف السري الذي نقله الجيش الأميركي بكميات ضخمة وأودعها جامعة ستانفورد Stanford، في لوس أنجلوس، تحت ضوابط معقدة، سمحت للمؤلف بنقلها إلى الإنكليزية، كانت أصلاً باللغة العربية، وحافظ المترجم العربي على النص والروح، بما فيها اللهجة العراقية. قرأت النسختين، وفيهما كنز ثمين يلخص نظام حكم صدام حسين بالهمجية والخداع والكذب والغرور الطاغي، حتى أنه قارن نفسه بحمورابي وبنبوخذ نصر، ويهدف من التسجيلات توثيق عظمته، وكان يخطط في اجتماعاته مع حزب البعث والضباط المقربين لتوحيد العراق وسوريا والأردن، وتشكيل جيش موحّد يقوده شخصياً لتحرير القدس ينطلق من هضبة الجولان، كان ذلك في فترة الثمانينات، خلال الحرب العراقية – الإيرانية، ويتحدث قائلاً «إن حلم العرب يتحقق عندما يكون العمود الرئيسي للخيمة العربية مغروساً في بغداد، ويحميها قائد بطولي من طراز صلاح الدين، أو نبوخذ نصر، أو حمورابي». ما يهمني اطلاع الكويتيين وغيرهم من العرب على مستوى القيادة التي تتولى شأنهم. والكتاب ينقسم إلى فصول مختلفة، الحرب مع إيران، العلاقات الأميركية – العراقية، الغزو، وفي الفصل الأخير احتلال العراق، وسأكتفي بما يهم الكويت. وصف صدام «عرب الخليج» بشتى النعوت التي نتجنب ذكرها. وفي السابع من أغسطس 1990، تحدث صدام في اجتماع مجلس الثورة قائلاً «إنني أعرف المجتمع الكويتي، وأعرف أي نوع من الفساد والرفاهية يعيش فيها هذا المجتمع». ويضيف «نحن نحتاج إلى طرف يزوّد شبابهم بالهيرويين». ويردد صدام هذا العلاج في اجتماعات لاحقة حول مصير الكويت، في تأكيد على ضرورة القضاء على روح المقاومة والرفض للتبعية العراقية بواسطة إغراق البلد بالهيرويين والعقاقير. كانت اجتماعات مجلس قيادة الثورة في الأسبوع الأول من الغزو يتسيدها التوتر وغياب خطة واضحة، حيث يردد صدام ماذا نعمل بالكويت، وتختلف الآراء عن الضم، أو الفدرالية، لأن فكر القيادة مشوش، ويصر صدام حسين على الهجوم على السفارات الأوروبية في الكويت بحثاً عن شخصيات مهمة مثل جابر الأحمد الصباح، والشيخ سعد العبدالله، وحتى عن أبو إياد الفلسطيني المعارض للغزو. ويدور النقاش عن الحكومة المؤقتة مع اقتراح بأن يرأسها مواطن كويتي الذي يسميه صدام بالرفيق.. ويعطي صدام أمره بالبحث عنه، حيث سيتولى الوزارة ويختار العناصر الوطنية الموحّدة، ولم يكن صدام عارفاً بحجم وطنية المرحوم الشهيد الذي ذكر اسمه، ابن الأسرة الكويتية العريقة، حيث رفض وقاوم، ولم يبال بالعقاب. في اجتماع عقد في 23 فبراير 1991، بعد انهيار الجيش العراقي وتشرذمه، يقدم صدام اقتراحاً لإقامة تعاون مع قوى كويتية إسلامية وقومية لإقامة حكم ديموقراطي في الكويت – يعني إبعاد الشرعية التاريخية – فيؤيد مجلس الثورة الاقتراح، ولكن جاء هذا الكلام مع انهيار الجيش العراقي، فتصدر قرارات منه بسحب القوات وإزالة دعايات صدام من شوارع الكويت، ويتصاعد اليأس في هذا الاجتماع، حيث اقترح أحد الأعضاء اغتيال أمير الكويت عند عودته إلى وطنه، فيتم نقاش عن الكيفية، ويقترح آخر أن يقوم أبو العباس قائد الجبهة العربية لتحرير فلسطين بالمهمة، فيرد صدام بأنه لم يقم بدور بارز يدعم الاحتلال، مع الاعتراف بمساندته في الغزو، ولكن اليأس والضياع كانا العنصرين المؤثرين رغم أن صدام يتحرق لتحقيق ضربة تصيب الشعب الكويتي في معنوياته مع احتفاله بتحرير الكويت في 26 فبراير، فيعترف صدام بأن كل شيء راح، فلا حيل له لمواجهة القوة الأميركية. يضع صدام أمله في إغراق الكويت بالمخدرات ليصاب الشعب بالإدمان، ويتوه نحو العراق، ويردد بأن الغزو سجل وثيقة تاريخية، والورق هو عماد التاريخ، ويقارن بين الملك فهد والرئيس مبارك، وأيهما أكثر ضرراً للعراق. |
|||
2 | مهرجانات الفرح انطلقت بقوة بعد استعادة الموصل رسميا وانهيار اهم معاقل “الدولة الاسلامية” ما هي المخاوف من مرحلة ما بعد الانتصار؟ وهل سيستمر التحالف؟ وهل ستبقى القوات الاجنبية؟ وهل ستبدأ الحرب الكردية العربية.. واين سيقف الامريكان فيها؟ وهل تصلح الحكومة الحالية لقيادة معركة الاعمار؟ وهل ستختفي “داعش” وما هي خياراتها؟
|
عبد الباري عطوان
|
الراي اليوم بريطانيا |
انطلقت الاحتفالات رسميا باستعادة مدينة الموصل من “الدولة الاسلامية” التي انهارت دفاعاتها امام هجوم كاسح للجيش العراقي وقوات الحلفاء، بزعامة امريكا، استمر اكثر من تسعة اشهر، وتخللته معارك دموية، ودمار شامل لمعظم معالم المدينة التاريخية.. من المقرر ان تستمر الاحتفالات لاكثر من اسبوع، ولكن اهل الموصل الذين يعيش نصفهم في مخيمات، ربما ستشارك نسبة محدودة منهم فيها، فلا توجد عائلة لم تفقد عزيزا او اكثر من ابنائها. عمر دولة الخلافة كان قصيرا جدا في العراق، ولم يزد عن ثلاث سنوات فقد منذ اعلانها رسميا من على منبر الجامع النوري الكبير، وحتى هذا المسجد التاريخي تحول الى ركام، وانحنت مئنذته لتعانق ركامه، معلنة نهاية مرحلة وبداية اخرى. الحرب ضد “الدولة الاسلامية” انتهت رسميا في الموصل، ولكن حروبا اخرى، ربما اكثر شراسة، واطول عمرا قد تبدأ لاحقا في الموصل نفسها، لان فراغا سياسيا يتبلور، وعجزا حكوميا في تقديم النموذج، والخدمات الافضل، واعادة الاعمار، ما زال واضحا للعيان ويثير الكثير من المخاوف، فالكهرباء لم تعد الى المناطق الشرقية من الموصل التي جرى تحريرها قبل ستة اشهر، والمدرسون الذين عادوا الى وظائفهم لم يقبضوا رواتبهم ايضا، وجامعة الموصل الشهيرة تحولت الى انقاض. *** تراجعت حدة الخوف من “غول” الدولة الاسلامية او “داعش”، ولكن درجة الخوف على مستقبل العراق في ارتفاع قياسي، ويمكن تلخيص هذه المخاوف المشروعة في النقاط التالية:
اولا: الاسمنت الذي كان يمتّن ويقوي التحالف الستيني، وجميع، او معظم، القوى الاقليمية والعراقية، اي قتال “الدولة الاسلامية” واجتثاثها من جذورها، تآكل كليا، وعُقد الوحدة والمصلحة المشتركة انفرط، فكيف سيكون مصير هذا التحالف، وهل نشهد صدامات من نوع آخر. ثانيا: السيد مسعود البارزاني، زعيم كردستان العراق، اعلن عن استفتاء على الاستقلال في ايلول (سبتمبر) المقبل، اي بعد شهرين، ويريد ان تكون كركوك الغنية بالنفط العاصمة الاقتصادية للدولة الجديدة، فهل سيطلق رصاصة البدء في تفكيك العراق وتقسيمة على اسسس مذهبية وعرقية؟ وهل سنشهد حربا اكثر دموية بين العرب والاكراد؟ ثالثا: لا جدال في ان طرفا قويا في العراق انتصر على مكون اجتماعي وسياسي آخر، فهل يتصرف الطرف المنتصر انطلاقا من نزعات انتقامية، ام يتعلم من اخطاء الامريكان بعد “تحرير” العراق، ويستبدل “التهميش” بتحرك جدي نحو التعايش والحوار والمساواة، والعدالة الاجتماعية، وتكريس الهوية العراقية الوطنية الجامعة الموحدة؟ رابعا: اعادة الموصل وحدها يحتاج الى مليارات الدولارات، واعمار العراق كله يحتاج الى ستين مليارا، حسب اكثر التقديرات محافظة، وخزينة العراق خاوية تماما بسبب الفساد والسرقات، فمن اين ستأتي الاموال، وما هي التنازلات والشروط التي يريدها المانحون مقابل اموالهم. خامسا: ما هو مصير القوات الاجنبية المتواجدة على ارض العراق؟ فهناك 6000 جندي امريكي، و2000 جندي تركي في معسكر بعشيقة، وآلاف القوات الايرانية.. وجميع هذه القوات جاءت تحت ذريعة تحرير الموصل من “داعش”، الآن وبعد ان تحقق التحرير هل سترحل هذه القوات؟ ام انها ستتمترس وتخوض حروبا للدفاع عن الدولة الكردستانية التي ستأتي مكافأة للاكراد على مشاركتهم في حرب التحرير (البشمرغة)، ام لمواجهة ما يتردد عن اطماع تركية في الموصل، ام لتعزيز الكيان السني الجديد المقترح؟
نطرح هذه النقاط، وما تضمنته من اسئلة، ليس من منطلق تشاؤمي في وقت ينخرط كثيرون في مهرجانات الفرح والرقص والالعاب النارية احتفالا بالنصر، وهي مهرجانات مشروعة ومحقة، ولكن من منطلق الحرص والتحذير، وغياب اي خطط حقيقية مدروسة لدى الحكومة العراقية وحلفائها لمرحلة ما بعد الموصل. *** “الدولة الاسلامية” او “داعش” لن تختف باختفاء خلافتها في الموصل والرقة لاحقا، وقوتها او ضعفها، يعتمدان على كيفية تعاطي الحكومة العراقية وداعميها مع النقاط الخمس السابقة، ونعتقد ان امام هذه “الدولة” او “داعش” ثلاثة خيارات رئيسية في المرحلة المقبلة:
الاول: ان تحل “الدولة” نفسها كمنظومة اسلامية طائفية “جهادية” متشددة، وتقبل بالهزيمة، وهذا خيار شبه مستحيل في رأينا بالنظر الى استمرار تنظيم “القاعدة” الام بعد احتلال حاضنته الافغانية امريكيا عام 2001. الثاني: ان يلجأ التنظيم الى العمل السري، والتمدد “ارهابيا”، والانتقام من كل القوى التي اسقطت دولة خلافته، ونعتقد ان هذا الخيار، اي العمل تحت الارض، هو الاكثر ترجيحا، وربما تكون اوروبا وامريكا وحلفاؤهما العرب الاهداف التي ستحتل قمة سلم الاولويات في المستقبل المنظور. الثالث: ان تنتقل عناصر التنظيم ومن تبقى من قيادته الميدانية الى “الولايات”، او فروع التنظيم في المناطق الرخوة، او الدول الفاشلة في اليمن، وافغانستان، وليبيا، ومصر، ومنطقة الساحل الافريقي، والصومال، بالاضافة الى البقاء في العراق وسورية ايضا، ومحاولة اتخاذ هذه الولايات الرخوة مقرات جديدة، ونقاط ارتكاز، ومنطلقات للتحرك، وشاهدنا مؤشرات في هذا الصدد في افغانستان واليمن وجنوب الفلبين وجنوب تايلند، علاوة على هجمات في اوروبا.
ربما لم يستطع هذا التنظيم الحفاظ على “دولة خلافته” لمدة اطول، ولكنه حافظ على قوة عقيدته المتطرفة والدموية، واستطاع نشرها على نطاق واسع في اوساط حواضنه الشبابية المُحبطة (بضم الميم)، و”حواضنه” المهمشة، واي استراتيجية بعيدة المدى لمواجهته يجب ان تضع هذا الامر في عين الاعتبار، وان كنا نشك في وجودها اساسا. مهرجانات الفرح بالنصر ستستمر حتما، فالانجاز كبير بكل المقاييس، وجاء بعد تضحيات كبيرة، وبشرية خصوصا، ورغم كل الشكوك والمخاوف، ما زلنا نأمل في بزوغ فجر “عراق جديد”، غير “العراق الامريكي” تسوده المساواة والعدالة والتعايش والاستقرار والحكم الرشيد. |
|||
3 |
انتهاء فقاعة واندحار وهم!
|
كاظم الموسوي
|
الراي اليوم بريطانيا |
اعلن رسميا نهاية خرافة معاصرة في اهم مركز لها، بتحرير جامع النوري الكبير، ومنارته الحدباء، في مدينة الموصل الفيحاء، ام الربيعين، الذي اعلن “الخليفة” وهمه، باعلان “دولة” وعنوانها “خلافة” او من وظفه له في هذا الجامع، أواخر حزيران/ يونيو 2014، والذي لم يجد تنظيمه او فلوله وسيلة اخرى للتعبير عن هزيمته وهروبه غير تفجيره وتدميره، بما فيها المنارة التاريخية الحدباء، وهو فضلا عن حرمته كبيت للعبادة تراث ديني ومعلم تاريخي وكنز حضاري معترف به عالميا، ليثبت هذا التنظيم بذلك او ليكرس تطرفه وغلوه وتوحشه واهدافه واستخدامه عمليا لاجلها. دخلت قوات الامن العراقية بكل صنوفها وتشكيلاتها واسمائها المكان، او ما تبقى منه، اطلاله وانقاضه واثاره، محررة له، موقعا ومكانة ورمزا معبرا عن نهاية فترة وبداية مرحلة. فصارت ساعة التحرير بيان نصر لكل من اشترك في عملية التحرير، واعلان هزيمة لكل فلول الخرافة منذ اعلان عام 2014، وحتى لمن سبقه. وفي التحرير هذا انتهت تلك الخرافة في المدينة اولا، ولكن المعارك مستمرة والحرب كتاب فيه ابواب وصفحات، قد تكون بعد النصر اصعب من ايام دوي المدافع وصواريخ الطائرات. صحيح طالت المدة، اكثر من ثلاث سنوات، تحكم تنظيم ما سماه الاعلام “داعش” في هذه المدينة، وغيرها، واختلطت الاوراق في الاسباب والعوامل والدعم والاسناد، من البيئة الحاضنة والمبايعة والنصرة لبقائه، وتوظيف اعلام له بكل وسائله وبقدرات متميزة وطاقات متنوعة، وفرت له فرصا وانتشارا وخدمة أبقت له ملامح وندوبا في تقبل الوقائع الاجرامية ابتداءا، الى ما دار خلال الفترة وما مد بها ولها، عمليا، وما حملته من اثر ومن مساهمات “خيالية” من اطراف متعددة، محلية وخليجية واقليمية وتخادم على مختلف الاصعدة. ينبغي الا تنسى ولا تمر دون حساب. (قد تفضح مسارات الأزمة الخليجية المتصاعدة والمشتعلة هذه الأيام بعضا من تلك الأدوار والخدمات والأموال). وتبقى القصة اطول منها أو لها أبعاد أخرى. بعد يوم من اعلان دخول داعش المدينة (2014/6/10) وتمكنه من السيطرة عليها، هاتفني صديق عربي اكاديمي مختص بالجماعات الارهابية متسائلا عن الظروف والامكانات والكيفية التي تمت بها الجريمة وهو اعرف بتجارب مثلها في اماكن ومناطق وحجج اخرى. اتذكر قلت له ان ما جرى يمكن وصفه بفقاعة كبيرة متقنة الصنع ولكن لا يمكن ان تعيش طويلا رغم كل الظروف والانحيازات والاستقطابات او الاستغلال لجرائم التنظيم والاستثمار فيها لتنفيذ مخططات ابعد منه. ولعل ما حصل هو جزء من مشروع كبير تقوده دول وتعمل عليه قوى وتصرف له مليارات من الدولارات.. ومهما استمر زمنيا فالنتيجة واضحة عندي، ستكون في يوم ما، قريب بارادة الشعب وخيار القوى الوطنية والخيرة وعزيمة التحرير والتغيير… اذ لا يمكن أن يقبل سكان نينوى والمدن الاخرى التي احتلت أفكار هذا التنظيم ولا يتحمل بقاءه طويلا مهما بهرته الصورة او انسته الفواجع والتظلمات والانشطارات.. وجاء هذا اليوم، نهاية شهر حزيران/ يونيو 2017. انتهى تنظيم داعش عسكريا ومعنويا، وانكشفت الظواهر والوقائع والاحداث، وبانت الخطط والتخادم فيها ومعها، ورغم ذلك فانه وخلال الفترة الماضية وما سبقها صنّع التنظيم بشكل او اخر تعبيرا عن مشروع سياسي وفكري واهداف، وشُكّل له، علنا وسرا، مناورة ومواربة، تشكيلات موالية وموازية وعاملة على موروثه لانتهاز مواقع لها في الابتزاز والانقسام، تهديدا صريحا او تضمينا… وهو ما ينبغي الانتباه له والحذر منه، فالخطر لم ينته بعد، بل قد ياخذ اشكالا اخرى له. وهذه أمور معروفة، في الخبرة العملية وسجلات الاحتلال والاستعمار، صفحات كثيرة عن مثل هذه التحركات والحركات، وتتم عبر التجمعات والمؤتمرات والاعلانات عنها ضمن اطار رسمي في أغلب الأحيان وفي تخادم لم يعد كله سريا أو مخفيا. ولعل ما سرب او فضح عبر ويكيليكس سابقا في كل الشؤون والامور نموذجا يحتذى وسبيلا الى انتظار كشف وحساب مفتوح لكثير مما مر وتم وصار، بالاسماء والأدوار والارقام والاعداد وبالتفاصيل العريضة. رغم أن بعضها مكشوف ولا يحتاج إلى انتظار، او حتى تحقيق واثبات. انتهت الفقاعة بجهود دماء الشهداء والكثير من التضحيات البشرية والمادية، بحجوم كبيرة، عددا وكمية، ولابد من الاهتمام بها والاعتبار لها والا تذهب هباء، ولاسيما وقد تركت وشوما متنوعة، في النفوس والقلوب والعقول، يتطلب لاجلها الامعان فيها واعادة التفكير في كل ما سبق، في الاساسيات، في المواقف، في المسيرة، في النتائج، والتداعيات. بمعنى ان مهمات الانتصار لما تزل كبيرة ايضا. لانها تعتمد أساسا وجوهريا في عمران الارض والانسان، وانجاز خطوات تجديد وتحديث الحاضر الى اعداد مستقبل زاهر، والعراق بلد ثري بكل ما يعد ويحصى وبغيره ايضا، مما ييسر العمل ويوفر أرضية لما يراد وما يجب أن يكون. لماذا حصل ما حصل؟ وكيف ظل سائدا طيلة سنوات من عمره في العراق؟!. اسئلة كثيرة وتفتح ابوابا من التساؤلات؟!. الجواب عليها سيسجله التاريخ، ويرصد تطوراتها، ويضع امام الجميع مهمات صعبة متوالية مما حدث وماذا بعده، ولكنها في كل الاحوال تبدأ من الانطلاق من الان وما بعده، من فعل التحرير الى صنع التغيير، بالإرادة الشعبية والعمل على عدم تكرار ما حدث، او استنساخه بالوان اخرى. وفي تجارب التاريخ ودروسه، والانتفاع من عبره، يكون هذا اختبارا حقيقيا لمعدن الوطنية، وابرازا للموقف الوطني الصادق والمخلص، على محك صلب بمعناه ودلالته، وصعود روح الاشتراك والنضال سوية، كتفا الى كتف، يدا بيد، بنزاهة النوايا وشجاعة الوفاء، لعراق موحد، حر، مستقل، وديمقراطي تقدمي، يعود إلى دوره في المنطقة والعالم، ويكون قادرا على المشاركة في إنجاز واستتباب الأمن ونشر السلم وتقديم الخبرة واعطاء المثال والنموذج، داخليا واقليميا وعالميا. |
|||
4 | هجمات شرسة في وقت مبكر
|
وليد الزبيدي
|
الوطن العمانية |
منذ منتصف شهر يونيو/جزيران 2003م بدأت بعض وسائل الإعلام تصف ما يجري في العراق بالمعارك الشرسة، وقال مراسلون ومراقبون إن مناطق عراقية شمال وشمال غرب العاصمة بغداد، تشهد هجمات شرسة. وغير متكافئة بين العراقيين والقوات الأميركية، من دون أن تنشر الصحافة المحلية في العراق، على كثرتها وأجهزة الإعلام الأخرى، الكثير عنها، باستثناء ما تبثه بعض الشبكات والوكالات العربية والاجنبية، في تلك الأثناء وبتاريخ (16-6-2003) اطلقت القوات الأميركية عمليه عسكرية اسمتها (عقرب الصحراء)، حيث اغلقت طرقا وفتشت منازل وحلقت طائراتها فوق البلدات المضطربة المحيطة ببغداد، وتتركز الهجمات حول بغداد وعدة مناطق إلى الغرب وحول الرمادي وراوه والفلوجة وإلى الشمال حول مناطق الضلوعية ويثرب والاسحاقي وسامراء وتكريت والموصل. وقال (السيرجنت برايان توماس) المتحدث باسم الجيش الأميركي بأن عملية (عقرب الصحراء) تهدف إلى احتجاز من يريد زعزعة استقرار العراق، وإن المهمة ستتركز على بغداد والمناطق المضطربة، وأن عملية (عقرب الصحراء) تسعى إلى استمالة العراقيين اضافة إلى تعقب المقاتلين. في الوقت الذي تنفذ القوات الأميركية حملات عسكرية واسعة في مناطق الموصل والرمادي وصلاح الدين وكركوك وديالى وبغداد، قتلت المقاومة العراقية جنديا اميركيا في مدينة النجف، وقال بيان عسكري أميركي إن (Rayan .R.Cox) قد قتل في النجف (جنوب بغداد) وقال البيان إن القتيل يبلغ من العمر (19) سنة وهو من عناصر المارينز، وقتل يوم (15|6|2003) في مدينة النجف ويعمل ضمن الكتيبة (1) فوج مشاة البحرية (7) شعبة الملاحة البحرية، وبثت وكالة (اسيو شيتدبرس) للصحافة في وقت لاحق لقاءات مع والدته ووالده في وولاية كالفورنيا. يوم الاثنين المصادف (16|3|2003) سقط جندي أميركي اخر في منطقة التاجي (30 كلم) شمال بغداد، وقال بيان للقوات الأميركية إن القتيل هو (joseph D .Suel ) وعمره (24) عاما ومن سكان تكساس، وهو من الجيش الأميركي. واعلنت متحدثة باسم القوات الأميركية، أن عملية (عقرب الصحراء) قد تمخضت عن اعتقال مئات العراقيين، وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات في كركوك وتكريت وبغداد، وقالت السيرجنيت مايراونيل: (إن قوات التحالف قامت في كركوك وتكريت بـ 36 عملية وأوقفت 215 شخصا وفي بغداد شنت 11 عملية وأوقفت 156 شخصا). في هذه الأثناء هاجم عراقيان بالقذائف المضادة للدبابابت (ار.بي .جي) موقعا للجيش الأميركي في الفلوجة (65 كلم غرب بغداد)، وقال بيان الجيش الأميركي، إن الهجوم لم يسفر عن خسائر، وقال القبطان جون ايفز: إن مهاجمين كانا على متن سياره اطلقا قذيفتي (ار.بي جي) سقطتا على الأرض وأنفجرتا، ولم يصب احد ولم تقع أية اضرار، وانسحب المهاجمان من موقع الهجوم، ولاحقتهم قواتنا إلا أنهما نجحا في الفرار. يوم الثلاثاء (17|6|2003) اصدرت القوات الأميركية بيانا اعترفت فيه بمقتل احد جنودها، وجاء في البيان أن جنديا أميركيا اخر توفي متأثرا بجروح اصيب بها الاثنين في هجوم على دورية في بغداد، وقال بيان للفرقة الأولى المدرعة الأميركية، ان جنديا ضمن الدورية كان جالسا في الخلف في عربة عسكرية قد هوجم واصيب برصاصة من عيار صغير في الظهر. ومن خلال بحثنا في اسماء الذين قتلتهم المقاومة العراقية وبالعودة إلى المصادر التي وثقت القتلى، تبين أن القتيل هو (shawn D. Pahnke) يبلغ من العمر (25 سنة) وتقول صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، إن القتيل ينتمي إلى السرية ج، الكتيبة1، الفوج المدرع 37، الفرقة المدرعة 1، وتلقى طلقات نارية قاتلة، وكان والده قد شارك في حرب فيتنام وعاد سالما وجده خدم في الحرب العالمية الثانية، وذكرت وكالة اسيوشيتدبرس أن قناصا عراقيا قد صوب سلاحة نحوه واصابة بجروح خطيرة توفي في إثرها. وهو من مدينة انديانا، وتزوج في شهر تشرين الاول- اكتوبر عام 2002، أي قبل ثمانية اشهر فقط من مقتله على ايدي المقاومة العراقية، الذين تربصوا به وقتلوه وسط بغداد لأنه جاء غازيا لبلدهم. |